رغم أن تركيا ظلت لفترة طويلة ترفض فكرة الدخول فى عداوات مع دول أخرى انطلاقا من مبدأ «دولة بلا أعداء»، التى رسّخ لها حزب العدالة والتنمية، الحاكم، وكان من انعكاسات ذلك رفض تركيا السماح باستخدام أراضيها فى الحرب على العراق 2003، فإن هذه السياسة تغيرت تماما وأصبحت تركيا تسير فى ركب الدول الغربية التى تضع التدخل فى الشئون الداخلية للدول منهجا لسياستها الخارجية. وكان من أبرز المواقف التى تعكس هذا التغير أن تركيا تعمل الآن بكامل طاقتها من أجل حث مجلس الأمن لأخذ موقف متشدد تجاه مصر منذ إسقاط حكم تنظيم الإخوان فى مصر، بينما تصر على التدخل فى سوريا حتى من دون موافقة مجلس الأمن.
وقال وزير الخارجية التركى، أحمد داود أوغلو، أمس: «إن بلاده ستنضم إلى أى تحالف ضد سوريا حتى إذا لم يتسنّ التوصل إلى توافق أوسع فى الآراء فى مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة». وقال «أوغلو» لصحيفة «ميليت» التركية: «دائما ما نعطى أولوية للتحرك مع المجتمع الدولى بقرارات من الأمم المتحدة، لكن إذا لم يتبلور مثل هذا القرار فى مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، فإن بدائل أخرى ستدخل فى الأجندة».
موقف حكومة «أردوغان» من الأزمة السورية لم يلق قبولا لدى المعارضة التركية، التى رأت أن الحزب الحاكم، حزب العدالة والتنمية، المحسوب على تنظيم الإخوان الدولى، حوّل تركيا من دولة بلا أعداء إلى دولة متعددة الأعداء، خاصة فى سوريا ومصر، وأمس وجه «كمال كليجدار أوغلو»، زعيم حزب الشعب الجمهورى، المعارض، انتقادات حادة إلى السياسة الخارجية لرئيس الوزراء التركى، رجب طيب أردوغان، وحكومة حزب العدالة والتنمية قائلا إن «أردوغان لا يمكنه الذهاب إلى أى مكان فى الشرق الأوسط، بما فى ذلك قطاع غزة، وإنه فقد كل أصدقائه فى المنطقة»، داعيا إلى ضرورة وجود حكومة جديدة. وأضاف «أوغلو»، ساخراً، أن «أردوغان قال إنه سيذهب إلى غزة لكنه لم يستطع، أردوغان لا يمكنه حتى معرفة الطريق إلى بيته، فقط شوهت احتجاجات حديقة جيزى، مايو الماضى، صورته بشدة أمام الخارج، وأن هناك من يرى أن أردوغان يتعامل مع دول المنطقة وكأنها مقاطعات تركية فى إسطنبول أو أنقرة».
وتابع الزعيم التركى المعارض، نحن بحاجة إلى فهم جديد، نحن بحاجة إلى حكومة جديدة، حكومة تحب الشعب وتدافع عن مصالحهم واهتماماتهم وتقود سياسة خارجية شريفة».
وتعليقا على تصريحات وزير الخارجية التركى «أحمد داوود أوغلو»، التى قال فيها إن تركيا تدعم أى تحرك دولى تجاه سوريا»، قال «فاروق غوغلو»، نائب رئيس حزب الشعب، إن «أحمد داوود أوغلو يتصرف وكأنه داعية للحرب». وأضاف أنه يجب عدم اتخاذ أى خطوة خارج نطاق الأمم المتحدة، وضرورة التريث والانتظار لحين ظهور نتائج أعمال التفتيش والتقارير الخاصة بعملية استخدام الأسلحة الكيميائية فى سوريا، وعدم التصرف من جانب واحد. وأكد «غوغلو» أن بلاده ليست بحاجة إلى الدخول فى الحرب على سوريا، وليس لها مصلحة وأن «أوغلو» سيكون مسئولا عن كل مدنى يقتل فى دمشق».
وذكر «غوغلو» أن ما يحدث الآن من القوى الدولية الكبرى، فرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية، يشبه ما حدث من تدخل فى العراق عام 2003 وهو التدخل الذى بنى على معلومات كاذبة»...
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.