الأيام دول.. تتبدل الوجوه، وتختلف الأبدان، وتظل الجدران شاهدًا تؤكد المعنى الذي ساقه الشاعر منذ زمن بعيد "هي الأيامُ كما شاهدتها دُولٌ.. من سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ"، فاليوم تستقبل جدران سجن العقرب قيادات "الإخوان"، حاملة رسائل من عصر مضى، تركها لهم معتقليهم، لتكون شاهدًا على حكم الجماعة، الذي لم يخلو من تنكيل وقمع لمعارضيه.
يعبُر اليوم قيادات الجماعة، أبواب سجن العقرب الحديدية، ويدلفون إلى عنبر السياسيين، المكون من عشرين زنزانة، تستقبلهم الجدران بكلمات "زيزو عبدو"، عضو حركة 6 أبريل التي خطها، خلال فترة اعتقاله: "تم اعتقالنا ظلمًا وقمعًا وعدوانًا.. وعلى الباغي تدور الدوائر".
زيزو عبده وزملاؤه من قيادت حركة 6 أبريل، استمر حبسهم، 28 يومًا بسحن العقرب، عقب القبض عليه في الواقعة المعروفة إعلاميا بـ"الملابس الداخلية" أمام منزل وزير الداخلية الحالي. الآن يدخل إلى السجن من ساق زيزو ورفقاءه إليه، عقب قرار وزارة الداخلية بنقل قيادات الجماعة التي سقط حكمها في 30 يونيو خيرت الشاطر، ورشاد بيومي، وسعد الكتاتني، ومهدي عاكف، وحلمي الجزار، وحازم صلاح أبوإسماعيل إلى السجن ذاته.
ليست كلمات زيزو عبده وحدها التي تنتظر قيادات الجماعة، ففي طرقة عنبر السياسيين، وفي طريق كل منهم لزنزانته، يلتقي رسم جرافيتي للرئيس المعزول مرسي، يقف خلف قضبان، رسمه معتقلو "البلاك بلوك".. وبداخل زنزانة "21" كتب زيزو بما تبقى من حبر لقلم جف مع مرور الأيام "ارفع رأسك.. خليك ثابت على أفكارك قتلوا الحلم وقتلوا بكرة.. وأنا لسه مؤمن بالفكرة".. كلمات سعى من خلالها لمؤازرة زملائه، ولتخليد تجربته الثورية داخل العقرب.
يقول زيزو عبده ، الغرض من تلك الكتابات على جدران العقرب كان الأساس لتوثيق المعاناة التي كان يتعرض لها هو وزملاءه من رواد السجن، لكن لم يخطر ببال أي منا أن تكون في يوم من الأيام رسائل يشاهدها قيادات الجماعة، كسجناء بنفس العنبر.
"كسر الكرامة والإهانة المستمرة، والرقابة المشددة على الحوار بيننا، والأطعمة غير الصالحة للاستخدام الآدمي، والتي تقدم في أكياس بلاستيكية، خاصة بالزبالة، في محاولة للمساواة بيينا وبين الحيوانات" كلها أمور لاتفارق مخيلة زيزو عبده، عندما كان يقبع في زنزانة 21، بالعنبر السياسي بسجن العقرب، خلف باب حديدي ضخم، مشدد الحراسة، مؤكدًا أن المعاملة في ذلك السجن غير آدمية، مقصود بها إهانة السياسيين وكسر كرامتهم وقدرتهم على المقاومة.
زيزو عبده في رسالة لقيادات الجماعة: دولة الظلم ساعة.. ولأننا اترمينا في السجن بعهدكم.. الآن أنتم خلف القضبان
"زيزو" الذي وصل للعقرب في 3 أبريل، لا يتمنى لقيادات الإخوان أو غيرهم أن يمروا بنفس التجربة القاسية بذلك السجن سيئ السمعة.
ويتكون سجن العقرب من 320 زنزانة، مقسمة على 4 عنابر أفقية، تأخذ شكل الحرف "H"، بكل زنزانة مصباح قوته 100 وات، تتحكم بها إدارة السجن وفق رغبتها في السياسة العقابية للسجين والمعتقل، بحيث تستطيع الإدارة قطع المياة والإضاءة وغلق الشبابيك حسب ما تراه مناسبًا، وتستخدم 20 زنزانة كعنابر تأديب خاصة بالمعتقلين السياسيين، تمنع فيها الإضاءة وتبادل الحديث.
تغلب زيزو، وزملاؤه على ظلمة غرفته وقهر عنابر "عقرب الإخوان" ، فشكلوا من قطعة خشبية كبيرة، صفحة رسموا فيها تصميم "فيس بوك" وصنعوا لكل منهم "WALL" افتراضي" ليسجل كل منهم ذكرياته في السجن بشكل تدوينات وبوستات افتراضية، تأكيدًا منهم على أهمية "الانترنت" في تفعيل الأحداث الثورية.
زيزو رغم ما شاهده في سجون "الإخوان" يطالب بمعاملة آدمية لقيادات "الجماعة"
ويطالب "عبده" أن تكون السجون لها مواصفات تراعي حقوق الإنسان، والحقوق الآدمية، حتى مع "الإخوان" أنفسهم، مطالبًا بالتعامل معهم، بشكل آدمي، وتوفر لهم كل حقوقهم كسجناء، موجه إليه رسالة قائلا: "دولة الظلم ساعة.. ولأننا اتظلمنا، واترمينا في السجن في عهدكم.. الآن أنتم خلف القضبان، لما اقترفتموه في حق الشعب المصري، وفي حق الثوار، وأخذ الدولة لطريق المجهول".
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.