بعد هزيمة يونيو 1967 ...
ابت قواتنا البحرية ان يمضي مسلسل اثبات الذات الذي بدء بتلقين العدو درسا في فنون القتال بواسطة رجال قوات الصاعقة بمنطقة رأس العش وعودة الطيران المصري بالرغم من عدم إلتئام جراحه لمساندة العمليات العسكرية داخل سيناء، فقامت بإغراق المدمرة إيلات قبالة سواحل مدينة بوسعيد .. ولم تكتفي بذلك فسطرت ملحمة أخري دونت بلوحة شرف قواتنا البحرية العريقة علي مدي الاف الأعوام.
التاريخ: مساء الرابع والعشرون من يناير عام 1968
التوقيت: بعد 6 أشهر من هزيمة 5 يونيو
الهدف: الغواصة الإسرائيلية " داكار "
تبدأ القصة عام 1965 عندما تعاقدت اسرائيل مع البحرية البريطانية علي امدادها بغواصتين متطوريتن لتنضم للبحرية الإسرائيلية، وفي 10 نوفمبر 1967 سلمت البحرية البريطانية قيادة الغواصة داكار الى البحرية الإسرائيلية وأوكلت قيادتها الي الرائد ( ياكوف رعنان ) .
ومكثت الغواصة "داكار" بإسكتلاندا لإتمام تجارب الغطس المتممة للدخول الي الخدمة، وبعد زهاء شهران هناك قررت العودة الي ميناء بورتسموث لتبدأ رحلتها المخطط لها مسبقا الي اسرائيل .
وتحركت "داكار" من الميناء الإنجليزي صباح يوم 15 يناير تشق مقدمتها مياه البحر المتوسط ... وبعد عدة ساعات وصلت برقية من القيادة البحرية الإسرائيلية تطلب من قائد الغواصة التواصل بميناء حيفا دوما وابلاغهم عن المنطقة المتواجدين بها طولا وعرضا كل 24 ساعة بالإضافة الي ارسال تلغراف بشكل دوري كل 6 ساعات للإطمئنان علي سير الرحلة.
وعند مقربة من الحدود المصرية الغربية، صدرت اوامر ل(ياكوف رعنان ) بالتجسس علي أحواض لنشات الصواريخ المصرية بمقر قيادة القوات البحرية المصرية بالأسكندرية ... ولم يكن الأمر بالتجسس عملا عسكريا إعتياديا، بل كان دافعه الأول غرور الإنتصار الزائف في 5 يونيو علي نحو ظن معه هؤلاء ان السلاح المصري الوحيد الذي لم يمسه التدمير (البحرية) قد انتشي واكتفي بتدمير وإغراق المدمرة إيلات ولن يطلب منه احد المزيد .
وعلي مسافة اميال قليلة من هدفهم المنشود تقدمت الغواصة ببطء مع منع اي اتصال لاسلكي داخل الغواصة او الي خارجها بل حتى عدم التحدث بصوت مرتفع .. وقتها لم يكن ضباط التنصت البحري المصريين يركنون إلى الخمول بل كانت أذانهم ترصد كل حركة فوق وتحت سطح البحر ولكنهم لم يصدقوا ان عدوهم قد جاء اليهم هذه المرة ...جاء الي قدره المحتوم.
وتلقت هيئة عمليات القوات البحرية من عدة قطع بحرية تفيد بأن هناك صوت يبدو وكأنها غواصة تقترب من حدود مصر الإقليمية، وبسرعة اتخذ القرار بمهاجمة الدخيل المتبجح وضربه قسوة، وبنفس سرعة القرار خرجت لنشات الصورايخ من مخائبها وتحولت المدمرات والطرادات القريبة الي فريستها المؤكدة.
علم قادة الغواصة الإسرائيلية ان امرهم قد اكتشف فقرروا الإلتفاف بالغواصة والإتجاه الي المياه الدولية بأقصي سرعة ممكنة، وبدأ صوت محركات الغواصة بالإرتفاع شيئا فشئيا وبدأت فوضي الخوف تظهر علي اصوات طاقم الغواصة الإسرائيلية ... كل ذلك ظهر امام شاشات ردار الأعماق لدي القوات البحرية المصرية، وتم تحديد مكان الغواصة بدقة محاصرتها دائريا وصدر أمر الي المدمرات بإلقاء قذائف الأعماق داخل نطاق الهدف.
وبدأت المدمرات بإلقاء القذائف واحدة تلو الأخري وبأعداد كبيرة ... حتي صدرت أوامر مباشر من ( ياكوف رعنان) بالنزول الي أقصي عمق ممكن لتفادي الصدمة الإنفجارية التي يمكن وحدها ان تؤدي الي تدمير المعدات الإليكترونية داخل الغواصة بل وإصابة افرادها جميعهم بإنزلاقات غضروفية خطيرة قد تصل الي كسور بالعمود الفقري.
لكن هذه الإجراءات لم تفلح كمحاولة للهروب من العبوات الأنفجارية المصرية .... وبدأت الغواصة الإسرائيلية بالتداعي فحرقت مصابيح الكهرباء وشرخت شاشات الرادار وانكسرت انابيب ضغط المياه بالإضافة الي إصابة عدد كبير من طاقم الغواصة بكسور وإغماءات .. كان ذلك فقط من هول الأنفجارات المتاخمة والقريبة من الغواصة التي كانت تتلقي الصدمات الإنفجارية والشظايا بشدة علي كل جوانبها.
وتوقفت قطع البحرية المصرية عن القاء حممها بالمياه بعدما تأكدت ردارات الرصد السمعية بأنه لم يعد هناك أصوات او إشارات لاسلكية تصدر من الغواصة والتي بدأت بالإنزلاق الي أعماق بعيدة تتكفل وحدها بسحق الغواصة ومن فيها، وبعد عدة ساعات شوهدت بقع زيتية ومخلفات تطفو علي سطح المياه مما قطع الشك باليقين ان الغواصة قد قضي عليها .. والي الأبد .
وبعد إنتهاء العملية مباشرة ,علم الرئيس "جمال عبد الناصر " بما جري .. لكنه رفض الأقتناع بأن الغواصة قد دمرت طالما لم يوجد دليل مادي يستند إليه , وقرر عدم الإعلان رسميا عن قيام سلاح البحرية المصري بإعتراض وحصار وتدمير الغواصة "داكار" .
وفي المقابل لم تتفوه إسرائيل بكلمة واحدة, بالرغم من انها كانت تنتظر خروج بيان رسمي يتحدث عن تدمير الغواصة الإسرائيلية الجديدة والتي لم تهنأ ولو ليوم واحد داخل مرفئها بميناء حيفا, وظل الأمر في طي الكتمان الي ان طلبت إسرائيل عام 1989 من مصر السماح لها بالبحث عن حطام الغواصة الأسرائيلية "داكار" وطاقمها المكون من 69 بَحارا أمام سواحل مدينة الإسكندرية .
وكالعادة فلقد رفضت اسرائيل الإعتراف بأن القوات المصرية دمرت الغواصة "داكار", وتعللت بأن الغواصة تعرضت لمشاكل ميكانيكية ادت بها الي عدم قدرتها في التحكم بالنزول الي عمق يمكن ان تتحمله الغواصة من الضغط البحري المصاحب لعمليات الغطس .
ولكن عذرا فتعليلاتهم تلك مخالفة للمنطق الحسابي , والسؤال لهم: * ماذا كانت تفعل غواصتكم "داكار" امام سواحل مدينة الإسكندرية ,ولماذا لم تعلنو وقتها عن فقدانها ؟
البيانات الأصلية لمواصفات هذذه الغواصة
كانت تتبع البحرية البريطانية وكان إسمها سابقا H.M.S. Totem
مواصفاتها :
"T" Class Boat
built at Devonport shipyard in 1944.
It displaced 1300 tons
was 274 feet long
had a crew of 65.
Speed was 15 knots on the surface and 8 knots submerged.
HMS Totem (P 352)
Submarine of the T class
NavyThe Royal Navy
Type SubmarineClassT
PennantP 352
Built byDevonport Dockyard (Plymouth, U.K.)
Ordered Laid down22 Oct 1942
Launched28 Sep 1943
Commissioned9 Jan 1945
End service Loss position
History
Sold to Israel in 1964,
refitted during 1965-1966,
renamed Dakar.
Lost in the Mediterranean while on passage to Israel on 26 January 1968, all hands lost. Her wreck was discovered in 1999 between Crete and Cyprus.
البطل اللواء محمد عبد المجيد عزب وقصه اغراق الغواصه الاسرائيليه دكار
يحكي قصة أيام مجيدة لا تمحي من الذاكرة فقال : في عام 1967 كنت أعمل كضابط أول برتبة رائد بحري بالمدمرة طارق، وقمنا بالعديد من العمليات التدريبية عن كيفية تأمين مداخل البحر الأحمر ضد هجمات البحرية الإسرائيلية وفي ظهر يوم 5 يونيه وردت إلينا إشارة بمغادرة الميناء ومسح السواحل الشمالية للدفاع عن مصر ضد أي هجوم محتمل، ونفذنا الأمر، وعند الغروب أظلمت السفينة إظلام تام وهو إجراء أمني متبع وأصبحت المدمرة طارق "كجبل أسود عائم" وصباح يوم 6 يونيه وبعد عمل مراكز القتال وأخذ التمام أمر القائد بفتح أحد الأبواب لتجديد الهواء داخل الكبائن المغلقة.
وفجأة شاهدت ثلاثة السنة من الدخان الأبيض تنبعث من الماء علي بعد كيلومتر واحد من جسم المدمرة فصعدت إلي كابينة القيادة لأتبين الأمر، وتوقف قلبي عن الخفقان حيث وجدة ثلاثة طوربيدات تشق الماء وتتجه بإتقان إلي المدمرة تاركة ورائها ثلاثة مسارات في الماء، ولا يمكن للعين المدربة أن تخطئها،
وفي ثوان معدودة تم إطلاق صفارات الإنذار فوق المركب وتواجد كل شخص في مكانه وصعدت إلي الممشى قبل القائد، وتوليت زمام الأمر وقمت بعمل مناورة بإعطاء الأوامر بالاتجاه بسرعة قصوى للأمام .. والدوران يمين للأخر، وأخذت ماكينة السفينة تهدأ بشدة ودارت بسرعة لجهة اليمين في اتجاه معاكس لاتجاه الطوربيدات وتمكنت بفضل الله من المرور سالماً بين طوربيدين من الثلاثة،ولكن الغواصة الإسرائيلية عاجلتنا بطوربيدين آخرين فأعطيت الأوامر دومان يمين للآخر حتى أصبحت مؤخرة السفينة أمام الطوربيدين لامتصاص قوة الاصطدام "وحدثت المعجزة الإلهية" فقد مر الطوربيدين علي جانبي المدمرة وغرقا بعد أن انتهي مداها.
هنا أعلنت الغواصة عن نفسها ووجب مهاجمتها وفي لحظات تحولنا من الدفاع للهجوم وأطلقنا وابلاً من قذائف الأعماق فأصابتها إصابات مباشرة تسبب في إعطابها وخروجها من الخدمة البحرية في إسرائيل. وظلت نتائج هذه المعركة مجهولة تماماً لقواتنا البحرية وقيادتنا السياسية بالرغم من تقديمي تقرير
كامل، حتى أفصح عنها اعتراف قائد الغواصة الإسرائيلية في حديث مع مجلة "بمجانية" بمناسبة منحه أعلي وسام إسرائيلي لاستطاعته العودة بها وهي شبه محطمة، فلما علم الرئيس جمال عبد الناصر منحني نوط الشجاعة العسكرية من الطبقة الأولي في 15 يوليو عام 1969 أي بعد عامين كاملين من تدمير الغواصة تانين أمام سواحل الإسكندرية.
دلائل مؤكدة علي إغراقنا لداكار :
ويقول اللواء محمد عبد المجيد عزب أن هناك أدلة تؤكد أننا قد أغرقنا دكار وهي :
- يوم 23 يناير 1968 أعلنت السفينة الحربية الناصر عن اكتشاف هدف تحت سطح البحر حوالي الساعة1130.
- إعلان إسرائيل عن فقد الغواصة داكار يوم 25 يناير 1968.
- يوم 23 يناير 1968 رصدت إحدى الغواصات المصرية طائرة تحوم حول المنقطة في حوالي الساحة 1657.
- يوم 24 يناير 1968 قامت إحدى الطائرات الهليوكوبتر التحليق بالإخطار عن هدف غاطس تحت الماء داخل مياهنا الإقليمية.
- يوم 24 يناير 1968 تم رصد تداول إشارات حوالي الساعة 1822 بين الغواصة داكار ومحطة قيادة البحرية الإسرائيلية.
- يوم 26 يناير 1968 أعلنت "رويتر" بأن الغواصة الإسرائيلية داكار غرقت قرب قبرص.
- نشر الكتاب السنوي الذي صدر بالمحكمة المتحدة عام 1969 عن أحداث العالم
-خلال عام 1968 أنه بتاريخ 26 يناير 1968 أعلن عن فقد الغواصة داكار قرب الإسكندرية و عليها 69 فرداً.
- يوم 27 يناير 1968 أعلنت "رويتر" أن الغواصة الإسرائيلية داكار غرقت قرب الإسكندرية.
- يوم 8 فبراير 1968 قام كل من الملحق البحري الأسباني والفلبيني بزيارة
-قائد البحرية المصري والاستفسار منه عن كيفية إغراق البحرية المصرية للغواصة داكار إلا أنه نفي ذلك لأسباب تخص الأمن.
- يوم 24 إبريل 1969 قام قائد السفينة أسيوط برفع تقرير عن احتمال غرق الغواصة داكار أما الإسكندرية وطلب البحث عنها، وبينما كان هذا التقرير أمام قائد القوات البحرية المرحوم فؤاد ذكري أعلنت إسرائيل علي نحو ما جاء بجريدة أخبار اليوم بتاريخ 26 إبريل 1969 أن الغواصة الإسرائيلية داكار قد غرقت علي بعد 30 ميلاً من السواحل المصرية وقال قائد البحرية الإسرائيلية أن الغواصة ضلت طريقها ولكنه لم يفسر الأسباب التي جعلت قائد الغواصة يغير اتجاهه بحيث ضل طريقه واكتفي بقوله أنه له الحق في ذلك لأنه كان يقوم بتدريبات.
طاقم الغواصة
- يوم 9 فبراير 1969 عثر علي جهاز الطفو الخاص بالغواصة الإسرائيلية داكار علي ساحل قطاع غزة بعد مضي أكثر من عام علي غرقها.
- أول يناير 1970 نشرت جريدة الأخبار أن البحرية المصرية أغرقت الغواصة داكار.
- بتاريخ 2 يناير 1970 نشرت جريدة الأخبار أن وكالات الأنباء تناقلت نبأ غرق الغواصة داكار و إذاعته إذاعة لندن ولم تستطع إسرائيل تكذيب هذا النبأ.
- بتاريخ 5 أكتوبر 1972 جاء علي لسان المقدم مفتاح دخيل رئيس مشتروات ليبيا في غرب أوروبا في حفل أقامه له الملحق العسكري المصري بلندن بأنه عندما هدد بقطع التعامل مع بريطانيا لتعاقدها علي بيع 3 غواصات لإسرائيل، قيل له علي سبيل التهدئة بأن العرب قد أغرقوا الغواصة داكار.
- يوم 13 أغسطس 1979 نشرت جريدة الأهرام الخبر التالي : "الإسرائيليون فقدوا غواصة تحمل 64 رجلاً أمام الشواطئ المصرية في يناير 1968".
- يوم 1 يناير 1986 نشرت جريدة الأخبار النبأ التالي : "البحث عن حطام غواصة إسرائيلية غرقت بصاروخ مصري منذ 20 سنة" وذكرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية أن وفداً عسكرياً إسرائيلياً" سيتوجه إلي القاهرة لتحديد موعد بدء عمليات البحث، وكانت الغواصة داكار قد اختفت بصورة غامضة بينما كانت تقوم بأول رحلة لها من بريطانيا إلي إسرائيل". وكان ذلك بعد معاهدة كامب ديفيد، حيث سمح لإسرائيل بالبحث عن هذه الغواصة، وكان ذلك "أول اعتراف إسرائيلي بأن البحرية المصرية متماثلة في السفينة الحربية أسيوط هي التي تسببت في غرق الغواصة الإسرائيلية داكار داخل مياهنا الإقليمية".
- وكان غرق داكار وقبلها تانين من الأسباب الرئيسة التي جعلت إسرائيل تحجم عن استخدام غواصاتها خلال حرب أكتوبر 1973 والتي تحقق فيها النصر لقواتنا المسلحة علي لقوات الإسرائيلية.
يبقي أن نذكر أن اللواء محمد عبد المجيد عزب يحمل ثلاثة أنواط وهي نوط الواجب العسكري لأعماله في حرب اليمن، ونوط الشجاعة العسكري من الدرجة الأولي بعد إغراقه للغواصة تانين، ونوط الواجب العسكري عام 1982 كما يحمل أعظم وسام في جسمه، وهو ساقيه اللتين بترتا نتيجة سقوط قنبلة عليه أثناء وجوده كرئيس عمليات بميناء الأدبية في يناير 1970، وهو الوسام الذي سيظل أبداً شاهداً علي بطولته.
كيف أغرقنا داكار ؟؟
إسرائيل في إطار تحديثها لقواتها البحرية في حرب يوينه وإغراق المدمرة إيلات قامت بشراء غواصتين قديمتين من بريطانيا هما الغواصة داكار والغواصة لفيتان وكانت البحرية الإسرائيلية تملك غواصتين أخرتين.
وتم الاتفاق علي عمل عمرة للغواصتين "داركار ولفيتان" بأحواض السفن البريطانية في بورت سماوث. وغادرت الغواصة داكار حوض السفن في بورت سماوث يوم 9 يناير 1968 بعد الانتهاء من تجديدها وتحديثها وعلي متنها طاقمها المكون من 69 ضابطاً وبحاراً منهم 11 ضابطاً بحرياً بقيادة الرائد بحري يعقوب رعنان، وكانت متجهة لميناء حيفا وكان من المقرر لها أن ترسو في ميناء
حيفا يوم 29 يناير.
ويستطرد اللواء عزب قائلاً : وصباح يوم 23 يناير 1968 غادرت السفينة الحربية "أسيوط" ميناء الإسكندرية "وكنت قائداً لها" وكانت أشهر سفينة حربية في ذلك الوقت. وكنا نتجه لتنفيذ مهمة تدريبية لبعض طلبة الكلية البحرية، وبعد أن وصلت السفينة أسيوط إلي منطقة التدريب المحددة لهذه المهمة تم تقسيم الطلبة إلي مجموعات تحت إشراف ضباط الكلية البحرية
وبعد انتهاء التدريب وكان الوقت ظهراً، أرسلت السفينة أسيوط الإشارة التقليدية لطلب الإذن بالدخول إلي الميناء، وأخذت السفينة تبحر ببطيء جنوب الميناء لحين الإذن لها بالدخول، وفي هذه الأثناء كان بعض الطلبة المتواجدين بالممشى يقومون بالتدريب علي أعمال المراقبة البصرية وأخذ أحدهم وهو وقتئذ العريف طالب "عادل معتوق" يتطلع إلي سطح البحر الساكن ومن خلال النظارة المكبرة التي كان يستخدمها شاهد هدفاً صغيراً جداً يشق سطح البحر وأخذ في مراقبته عدة دقائق لم يستطع خلالها التعرف علي الهدف وتمييزه، فلجأ إلي زميل دراسته وهو وقتئذ الرقيب طالب محمد أحمد إبراهيم، والذي فشل هو الآخر في التعرف علي نوعية الهدف مما جعله يلجأ إلي وكنت أقف بجواره،واستطعت علي الفور أن أميز الهدف علي أنه بيرسكوب غواصة تسير علي عمق البيرسكوب في خط مواز لخط سير السفينة أسيوط، واتخذت قرار فوري بمهاجمة الغواصة المجهولة التي انتهكت مياهنا الإقليمية فقد كانت علي مسافة 2 ميل فقط من سواحل الإسكندرية وهذه المنطقة ممنوع علي غواصتنا الغطس فيها، وعلي الفور أخذ كل فرد مكانه وتم إعلان مراكز القتال فوق السفينة والتأهب للانقضاض علي الغواصة المعادية واتجهت السفينة بأقصى سرعتها وانقضت علي الغواصة والتي كانت قريبة جداً من مقدمة سفينتنا، والانقضاض هو الحل الوحيد للركوب فوقها، وباختفاء بيرسكوب الغواصة أرسلنا إشارة للقاعدة لمتابعة الموقف وكنت قد أرسلت إشارة فور اتخاذي قرار الهجوم وكانت الإشارة : "غواصة تحت سطح الماء علي عمق البيرسكوب".
وما هي إلا لحظات بعد اختفاء البيرسكوب حتى صدر بعدها الأمر للسفينة بالدخول إلي الميناء وكنت في غاية الحنق والغيظ ولكن ما خفف ذلك اعتقاد ثبت صحته بعد ذلك وهو اصطدام الغواصة بالقاع الذي يبعد عن سطح البحري بـ 18 قامة فقط عند محاولته الهروب بالغطس السريع.
وفي مساء الجمعة 26 يناير 1968 وبعد مقابلة أحد قادة الغواصات أيقنت أن الغواصة المجهولة غواصة معادية ورفعت تقرير مفصل إلي قائد القوات البحرية عن قصة غرق الغواصة الإسرائيلية التي تمت مهاجمتها و لم يصدق كلامي علي أساس أن إسرائيل أعلنت عن غرق داكار جنوب قبرص، ولم أيأس لتأكيد إغراقها فمن المؤكد أنها اندفعت نحو قاع البحر لتفادي الاصطدام بنا فانحشرت في الرمال.
بالصور: إسرائيل تكشف لغز الغواصة "داكار" التي غرقت أثناء محاولة اغتيال عبدالناصر
داكار غرقت في أولى رحلاتها بعد أن اشترتها إسرائيل من بريطانيا
إسرائيل أرادت اغتيال عبدالناصر في الإسكندرية انتقاما لعملية ايلات
الغواصة اختفت بصورة مفاجئة عام 1969 وعُثر عليها في 1999
نشرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية وثائق سرية حول الغواصة "داكار" التي كشف عنها مؤخرا الأرشيف الوطني الإسرائيلي، بعد مرور أكثر من 45 عاما على اختفائها بشكل مفاجئ في البحر المتوسط في أول رحلة إبحار لها بعد شرائها من بريطانيا.
ووفقا للوثائق فقد اختفت "داكار" التي كان يقودها الرائد "ياكوف رعنان" ما بين 24 و25 يناير عام 1968، وعلى متنها 69 ضابطا وجنديا، مستقرة في قاع البحر المتوسط على عمق 2900 متر، في منطقة تبعد 500 كيلو متر من السواحل الإسرائيلية.
وكانت في طريقها من ميناء بورتسموث الانجليزي إلى ميناء حيفا على البحر لمتوسط، لكنها لم تصل حيفا أبدا، حيث اختفت بصورة مفاجئة وانقطع الاتصال بها، بعد أن طلبت منها القيادة الإسرائيلية التوجه إلى مصر لتنفيذ عملية عسكرية انتقامية بعد إغراق المصريين المدمرة إيلات أمام بورسعيد.
واختلفت الروايات حول أسباب هذا التحول في مسار الغواصة، فهناك تفسيرات بأن إسرائيل قررت اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر بصورة مفاجئة وطلبت من الغواصة استهدافه أثناء الاحتفال بتدشين قطع بحرية جديدة اشترتها مصر.
هذا بالإضافة إلى رواية أخرى تتعلق برغبة إسرائيل في تدمير ميناء الإسكندرية انتقاما لهجوم مصر على ميناء إيلات وتدمير سفينتي بيت شيفع وبات يام، بالإضافة إلى إغراق إيلات.
وقد كشف الأرشيف عن 16 وثيقة بما تضم مكاتبات وزارة الخارجية الإسرائيلية لسفاراتها في الخارج من أجل طلب المساعدة من الدول الأوروبية للبحث عن الغواصة المختفية، ومازال هناك الكثير من الوثائق التي لم يتم الكشف عنها حتى الآن.
وتعكس الوثائق حجم القلق والتوتر الذي أصاب اسرائيل وعدم قدرتها على تحديد أسباب اختفاء الغواصة وإذا ما كانت قد غرقت أم سيطر عليها المصريون واستولوا عليها بعد اكتشافها.
وظلت هذه الحيرة تسيطر على الجميع، حتى أنها استعانت بعراف ومنجم هولندي متخصص في العثور على الأشياء المفقودة في البحار، والذي أكد لهم غرق الغواصة في قاع البحر.
وفي 28 مايو 2009 تلقت قيادة البحرية الإسرائيلية إخطارا بالعثور على الغواصة داكار في مقبرة للسفن والغواصات الألمانية والبريطانية والإيطالية الغارقة منذ الحرب العالمية الثانية، وقد تم تصوير الأعماق بكاميرات فيديو لغواصة إنقاذ وبحث خاصة، بعد اكتشاف وجود جسم ضخمة في المنطقة من خلال موجات السونار.
وتعرف ثلاثة من كبار قادة الغواصات في البحرية الإسرائيلية على الغواصة "داكار الغارقة" بعد فحص الصور والأفلام التي التقت في الأعماق لعدة أيام.
وبعد انتشال الغواصة جرى فحصها لمدة عام كامل، وخرج التقرير النهائي ليؤكد أنه من الصعب معرفة ما حدث بدقة، لكن يمكن تفسير الموقف من خلال عدة تحليلات.
إغراق الغواصة تم بين منتصف الليل والثالثة صباح 25 يناير 1968، وكانت تسير بسرعة 8.5 عقدة في الساعة في اتجاه محدد، وكانت قريبة من سطح الماء حيث كان منظار الرؤية مرتفعا لأعلى وقت الغرق وهو ما يعني أن قائدها كان ينظر إلى السطح على شىء ما.
و لسبب غير معروف تسربت المياه خارج الأقسام الأمامية للغواصة، وأدى هذا إلى اختلال توازنها وفقد قائدها السيطرة عليها.
ونظرا للسرعة العالية التي كانت تسير بها فقد غرقت للأسفل بسرعة، ولم يتمكن قائدها من القيام بالمناورة اللازمة لتفادي الغرق، وخلال 30 ثانية فقط وصلت الغواصة إلى عمق الخطر بالنسبة لها وبدأت تتأثر بالضغط.
وفي فترة تتراوح بين 10 و15 دقيقة كانت الغواصة تصطدم بقوة بقاع البحر لتتحطم أجزاؤها، ويلقى كل الطاقم مصرعه، وعثر على محرك الديزل الخاص بها بجوار الغواصة حيث تسبب الاصطدام القوي إلى اقتلاعه من غرفة المحركات..
صور أرشيفية بعد انتشال الغواصة
رسم تخيلي لموقع ارتطام الغواصة بالرمال
داكار كابوس اسرائيل
التاريخ: مساء الرابع والعشرون من يناير عام 1968
التوقيت: بعد 6 أشهر من هزيمة 5 يونيو
الهدف: الغواصة الإسرائيلية " داكار "
تبدأ القصة عام 1965 عندما تعاقدت اسرائيل مع البحرية البريطانية علي امدادها بغواصتين متطوريتن لتنضم للبحرية الإسرائيلية، وفي 10 نوفمبر 1967 سلمت البحرية البريطانية قيادة الغواصة داكار الى البحرية الإسرائيلية وأوكلت قيادتها الي الرائد ( ياكوف رعنان ) .
ومكثت الغواصة "داكار" بسكوتلاندا لإتمام تجارب الغطس المتممة للدخول الي الخدمة، وبعد زهاء شهران هناك قررت العودة الي ميناء بورتسموث لتبدأ رحلتها المخطط لها مسبقا الي اسرائيل .
وتحركت "داكار" من الميناء الإنجليزي صباح يوم 15 يناير تشق مقدمتها مياه البحر المتوسط ... وبعد عدة ساعات وصلت برقية من القيادة البحرية الإسرائيلية تطلب من قائد الغواصة التواصل بميناء حيفا دوما وابلاغهم عن المنطقة المتواجدين بها طولا وعرضا كل 24 ساعة بالإضافة الي ارسال تلغراف بشكل دوري كل 6 ساعات للإطمئنان علي سير الرحلة.
وعند مقربة من الحدود المصرية الغربية، صدرت اوامر ل(ياكوف رعنان ) بالتجسس علي أحواض لنشات الصواريخ المصرية بمقر قيادة القوات البحرية المصرية بالأسكندرية ... ولم يكن الأمر بالتجسس عملا عسكريا إعتياديا، بل كان دافعه الأول غرور الإنتصار الزائف في 5 يونيو علي نحو ظن معه هؤلاء ان السلاح المصري الوحيد الذي لم يمسه التدمير (البحرية) قد انتشي واكتفي بتدمير وإغراق المدمرة إيلات ولن يطلب منه احد المزيد .
وعلي مسافة اميال قليلة من هدفهم المنشود تقدمت الغواصة ببطء مع منع اي اتصال لاسلكي داخل الغواصة او الي خارجها بل حتى عدم التحدث بصوت مرتفع .. وقتها لم يكن ضباط التنصت البحري المصريين يركنون إلى الخمول بل كانت أذانهم ترصد كل حركة فوق وتحت سطح البحر ولكنهم لم يصدقوا ان عدوهم قد جاء اليهم هذه المرة ...جاء الي قدره المحتوم.
وتلقت هيئة عمليات القوات البحرية من عدة قطع بحرية تفيد بأن هناك صوت يبدو وكأنها غواصة تقترب من حدود مصر الإقليمية، وبسرعة اتخذ القرار بمهاجمة الدخيل المتبجح وضربه قسوة، وبنفس سرعة القرار خرجت لنشات الصورايخ من مخائبها وتحولت المدمرات والطرادات القريبة الي فريستها المؤكدة.
علم قادة الغواصة الإسرائيلية ان امرهم قد اكتشف فقرروا الإلتفاف بالغواصة والإتجاه الي المياه الدولية بأقصي سرعة ممكنة، وبدأ صوت محركات الغواصة بالإرتفاع شيئا فشئيا وبدأت فوضي الخوف تظهر علي اصوات طاقم الغواصة الإسرائيلية ... كل ذلك ظهر امام شاشات ردار الأعماق لدي القوات البحرية المصرية، وتم تحديد مكان الغواصة بدقة محاصرتها دائريا وصدر أمر الي المدمرات بإلقاء قذائف الأعماق داخل نطاق الهدف.
وبدأت المدمرات بإلقاء القذائف واحدة تلو الأخري وبأعداد كبيرة ... حتي صدرت أوامر مباشر من ( ياكوف رعنان) بالنزول الي أقصي عمق ممكن لتفادي الصدمة الإنفجارية التي يمكن وحدها ان تؤدي الي تدمير المعدات الإليكترونية داخل الغواصة بل وإصابة افرادها جميعهم بإنزلاقات غضروفية خطيرة قد تصل الي كسور بالعمود الفقري.
لكن هذه الإجراءات لم تفلح كمحاولة للهروب من العبوات الأنفجارية المصرية .... وبدأت الغواصة الإسرائيلية بالتداعي فحرقت مصابيح الكهرباء وشرخت شاشات الرادار وانكسرت انابيب ضغط المياه بالإضافة الي إصابة عدد كبير من طاقم الغواصة بكسور وإغماءات .. كان ذلك فقط من هول الأنفجارات المتاخمة والقريبة من الغواصة التي كانت تتلقي الصدمات الإنفجارية والشظايا بشدة علي كل جوانبها.
وتوقفت قطع البحرية المصرية عن القاء حممها بالمياه بعدما تأكدت ردارات الرصد السمعية بأنه لم يعد هناك أصوات او إشارات لاسلكية تصدر من الغواصة والتي بدأت بالإنزلاق الي أعماق بعيدة تتكفل وحدها بسحق الغواصة ومن فيها، وبعد عدة ساعات شوهدت بقع زيتية ومخلفات تطفو علي سطح المياه مما قطع الشك باليقين ان الغواصة قد قضي عليها .. والي الأبد .
وبعد إنتهاء العملية مباشرة ,,علم الرئيس "جمال عبد الناصر" بما جري .. لكنه رفض الأقتناع بأن الغواصة قد دمرت طالما لم يوجد دليل مادي يستند إليه , وقرر عدم الإعلان رسميا عن قيام سلاح البحرية المصري بإعتراض وحصار وتدمير الغواصة "داكار" .
وفي المقابل لم تتفوه إسرائيل بكلمة واحدة, بالرغم من انها كانت تنتظر خروج بيان رسمي يتحدث عن تدمير الغواصة الإسرائيلية الجديدة والتي لم تهنأ ولو ليوم واحد داخل مرفئها بميناء حيفا, وظل الأمر في طي الكتمان الي ان طلبت إسرائيل عام 1989 من مصر السماح لها بالبحث عن حطام الغواصة الأسرائيلية "داكار" وطاقمها المكون من 69 بَحارا أمام سواحل مدينة الإسكندرية .
طاقم الغواصة
وكالعادة فلقد رفضت اسرائيل الإعتراف بأن القوات المصرية دمرت الغواصة "داكار", وتعللت بأن الغواصة تعرضت لمشاكل ميكانيكية ادت بها الي عدم قدرتها في التحكم بالنزول الي عمق يمكن ان تتحمله الغواصة من الضغط البحري المصاحب لعمليات الغطس
تحية الي رجال البحرية المصرية الذين طالما كانوا حائط السد الأول علي مر العصور
إغـــراق داكـــار : جمال الغيطانى
* إن غياب وثائق الحروب التي خاضتها مصر في العصر الحديث يؤدي الي انفراد الاطراف الاخري، خاصة اسرائيل بالرؤية التاريخية،
* لذلك لابد من تقنين الإعلان عن الوثائق الخاصة بحروب الوطن
أهمية احاديث الاستاذ محمد حسنين هيكل »تجربة حياة« انه يعيد تجسيد مراحل مهمة في تاريخنا المعاصر،
* أو الزمن الذي عشناه. ليس لأولئك الذين لم يعاصروه،
* خاصة من الاجيال الجديدة التي جاءت الي الدنيا من بداية السبعينيات وحتي نهاية القرن،
* هذه الاجيال تعرضت لاعنف تزييف واضطراب فيما يتعلق بالزمن الماضي. خلال الستين عاما الاخيرة، والسبب ان تعاملنا مع الذاكرة الوطنية لا ينطلق من مناهج علمية، ولا من رواسخ ثابتة، لكن من مواقف نسبية * ،العابر منها يدمر الثابت،والنتيجة هي اللا يقين عند اجيال كاملة خرجت تشك في فكرة الوطن نفسها، لا يعيد الاستاذ هيكل رواية التاريخ باعتباره شاهدا فقط، وهو لم يكن شاهدا فقط، انما كان طرفا اساسيا في الاحداث وصانعا لها احيانا، انما يوثق ما يقول، واعترف انني رأيت من الوثائق ما ادهشني، ليس كيفية الحصول عليها، فالمعروف ان الرئيس جمال عبدالناصر اصدر تعليمات ان تسلم وثائق الدولة إلي الاستاذ، ولكن دهشتي نابعة من مضامينها، اضرب مثالا علي ذلك بما يخص عملية زرع أجهزة تنصت داخل السفارة الامريكية، هذه العملية التي مرت مرور الكرام، يجب ان تصبح من تراثنا الوطني الذي نفخر به، وليت تفاصيلها تعلن يوما ما يذكره الاستاذ من خلال ذاكرة حديدية، قوية، تمسك بالتفاصيل، يوضح لي امورا وبعض الوقائع التي عاشها هو من فوق، من مركز صانع القرار والمشارك فيه، وعشتها انا كمواطن بسيط، أو كصحفي من خلال عملي كمراسل حربي لصحف دار أخبار اليوم خلال حربي الاستنزاف وأكتوبر، وهذا كان موضوعا لأحاديث طويلة جرت بيننا، غير ان ما قاله الخميس الماضي تحديدا حول إغراق الغواصة الاسرائيلية »داكار« يستحق مني إضافة عبر شهادتي التي تجيء من مستوي آخر للحظة تاريخية احتوتني واحتوته. ذلك ان مما افخر به في حياتي المهنية نشر القصة الكاملة لاغراق داكار من خلال الرواية المصرية،* وكان ذلك اول تأكيد رسمي من جانب مصر يؤكد اغراق الغواصة الاسرائيلية الحديثة والتي كانت عائدة من انجلترا بعد تسليحها تسليحا حديثا، ما نشرته استند إلي مصادر عسكرية، وروجع من قبل وزارة الدفاع والمخابرات الحربية، وكان التحفظ الشديد هو الطابع الذي يحكم العلاقة بين القوات المسلحة والاعلام كان ذلك بسبب الافراط الذي جري بدءا من يوم الخامس من يونيو والمبالغة التي ناقضت الواقع ولم تكن تعبر عنه مما احدث اثارا سلبية استمرت لزمن طويل،
كيف علمت بتفاصيل القصة؟
وكيف حصلت علي التفاصيل؟
إلي البحر الأحمر
لا أذكر اسم اليوم، لكننا خرجنا في سيارة صغيرة من اخبار اليوم، قاصدين منطقة البحر الاحمر، بعد حصولنا علي تصريح خاص من المخابرات الحربية كنا اثنين، مكرم جاد الكريم المصور الموهوب الوطني، الجريء، كلا لا نفترق، وقد واجهنا الموت معا عشرات المرات، ولحسن الحظ ان كل منا عاش ليروي بعضا مما رأيناه، كانت المرة الاولي التي أزور فيها هذه المنطقة من مصر، رغم انني كتبت رواية تدور أحداثها في وهادها وجبالها عنوانها »الزويل« قرأت كثيرا عنها وخاصة الرحالة الذين قصدوها. سلكنا طريقا حديثا وقتئذ، رصف بعد يونيو سبعة وستين، المعروف الان بطريق الكريمات، خلال سبع ساعات لم نر إلا عربيتين أو ثلاثا من القوات المسلحة وعندما وصلنا الغردقة فوجئنا انها قرية صغيرة فقيرة معظم اهلها من قنا، بعضهم احترف الصيد، كانت رحلتنا بعد ايام قليلة من انتهاء معركة جزيرة شدوان البطولية بحق، ولم يكن من الفنادق الكبري إلا واحد فقط، هو الشيراتون. وكان مغلقا، لم تكن الغردقة والساحل كله معروفا كمنطقة سياحية للمصريين، وكان دخول الاجانب اليها صعبا. أقمنا في استراحة تابعة لاحدي شركات البترول، وفي هذه الايام تعرفت إلي الفريق سعد الشاذلي اللواء وقتئذ ـ وكان قائدا لمنطقة البحر الاحمر التي يمتد ساحلها حتي حدود السودان. وكان قد نجح في وقف الغارات الاسرائيلية التي توالت وكان أشهرها وأخطرها علي الزعفرانة،
* قائد آخر بلدياتي من سوهاج، العقيد محمد مازن المسئول عن المخابرات الحربية، استشهد فيما بعد في حادث الطائرة هليكوبتر الذي راح ضحيته عدد من كبار القادة بينهم الفريق احمد بدوي
*. كان اكتشافا مبهرا بالنسبة لي، الساحل، الجبال الفريدة التي تتحول إلي ظلال عند الغروب،
* اما جزيرة شدوان فلها وضع أخر في ذاكرتي، فيما تلي ذلك من سنوات،
* قصدنا المنطقة ونزلنا في قرية سياحية من القري الاولي التي تأسست في المنطقة بناها الحاج
* حويدق ـ رحمه الله ـ وتربطني صلة صداقة بابنه سامح الذي أصبح من رجال السياحة في مصر، أوده ويودني رغم انني انقطعت عن زيارة البحر الاحمر منذ سنوات طويلة
*. كان السبب الرئيسي لتوجهنا اليها هواية محمد ابني للغطس والذي اصبح بارعا فيه، كثيرا ما كنت اجلس عند شاطيء البحر منتظرا عودته من الاعماق، مفكرا في زمن الحرب، متأملا في علاقة المكان بالاحداث بالانسان. في احد ايام زيارتنا قال لي العقيد مازن ان التصريح بزيارة القاعدة البحرية قد انجز، التاسعة صباحا سنتجه اليها. الفرقاطة طارق
بعد حرب يونيو اغلقت قناة السويس، وانقسم الاسطول المصري إلي قسمين، وحدات في البحر الابيض، وأخري في البحرالاحمر، الوحدات التي ظلت في البحر الاحمر بعضها بقي في الغردقة، والاخر في موانيء اليمن طبقا لاتفاقية كانت معقودة بين مصر واليم. مازال ذلك الصباح ماثلا في ذهني، فوق قطعة بحرية، فرقاطة اسمها طارق، التقيت بضابط هاديء الحضور، قوي الملامح، انه قائد الفرقاطة وقتئذ، روي لي التفاصيل الكاملة لاغراق داكار، للاسف لا اذكر اسمه الان، كان محظورا ذكر الرتب والاسماء الكاملة للضباط والجنود فيما نكتب، وكنت مقتنعا من داخلي بكل ما يطلب مني، فأمن قواتنا له الاولوية المطلقة، أصغيت مبهورا إلي التفاصيل،خاصة ان القائد لم يغرق فقط »داكار« انما كان له مواجهة اخري سبقت داكار، وانني لمورد الان ما كتبته بالضبط ونشر في جريدة الاخبار، يناير عام سبعين، أي بعد اغراق الغواصة بعامين تقريبا، في ذلك الزمن كتبت ما يلي بالنص :»حدث في صباح الثلاثاء ٦ يونيو 1967، ان كانت الفرقاطة طارق مكلفة بأعمال المرور والحراسة امام شواطيء الاسكندرية،
* فجأة ظهر رذاذ يتطاير فوق سطح البحر الهاديء،
* وبسرعة وضعت ثلاث احتمالات:
(أ) أما دخان مدخنة وفي هذه الحالة ينزل جنب السفينة.
(ب)أما دخان مدفعية وفي هذه الحالة يكون علي شكل دوائر، يصحبه رذاذ ماء.
(ج) اما ستائر دخان وفي هذه الحالة يكون أغزر واكثف من هذا بكثير*.
وبمجرد صعود قائد السفينة إلي الممشي، عرف انه ناتج عن اطلاق طوربيد من* غواصة ترقد علي عمق بسيط تحت الماء،* في سرعة لحظية امر الماكينات بزيادة السرعة لاقصي درجة،* بحيث تسير السفينة في مواجهة الطوربيد تماما،
* لماذا؟
لانه بالمواجهة يكون مسيطرا علي تغيير زاوية المقدم*.
علاوة علي انه يمكنه مهاجمة العدو بأسرع ما يمكن ايضا مثلما حدث،*
ومن المعروف ان اطلاق أو صدام الطوربيدات بسفينة عبارة عن مسألة حساب مثلثات،
* اهم اضلاعها سرعة السفينة وزاوية المقدم،
* فاذا ما تغير اي واحد منهم،* فان المسألة سوف تفشل،* وبالتالي لن يصيب الطوربيد هدفه*.
وقد دفعته خبرته إلي تغيير الاثنين معا،
* غير السرعة،
* وغير زاوية المقدم،
* فتفادي الاصطدام بالطوربيدات وفعلا،* مرت الطوربيدات علي بعد امتار من السفينة
*.تمت المناورة في خمسين ثانية فقط
*.خمسون ثانية هي المدة الفاصلة بين لحظة رؤية الطوربيدات،
* ولحظة الإبتعاد عن مسارها،
* إلي هنا* ،
* وكان يمكن للمواجهة ان تنتهي،
* غير ان طبيعة المقاتل البحري المصري ابت عليه هذا،
* في ثوان كانت الفرقاطة* »طارق*« تتخذ وضع الهجوم*.
بسرعة،* حدد قائد السفينة المصرية موقع الغواصة التي اطلقت الطوربيدات،* كيف؟ لقد اعلنت الغواصة الاسرائيلية عن مكان وجودها بمجرد اطلاقها الطوربيدات* ،الموقع تبين من اتجاه الطوربيد سرعته *40 عقدة،* نظرا لانه انجليزي الصنع وهذه احدي ميزات الالمام بكافة التفاصيل عن سلاح العدو،* وبمجرد تحديد الزمن والمسافة التي تبعدها الغواصة عن السفينة المصرية،* حتي كان جحيم من قذائف الاعماق ينصب علي الغواصة*.. كانت مفاجأة مذهلة للقائد الاسرائيلي الذي لم يتوقع ابدا ان تفلت الفرقاطة* »طارق*« من طوربيدات الغواصة،* ثم تبادر بالهجوم،* الهجوم الحاد والعنيف صحيح ان الغواصة الاسرائيلية لم تغرق تماما،* انما اصيبت اصابات مباشرة ادت إلي اعطابها تماما،* ومن اجل هذا نال قائد الغواصة وسام البطولة الاسرائيلي لانه تمكن من العودة بالغواصة دون ان تغرق،* وتمضي شهور وفي *٥١ يوليو *٩٦٩١،* يزاح الستار عن هذه العملية،* يصدر امر بتقليد كل من شارك فيها نوط الشجاعة العسكري*. انه نفس قائد السفينة* »طارق*«الزمان *25 يناير *1968 الساعة* *12ظهرا والمكان مياهنا الاقليمية في البحر الابيض المتوسط،* حالة البحر عادية،* زرقة صافية يعلوها زبد الماء الابيض،* احدي سفن التدريب الحربية التابعة لقواتنا البحرية عائدة إلي قاعدتها بعد جولة تدريبية،* فوق ظهر السفينة يقف قائد الرحلة،* يمسح الماء بنظراته لمح بيروسكوب* غواصة،* البيروسكوب يعوم بسرعة تجاه سفينة التدريب المصرية،* لا توجد* غواصات مصرية هنا،* هذه مياهنا الاقليمية،* اذن*. الهدف معاد*. بسرعة خارقة كان الطلبة يتخذون مواقعهم القتالية فوق السفينة الحربية المصرية،* كان من الواضح تماما ان الغواصة تتجه إلي الهجوم علي المركب المصري،* كان يمكن للسفينة ان تتجنب المواجهة،* خاصة ان السفينة في رحلة تدريبية والمقاتلون معظمهم من طلبة الكلية البحرية إلي جانب المقاتلين الذين اكتمل تدريبهم،* لكن طبيعة المقاتل المصري ابت عليه تجنب المواجهة احتل الرجال مراكزهم القتالية،* في ثوان بعد عدة مناورات ناجحة نفذت بدقة مثالية تمكنت السفينة المصرية من تحقيق هذه العملية التي يطلقون عليها* »ركوب الغواصة*« اي اتخاذ موقع استراتيجي يمكن من خلاله اصابتها اصابة مباشرة*. وفي لحظات كان جحيم من قذائف الاعماق ينصب فوق الغواصة،* واختفي الهدف من شاشة الرادار*.
وفي الايام التالية تصدرت مانشيتات الصحف العالمية اخبار اختفاء الغواصةاصبح الامر لغزا * حيث كانت في طريقها من انجلترا إلي اسرائيل،* كانت اسرائيل قد اشترتها من فرنسا وارسلتها إلي بريطانيا لاجراء تحسينات عليها وتجديد تسليحها بحيث تصبح اخطر قطع الاسطول الاسرائيلي*. وغادرت الغواصة موانيء بريطانيا يوم *٩ يناير بعد ان امضت فترة تدريب في ساحل سكوتلاندا،* وانتهزت الغواصة فرصة عودتها لتواصل تدريباتها في البحر الابيض،* ربما كان هذا هو السبب الذي جعل عودتها تتأخر الي اسرائيل عن الموعد المحدد لها،* ويبدو انه السبب ايضا وراء تسللها إلي مياهنا الاقليمية يوم *٥٢ يناير وعندما حانت الساعة الثانية عشرة من ظهر هذا اليوم كانت* »داكار*« تختفي إلي الابد وفوقها *69 ضابطا وجنديا اسرائيليا*.
وفي هذه الفترة لم تكن العمليات الحربية قد تصاعدت بيننا وبين العدو الاسرائيلي،* كنا في مرحلة اعداد قواتنا المسلحة وعندما حملت الصحف انباء داكار الغامضة اذكر انني اقنعت نفسي مع كثير من الاصدقاء بأن بحريتنا هي التي اغرقتها*. ربما كنا نحاول رفع روحنا المعنوية في وقت اشتدت فيها ازمتنا النفسية بعد الهزيمة،* رفضنا تماما اي احتمال آخر ينفي اغراقنا لداكار*. ولم اكن ادري ان الشهور سوف تمضي وانه في لحظة معينة من الايام الاولي لشهر ديسمبر *1969 سوف تتاح لي الظروف التي يتبين من خلالها المصير الحقيقي لهذه الغواصة*.
لكن لماذا لم تظهر اي علامات من العلامات المتعارف عليها بعد اغراق* »داكار*«. من المعروف ان الظواهر التي تصحب اغراق* غواصة اذا اصيبت مباشرة فان محتوياتها القابلة للطفو تظهر علي سطح* الماء،* علاوة علي بقع الزيت،* لكن من الممكن ايضا لقائد الغواصة ان يقوم بعملية تضليل فيرمي امتعة الغواصة عن طريق طوربيد،* كذا بعض كميات الزيت،* وقد تصاب الغواصة اصابة تؤدي إلي اغراقها دون ظهور اي اثار،* كشرخ في البدن فيتسرب منه الماء،* وقد تصاب في مكان تتسرب منه المياه المالحة إلي حجرة البطاريات فتتفاعل ويظهر* غاز الكلور الخانق،* ويبدو ان هذا ما جري* »لداكار*«.
وهكذا افتتح مجموعة من طلبة بحريتنا حياتهم القتالية باغراق اخطر* غواصة لدي العدو وهم بعد مازالوا طلبة*.
خبطة كبيرة
تم التصديق علي التحقيق الصحفي* الذي كتبته،* وعلمت فيما بعد انه عرض علي الفريق اول محمد فوزي وزير الدفاع ـ رحمه الله رحمة واسعة* ـ وانه وافق علي نشره،* في ذلك الوقت كان يرأس تحرير الاخبار صحفي كبير استاذ من اساتذة المهنة،* موسي صبري،* ادرك قيمة الموضوع فأفرد له الصفحة الثالثة كاملة،* وكتب بنفسه اشارة في الصفحة الاولي،* وسرعان ما اصبح الخبر الرئيسي في جميع محطات العالم الاذاعية،* وبثته الاذاعة البريطانية في صدر صفحاتها الاولي،* وفي اليوم التالي نشرت الاخبار في الصفحة الاولي ملخصا لتعليقات وسائل الاعلام العالمية كتبه الاستاذ موسي بنفسه،* وعند اجتيازي مدخل الدار اخبرني موظف الاستقبال ان الاستاذ موسي يريدني،* لم يغلق بابه قط،* عندما دخلت قام ليصافحني،* وطلب مني العمل بنفس الهمة،* وقال بنبرة ماتزال في ذاكرتي*.
*»انت عملت خبطة كبيرة*..«
ثم قال انه طلب من العضو المنتدب* »د.قاسم فرحات وقتئذ*« مكافأة لي قدرها عشرة جنيهات،* وكان المبلغ* بمقاييس هذه الايام كبيرا،* يوازي ثلاثة أرباع مرتبي الشهري،* هذا ما جري بالضبط*.
الخميس الماضي رأيت صورة قائد الغواصة لاول مرة،* ذكر الاستاذ هيكل انه كان ضابطا مرموقا،* ماهرا،* له تاريخ،* وان الطاقم كان من اكفأ جنود البحرية الاسرائيلية،* وعرض الوثائق المتعلقة باغراق الغواصة* المزودة بوسائل حديثة والتي كانت في رحلة العودة من القاعدة الانجليزية في بورتسماوث إلي حيفا،* كل هذا كان جديدا بالنسبة لي،* وربما يكون جديدا بالنسبة للاستاذ ان الذي قام باغراق الغواصة فرقاطة صغيرة* »وليست مدمرة*« وان طاقم الفرقاطة كان من طلبة الكلية البحرية وكانوا في رحلة تدريبية،* وربما تقاعد معظمهم الان*.
هنا ملاحظة مهمة وهي* غياب الوثائق المصرية التي تتعلق بالحروب،* التي خاضتها مصر منذ عام ثمانية واربعين،* ان دار الوثائق القومية تخلو من هذه الوثائق،* والاطلاع عليها امر* غير متاح للباحثين المصريين والاجانب،* وثائق حرب ثمانية واربعين لم يتم الاعلان عنها،* أو معركة العدوان الثلاثي عام ستة وخمسين،* وكذلك عام سبعة وستين وثلاثة وسبعين،* غياب الوثائق المصرية يجعل الباحثين يعتمدون علي جهة واحدة فقط،* الجانب الاسرائيلي الذي يتيح وثائقه للباحثين كل فترة زمنية معينة*. مع توالي الزمن سنجد ان الرؤية المصرية* غائبة تماما،* وبالتالي لن تنافس الرؤية الاسرائيلية بالبحث العلمي،* ان الاستاذ هيكل بكل ما عرضه من وثائق تخص اغراق داكار،* كان معتمدا علي الجانب الاخر،* وهو له العذر،* فالوثائق العسكرية المصرية* غير متاحة،* لقد رأيت صورة القائد الاسرائيلي قائد الغواصة ولم نر صورة قائد الفرقاطة المصري الذي اغرقها،* بالنسبة لي حاولت استعادة ملامحه عبر الذاكرة،* فلم ار إلا ما يشبه الاطياف،* انني ادعو إلي تقنين الاعلان عن الوثائق العسكرية المصرية من خلال مؤسسة القوات المسلحة العريقة،* هذا امر ضروري للذاكرة الوطنية،* ولثبوت الرؤية المصرية التاريخية في مسار التاريخ،* خاصة ان القوي التي تعمل علي تزييف التاريخ لا تهدأ ولا تمل*
لنري التزوير الإسرائيلي ، من أجل طمس حقيقة إغراق البحرية المصرية للغواصة داكار
الصورة التالية هي الأساس ومصدرها الموقع الإسرائيلي الخاص
هذا رابط الصورة
بينما يلفت النظر إلي الصورة أدناه ، التي ينشرها الإسرائيليين في أكثر من موضوع ، لتدعيم
قصصهم الخيالية والإدعاء بأن حريق قد تم داخل الغواصة
ويراعي التالي عن المقارنة بين الصور أعلاه والصورة أدناه
1 - وضوح الرقم علي البرج ... رغم الحريق "المزعوم" الذي يجب أن يؤثر علي كافة البرج وليس هذه الجهة فقط
2 - إختفاء البحارة الأربعة الذين يسيرون في إتجاه اليمين أمام البرج
3 - سهو المزور علي إخفاء أحذية البحارة الأربعة أمام البرج ، وهم في طريقهم للجهة اليمن من البرج
4 - تغيير المزور ، لزاوية إلتقاء البرج بجسم الغواصة ..ز في محاولته إخفاء الساق اليسري للبحار الإسرائيي
التي كانت في المنطقة الفضاء أمام البرج
5 - زاوية إنحناء البحار فوق البرج هي نفسها في الصورتين
6 - عددالأشخاص فوق البرج هو نفس الشيء .. ووجود شخص خلف البحار الثاني فوق البرج لم يتغير
7 - محاولة فاشلة ... نسوها في البحار الذي يقف (وهو يخطو) أمام البرج ... ويلاحظ وضع "أمواج" بينه وبين البرج ، لإخفاء قدمي الكرسي الخشبي الأبيض مما تسبب في إخفاء جزء من جسده ... ويدل علي تزوير واضح
8 - تم التلاعب بالصورتين ، من أجل إظهار وضع تريده البحرية الإسرائيلية
مصدر الصورة هو الموقع التالي
وسنري الصور الأخري التالية أيضا وسنشاهد التناقض والكذب والتزوير ... باللصق ... والإيهام الكاذب ... ولنتمعن في الصورة التالية وكيف تم لصقها إلي الصور أعلاه
أكيد نتسائل ....
هل هذه صور مزيفة أيضا ....... ؟؟؟؟؟؟
ينشروها للعالم من أجل التغطية والطمس ؟؟؟؟؟؟؟؟
مقابلات فيديو هامة مع البطل المصري اللواء بحري متقاعد محمد عبد المجيد عزب
"القتلي" الإســرائيليين في جوف الغواصة "داكـــار" التي أغرقتها القوات البحرية المصرية
رصد الملايين مقابل رأس لواء مصري
مطاردة مثيرة الأحداث والتفاصيل، طرفاها الكيان بكل قادته الجبناء وكامل أجهزته العسكرية والمخابراتية.. والثاني مواطن مصري من الإسكندرية في العقد السابع من عمره.
الشرارة الأولى في المطاردة انطلقت منذ ما يزيد على عقد من الزمان وهدف الصهاينة هو رأس المواطن المصري اللواء متقاعد محمد عبد المجيد عزب!!
أما سبب المطاردة هو أن اللواء عزب الوحيد في الدنيا كلها الذي يملك حل لغز غامض يحير الكيان طوال الـ 38 عاما الأخيرة، ولهذا فهو مطلوب في 'تل أبيب' حياً وحياً فقط. أكثر من مرة حاول الكيان أن يصل لرأس اللواء عزب بالإغراءات المادية والجنسية.. رصدت لذلك مليوني دولار، وأرسلت له هدايا ثمينة، ومنحته أعلى درع في الكيان، ولكنها فشلت في أن تصل لرأس البطل المصري. طلبت 'تل أبيب' رسمياً من الحكومة المصرية المساعدة في أن تصل لرأس اللواء عزب..
لكنها فشلت في تحقيق ما تريد ولهذا مازالت تطارد الرجل وتطلب رأسه!!.
أصل الحكاية يعود إلى الأحداث التي أعقبت إغراق البحرية المصرية عام 1967 للمدمرة الصهيونية 'ايلات' وهي أكبر قطع الأسطول البحري الصهيوني ـ وقتها ـ فعقب إغراق 'ايلات' سارع الكيان إلى شراء الغواصتين 'داكار' و'دولفين' من انجلترا لدعم قواتها البحرية. وفي ميناء بورت سميث الانجليزي أقيم احتفال يوم 9 يناير 1968 بمناسبة بدء إبحار الغواصتين من انجلترا إلى الكيان، وكان من المقرر أن تصل الغواصتان إلى حيفا وهي القاعدة الرئيسية للبحرية الصهيونية ـ آنذاك ـ يوم 25 يناير من نفس العام حيث سيقام بهذه المناسبة احتفال كبير يحضره رئيس الوزراء الصهيوني ـ آنذاك ـ ليفي اشكول. ولكن ما حدث هو أن 'داكار' قطعت المسافة بسرعة أكبر مما هو مخطط، ولهذا تلقي قائدها الرائد بحري يعقوب رعنان أوامر بأن يهدئ من سرعة الغواصة حتى لا يصل ميناء حيفا قبل موعد الاحتفال، وبعد بضع ساعات تلقي أوامر جديدة بالاتجاه إلى الشواطئ البحرية، وتحديدا إلى ميناء الإسكندرية لمهاجمة قطع بحرية كان مقررا أن يستقلها الرئيس جمال عبد الناصر صباح يوم 25 يناير لمشاهدة مناورة لوحدات البحرية المصرية، وعلى الفور جنحت الغواصة الصهيونية إلى الشواطئ المصرية واقتربت جداً من ميناء الإسكندرية، وفي يوم 23 يناير 1968 أرسل قائدها رسالة من كلمة واحدة إلى قادته في 'تل أبيب' تقول الرسالة 'تمام' وبعدها انقطع الاتصال بالغواصة واختفت ولم يعثر لها على أثر!!.
وبمجرد اختفاء 'داكار' بكامل طاقمها الذي يضم 69 ضابطا وجنديا صهيونياً أصيب الكيان بالجنون، ورصدت 'تل أبيب' مليون شيكل يوميا للبحث عن الغواصة المختفية، ولذات الهدف استنجد الكيان بالولايات المتحدة وبريطانيا واليونان وطلبت منها مساعدتها في الوصول إلى الغواصة 'داكار'، وبعد 57 طلعة جوية صهيونية و14 طلعة جوية بريطانية و14 طلعة أمريكية و3 طلعات يونانية انتهي الأمر إلى 'لاشيء!! بعد تمشيط 104 آلاف ميل مربع من البحر المتوسط. ورغم ذلك لم تفقد 'تل أبيب' الأمل ولهذا قامت بتمشيط 2.60 ألف ميل مربع أخرى بالبحر المتوسط بواسطة 10 قطع من سلاح البحرية الصهيونية و18 سفينة من الأسطول التجاري وقطعتين من البحرية البريطانية و3 قطع من البحرية الأمريكية و4 قطع بحرية تركية وقطعتين يونانيتين.. ولكن لم يعثر لـ'داكار' على اثر. وفي مساء 25 يناير 1968 أي بعد 48 ساعة كاملة من اختفاء داكار وقف وزير الحرب الصهيوني أمام الكنيست ليقول :
'بكل الحزن والأسف أبلغ الصهاينة بفقدان الغواصة 'داكار' وعلى الفور تم تشكيل 4 لجان مختلفة لتقصي الحقائق في حادثة اختفائها'
وبعد اختفاء 'داكار' كان الكيان أشبه بالغريق الذي يتعلق بأي قشة ولهذا أخذت البحرية الصهيونية تتعقب أية معلومة وتجري وراء أية شائعة عسى أن تصل في النهاية لفك لغز اختفاء الغواصة، ولكن الصهاينة استبعدوا تماماً ـ حسب تأكيدات الخبراء ـ احتمال غرق 'داكار' علي اثر عمل عدائي. حيث أوحت بيانات المخابرات الصهيونية بأنه لم تحدث أي أعمال حربية خلال الفترة التي اختفت فيها 'داكار' في شهر يناير عام 1968 ولهذا استبعدوا تماما ما أعلنه الفريق أول محمد فوزي وزير الحربية المصري في تلك الفترة من أن المصريين أغرقوا 'داكار' وهو نفس ما أكده الفريق محمد صادق ـ قائد المخابرات الحربية المصرية ـ آنذاك ـ والفريق بحري محمود فهمي عبد الرحمن رئيس عمليات القوات البحرية المصرية في ذات الفترة.واستبعد الصهاينة إغراق 'داكار' نتيجة عمل عسكري بينما راحوا يلهثون وراء أية شائعة، تعقبوا ـ مثلاً ـ شائعة تقول إن الغواصة 'داكار' اصطدمت بغواصة روسية مما أدى لغرق 'داكار' بينما تم سحب الغواصة الروسية التي أصيبت بشدة إلى ميناء الإسكندرية، ولكن بعد البحث والتحري اتضح أن حادثة اصطدام الغواصة الروسية بأخرى وقعت عام 1969 وليس عام 1968 الذي شهد اختفاء 'داكار'. وتعقب الكيان أيضاً رواية صياد يوناني أكد انه شاهد الغواصة تغرق بالقرب من شواطئ جزيرة 'كريت' وبعد البحث في المكان الذي حدده اكتشفوا أن الذي غرق في هذا المكان هو سفينة يونانية. ولما ظهرت بقعة زيت في البحر المتوسط قرب قبرص سارع الكيان إليها ولكن بعد تحليل عينة من الزيت اتضح انه ليس من النوع الذي كانت تستخدمه 'داكار'.
ولما ظهرت العوامة الخاصة بداكار أمام شواطئ خان يونس الفلسطينية بعد 8 أشهر من اختفاء الغواصة بدأ سلاح البحرية الصهيونية بإلقاء عدد من العوامات في أماكن مختلفة من البحر وراح يتعقبها في محاولة منه لفك لغز اختفاء 'داكار' ولكن هذه المحاولات كلها انتهت إلى لا شيء وفشلت في فك اللغز.
وبعد فشل كل هذه المحاولات بدأ قادة 'تل أبيب' يأخذون التصريحات المصرية التي تؤكد إغراق القوات المصرية للغواصة 'داكار' قرب ميناء الإسكندرية، ولهذا وبمجرد توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين القاهرة وتل أبيب عام 1978 طلب الكيان البحث عن حطام 'داكار' قرب الشواطئ المصرية وأرسلت أكثر من بعثة ومجموعة بحث وفتشوا ونقبوا ولم يعثروا علي شيء!!.
ومن جديد راح الكيان يفتش في الماضي وتحلل بدقة ما نشرته الصحف المصرية عام 1970 عن تفاصيل إغراق الغواصة الصهيونية داكار بواسطة احدي سفن التدريب التابعة لقوات البحرية المصرية، وساد يقين لدي قادة الكيان أن قائد سفينة التدريب المصري هو الوحيد القادر علي كشف لغز 'داكار' وتحديد المكان الذي غرقت فيه. وكانت السفينة الحربية المصرية 'أسيوط' قد غادرت ميناء الإسكندرية يوم 23 يناير عام 1968 في مهمة تدريبية وعلى متنها عدد من طلبة الكلية البحرية، وبعد انتهاء التدريب، وكان الوقت ظهرا، أرسلت السفينة الإشارة التقليدية لطلب الإذن بالدخول إلى الميناء وأخذت تبحر ببطء صوب الميناء لحين صدور الإذن لها بالدخول، وفي هذه الأثناء كان بعض الطلبة المتواجدون بمركز قيادة السفينة يقومون بالتدريب على أعمال المراقبة البصرية. وأخذ أحدهم وهو العريف طالب عادل معتوق يتطلع إلى سطح البحر الساكن، في ذلك اليوم، ومن خلال النظارات المبكرة التي كان يستخدمها شاهد هدفا صغير جداً يشق سطح البحر، وبعد مراقبته لبضع دقائق لم يستطع التعرف علي هوية ما يراه، وعندها لجأ إلى زميل دراسته وهو وقتئذ الرقيب طالب محمد احمد إبراهيم الذي لم يعرف هو الآخر نوعية الهدف، فلجأ إلى قائد السفينة الذي تمكن بسهولة ـ بحكم خبرته ـ من تحديد هذا الشيء الصغير الذي لم يكن سوى 'بريسكوب' غواصة!!.
وفورا قرر قائد السفينة مهاجمة تلك الغواصة المجهولة التي انتهكت مياهنا الإقليمية بالسير تحت سطح البحر في منطقة يمتنع علي غواصاتنا الغطس فيها، وعلي الفور اصدر قائد السفينة المصرية المقدم بحري محمد عبد المجيد عزب أوامره بإعلان مراكز القتال بالسفينة فانطلق دوي أجراس الإنذار وسارع كل فرد بالسفينة لاتخاذ موقعه والتأهب لتنفيذ ما يصدر إليه من أوامر، وبعد ذلك اصدر قائد السفينة أوامره بالهجوم علي الغواصة بقذائف الأعماق. وما هي إلا لحظات وأخذت ماكينات السفينة تهدر بشدة، ودارت السفينة على أحد جوانبها لتتجه مقدمتها إلى الغواصة ثم تقدمت صوب الغواصة بأقصى سرعة، وتم تجهيز قذائف الأعماق لكي تنطلق صوب الغواصة الذي حدد مكانها بدقة جهاز اكتشاف الغواصات بالسفينة وفي تلك اللحظة صدرت الأوامر للسفينة بالدخول إلى الميناء، وعندها أرسل المقدم 'عزب' إشارة إلى قادته يخطر فيها بوجود غواصة معادية بالقرب من الميناء وانه مستعد للتعامل معها وجاءه الرد بالتأكيد على ضرورة دخوله ميناء الإسكندرية فوراً. ويتذكر اللواء بحري متقاعد محمد عبد المجيد عزب أحداث هذا اليوم ويقول :"كنت واثقا يومها أن الغواصة معادية ولهذا كنت في غاية الغيظ والضيق عندما صدرت لي الأوامر بدخول ميناء الإسكندرية، ولم يخفف من غيظي سوي اعتقاد ثبتت صحته بعد ذلك وهو اصطدام الغواصة بالقاع الذي يبعد عن سطح البحر بـ 18 قامة فقط عند محاولتها الهرب بالغطس السريع، إذ لابد وان الغواصة أدركت بأن السفينة الحربية قد كشفتها وأنها أصبحت هدفا للهجوم عليها بقذائف الأعماق ولم يكن أمامه من مهرب سوي الغطس السريع، فغطست في مكان عمق الماء به حوالي 36 مترا تقريبا بينما اقل عمق يمكن أن تغطس فيه ينبغي إلا يقل عن 40 متراً وبالتالي غاصت في الرمال بقاع البحر". وقد أدرك قادة الكيان أن اللواء متقاعد محمد عبد المجيد عزب هو الوحيد القادر علي تحديد مكان 'داكار' ولهذا طلب 'نتنياهو' عندما تولي رئاسة وزراء الكيان ـ رسمياً ـ من السلطات المصرية أن يلتقي وفد صهيوني باللواء 'عزب'، ولكن طلبه قوبل بالرفض من الجانب المصري. ويقول اللواء عزب: 'أرسل الصهاينة حوالي 6 بعثات منها 4 بعثات التقت بي وحاولوا أن يعرفوا مني المكان الذي غرقت فيه 'داكار' ولكني في كل مرة كنت ارفض تحديد المكان مشترطا أن يكشف الكيان أولاً عن مصير 9 آلاف و800 مصري اختفوا في سيناء عقب نكسة 1967 وان يعلنوا ما انتهت إليه التحقيقات بشأن الجرائم التي ارتكبت في حق الأسرى المصريين في حربي 1956و1967'. ويضيف: راوغ الصهاينة وحاولوا الادعاء عام 2000 بأنهم عثروا علي حطام 'داكار' بالقرب من شواطئ جزيرة قبرص، ولكني التزمت الصمت لأنني واثق أن داكار ترقد في أعماق البحر المتوسط بالقرب من شواطئ الإسكندرية. وبعد ذلك حاولوا إغرائي بالمال ورصدوا مبلغ 2 مليون دولار لهذا الهدف وأرسلوا لي هدايا عديدة .. أرسلوا تمثالا لاثنين من الدولفين المصنوعين من الفضة الخالصة، ثم أرسلوا ميدالية ذهبية ومنحوني درع قبطان القباطين وهو أعلي وسام بحري في الكيام وذلك في محاولة منهم أن يصلوا لما في رأسي ويعرفوا مكان غرق 'داكار'. وختم بالقول: 'لكني مازلت مصراً على موقفي ولن أحدد لهم مكان الغواصة إلا بعد أن يعلنوا أولاً عن مصير المفقودين المصريين في حربي 1956 و1967 ويعلنوا ما انتهت إليه التحقيقات بشأن جرائم الحرب التي ارتكبها بعض قادة الكيان في حق الأسري المصريين، وأيضا يفرجوا عن كل النساء الفلسطينيات المحتجزات في سجون الكيان وإذا فعلوا ذلك سأحدد لهم مكان 'داكار'..
وأنهي كابوسا يخيم على الكيان كلها منذ غرق هذه الغواصة يوم 23 يناير 1968 وحتى الآن'.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.