اجزاء من كوكب المريخ وقعت في الإسكندرية منذ 100 عام.
تحديدا في يونيو سنة 1911 وقع حوالي 40 حجر في قرية النخلة مركز أبو حمص بالبحيرة.
وكان أكبرها وزنه 1.8 كيلو جرام والأحجار عندما سقطت كانت شبه الحمم البركانية.
كانت جزء من 16 نيزك هربت من كوكب المريخ منذ ملايين السنين الي الفضاء الكوني.
حتي سقط علي سطح الأرض بالقرب من الإسكندرية وأهالي القرية سمعوا بأصوات انفجار ضخمة.
تشبه أصوات الرصاص حول قريتهم، وارتطام صخور من السماء شاهدوها علي بعد 7 كيلومتر.
كانت السماء صافية والطقس هادىء فى ريف محافظة البحيرة وتقترب ساعات الفجر من ملامسة شفق النهار.
يستعد الفلاحون بعد صلاة الفجر للتوجه لأرضهم وزرعهم ومتابعة محاصيلهم وإطعام الماشية.
وكلا يستعد لبدء اليوم مع أول ضوء للشمس معتمدون على الله لعملهم تحديدا في يونيو سنة 1911.
لم يكن الطبيب محمد علي أفندي يدري أنه سيكون شاهد عيان علي حدث غريب ومثير وقع في قرية النخلة البحرية التابعة لمركز أبوحمص بالبحيرة منذ أكثر من مائة عام.
وبالتحديد في شهر يونيو من عام 1911م، حين فوجئ أهالي القرية وهم يعملون في حقول الزراعة، بأصوات انفجار ضخمة تشبه أصوات الرصاص حول قريتهم.
وكان صوت إرتطام صخور ملتهبة تسقط من السماء والتى ذعروا بعد أن شاهدوها تسقط بسرعة تفوق سرعة الصوت علي بعد 7 كيلو مترات منهم، مما أصابهم بالفزع والخوف والهلع.
صوت الارتطام العنيف الذي لم تشهده مصر في تاريخها الحديث، دعا المواطنين للاطمئنان علي أنفسهم ومنازلهم أولًا.
وقام المزارعون والفلاحون بالبحث عن الطبيب محمد علي أفندي، الذي كان مثلهم خائفاَ ومرتعشا ولا يجد تفسيرا لتلك الإنفجارات المتتالية.
والتي أفقدت بعض الناس وعيهم وأفقدت البعض الأخر سمعهم من قوتها، وربما أوقعت ضحايا ولم يتم سردها في الصحف الورقية فى حينه.
كان ذلك بتاريخ 28 يونيو الساعة 9 صباحاً - ونشر الخبر بأن نيزك النخلة المريخ يقتل كلباً ويصيب بعض الفلاحين في مصر
كان علي الطبيب محمد علي أفندي أن يجد حلا، وهو الاتجاه إلي الصحافة، فهي الوحيدة القادرة علي تفسير ماحدث.
لذلك قام بإبلاغ جريدة الأهالي المستقلة التي كانت تصدر آنذاك في مصر، ووضعت الخبر في مانشيت كبير.
تمت صياغة النبأ حينها بأن شهدت قرية النخلة البحرية في أبو حمص، البحيرة، سقوط أعداد كبيرة من النيازك وتسبب نيزك منهم في مقتل كلب وإصابة بعض الفلاحين وجارى متابعة الواقعة.
نيازك البحيرة عام 1911م
وهو الأمر الذي جعل الحكومة المصرية ترسل وفدا ضخما حينها لجمع تلك الأحجار التي هبطت علي القرية من السماء والكشف عن هويتها.
بل قام باحثون أجانب من دول أوربية عديدة بزيارة القرية.
الصحف المصرية التي غطت الحدث الفريد بعد اتجاه الطبيب محمد علي أفندي لها، قدمت عدة أسئلة.
هل هي أحجار هبطت من السماء؟
أم كانت أحجارا قذفها بركان خامد؟
هل تلك مركبات فضائية سقطت على الأرض من كوكب أخر؟
بل إن بعض المقالات التي تناولت الحادث أرجعت سقوط الأحجار نتيجة آثار بركان قذفت علي الأرض علي هذه القرية من مسافة كبيرة.
إلا أن المستر هيوم رئيس المساحة الجيولوجية في مصر وقتها
كان عليه أن ينبه علي موظفي المساحة الجيولوجية بأخذ كافة سبل الوقاية والحذر عند الإقتراب من تلك الأحجار وجمع أكبر عدد من الأحجار، التي أحدثت إرتطاما عنيفا.
بل كتب بنفسه تقريرا عن رؤية المزارعين المذعورين من النيازك التي سقطت من السماء.
أرسلت مصلحة المساحة الجيولوجية الموظف أفندي حسن، كما أوردت الصحف والمجلات المصرية الصادرة آنذاك اسمه.
حيث فوجئ أفندي حسن بقيام بعض المزارعين بإستغلال الفرصة وبيع العديد من تلك الأحجار لبعض الباحثين.
فقام بشراء 20 حجرا منهم، وأكد أفندي حسن في تقريره الذي قدمه لمصلحة المساحة الجيولوجية أنه لم يستطع سوي جمع هذه الأحجار من الأهالي، الذين قاموا ببيعها.
وقالت الصحف التي نشرت الحدث الفريد إنه يؤخذ من أقوال الشهود وأغلبهم من الفلاحين في القرية.
بإن الأحجار سقطت في مساحة أرض قطرها 4 كيلومترات ونصف الكيلو متر.
وأنها كلها من انفجار نيزك واحد انفجر علي علو شاهق، وأنه كان قادما من جهة الشمال الغربي.
وتسبب في خط من الدخان الأبيض، ولم تكن زاوية ميله أكثر من 30 درجة مئوية، ولم ينفجر مرة واحدة.
بل مرات متتالية، وكان صوت انفجاره كصوت طلقات الرصاص، وسمع صوته في القرى المجاورة.
مثل قرية بركة غطاس التي تبعد حوالي 7 كيلو مترات من قرية النخلة البحرية.
أحد الفلاحين أكد أنه شاهد الصخور قادمة من السماء علي بعد 50 مترا، ولكنه لم يسمع الانفجار.
وإنما شاهد الغبار خارجا من الأرض حيث وقع، كما أكد تقرير هيئة المساحة الجيولوجية التي قامت بعرضه الصحف والمجلات المصرية.
أن الأحجار غارت في الأرض ما بين عمق 10 و30 سنتيمترا، وبعضها وصل عمقه إلى متران ومتران ونصف.
وكانت الثقوب التي ثقبتها مائلة وليست عمودية، وحين تم استخراجها من الأرض لم تكن بحرارة مرتفعة.
بعد مرور عام علي الواقعة، قامت مجلة المقتطف بنشر بحث لجون بول.
أحد الباحثين الأجانب في الجيولوجيا، والذي أرسلته الحكومة المصرية لعمل بحث عن نيازك قرية النخلة البحرية.
وقام بنشر بحثه باللغة الانجليزية، حيث أكد جون بول أن الحجارة التي تم جمعها من القرية بلغت نحو 40 حجرا ووزنها 10 كيلو جرامات.
ونصفها مغطي بطلاء أسود من مادة مصهورة، وبعضها طلاؤه غير تام.
وبعض الأحجار متبلور ولونه رمادي مخضر.
وأكد جون بول أنه حدث أكثر من انفجار واحد في القرية نتيجة سقوط النيازك.
وأن الانفجار الأول نتج عنه حجارة مختلفة الألوان والأشكال وبلغ ثقل هذه الحجارة نحو 1813 كيلو جراما.
بينما بلغ أصغرها 20 جراما، كما وصل أصغر حجر سطوحه مصهورة كلها نحو 34 جراما.
حيث تم حفظ بعض الأحجار في المعرض الجيولوجي بالقاهرة.
كما تم إرسال بعض أحجار من النيازك في عواصم لندن وباريس وواشنطن وفينا وروما وبطرسبرج.
حيث رحبت بها معارض العواصم الأوروبية والأمريكية لأنها أول نيازك شوهدت ساقطة علي القطر المصري.
كما تم فحص الأحجار وإجراء تجارب عليها فوجدت مكونة من حديد مشع وسيليكون مشع وألمونيوم مشع وغيرها الكثير من المواد.
تم ارسالها إلى متحف التاريخ الطبيعي في بريطانيا. ولاحقا تبين أنها تعود إلى كوكب المريخ.
الدكتور مصطفي إسماعيل زيان، استشاري العلوم الجيولوجية والبيئية.
أكد أن هناك مناطق مشهورة في مصر تساقطت فيها النيازك ولكن في العصور القديمة وليست الحديثة.
مثل جبل النيزك في الوادي الجديد والذي تم اعتمادها كمحمية طبيعية بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 271 عام 2012.
وأضاف الأثري والباحث في الفلك هاني ظريق أن النيازك ليس لها وقت محدد للنزول.
لافتا إلى أن مصر شهدت في العهد الفرعوني سقوط نيازك ولكن لم يتم تسجيله.
مضيفا أن هناك عددا من التماثيل والخناجر تم صنعها بأحجار نيزكية مثل خنجر توت عنخ آمون وهرم بن بن بعين شمس.
وأضاف أن سقوط النيازك علي قرية النخلة البحرية بمركز أبوحمص بالبحيرة.
كان أول سقوط للنيازك يتم مشاهدتها في العصر الحديث داخل مصر.
ورغم ذلك هي صفحة مجهولة في تاريخنا، لافتا إلى أن النيزك يخلف ضحايا، وأن سقوطه يكون مدويا.
وهناك فرق بين الشهاب الذي يحترق في السماء وبين النيزك الذي يسقط علي الأرض مخلفا ضحايا.
مثلما حدث في إحدي مناطق روسيا في عام 2013م.
حيث أدى تساقط نيزك لإصابة ألف شخص بإصابات خطرة.
من المعروف أن الأحجار النيزكية تعتبر مكان التقاء علم الفلك وعلم الجيولوجيا.
فهناك العديد من الصخور في الفضاء والعديد منها يدخل الغلاف الجوي للأرض في كل يوم.
وحوالي 37.000 الى 78.000 طن من الحطام الفضائي يدخل الغلاف الجوي في كل عام بحسب بعض القياسات.
عند دخول تلك الأجسام إلى الغلاف تقوم بعمل شريط من الضوء الساطع في قبة السماء يعرف بإسم الشهاب.
وفي معظمها جسيمات غبارية، ولكن البعض الآخر يكون صخوراً كبيرة أو صغيرة.
أن القليل من تلك النيازك وبشكل نادر يسقط على سطح الأرض وعندها تسمى أحجار نيزكية.
نظرا لأن الغلاف الجوي حول الأرض يقوم بحمايتنا من تلك الصخور القادمة من الفضاء.
بالعودة إلى نيزك النخلة فان مصدره فعلا من المريخ.
فعندما بدأ العلماء بإجراء أول تحليل له وجد أن عمره 1.3 مليار سنه أصغر بكثير من نظامنا الشمسي الذي بيلغ عمره 4.5 مليار سنه.
وهذا يعني بأن هناك نيزك النخله تشكل في نفس الوقت الذي تشكل فيه نظامنا الشمسي.
قام الجيولوجيون بإجراء اختبارات أخرى على الحجر النيزكي للتعرف على مصدره.
حيث قاموا باختبار مكوناته وكثافته، من المعروف أن الاحجار النيزكية الحديدة دائماً تحتوي على 4 % من النيكل على الأقل.
والأحجار النيزكيه كثافتها أعلى من كثافة الصخور الأرضية.
أحد أهم الاختبارات هو "القيام بإجراء قطع للحجر النيزكي وغسله بالأسيد.
فلو ظهر ما يسمى (أشكال فيدمان شتين) عندها سيكون حجر نيزكي لأن بلورات الحديد – النيكل لا تتشكل أبدا على الأرض".
بعد هذه الاختبارات فان «نيزك النخلة» تبين أنه ليس حجر أرضي.
وعندها طرح احتمال بأنه قادم من القمر، وبعد ذلك أدرك العلماء بأن نيزك النخلة تشكل بواسطة برودة الصهارة التي تسمى الصخور النارية .
لذلك فإن أصل جسم الصخر يجب أن يكون بركان، ومع نشاط بركاني حدث منذ 1.3 مليار سنه مضت.
لكن لا يعتقد بحدوث نشاط بركاني على القمر منذ حوالي 3 مليارات سنه.
وعليه فإن فرضية أن هذا الحجر النيزكي مصدره القمر قد تم استبعادها.
لم يتم الاكتفاء بذلك بل تمت مقارنة نيزك النخله بالصخور التي أحضرتها وكالة ناسا من سطح القمر من مهمات مختلفة وتم التأكد قطعياً بأن «نيزك النخله» ليس مصدره القمر.
ذكرت واقعة نيزك النخلة بصحف القطر المصرى منها
جريدة الأهالي المستقلة
ومجلة المقتطف
وفى كتاب النجوم المارقة - الاستاذ الدكتور رشدي عازر غبرس والدكتور مجدي عبد الملك حنا
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.