Pages

Sunday, April 14, 2013

هل نعبد الله أم نعبد خلق الله؟.. اختلف الفقهاء فى تعيين حق المرأة فى النفقة والسكن بسبب حديث مثبت فى كتب الصحاح برغم مخالفته للقرآن وإنكار الصحابى الجليل عمر بن الخطاب لروايته

صحيح مسلم

شد وجذب.. اتفاق واختلاف.. رضا تام واستهجان مرير.. كل هذه المتناقضات تظهر بشكل ملموس كلما وقعت واقعة ما حول أحد المواقف الحياتية التى يدخل فيها البعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فى الأمر محتكما إليها، لذلك قررنا أن نعرض فى هذا الأسبوع لمسألة تدوين السنة من الأساس، وما صاحب هذا من اختلافات، وكيفية كتابة السنة بعد مائة عام على وفاة الرسول، وهل بعد هذا البعد الزمنى نجت من «التقول» على رسول الله أم أنها لم تنج من الإضافة والتحريف، وما الدوافع التى جعلت الاهتمام بتدوين السنة يعلو على كل شىء، والسبب فى وضع بعض المدونين محل التقديس فى حين أن نفس المنزلة لا يتمتع بها بعض كبار الصحابة، وهل يحق لنا أن ننقد «نص» الحديث وما يأمر به، أم أنه ليس من حقنا إلا أن نسلم الأمر لغيرنا ونرضى بما رضى به أناس مر على موتهم قرون، ولعلنا بذلك نجيب عن سؤال، أو نضيف أسئلة، ومرجعنا فى ذلك قول حكماء السلف الذين أقروا بأن «من لا ينتقد لا يعتقد».
أسئلة عديدة يجيب عليها الباحث إبراهيم فوزى، فى كتابه «تدوين السنة» الصادر عن دار «الساقى» ففى مقدمة الكتاب حرص «فوزى» على أن يبين الدافع وراء تناوله لهذه القضية الشائكة، ليفض الاشتباك بين «الأصوليين» و«التقدميين» محللا المشاكل التى صاحبت تدوين السنة، التى أصبحت عامل تفريق أكثر منه عامل جذب وتجميع، لأن الأحاديث النبوية كثرت واعتمد عليها فقهاء اجتهدوا قدر علمهم فوضعوا مذاهب فقهية اختلفت أحكامها وتناقضت فتاواها، وعرض لهذا أمثلة عديدة منها الحديث الذى رواه مسلم عن حادثة وقعت مع عمر بن الخطاب رضى الله عنه عندما جاءته امرأة تدعى فاطمة بنت قيس التى قالت إن زوجها طلقها طلاقا بائنا فى عهد النبى وأبى (أى رفض) أن ينفق عليها وليس لها مال ولا مأوى ولا أهل تأوى إليهم فجاءت إلى النبى وشكت إليه حالها فقال لها (لا نفقة ولا سكن، فاذهبى وانتقلى إلى بيت ابن أم مكتوم، فكونى عنده، فهو رجل أعمى، تضعين ثيابك أمامه فلا يراك) وهو الحديث الذى أخرجه البخارى ومسلم فيما بعد فأنكر عمر بن الخطاب هذا الحديث لما سمع به وقال «لا نترك كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة لا ندرى لعلها جهلت أو نسيت أو كذبت» وقال إن للمرأة المطلقة الحق بالنفقة والسكن» لقوله تعالى «لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة» وبناء على هذه الواقعة اختلف الفقهاء فى تحديد حق المرأة فى النفقة والسكن، فأخذ أبوحنيفة برأى عمر وقال إن لها الحق فى السكن والنفقة، وبناء على حديث هذه المرأة قال ابن عباس وابن حنبل إنه ليس لها الحق لا فى النفقة ولا فى السكن، بينما وافق مالك والشافعى وغيرهم بين الحلين وقالوا إن لها الحق فى السكن وليس لها الحق فى النفقة، وبناء على هذا الاختلاف الفقهى والمذهبى تباينت نصوص قوانين «الأحوال الشخصية» فى العالم العربى ففى سوريا يتبعون رأى ابن حنبل بينما فى مصر نقر النفقة ونشترط أن تكون المطقة حاضنة، وهكذا اختلفت المصائر وتم منح نساء فى بلدان إسلامية حقوقا تختلف عن أخريات فى بلدان أخرى بالرغم من أن المرجع واحد والدليل واحد، بل واعتمد فقهاء على حديث امرأة شكك عمر بن الخطاب فى صدقها وقوة ذاكرتها وعلمها لمجرد أنها قالت إن الرسول قال لها -وحدها- هذا الحكم.
الحديث السابق يصنفه العلماء ضمن أحاديث «الآحاد» التى انفرد شخص واحد بذكره، ومن هذه النوعية يعرض «فوزى» لعدة أحاديث أخرى يرى أنها على قدر كبير من التناقض، بل إن بعضها «ينسخ» -أى يلغى- حكم القرآن، ومع ذلك يأخذ الفقهاء بحكمها ويتركون حكم القرآن، ومثال ذلك ما ذكره مسلم عن الحديث الذى رواه عامر بن الصحابى سعد بن أبى وقاص بعد وفاة والده فقال «إن النبى لم يبح الوصية لأبيه بأكثر من ثلث تركته» فاعتبر الفقهاء هذا الحديث قانونا وأخذوا به بينما هناك آخرون رفضوا اتباعه لأن القرآن أباح الوصية بكل التركة أو بجزء منها للواراث ولغير الوارث. ومن ضمن أحاديث الآحاد أيضا ما رواه أبوهريرة من أحاديث تزيد على الخمسة آلاف، وكان يبرر كثرة ما يرويه عن الرسول بأنه كان يلزمه لملء بطنه ويسمع أحاديثه على انفراد، بينما كان غيره من الصحابة منشغلين فى أعمالهم، وكان بعض الصحابة يتهمونه بالكذب، وهدده عمر بن الخطاب وأنذره بوجوب الكف عن التحدث فتوقف عن الحديث إلى أن مات «عمر» فعاد يحدث وقال إنى أحدثكم بأحاديث لو حدثتكم بها أيام عمر لضربنى بالدرة، ومن أحاديث الآحاد أيضا ما رواه عبدالله بن عباس الذى كان يبلغ من العمر 10 سنوات عند وفاة الرسول وبلغت الأحاديث المروية عنه فى «كتب الصحاح» 1660 حديثا قال إنه سمعها من رسول الله وهما على انفراد.
السنة قولية، وفعلية، وتقريرية، ثلاتة أنواع أقرها الفقهاء، وأدخلوها فى نطاق مواد التشريع، إلا أن هناك اختلافات كثيرة بين المشايخ فى الاعتداد بهذه الأقسام، فكما ذكر «فوزى» فإن الشيخ العلامة محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر قال فى كتابه «الإسلام عقيدة وشريعة» «إن كثيرا مما نقل عن النبى (ص) صدر بأنه تشريع أو دين أو سنة أو مندوب، وهو فى الحقيقة لم يكن صادرا عن وجه التشريع أصلا وقد كثر ذلك فى الأفعال الصادرة عن عنه بصفته البشرية، أو بصفته العادية، أو التجارب» ويقول محمد مصطفى جلبى فى كتابه تعليل الأحكام بأن الرسول «قد يأمر بالشىء أو ينهى عنه فى حالة خاصة أو لسبب خاص، فيفهم الصحابة أنه تشريع مؤبد، فيسألون رسول الله التخفيف لما يلحق بالمسلمين من حرج، فيبين أن ذلك ليس مؤبدا بل جاء لعلة خاصة» كما اختلف أصحاب المذهب الظاهرى وأشهرهم ابن حزم الأندلسى حول الاعتراف بالسنة الفعلية فقال ابن حزم إن الرسول لم يأت إلا ليبلغ رسالة الله إعمالا لقوله تعالى «وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم» وعلى هذا لا يجوز أن نأخذ عنه سنته الفعلية لأنه بشر، ويتفق العلماء على أنه إذا تعارضت السنة القولية مع السنة الفعلية فإن القولية هى التى يتم اتباعها.
النهى عن تدوين السنة هو ما يفرد له «إبراهيم فوزى» الفصل الثانى من الكتاب، وهذا ما يجعل الأمر ملتبسا إلى حد بعيد، فالأمر بعدم تدوين السنة والأحاديث أتى من خلال «أحاديث» منهى عن تدوينها بحكم «الأحاديث» وكذلك بالإضافة إلى ما ذكره فى النهى. ذكر أحاديث أخرى تأمر بالتدوين، وهذا فى حد ذاته تناقض لم يلتفت إليه الباحث، فكيف آمر بعدم فعل شىء بفعل الشىء نفسه؟ وعلى كل فأحاديث النهى كثيرة منها ما أورده مسلم فى صحيحه ورواه أبوهريرة الذى قال «خرج علينا رسول الله ونحن نكتب أحاديثه فقال: ما هذا الذى تكتبون؟ فقلنا أحاديث نسمعها منك يا رسول الله. قال: كتاب غير كتاب الله؟! قلنا: أنتحدث عنك قال تحدثوا ولا حرج، ومن كذب على فليتبوأ مقعده فى النار، يقول أبوهريرة فجمعنا ما كتبناه وأحرقناه، وروى أبوهريرة أيضا «بلغ رسول الله أن أناسا كتبوا أحاديثه، فصعد المنبر وقال: ما هذه الكتب التى بلغنى أنكم قد كتبتم، إنما أنا بشر فمن كان عنده شىء فليأت به. يقول أبوهريرة فجمعنا ما كتبناه وأتلفناه، أو قال فأحرقناه. وما ذكره فى هذا الشأن كثير عن عبدالله بن عمر، وعن زيد بن ثابت وعن أبى سعيد الخدرى وعبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن مسعود وغيرهم كثير.
مخافة الالتباس بين السنة والقرآن فى أول نزول الوحى هى السبب الذى من أجله تم منع «التدوين» حسب رأى الكثير من العلماء وهذا ما ينتقده إبراهيم فوزى الذى يقول فى كتابه: «هذا غير صحيح لأن أول نزول الوحى كان بمكة وقد لبث فيها الرسول ثلاثة عشر عاما يقارع قريش ولم تكن كتابة ما يتحدث به الرسول موضع تفكير أحد من المسلمين الذين كانوا قلة، وجلهم (أى معظمهم) من المستضعفين المضطهدين، الذين يجهلون القراءة والكتابة، فالنهى عن تدوين السنة أتى فى المدينة بعد الهجرة، لأن أبوهريرة الذى روى أكثر أحاديث النهى، لم يسلم إلا بعد السنة السابعة من الهجرة، وفى هذه الفترة كانت العقيدة ترسخت ونزل أغلب القرآن» ويذكر «فوزى» حديثا آخر قائلا إن سبب منع التدوين هو مخافة الضلال والضياع كما ضلت وضاعت الأمم السابقة، وهذا الحديث هو ما رواه أبوهريرة عن الرسول أنه قال «ما ضل الأمم قبلكم إلا بما كتبوا فى الكتب مع كتاب الله» كما نهى عن كتابة السنة عدد كبير من الصحابة منهم كما ذكرنا سابقا عمر بن الخطاب، وعبدالله بن مسعود الذى أتى إليه بعض الرجال ومعهم كتاب فقال أحدهم انظر إن فيها أحاديثا حسانا فدعا بطست فيه ما ووضعها فيه قائلا إن القلوب أوعية فلا تشغلوها بغير القرآن، وفى رواية أخرى أمر ابن مسعود بإحراقها، إذن ليس مخافة الالتباس بين القرآن والأحاديث هى السبب فى منع التدوين ولكن مخافة أن ينظر للأحاديث على أساس أنها أوامر نهائية، وأن تصبح ككتب أهل الكتاب، ولهذا لم يأمر أحد فى عصر الصحابة أو عصر التابعين وتابعى التابعين بتدوين السنة إنما ظهرت التعليلات فى عهد عمر بن عبدالعزيز، فظهرت أحاديث الإباحة ومنها ما رواه الصحابى راجح بن خديج الذى قال «قلت يا رسول الله إنا نسمع منك أشياء أفنكتبها؟ فقال: اكتبوا عنى ولا حرج» وهذا الحديث أورده السيوطى وضعفه رشيد رضا فى مجلة المنار، وكذلك ما رواه الترمذى بسند إلى الخليل بن مروة من أن رجلا كان لا يقوى على حفظ الأحاديث فقال له رسول الله «استعن على حفظك بيمينك» وهذا الحديث قال عنه البخارى إنه من منكر الحديث.
الكذب على رسول الله بدأ فى أحاديث المناقب أى المحاسن التى كانت تذكر فى بعض الصحابة تفضيلا لهم، وهذا ما يقوله إبراهيم فوزى فى الفصل الرابع من الكتاب وكان هذا بسبب الفتنة الكبرى، فعلى أثرها أمر معاوية بسب على بن أبى طالب على المنابر وذكر الأحاديث التى تفضل الخلفاء الراشدين الثلاثة الأول دون ذكر ابن أبى طالب، وهذا ما جعل الشيعة يأتون بأحاديث تعلى من شان على وتفضله على غيره، إلى أن أتى عمر بن عبدالعزيز الذى منع شتم الصحابة على المنابر، حفاظا على وحدة المسلمين، كما أمر بتدوين السنة لما رأى أن الأحاديث اختلفت وتشتت الناس، إلا أنه لم يعش كخليفة إلا لسنتين فقط ولم يعرف أحد ما مصير الأحاديث التى جمعها وأرسلها إلى الأمصار الإسلامية.
موطأ مالك هو أهم ما وصل إلينا من كتب الحديث المدونة حتى نصف القرن الثانى من الهجرة، بعدها ظهرت كتب الحديث المسماة بالمساند، ومنها ما كتبه أبو داوود سليمان، والإمام أحمد بن حنبل، وفى هذه المساند كان المدونون يكتبون الأحاديث منسوبة أو مسندة إلى الصحابى الذى سمعها من الرسول وليس حسب موضوعها، أما أهم كتب الحديث المعترف بها عند عامة المسلمين فلم تظهر إلا فى منتصف القرن الثالث، وهى كالتالى (صحيح البخارى، صحيح مسلم، سنن أبى داوود، سنن الترمذى، سنن النسائى، سنن ابن ماجة) ويقول فوزى إن هذه الكتب انتقدت قديما وحديثا، من جهة مضمون بعض الأحاديث، التى دونت فيها لأن جامعيها اعتمدوا على صدق رجال الإسناد ولم يهتموا بالمضمون، أو بمنطقية المتن أو عمر المسند إليه الحديث وقت روايته، أو الظرف الزمنى الذى قيل فيه الحديث.
عدة أسباب تؤدى إلى الشك فى صحة الكثير من الأحاديث ومن أهمها الظروف السياسية، فعدم النص فى القرآن على كيفية اختيار الحاكم جعل الكثيرين يتقولون على رسول الله فى هذا الشأن، وعدم تدوين السنة فى حياة الصحابة كذلك فتح الباب للكذب على رسول الله، بالإضافة إلى اختلاف اجتهادات الفقهاء وتوسع رقعة الدولة الإسلامية ولعل الصراع على السلطة هو ما دفع الناس إلى عدم التدقيق فى ما ينقلونه عن الرسول، ومن هنا أتت أحاديث المناقب التى ترفع من شأن كل صحابى على حدة وتقول ما معناه بأنه «أفضل» مما عداه على الإطلاق، وهذا بالطبع ما أدخل المسلمين فى حيرة من دينهم فكيف يتحارب «أفضل» مع «أفضل» وإلى من يميل الناس وهم يعرفون أن زعيمى الفريقين من فئة الأفضل، وفى ذات السياق ظهرت دعاوى لتقديس الصحابة وزيادة الشريحة التى تنتمى إلى هذه الفئة فالبخارى يقول «كل من صحب النبى أو رآه فهو من الصحابة» لكن الكثير من الفقهاء رفضوا الاعتراف بهذا التعريف، وقالوا إننا لا نعترف بالصحابى إلا الذى مكث مع الرسول سنتين وغزا معه غزوتين وهناك من قال إن الصحابة هم فقط من صحبوا الرسول قبل فتح مكة، وكرد فعل على حالة التخبط فى تعريف المصطلح ازداد بعد الفتنة شتم الصحابة كلهم، وكرد فعل أيضا ظهرت الأحاديث التى كتبها بعض الصالحين الذين يريدون تعميم القداسة على الصحابة، والتى نقلها الشوكانى فى كتابه الفوائد المجموعة فى الأحاديث الموضوعة، ومنها مثلا حديث موضوع أن النبى قال «من شتم الصديق فهو زنديق ومن شتم عمر فمأواه سقر من شتم عثمان فخصمه الرحمن، من شتم عليا فخصمه النبى». ولا أحد يعرف لم يكون مصير الذى يشتم «عثمان» خصومة «الرحمن» ومن شتم «على» خصومة «النبى» إلا السجع الذى حرص عليه مؤلفو الأحاديث لتؤثر فى السامعين وكأنها من أقوال الرسول.
الكذب عند أصحاب النوايا الحسنة وعند أصحاب النوايا السيئة، لم يقف عند حد المعاملات والصراعات الحياتية، فقد امتد أيضا إلى الكذب فى العبادات فظهرت فى الإسلام جماعات أمرت بأكثر مما أمر به الله ورسوله وكان لهم حسب ما يذكر فوزى إبراهيم باع طويل فى الكذب على رسول الله، وقيل لأحدهم لم تفعل هذا فقال: إن فيه أجرا، والبعض الآخر وضع أحاديث فى فضائل السور وحينما سئل عن سبب افترائه قال: إنه رأى الناس يعرضون عن ذكر الله فوضع هذه الأحاديث حسبة لله، وذكر الإمام النووى أن محمد بن سعيد الدمشقى كان إذا رأى كلاما حسنا يؤلف له إسنادا، بعد أن أصبح الإسناد شرطا لاعتبار الحديث صحيحا، هذا بالإضافة إلى الكثير من الإسرائيليات التى أدخلها اليهود فى الأحاديث والتفاسير والتى تعج بها كتب المفسرين.
هذه الآثار مجتمعة وغيرها الكثير مما يضيق به المجال هنا تجزم بأهمية قصوى فى مسألة نقد الحديث من جهة المتن خاصة أن هناك الكثير من الآثار والأحاديث تحتاج فعليا إلى نظرة أخرى، وأن آلية حكمنا الحالية على الأحاديث يجب أن تراجع، وهذه الإشكالية قد ظهرت بقوة حينما كتبت فيما سبق عن ذلك الأثر فى كتاب المسند لأحمد بن حنبل عن شرب الصحابى معاوية بن أبى سفيان للخمر، وهو الأثر الذى جعل النظر إلى متن الحديث واجب، كما فعل كبار العلماء سواء فى السلف أو فى المحدثين، فهناك حديث رواه أبوهريرة أنكرته السيدة عائشة ومع ذلك وجد فى صحيح البخارى وبأسانيد مختلفة وهو حديث «الشؤم فى ثلاثة: المرأة والدار والفرس» فها هى السيدة عائشة تنكر حديثا صحيحا، وكذلك فعل ابن القيم الجوزية الذى وضع شروطا لصحة الحديث منها عدم فساد المعنى والإمام أبوحنيفة النعمان قال عن أحد الأحاديث صحيحة الإسناد إنه «كذب وهذيان» وكذلك فعل رشيد رضا حينما كذب حديث الذبابة الذى قال فيه البخارى عن رسول الله «إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم فليغوصه، أو يغمسه، فإن فى أحد جناحيه داء وفى الآخر دواء» وهذا ما استنكره السيد رشيد رضا وقال «كم فى الصحيحين من أحاديث اتضح للعلماء غلط الرواة فيها وكم من أحاديث لم يأخذ بها الأئمة فى مذاهبهم وليس البخارى ورواته معصومين من الخطأ».

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.