تباينت تعليقات الصحف الألمانية حول مشروع الدستور المصري الذي سيطرح لاحقا لاستفتاء شعبي. وهناك من اعتبره تأكيدا لـ"خارطة الطريق"، فيما تساءل آخرون عن مدى أهمية الاستفتاء طالما يضطلع الجيش المصري بتحديد مسار الأمور.
تسلم الرئيس المؤقت عدلي منصور يوم الثلاثاء (3 ديسمبر 2013) مشروع الدستور الجديد، بعد أن انتهت لجنة "الخمسين" من صياغته.
ويأتي هذا ضمن مقتضيات "خارطة طريق" أعلن عنها الجيش عقب عزله المتهم محمد مرسي في الثالث من يوليو الماضي. وهو ما اعتبرته، صحيفة زوددويتشه تسايتونغ/ Süddeutsche Zeitung الصادرة في جنوب ألمانيا، "خطوة ضرورية"، تؤكد على "التزام" الأطراف بالوعود المقدمة،إلى جانب حاجة مصر الملحة إلى دستور جديد يمنح إطارا دستوريا لفترة ما بعد ثورة أطاحت برئيسين. وعلقت الصحيفة على الموضوع قائلة.
"لقد تغيرت مصر، ولم تعد كما كانت عليه منذ الإطاحة بحسني مبارك. الحكومة والإدارة يطالبان بقوانين جديدة تعكس هذا التغيير، والدستور في مقدمتها".
الدستور القديم (الذي تمّت المصادقة عليه عام 2012)، دستور اتهم بالمساهمة فيالاستقطاب (داخل المجتمع المصري) بسبب هيمنة ما زُعم أنه مبادئ إسلامية، وما تخلله من هضم لحقوق المسيحيين والقوى العلمانية والمرأة.
..."ولا يتعلق الأمر الآن، بعودة الاستقرار فحسب، لأن حسني مبارك حقق ذلك لثلاثة عقود، وإنما حول ما إذا كانت مصر ستنجح في التحول إلى دولة (مدنية) في ظل سيطرة الجيش، يقرر فيها المواطنون مصيرهم عبر حكومتهم. ولا أحد ينتظر ديمقراطية وفق النموذج الغربي على ضفاف نهل النيل، لكن أن يتم توجيه سكة التغيير على هذا الأساس".
أما صحيفة "تاغستسايتوغ"Tageszeitung اليسارية فشككت في إمكانية تحقيق أي مسار ديمقراطي،وكتبت تقول:
"عوض التوافق، تمّ إنشاء دولة بوليسية، تضاهي ما كان سائدا في عهد حسني مبارك. وقانون "منع التظاهر" يعزز ذلك، فهو لا يعد سلاحا ضد الإخوان المسلمين فحسب، وإنما هو ضد جميع القوى الثورية العلمانية المتواجدة في ميدان التحرير. كيف يمكن إجراء استفتاء على مشروع الدستور في هذه الأجواء، وبعد ذلك إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لا أحد يمكنه الإجابة على هذا السؤال. بالفعل تمّ وضع خارطة طريق للانتقال الديمقراطي، لكن الجيش والشرطة يحددان اتجاهه، حتى يتأكدان أن القاطرة تسير حسب رضاهما ولن تأخذمسارا معاكسا".
من جهتها، اعتبرت صحيفة "دير تاغسشتيبغل" ، Der Tages spiegel أن خبر الإعلان عن انتهاء مشروع الدستور قد "فشل" في تهدئة الوضع المضطرب في مصر، وهو ما اعتبرته "نتيجة حتمية"، نتيجة "لتجاوزات عدة" ميزت مرحلة عمل لجنة "الخمسين":
"ليس مفاجأ، أن لا تفضي عملية إعداد مشروع الدستور في ظل الأجواء المشحونة إلى منفذ تصالحي ديمقراطي، وإنما إلى مرحلة مشكوك فيها، طغت عليها المداهمات الأمنية والأحكام القضائية القاسية، إضافة إلى المواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين، وتهديدات من كل نوع. يضاف إلى ذلك أن لجنة الخمسين لا تتمتع بأي شرعية ديمقراطية، وذلك لأن أعضاءها اختيروا من قبل الرئيس المؤقت عدلي منصور بواسطة مرسوم رئاسي؛ كما أن المناقشات حول تعديلات الدستور تمّت وراء أبواب مقفلة، في الوقت الذي كانت فيه المناقشات السابقة (تعديلات دستور 2012) تنقل على الهواء مباشرة في عهد حكم محمد مرسي. أما اليوم، فلم يطلع الرأي العام المصري على أي شيء بخصوص مسار المناقشات الذي استغرق شهرين".
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.