مجموعة إسلامية تعلن احتجاز 41 رهينة غربية في الجزائر وتحذر من القيام بعملية لإنقاذهم
سارع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى التعليق على عملية احتجاز الرهائن بموقع عين أمناس الجزائري باعتباره دليلا على مشروعية التدخل العسكري في مالي للقضاء على الحركات الإسلامية المسلحة. بيد أن الوجه الآخر للرسالة التي بعثها حادث عين أمناس هو أن حرب مالي لن تكون رحلة صيد تنقضي باصطياد عناصر التنظيمات الجهادية في صحراء مالي القاحلة وتحرير الشمال من سيطرة هذه التنظيمات.
وفضلا عن العنف الواضح للعملية التي نفذتها كتيبة جهادية متعددة الجنسيات أفرزت حرب مالي دعوات للجهاد ضد "فرنسا الغازية" أطلقها رموز وزعامات إسلامية وسلفية في مختلف دول المنطقة من مصر شرقا إلى المغرب في أقصى الشمال الأفريقي.
السلفيون.. إدانة فرنسا وتكفير المتعاونين معها
في المغرب أدان رموز السلفية المغاربة التدخل العسكري الفرنسي في مالي وذهبوا إلى حد تكفير المتعاونين معه. واستشهد الداعية السلفي المغربي عمر الحدوشي، لتكفير المتعاونين مع فرنسا في حربها في مالي، بفتاوى للشيخ عبد العزيز بن باز مفتي السعودية سابقا والعالم المصري أحمد شاكر الذي كفر المتعاونين مع الإنكليز ومفتي باكستان نظام الدين شامزي الذي حرم على الدول الإسلامية منح تسهيلات لاستخدام أراضيها وأجوائها من قبل دولة غير إسلامية.
وكتب الشيخ السلفي المغربي أبو حفص محمد رفيقي على صفحته في فيس بوك "إن إثم التعاون مع هؤلاء المحتلين لا يقل عن إثم الفرنسيين، فلا يجوز بأي حال من الأحوال مظاهرة ومناصرة هذه القوى الاستعمارية في اعتدائها على بلاد المسلمين"، مهيبا "بعلماء الأمة التصدي لهذا المنكر، وبذل كل الجهود لإيقاف هذه الجريمة".
من جانبه أدان الشيخ السلفي حسن الكتاني على صفحته في فيس بوك التدخل العسكري الفرنسي في مالي "باعتباره تدخلا في الشؤون الداخلية للمسلمين وهو أمر لا يمكن لأي مسلم إلا أن يستنكره".
وفي مصر دعا تيار "السلفية الجهادية" إلى تنظيم وقفة احتجاجية تحت شعار "لبيك ثم لبيك يا مالي يا دولة الإسلام" بعد صلاة الجمعة أمام السفارة الفرنسية في القاهرة للتنديد بالتدخل العسكري الفرنسي في مالي.
ونقلت صحيفة "المصري اليوم" عن زعيم التيار محمد الظواهري شقيق زعيم القاعدة أيمن، قوله أن الوقفة التي من المنتظر أن يشارك فيها عدد من التنظيمات السلفية في مصر، تهدف إلى توجيه رسالة إلى الحكومة الفرنسية بالتوقف عن ممارستها ضد الإسلاميين. وحذر الظواهري في تصريح للصحيفة المصرية أن "تكرار الاعتداءات الأوروبية وخاصة الفرنسية، على المسلمين باعتبار أنها نذير بعودة الاستعمار الفرنسي للشعوب العربية والإسلامية.
وفي موريتانيا أفتى عدد من العلماء بحرمة المشاركة في الحرب الفرنسية في مالي وطالبوا برفض التعامل مع "الدول الغازية الذين يحاولن احتلال شمال مالي المجاورة". وقال بيان العلماء "إن ما يطلبه اليوم أعداء الدين من النصرة والتأييد لهذه الحرب لا تجوز الاستجابة له بحال من الأحوال لأن نصرة الكفار ضد المسلمين من أعظم أنواع الولاء للكفر وأهله.. وأن على المسلمين أن يصطفوا دروعا دون إخوانهم وألا يصل إليهم العدو من جهتهم فضلا على أن لا يخذلوهم بإعانة العدو عليهم".
في تونس دعا شيوخ السلفية أئمة المساجد لإعلان حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية "من باب نصرة إخواننا المسلمين في مالي".
ومن قطر انتقد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الداعية يوسف القرضاوي العملية العسكرية في مالي معربا عن استعداده للوساطة هناك. وقال بيان الاتحاد من قطر إن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يتابع ببالغ القلق تطورات الأحداث في مالي، حيث "فرنسا استعجلت بالتدخل العسكري الذي لا يعرف منتهاه ولا آثاره الخطيرة من القتل والتدمير والتشريد والمآسي الإنسانية ومزيد من الفقر والبطالة والمجاعة التي تعاني منها مالي أساسا".
حرب مالي.. هل تندلع في شمال أفريقيا؟
يقول محمد بن حمو رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية أن التيارات السلفية المتطرفة المسلحة منها وغير المسلحة تجد في التدخل العسكري الفرنسي في مالي مطية للدعوة إلى مواجهة التدخلات الأجنبية باعتبارها حربا ضد الإسلام.. وهو الأمر الذي سبق وحدث مع التدخل في أفغانستان والعراق..
والتيارات السلفية حين تقف في وجه التدخلات الأجنبية، يقول بن حمو، فهي تحقق هدفا مزدوجا هو مواجهة الدول الأجنبية المتدخلة ثم الدول العربية التي تسهل عملية التدخل وتتعاون معها، دون أن تحدث أي تمييز بين العدو الخارجي والداخلي التي تدعو إلى مواجهته.
وتأتي خطورة التهديدات التي تطرحها الدعوات السلفية على امتداد المجال المغاربي والعربي هي أنها تشكل قاعدة عمل وفتاوى جهاد معلنة، تتحول إلى أفعال عدائية ضد فرنسا وحلفائها هنا وهناك، حتى وإن كان التدخل الفرنسي في مالي، كما يشير إلى ذلك بن حمو يندرج في إطار واضح وجاء بعد طلب رسمي من مالي ودعم أممي ودولي ومن دول المنطقة، ورسم أهدافا متعلقة بمواجهة الإرهاب في مالي وإعادة الشرعية لمؤسسات هذا البلد.
ويعود الخبير الاستراتيجي إلى حادث عين أمناس ليقف عند خطورة السياق الإيديولوجي الذي يسعى السلفيون للتحكم فيه والواقعي الذي يرتب في المنطقة إثر التدخل العسكري في مالي: فالحادث مرشح للتكرار في الجزائر أو في دول أخرى مجاورة في المنطقة.
يقول بن حمو إن المجموعة التي نفذت الهجوم على منشأة عين أمناس حضرت للهجوم في وقت كاف وبترتيب متأن وطويل الأمد، ولاشك أنها حصلت على حلفاء ومتعاونين من داخل الأمن ووسط موظفي الموقع، وهذا ما قد يفسر سهولة اقتحام الموقع والمعلومات التي توفرت لديها عن وجود موظفين من جنسيات مختلفة داخله.
ويشير الخبير الاستراتيجي إلى الدور الذي تلعبه بعض "الأوهام" التي يتم تسويقها إعلاميا حول تحكم الجزائر في حدودها مع مالي وإغلاقها بمجرد بدء العمل العسكري الفرنسي.. "فلا شك أن بين الإعلان الرسمي حول إغلاق الحدود وصعوبة تطبيق ذلك مسافة كبيرة، في آخر المطاف الحدود تبقى مفتوحة ومرتعا لتحركات المجموعات العنيفة التي قد تضرب هنا وهناك وفق الترتيب الذي تختاره".
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.