الفقيه والمُفكر الإسلامى عبد الرحمن الكواكبى
ولد الفقيه والمُفكر الإسلامى عبد الرحمن الكواكبى بمدينة حلب بسوريا عام 1854م من أسرة كبيرة اشتهرت بتقوى الله والعلم، حيث تعلم الكواكبى فى طفولته بمدرسة بأنطاكيا حتى حفظ القرآن الكريم كاملا، ثم عاد إلى حلب حيث أخذ فى تعلم الفقه وعلوم الدين، ولما بلغ سن الرجولة شاهد ظلم العثمانيين فهاجم فى الصحف فقدموه للمحاكمة وتم سجنه.
استكمل الكواكبى مسيرته ضد ظلم العثمانيين فور خروجه من السجن، وهاجر إلى مصر عام 1899م، وهاجم الفساد العثمانى من خلال كتاباته فى صحيفة المؤيد موجها عدة اتهامات للحكم العثمانى تتمثل فى نشره قيم التخلف والتأخر وفتح المجال أمام الأوروبيين لاستغلال موارد العالم العربى.
لما ضاق بالعثمانيين، دبروا لقتله بوضع سم له فى طعامه، فمات يوم الخميس 14 يونيو عام 1901م، ودُفن فى القاهرة فى اليوم التالى، ويعتبر كتاب طبائع الاستبداد أهم كتب الكواكبى فهو يحوى مجموعة من المقالات التى تهاجم طغيان العثمانيين فى البلاد.
عبد الرحمن الكواكبي (1271 هـ / 1855 – 1320 هـ / 1902م) مفكر وعلامة سوري رائد من رواد التعليم ومن رواد الحركة الإصلاحية العربية وكاتب ومؤلف ومحامي وفقيه شهير.
ولد في 23 شوال سنة 1271هـ الموافق 9 يوليو 1855 في مدينة حلب لعائلة لها شأن كبير. والده هو أحمد بهائي بن محمد بن مسعود الكواكبي، والدته السيدة عفيفة بنت مسعود آل نقيب وهي ابنة مفتي أنطاكية في سوريا.
في مدينة حلب التي كانت تزدهر بالعلوم والفقهاء والعلماء درس الشريعة والأدب وعلوم الطبيعة والرياضة في المدرسة الكواكبية التي تتبع نهج الشريعة في علومها، وكان يشرف عليها ويدرّس فيها والده مع نفر من كبار العلماء في حلب.
لم يكتفِ بالمعلومات المدرسية، فقد اتسعت آفاقه أيضاً بالاطلاع على كنوز المكتبة الكواكبية التي تحتوي مخطوطات قديمة وحديثة، ومطبوعات أول عهد الطباعة في العالم، فاستطاع أن يطلع على علوم السياسة والمجتمع والتاريخ والفلسفة وغيرها من العلوم.
بدأ الكواكبي حياته بالكتابة إلى الصحافة وعين محرراً في جريدة الفرات التي كانت تصدر في حلب،وعرف الكواكبي بمقالاته التي تفضح فساد الولاة، ويرجح حفيده سعد زغلول الكواكبي أن جده عمل في صحيفة «الفرات» الرسمية سنتين تقريباً، براتب شهري 800 قرش سوري.
وقد شعر أن العمل في صحيفة رسمية يعرقل طموحه في تنوير العامة وتزويدها بالأخبار الصحيحة، فالصحف الرسمية لم تكن سوى مطلب للسلطة، ولذلك رأى أن ينشئ صحيفة خاصة، فأصدر في حلب صحيفة «الشهباء» عام 1877، وكانت أول صحيفة تصدر باللغة العربية، وسجلها باسم صديقه كي يفوز بموافقة السلطة العثمانية أيامها وبموافقة والي حلب. لم تستمر هذه الصحيفة طويلاً، إذ لم تستطع السلطة تحمل جرأته في النقد.
بسبب حبه للصحافة والكتابة تابع جهاده الصحفي ضد الاستبداد فأصدر عام 1879 باسم صديق آخر جريدة «الاعتدال» سار فيها على نهج «الشهباء» لكنها لم تستمر طويلاً فتوقفت عن الصدور.
بعد أن تعطّلت صحيفتاه «الشهباء» و«الاعتدال»، انكبّ على دراسة الحقوق حتى برع فيها، وعيّن عضواً في لجنتي المالية والمعارف العمومية في حلب، والأشغال العامة (النافعة) ثم عضواً فخرياً في لجنة امتحان المحامين للمدينة.
بعد أن أحس أن السلطة تقف في وجه طموحاته، انصرف إلى العمل بعيداً عنها، فاتخذ مكتباً للمحاماة في حي الفرافرة إحدى أحياء مدينة حلب قريباً من بيته، وكان يستقبل فيه الجميع من سائر الفئات ويساعدهم ويحصل حقوق المتظلمين عند المراجع العليا ويسعى إلى مساعدتهم، وقد كان يؤدي عمله في معظم الأحيان دون أي مقابل مادي، حتى اشتهر في جميع أنحاء حلب بلقب «أبي الضعفاء».
تقلد عبد الرحمن الكواكبي عدة مناصب في ولاية حلب فبعد أن عين عضواً فخرياً في لجنتي المعارف والمالية، عين مديراً رسمياً لمطبعة الولاية ورئيساً فخرياً للجنة الاشغال العامة في حلب وحقق في عهده الكثير من المشاريع الهامة التي أفاد بها حلب والمناطق التابعة لها وفي 1892 عين رئيساً لبلدية حلب.
استمر الكواكبي بالكتابة ضد السلطة التي كانت في نظره تمثل الاستبداد، وعندما لم يستطع تحمل ما وصل اليه الأمر من مضايقات من السلطة العثمانية في حلب، سافر الكواكبي إلى آسيا: الهند والصين وسواحل شرق آسيا وسواحل أفريقيا وإلى مصر حيث لم تكن تحت السيطرة المباشرة للسلطان عبد الحميد، وذاع صيته في مصر وتتلمذ على يديه الكثيرون وكان واحداً من أشهر العلماء.
أمضى الكواكبي حياته مصلحاً وداعياً إلى النهوض والتقدم بالأمة العربية وقد شكل النوادي الإصلاحية والجمعيات الخيرية التي تقوم بتوعية الناس وقد دعا المسلمين لتحرير عقولهم من الخرافات وقد قسم الأخلاق إلى فرعين فرع أخلاقي يخدم الحاكم المطلق وفرع يخدم الرعية أو المحكومين ودعا الحكام إلى التحلي بمكارم الأخلاق لأنهم الموجهون للبشر، ودعا إلى إقامة خلافة عربية على أنقاض الخلافة التركية وطالب العرب بالثورة على الأتراك وقد حمل الحكومة التركية المستبدة مسؤولية الرعية.
حفيده الدكتور عبد الرحمن الكواكبي يحمل نفس الاسم ويقيم في مدينة حلب في سورية. أسس الحفيد فرقة الجلاء للأناشيد الوطنية كما تأسست الفرقة العربية للأناشيد الوطنية في قطر وتحمل نفس الرسالة.
ألف العديد من الكتب وترك تراثاً ادبياً كبيراً من الكتب منها طبائع الاستبداد وأم القرى كما ألف العظمة لله وصحائف قريش وقد فقد مخطوطان مع جملة أوراقه ومذكراته ليلة وفاته. له الكثير من المخطوطات والكتب والمذكرات التي طبعت. وما زالت سيرة وكتب ومؤلفات عبد الرحمن الكواكبي مرجعاً هاماً لكل باحث.
توفي في القاهرة متأثراً بسم دس له في فنجان القهوة يوم الجمعة 6 ربيع الأول لعام 1320 هـ الموافق 13 يونيو 1902 ودفن عند جبل المقطم. رثاه كبار رجال الفكر والشعر والادب في سوريا ومصر ونقش على قبره بيتان لحافظ إبراهيم:
هنا رجل الدنيا هنا مهبط التقى
هنا خير مظلوم هنا خير كاتب
قفوا وأقرؤوا أم الكتاب وسلموا
عليه فهذا القبر قبر الكواكبي
وقد أقيم مسجد كبير في حي العجوزة بمحافظة الجيزة يحمل اسمه تخليداً لذكراه.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.