Pages

Wednesday, January 18, 2012

جدران باردة


جدران باردة

للفنانة الرائعة رشا محمد


نزل من منزلها فى ليلة قاسية البرودة ، بعد أن قضى معها ليلة فاحشة ، ومارس كل أنواع الحب المحرم  .. 
ترك سيارته تحت منزلها .... وقرر السير أمام أعين المارة ... لم يكن خجلًا من فعلته .. ولم يحاول الإختباء .. لم يحاول التخفى من كل العيون اللى كانت تلاحقه .. وكأنه أراد أن يؤكد للجميع ما يتناقلونه عن علاقته المحرمة بها ..
كان يسير إلى منزله فى ظلمة الليل الحالكة ، يتأبط يديه من شدة البرودة ، يلف شالًا حول عنقه ، ويرتدى معطفًا أسود، رافعًا رأسه كالطاووس ، ناظرًا بوقاحة فى كل العيون التى تلاحقه  ...
عاد إلى منزله ...
عندما سمعت زوجته صرير الباب ،  ألقت غطاءها الذى يفيض بالصقيع ، انتفضت من سريرها ، الذى يأبى أن يمنحها الدفء ، وقفت تتطلع إلى مخدعها القاسى ، ثم بصقت على جانب المخدع الذى اعتاد أن ينام عليه   ...
جلس على الأريكة فى غرفة الجلوس ، واخرج علبة السجائر الفاخرة من جيب معطفه ، اخرج واحدة من العلبة ، اشعل عود الثقاب ، وهم أن يشعلها ، لولا أنها قاطعته متسائلة : أين كنت ؟؟
أجابها بمنتهى الوقاحة : وما شأنك ؟؟
رغم أنها كانت تعلم أين كان ، و بين أية أحضان كان يقضى ليلته ، إلا أنها قررت أن تسأله ...
لم يلتفت إليها .. أدار التلفاز .. واشعل سيجارته .. و وجه نظره نحو التلفاز الذى كان فى مواجهته تمامًا..
وقفت أمام التلفاز حتى قطعت عليه الرؤية .. وكررت سؤالها ...
قام من جلسته المعتدلة ، واتجه نحوها ببطء ، امسك بيدها اليسرى ، وجذبها نحوه ببطء ، لف ذراعه الايمن حول خصرها ، واحتضنها بقوة ، ثم مال بيده اليسرى واطفئ سيجارته فى معصمها الأيمن ، ثم مال نحو أذنها اليسرى هامسًا : لا تسألينى مرة أخرى ..
أفلت يده اليمنى من حول خصرها ، وحررها من قبضته ، ثم عاد إلى جلسته الأولى ...
كررت سؤالها مرات ومرات ، لكنه لم يلتفت ..
علا صوتها تصرخ فيه تطلب الإجابة ...
انتفض من جلسته ولطمها بيده اليمنى على خدها الأيسر لطمة شديدة ، فرفعت وجهها وكررت سؤالها  ...
كانت مستسلمة تمامًا ، حتى أنها لم تحاول تلافى ضرباته .. 
كرر لطماته القوية على خدها الناعم ، وسدد لجسدها النحيل الهزيل بعض اللكمات ، وهى لاتزال مستسلمة لإيذاءه ...
بينما هو يضربها كانت تنظر فى عينيه نظرة قوية ، تشعره بضألته ، فيحاول إثبات العكس عن طريق الضرب بقوة أكثر ...
ظل يضربها بقوة .. حتى سقطت على الأرض ، وهى ماتزال تنظر فى عينيه بنظرة قوية  تستفزه بشدة... 
ضاجعها قسرًا مبالغة فى إذلالها ، لكنها كانت شامخة ، مرفوعة الرأس ...
كانت دائمًا تستسلم لإعتداءاته ، لأنها كانت تريد أن تقتل كل شعور له فى قلبها ، وقد نجحت فى ذلك ، حتى صار بالنسبة لها كأنه لا شئ ، يتحدث فلا تسمعه ، يلمسها فلا تحسه ، كان هو الفراغ بالنسبة لها ، وهذا كان يقتله ، حتى الكره كان شعورًا مميزًا ، حرمته منه ، الكره قد يشعره بوجوده ، لكنه لم يكن موجود فى حياتها مطلقًا  ... 
كم كان يكره قوتها ، وشموخها ؟؟ كم كان يكره ثباتها ؟؟ كم كان يشعر بالضآلة والحقارة أمامها ؟؟ وكان يحاول التغلب على كل ذلك بكل ما أوتى من قوة ... لكنه دائمًا يخرج من معركته معها خاسرًا مطأطأ الرأس ..
انهى اعتداءته ، ومحاولاته العديدة لقهرها ، التى اعتادت عليها من يوم أن تزوجته ..
اتجه إلى حجرة نومها ، دخل سريرها البارد ، التف بغطاءها ، شعر بالدفء ، وراح فى نومه ..
تركها ملقاة على الأرض العارية ،  لكنها كانت تشعر بالدفء ، دفئًا لم تشعر به يومًا فى مخدعه ، كانت تشعر بالدفء بعيدًا عنه ، بعيدًا عن كل ما يملكه ، بعيدًا عن كل ما يتشاركه معها ...
افترشت الأرض الباردة ، وتلحفت بالهواء البارد ، رفعت عينييها إلى السقف ، تفكر أى حياة هانئة ستختار ، لتحياها فى أحلامها هذه الليلة .. كما تفعل كل ليلة ...
هذا كان قرارها أن تترك جسدها له حبيس الجدران الباردة ، وترفرف بروحها كل يوم فى سماء مختلفة ، تشعر فيها بالدفء ،  وتحيا حياوات متعددة ، تلهو وتمرح وتعشق ) ...

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.