المصريون يشكون من الخراب الاقتصادي.. وثورة جياع علي الأبواب
تنتهي اليوم المائة يوم الثانية من حكم الدكتور محمد مرسي الذي وعدنا بحل جميع مشاكل المواطنين اليومية مع الخبز والنظافة والمرور والأمن والوقود خلال المائة يوم الأولي، ولكنه فشل،
وها هي المائة يوم الثانية تنتهي، والمشاكل مازالت مستمرة، فالمواطن لم يشعر بأي تحسن، بل زادت معاناته، وكشفت عن أن أداء الرئيس نفسه كان ضعيفاً، مذبذباً، متخبطاً، بسبب ولائه لجماعته وعشيرته.
وخلال هذه الأيام المائتين شهدت مصر لأول مرة في تاريخها انهياراً غير مسبوق للجنيه المصري أمام الدولار، كما انهار اقتصادها وأصبحت علي شفا الإفلاس، وزاد تغلغل جماعة الإخوان المسلمين، وحزب الحرية والعدالة الذي ينتمي إليه الرئيس في كان مناحي الحياة، بل إنه سعي وجماعته للسيطرة علي كل مفاصل الدولة، وأن كل لم يفلح حتي الآن تماماً في ذلك، إلا أن التعديل الوزاري الأخير كشف أن الرئيس وجماعته لا يألون جهداً في سبيل إحكام سيطرتهم علي مصر.
مائة يوم جديدة من حكم الرئيس كشفت أنه لم يحقق شيئاً لمصر ولا لنفسه سوي الفشل في كل شيء، إضافة إلي تناقض شعبيته، حتي فقد الجميع الأمل في تحقيق مطالب الثورة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ولو يعد مائة سنة من الحكم وليس مائة يوم.
فشل الرئيس وحكومته واتسعت الفجوة بينه وبين القوي الوطنية، وناصبها العداء واتهمها بالتآمر ضده وضد مصر.. هذه هي حصيلة 200 يوم من الحكم؟!
تعهد بـ 64 وعداً في برنامجه.. لم ينفذ منها سوي 9 فقط
وعود الرئيس "أمريكانى"
الخبز، الوقود، الأمن، القمامة، المرور، خمس قضايا حمل الرئيس مرسي علي عاتقه مهمة حلها منذ توليه المسئولية في 30 يونيه الماضي، ومنح لنفسه مهلة لمدة مائة يوم للقضاء علي كل هذه المشكلات،
ومرت المائة يوم الأولى ولم تحل المشكلات، ثم ها هي المائة يوم الثانية تمر أيضاً، والمشكلات كما هي.
معاناة يومية يشعر بها المصريون في كل المحافظات، طوابير الخبز مازالت تحتل مساحة كبيرة من يوميات المواطن المصري، أضيفت إليها طوابير السولار والبنزين التي ما تكاد تختفي حتي تظهر من جديد، حتي وصل الأمر إلي تقاتل المصريين للحصول علي جركن بنزين أو سولار.
مازال الأمن مفقوداً في الشارع المصري، وأكوام القمامة تملأ شوارع القاهرة والمحافظات، ومازالت أزمة المرور تمثل معاناة يومية لكل المصريين، خاصة في العاصمة التي أصبحت حركة السير فيها أشبه بالمستحيلة.
في أول خطاب له بعد توليه المسئولية، وعدنا الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية بحل المشكلات الخمس الأكثر ارتباطاً بالمواطن المصري خلال مائة يوم، وعاهد الرئيس المواطنين علي حل مشكلات القمامة والمرور ورغيف الخبز والأمن والوقود، باعتبار أن حل هذه المشكلات سيؤدي إلي شعور المصريين بأن النظام تم تغييره بالفعل، وبأنه بدأ يحيي ثمار ثورته، وبعد المائة يوم الأولي خرج علينا الرئيس معلناً أنه حل 70٪ من المشكلات التي وعد بها، إلا أن موقع «مرسي ميتر» علي الإنترنت الذي أنشئ خصيصاً لتقييم أداء الرئيس خلال المائة يوم الأولي، أكد أن الرئيس حقق 15٫6٪ فقط من الوعود التي تعهد بتنفيذها، وأنه نجح فقط في تنفيذ 9 وعود من أصل 64 وعداً كان قد ألزم نفسه بتنفيذها ضمن خطة المائة يوم الأولي، وأن هناك 43٪ من المصريين راضون عن أداء الرئيس، بينما هناك 57٪ غير راضين.
وأكد الرصد النهائي لبرنامج «مراقبينكم» الخاص بشبكة «مراقبون بلا حدود» أن الرئيس نفذ 5 وعود فقط من أصل 64 وعداً، بينما جاري العمل في تنفيذ 20 وعداً أخري.
وكان الرئيس مرسي قد حدد برنامجا للمائة يوم الأولي تضمن 64 وعداً لحل خمس مشكلات، ففي مجال المرور وضع 21 بنداً لتحقيق السيولة المرورية في القاهرة الكبري وعواصم المحافظات، بإلغاء إشغالات محطات المترو وتوفير مواقف جديدة بجوار المحطات لتيسير استخدام المترو لمالكي السيارات، والسماح بمرور الشاحنا والتريلات داخل الطرق الرئيسية والطرق الدائرية من الساعة الثانية عشرة، منتصف الليل إلي الساعة السادسة صباحاً، والسماح بمرور سيارات النصف نقل والربع نقل داخل المدن من الساعة التاسعة مساء حتي الساعة السابعة صباحاً، وإجراء كافة أعمال الصيانة في الكباري والطرق ليلاً بعد الساعة الثانية عشرة مساء والانتهاء منها قبل السادسة صباحاً، وإزالة كافة إشغالات الطرق، وتحديد أماكن لوقوف الميكروباصات في كافة الطرق، وإحداث مرونة في توقيتات حضور وانصراف العاملين بالحكومة والقطاع العام لتفادي دخول وخروج المدارس والجامعات، وتقديم خدمة خاصة لنقل السيدات وطالبات الجامعة، خاصة في أوقات الذروة، وإلزام سيارات الأجرة بوضع عداد لمحاسبة المواطنين، وتوفير خدمة تليفونية وقنوات مرورية إذاعية لتوجيه قائدي السيارات للطرق الأقل ازدحاماً، مع إعادة تخطيط الميادين الكبري وتزويدها بإشارات مرور حديثة لضمان سيولة المرور، واستغلال الأراضي في الفضاء لركن السيارات، والعمل بأنظمة المرور الحديثة التي تشمل إشارات أتوماتيكية وكاميرات مراقبة، وإلغاء نظام المخالفات الروتينية التي تتم بشكل عشوائي، وإلغاء فكرة كلبشة السيارات التي تعيق الطرق، وتقديم حوافز ومكافآت لرجال المرور، وتخفيض قيمة الضريبة علي المركبة التي تلتزم بقواعد المرور خلال سنة الترخيص.
وإذا كان موقع «مرسي ميتر» أكد أن الرئيس لم ينفذ سوي وعد واحد من هذه الوعود الـ 21 وهو تقديم حوافز ومكافآت لرجال المرور، فإن باقي الوعود لم يتم تنفيذ أي منها، حيث مازالت أزمات التكدس المروري تمثل عذاباً يومياً للمواطنين بما في ذلك الطرق الرئيسية والدائرية، ومحور 26 يوليو الذي يربط بين القاهرة ومدينة 6 أكتوبر خير شاهد علي ذلك، ويعد طريق مصر الإسكندرية الزراعي والتكدس المروري الدائم بشوارع وسط القاهرة خير دليل علي أن برنامج الرئيس فشل فشلاً ذريعاً في مواجهة هذه المشكلة، خلال المائة يوم الأولي والثانية أيضاً، ورغم أن الرئيس في نهاية المائة يوم الأولي قال إنه يتحمل مسئولية الفشل في عدم تنفيذ برنامجه، إلا أنه لم يتدارك الأخطاء، ولم يعمل علي حل أي من هذه المشكلات، وترك المصريين فريسة للأزمات المرورية في كل المحافظات بل إن مشكلة المرور أصبحت كابوساً يؤرق المصريين جميعاً.
وفي قضية الأمن، وضع الرئيس برنامجاً مكوناً من 17 بنداً لتحقيق الأمن العادل في الشارع المصري، وإعادة الثقة والتعاون بين المواطنين وجهاز الشرطة، وتضمنت هذه البنود منح مكافآت وحوافز وترقيات لرجال الشرطة، وهو البند الوحيد الذي أكد «مرسي ميتر» أنه تم تنفيذه، ورغم أن هذا ارتبط في برنامج الرئيس باستعادة الأمن، إلا أن الأمن لم يعد إلي الشارع، والدليل علي ذلك الجرائم اليومية التي تؤكد ضياع الأمان، بينما التزم الرئيس في برنامجه بتبني حملة إعلامية ضخمة لإعادة الثقة بين المواطنين وجهاز الشرطة، وضبط الخارجين علي القانون والبلطجية وإعادة تأهيلهم نفسياً ليكونوا مواطنين صالحين، والتواجد الأمني في الشارع علي مدار الساعة من خلال الدوريات الثابتة والمتحركة، وتشكيل لجان شعبية في الأحياء للتعاون والتنسيق مع رجال الشرطة، وتفعيل الخط الساخن للنجدة، وزيادة عدد نقاط الشرطة بما يتناسب مع التعداد السكاني للمنطقة، والإسراع في تركيب كاميرات مراقبة في الأماكن الحيوية لتسهيل ضبط أي تجاوزات والتعرف علي الخارجين علي القانون واستخدام المروحيات في ضبط الأمن والمرور بالطرق السريعة والمحورية، وتطوير غرف الحجز بالأقسام والمحاكم والنيابات بشكل آدمي، وتعيين ضابط علاقات عامة في كل قسم يتولي توجيه المواطنين والتأكد من حل مشاكلهم، وإعلان أكاديمية الشرطة عن دورات سريعة لخريجي كليات الحقوق والتربية الرياضية والخدمة الاجتماعية لإلحاقهم بالعمل في قطاعات الشرطة الأقل حيوية لتفريغ الضباط المحترفين للعمل بالقطاعات الحيوية، ومكافأة المواطنين الذين يرشدون عن الجرائم أو مرتكبيها، وتفعيل قوانين حماية الشهود، وشراء سيارات شرطة حديثة مزودة بحاسبات لضبط المطلوبين للعدالة وتنفيذ الأحكام بسرعة وبأقل الخسائر.
فشل الرئيس أيضاً في تنفيذ هذه الوعود، ورغم تغييره وزير الداخلية مرتين خلال فترة توليه المسئولية، إلا أن هذا التغيير لم يفلح في إعادة الأمن المفقود للشارع.
أما القضية الثالثة التي حملها الرئيس علي عاتقه فهي قضية النظافة، حيث أعلن أنه من المستهدف إزالة القمامة من الشوارع وإعادة تجميل الأحياء، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف وضع ثمانية بنود، أولها منح مكافآت وحوافز وترقيات للعاملين بهيئات النظافة والتجميل مرتبطة بتحقيق النظافة، ومنح مكافآت أخري لهم مرتبطة برضا المواطنين عن أدائهم، مع تنظيم حملات توعية إعلامية وخطب علي المنابر لحث المواطنين علي النظافة، وفرض عقوبات صارمة علي السيارات التي تلقي بالمخالفات في الطرق، وتخصيص خط ساخن لنقل مخلفات المباني بأسعار ميسرة، وتكوين لجان شعبية في الأحياء للتعاون والتنسيق مع أجهزة الحكم المحلي في الرصد البيئي والمخالفات، وإلزام هيئات النظافة بإزالة كافة المخلفات من الشوارع والميادين، وتجميع المخلفات والقمامة من خلال الشركات الوطنية والجمعيات الأهلية.
وخلال المائة يوم الأولي رصد موقع «مرسي ميتر» أن البند الوحيد الذي تم تحقيقه في هذا المجال، هو حملات التوعية وخطب الجمعة، وفي نهاية المائة يوم الثانية لم يتحقق الكثير، فمازالت القمامة تملأ أرقي شوارع القاهرة، وبعد فشل الشركات الأجنبية لجأت محافظة الجيزة مؤخراً إلي هيئة النظافة مرة ثانية، ورغم محاولات حزب الحرية والعدالة لإنجاح برنامج الرئيس من خلال العمل الشعبي وتنظيم فعاليات للنظافة، إلا أن المشكلة، مازالت قائمة.
أما المشكلة الرابعة التي وعد الرئيس بحلها فهي مشكلة الخبز، مستهدفاً توفير رغيف خبز جيد وصحي ومدعوم للمواطنين دون عناء، من خلال 13 بنداً، منها رفع الإنتاجية والقيمة الغذائية لدقيق الخبز، وفصل الإنتاج عن التوزيع، والسماح للأفران بالعمل بعد الخبيز، وزيادة مكافأة الخبازين، ودعم وتقوية المخابز الكبيرة المجمعة، وضبط وزن الرغيف وجودته، وتغليظ العقوبة علي مخالفات الجودة والوزن، وتفعيل جمعيات المجتمع المحلي ذات السمعة الطيبة للمساهمة في توزيع الخبز، ومنح حوافز ومكافآت وشهادات تقدير للمخابز المتميزة، وتيسير تحويل المخابز لاستخدام الغاز الطبيعي، وتمويل تحويل المخابز اليدوية إلي مخابز آلية، ومنح مكافآت وترقيات لمفتشي التموين مرتبطة برضا المواطنين عن أداء الخدمة، وكشف موقع «مرسي ميتر» أن أيا من هذه البنود لم يتم تحقيقه في المائة يوم الأول، وفي المائة الثانية مازالت المشكلات مستمرة، فطوابير الخبز لم تنقطع، ومشاكل التوزيع مازالت مستمرة، خاصة بعد أن لجأت بعض المحافظات لإسناد هذه المهمة إلي حزب الحرية والعدالة أو للجان تابعة له، وهو ما دفع أهالي منطقة جديلة بالمنصورة للتظاهر ضد سيطرة الإخوان علي عملية توزيع الخبز، وحملوا لافتات كتبوا عليها «لا لسيطرة أي كيان أو حزب علي خبز الدولة».
هذا بالإضافة إلى سوء حالة الرغيف الذي يعاني منه المواطنون باستمرار، وفي الأيام الأخيرة زادت الشكوي من سوء حالة الرغيف وانخفاض وزنه، وهو ما يعني أن ما يحدث علي أرض الواقع عكس ما وضعه الرئيس برنامجه.
أما في مجال الوقود، فقد حمل الرئيس علي عاتقه مسئولية توفير كافة أنواع الوقود دون عناء في جميع أنحاء الجمهورية، ووضع لذلك 5 بنود، منها توصيل أسطوانات البوتاجاز للمواطنين في بيوتهم بالتنسيق مع الجمعيات الأهلي والتموين والمحافظة، وتكليف مفتشي التموين بمصاحبة سيارات نقل الوقود من المستودع للمحطات مقابل مكافآت مجزية، وتوظيف الجمعيات الأهلية في مراقبة كميات الوقود الداخلية والخارجية من المحطات، ومنح حوافز ومكافآت للمحطات المتميزة، وإنقاذ عقوبات رادعة لمهربي الوقود والمتعاملين معهم، وهو البند الوحيد الذي تم تنفيذه من البنود الخمسة خلالا لمائة يوم الأولي، أما باقي الوعود فمازال الرئيس وحكومته عاجزين عن تنفيذه، فأزمة الوقود تفتك بالمصريين، وسعر أسطوانة البوتاجاز وصل إلي 50 جنيها في بعض المحافظات، وبدأت حكومة قنديل في الحديث عن تطبيق نظام الكوبونات في 15 ديسمبر الماضي، ثم تم تأجيل التنفيذ إلي يناير الجاري، ثم اعترض حزب الحرية والعدالة مطالباً بتنفيذها في شهر أبريل المقبل بعد انتخابات مجلسي الشعب، خوفاً من تأثير العمل بالنظام الجديد علي نتيجة الانتخابات، حيث سيؤدي هذا النظام إلي رفع السعر الرسمي للأسطوانة إلي 25 جنيهاً، بينما ستباع خلال بطاقات التموين مقابل 8 جنيهات، أي ضعف سعر البيع الحالي تقريباً، ومع وجود آلاف الأسر التي تمتلك بطاقات تموينية، فمن المتوقع أن يؤثر هذا النظام علي ميزانيتها.
ومازالت مشكلة البنزين والسولار تعد من أكبر المشكلات التي فشل الرئيس مرسي في حلها، فالطوابير تغلق الطرق الرئيسية، والسوق السوداء تلتهم جزءا كبيرا من الدعم الموجه لمواد الطاقة ولم يختلف الأمر كثيراً في المائة يوم الثانية عن المائة يوم الأولي، ومازالت الحكومة عاجزة عن حلها، حتي أنها قررت تطبيق نظام كوبونات البنزين علي السيارات أقل من 1600 سي سي في شهر إبريل الجاري، وهو ما يعني بدء العمل بنظام تحرير أسعار البنزين 80، 90، 92 بعد أن تم تحرير سعر البنزين 95، حتي أصبحت مشكلة الوقود كارثة راح ضحيتها أرواح العديد من المواطنين نتيجة المشاجرات أمام محطات البنزين في كل محافظات مصر.
هذه هي المشكلات الخمس التي وعد الرئيس بحلها خلال المائة يوم الأولي، وها هي المائة يوم الثانية، قد مرت أيضاً، ولم تحل أي منها، ومازال المواطن المصري يعاني من كل هذه المشكلات التي تنغص عليه حياته، يضاف إليها شبح الإفلاس الذي أصبح يخيم علي مصر ويهدد المواطنين بمستقبل مظلم.
خراب يا مصر فى عهد «مرسى»
ضرائب لا تطاق.. وغلاء طاحن.. وإفلاس على الطريق
200 يوم من توالى الانهيار الاقتصادى واشتعال لهيب أسعار جميع السلع فى موجات غلاء غير مسبوقة، وحالة ركود بسبب تحديات الشراء لدى غالبية المواطنين وشبح إفلاس يهدد الدولة رغم نفى الرئيس واتهامه من يروجون هذه «الحقيقة» بأنهم المفلسون.
عقد المصريون الآمال على رئيس ما بعد الثورة وحكومة قنديل التى أتى بها فى 24 يوليو الماضى، وظن الناس أن الحكومة بمباركة «رئيس الدولة» ستعكف على تنفيذ خطط وبرامج معدة مسبقاً للنهوض بأحوال البلاد الاقتصادية ليشعر المواطن حتى بمجرد بوادر انفراجة أزمة عاشها فى نظام مبارك وتفاقمت فى العامين اللاحقين على الثورة، خاصة فى فترة انتقالية هى الأصعب فى حياة المواطنين، وانتظر المصريون بوادر حل البطالة التى تلتهم أحلام 12 مليون عاطل ومنح فرص الحياة لفقراء يصل عددهم إلى أكثر من 25 مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر و16 مليوناً تؤويهم 1221 منطقة عشوائية فى قبور وشروخ جبال وعشش صفيح ومخرات سيول.. لم يتغير شيء خلال 200 يوم من حكم الرئيس محمد مرسى.. الأحوال الاقتصادية ساءت، ومنابع الدخل القومى جفت ليصل عجز الموازنة فى الـ 16 شهراً الأخيرة فقط إلى 8 مليارات جنيه، وتوقع خبراء وصول العجز إلى 200 مليار فى نهاية السنة المالية.
فى مقابل ذلك، ارتفعت أسعار السلع، ووصلت فى بعض الأحيان إلى 150٪ فى انعكاس لانهيار الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى، فضلاً عن سياسات نظام عجز عن تلبية احتياجات المواطنين وإنقاذ الاقتصاد المصرى من عثرته، ولم يجد أمامه سوى اجترار نظام مبارك الذى دأب على أسلوب الجباية ونهب المواطنين الغلابة فى فرض ضرائب ينوء بحملها شعب محمل أصلاً بأثقال جسام. ورغم أن العدالة الاجتماعية كانت رأس أهداف الثورة، إلا أن نظام الرئيس مرسى وجد أن الضرائب هى الحل، حتى لو كانت ضد هذه العدالة الاجتماعية، حيث يأتى القرار 102 لسنة 2012 بتعديلات قانون الضرائب، ثم يتم تأجيله «مؤقتاً» بسبب الاستفتاء على الدستور «الإخوانى».. ومن المنتظر تنفيذ القانون حرفياً وفقاً لتعليمات صندوق النقد الدولى مانح القرض المشروط والمثير للجدل.. وكان الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء الباقى فى منصبه رغم أنف الجميع قد أكد فى بيانه الأول أن حكومته ستعمل على توفير الحياة الكريمة للمواطنين قائلاً: «إن حياة المواطن لن تتغير والبطون خاوية، إلا أن حكومة قنديل ونظام مرسى لم يجدا سوى قرض صندوق النقد الدولى الذى يقدر بـ 4.8 مليار دولار كحل للأزمة.. وتشمل تعديلات الضرائب اللازمة لمنح الصندوق فرض ضرائب قيمتها 50٪ على السجائر و150٪ على المعسل والدخان والخمور، وفى هذا إقرار بما كانوا يعتبرونه من قبيل الفسق.. وتشمل الضرائب الجديدة ضريبة دمغة على أرصدة التسهيلات الائتمانية والسلف بنسبة 4٪ فى الألف، وضرائب على تراخيص السيارات، بما يشعل أسعار المواصلات التى ارتفعت مسبقاً بسبب أزمة السولار والبنزين.
ويأتى على رأس كوارث الـ 200 يوم الضريبة العقارية التى لم يجرؤ نظام مبارك على تطبيقها، إلا أن نظام مرسى حدد أول يوليو القادم موعداً لتطبيق الضريبة مع تعديل بسيط، بحيث تخضع للضريبة كل وحدة تصل قيمتها الإيجارية إلى 24 ألف جنيه سنوياً.
ويأتى الغلاء من أهم «إنجازات» نظام الرئيس مرسى فى الـ 200 يوم لتشهد السلع الغذائية تزايداً ملحوظاً فى الأسعار حسب تقارير الغرف التجارية، وأهم الزيادات كانت فى أسعار زيوت الطعام بأنواعها بنسبة تتراوح بين 10 و30٪، ولأننا نستورد أكثر من 80٪ من المواد الغذائية لتغطية الاستهلاك المحلي، فإن موجة الغلاء فى ازدياد مستمر، وهو ما سبق أن حذرت منه شعبة البقالة والمواد التموينية، مؤكدة أن الزيادة فى الأسعار لن تقل عن 20٪ بنفس قيمة انخفاض الجنيه وارتفاع الدولار، ومن أهم السلع التى ارتفعت أسعارها ومن المتوقع أن تشهد المزيد من الارتفاع السكر والألبان والحبوب والدقيق، وفى الـ 200 يوم خرج البنك المركزى ليحذر من أن احتياطى النقد الأجنبى لشراء السلع الأساسية يكفى 93 يوماً فقط، إلا أن وزير التموين وقتها أكد أن هذا الكلام مجرد شائعات وأن مخزون القمح يكفى 6 أشهر، والسكر حتى فبراير القادم، وأن احتياطى زيت التموين مقداره 105 آلاف جنيه، والزيت الحر 155 ألفاً، والأرز 7 ملايين.
ولم يمض العام الأول من حكم الرئيس محمد مرسى حتى عانى المواطنون من ارتفاع شديد فى المرافق والخدمات، كان على رأسها الغاز والكهرباء التى زادت فى ديسمبر 2012 بنسبة 7.5٪، وهناك زيادة مماثلة من المقرر أن تطبق فى شهر يناير الحالى، وحتى الأدوية زادت أسعارها بنسب متفاوتة، وصحيح أن الزيادة لم تتعد قروشاً فى بعض الأصناف، إلا أن أصنافاً أخرى زادت للضعف، وأرجع المسئولون هذه الزيادة إلى توالى خسائر الشركات، فضلاً عن تداعيات ارتفاع الدولار فى مقابل انهيار الجنيه، بما أثر بشكل كبير على التغليف، ووصل إلى الأدوية وكثير من السلع الغذائية لنفس السبب.
ربما لا يعلم الكثير من المواطنين علاقة انهيار الاحتياطى النقدى وزيادة الدين وتفاصيل اقتصادية أخرى مرتبطة بحياة الناس وتتعلق بغلاء مستلزماتهم الأساسية، لكن تبقى الحقيقة المؤسفة أن مصر تمر بحالة اقتصادية فى غاية السوء، وارتفعت فيها الديون الخارجية إلى 34 مليار دولار، والديون المحلية إلى تريليون جنيه، ووصل سعر الجنيه إلى أدنى مستوياته فى الآونة الأخيرة، فى حين لم يزد على 580 قرشاً قبل الثورة وحتى فى أثنائها ولم يكسر حاجز الـ 6 جنيهات إلا بقروش قليلة، وزاد عجز الميزان التجارى إلى ما يقرب من 12 مليار دولار نتيجة زيادة الواردات وانخفاض الصادرات.
وذهبت وعود الرخاء أدراج الرياح.. وكان الدكتور هشام قنديل الذى أصر الرئيس مرسى على وجوده على رأس الحكومة بعد الاستفتاء على الدستور قد وعد بمشروعات استثمارية واتفاقات تجارية مع إيطاليا والصين بما يعادل أكثر من 200 مليار دولار.. ولم ير المصريون سوى مزيد من سوء الأحوال. وساءت أوضاع الزراعة والصناعة والاستثمار، ووصلت خسائر قطاع السياحة إلى 30 مليار دولار على مدى العامين الماضيين.
ووفقاً لتصريحات رئيس غرفة السياحة والسفر فإن خسائر قطاع السياحة أسبوعياً تبلغ 300 مليون دولار، منذ صدور الإعلان الدستورى فى الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر الماضى.
وأضاف أن السياحة المصرية خسرت موسم السياحة الشتوي، وأن نسبة الإشغال فى الغردقة وشرم الشيخ وصلت إلى 50٪، ويأتى ذلك فى ظل معاناة قطاع السياحة من أزمة السولار لاعتماد أتوبيسات السياحة عليه، ومع توالى تدهور قطاع السياحة أثر الوضع بشكل ملحوظ على العاملين بها، حتى إن 15٪ منهم فقدوا وظائفهم، وتعرضت نسبة كبيرة أخرى لتخفيض رواتبهم بسبب سوء الأوضاع.
أما قطاع الصناعة فقد تأثر بشكل بالغ ولم يشهد أى تطور منذ أن تولى الدكتور مرسى رئاسة الجمهورية، بل وصلت خسائر القطاع إلى 20٪ بسبب انقطاع الكهرباء فقط فى المائة يوم الأولى بعد توليه الحكم.
وبسبب تراجع التصنيف الإنمائى لمصر وارتفاع نسبة الركود وتراجع الجنيه أمام الدولار استمر خسائر قطاع الغزل والنسيج، ولم يشهد خلال حكم الرئيس مرسى أى خطة لإنقاذ كبرى الصناعات المصرية، مما أدى إلى وصول نسبة توقف المصانع داخل القطاع إلى 40٪.
واستمرت كوارث قطاع الأعمال العام الذى لم تسع حكومة الإخوان ونظام مرسى لاتخاذ أى خطوة على طريق إنقاذ 400 ألف عامل المتبقين فى 9 شركات قابضة و151 شركة تابعة لها مازالت مملوكة للدولة وتعانى من الإهمال وتهددها المشاكل المالية بالتوقف رغم أن هذه الشركات ركن أساسى فى الاقتصاد المصرى الذى يحتاج إلى عناية مركزية، بل لجأ النظام الحالى لعقد اتفاقيات مع إيطاليا والصين، وتركت ما يقرب من نصف مليون عامل مصرى يواجهون التشرد وخراب البيوت.
وفى الـ 200 يوم الأولى من حكم الرئيس مرسى زادت أحوال الفلاحين سوءاً، رغم أنهم مصدر أهم السلع الغذائية والاستراتيجية، وبعد أن وعدهم الرئيس بشراء طن الأرز بـ 2000 جنيه اشترت وزارة التموين 500 ألف طن فقط بأسعار تراوحت بين 1450 و1600 جنيه، وتكدست 6 ملايين طن أرز شعير فى مخازن الفلاحين، كما واجه الفلاحون مشكلة تكدس القطن، حيث لم تتقدم الحكومة لشراء أقطان الموسم الحالى التى بلغت 2.8 مليون قنطار ولم تعمل على تسويق 900 ألف قنطار متراكمة من العام الماضى ولم تصرف الدعم المقرر ولم تضع الحكومة سياسة واضحة بشأن زراعة القمح، ولم تزرع سوى 40٪ من المساحة المخصصة، فى حين لم يجد الفلاح التقاوى الجيدة، ولم يتم تعميم الأصناف الجيدة واستخدام الفلاحين التقاوى المخزنة لديهم من الموسم السابق، فضلاً عن عدم حل مشكلة ديون الفلاحين التى أمر الرئيس بإسقاطها.
وبشكل عام، ووفقاً لرؤية الدكتور حمدى عبدالعظيم رئيس أكاديمية السادات الأسبق فإن الأداء الاقتصادى ضعيف جداً فى نظام الرئيس مرسى وحكومته، وهناك مؤشرات عديدة على ذلك، أولها أن معدل النمو الاقتصادى لا يتعدى 2.2٪، رغم أنهم قالوا إنه 2.6٪ طبقاً لبيانات شهر سبتمبر، والواقع أنه منخفض وتراجع عن السنة الماضية وقبل الثورة، وهو أقل مما تم إعلانه فى البرنامج الانتخابى للرئيس عندما ذكر أنه فى نهاية السنة الأولى 2012 من المفترض أن يكون 4٪ لم يتحقق نصف هذه النسبة.
وأشار البيان إلى أن معدل البطالة سينخفض إلى النصف، لكنه زاد بسبب إهمال الاستثمارين الداخلى والخارجى.
وهناك مؤشر آخر يتبلور فى قضية الديون التى زادت من نهاية يونيو فى بداية حكم «مرسي» بشكل غير مسبوق وتجاوزت 1.3 تريليون دينى داخلى فقط، ولم تدخل فيه ديون الهيئات الاقتصادية وبنك الاستثمار القومي، لو وضعناها فى الاعتبار لوصل لأكثر من 100٪ من الإنتاج المحلى.
أما الدين الخارجى فإنه انخفض 33 ملياراً قبل تولى الدكتور مرسى الحكم، وارتفع حالياً 35 مليار دولار.
وتبقى مشكلة غلاء الأسعار بشكل غير طبيعى مؤثراً على سوء الأداء بسبب سياسات حكومية تفرض ضرائب مبيعات وترفع أسعار المياه والكهرباء والطاقة والبنزين والأدوية حيث زادت أسعار 39 صنفاً جملة واحدة.
ثم يأتى مؤشر العملة، حيث ارتفع الدولار مقابل الجنيه بشكل غير مسبوق، واقترب من 6 جنيهات و60 قرشاً.
أما العجز فى ميزان المدفوعات فقد تجاوز الـ 18 مليار دولار، وقد يصل عجز الموازنة إلى 200 مليار جنيه، وهو رقم لم يحدث من قبل، مما ينذر بموجة أخرى من ارتفاع الأسعار فى الفترة القادمة، مع الأخذ فى الاعتبار أن البعد الاجتماعى مازال متدنياً والأعباء تزيد على الفقراء ومحدودى الدخل، مع انخفاض معاشات الضمان الاجتماعى وعدم تطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور، ويبدو أن هناك من يعطله.
سألت الدكتور حمدى عبدالعظيم عن حقيقة قضية الإفلاس التى ثار حولها الجدل فقال: الإفلاس بالمعنى التجارى هو العجز عن سداد الديون، والنظام يقول إنه قادر على دفع الديون فى ميعادها، أى أن النظام يأخذ من الودائع ويسدد منها الديون، ويعتبر هذا حلاً وهمياً، لكنه يمنع إعلان الإفلاس. والإفلاس بالمعنى الأوسع يعنى أنه سيأتى وقت لا تستطيع فيه شراء احتياجاتنا، وكان هذا وارداً، لكن رفع «قطر» المساعدات إلى 5 مليارات، رفع بالتالى الاحتياطى فى البنك المركزى وهذا أيضاً حل وهمي للأزمة.. ويضيف الدكتور عبدالعظيم أن النظام الحالى يسخر كل الجهود للقضايا والصراع السياسى فى حين أن الملف الاقتصادى مازال مغلقاً فى نظام الدكتور محمد مرسى.
مرسى شطر الشعب نصفين.. فشل في تحويل شعارات ثورة يناير إلي واقع
متخبط.. متناقض.. ضعيف.. حالم.. مخيب للآمال.. هذه بعض صفات أطلقها سياسيون ونشطاء حقوقيون وخبراء في علم النفس، في محاولة لتقييم أداء الرئيس محمد مرسي بعد 200 يوم علي توليه رئاسة مصر
بعد ثورة 25 يناير التي ثار فيها الشعب المصري علي نظام «مبارك» بكل ما ورثه للوطن من فساد وظلم.
كان علي أول رئيس منتخب أن يضع نصب عينيه في إدارة البلاد طموح الشعب الذي وضع عليه الآمال في تحقيق شعارات ثورة نادت بالحرية والعيش والعدالة الاجتماعية، لكن أداء الرئيس جاء مخيباً لآمال الناس، ولم تحقق الوعود التي وعد بها، حتي في القضايا الخمس الاساسية التي كانت عماد برنامجه الانتخابي، بل واتسم الأداء في مجالات السياسة والاقتصاد بكثير من الفشل والتخبط وتنامي استعداء القوي السياسية والثورية التي ناصبها النظام العداء، سواء في الإصرار علي تمرير دستور رفضه الجميع ولا يمثل غير فصيل الإخوان المسلمين، وانتهاء بالإصرار علي حكومة الدكتور هشام قنديل وتطعيمها بالمزيد من العناصر «الإخوانية» رغم توجيه الانتقادات لها وتحقيقها فشلاً ذريعاً علي جميع المستويات، وتظهر دلائله في انهيار اقتصادي واضح وإحباط اجتماعي يتوالي ويتفاقم مع زيادة احتياجات أساسية للمواطنين عجزوا عن تلبيتها.
وعود الرئيس لم يصل منها شيء إلي المواطن الباحث عن العدالة والحق في الحياة.. حتي حقوق الشهداء التي وعد بأن تكون علي قائمة أولوياته لم تصب اصحابها.
لم ينجح الدكتور محمد مرسي في تحقيق مطالب الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية، وزاد عليها مطلب جديد بأن يمنع حدوث حرب أهلية بسبب الانقسام الذي أدت إليه سياساته، وهذا ما يراه الناشط السياسي محمد زارع، رئيس الجمعية المصرية لحقوق السجناء الذي أشار إلي أن الأوضاع الاقتصادية تدهورت وأن الرئيس وحكومته ينظروا إلي الفقراء، في الوقت الذي يعيش فيه 50٪ من الشعب تحت خط الفقر، ويتبع النظام الحالي نفس خطوات النظام السابق القائمة علي الرأسمالية وتضييع حقوق البسطاء.
كما فشل نظام «مرسي» في تحقيق الحرية، وهناك ميليشيات تابعة للسلطة عطلت المحاكم وحاصرت مدينة الانتاج الإعلامي واقتحمت جريدة الوفد، لم يكن هناك جهد حقيقي لمنع الانتهاكات، بل إنه يتم الآن الدفع بقانون التظاهر الذي يكبل الحريات أكثر مما حدث في عهد «مبارك»، حيث ينص علي التفتيش في الاجتماعات والمؤتمرات، وكل هذا بالقانون، بالإضافة إلي استمرار حالات التعذيب، ولدينا العديد من الحالات تؤكد ذلك، وهم يريدون للشرطة صلاحيات أكبر من صلاحياتها في النظام الذي ثرنا عليه.
ويصف «زارع» أداء الدكتور محمد مرسي بـ «المؤسف» فقد كنا نعتقد أن جماعة الإخوان لديها امكانات وكفاءات أكثر مما ظهرت عليه، واتضح انهم بلا كفاءات وليس لديهم ثقة بالناس، وعندهم رعب من الآخرين، ويتمسكون بالسلطة بشكل كبير، ولن يتركوها بالدم.
ويضاف إلي ذلك أن أداء الدكتور محمد مرسي «متخبط.. ومتناقض» فهو يتحدث تارة بالقانون وتارة أخري بالعنف، ومن الواضح أنه عندما كان يقول في خطبه للشعب «كيف تختارون رجلا من نظام قديم قتلنا» كان يتودد إلي الشعب الذي اختاره فقط، لأنه لا يريد «شفيق» واتضح بعد ذلك أن الجرائم التي ارتكبت في عهد مبارك وحوكم بشأنها هي نفسها التي ارتكبت في عهد مرسي من قتل متظاهرين في أحداث «الاتحادية».. ولا نعلم هل هي «لعنة» الكرسي التي تجعل الحاكم يحتقر شعبه وتتولد لديه رغبة في إهانته، وهذا ليس هو محمد مرسي الذي كان يتسم بالبساطة، ويتحدثون الآن عن شرائه البدل من لبنان بـ 100 ألف دولار.
وأضاف الرئيس «تحول» و«الإخوان» تحولت إلي جماعة متعطشة للسلطة ولديهم نهم شديد للوظائف وجمع ثروات البلاد وحب السيطرة، ومن خلال أداء الرئيس مرسي فإننا نفقد الأمل في الـ 100 يوم الأولي والثانية، بل والأربع سنوات المتممة لولايته.
يقول أحمد عودة عضو الهيئة العليا بحزب الوفد بكل أسف كنا نتمني نجاح أول رئيس مدني منتخب بعد سنوات من الحكم الديكتاتوري البغيض ولكن «يا فرحة ما تمت» لأن أداء الرئيس الجديد وحكومته «متراخ» وضعيف للغاية، ولم يظهر حتي الآن أي أثر ملحوظ أو بادرة لنجاح في المجال الاقتصادي أو خدمات المرافق، ومازلنا نعاني من أزمات الخبز والبنزين والسولار والبوتجاز، والمرور والنظافة وانعدام الخدمات الصحية في المستشفيات العامة إلي جانب انهيار التعليم، وهذه الكارثة تؤكد أن نتيجة أداء الرئيس تساوي «صفر».
ونستطيع أن نقول من خلال أدائه إن هناك من يملي عليه تصرفاته وقراراته، سواء مكتب الارشاد أو قيادات الإخوان بشكل عام، وهذا ما أدي إلي ظهور قرارات وتصرفات متخبطة ومتناقضة قبل صدور قرارات والتراجع عنها، وهذا مؤشر يدل علي الضعف والتراخي والتناقض لأبعد الحدود، ويؤكد ما سبق من أن هؤلاء ضعاف، إلا أنهم يحتمون بالفرق المسلحة، وهذا تحت سمع ومرأي من الرئيس، إضافة إلي عدم تعليق الرئيس علي تعطيل جلسات المحاكم أكثر من شهر، إلي جانب أن رجاله ذهبوا وحاصروا المحكمة الدستورية بالسلاح ومنعوا الجلسات من الانعقاد، وتراخي الرئيس شيء مستفز، ويؤكد إما ضعفه أو موافقته علي كل هذه الأفعال.
ويري عبدالغفار شكر، حزب التحالف الشعبي، أن الدكتور مرسي رئيس الجمهورية يتصرف ليس حسب أولويات احتياجات الشعب المصري من مشاكل اقتصادية واجتماعية حادة تتطلب حلولاً سريعة ومدروسة وممكنة من خلال السياسة الاقتصادية، وتلبية احتياجات الفقراء وضحايا البطالة والعشوائيات، وكل اهتمام الرئيس بمسائل أخري خلاف هذه المسائل التي تعني عموم المواطنين، بل إن اصداره الإعلان الدستوري جاء علي عكس ارادة القوي السياسية والأهداف الأكثر ديمقراطية، بل فوجئنا بتحصين مجلس الشوري وفتح الرئيس لنفسه صلاحيات موسعة، الرئيس يعمل في اطار مصلحة الجماعة علي حساب المصريين جميعاً، في حين أنه مطالب بتخفيف حالة الاحتقان السياسي ومطالب بشكل ملح بالاستماع إلي كل القوي وإعطاء فرصة للجميع وليس العمل علي تمكين الإخوان المسلمين من كل مفاصل الدولة، وأضاف: زيادة عدد الوزراء والمحافظين ورؤساء المدن وكبار المسئولين تثير كثيراً من الشكوك حول أهداف الرئيس والجماعة من السيطرة علي الدولة واقصاء القوي الأخري، وهو في كل سياساته لا يملي عليه أحد سياسياته، لأن الدكتور مرسي ينتمي إلي الجماعة ومقتنع بفكرهم فما يفعله يفعله بإرادته وليس جبراً، لأنه أحد أفراد الجماعة ويعمل علي تنفيذ سياساتها.
كان من الضروري أن نسأل خبراء الطب النفسي عن وجهة نظرهم فيما يثار حول أداء الرئيس محمد مرسي خلال الفترة السابقة، وأهم ملامح هذا الأداء من وجهة نظر الدكتور هشام بحري أستاذ الطب النفسي أن الرئيس محمد مرسي بدا «حالماً» في وعوده في الـ 100 يوم الأولي وإلي الآن، ويضيف: اننا نقيم أي إنسان علي عدة أسس هي السلوكيات والتفكير المنطقي والخطوات العقلانية والوسائل الخاصة التي يتبعها، والرئيس وعد بأن ينفذ عدة وعود في بداية توليه الحكم وعندما وعد لم يكن هناك أي تخطيط لتحقيق هذه الوعود، وهذا ما اتضح بعد ذلك، فمن المفترض أن الرؤية أو الحلم تكون علي اساس خطوات وخطط موضوعة حتي لا يصبح الموضوع مجرد كلام، كان يتعين علي الرئيس الاستعانة بأهل الخبرة وحكومة قوية، وهذا لم يتم، لذا وقفنا عنه الحلم وأصبحنا نعيش في فترة رئاسية مليئة بالاحلام.
ويشير «بحري» إلي أن الإخوان بشكل عام لديهم دائماً غضب تجاه من ينتقدهم ومن يرفضهم، ويتهمونه بأنه «متآمر» أو «فلول» أو «كافر» أو «علماني» ويصدرون هذه الاتهامات بدلاً من الاستعانة بخبراء للتخطيط وتحقيق ما وعدوا به.
ويوضح الدكتور بحري أن الرئيس محمد مرسي يتحدث أحيانا بطريقة شديدة التناقض، وعلي سبيل المثال فإنه قال في حوار مع التليفزيون الأمريكي «نحن دولة تعتبر المسلم والمسيحي واليهودي إخوة، وهناك مساواة بين الأديان». ثم يقول في مؤتمر أطباء الشرقية «إن ألد اعدائنا هم اليهود، وأن الإسلام يحثنا علي كراهية اليهود».
وهذا التناقض يعكس أمرا من اثنين، إما أنه يغير رأيه بسرعة، أو أن لديه رأيين، أحدهما رأي شخصي والآخر ليس رأيه، وبهذا يظهر التناقض.
"مرسي" فى خدمة "العشيرة"
11 وزيراً ودستور إخوانى ومجلس شورى وقانون انتخابات ردىء.. أدوات الرئيس لدعم الجماعة
«أهلى وعشيرتى» هكذا بدأ مرسي رئيس الجمهورية حديثه لمؤيديه بعد إعلان الدستورى الشهير، هذه العبارة ورغم بساطتها كان لها معنى خطير، فقد كشفت حجم ولاء الرئيس لجماعته وعشيرته، وهو أيضا ما كشفت عنه الأحداث خلال المائتى يوم الماضية من حكم الرئيس الذى انتخبته جموع المصريين، فى حين تبين أنه لا يعمل إلا لمصلحة العشيرة، فقد عمد الرئيس إلى تمكين جماعة الإخوان المسلمين من السيطرة على كافة مقاليد الحكم فى البلاد، ورغم وعوده السابقة بأن حكومته ستكون مشكلة من كافة القوى الوطنية، إلا أن تشكيلها جاء مزيجا من الجماعة والفلول، والتعديل الوزارى الأخير خير دليل على ذلك، هذا بالإضافة إلى إصراره على تمرير الدستور رغم عدم توافق القوى الوطنية عليه، ثم جاء قانون الانتخابات الذى تصر الحكومة على تمريره ليؤكد أن الرئيس وحكومته يعملان لهدف واحد وهو إحكام سيطرة الجماعة على حكم مصر تشريعيا وتنفيذيا.
أثناء حملته الانتخابية وعد الدكتور محمد مرسى بأنه سيكون رئيسا لكل المصريين، ولكن خلال مدة حكمه التى بلغت 200 يوم كشف الواقع أن الأقوال عكس الأفعال، فالرئيس لا يعمل من أجل مصر بل من أجل جماعته، شغله الشاغل تحقيق أهداف الجماعة فى الانفراد بحكم مصر، ورغم إبقاء الرئيس على حكومة الجنزورى لمدة شهرين تقريبا بعد توليه المسئولية لم يكن سوى مراوغة لإثبات أن البديل الأفضل هو الجماعة، وفى ظل حكومة الدكتور هشام قنديل الذى زعم أنها حكومة تكنوقراط، استفحلت مشكلات مصر ليطرح اسم خيرت الشاطر كرئيس وزراء منتظر ينقذ مصر من كبوتها، ثم جاء التعديل الوزارى الأخير بحكومة الدكتور قنديل متضمنا أسماء ثلاثة وزراء منتمين فعليا لجماعة الإخوان المسلمين، وهم الدكتور محمد على بشر وزير التنمية المحلية وعضو مكتب الإرشاد بالجماعة ، وحاتم عبد اللطيف وزير النقل، وباسم كامل وزير التموين، وبذلك يصبح عدد الوزراء المنتمين للجماعة رسميا بحكومة قنديل 11 وزيرا، بالإضافة للوزراء الموالين للجماعة وغير منتمين لها وعلى رأسهم رئيس الحكومة نفسه، مما أدى إلى وصف المراقبين لهذا التعديل الوزارى بأنه خطوة فى سبيل سيطرة الجماعة على الحكم، وهو ما ذهب إليه حسين عبد الرازق القيادى بحزب التجمع، مشيرا إلى أن الرئيس وجماعته قاموا بعدد من الإجراءات للسيطرة على مفاصل الدولة أهمها الدستور السلفى الإخوانى الذى يعكس وجهة نظر الجماعة، ويؤسس لدولة دينية أو شبه دينية استبدادية، وينتهك استقلال القضاء وحرية الصحافة والإعلام، وبعدها جاءت التعديلات التى تم إدخالها على قانون الانتخابات البرلمانية، والتى ستؤدى إلى إعادة إنتاج مجلس نواب يحمل كل سوءات مجلس الشعب السابق، الذى تمتع فيه الإخوان وأنصارهم من السلفيين بالأغلبية، كما منح الرئيس السلطة التشريعية لمجلس الشورى لفرض الهيمنة الإخوانية على البلاد، فمن خلاله سيتم إصدار القوانين التى تسمح بفرض المزيد من السيطرة الإخوانية على مصر، وعلى كافة مفاصل الدولة، كذلك فالتعديل الوزارى الأخير خطوة أخرى فى هذا الاتجاه، وسيقوم الرئيس فى الفترة المقبلة بتعيين عدد من المحافظين المنتمين للجماعة لضمان السيطرة التامة على المحليات.
وأضاف عبد الرازق لقد عمل الرئيس وجماعته طوال الفترة الماضية للسيطرة على الصحافة القومية من خلال تغيير 50 قيادة صحفية، بعد أن نجحوا فى السيطرة على الإعلام الرسمى بتعيين وزير موال لهم، ثم سعوا للسيطرة على بعض القنوات التليفزيونية الخاصة، ولكن هذه المحاولات اصطدمت بمقاومة داخل التليفزيون الرسمى وبعض المؤسسات الصحفية القومية وبعض القنوات الخاصة، ومن ثم لم يفلحوا فى إحكام قبضتهم تماما على هذه المنافذ، وما زالت محاولاتهم مستمرة، كذلك فقد حاولوا مرارا السيطرة على القضاء ولم تفلح إجراءاتهم القمعية ضد السلطة القضائية فى إخضاعها رغم العدوان عليها بالنصوص الدستورية القمعية، وبذلك يمكننا القول بأنهم نجحوا جزئيا فى السيطرة على عدد من مفاصل الدولة ولكنهم لم يفلحوا فى السيطرة عليها كاملة.
ويتفق مع هذا الرأى الدكتور نبيل عبد الفتاح الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام مؤكدا أن الرئيس مرسى عمل طوال الفترة الماضية على ترسيخ تواجد جماعة الإخوان المسلمين فى الحكم، إلا أنه لم يفلح تماما فى ذلك، خاصة فيما يخص المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية والاستخباراتية، فقد حاولت الجماعة السيطرة على هذه الجهات إلا أن تركيبة هذه المؤسسات البعيدة عن التحزب أدت إلى فشل هذه المحاولات، فهذه المؤسسات تعد جزءا من الحركة الوطنية المصرية، وهى جزء من مؤسسات بناء الدولة الحديثة ودورها هو حماية الأمن القومى المصرى والدفاع عن الدولة، ومن هنا فهذه المؤسسات بحكم وظيفتها وتركيبتها فهى بعيدة عن الانتماءات السياسية، ولا يمكنها الانحياز لطرف سياسى، فلا يمكن لهذه المؤسسات الانحياز للطرف الذى يأتى به الصندوق الانتخابى لأنه قد يتغير، فهل سيتغير ولاء هذه الجهات للطرف الآخر الذى قد يأتى به الصندوق، ومن هنا فشلت المساعى الإخوانية للسيطرة على هذه الجهات، وأضاف عبدالفتاح على الجانب الآخر هناك محاولات إخوانية للسيطرة على باقى مؤسسات الدولة، ونجاحها يتوقف على مدى المقاومة التى تلقاها هذه المحاولات داخل المؤسسات المختلفة، خاصة أن أخونة كل أجهزة الدولة ستلقى مقاومة من القائمين عليها ومعظمهم غير منتمين للجماعة، ومن هنا تصبح السيطرة عليها صعبة، إنما ما قد تتمكن الجماعة من السيطرة عليه حقا هو التشريعات والسياسات من خلال السيطرة على صناديق الانتخاب، ومن ثم الحصول على الأغلبية وإصدار تشريعات تتوافق مع ميول الجماعة.
والوقائع التى حدثت منذ تولى الرئيس مرسى السلطة تؤكد أنه يسعى وجماعته للسيطرة على كل مفاصل الدولة، بدءا من تشكيل حكومة قنديل التى جمعت بين عدد كبير من رموز تيار الاسلام السياسى وفلول الحزب الوطنى، ثم جاء عزل المشير طنطاوى والفريق سامى عنان مؤكدا أن الرئيس يسعى للانفراد بالحكم، ثم الإعلان الدستورى والذى حصن التأسيسية التى سيطرت عليها الجماعة والسلفيون، وتحصينه لمجلس الشورى ضد الحل، وحتى التعديل الوزارى الأخير، واختيار الحقائب الوزارية التى تمس حياة المصريين اليومية ليسيطر عليها الإخوان، بدءا من التعليم والإسكان والتموين والمواصلات والشباب والإعلام والقوى العاملة والحكم المحلى، كلها إجراءات أكدت أن الرئيس لا يعمل لشيء سوى تثبيت أواصر جماعته فى الحكم، وهو ما يؤكده الدكتور أيمن عبد الوهاب الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، لافتا إلى أن المؤشرات كلها تؤكد أن هناك رغبة لدى الرئيس وجماعته لتنفيذ مخطط إحكام السيطرة على كل مفاصل الدولة، وبالفعل تم تعيين كوادر إخوانية أو موالية أو مؤيدة لهم فى المواقع القيادية، ومع وجود جهاز بيروقراطى كبير يدير دواليب العمل اليومية وهو أداة طيعة فى يد القيادة، أصبحت إمكانية السيطرة عليه أمرا سهلا، خاصة مع انتماء الرئيس المعلن لهذا التيار مما سيسهل من استيلاء الإخوان على الدولة، لذلك فقد كان للرسالة التى قدمتها مؤسسة الرئاسة عظيم الأثر فى السيطرة الإخوانية على الدولة، ورغم أن هذه السيطرة لم تتم بشكل كامل على كافة المؤسسات حتى الآن إلا أن استمرار مؤسسة الرئاسة فى تقديم هذه الرسالة التى تؤكد انتماءها لفصيل بعينه تجعل كافة مؤسسات الدوله خاضعة لهذا الفصيل، وهذا يعنى تحول هذه المؤسسات لخدمة حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، كما كانت تخدم الحزب الوطنى من قبل.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.