انتهت لجنة الخمسين من وضع المشروع النهائي للوثيقة الدستورية الجديدة في مصر التي ستطرح للاستفتاء في غضون شهر، فيما يتساءل المحللون حول ما إذا كانت مسودة الدستور الجديد ستمهد فعلا لحياة ديمقراطية في مصر؟
"مصر هبة النيل للمصريين، ومصر هدية المصريين للبشرية" هكذا يبدأ مشروع الدستور المصري الجديد الذي انتهت لجنة مكونة من خمسين عضوا من انجازه أمس (الأحد الأول من ديسمبر 2013). وستعرض مسودة الدستور على استفتاء شعبي في غضون شهر، وهي الخطوة الأولى في خارطة الطريق التي وضعها الجيش المصري بعد عزل محمد مرسي. وأعلن عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين الانتهاء من إقرار كل بنود المسودة بعد إقرار أربعة بنود كانت قد رفضت خلال الاقتراع الأول بعد ظهر الأحد.
وتم الاتفاق بموجب الصياغة الجديدة لهذه المواد على أن يترك تحديد النظام الانتخابي الذي ستجرى بموجبه الانتخابات البرلمانية لقانون يصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور، الذي ترك له كذلك تحديد ما إذا كانت الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية ستجري أولا.
وقال عمرو موسى إن الدستور الجديد يستجيب لتطلعات الثورة المصرية للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. إلا أن الناشطين الحقوقيين في مصر يختلفون في تقييم مشروع الوثيقة الدستورية الجديدة. ويرى عمرو عبد الرحمان مدير الحريات المدنية في "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" أنه "مقارنة مع الدستور القديم، يعتبر الدستور الجديد بكل تأكيد تقدما نحو الأمام، لكن قياسا بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، فإننا لا نزال في الوراء".
تراجع الدور المرجعي للشريعة
مسودة الدستور الجديد تضمن توازنا بين الرئيس والبرلمان
مشروع الدستور الجديد ليس الأول الذي سيصوت عليه المصريون منذ سقوط نظام مبارك في يناير 2011. فقبل عام بالضبط، صادق المصريون بنسبة 64% على دستور قدمه الإسلاميون. ولما أطاح الجيش والشعب بمحمد مرسي بثورة 30 يونيو الشعبية التى حققت الأرادة المصرية قام بتعليق العمل بالدستور. وقد قلصت مسودة الدستور الجديد من تأثير الشريعة، فرغم أن البند الثاني منها ينص على أن الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، فإنه يؤكد أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية.
كما أن مؤسسة الأزهر أهم هيئة دينية في البلاد، لن يكون لها في المستقبل تأثير على القوانين ويعتبرها الدستور الجديد "هيئة علمية مستقلة تختص دون غيرها بالقيام على كافة شؤونها وهي المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية".
ويرى عمرو عبد الرحمن أن التطور الايجابي هو أن الاختصاص في القضايا المتعلقة بالدين هي الآن في يد المحكمة الدستورية العليا. كما أوضح أن الممثلين الدينيين المحافظين فرضوا وجهة نظرهم في بعض الموضوعات كحقوق المرأة.
فرغم أن المسودة الجديدة تمنع التمييز على أساس الجنس أو الانتماء العرقي أو الديني، إلا أنها تعطي للدولة في الوقت ذاته إمكانية التأكد إذا كانت حرية المرأة لا تتعارض مع مقتضيات الشريعة الإسلامية.
منع الأحزاب الدينية
تضمنت مسودة الدستور أيضا بندا ينص على حظر الأحزاب الدينية "لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية على أساس ديني". وقال عمرو موسى إن حزبا معينا "يمكن أن تكون له هوية دينية ولكن عليه احترام القوانين والدستور والدولة المدنية المصرية". الدستور الجديد يضمن الحرية الدينية ولكن فقط للمسلمين السنة كما للمسيحيين واليهود. فيما يظل وضع الأقليات الشيعية أو البهائية غامضا دون ضمانات دستورية.
الجيش احتفظ بامتيازاته في مشروع الدستور الجديد
ويؤكد حافظ أبو سعدة مدير "المنظمة المصرية لحقوق الإنسان" على الانجازات الايجابية لمسودة الدستور الجديد ويعتبر أن التمثيل المناسب لكل مكونات المجتمع المصري في البرلمان خطوة مهمة. "هذا يجبر البرلمان على ترجمة إرادة الشعب المصري دون اعتبارات قائمة على الدين أو الجنس".
امتيـــــــــــــــازات الجيــــــــــــــــــش
عملت مسودة الدستور الجديد على تحقيق توازن بين مؤسسة الرئاسة والبرلمان، إلا أنها وسعت الامتيازات الكبيرة بالفعل التي يحظى بها الجيش، باشتراط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على اختيار وزير الدفاع خلال فترتين رئاسيتين كاملتين من وقت التصديق على الدستور.
ولا تشير المسودة إلى كيفية عزل وزير الدفاع أو من الذي يملك سلطة عزله لأن ذلك من صميم صلاحيات القانون العسكرى وبالتصويت المباشر من مجلس الشعب ثم لتقدير رئيس الدولة بناء على عدم الصلاحية أو عدم احترام القانون والدستور أو ببلوغ سن التقاعد.
وتسمح المسودة أيضا للجيش بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية وهو بند كان موجودا في الدساتير السابقة ويعارضه بشدة الناشطون المدافعون عن الديمقراطية لكن مسودة الدستور الجديد تحدد الجرائم التي يمكن أن يحاكم بمقتضاها المدني أمام المحاكم العسكرية بما يتلائم مع ما يهدد الأمن القومى المصرى.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.