بعد مساهمة حملة "تمرد" السياسية في الإطاحة بالمعزول محمد مرسي، تنهج الآن مجموعة من السينمائيين فكرة "تمرد" جديد على الأحوال السينمائية السائدة في "هوليوود الشرق".نلقي الضوء على حملة "تمرد السينمائية"
تعيش السينما المصرية أوضاعا غير جيدة هذه الأيام، بعدما كان يطلق عليها لقب "هوليوود الشرق" للإشارة إلى ريادتها في مجال صناعة السينما في الشرق الأوسط والعالم العربي.
السينما المصرية تعاني حالياً من عزوف الجمهور عنها طول السنة ولا تنشط بشدة إلا في الأعياد مع عرض أفلام تكون عادة عرضة لانتقادات حادة من فئات كثيرة من الجمهور ومن السينمائيين. وتقول المخرجة نيفين شلبي، المتحدثة الإعلامية لحملة "تمرد السينمائية"-"بشكل عام صناعة السينما في مصر في انهيار. و موقفنا من الأفلام التي تعرض حاليا هو أنها تقدم نوعا واحدا لجمهور واحد و لا تتناسب مع الجميع". وتابعت: "لهذا عكف جزء الكبير من الجمهور عن الذهاب للسينما وأصبح ذلك الجزء من الجمهور هو من يذهب للسينما بشكل موسمي في الأعياد و الأجازات فقط".
هذا الانهيار الكبير في صناعة السينما جعل التمرد أمرا ضروريا في أعين الشباب السينمائيين المستقلين. غير أن شلبي توضح أن ذلك لا يعني مقاطعة تلك النوعية من الأفلام، "نحن لسنا من دعاة المقاطعة سواء قدمنا البديل أو لم نقدم. نحن مع حرية الابداع للجميع ونسعي فقط للتواجد ".
سينما نورماندي في القاهرة
الشباب يبحث عن فرصة
"تمرد السينمائية" حملة أسسها المخرج المستقل محمد السمان. وقد استلهم السمان الفكرة من مشكلتين، كما توضح المتحدثة الإعلامية للحملة في حديثها . "أولهما تتجلى في إحباط الشباب بسبب عدم عرض أعمالهم للجمهور وانحصار عروض أفلامهم في المهرجانات التي يحضرها إعداد قليلة من الناس"، وتضيف شلبي أن "هناك أيضا صعوبة الاستمرارية بسبب صعوبة تسويق تلك الأفلام".
أما عن اسم "تمرد" فقد اكدت المخرجة الشابة أن الحملة لا تنتمي لأي فصيل سياسي آخر وترفض دعمه. وأوضحت شلبي أن التسمية جاءت كنوع من التفاءل بنجاح حملة تمرد السياسية التي اسقطت نظام مرسي بأكلمه، على حد قول المتحدثة الإعلامية للحملة.
المخرجة نيفين شلبي: "صناعة السينما في مصر في انهيار".
وتهدف حملة تمرد السينمائية إلى عرض الافلام الروائية "الرقمية" القصيرة والطويلة والتسجيلية الطويلة و القصيرة بدور العروض السينمائية.
كذلك تهدف إلى خلق تواصل مباشر مع مؤسسات الدولة الثقافية لتوصيل مقترحات الشباب ومشاكلهم لصعوبة تواجد فرص التواصل بين الشباب في المحافظات علي وجة الخصوص.
وتقول شلبي في هذا السياق: "بدون توزيع جيد ومقابل مادي يستفيد منه صناع الافلام، ستتوقف عجلة الانتاج السينمائي. لذلك يجب علي الدولة إن تقف مع هولاء الشباب لاتاحة فرص العرض لهم".
وترى المخرجة الشابة أنه "في ظل الإنهيار التام لصناعة السينما في مصر من الضروري أخذ موقف إيجابي يطرح فكرة عرض تلك الأفلام بما سيكون له فائدة علي كل الأطراف".
واوضحت شلبي أن الحملة تجتمع بشكل دوري وأنها بصدد استلام الافلام المستقلة لوضع قائمة بيانات ومن تم التواصل مع وزارة الثقافة لطرح فكرة العروض.
ولم تجزم المتحدثة الإعلامية بمدى نجاحها في ذلك وقالت: "لايمكن التكهن بذلك ولكننا نعمل بكامل طاقتنا و ندعو الله أن يوفقنا في النهاية".
"السينما النظيفة" تثير جدلاً
وعلى صفحة الحملة ،على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك كان لإحدى الرسائل المنشورة من القائمين عليها نصيب من الإستهجان حيث كتب عليها: "نريد عودة الأسرة المصرية لقاعات العرض من خلال سينما هادفة ونظيفة"
. وجاء تعليق مصممة الأزياء ريم العدل على الرسالة قائلة: "لا يوجد ما يسمى بالسينما النظيفة.. هل هناك مستقل في الدنيا يستخدم هذا المصطلح؟". فيما علقت جليلة قائلة: "يا ريت توضحوا اكتر انتوا تقصدوا ايه بسينما نظيفة؟"
. كما علق الناقد الفني طارق الشناوي في حوارِ قائلاً: "مفهوم السينما النظيفة مفهوم اخلاقي جداً إنهم لا يتمردون بل يتحفظونا!".
ورداً على هذه الإنتقادات أوضحت المتحدثة الإعلامية لحملة تمرد السينمائية أن كلمة "نظيفة" قد أسيء فهمها. وتوضح قائلة: "لم نقصد المعني السطحي الذي يتحدث عن الرغبة في سينما بلا قبلات. هذا بالطبع ضد حرية الإبداع بشكل عام. اغلبنا ينحدر من رحم السينما المستقلة التي تدعو للتحرر من كل القيود، فكيف ندعو لهذا؟" واستطردت قائلة: "نحن مع تصنيف الأفلام وهذا شيء متعارف عليه في جميع وسائل العرض العالمية وهو أمر مقبول". واختتمت شلبي حديثها موضحة أن " الجميع تجاهل التوضيح وظل يتحدث عن السينما النظيفة وحرية الإبداع فلم نهتم بالرد وذهبنا للعمل وهذا افضل رد".
الشناوي: الأفكار ضبابية والبداية غير مبشرة
وكان حديث مع الناقد الفني طارق الشناوي والذي يرى أن بناء الحملة "ليس قوياً وبه ترددات كثيرة وأفكار متضاربة"، وفيما أوضح رأيه بخصوص ما طرح عن "السينما النظيفة" لاحظ وجود تناقضات بين أقوال القائمين على الحملة وأفعالهم. "هم أيضاً حتى الآن غير قادرين على تقديم أنفسهم لنا (السينمائيين) والأفكار لازالت الآن ضبابية"، كما يقول الناقد الفني.
وفيما انتقد الشناوي توجه الحملة للدولة ومطالبتها بتوفير دور عرض حكومية لأفلام أعضائها أوضح المتحدث رأيه في هذا السياق قائلاً: "هم بدأوا بمطالبة الدولة وهذا خطأ بل عليهم أولاً صناعة الأفلام ومن تم تكون مخاطبة الدولة". أما عن توقعه من مدى نجاح الحملة في تحقيق أهدافها اختتم الشناوي حديثه قائلاً: "البدايات غير مبشرة وآمل في أن يخيب ظني".
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.