الحكم أبطل انتخابات دائرة زكريا عزمي عام 2000 .. وأكد أن الهيئتين لا ينطبق عليهما شرط الإشراف القضائي
التقرير اعتبر أن المقصود بالإشراف القضائي على الانتخابات هم القضاة المنوط بهم الفصل في المنازعات
رئيس محكمة النقض رفض الحكم وأعاده للدائرة فأعادت إصداره من جديد ونددت بتدخل رئيس المحكمة في أعمال القضاء
المستشار يحي الرفاعي وقتها: الحكم لم ينشئ حقا بل كشف حقا قائما وإذا لم تطبقه الدولة تفقد مشروعيتها
البداية تعيد نشر نصي التقرير الأول ببطلان الانتخابات والتقرير الصادر من نفس الدائرة تعليقا على رد رئيس النقض للحكم
التقرير : الهيئتان لا ينطبق عليهما وصف القضاء لأنهما تابعتان للسلطة التنفيذية وتفتقدان شروط الاستقلال
بعد إشراف هيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية على الاستفتاء على دستور مصر بعد الثورة ، تنشر البداية نص تقرير محكمة النقض الذي أصدره المستشار حسام الغرياني رئيس محكمة النقض السابق في جلسة 12 مايو 2003 وأبطل فيه الانتخابات في دائرة زكريا عزمي بالزيتون بالقاهرة بسبب إشراف أعضاء هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية على سير العملية الانتخابية فيها.. وأشارت المحكمة في تقريرها حول الطعنين الانتخابيين رقمي 949،959 لسنة 2000 إلى أن المقصود بالإشراف القضائي على الانتخابات هم القضاة المنوط بهم الفصل في المنازعات واعتبر الحكم أن أعضاء هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية ليسوا من هؤلاء ولا ينطبق عليهم النص الدستوري.
يذكر ان هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم ضمت كل من المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي نائب الرئيس الحالي وناجي دربالة .
كما أوصت المحكمة ببطلان كل الانتخابات التي شارك في الإشراف عليها موظفو هيئة قضايا الدولة و النيابة الإدارية باعتبارهم تابعين للسلطة التنفيذية . واستنكرت المحكمة " عدم الالتزام بالدستور والقانون الذي جعل هذه المهمة مقصورة علي القضاة فقط ".. وقالت المحكمة أن " تفسير نص القانون ليس متروكا لمحض الآراء الشخصية بل له قواعده الواجب أن يجري على مقتضاها "
واعتبر الحكم إن إشراك هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية يعد إقحاما لـ غير القضاة من موظفي السلطة التنفيذية ليكون لهم الأغلبية فقالت المحكمة:"لا يغير من طبيعة هيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية -كهيئتين إداريتين تابعتين للسلطة التنفيذية- أن يكون المشرع قد أقحمهما على السلطة القضائية بجعلهما ممثلين في مجلس أعلى للهيئات القضائية لأن هذا الإقحام هو نفسه يمثل إشراكا لغير القضاة في شئونهم ، ويجعل لغير القضاة كلمة ورأيا فيما يتصل بعمل القضاة ، بل يجعل للسلطة التنفيذية ممثلة في وزير العدل والهيئتين المذكورتين الغلبة فيه ، وهو عدوان على استقلال القضاء لا يجوز أن يحتج به ، أو باستمراره ، لإضفاء صفة القضاء على من هو من السلطة التنفيذية مهما بالغ المشرع في منحه من حصانات لا موجب لها ، ومهما انتقص من حصانات القضاء بغير حق "
وتعليقا على الحكم قال المستشار يحيي الرفاعي شيخ قضاة مصر في تصريحات لجريدة الشعب وقتها :" إن كلمة محكمة النقض هي نهاية المطاف ، وحكمها هو الكلمة النهائية و تعلو حتي علي القانون . و فكرة مبدأ الفصل بين السلطات و استقلال القضاء و حسم المنازعات ..كل ذلك يقتضي في كل دول العالم المتحضر أن تكون كلمة محكمة النقض هي خاتمة المطاف ".
وأوضح الرفاعي إن النيابة الإدارية و هيئة قضايا الدولة هما من الجهات التابعة للسلطة التنفيذية و لا يمكن اعتبارهما سلطة قضائية لأن السلطة القضائية تفترض فيمن يتولاها أن يكون متمتعا بكافة ضمانات الحيدة و الاستقلال و التجرد و عدم التبعية لأي شخص اداري أو معنوي . و كل ذلك حقيقة واقعية و دستورية تعلو حتي علي الدساتير و القوانين و السلطات ".
و أكد الرفاعي أن " هذا الحكم لا ينشيء حقا بل هو يكشف عن حق قائم و أصيل ليس للدستور و لا للقانون أن ينال منه أصلا فما بال و الدستور يستوجب في رؤساء لجان الانتخابات أن يكونوا من رجال الهيئات القضائية التي تتولي القضاء ".
و قال : " و من ثم فان هذا الحكم يستتبع بطلان جميع الانتخابات التي أشرف عليها أعضاء يتبعون هيئة قضايا الدولة و النيابة الإدارية و بالتالي فان جميع الانتخابات السابقة باطلة و بطلان ما ترتب عليها من قوانين ".
و ردا على سؤال حول رفض الدولة الالتزام بهذا الحكم و غيره من أحكام محكمة النقض قال المستشار يحي الرفاعي ان الدولة في هذه الحالة تفقد مشروعية وجودها و تعد دولة خارجة علي القانون , و اذا لم تحترم الأحكام فلا دولة و لا ديمقراطية و لا سيادة و عليها أن تعلن أنها مستعمرة لا تؤمن بالقرآن و لا تحكم بدستور ولا قانون .
وعلق الدكتور محمد سليم العوا على الحكم وقتها مشيرا إلى أن رجال هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية يتوافر لهم الاستقرار ولا يتوافر لهم الحصانة لأنهم تابعين لوزير العدل.
المثير إن رئيس محكمة النقض في هذا الوقت رفض الحكم وقام برده إلى الدائرة لإعادة النظر فيه فما كان من الدائرة إلا أن اجتمعت وأعادت إقرار الحكم وأدانت تدخل رئيس المحكمة في أعمالها باعتباره تدخلا في أعمال القضاء .
وإلى نص تقرير النقض في القضية الأولى والصادر ببطلان انتخابات دائرة زكريا عزمي:
أسباب القرار في الطعنين الانتخابيين رقمي 949،959 لسنة 2000 الصادر بجلسة 12/5/2003.
من حيث إن كلا من الطعنين استوفى الشكل المقرر في الدستور والقانون . ومن حيث إنه من بين ما يثيره الطاعنان نعيا على انتخابات مجلس الشعب التي أجريت بتاريخ 8/11/2000 بالدائرة التاسعة لمحافظة القاهرة ومقرها قسم شرطة الزيتون ببطلان نتيجتها المعلنة بتاريخ 15/11/2000 ، أن مرحلتي الاقتراع والفرز انطويتا على مخالفة لنص
الفقرة الثانية من المادة 24 من قانون مباشرة الحقوق السياسية الصادر بالقانون رقم 73 لسنة 1956المستبدلة بالقانون رقم 167 لسنة 2000 فيما نصت عليه من وجوب إسناد رئاسة اللجان العامة والفرعية لأعضاء الهيئات القضائية وقالا شرحا لنعيهما بأن أعضاء الهيئات القضائية الذين عناهم الدستور في المادة 88 منه – على ما يبين من الحكم الصادر من المحكمة الدستورية بتاريخ 8/7/2000 في القضية رقم 11 لسنة 13 ق. دستورية والمنشور بالعدد رقم 29 مكرر من الجريدة الرسمية بتاريخ 22/7/2000 – هم القضاة الذين يفصلون في الخصومات ممن جبلوا على الحيدة وهو ما لا يصدق على من تولوا رئاسة بعض اللجان في الدائرة الانتخابية سالفة الذكر من أعضاء هيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية لكونهم من غير القضاة إذ تغلب عليهم في عملهم تبعيتهم للسلطة التنفيذية .
وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك بأن نص الفقرة الثانية من المادة 24 من قانون مباشرة الحقوق السياسية سالف الذكر والمستبدلة بالقانون رقم 167 لسنة 2000 جرى بأنه : " ويعين كل من رؤساء اللجان العامة واللجان الفرعية من أعضاء الهيئات القضائية ، ……." ويقصد بأعضاء الهيئات القضائية القضاة المنوط بهم الفصل في المنازعات تظلهم ضمانات الحيدة والاستقلال ، ذلك بأن تفسير نص القانون ليس متروكا لمحض الآراء الشخصية بل له قواعده الواجب أن يجري على مقتضاها ، سواء كان النص غامضا ومبهما أو واضحا ، ويكون ذلك بالنظر إلى علاقته بغيره من النصوص التشريعية من ذات المرتبة أو من المرتبة الأعلى لأنه رغم اختلاف النصوص وفروع القانون فإنها متكاملة منسقة فيما بينها على نحو يتعين ألا يكون متناقضا أو متضاربا ، في إطار المبادئ العامة للقانون الوضعي ، والضمير الاجتماعي المعبر عنه في القانون ، وما يمليه القانون الطبيعي من تحقيق أكبر قدر ممكن من الإشباع لمصالح الناس . لما كان ذلك ، وكان نص الفقرة الثانية من المادة 24 من قانون مباشرة الحقوق السياسية والمستبدلة بالقانون رقم 167 لسنة 2000 سالفة الذكر قد صدر إعمالا لحكم المادة 88 من الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية التي نصت على أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية ، وتحديد المقصود بالهيئات القضائية في المادة 88 من الدستور آنفة الذكر يجب أن يكون مرجعه إلى الدستور ذاته الذي يرسي – وحده – القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم فيحدد السلطات الثلاث وصلاحيات كل منها ويضع الحدود التي تحول دون تدخل كل منها في أعمال الأخرى ولا يجوز أن تفسر نصوصه بما يعزلها عن بعضها البعض أو يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ، وإذ حدد الدستور في الفصلين الرابع والخامس من الباب الخامس مقصده بالهيئات القضائية فنص في المادتين 165، 166 منه على أنهم القضاة المستقلون الذين يتولون المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ويصدرون أحكامها وفق القانون ثم نص في المادة 172 منه على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة كما نص في المادة 174 منه على أن المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها ، دون أن يفوض الدستور – وما كان له أن يفوض - أي سلطة من سلطات الدولة الحق في إنشاء هيئات قضائية أخرى لا ينطبق عليها تعريف الدستور للسلطة القضائية من استقلال وحيدة وفصل في المنازعات ، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 167 من الدستور من أنه " يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم " فإن هذا النص لا يفوض المشرع في إنشاء هيئات قضائية ومن باب أولى لا يفوضه في إطلاق وصف الهيئة القضائية على أية جهة إدارية من جهات السلطة التنفيذية ، ولا يتصور أن يطلق وصف " قضائية" – سواء لغة أو اصطلاحا - إلا على جهة تختص بالفصل في المنازعات وتتوافر لأعضائها ضمانات الحيدة والاستقلال اللازمين لمباشرة هذا الاختصاص ، ولا يكفي أن تكون الجهة من الجهات المعاونة للقضاء أو مشاركة بنصيب في العدالة لإطلاق هذا الوصف عليها وإلا لوجب أن توصف الشرطة والمحضرين ونقابات المحامين والخبراء وغيرهم ممن يسهمون بنصيب في إقامة العدالة بأنها هيئات " قضائية " ، والقول بأن الدستور فوض المشرع في إنشاء هيئات قضائية بخلاف المنصوص عليها في الدستور وأن يخلع على بعض جهات الإدارة وصف الهيئة القضائية المستقلة هو تأويل لا يحتمله النص ذاته ، فضلا عن مجافاته للمنطق لأن هاتين الهيئتين المعنيتين كانتا قائمتين بالفعل من قبل صدور الدستور الدائم بوصفهما إدارتين تابعتين للسلطة التنفيذية ولو شاء المشرع الدستوري أن يخلع عليهما وصف " الهيئة القضائية المستقلة " لأورد ذكرهما في صلبه في الفصل الرابع المعنون بالسلطة القضائية أو أفرد لهما فصلا كما فعل بالنسبة للمحكمة الدستورية العليا في الفصل الخامس من الباب الخامس ، هذا إلى أن الدستور حين نص في المادة 88 منه على إسناد الإشراف على الاقتراع إلى هيئة قضائية لم يكن ليسنده – على أهميته – إلى جهات لم تحدد بعد ، ذلك أن خلع وصف " القضائية المستقلة " على كل من هيئة النيابة الإدارية بالقانون رقم 12 لسنة 1989 وهيئة قضايا الدولة بالقانون رقم 10 لسنة 1986 كان لاحقا على صدور الدستور ، ولا يتصور أن يسمح الدستور للمشرع بإقحام بعض جهات الإدارة على السلطة القضائية لتشاركها بعض اختصاصاتها التي أوكلها إليها الدستور ، بل إن المشرع الدستوري ذاته ليس مطلق الحرية في خلع وصف "الهيئة القضائية المستقلة " على ما يشاء من جهات الإدارة ، ذلك أن ما يعد من القضاء سواء كان هيئة أو سلطة لا ينشأ بنص في القانون أو الدستور ، بل العبرة في ذلك بطبيعة ومقتضيات وظيفته وهي الفصل في المنازعات ، وما يتوفر له من ضمانات تكفل له الاستقلال والحيدة اللازمين لولايته ، والقضاء بهذا المعنى سابق في وجوده على القانون والدستور بل والدولة ذاتها ، فلم ينشئه ، ولا يصح أن ينشئه أي نص ، ودور النص في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون تنظيما لما هو قائم بالفعل منذ انخراط الإنسان في جماعات ، ومن ثم فإن التفرقة بين " الهيئة " و " السلطة " في هذا الخصوص ، تنحل إلى لغو ومحض سفسطة لغوية . كما لا يغير من طبيعة هيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية -كهيئتين إداريتين تابعتين للسلطة التنفيذية- أن يكون المشرع قد أقحمهما على السلطة القضائية بجعلهما ممثلين في مجلس أعلى للهيئات القضائية لأن هذا الإقحام هو نفسه يمثل اشراكا لغير القضاة في شئونهم ، ويجعل لغير القضاة كلمة ورأيا فيما يتصل بعمل القضاة ، بل يجعل للسلطة التنفيذية ممثلة في وزير العدل والهيئتين المذكورتين الغلبة فيه ، وهو عدوان على استقلال القضاء لا يجوز أن يحتج به ، أو باستمراره ، لإضفاء صفة القضاء على من هو من السلطة التنفيذية مهما بالغ المشرع في منحه من حصانات لا موجب لها ، ومهما انتقص من حصانات القضاء بغير حق ، ومن ثم فإن هيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية لا تكونان من الهيئات القضائية التي عناها المشرع الدستوري في المادة 88 من الدستور ، لكونهما فرعين من فروع جهات الإدارة التابعة للسلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل التي يتبعانها ، ولأن أعضاء الهيئة الأولى هم محامو الدولة الذين يدافعون عن وجهة نظرها ومصالحها أمام المحاكم وفقا للمادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 المعدل بالقانونين رقمي 65 لسنة 1976 ، 10 لسنة 1986 ويقفون أمام القضاء على قدم سواء مع خصومها ومحاميهم فيما يردد بينهم من دعاوى ومنازعات فلا يمكن أن يكونوا محايدين ولا مستقلين آية ذلك ما نصت عليه المادة السابعة من القانون سالف الذكر من أن رأيهم ( أي محامو الدولة ) غير ملزم للجهات التي يمثلونها أمام القضاء في شأن الصلح والطعن على الأحكام ، كما أن أعضاء الهيئة الثانية ( هيئة النيابة الإدارية ) هم الذين يتولون التحقيق الإداري لحساب السلطة التنفيذية مع سائر تابعيها وتحت إشرافها ورقابتها ممثلة في وزير العدل ، إذ نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1958 والمعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 على أنه : "وأعضاء النيابة الإدارية يتبعون رؤساءهم بترتيب درجاتهم وهم جميعا يتبعون وزير العدل ، وللوزير حق الرقابة والإشراف على النيابة وأعضائها " كما أنه يبين من سائر مواد القانون أن عملهم يقف عند حد التحقيق واقتراح التصرف الذي يملك القول الفصل فيه جهات أخرى ، ومن ثم يَحْرُمُ أن يطلق على هاتين الهيئتين وصف الهيئة القضائية المستقلة التي عناها وحددها الدستور وحصرها في القضاء العادي ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا لأنها وحدها التي ناط بها الفصل في المنازعات وكفل لها ضمانات الحيدة والاستقلال ، الأمر الذي يكون معه القرار الوزاري الصادر بإسناد رئاسة لجان الاقتراع والانتخاب لأعضاء هاتين الهيئتين ( محامي الحكومة ومحققـيها ) مخالفا لنص الفقرة الثانية من المادة 24 من قانون مباشرة الحقوق السياسية سالف الذكر والمستبدلة بالقانون رقم 167 لسنة 2000 ولنص المادة 88 من الدستور ، ومهدرا لمبدأ الفصل بين السلطات ، فيقع عملهم هذا باطلا . لما كان ذلك ، وكان المرشح زكريا حسين عزمي قد حصل على 6919 صوتا ، والمرشح أحمد صالح الدويك على 3866 صوتا ، بينما حصل الطاعن الأول المرشح محمد عزت النادي على 2006 صوتا ، والطاعن الثاني حسن محمود على أحمد على 233 صوتا ، وكان البين من مطالعة الأوراق بما فيهاكشوف أسماء رؤساء اللجان العامة والفرعية الذين أشرفوا على انتخابات مجلس الشعب بالدائرة التاسعة قسم شرطة الزيتون بمحافظة القاهرة أن هذه الدائرة تتكون من 49 لجنة فرعية من بينها ست لجان أسندت رئاستها إلى غير القضاة من أعضاء هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية هي اللجان الفرعية أرقام 4 ، 5 ، 11 ، 12، 43 ، 48 بلغ مجموع عدد الناخبين المقيدين بها ثمانية آلاف وأربعمائة وثلاثة وثمانين ناخبا وهو عدد لا شك مؤثر في نتيجة الانتخابات عن مقـعديها معا لإمكان نجاح عاملين من المرشحين ، ولا يرد على ذلك بأن العبرة بعدد الحاضرين فعلا في هذه اللجان – وعددهم 794 ناخبا - إذ لا يعرف عدد من أحجموا عن الإدلاء بأصواتهم بسبب إسناد رئاسة هذه اللجان لغير القضاة . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين التقرير ببطلان الانتخابات محل الطعن دون حاجة لبحث باقي ما يثيره الطاعنان من أسباب .
نص الحكم الثاني :
باسم الشعب
محكمـــة النقــــــض
الدائــرة الجنائيـة
" ج "
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغريانى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /عبد الرحمن هيكل وناجى دربالة
وهشام البسطويسى ومحمود مكى . نواب رئيس المحكمة
وأمين السر السيد / أشرف سليمان .
منعقدة في غرفة مشورة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة .
في يوم الاثنين 18 من ذى الحجة سنة 1424 هـ الموافق 9 من فبراير سنة 2004 م .
أصدرت القرار الآتــى :
في الطلب المقدم من السيد المستشار رئيس محكمة النقض في الطعنين الانتخابيين رقمي 949،959 لسنة 2000.
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمداولة..من حيث إنه بتاريخ 26/1/2004 عرض على هذه المحكمة ملف القرار الصادر منها بتاريخ 12/5/2003 في الطعنين الانتخابيين رقمى 959،949 لسنة 2000، بطلب صادر بتاريخ 5/8/2003 عن المستشار رئيس محكمة النقض ـ محرر على النسخة الأصلية للقرار ـ بتعييب إجراءات التحقيق التى تمت فيهما بالقصور ، وبتعييب القرار الصادر فيهما (لصالح الطاعنين ) بالإخلال بحق الطاعنين في الدفاع لعدم إبداء الرأى في كل ما نعيا به على العملية الانتخابية ، وخلص إلى إعادة عرض الطعنين ـ بعد أن وصف القرار الصادر فيهما بأنه مذكرة بالرأى ـ على المستشار المحقق لاستكمال التحقيق على نحو ما تقدم ووفقاً للتفصيل الوارد بطلبه ، وإذ كانت الدائرة مجتمعة هى المنوط بها ندب المستشار المقرر أو المستشار المحقق وهى وحدها التى تملك التداخل في عمله حتى يتم الفصل في الطعن فتزول بذلك صفته وصفتها فإنه يلزم بيان الملاحظات التالية :.
أولاً : خلا الدستور المصرى وكذلك قانون السلطة القضائية ، كما خلا أى قانون آخر، من صفة لرئيس محكمة النقض في التداخل في تحقيق الطعون الانتخابية أو الرقابة على أعمال الدائرة المنوط بها إبداء الرأى فيها أو الحق في التعقيب على ما تراه في شأنها، أو في شأن أى عمل من الأعمال التى يباشرها أى قاض بصفته القضائية ، بل تواترت النصوص الدستورية والقانونية والمواثيق الدولية السارية في مصر بل وفي سائر بلاد العالم الحر الذى ننتمى إليه على حظر هذا التداخل وتأثيم هذا الطلب ، فقد نص في الإعلان العالمى لاستقلال القضاء على إن : " 3ـ القضاة مستقلون ، في عملية اتخاذ القرار ، إزاء زملائهم ورؤسائهم في السلطة القضائية . ولا يجوز أن يكون لأى نظام هرمى في السلطة القضائية ، ولا لأى فارق في الدرجة أو الأقدمية دخل في حق القاضى في إصدار حكمه بحرية . ويمارس القضاة من جانبهم فرديا وجماعيا مهامهم مع مسئوليتهم الكاملة عن سيادة القانون في نظامهم القانونى ." ونص الدستور المصرى في المادة 166 على أن :" القضاة مستقلون ، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة "ونص في المادة 64 منه على إن:" سيادة القانون أساس الحكم في الدولة " وفي المادة 65 على إنه : " تخضع الدولة للقانون ، واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات " ونص في المادة 72 على إنه :" تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة ". ونصت المادة 120 من قانون العقوبات على إنه :" كل من توسط لدى قاض أو محكمة لصالح أحد الخصوم أو إضرارا به سواء بطريق الأمر أو الطلب أو الرجــــاء.والتوصية يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصرى "، كما جرى نص الفقرة الأولى من المادة 123 منه على إنه :" يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومى استعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين أو اللوائح أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو أى جهة مختصة ". وهذه النصوص جميعها تدور حول أهم خصائص العمل القضائى ، وهو استقلال القاضى عن غيره من سلطات الدولة ، وعن زميله القاضى الذى يشاركه عضوية المحكمة ذاتها ، فلا سلطان عليه إلا للقانون حسبما فهمه هو ، وكما يراه هو حين يخلو إلى نفسه ليقضى بالحق ، لا كما يراه غيره ، ويمتنع على أى شخص ولو كان زميلاً له في ذات المحكمة ، وسواء كان أقدم أو أحدث منه ، أن يتدخل فيما يراه محققاً لحكم القانون إلا بطريق الطعن الذى حدده القانون واستناداً لنص يخوله الحق في نظر الطعن والفصل فيه . وجدير بالملاحظة ـ في سياق الحديث عن صفة رئيس المحكمة ـ أن الطاعنين وقد صدر القرار لمصلحتهما وبإجابتهما لطلباتهما ، لا مصلحة لهما في تحقيق باقى أوجه الطعنين بل إن تحقيقها يتعارض مع مصلحتهما لما يترتب عليه من تعطيل الفصل في الطعنين ، دون مبرر ، إلا أن يكون الغرض هو إطالة أمد التحقيق حتى تنقضى مدة مجلس الشعب ، وهى بالقطع مصلحة غير مشروعة ولا تتصل بالطاعنين ولا بالدولة ولا باللذين يشغلان المقعدين في المجلس بناء على نتيجة الانتخابات الباطلة ( وهم ـ على كل حال ـ غير ممثلين في الطعن ولا من خصومه ) لأن مصلحة الجميع تتحقق بأن يكون انتخاب أعضاء مجلس الشعب مبرأ من العيوب . كما إنه من الهام ـ في هذا السياق أيضاً ـ الإشارة إلى أن وصف رئيس المحكمة للقرار الصادر بأنه مذكرة بالرأى ، ومع عدم التسليم بهذا الوصف المخالف للواقع والقانون ، فإنه لا صفة له فيما يطلبه ، ذلك أن التحقيق الذى يجريه المستشار المقرر يعرض على الدائرة التى تبدى رأيها فيه ، وسواء كان حكماً أو قراراً أو مذكرة بالرأى ، فلا صفة لرئيس المحكمة في التعقيب عليها أو إملاء طريق معين للتحقيق أو توجيه الدائرة أو أحد أعضائها في شأنها . ومن المسلمات ، أن التحقيق الذى تجريه المحكمة في طعن ما يختلف عن ذلك الذى يجري في النيابة العامة ، والمذكرة بالرأى التى تعدها ، محكمة ما ، لا ينطبق عليها ما يجرى عليه العمل في النيابة العامة لأن النيابة تقوم على التدرج الوظيفي وجميع أعضائها يعملون بالوكالة عن النائب العام صاحب الدعوى العمومية ، وفيما يرى عضو النيابة ـ من تلقاء نفسه أو بناء على نص ـ أن يستطلع رأى الدرجة الأعلى فيه ، ولا كذلك المحاكم على مختلف درجاتها . ومن ناحية أخرى فإن التكييف القانونى لما يصدر عن محكمة النقض في شأن الطعون الانتخابية ، وما إذا كان رأياً أو حكماً أو قراراً ، هو من المسائل المختلف في شأنها بين دوائر المحكمة وكذلك بين فقهاء القانون ، ولا يحق لأحد أن يزعم لنفسه حق حسم هذا الخلف بإرادته المنفردة ، أو أن يزعم لنفسه العصمة من خطأ الرأى ، ومن رحمة الله علينا أن مواطن الخلف عديدة وأنه أرشدنا لطريقة التعامل معها ، وبالقطع ليس من بينها تسفيه الرأى المخالف ولا فرض صاحب الرأى لرأيه بما له من سلطان ، ورغم تعدد مواطن الخلف في اجتهادات محكمة النقض ووجود آليات نص عليها القانون لحسمها ، فان المستشار رئيس المحكمة اختار هذا الطعن الانتخابى ليتخذ فيه إجراء لم يخوله له القانون . والحق أن العبرة في وصف أى عمل يصدر عن محكمة هو بحقيقة الواقع وليس بما يطلق عليه من أوصاف ، فكل رأى تبديه محكمة فصلاً في النزاع هو حكم ، ولذلك فلا يعد حكماً ، ما تصدره المحكمة من حكم بإلحاق عقد الصلح المبرم بين الخصوم بمحضر جلستها وإن وصفته في منطوقها بأنه حكم ، وكذلك الشأن في حكم مرسى المزاد ، في حين يعد حكماً فاصلاً في النزاع كل قضاء حسم أمرا كان محل منازعة ، وسواء وصفته بأنه حكم،أو قرار ، أو أمر ، أو أغفلت وصفه أو إيراده كلية في منطوقها ، فإذا أبدت محكمة النقض ـ وهى أعلى محكمة في محاكم السلطة القضائية ـ رأيا فاصلاً في منازعة الطعن الانتخابى بعد تحقيق تجريه بنفسها أو بواسطة أحد قضاتها تندبه لذلك ، فإنه يكون ـ لا شك ـ حكماً ، وإن صدر في صورة قرار أو رأى أو تحت أى وصف آخر . في ضوء كل ما تقدم ، يكون طلب رئيس المحكمة لا معين له من نص المادة 93 من قانون السلطة القضائية التى تنصرف إلى حق وزير العدل ورئيس كل محكمة وجمعيتها العامة في الإشراف على القضاة التابعين لها ـ لأنه من المسلمات ـ أيضاً ـ أن الإشراف المقصود فيها هو الإشراف الإدارى وتنظيم الجلسات وأماكن انعقادها ومواعيدها وتوفير الظروف الملائمة لانعقادها ، ولا يشمل الإشراف على العمل الفنى أو القضائى وإلا أصبح استقلال القضاء مفرغاً من معناه . ومن ثم فإن تداخله في القرار الصادر من محكمة النقض يكون لا سند له من القانون فضلاً عن افتقاره لشرطى الصفة والمصلحة . ,
ثانياً : لا صفة للمعروض عليه ـ وهو المستشار المقرر أو المستشار المحقق ـ ولا للدائرة التى صدر عنها القرار ولا لغيرها من دوائر المحكمة فيما يطلبه المستشار رئيس المحكمة ، ذلك أن صفة المستشار المقرر أو المستشار المحقق تنشأ بقرار من الدائرة التى يشرف بعضويتها ولها وحدها المداولة معه في شأن ما يباشره من إجراءات وما ينتهى إليه من رأى ، ولها أن تعيد توزيع العمل على غيره من أعضاء الدائرة ، وكل ذلك لا شأن لرئيس المحكمة به وليس له أى صفة فيه ، وتنتهى صفة المستشار المقرر أو المحقق بإصدار الدائرة لقرارها في الطعن الانتخابى الذى تستنفد به محكمة النقض بكل دوائرها ولاية الفصل فيه ، ولا يملك أحد سلطة مراجعتها في شأنه ولا حق نقضه بعد أن أبرمته محكمة النقض . وهو ما يجب على قضاة محكمة النقض التمسك به صوناً لكرامة ومكانة محكمتنا العليا ، ليس تعالياً على النقد والحوار ، ولكن صوناً لصالح مصرنا في قضاء مستقل موفور الكرامة والمكانة العالية التى تفاخر بها بين دول العالم ، ومن ثم فلا مناص من عدم قبول طلب رئيس المحكمة تمسكاً بحكم القانون وقيم وتقاليد السلف الصالح من قضاة هذه المحكمة .
ثالثاً : لا محل لتنفيذ المطلوب ، بعد أن أجرت محكمة النقض التحقيق ، بقدر ما ارتأته لازماً للفصل في الطعنين الانتخابيين ، ومن المعلوم أن إجراءات التحقيق ليست فقط سماع أقوال الخصوم والشهود بل هى أيضاً الاطلاع على الأدلة الكتابية وما يقدمه الخصوم أو تضمه المحكمة من أوراق ومحررات التى هى أقوى أدلة الإثبات والتى لا يصح مناقضة ما ثبت بها بغير الكتابة إلا أن تكون جريمة أو واقعة مادية فيصح إثباتها بكافة طرق الإثبات ، وإذ اتضح وجه الحق في الطعنين بما توافر للمحكمة من أوراق ولم يحضر أحد من الطاعنين أو يطلب سماع شاهد رغم إخطارهما ، وكان سبب البطلان مرجعه إلى سبب قانونى وليس واقعة مادية وانتهت المحكمة بعد ما أجرته من تحقيقات ، قدرت كفايتها ، إلى إصدار قرارها في الطعنين الانتخابيين ، فاستنفدت محكمة النقض ـ بكل دوائرها ـ ولاية الفصل فيه ، وفي كل طعن آخر عن ذات العملية الانتخابية ، سواء أثير فيها النعى الذى ابطل الانتخابات أو لم يثر ، لعينية هذا القرار الذى هو ـ بحسب تكييفه القانونى الصحيح ـ من قرارات الإلغاء التى يصدرها القضاء الإدارى وإن آلت بنص الدستور إلى اختصاص محكمة النقض ، ذلك أن غاية أى طعن انتخابى هو التثبت من صحة نتيجة الانتخاب من بطلانها ، بل إن جميع المرشحين في تلك الانتخابات تعلق لهم حق بالقرار الصادر ولو لم يطعنوا في نتيجة الانتخابات التى أبطلها القرار ، ولكل منهم الحق في طلب التعويض عما لحقه من ضرر نتيجة هذه الانتخابات الباطلة . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين التقرير بعدم قبول الطلب . وإذ تنبه المحكمة ـ كذلك ـ إلى أن النسخة الأصلية للقرار الصادر من محكمة النقض في الطعنين موضوع هذا الطلب ، أصابها التلف بتأشير رئيس المحكمة عليها بطلبه هذا ، مما لا يصح معه إرسالها على حالتها هذه إلى مجلس الشعب وفقاً لما فرضه الدستور ، فإنه يتعين إصدار نسخة أخرى منه وإرسالها فوراً إلى مجلس الشعب إعمالاً لحكم الدستور .
فلهذه الأسباب
قررت المحكمة : أولاً : عدم قبول طلب السيد المستشار رئيس محكمة النقض .
ثانياً : إصدار نسخة أخرى من القرار الصادر من المحكمة بتاريخ 12/5/2003 في الطعنين الانتخابيين المشار إليهما في هذا القرار وإرسالها إلى مجلس الشعب
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.