
إن ظروف الدنيا وما بها من محن وأزمات قد يجعل الإنسان يولد أحيانا عبدا لسيد دون ان يكون له إختيار فى ذلك وينشأ ذلك العبد مطيعا خادما لسيده مقابل طعامه وشرابه . ويظل العبد دوما يُلقى غضبه على ظروفه التى لم تخلقه حرا مثل غيره وانه مقدورا عليه أن يعيش مكبل الأيدى لا يتحكم فى قرارته ومرجعيته الوحيدة هى سيده .
كل ذلك إحساس طبيعى من الممكن أن يشعر به كل من كُبلت حريته ووقع أسيرا فى العبودية سواء بمفهومها القديم أو الحديث ويتلهف غلى أى فرصة سانحة لتحرير نفسه ولكننا أصبحنا فى زمن تحولت مبادئه وإختلفت الرغبات فى أيامه حتى وجدنا عبيد تحارب الحرية .
نعم .. لا تتعجب هناك عبيد يحبطون أى محاولة لتحريرهم فلقد إعتادوا دوما أن لهم سيد يفكر بالنيابة عنهم ويتخذ لهم القرارات ويرفع عنهم عبء المسئولية كاملة , اذا لماذا يخاطرون ويقحمون أنفسهم فى تجربة جديدة قد تعيق حياتهم حتى لو كانت تلك التجربة هى الحرية لأن ذلك يعنى مجهودا إضافيا منهم من أجل وضع قرارات قد يصيبها الفشل وقد تكلل بالنجاح ومن خوفهم الرهيب من تقبل إحتمالية الفشل فانهم يرفضون اتخاذا قرارتهم بأنفسهم وتوكيل غيرهم بفعل ذلك حتى لا يتحملوا يوما تلك المسئولية وكأننا خُلقنا لكى نربح دوما ولكى نلقى بعقولنا فى أراضى الأخرين .
إن العبودية اليوم ليست كما كانت فى قديم الزمان عبودية للشخص بل أصبحت عبودية أكثر خطرا وترويعا وهى عبودية الفكر تلك القيود التى يفخر أصحابها بأنهم مُكبلين بها . تلك العبودية التى تجعلك تؤيد سيدك طالما أحببته فى كل ما يقول حتى لو كانت أفكاره خطأ وتنقد أخرين فى كل ما يقولون حتى لو كانت أرائهم صحيحة لمجرد أن سيدك يبغض ذلك الشخص وطلب منك أن تحذو حذوه دون أى لحظة تأمل أو أى مجهود للإستيعاب , بل ويقفون سدا منيعا ضد كل من يحاول تحريرهم وخلق بيئة لهم تجعلهم يفكرون ويبدعون لأنه إعتادوا عليها كما ذكرنا سابقا .
ولا يقف مخاطر هؤلاء على أنفسهم فقط بل يحاولون ترويج معتقداتهم والهجوم الحاد على كل من يحاول مساعدتهم أو مساعدة غيرهم.
لذلك ستظل تعانى الثورة المصرية من عدم تكاتف بعض المواطنين معها لأنهم إعتادوا أن يكون لهم سيد يتحكم بهم فلذلك سرعان مانجد من تحرروا فكريا من نظام فاسد واكتشفوا مدى كذب وتزوير هذا النظام لحقائق كثيرة إلا انهم سرعان ما امنوا واطمئنوا لنظام اخر يحاول تكرار مافعل معهم النظام البائد والبعض الإخر قرر أن يكبل يديه راضيا غير مرغم عنه وأن يلقى بمسئولية التفكير على أشخاص غيره سواء بمنطلق دينى أو بمنطلق أيدولوجى ويظل يتبعهم ويصدقهم دون أى استقلالية فى التفكير .
لذلك السؤال الأن متى يصبح المصرى شخصية فكرية مستقلة يستطيع أن يقيم كل ما حوله دون أى خداع أو مكر ودهاء من أى أسياد؟؟ لأنه سقطتت منذ زمن بعيد فكرة العبد والسيد فلقد امن عبيد بالإسلام دون الرجوع لأسيادهم لأنهم كان عبيد حروب وظروف قهرية ولم يكونوا عبيد أفكار.
لذلك فإن النجاح الحقيقى الذى من الممكن أن يتحقق الأن ويغير فى مستقبل قادم هو حدوث ثورة فى التركيبة الشخصية والنفسية لهؤلاء العبيد حينها فقط لن يقف أحد مهما كان حائلا أما طموحات شعب يسعى إلى الأفضل .
مـــقولة اليـوم :- فى مجتمعنا هناك عبيد لا يتمنون الحرية ولكن أقصى أحلامهم أن ينتقلوا من قبضة سيد فاسد إلى قبضة سيد اخر يعتقدون أنه أقل فسادا وتلك أسوا انواع العبودية
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.