Free Web Submission http://addurl.nu FreeWebSubmission.com Software Directory www britain directory com education Visit Timeshares Earn free bitcoin http://www.visitorsdetails.com CAPTAIN TAREK DREAM: الجاسوسة هبة سليم, الخائنه التى بكت عليها جولدا مائير

Friday, April 26, 2013

الجاسوسة هبة سليم, الخائنه التى بكت عليها جولدا مائير

قصة الجاسوسة هبة سليم( الخائنه )
 
تمثل قصه حياة الجاسوسه هبه سليم القصه الحقيقه لفيلم الصعود الي الهاويه

قصة وصور الجاسوسة هبة سليم( فلم الصعود للهاوية )


 وهي من أكثر ملفات الجاسوسية في المخابرات المصرية إثارة وخطورة يطل ملف الجاسوسة هبة سليم، كواحد من أشهر هذه الملفات، ليس فقط باعتبار أن المعركة التي دارت بين جهاز المخابرات المصري ونظيره “الإسرائيلي” “موساد”،كانت الأشرس بين الجهازين خلال تلك الفترة التي جرت فيها وقائع تلك القصة والتي استبقت حرب اكتوبربسنوات قليلة وإنما لكون “هبة” هي أول جاسوسة عربية، نجحت أجهزة الاستخبارات “الإسرائيلية” في تجنيدها الثابت في ملفات جهاز المخابرات المصري أن هبة سليم عملت لمصلحة جهاز “موساد” “الإسرائيلي”، ليس من أجل المال، وإنما من أجل وهم كبير سيطر على عقلها،
 وخدعة أكبر تملكت وجدانها، صورت لها “إسرائيل” في صورة “دولة عظمى لا تقهر”.


في المقابل كانت هبة سليم تمثل بالنسبة لجهاز الاستخبارات “الإسرائيلي” الكثير،
لذلك لم يكن غريبا أن تبكي جولدا مائير حزناً على مصير فتاتها المفضلة، التي وصفتها ذات يوم بقولها: “لقد قدمت ل”إسرائيل” من الخدمات، أكثر مما قدم زعماء “إسرائيل” أنفسهم”. والثابت أيضا أنه مثلما بدأت قصة هبة سليم على نحو مثير، انتهت بصورة أكثر إثارة، حيث صدر الحكم بإعدامها ونفذ في دقائق، بعدما بدأت الضغوط “الإسرائيلية” تتزايد على القاهرة لاطلاقها، لدرجة توسط فيها وزير الخارجية الأمريكي حينذاك “هنري كيسنجر” لدى صديقه الرئيس السادات لتخفيف الحكم عليها،
قصة وصور الجاسوسة هبة سليم( فلم الصعود للهاوية )
في وقت كان الأخير يخطط فيه لمعاهدة كامب ديفيد، وقد تنبه السادات لذلك، فأمر بإعدامها فورا،بعد أن خشي من أن تقف تلك الجاسوسة عقبة في طريق ما يريد. ( هبة سليم)
 
البداية كانت في نادي الجزيرةمثل أي فتاة مصرية من الطبقة الراقية عاشت هبة عبد الرحمن سليم عامرحياة مرفهة، في بيت أسرتها الفاخر الكائن في ضاحية المهندسين الراقية، غير عابئة بما كانت تمر به مصر خلال فترة الستينات من تحولات.ومثل غيرها من بنات تلك الطبقة، راحت الفتاة الجميلة تقضي معظم وقتها في نادي “الجزيرة” الشهير، وسط مجموعة من صديقاتها اللاتي لم يكن يشغلهن حينذاك، سوى الصرعات الجديدة في الملابس، ومغامرات بعضهن وقصصهن العاطفية الملتهبة في أروقة النادي العريق. لم تكن هبة قد جاوزت العشرين من عمرها عندما وقعت نكسة عام ،1967 وكانت قد حصلت على شهادة الثانوية العامة،فألحت على والدها الذي كان يعمل وكيلا لوزارة التربية والتعليم، في السفر إلىباريس لإكمال تعليمها الجامعي، إذ كانت الغالبية العظمى من أبناء تلك الطبقة لا يلتحقون بالجامعات المصرية، ويفضلون الجامعات الأوروبية عليها. أمام ضغوط الفتاة المدللة، وافق الأب من دون أن يخطرعلى باله ولو للحظة واحدة، ما سوف تتعرض له ابنته في فرنسا، ليس بسبب حاجز اللغة،  حيث كانت هبة قد درست الفرنسية منذ طفولتها،
وإنما بسبب ما كان ينتظرهاهناك من شرك لم تقو على مقاومة السقوط فيه،فكان سقوطا مريعا وصادما.في فرنسا وجدت هبة سليم ما كانت تنشده من حرية،وفي مدرجات الجامعة كان الاختبار الأول لتلك الحرية المنشودة عندما تعرفت إلى فتاة يهودية من أصول بولندية دعتها ذات مساء لسهرة في منزلها، لتجد نفسها فجأة أمام عدد من الشبان اليهود الذين تعجبوا من قبولها الدعوة في بادئ الأمر، لكنهم سرعان ما راحوا يمطرونها بآيات الغزل، باعتبارها “مصرية جريئة ومتحررة لا تلتفت لحالة الحرب التي يعيشها بلدها،وتؤمن بالحرية إلى أقصى مدى”.
لم يكن الشاب اليهودي الذي كان في حقيقته ضابط مخابرات “إسرائيلي”، بحاجة إلى مجهود كبير لينجح في تجنيد هبة حيث كانت المناقشات الدائرة منذ فترة قد آتت ثمارها سريعاوباتت المصرية الغارقة حتى أذنيها في وهم الحرية الغربية تنظر بإيمان عميق إلى “إسرائيل” باعتبارها واحة الديمقراطية والحرية الجديدة،  لذا لم يكن أمام الضابط الوسيم سوى أن يشعل الفتيل مرة واحدة، ويؤكد لها أن تلك الدولة الديمقراطية الحرة القوية، قادرة بكل تأكيد على “حماية أصدقائها” بل وباستطاعتها بسهولة شديدة أن تنقذهم من أي خطر يتعرضون له، في أي مكان في العالم. كان فاروق عبد الحميد الفقي يعمل ضابطا في الجيش المصري وسقط في غرام هبة منذ شاهدها لأول مرة بصحبة عدد من صديقاتها في النادي، لكن الفتاة المتحررة كانت غير راغبة في الارتباط به حيث كان بالنسبة لها شابا عاديا لا يملك من مقومات فتى أحلامها شيئا. غرام في النادي عندما روت هبة ذات يوم لضابط الموساد “الإسرائيلي” عن الضابط فاروق،
 ومطارداته الساذجة لها في أروقة النادي وعبر هاتف بيت أسرتها، كاد يطير من الفرح بذلك الصيد الثمين ولم لا وقد تغيرت الخطة، فبدلا من أن ينحصر دور هبة في اللعب بأدمغة الطلاب العرب الذين يدرسون في الجامعات الفرنسية المختلفة بات من الممكن أن تلعب دورا أكبر وأهم، ولم يضيع ضابط الموساد وقتا ولم تمر سوى أيام معدودات حتى رسم لها خطة لاصطياد فاروق وتجنيده بأي ثمن، حتى لو كان هذا الثمن هو خطبتها له. عادت هبة إلى القاهرة،
وراحت تتردد على نادي الجزيرة مجددا، وتسأل صديقاتها الذين تعجبوا كثيرا لآرائها المتحررة للغاية عن فاروق، الذي ظهر بعد فترة قليلة غير مصدق أن الفتاة التي طالما تمناها لنفسه تبحث عنه. لم يصدق الضابط العاشق نفسه عندما فاجأته هبة ذات يوم بدلال مصطنع بسؤال حول مصير علاقتهما التي بدأ الناس يتحدثون عنها، فأخبرها فاروق انه يتمناها زوجة له منذ فترة وأنه على استعداد لأن يذهب ليطلب يدها من أسرتها فورا فارتسمت على وجه هبة ابتسامة انتصار عريضة.
 
كان فاروق دائم التغيب لفترات، وكانت تلك الفترات فرصة لشجار مفتعل تمكنت من خلاله هبة أن تحصل على بعض المعلومات الأولية عن طبيعة عمل خطيبها العاشق وكانت المفاجأة التي لم تتوقعها أنه يخرج في مهمات عسكرية على جبهة القتال، لتنفيذ مواقع جديدة لصواريخ حصلت عليها مصر سرا من روسيا، سيكون لها دور فعال في قطع يد “إسرائيل” إذا ما فكرت في العدوان على مصر. معلومات خطيرة للغاية كان فاروق يشعر أمام ثقافة هبة الفرنسية الرفيعة ووجهات نظرها شديدة التحرر بنقص شديد، راح يعوضه بالتباهي أمامها بأهمية عمله، وهبة من جانبها تسخر مما يقول حتى كانت المفاجأة التي لم تتوقعها ذات يوم، عندما دعاها إلى بيته وتحدث معها في أدق الأسرار العسكرية قبل أن يفاجئها بعدد من الخرائط العسكرية الخطيرة التي كان يحملها في حقيبة خاصة، ويشرح لها بالتفاصيل أماكن المواقع الجديدة.أرسلت هبة ما حصلت عليه من معلومات من فاروق إلى باريس حيث ضابط الموساد الذي يتولاها برعايته وأرسل هذه المعلومات من فوره إلى تل أبيب التي سرعان ما توصلت إلى صحة هذه المعلومات وخطورتها فطلبت من رجلها في فرنسا أن يوليها اهتماما كبيرا، باعتبارها عميلة فوق العادة. ولم تمض سوى أسابيع قليلة حتى تلقت هبة التعليمات الجديدة والتي تمثلت في العمل بكل الطرق للحصول على طبيعة تسليح هذه المواقع، والمواد المستخدمة في بناء قواعد الصواريخ ومواقعها التبادلية المقترحة كانت التعليمات الجديدة تقتضي أن تسافر هبة إلى باريس على وجه السرعة، فسافرت بعد أن تحججت لخطيبها العاشق بإنهاء أوراق رسالتها للدكتوراه، بينما كانت تحمل في مفكرتها الصغيرة صفحات دونت فيها معلومات غاية في السرية والأهمية لدرجة حيرت ضابط المخابرات “الإسرائيلي” الذي سألها صراحة كيف تستطيع الأم الكبيرة مكافأتك على هذه المعلومات الخطيرة؟ وكانت الإجابة تتمثل في عشرة آلاف فرنك فرنسي حملها ضابط الموساد إلى هبة قبل أيام من عودتها إلى القاهرة مع وعد بمبالغ أكبر وحياة رغدة في باريس، لكن هبة رفضت النقود بشدةوقبلت فقط أن تعيش الحياة الرغدة، لتقضي ثلاثة اشهر على نفقة الموساد في العاصمة الفرنسية قبل أن تعود إلى القاهرة مجددا بالتكليفات  الجديدة، التي كانت تتمثل في تجنيد خطيبها الضابط بالجيش المصري. فوجئ المقدم فاروق الفقي بالطلب الذي نزل على قلبه كالصاعقة بينما كانت هبة تموء مثل قطة وهي تعبث في خصلات شعره وانتفض فاروق من رقدته لكنه فهم بعد لحظات من الصمت العميق أنه لم يعد باستطاعته أن يتراجع. كانفاروق قبل ذلك بساعات قد فوجئ بفرط جرأة هبة معه عندما طلبت منه أن يصطحبها إلى منطقة هادئة بسيارته لكن السيارة لم تكن مناسبة لتنفذ الفتاة المتحررة ما كانت تخطط له فطلبت من فاروق أن يذهبا إلى شقته. كاد عقل فاروق يطير وهو يرى حلمه يتحقق، هبة ترقد إلى جواره وكانت الرغبة قد أعمت قلبه فلم يشعر بكارثة السقوط، ليكتشف بعدما أفاق من سكرة العشق أنه صار عميلاً للموساد نجحت هبة بمساعدة فاروق في الحصول على وثائق وخرائط عسكرية غاية في الخطورة عن منصات صواريخ “سام 6” المضادة للطائرات وفيما كانت الأنباء السارة تنهمر على تل أبيب كان جهاز المخابرات المصري يبحث عن حل للغز الكبير، والذي كان يتمثل في تدمير مواقع الصواريخ الجديدة أولاً بأول بواسطة الطيران “الإسرائيلي”، وحتى قبل أن يجف البناء، وكانت المعلومات كلها تشير إلى وجود “عميل عسكري” يقوم بتسريب معلومات سرية جداً إلى “إسرائيل”. زيارة إلى “إسرائيل”مستغربة انتقلت هبة إلى باريس للحصول على مكافأتها الكبرى وهناك عرض عليها ضابط الموساد زيارة “إسرائيل”ووصفت هبة فيما بعد تلك الرحلة مشيرة إلى أن طائرتين حربيتين رافقتا الطائرة التابعة لطيران العال التي أقلتها إلى تل أبيب عندما دخلت المجال الجوي “الإسرائيلي” كحرس شرف تحية لها، في إجراء لا يتم إلا مع الرؤساء والملوك فقط.في مبنى الموساد كان هناك استقبال أكبر، فقد كان في استقبال هبة جولد مائير و عاميت رئيس جهاز الموساد قصة وصور الجاسوسة هبة سليم( فلم الصعود للهاوية ) حينذاك، حيث أقيم حفل استقبال ضخم، انتهى إلى مفاجأة عندما وجدت هبة نفسها أمام مدخل مكتب فخم واصطف على الطريق المؤدي إليه عشرة من كبار الجنرالات يؤدون التحية العسكرية، قبل أن تفاجأ بأنها وجها لوجه أمام جولدا مائير شخصيا،
 التي قدمت هبة إلى الجمع قائلة: “أيها السادة إن هذه الآنسة قدمت ل”إسرائيل” خدمات أكثر مما قدمتم لها جميعا”.بعد عدة أيام عادت هبة إلى باريس وزاد يقينها بأن “إسرائيل” جنة يريد العرب تدميرها، بينما كان البحث لا يزال جاريا في القاهرةعن الجاسوس الغامض، حتى اكتشف الأمر أحد مراقبي الخطابات الصادرة إلى الخارج في قسم تابع للمخابرات المصرية.كان الخطاب موجها من فاروق إلى هبة، وكانت سطوره تفيض بالعواطف الجياشة، لكن الذي لفت انتباه المراقب الذكي تمثل في عبارة كتبها مرسل الخطاب تقول إنه “قام بتركيب إيريال الراديو الذي عنده”وكان عصر إيريال الراديو قد انتهى.انقلبت الدنيا في جهازي المخابرات الحربية والمخابرات العامة وتشكلت لجان من أمهر الرجال، مسحت شوارع حي الدقي حيث كان يقيم فاروق، حتى عثر أحد أفراد فرقة البحث على جهاز الإيريال فوق إحدى البنايات، ليكتشف ضباط المخابرات أن الشقة التي يصل إليها سلك الإيريال تخص ضابطا يعمل وقتها مديراً لمكتب إحدى القيادات المهمة في الجيش وكان هو نفسه المقدم فاروق عبدالحميد الفقي. كان فاروق في تلك الأثناء في مهمة عسكرية بعيدا عن القاهرة وعندما عاد إلى مكتبه، كان نائب مدير المخابرات الحربية في انتظاره، يجلس خلف المكتب، فارتجف فاروق من الرعب،وقال في الحال: “أنتوا عرفتوا؟”. (اعترافات في مبنى المخابرات) في التحقيقات التي أجريت في مبنى المخابرات المصرية اعترف فاروق بما حدث، وكيف جندته خطيبته، لكنه قال إنه لم يكن يعلم أن المعلومات التي قدمها لها كانت ستفيد العدو، وقدم فاروق سريعا للمحاكمة العسكرية التي قضت بإعدامه رميا بالرصاص، لكن جهاز المخابرات كان له رأي آخريتمثل في استثمار ما يضعه جهاز الموساد “الإسرائيلي” من ثقة في فاروق وشريكته، فطلب من فاروق أن يستمر في نشاطه خاصة أن هبة لم تعلم بعد بأمر القبض عليه والحكم بإعدامه. اقتيد فاروق إلى مكان خاص بالمخابرات المصرية، وخضع لسيطرة نخبة من الضباط تولت توجيهه، ليتم إرسال رسائل بواسطة جهاز اللاسلكي من صنع المخابرات الحربية، تم توظيفها بدقة ضمن مخطط للخداع فيما تواصل الاتصال مع هبة بعد القبض على فاروق لمدة شهرين، قبل أن تقرر المخابرات المصرية استدراج هبة إلى القاهرة بهدوء، حتى لا تنجح في الهرب إلى “إسرائيل” إذا ما اكتشفت الأمر. (خطة القبض علي هبة) كانت خطة القبض على هبة تتضمن أن يسافر ضابطان كبيران من جهاز المخابرات إلى ليبيا لمقابلة والد هبة الذي كان يشغل وظيفة كبيرة هناك، وإقناعه بأن ابنته تورطت في عملية خطف طائرة مع منظمة فلسطينية، وأن الشرطة الفرنسية على وشك القبض عليها، وما يهم هو ضرورة هروبها من فرنسا لعدم توريطها، ولمنع الزج باسم مصر في مثل هذه العمليات الإرهابية، وطلب الضابطان من والد هبة أن يساعدهما بأن يطلبها للحضور لرؤيته بزعم أنه مصاب بذبحة صدرية. أرسل الوالد برقية عاجلة لابنته فجاء ردها سريعا ببرقية تطلب منه أن يغادر طرابلس إلى باريس، حيث إنها حجزت له في أكبر المستشفيات هناك، وأنها ستنتظره بسيارة إسعاف في المطار، فقامت المخابرات المصرية بالتنسيق مع نظيرتها الليبية التي قامت بحجز غرفة في مستشفى طرابلس للأب، الذي أرسل مجددا لابنته يخبرها بعدم قدرته على السفر إلى باريس لصعوبة حالته. تأكدت المخابرات “الإسرائيلية” من صحة البرقية بأن أرسلت شخصين للتأكد من وجود والد هبة في المستشفى الليبي وعندها فقط سمح لها بالسفر على متن طائرة ليبية في اليوم التالي إلى طرابلس.عندما نزلت هبة عدة درجات من سلم الطائرة  في مطار طرابلسوجدت ضابطين مصريين في انتظارها، صحباها إلى حيث تقف طائرة مصرية على بعد عدة أمتار، فسألتهما: إحنا رايحين فين؟ فرد أحدهما: المقدم فاروق عايز يشوفك. فقالت: هو فين؟. فقال لها: في القاهرة. صمتت برهة ثم سألت: أمال أنتم مين؟ فقال: إحنا المخابرات المصرية (أسرع تنفيذ لحكم بالإعدام) مثلت هبة سليم أمام القضاء المصري ليصدُر بحقها حكم بالإعدام شنقا بعد محاكمة اعترفت أمامها بجريمتها، وأبدت ندماً كبيراً على خيانتها بل إنها تقدمت بالتماس لرئيس الجمهورية لتخفيف العقوبة لكن التماسها رفض  وأعدم فاروق الفقي بيد قائده بعد شنق هبة سليم بأيام ونفذ حكم الإعدام فيها بطريقة لم تحدث من قبل، وكان وقتها هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي قد حضر إلى أسوان لمقابلة الرئيس السادات، في أول زيارة له إلى مصر بعد حرب أكتوبر وفوجئ السادات به يطلب منه بناء على رغبة شخصية من جولدا مائير أن يخفف الحكم على هبة سليم، التي كانت تقضي أيامها في أحد السجون المصرية. وفطن السادات أن الطلب سيكون بداية لطلبات أخرى ربما تصل إلى درجة إطلاق سراحها، فنظر إلى كيسنجر في دهاء شديد قائلاً: “تخفيف حكم؟.. لقد أعدمت”. وعندما سأل كيسنجر في استغراب: “متى؟”مستغربة. رد السادات دون أن ينظر لمدير المخابرات الحربية الذي كان يقف على بعد خطوات وكأنه يصدر له الأمر: “النهارده أما الضابط العاشق – المقدم فاروق عبد الحميد الفقي فقد استقال قائده من منصبه لأنه اعتبر نفسه مسؤولاً عنه بالكامل. وعندما طلبت منه القيادة العامة سحب استقالته، رفض بشدة وأمام إصرار القيادة على ضرورة سحب استقالته خاصة والحرب وشيكة. .اشترط القائد للموافقة على ذلك أن يقوم هو بتنفيذ حكم الإعدام في الضابط الخائن. ولما كان هذا الشرط لا يتفق والتقاليد العسكرية. .وما يتبع في مثل هذه الأحوال. . فقد رفع طلبه الى وزير الدفاع "الحربية" الذي عرض الأمر على الرئيس السادات "القائد الأعلى للقوات المسلحة فوافق فوراً ودون تردد. وعندما جاء وقت تنفيذ حكم الإعدام رمياً بالرصاص في الضابط الخائن.. لا أحد يعرف ماذا كان شعور قائده وهو يتقدم ببطء. . يسترجع في شريط سريع تسع سنوات مرت عليهما في مكتب واحد. . تسع سنوات كان بعضها في سواد الليل. . وبعضها تتلألأ خلاله ومضات الأمل قادمة من بعيد. . الأمل في الانتصار على اليهود الخنازير القتلة السفاحين.. وبينما كان يخطط لحرب أكتوبر كان بمكتبه هذا الخائن الذي باع الوطن والأمن وقتل بخيانته أبرياء..لا أحد يعرف ماذا قال القائد له. . وماذا كان رد الضابط عليه. . لا أحد يعرف. هل طلب منه أن ينطق بالشهادتين، وأن يطلب المغفرة من الله؟. . . لا أحد يعرف.لكن المؤكد أنه أخرج مسدسه من جرابه. . وصوبه على رأس الضابط وأطلق طلقتين عليه كما تقضي التعليمات العسكرية في حالة الاعدام

بكت جولدا مائير على مصير هبة التي وصفتها بأنها “قدمت لإسرائيل أكثر مما قدم زعماء إسرائيل”
وعندما جاء هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي ليرجو السادات تخفيف الحكم عليها. .

كانت هبة تقبع في زنزانة انفرادية لا تعلم أن نهايتها قد حانت بزيارة الوزير الأمريكي.
لقد تنبه السادات فجأة إلى أنها قد تصبح عقبة كبيرة في طريق السلام، فأمر بإعدامها فوراً،

ليسدل الستار على قصة الجاسوسة التي باعت مصر ليس من أجل المال أو العقيدة. .

إنما الوهم الذي سيطر على عقلها وصور لها بأن إسرائيل دولة عظمى لن يقهرها العرب.
آمنت هبة بكل هذه الخرافات، ولم يستطع والدها – وكيل الوزارة بالتربية والتعليم – أن يمحو أوهامها
ولأنها تعيش في حي المهندسين وتحمل عضوية في نادي “الجزيرة”

فقد اندمجت في وسط شبابي لا تثقل عقله سوى أحاديث الموضة والمغامرات
وعندما حصلت على الثانوية العامة ألحت على والدها للسفر إلى باريس لإكمال تعليمها الجامعي،
وأمام ضغوط الفتاة الجميلة وافق الأب وهو يلعن هذا الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه
ولأنها درست الفرنسية منذ طفولتها فقد كان من السهل عليها أيضاً أن تتأقلم بسرعة مع هذا
الخليط العجيب من البشر.

إنها الحرية بمعناها الحقيقي، الحرية في القول والتعبير .
جمعتها مدرجات الجامعة بفتاة يهودية من أصول بولندية دعتها ذات يوم لسهرة بمنزلها،

وهناك التقت بلفيف من الشباب اليهود الذي تعجب لكونها مصرية جريئة
لقد أعلنت صراحة في شقة البولندية أنها تكره الحرب، وتتمنى لو أن السلام عم المنطقة.

وفي زيارة أخرى أطلعتها زميلتها على فيلم يصور الحياة الاجتماعية في إسرائيل،

وأسلوب الحياة في “الكيبوتز” وأخذت تصف لها كيف أنهم ليسوا وحوشاً آدمية كما يصورهم
الإعلام العربي ، بل هم أناس على درجة عالية من التحضر والديمقراطية.

وعلى مدار لقاءات طويلة مع الشباب اليهودي. .
استطاعت هبة أن تستخلص عدة نتائج كحقائق ثابتة. أهم هذه النتائج أن إسرائيل قوية جداً
وأقوى من كل العرب.



وأن أمريكا لن تسمح بهزيمة إسرائيل في يوم من الأيام بالسلاح الشرقي.. ففي ذلك هزيمة لها.
آمنت هبة أيضاً بأن العرب يتكلمون أكثر مما يعملون. وقادتها هذه النتائج إلى حقد دفين على العرب
وثقت هبة أيضاً في أحاديث ضابط الموساد الذي التقت به في شقة صديقتها. .

وأوهمها باستحالة أن ينتصر العرب على إسرائيل وهم على خلاف دائم وتمزق خطير

في حين تلقى إسرائيل الدعم اللازم في جميع المجالات من أوروبا وأمريكا.
كانت هذه الأفكار والمعتقدات التي اقتنعت بها الفتاة سبباً رئيسياً لتجنيدها للعمل لصالح الموساد ..

دون إغراءات مادية أو عاطفية أثرت فيها، مع ثقة أكيدة في قدرة إسرائيل على حماية “أصدقائها”
هكذا عاشت الفتاة أحلام الوهم والبطولة، وأرادت أن تقدم خدماتها لإسرائيل طواعية ولكن.. كيف؟
فقط تذكرت فجأة المقدم فاروق الفقي الذي كان يطاردها في نادي الجزيرة،

وإظهار إعجابه الشديد ورغبته الملحة في الارتباط بها
وتذكرت وظيفته الهامة في مكان حساس في القوات المسلحة المصرية
وفي أول أجازة لها بمصر. . كانت مهمتها الأساسية تنحصر في تجنيده ، وكان الثمن خطبتها له.

وفرح الضابط العاشق بعروسه وبدأت تدريجياً تسأله عن بعض المعلومات والأسرار الحربية. .
وبالذات مواقع الصواريخ الجديدة التي وصلت من روسيا. .

فكان يتباهى أمامها بأهميته ويتكلم في أدق الأسرار العسكرية، ويجيء بها بالخرائط زيادة في شرح التفاصيل.
أرسلت هبة سليم على الفور بعدة خطابات إلى باريس بما لديها من معلومات ولما تبينت إسرائيل خطورة
وصحة ما تبلغه هذه الفتاة لهم..

اهتموا بها اهتماماً فوق الوصف. وبدؤوا في توجيهها إلى الأهم في تسليح ومواقع القوات المسلحة. .
وبالذات قواعد الصواريخ والخطط المستقبلية لإقامتها،
وسافرت هبة إلى باريس مرة ثانية تحمل بحقيبتها عدة صفحات. .

دونت بها معلومات غاية في السرية والأهمية للدرجة التي حيرت المخابرات الإسرائيلية.

فماذا سيقدمون مكافأة للفتاة الصديقة ؟
سؤال كانت إجابته عشرة آلاف فرنك فرنسي حملها ضابط الموساد إلى الفتاة ..

مع وعد بمبالغ أكبر وهدايا ثمينة وحياة رغدة في باريس.

رفضت هبة النقود بشدة وقبلت فقط السفر إلى القاهرة على نفقة الموساد بعد ثلاثة أشهر
من إقامتها بباريس
لم يكن المقدم فاروق الفقي بحاجة إلى التفكير في التراجع، إذ أن الحبيبة الرائعة هبة كانت تعشش
بقلبه وتستحوذ على عقله..

ولم يعد يملك عقلاً ليفكر، بل يملك طاعة عمياء.وعندما أخذها في سيارته الفيات 124 إلى صحراء الهرم..
كان خجولاً ويتبعها أينما سارت. . وسقط ضابط الجيش المصري في بئر الخيانة ،
ليصير في النهاية عميلاً للموساد تمكن من تسريب وثائق وخرائط عسكرية..
موضحاً عليها منصات الصواريخ “سام 6″ المضادة للطائرات. .
التي كانت القوات المسلحة تسعى ليلى نهار لنصبها لحماية مصر من غارات العمق الإسرائيلية.
لقد تلاحظ للقيادة العامة للقوات المسلحة ولجهازي المخابرات العامة والحربية،
أن مواقع الصواريخ الجديد تدمر أولاً بأول بواسطة الطيران الإسرائيلي. حتى قبل أن يجف
الأسمنت المسلح بها، وحودث خسائر جسيمة في الأرواح، وتعطيل في تقدم العمل وإنجاز الخطة التي
وضعت لإقامة حائط الصواريخ المضادة للطائرات.
تزامنت الأحداث مع وصول معلومات لرجال المخابرات المصرية. . بوجود عميل “عسكري” قام بتسريب
معلومات سرية جداً إلى إسرائيل.

وبدأ شك مجنون في كل شخص ذي أهمية في القوات المسلحة، وفي مثل هذه الحالات لا يستثنى
أحد بالمرة بدءاً من وزير الدفاع.
“اتسعت دائرة الرقابة التليفزيونية والبريدية لتشمل دولاً كثيرة أخرى، مع رفع نسبة المراجعة والرقابة
إلى مائة في المائة من الخطابات وغيرها،
كل ذلك لمحاولة كشف الكيفية التي تصل بها هذه المعلومات إلى الخارج.
كما بدأت رقابة قوية وصارمة على حياة وتصرفات كل من تتداول أيديهم هذه المعلومات من القادة،
وكانت رقابة لصيقة وكاملة. وقد تبينت طهارتهم ونقاءهم.
ثم أدخل موظفو مكاتبهم في دائرة الرقابة. . ومساعدوهم ومديرو مكاتبهم .. وكل من يحيط بهم مهما صغرت
أو كبرت رتبته”.
وفي تلك الأثناء كانت هبة سليم تعيش حياتها بالطول وبالعرض في باريس. وعرفت الخمر والتدخين وعاشت
الحياة الأوروبية بكل تفاصيلها..
لقد نزفت عروبتها نزفاً من شرايين حياتها، و تهللت بشراً عندما عرض عليها ضابط الموساد زيارة إسرائيل،

فلم تكن لتصدق أبداً أنها مهمة إلى هذه الدرجة،

ووصفت هي بنفسها تلك الرحلة قائلة: “طائرتان حربيتان رافقتا طائرتي كحارس شرف وتحية لي.”

وهذه إجراءات تكريمية لا تقدم أبداً إلا لرؤساء وملوك الدول الزائرين
في مطار تل أبيب كان ينتظرني عدد من الضباط اصطفوا بجوار سيارة ليموزين سوداء تقف أسفل جناح الطائرة

وعندما أدوا التحية العسكرية لي تملكني شعور قوي بالزهو.
واستقبلني بمكتبه مائير عاميت رئيس جهاز الموساد ،
وأقام لي حفل استقبال ضخماً ضم نخبة من كبار ضباط الموساد على رأسهم مايك هراري الأسطورة (2)

وعندما عرضوا تلبية كل “أوامري”. . طلبت مقابلة جولدا مائير رئيسة الوزراء التي هزمت العرب
ومرغت كرامتهم

ووجدت على مدخل مكتبها صفاً من عشرة جنرالات إسرائيليين أدوا لي التحية العسكرية ..

وقابلتني مسز مائير ببشاشة ورقة وقدمتني إليهم قائلة: “إن هذه الآنسة قدمت لإسرائيل خدمات أكثر
مما قدمتم لها جميعاً مجتمعين”.
وبعد عدة أيام عدت إلى باريس. . وكنت لا أصدق أن هذه الجنة “إسرائيل” يتربص بها العرب ليدمروها!!
Mossad

سفر بلا عودة

وفي القاهرة . كان البحث لا يزال جارياً على أوسع نطاق، والشكوك تحوم حول الجميع،

إلى أن اكتشف أحد مراقبي الخطابات الأذكياء “من المخابرات المصرية” خطاباً عادياً مرسلاً إلى فتاة
مصرية في باريس سطوره تفيض بالعواطف من حبيبها.

لكن الذي لفت انتباه المراقب الذكي عبارة كتبها مرسل الخطاب تقولن أنه قام بتركيب إيريال
الراديو الذي عنده

ذلك أن عصر إيريال الراديو قد انتهى. إذن .. فالإيريال يخص جهازاً لاسلكياً للإرسال والاستقبال.
وانقلبت الدنيا في جهازي المخابرات الحربية والمخابرات العامة وعند ضباط البوليس الحربي،

وتشكلت عدة لجان من أمهر رجال المخابرات، ومع كل لجنة وكيل نيابة ليصدر الأمر القانوني
بفتح أي مسكن وتفتيشه.

وكانت الأعصاب مشدودة حتى أعلى المستويات في انتظار نتائج اللجان، حتى عثروا على جهاز
الإيريال فوق إحدى العمارات..

واتصل الضباط في الحال باللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية وأبلغوه باسم صاحب الشقة. .

فقام بإبلاغ الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الدفاع “قبل أن يصبح مشيراً” الذي قام بدوره
بإبلاغ الرئيس السادات.
حيث تبين أن الشقة تخص المقدم فاروق الفقي ، وكان بحكم موقعه مطلعاً على أدق الأسرار العسكرية،

فضلاً عن دوره الحيوي في منظمة سيناء
وكان الضابط الجاسوس أثناء ذلك في مهمة عسكرية بعيداً عن القاهرة.

وعندما اجتمع اللواء فؤاد نصار بقائد الضابط الخائن. رفض القائد أن يتصور حدوث خيانة بين
أحد ضباط مكتبه.

خاصة وأن المقدم فاروق يعمل معه منذ تسع سنوات، بل وقرر أن يستقيل من منصبه إذا ما ظهر
أن رئيس مكتبه جاسوس للموساد.
وعندما دخل الخائن إلى مكتبه.. كان اللواء حسن عبد الغني نائب مدير المخابرات الحربية ينتظره
جالساً خلف مكتبه بوجه صارم وعينين قاسيتين

فارتجف رعباً وقد جحظت عيناه وقال في الحال “هو أنت عرفتوا؟؟”.
وعندما ألقى القبض عليه استقال قائده على الفور، ولزم بيته حزيناً على خيانة فاروق والمعلومات
الثمينة التي قدمها للعدو.
وفي التحقيق اعترف الضابط الخائن تفصيلياً بأن خطيبته جندته ..

وأنه رغم إطلاعه على أسرار عسكرية كثيرة إلا أنه لم يكن يعلم أنها ستفيد العدو.
وعند تفتيش شقته أمكن العثور على جهاز اللاسلكي المتطور الذي يبث من خلاله رسائله،

وكذا جهاز الراديو ونوتة الشفرة، والحبر السري الذي كان بزجاجة دواء للسعال. ضبطت أيضاً
عدة صفحات تشكل مسودة بمعلومات هامة جداً معدة للبث،

ووجدت خرائط عسكرية بالغة السرية لأحشاء الجيش المصري وشرايينه، تضم مواقع القواعد
الجوية والممرات والرادارات والصواريخ ومرابض الدفاعات الهامة.
وفي سرية تامة . . قدم سريعاً للمحاكمة العسكرية التي أدانته بالإعدام رمياً بالرصاص..

واستولى عليه ندم شديد عندما أخبروه بأنه تسبب في مقتل العديد من العسكريين من زملائه
من جراء الغارات الإسرائيلية.

وأخذوه في جولة ليرى بعينه نتائج تجسسه. فأبدى استعداده مرات عديدة لأن يقوم بأي
عمل يأمرونه به.
ووجدوا – بعد دراسة الأمر بعناية – أن يستفيدوا من المركز الكبير والثقة الكاملة التي يضعها
الإسرائيليون في هذا الثنائي.

وذلك بأن يستمر في نشاطه كالمعتاد خاصة والفتاة لم تعلم بعد بأمر القبض عليه والحكم بإعدامه.

وفي خطة بارعة من مخابراتنا الحربية، أخذوه إلى فيلا محاطة بحراسة مشددة،

وبداخلها نخبة من أذكى وألمع رجال المخابرات المصرية تتولى “إدارة” الجاسوس وتوجيهه،

وإرسال الرسائل بواسطة جهاز اللاسلكي الذي أحضرته له الفتاة ودربته عليه.

وكانت المعلومات التي ترسل هي بالطبع من صنع المخابرات الحربية، وتم توظيفها بدقة متناهية في
تحقيق المخطط للخداع،

حيث كانت حرب أكتوبر قد اقتربت، وهذه هي إحدى العمليات الرئيسية للخداع التي ستترتب
عليها أمور إستراتيجية مهمة بعد ذلك.
لقد كان من الضروري الإبقاء على هبة في باريس والتعامل معها بواسطة الضابط العاشق،

واستمر الاتصال معها بعد القبض عليه لمدة شهرين، ولما استشعرت القيادة العامة أن الأمر أخذ كفايته..

وأن القيادة الإسرائيلية قد وثقت بخطة الخداع المصرية وابتلعت الطعم، تقرر استدراج الفتاة
إلى القاهرة بهدوء..

لكي لا تهرب إلى إسرائيل إذا ما اكتشف أمر خطيبها المعتقل.
وفي اجتماع موسع.. وضعت خطة القبض على هبة. .

وعهد إلى اللواء حسن عبد الغني ومعه ضابط آخر بالتوجه إلى ليبيا لمقابلة والدها في طرابلس حيث
كان يشغل وظيفة كبيرة هناك.

وعرفاه على شخصيتهما وشرحا له أن ابنته هبة التي تدرس في باريس تورطت في عملية اختطاف
طائرة مع منظمة فلسطينية،

وأن الشرطة الفرنسية على وشك القبض عليها . .

وما يهم هو ضرورة هروبها من فرنسا لعدم توريطها، ولمنع الزج باسم مصر في مثل هذه العمليات الإرهابية.

وطلبا منه أن يساعدهما بأن يطلبها للحضور لرؤيته حيث أنه مصاب بذبحة صدرية.
أرسل الوالد برقية عاجلة لابنته. . فجاء ردها سريعاً ببرقية تطلب منه أن يغادر طرابلس إلى باريس. .

حيث إنها حجزت له في أكبر المستشفيات هناك وأنها ستنتظره بسيارة إسعاف في المطار. .

وأن جميع الترتيبات للمحافظة على صحته قد تم اتخاذها.
ولكي لا تترك المخابرات المصرية ثغرة واحدة قد تكشف الخطة بأكملها. .

فقد تم إبلاغ السلطات الليبية بالقصة الحقيقية، فتعاونت بإخلاص مع الضابطين من أجل اعتقال الجاسوسة المصرية.

وتم حجز غرفة في مستشفى طرابلس وإفهام الأطباء المسئولين مهمتهم وما سيقومون به بالضبط.
وبعدما أرسل والدها رداً بعدم استطاعته السفر إلى باريس لصعوبة حالته. . صح ما توقعه الضابطان،

إذ حضر شخصان من باريس للتأكد من صحة البرقية وخطورة المرض، وسارت الخطة كما هو مرسوم لها،

وذهب الإسرائيليان إلى المستشفى وتأكدا من الخبر،

فاتصلا في الحال بالفتاة التي ركبت الطائرة الليبية في اليوم التالي إلى طرابلس.

وعلى سلم الطائرة عندما نزلت هبة عدة درجات كان الضابطان المصريان في انتظارها،

وصحباها إلى حيث تقف الطائرة المصرية على بعد عدة أمتار من الطائرة الليبية. . 

فسألتهما :

إحنا رايحين فين ؟
فرد أحدهما:
المقدم فاروق عايز يشوفك.
فقالت:
هو فين ؟.
فقال لها:
في القاهرة.
صمتت برهة ثم سألت:
أمال إنتم مين ؟
فقال اللواء حسن عبد الغني:
إحنا المخابرات المصرية.

وعندما أوشكت أن تسقط على الأرض.. أمسكا بها وحملاها حملاً إلى الطائرة التي أقلعت في الحال،

بعد أن تأخرت ساعة عن موعد إقلاعها في انتظار الطائرة القادمة من باريس بالهدية الغالية.
لقد تعاونت شرطة المطار الليبي في تأمين انتقال الفتاة لعدة أمتار حيث تقف الطائرة المصرية. .

وذلك تحسباً من وجود مراقب أو أكثر صاحب الفتاة في رحلتها بالطائرة من باريس..

قد يقدم على قتل الفتاة قبل أن تكشف أسرار علاقتها بالموساد.
وبلا شك. . فاعتقال الفتاة بهذا الأسلوب الماهر جعلها تتساءل عن القيمة الحقيقية للوهم الذي
عاشته مع الإسرائيليين.

فقد تأكدت أنهم غير قادرين على حمايتها أو إنقاذها من حبل المشنقة. وهذا ما جعلها تعترف بكل
شيء بسهولة بالتفصيل. .

منذ أن بدأ التحقيق معها في الطائرة بعد إقلاعها مباشرة.

وبعد أيام قليلة من اعتقالها تبين لها وللجميع عجز الإسرائيليين عن حماية إسرائيل نفسها وعدم
قدرتهم على إنقاذها.
فقد جاءت حرب أكتوبر وتدمير خط بارليف بمثابة الصدمة التي أذهلت أمريكا قبل إسرائيل.

فالخداع المصري كان على أعلى مستوى من الدقة والذكاء. وكانت الضربة صائبة غذ أربكت العدو أشلته. .

لولا المدد العسكري الأمريكي.. والأسلحة المتطورة.. والصواريخ السرية. . والمعونات. .
وإرسال الطيارين والفنيين الأمريكان كمتطوعين .
لقد خسرت إسرائيل في ذلك الوقت من المعركة حوالي مائتي طائرة حربية.

ولم تكن تلك الخسارة تهم القيادة الإسرائيلية بقدر ما خسرته من طيارين ذوي كفاءة عالية قتلوا في طائراتهم،

أو انهارت أعصاب بعضهم ولم يعودوا صالحين للقتال.

ولقد سبب سقوط الطائرات الإسرائيلية بالعشرات حالة من الرعب بعد عدة أيام من بدء المعركة. .

إلى أن وصلت المعونات الأمريكية لإسرائيل في شكل طيارين وفنيين ووسائل إعاقة وتشويش حديثة.


لا أحد يعرف

تبخرت أوهام الجاسوسة هبة سليم. .

وأيقنت أنها كانت ضحية الوهم الذي سيطر على فكرها وسرى بشرايينها لمدة طويلة للدرجة التي
ظنت أنها تعيش الواقع من خلاله. .

لكن.. ها هي الحقائق تتضح بلا رتوش أو أكاذيب.
لقد حكم عليها بالإعدام شنقاً بعد محاكمة منصفة اعترفت صراحة أمامها بجريمتها..

وأبدت ندماً كبيراً على خيانتها. وتقدمت بالتماس لرئيس الجمهورية لتخفيف العقوبة ولكن التماسها رفض.
وكانت تعيش أحلك أيامها بالسجن تنتظر تنفيذ الحكم. .
Henry Kissinger
عندما وصل هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي – اليهودي الديانة – لمقابلة الرئيس السادات في
أسوان في أول زيارة له إلى مصر بعد حرب أكتوبر..





وحملته جولدا مائير رسالة إلى السادات ترجوه تخفيف الحكم على الفتاة.

ومن المؤكد أن كيسنجر كان على استعداد لوضع ثقله كله وثقل دولته خلف هذا الطلب.

وتنبه الرئيس السادات الذي يعلم بتفاصيل التحقيقات مع الفتاة وصدور الحكم بإعدامها..

إلى أنها ستصبح مشكلة كبيرة في طريق السلام.

فنظر إلى كيسنجر قائلاً: “تخفيف حكم؟ .. ولكنها أعدمت.. !!”.
دهش كيسنجر وسأل الرئيس: “متى.. ؟”
ودون أن ينظر لمدير المخابرات الحربية قال السادات كلمة واحدة: “النهارده”.

وفعلاً .. تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في هبة سليم في اليوم نفسه في أحد سجون القاهرة.
أما الضابط العاشق – المقدم فاروق عبد الحميد الفقي – فقد استقال قائده من منصبه لأنه اعتبر
نفسه مسئولا عنه بالكامل.
وعندما طلبت منه القيادة العامة سحب استقالته، رفض بشدة وأمام إصرار القيادة على ضرورة
سحب استقالته..

خاصة والحرب وشيكة. .اشترط القائد للموافقة على ذلك أن يقوم هو بتنفيذ حكم الإعدام
في الضابط الخائن.

ولما كان هذا الشرط لا يتفق والتقاليد العسكرية. .وما يتبع في مثل هذه الأحوال. .

فقد رفع طلبه إلى وزير الدفاع “الحربية” الذي عرض الأمر على الرئيس السادات “القائد الأعلى
للقوات المسلحة” فوافق فوراً ودون تردد.
وعندما جاء وقت تنفيذ حكم الإعدام رمياً بالرصاص في الضابط الخائن. .

لا أحد يعرف ماذا كان شعور قائده وهو يتقدم ببطء. . يسترجع في شريط سريع تسع سنوات
مرت عليهما في مكتب واحد. .

تسع سنوات كان بعضها في سواد الليل. . وبعضها تتلألأ خلاله ومضات الأمل قادمة من بعيد. .

الأمل في الانتصار على اليهود الخنازير القتلة السفاحين..

وبينما كان يخطط لحرب أكتوبر كان بمكتبه هذا الخائن الذي باع الوطن والأمن وقتل بخيانته أبرياء..
لا أحد يعرف ماذا قال القائد له. . وماذا كان رد الضابط عليه. . لا أحد يعرف.
هل طلب منه أن ينطق بالشهادتين، وأن يطلب المغفرة من الله؟. . . لا أحد يعرف.
لكن المؤكد أنه أخرج مسدسه من جرابه. . وصوبه على رأس الضابط وأطلق طلقتين عليه كما تقضي
التعليمات العسكرية في حالة الإعدام.


القصة الكاملة لسيطرة المخابرات المصرية على عميلة الموساد "هبة سليم" في مطار طرابلس 

كيف تم استدراج هبة سليم الى ليبيا؟

القاهرة \ نشرت مجلة الاذاعة والتلفزيون المصرية رواية ضابط المخابرات والسفير الأسبق فخري عثمان عملية القبض على هبة سليم احد اخطر عملاء الموساد في باريس . قال: 'وتوليت أنا مهمة الاتصال بهبة سليم في باريس وكان عليّ أن أخوض أصعب معركة مخابراتية لأنني كنت أدرك أنني أواجه واحدا من أعتى أجهزة المخابرات في العالم، وان كل اتصالاتي بعميلتهم مرصودة، وان هناك مائة أذن تسمع وتحلل وتسجل، وأن عليّ أن أسير على حبل مشدود كلاعبي السيرك لأن أي خطأ سينتهي بكارثة.. ولذلك كنت حريصا على ألا تكون هناك أي نسبة للخطأ أو الفشل. وبدأت الاتصال بالهدف، ورحبت بي هبة في لهفة وحرارة، وأخذت في إلهاب عاطفتها وأخبرتها بمرض والدها الشديد، ورحت أبتزها عاطفيا وأمارس عليها ضغوطا إنسانية هائلة وطلبت من رفاقي ان يتركوني أثناء الاتصال بها بمفردنا حتى لا يربكوني بإشاراتهم وملاحظاتهم وطلباتهم وحتى يكون الحوار تلقائيا خاصة ان مساحة علاقتنا الإنسانية والود القديم يسمح لي بأن أقسو عليها الى حدود الشتيمة أو أن أدللها غاية الدلال.. وشعرت بأنها بلعت الطعم، وانها صدقت مسألة مرض والدها الخطير وضرورة حضورها الى ليبيا فورا للإطمئنان عليه بناء على طلبه، وشعرت كذلك بان هناك من كان يسمع ويراقب وينصح ويهدد، وكانت هي واقعة تحت ضغط عصبي رهيب، بين عاطفتها الإنسانية وحذرها كعميلة للموساد. وحاولت أو قل ان هناك من نصحها بجس النبض حتى لا يكون الأمر مجرد كمين لاصطيادها فأعطتني موعدا للحضور ولكنها لم تجئ وعادت لتعتذر بظروف قهرية.. وفي مرة أخرى طلبت ان ارسل لها شقيقها الى باريس وكان هذا الشقيق مرافقا لوالده في ليبيا ويدرس الهندسة في إحدى جامعاتها وليس لديه أي علم بما يحدث في الكواليس.. وتحججت بأن شقيقها لديه امتحانات نهاية العام وانه يحتاج لكل دقيقة للمذاكرة وأنها ستضر بمستقبله إذا أجبرته على السفر إليها.. ثم توصلنا الى حل وسط وهو ان أحضره الى مكتبي في السفارة في توقيت اتفقنا عليه وان تتصل هي به تليفونيا لتسأله عن أحوال والدها وطبيعة مرضه.. وفي الموعد المحدد أصدرت أوامري بشغل كل هواتف السفارة وراحت هي تتصل بلا طائل وانتظرت ساعة ثم اتصلت أنا بها مؤنبا ومعاتبا وغاضبا: ضيعتي وقتي ووقت أخوكي وعطلتينا على الفاضي.. قاعدين ننتظر تليفونك طول النهار.. والولد زعل ومشي وقعدت أتصل بيكي لكن تليفونك مشغول.. واضح ان قلبك بقى جامد يا هبة ومش مقدرة خطورة الحالة.. إنتي حرة بس أبوكي عمره ماهيسامحك لو جرى له حاجة.. اتحرقي بقى!

وكلمتها بعنف، وعرفت فيما بعد ان الموساد كان رافضا لسفرها وانهم ارسلوا الى ليبيا من يجري تحريات حول والدها ومرضه ليتأكدوا من الأمر، وعادت هي تتصل بي طالبة ان أساعدها في نقل والدها للعلاج في باريس حيث الإمكانيات أكبر والأطباء أشطر. ووعدتها ان أعرض الأمر على الأطباء المعالجين له في ليبيا وهم الذين يقررون خطورة السفر من عدمه، وتشاورت مع الزملاء وأخبرتها بان الأطباء سمحوا لوالدها بالسفر على ان يكون في سيارة طبية مجهزة وان تكون هناك سيارة إسعاف تنتظره في مطار باريس ومع ذلك فإن هناك نسبة خطورة عليها ان تتحمل هي مسؤوليتها، ولم ادعها تشك في أي شيء لأن رفضي السريع لفكرتها سيجعلها تتشكك في الأمر، وقبل الموعد المحدد للسفر اتصلت وقالت: لا ماتبعتهوش.. خليه عندك وانا هسافرله!
كنت متشككا في كلامها وفي لحظة شعرت بأنها تناور وأنها لن تجيء وقلت لنفسي: أي مشاعر إنسانية تتبقى في قلب باع وطنه وأهله فإذا كانت قد باعت نفسها فهل ما زالت لديها بقية من عاطفة تجعلها تغامر للاطمئنان على والدها؟!


لكني لم أفقد الأمل وظل خط الاتصال مفتوحا لأكثر من عشرة أيام بين شد وجذب وأمل ويأس ومناورات لا تنتهي.. كنت أعرف أنني في مباراة ذكاء مع الموساد وليس مع هبة سليم وحدها.
ويبدو ان العاطفة تغلبت في النهاية فاتصلت بي تخبرني بأنها قد حجزت على الرحلة القادمة للخطوط الجوية الإيطالية وستصل طرابلس في موعد حددته لي، وطلبت ان انتظرها في المطار وكان علينا ان نرتب الأمور بسرعة في انتظارها. ذلك ان السلطات الليبية لم تكن تعلم شيئا عن العملية. وكنا حريصين على إحاطتها بكامل السرية، لكن كانت المشكلة ان دخول هبة الى مطار طرابلس الدولي، كان يعني انها ستكون في حماية السلطات الليبية، وكنا نريد ان نأخذها بمجرد وصولها أرض المطار وننقلها من صالة كبار الزوار الى طائرة مصر للطيران الجاهزة للإقلاع دون حس ولا خبر ولا أي شوشرة.


وهنا يأتي دور مهم وخطير لعبه رجل وطني عظيم اسمه محمد البحيري المدير الإقليمي لمصر للطيران في ليبيا وقتها كان أشبه برجل المستحيل كل ما تم إبلاغه به ان هناك شخصية مهمة ستصل مطار طرابلس ونريد نقلها في كتمان كامل الى القاهرة لأن مصر كلها في انتظارها.
وصول الصيد الثمين الى مطار ليبيا

وفي سرية جرى تخفيف الإضاءة في أرض المطار، والحد من حركة الأتوبيسات التي تنقل الحقائب والمسافرين، ووضع ستائر كثيفة تمنع الرؤية في صالة كبار الزوار.
ودخلت الى أرض المطار لإستقبال الصيد الثمين ووقفت أسفل السلم أنظر في وجوه القادمين ولم تكن هبة سليم بينهم وداخلني قلق رهيب ونزل كل القادمين وكدت أصاب بالإحباط وفجأة وجدت ضابطا ليبيا يقود صفا من العساكر في طريقه الى الطائرة.. لفت نظري المشهد فاستوقفته وسألته: فيه إيه؟ فأجابني بأن هناك راكبة مصرية تقول انها فقدت خاتم سوليتير ثمنه مليون دولار ولن تغادر الطائرة دون استرداده.. وأسرعت بالصعود الى الطائرة سابقا الضابط الليبي وعساكره وكانت فرحتي عارمة عندما دخلت من باب الطائرة فوجدت هبة سليم بشحمها ولحمها وعرفت فيما بعد أنها دخلت حمام الطائرة وأغلقت على نفسها الباب قبل هبوط الطائرة وظلت في الحمام تتسمع الحركة الى ان تأكدت ان الطائرة أصبحت خالية من الركاب تماما فخرجت وادعت ضياع خاتمها الثمين وذهبت لتبلغ قائد الطائرة، وكانت حركة ذكية منها وأظن انها من ترتيب الموساد، لأن النتيجة ستكون تحرير محضر بالواقعة وهو ما يتطلب تدخل الأمن الليبي وتدخله يعني ان تفلت من المخابرات المصرية إن كان هناك كمين في انتظارها بأرض المطار.


احتضنتها وسلمت عليها بحرارة وكان الجو باردا وترتدي ملابس ثقيلة وتلف عنقها بكوفية ثمينة لا أعرف لماذا تخيلت في تلك اللحظة انها حبل المشنقة الذي سيلتف حول رقبتها، ولما رأتني اطمأنت واصطحبتها الى صالة كبار الزوار وقررت ان استمر في الكلام بلا توقف حتى لا تسألني عن اي شيء وحتى تنتهي المهمة بسلام.


وجلسنا في الصالة وطلبت لها كميات من المشروبات وانا مستمر في الحديث، وقبل الدخول الى الصالة أصدرت تعليمات للبحيري بأن يقوم بتنفيذ مهمة صعبة جدا وهي ان يسحب طائرة مصر للطيران الرابضة في المطار دون تشغيل محركاتها وفي سرية ودون صوت، ويضعها ملاصقة تماما لباب صغير موصول بقاعة كبار الزوار.

كانت الطائرة جاهزة للإقلاع وعليها ركابها وجرى إعداد ركن خاص مقفول على متنها به ضباط للمخابرات حتى اذا صعدت هبة سليم يغلق هذا الركن فلا يفتح الا في مطار القاهرة.. وعطلنا الطائرة لحين صعود الهدف وكان من بين الحلول المطروحة للتعطيل إفساد إحدى عجلات الطائرة حتى يستغرق إصلاحها وقتا دون ان تثير الشبهات لعدم إقلاعها في موعدها.
ودخل علينا فردان مفتولا العضلات جلسا في ركن من القاعة وراحا يتصفحان الجرائد، كنت أعرف انهما من المخابرات المصرية.. وكانت كلمة السر ان يدخل ضابط تبعنا يمثل دور مدير الجوازات في المطار قلت له في عتاب: الأخت مصرية وباسبورها تأخر عندكم.. من فضلك تخلصونا شوية.

كان دخول هذا الضابط معناه حسب الخطة الموضوعة ان كل شيء تمام والطائرة جاهزة بجانب الباب.. عندها استأذنت منها في دقائق لأذهب لإنهاء الإجراءات بنفسي وما ان فتحت باب القاعة حتى أسرع اليها الحارسان مفتولا العضلات ووضعا الكلابش في يديها وفوقه كوفية رأسها الثمينة حتى لا تلفت الأنظار..

وأحست هبة بالخطر فصرخت بكل قوتها باسمي فعاجلها أحدهما بضربة محسوبة في بطنها ترنحت بعدها وجراها الى الباب، وحاولت التشبث بالأرض وصرخت من جديد تستغيث بي، فعاجلها الآخر بضربة أشد أفقدتها توازنها، وسحباها الى الطائرة في ثوان معدودة وتم إغلاق الباب ورفع السلم في غمضة عين وأقلعت الطائرة. ولما تأكدت من نجاح الخطة وتابعت عيناي الطائرة في الجو استبدت بي نشوة الانتصار وأخذت أضرب برجلي في الأرض فرحا لأنني انتصرت على الموساد بأكمله وقمت بمهمة وطنية عظيمة. وفوجئت بأشخاص لا أعرفهم يرفعونني على الأعناق ويحملونني في الهواء، وبعضهم كان يبكي من الفرح ويحتضنني في تقدير بالغ'.

هبة سليم.. الجاسوسة التى أبكت «جولدا مائير»
المصرى اليوم كتب ميلاد حنا زكى ١٥/ ١/ ٢٠١١
[ملف الجاسوسة هبة سليم.. أحد أشهر ملفات التجسس إثارة وخطورة، حيث انخرطت «هبة» فى سلك الجاسوسية دون حاجة إلى مال أو رغبة تود تحقيقها، بل تجسست لأنها آمنت بأن إسرائيل قوة لا يمكن هزيمتها، وكانت ترفض مراراً آلاف الدولارات، مقابل المعلومات «الدسمة» التى أمدتها بها.
بدأت فى الستينيات وتحديداً عام ١٩٦٤، حينما حصلت الشابة هبة عبدالرحمن عامر سليمان، على منحة لزيارة «السوربون» لتفوقها فى اللغة الفرنسية بعد حصولها على ليسانس اللغة الفرنسية من جامعة عين شمس، وهناك تأقلمت بسرعة مع الحياة وجمعتها مدرجات الجامعة بفتاة يهودية من أصول بولندية، دعتها ذات يوم لسهرة بمنزلها، وفى السهرة التف حولها الشباب اليهودى معجباً بجرأتها وكلامها عن كرهها الحرب، وأطلعتها زميلتها على فيلم يصور الحياة الاجتماعية فى إسرائيل وأسلوب الحياة.
وعلى مدار لقاءات طويلة مع الشباب اليهودى، استطاعت «هبة» أن تستخلص اليقين من وجهة نظرها، بأن إسرائيل قوية جداً وأقوى من كل العرب وأن أمريكا لن تسمح بهزيمة إسرائيل وخلال هذه الفترة نشأت علاقة بينها وبين طبيب فرنسى اسمه «بورتوا» وبدوره عرفها على صحفى اسمه «أدمون» وكان فى الأصل ضابط فى المخابرات الإسرائيلية، واستطاع بسرعة أن ينسج شباكه حولها، خاصة أنها كانت فى ذلك الوقت مهيأة لذلك، وطلب منها أدمون ترجمة بعض الموضوعات الصحفية بمقابل وخلال العمل أوهمها وأكد لها باستحالة أن ينتصر العرب على إسرائيل وعرفها بشخصيته وجندها.





ويذكر كتاب «جواسيس عصر السلام»، للكاتب سامى عبدالخالق، أن «هبة» سافرت بعد ذلك إلى إسرائيل وتلقت تدريبات مكثفة على أعمال الجاسوسية وعادت إلى القاهرة مكلفة بجمع المعلومات، وتذكرت أحد الشخصيات المسؤولة الولهان بها ومدى الاستفادة التى ستعود عليها إذا ارتبطت به، وعلى الفور تمت خطبتها وبدأت تدريجياً تسأله عن بعض المعلومات والأسرار، وكان يتباهى أمامها بالمعلومات المهمة التى يعرفها بحكم وظيفته، وأرسلت على الفور هذه التفاصيل إلى «الموساد»، حتى إن أهمية المعلومات التى بلغت عدة صفحات فى فترة قصيرة حيرت المخابرات الإسرائيلية.
وعندما سافرت إلى باريس مرة أخرى كافأها «الموساد» بـ١٠ آلاف فرنك فرنسى، لكنها رفضت بشدة وقبلت فقط السفر إلى القاهرة على نفقة الموساد، وخلال هذه الفترة لاحظت الأجهزة السيادية استهداف أماكن مهمة وحدثت خسائر جسيمة فى الأرواح.
وتزامنت الأحداث مع وصول معلومات لأجهزة الأمن السيادية المصرية بوجود عميل قام بتسريب معلومات سرية جداً إلى إسرائيل. واتسعت دائرة الرقابة على الخطابات وغيرها لتشمل دولاً كثيرة وأثناء ذلك كانت هبة سليم، تعيش حياتها فى باريس، وهللت عندما عرض عليها ضابط الموساد زيارة إسرائيل، ووصفت هى نفسها تلك الرحلة قائلة «طائرتان حربيتان رافقتا طائرتى كحارس شرف وتحية لى وهذه إجراءات تكريمية لا تقدم أبداً إلا لروساء وملوك الدول الزائرين» وفى مطار تل أبيب اصطف الضباط لاستقبالها بالتحية العسكرية، وقابلت رئيس الموساد الذى أقام حفل استقبال ضخماً ضم نخبة من كبار ضباط الموساد وقابلت «جولدا مائير» التى قالت: «إن هذه الآنسة قدمت لإسرائيل خدمات أكثر مما قدمتم لها جميعاً مجتمعين».
إيريال الراديو

File:Knopflochkamera.jpg
الكاميرا الدقيقة للتصوير الخفى من تحت الملابس على شكل زرار والتى كانت تضعها تحت معطفها
تلك كاميرا هبة سليم الحقيقية ولأول مرة تنشر

وكان فى القاهرة لا يزال البحث جارياً، إلى أن اكتشف أحد مراقبى الخطابات خطاباً عادياً مرسلاً إلى فتاة مصرية فى باريس، سطوره تفيض بالعواطف من حبيبها، لكن الذى لفت انتباه المراقب الذكى عبارة كتبها مرسل الخطاب تقول إنه قام بتركيب «إيريال» الراديو الذى عنده، ذلك أن عصر إيريال الراديو انتهى، إذن الإيريال يخص جهازاً لاسلكياً للإرسال والاستقبال.
وتحركت الأجهزة السيادية وتشكلت عدة لجان من أمهر رجال الأمن المصرى وتم التفتيش حتى عثروا على جهاز الإيريال فوق إحدى العمارات، وتم إبلاغ الأجهزة الأمنية السيادية واتخاذ اللازم وتم إلقاء القبض على العميل، وفى التحقيق اعترف تفصيلياً بأن خطيبته جندته وحكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص.
وفى خطة بارعة من الأجهزة الأمنية السيادية، ذكر كتاب «جواسيس الموساد العرب»، قصة سقوط ٢٥ جاسوسا عربيا لـ«الموساد» للكاتب فريد الفالوجى، أنها كانت ترسل معلومات بواسطة جهاز اللاسلكى الذى أحضرته الفتاة، وتم توظيفها بدقة متناهية فى تحقيق المخطط للخداع، حيث كانت حرب أكتوبر قد اقتربت، وكان من الضرورى الإبقاء على «هبة» فى باريس والتعامل معها بواسطة العميل العاشق، واستمر الاتصال معها بعد القبض عليه لمدة شهرين.
استدراج الفتاة
وحين استشعرت الجهات السيادية أن الأمر أخذ كفايته، وأن القيادة الإسرائيلية وثقت بخطة الخداع المصرية وابتلعت الطعم، تقرر استدراج الفتاة إلى القاهرة بهدوء وتم القبض على «هبة»، بعد خطة محكمة، وفجأة تبخرت أوهام الجاسوسة هبة سليم وأيقنت أنها كانت ضحية الوهم الذى سيطر على فكرها وحكم عليها بالإعدام شنقا، بعد محاكمة منصفة اعترفت صراحة أمامها بجريمتها وأبدت ندماً كبيراً على خيانتها، وتقدمت بالتماس لرئيس الجمهورية لتخفيف العقوبة، لكن التماسها رفض وكانت تعيش أحلك أيامها بالسجن تنتظر تنفيذ الحكم.
وعندما علمت «جولدا مائير»، بكت حزناً على مصير فتاتها المفضلة وفتاة إسرائيل المدللة، وعندما وصل هنرى كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكى، لمقابلة «السادات» فى أسوان فى أول زيارة له إلى مصر بعد حرب أكتوبر، حملته جولدا مائير رسالة إلى «السادات»، ترجوه تخفيف الحكم على الفتاة وتنبه «السادات» إلى أنه بصدور الحكم بإعدامها تصبح مشكلة كبيرة فى طريق السلام، فنظر إلى «كيسنجر»، قائلاً: «تخفيف حكم؟.. لكنها أعدمت، فدهش «كيسنجر» وسأل: «متى..؟» وقال «السادات» كلمة واحدة هى: «النهاردة».
تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً فى هبة سليم، فى اليوم نفسه بأحد سجون القاهرة

بالفيديو قصة اصطياد الجاسوسة هبة سليم

الجزء الأول
الجزء الثانى
الجزء الثالث
بالفيديو الصور الحقيقية للجاسوسة هبة سليم
قصة أعظم ضابط مخابرات مصري ، أعاد الجاسوسة المصرية هبة سليم التي جنّدتها إسرائيل من فرنسا إلى  القاهرة لمحاكمتها وإعدامها ، و زرع أجهزة تنصت دقيقة داخل أحد المقار السرية للموساد بإحدى العواصم الأوروبية
 و قام بنقل ضابط المخابرات الاسرائيلى باروخ مزراحى من اليمن الى مصر لاستجوابه و اعتقاله فى عملية نوعية كبرى
وفيديو أعظم ضابط مخابرات مصري أعاد الجاسوسة سليم التي جندتها 
الفريق أول رفعت عثمان جبريل ، ولد سنة 1928 في محافظة البحيرة مركز كوم حمادة قرية شبرا أوسيم ، و بدأ حياته العملية ضابطاً في الجيش المصري،فى سلاح المدفعيه تحديدا وانضم إلى تنظيم الضباط الأحرار
  انضم إلى المخابرات العامة المصرية بعد إنشائها।
 تخصص فى النشاط الاسرائيلى ثم تدرج فى الترقى الى ان تولى منصب مدير مقاومة الجاسوسيه ثم رئيسا لهيئة الامن القومى وهذا من ارفع المناصب بالجهاز.
ومن أنجح العمليات التي قام بها جبريل، إعادة الجاسوسة المصرية هبة سليم التي جنّدتها إسرائيل من فرنسا إلى القاهرة لمحاكمتها وإعدامها، أما أخطر العمليات التي قام بها على الإطلاق، فهو نجاحه في زرع أجهزة تنصت دقيقة داخل أحد المقار السرية للموساد بإحدى العواصم الأوروبية؛ وذلك لتسجيل جلسات التعاون بين مخابرات أوروبية وشرقية مع إسرائيل في بداية السبعينيات وكان له دور بارز في زرع رأفت الهجان في قلب إسرائيل. وقام بالعديد من علميات كشف شبكات جاسوسية كانت تعمل في مصر.
وفيديو أعظم ضابط مخابرات مصري أعاد الجاسوسة سليم التي جندتها 
وقال جبريل " قبل وفاته يوم الخميس الموافق 17/12/2009 عن عمر يناهز 87 عام : "إن هذه العملية الناجحة أشاد بها الرئيس السادات شخصياً، وبفضلها تم كشف الدور التآمري لهذه الدول التي كان بعضها يؤكد صداقته ودعمه لمصر، لافتاً إلى أن المشير أحمد إسماعيل -رئيس جهاز المخابرات العامة في ذلك الوقت- أكد له أن هذه العملية كانت بمثابة البداية الحقيقية للعبور".
 
 
وأضاف جبريل أن نجاحه في هذه العملية وغيرها من العمليات التي كشف من خلالها عشرات العملاء الإسرائيليين في مصر، ترتّب عليها شيئان؛ الأول: إطلاق اسم ثعلب عليه (وهو اللقب الذي اشتهر فيما بعد من خلال المسلسل الذي صوّر عملية التنصت على الموساد في أوروبا)، والثاني: أن إسرائيل رصدت مليوني دولار ثمناً لرأسه.
 
وفيديو أعظم ضابط مخابرات مصري أعاد الجاسوسة سليم التي جندتها 
ومن انجازاته نقل الجاسوس الاسرائيلى باروخ مزراحى من اليمن الى مصر والقصه بدأت عندما طلب من باروخ أن يقوم بالسفر الى اليمن تحت غطاء دبلوماسي كويتى واشتبه فيه بعض ضباط الامن فى اليمن وقاموا بالقاء القبض عليه و بتفتيش منزله عثر معه على أفلام وصور لبعض القطع الحربيه التى تعبر من طريق باب المندب وعندما جرى أعتقاله وأستجوابه قام بأختلاق قصه أنه من دوله الكويت ويعمل فى جريدة كويتيه وقام رجال الامن هناك بعمل تحريات عن هذا الاسم ولم يجدوا له اي بيانات فبدات الشكوك تساور رجال الامن فعلى الفور تم الاتصال بجهاز المخابرات المصرية فسافر الى هناك ضابط مخابرات مصرى وهو ( الفريق رفعت جبريل ) وقام بأخذه منهم وكما قالوا ( أن إسرائيل قامت بارسال وحدات كامله وراء هذا الضابط المصري لانقاذ الجاسوس ولو ألف مئات المجلدات , صنعت مئات من الافلام الامريكيه لن تسرد جزء من ما حدث ولا نستطيع أن نخوض فى ذلك حديثا لانها يندرج تحت بند السرية ) وقد عبر الضابط المصرى ( الفريق رفعت جبريل ) عن طريق الصحراء والوديان إلى أن وصل الى البحر
وهناك تم ألتقطه بغواصه مصرية وكانت وراءة المقاتلات الاسرئيليه وبالرغم من ذلك لم يستطعوا انقاذ جاسوسهم
 
ولماذا خرجت هذة القوات الهائله لنعلم جميعا أنه من المؤسف بشدة ان يتم القيض على ضابط مخابرات من مخابرات معادية أو أخرى ولنعلم انها حدثت 5 مرات فى التاريخ منهم 2 من أسرائيل وثانيا أن الجاسوس لا يعلم الا التفاصيل المكلف بها من قبل ضابط اما ضابط المخابرات فيعلم جميع أنواع الاقسام والتجهيزات وعند وصوله الى مصر كان فى ذلك الوقت يقوم بتجهيز خطه بديله لنفسه مثل اسم وحياه وهميه مثل التى قام بتاليفها فى اليمن واثناء التحقيق معه قام رئيس التحقيقات بسؤله عن اسمه فجلس يقص القصه الوهميه عن حياته التى قام بالتفكير فيها وبعد عده ساعات قال له المحقق لقد قامت زوجتك بوضع مولودها الان وهو بحاله جيدة جدا يا باروخ وعندما استمع الى هذا أنهار وجلس يعترف بكل الاشياء ليست الاشياء فقط بأدق وأخطر الاشياء وكانت هذة أحدي بطولات جهاز المخابرات المصرية وبعد ذلك جلس "باروخ مزراحي" يموت بحسرته في الزنزانة رقم (ستة) بسجن مصر، بعد انتصار أكتوبر73. أدرك لحظتها أن عقوبته الرادعة التي يقضيها في المعتقلات المصرية ستطول وتطول إلى ما لا نهاية.. وزاد اكتئابه بعد أن نما إلى علمه في 4 ديسمبر 73، أن المخابرات المصرية رفضت مقايضته بالعقيد السوفيتي، وضابط الكي جي بي الشهير "يوري لينوف" المعتقل في "إسرائيل" بتهمة التخابر، والتجسس لصالح المعسكر الأحمر.لكن في الثالث من مارس 74، سالت حركة غير عادية أمام باب زنزاته الضيقة..وألقى عليه السجان نظرة احتقار مخيفة..أردفها بجملة واحدة: "استعد سيفرج عنك غدا يا...". وما أن انتهى المؤذن من رفع آذان الفجر، ومع بزوغ أول ضوء تحركت من أمام بوابة السجن الضخمة قافلة سيارات تحمل لوحات دبلوماسية, زجاجها مغطى بستائر سوداء قاتمة. تقدمت الركب سيارة تحمل شعار الصليب الأحمر. واستغرقت الرحلة أربع ساعات كاملة، حتى أشرفت السيارات على شاطئ قناة السويس..وعبرت الممر المائي تدوس فوق أحد الجسور المتبقية منذ حرب أكتوبر..وسرعان ما دلفت إلى شبه جزيرة سيناء، وبدأت تنهب الطريق نهبا.الطريق الأسفلتي يتلوى كالثعبان بين التلال الرملية المرتفعة، والسيارات العسكرية المتفحمة من مخلفات حرب أكتوبر التي وضعت أوزارها منذ عدة أشهر فقط، تناثرت ذات اليمين وذات الشمال، وبين هذا الركام دبابات هالكة انخلع منها شعار صفيح مرسوم عليه نجمة داود. لكن جاسوس الموساد لم ير شيئا من كل ذلك انكمش مثل القنفذ خلف الستائر السوداء الثقيلة في انتظار مصيره المجهول..أخيرا توقفت السيارات في واحة بالوظة أمام القاعدة العسكرية المقامة على قارعة الطريق الرابط بين العريش والقنطرة وبورسعيد. وهناك تحت رعاية مسئولي "الصليب الأحمر" استلم رجال المخابرات المصرية 65 فدائي فلسطيني من سكان الضفة، والقطاع، اعترف الناطق بلسان جيش الاحتلال في بيانه الصادر في الرابع من مارس نفس العام: "أنهم نفذوا عمليات فدائية، وأنشطة تجسس في غاية الخطورة لصالح المصريين". لكن ما لم يذكره البيان العسكري الصهيوني، وظل سرا لم يعلنه الجانب المصري الذي يفضل الكتمان وعدم التفاخر بإنجازاته، أن ضباط المخابرات العامة استلموا كذلك اثنين من أهم جواسيسنا، أو قل "رجالتنا في تل أبيب". "عبد الرحمن قرمان"، و"توفيق فايد البطاح". الذين يعترف كتاب "الجواسيس" الصادر حديثا في إسرائيل أنهما أكبر دليل على الفساد والفوضى في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، والنجاح في المخابرات العامة المصرية. وهذا ما كتب ألقى المصريون بالجاسوس الصهيوني "باروخ مزراحي" بعد أن اعتقلوه في اليمن، وعرفوا أنه أحد كبار ضباط الموساد..يعمل في وحدة "مسادا" -وحدة العمليات الخاصة- أرفع وحدات الجهاز وأكثرها تدريبا وإطلاعا على الأسرار الدفينة. وفي مقر المخابرات العامة جرت عملية اعتصار "مزراحي" حتى نزف بكل المعلومات التي في حوزته والتي اطلع عليها بحكم عمله. وتحت ضغط التحقيقات المهنية حصل المصريون على خريطة طريق تفصيلية توضح أساليب العمل والتجنيد التي تتبعها وحدة "مسادا"..كيف يزرعون جواسيسهم في الدولة الهدف..أسلوب تحرك العملاء لجمع المعلومات التي تهم تل أبيب..أنماط التأمين المتبعة بداية من تكوين أسرة، مرورا بالغطاء اجتماعي، ثم تكوين الصداقات مع قيادات عسكرية وسياسية ومدنية!!بعد الحصول على هذه المعلومات القيمة أصبح "باروخ مزراحي" اليهودي من أصل مصري المولود في حي الأزهر عام 1928، وأنهى دراسته في كلية التجارة بجامعة القاهرة عام 1948، قطعة أسفنج جافة، أو صدر نعجة ضامرة لا يروي ظمأ ولا يدر قطرة حليب واحدة. وكان المنطقي الإلقاء بكارت "مزراحي" المحروق لاستعادة اثنان من أبطال المخابرات العامة ساهما كثيرا في توفير معلومات في غاية الأهمية والحساسية ساعدت في وضع خطط حرب أكتوبر .وحتى خروج جبريل للتقاعد قبل ١٥ عاماً تقريباً.
 
رفعت جبريل
باروخ مزراحى

الجاسوس ابراهيم شاهين

نشرت هذه العملية من جانب المخابرات الإسرائيلية (الموساد) كمحاولة للرد على نشر القاهرة لعملية رفعت الجمال، فقد واجهت المخابرات الإسرائيلية حملات صحفية عنيفة داخل إسرائيل وخارجها تقلل من شأنها بدأ نشر العملية عندما نشرت الصحف الإسرائيلية موضوعا موسعا في 26 نوفمبر 1989 تقول فيه أن المخابرات الإسرائيلية تلقت قبل حواليي شهر من حرب أكتوبر من أحد جواسيسها في مصر تحذيرات واضحة بأن مصر تنوى شن حرب ضد إسرائيل.وأن هذا الجاسوس بعث بمعلومات في غاية الدقة عن تحركات الجيش المصري في منطقة قناة السويس إضافة إلى تأكيده بأن المصريين قاموا بتحريك الجسور الخشبية العائمة الحاملة للجنود إلى ضفة القناة.  وأكد الموضوع أن هذا الجاسوس مواطن مصري مسلم عمل جاسوسا في مصر لصالح إسرائيل طوال سبع سنوات وأن اسمه هو إبراهيم شاهين. 
وتبدأ القصة بنجاح المخابرات الإسرائيلية في تجنيد إبراهيم شاهين إبن مدينة العريش والذي كان يعمل موظفا بمديرية العمل بسيناء بعد أن لاحظت حاجته للمال. وعرض علية ضابط المخابرات الإسرائيلي "نعيم ليشع" إعطاءه تصريح للسفر إلى القاهرة ،وكانت كل مهمته كما كلفه "نعيم" هي السفر إلى القاهرة وإرسال أسعار الخضراوات والفواكه في القاهرة إلى شقيقة الذي كان يمتلك مكتب للتصدير والاستيراد في لندن ، واصطحبه "نعيم" إلى رئيسه المقدم "أبو يعقوب" المختص بتدريب الجواسيس المستجدين. واتقن إبراهيم التدريب واصبح يستطيع التمييز بين أنواع الأسلحة والطائرات والكتابة بالحبر السري ، كما نجح إبراهيم في أن يجند زوجته انشراح للعمل معه وحمل معه إلى القاهرة العناوين التي سيرسل إليها رسائله من القاهرة وكانت كلها عناوين في مدن اوربية. 
 وبعد وصوله إلى القاهرة تقدم إبراهيم إلى إدارة المهجرين المصريين وحصل على منزل في منطقة المطرية ومعاش شهري تدفعه الحكومة للمهجرين من مدن المواجهة. 
وواصل ابراهيم وزوجتة إرسال المعلومات المطلوبة ، إلى أن طلب منهما السفر إلى روما وهناك تم منحهما جوازي سفر باسم موسى عمر وزوجته دينا عمر، وسافرا من روما على طائرة شركة العال الإسرائيلية إلى اللد ومنها إلى بئر سبع وكان المغزى من هذه الرحلة هو عرض ابراهيم على جهاز كشف الكذب تحسبا وخوفا من أن يكون مدسوسا من المخابرات المصرية، واثبت الجهاز مصداقيته وتم تكليفه بموجب ذلك بمتابعة وتقصى وقياس الحالة المعنوية للشعب المصري إضافة إلى النواحي العسكرية، وبعد أن عادا من روما قاموا بتجنيد جميع أولادهم للعمل معهم.وحقق ابراهيم وزوجته نجاحا كبيرا خاصة في النواحي المعنوية بسبب احتكاكهم بالمناطق الشعبية، وعاود الاثنين السفر إلى بئر سبع مرة أخرى لتلقى دورة تدريبية متقدمة في أعمال التصوير وحصلوا على كاميرات صغيرة تعمل تلقائيا في التقاط الصور ، كما تم زيادة أجرهم الشهري إلى ما يعادل 300 دولار، ومنح ابراهيم رتبه مقدم في جيش الدفاع الإسرائيلي وزوجتة رتبة ملازم أول، وعادا إلى مصر على أن يتلقوا التعليمات بشفرة خاصة من خلال الراديو.وبرغم هذا النجاح إلا انهما فشلا في توقع نشوب حرب السادس من أكتوبر والتي كانت المخابرات الإسرائيلية قد وعدتهم بمبلغ مليون دولار كمكافأة في حالة توقعهما لميعاد الحرب وكان كل المطلوب منهما في هذه الحالة هو رسالة شفرية من كلمتين "يوم ......". 
وتصادف أن سافرت انشراح وحدها إلى روما يوم 5 أكتوبر وقابلها "أبو يعقوب" يوم 7 أكتوبر وأمطرها بسيل من الأسئلة عن الحرب وأتضح أنها لا تعرف شيئا. واخبرها أبو يعقوب إن الجيش المصري والسوري هجما على إسرائيل وان المصريون عبروا القناة وحطموا خط بارليف ، وأمرها بالعودة فورا إلى مصر وفى بداية عام 1974 سافر ابراهيم إلى تركيا ومنها إلى اليونان ثم إلى تل أبيب وحضر اجتماعا خاصا على مستوى عال مع قيادات المخابرات الإسرائيلية الجديدة بعد أن أطاحت حرب أكتوبر بالقيادات السابقة. وخضع ابراهيم للاستجواب حول عدم تمكنه من معرفة ميعاد الحرب وأجاب ابراهيم انه لم يلحظ شيئا غير عادي بل أن قريبا له بالجيش المصري كان يستعد للسفر للحج ، وانه حتى لو كان يعلم بالميعاد فليس لدية أجهزة حديثة لإرسال مثل تلك المعلومات الهامة. 
واستضاف نائب مدير المخابرات الإسرائيلية ابراهيم وابلغه بأنه سيتم منحه جهاز إرسال متطور ثمنه 200 ألف دولار وهو احدث جهاز إرسال في العالم ملحق به كمبيوتر صغير في حجم اليد له أزرار إرسال على موجه محددة واخبره كذلك أن راتبه الشهري قد تم رفعة إلى ألف دولار إضافة إلى مكافأة مليون دولار في حالة أخبارهم عن موعد الحرب القادمة آلتي ستشنها مصر بواسطة الفريق سعد الشاذلي!. 
وقامت المخابرات الإسرائيلية بتوصيل الجهاز المتطور بنفسها إلى مصر خشية تعرض ابراهيم للتفتيش، وقامت زوجته بالحصول على الجهاز من المكان المتفق علية عند الكيلو 108 طريق السويس وهى المنطقة التي تعرضت لثغرة الدفرسوار. وبمجرد وصول انشراح للقاهرة اعدوا رسالة تجريبية ولكنهم اكتشفوا عطلا في مفتاح الجهاز وبعد فشل ابراهيم في إصلاحه توجهت انشراح إلى تل أبيب للحصول على مفتاح جديد. 
لم يدر بخلد انشراح أن المخابرات المصرية التقطت رسالة لها عبر جهاز روسي حديث يسمى "صائد الموجات" وذلك أثناء تدريبها وتجربتها للجهاز الجديد. وأيقن رجال المخابرات المصرية انهم بصدد الإمساك بصيد جديد ، وتم وضع منزل ابراهيم تحت المراقبة وتم اعتقاله صباح 5 أغسطس 1974 مع ولديه وانتظارا لوصول انشراح من تل أبيب أقام رجال المخابرات المصرية بمنزل ابراهيم لثلاثة أسابيع كاملة ، وبمجرد وصولها استقبلها رجال المخابرات المصرية وزج بهم جميعا إلى السجن. 
 وكانت المخابرات الإسرائيلية قد بثت رسائل بعد عودة انشراح من إسرائيل واستقبلها رجال المخابرات المصرية على الجهاز الإسرائيلي بعد أن ركبوا المفاتيح ، ووصل الرد من مصر. 
" أن المقدم ابراهيم شاهين والملازم أول انشراح سقطا بين أيدينا .. ونشكركم على ارسال المفاتيح الخاصة بالجهاز .. كنا فى انتظار وصولها منذ تسلم ابراهيم جهازكم المتطور"تحياتنا إلى السيد "ايلي زئيرا" مدير مخابراتكم.
وتمت محاكمة الخونة بتهمة التجسس لصالح إسرائيل وأصدرت المحكمة حكمها بإعدام إبراهيم وانشراح بينما حكم على ابنهما الأكبر نبيل بالأشغال الشاقة وأودع الولدان محمد وعادل باصلاحية الأحداث نظرا لصغر سنهما، ونفذ حكم الإعدام في إبراهيم شاهين شنقا، بينما تم الإفراج عن انشراح وابنها بعد ثلاث سنوات من السجن في عملية تبادل للأسرى مع بعض أبطال حرب أكتوبر. 
وقد نشرت صحيفة يدعوت احرونوت عام 1989موضوعا عن انشراح وأولادها قالت فيه : أن انشراح شاهين (دينا بن دافييد) تقيم الآن مع اثنين من أبنائها بوسط إسرائيل وهما محمد وعادل بعد أن اتخذت لهما أسماء عبرية هي حاييم ورافي أما الابن الأكبر نبيل فقد غير اسمه إلى يوشي. وتقول الصحيفة أن دينا بن دافيد تعمل عاملة في دورة مياه للسيدات في مدينة حيفا وفى أوقات الفراغ تحلم بالعودة للعمل كجاسوسة لإسرائيل في مصر !، بينما يعمل ابنها حاييم كحارس ليلي بأحد المصانع ، أما الابن الأكبر فلم يحتمل الحياة في إسرائيل وهاجر هو وزوجتة اليهودية إلى كندا حيث يعمل هو وزوجته بمحل لغسل وتنظيف الملابس.
عودة إلى العائلات مرة أخرى، بعد لقاءنا السابق بعائلة (بيندر) الدموية، نعود فنلتقي مع عائلة أخرى أكثر دموية، فقد كانت سبباً في موت المئات والعشرات من المصريين في ما بين حربي 67 و73 .. موعدنا اليوم مع عائلة (إبراهيم سعيد شاهين) العميل الذي كان يعمل لحساب إسرائيل في هذه الفترة.
حينما تم العدوان الغادر على القوات المصرية في سيناء عام 67 واستولت إسرائيل على العريش ووقعت مدينة العريش تحت رحمة المستعمر الإسرائيلي وضاق الحال كثيراً بالناس هناك، وحدثت ضيق نفسي شديد للناس وضيق في المعيشة، وأصبحت العريش مستعمرة إسرائيلية لا يتحرك فيها أحد إلا بأمر الحاكم الإسرائيلي المعين لحكم العريش، وفقد الكثير من الموظفين أعمالهم، لانفصال السلطة المصرية عن العريش ولم يعد هناك من يدفع لهم رواتبهم أو يتابع أعمالهم، ولم يعد لهم من مورد للرزق، فعاشوا في ضيق شديد تعثر معه حتى حصولهم على السلع الأساسية البسيطة كالشاي والسكر والدقيق … ومن بين هؤلاء كان (إبراهيم سعيد شاهين) وزوجته (انشراح موسى).
ebrahem العائلة المسمومة .. عائلة كاملة تعمل في مجال التجسس
تتكون أسرة (إبراهيم) منه ومن زوجته (انشراح) وأبناءهما الثلاثة (نبيل) و(محمد) و(عادل)، ولكن انفصل عنهما الأبناء عام 1963 حينما قرر الأب إرسالهم إلى عمهم في القاهرة ليواصلوا دراستهم هناك .. ثم حدثت النكسة عام 1967 وانفصل سكان العريش عن القاهرة، وبالتالي لم يستطع (إبراهيم) وزوجته مغادرة العريش لرؤية أبناءهم.
قضى (إبراهيم) وزوجته أياماً عجافاً بين ألم الاحتلال والجوع والألم النفسي بفراق الأبناء إلى أجل غير مسمى، وفي يوم اشتد فيه الجوع والألم على (انشراح) طلبت من (إبراهيم) أن يذهب للحاكم العسكري الإسرائيلي للعريش، ويطلب منه السماح له بالسفر إلى القاهرة لرؤية أبناءه.
لم يفكر (إبراهيم) كثيراً في ظل الظروف التي يحيا فيها هو وزوجته، فقام بالذهاب إلى الحاكم العسكري الإسرائيلي، وطلب منه السماح له بالسفر إلى القاهرة .. كان الضابط يُدعى (أبو نعيم) .. وماطله (أبو نعيم) كثيراً للحصول على تصريح، ولكنه لم يمنحه له، واكتفى بإعطاءه كيساً من الدقيق إظهاراً للتعاطف، ولكنه لم يعطه تصريح السفر بعد.
وحينما عاد (إبراهيم) بكيس الدقيق إلى البيت، سعدت به (انشراح) كثيراً وطلبت منه أن يعاود الضابط (أبو نعيم) مرة أخرى حتى يسمح له بالسفر.
وحينما عاد إليه (إبراهيم) مرة أخرى، أخبره (أبو نعيم) أنه قد حصل أخيراً على تصريح بالسفر إلى القاهرة، ولكن هذا السفر مشروط، وكان هذا الشرط متمثلاً في إحضار أسعار الخضر والفاكهة من القاهرة .. وأبدى (إبراهيم) استعداده على الفور .. وكانت هذه إشارة البدء لـ (أبو نعيم) لتحويله إلى ضابط آخر مختص بتدريب الجواسيس .. الضابط (أبو يعقوب).
وبعد مقابلة (أبو يعقوب) عاد (إبراهيم) لزوجته وجيبه به ألف دولار، وحينما سألته عن مصدر هذه النقود أخبرها بأنه أرشد عن أحد الفدائيين البدو للجيش الإسرائيلي فأعطوه هذه المكافأة ووعدوه بالمزيد في حالة قبول التعاون معهم .. وزاغت عيون (انشراح) على النقود، وأثنت على فعله، وشجعته على العمل مع اليهود .. وكانت هذه هي بداية السقوط في الهاوية.
بداية السير في الطريق القذر
قام الإسرائيلين بتدريب (إبراهيم) على أساليب التجسس، واستخدام الحبر السري، وأعطوه عنواناً يرسل إليه رسائله في أوروبا، ووعدوه بمرتب شهري قدره 200 دولار بالإضافة إلى مفاجأة خاصة في حالة المعلومات الخاصة أو المتميزة.
وفي 19 نوفمبر 1967 عاد (إبراهيم) إلى القاهرة، بواسطة الصليب الأحمر الدولي، وأعطته الحكومة سكناً مؤقتاً في المطرية، وأعادته إلى وظيفته بعد ما تم نقل محافظة سيناء من العريش إلى القاهرة .. ولم يقض وقتاً طويلاً في المطرية حتى انتقل إلى منطقة الأميرية، والتم شمل العائلة مرة أخرى .. وبدأ ينشط في جمع المعلومات من المحيطين به وإرسالها بانتظام إلى ذلك العنوان في أوروبا الذي أعطاه له (أبو يعقوب).
دورة تدريبية جديدة
قام (إبراهيم) بالإتجار في الملابس والأجهزة الكهربائية كمحاولة للتغطية على حالة الرخاء التي يعيشان فيها هي وزوجته، وفي أغسطس عام 1968 قام (إبراهيم) و(انشراح) بالسفر إلى لبنان تحت غطاء التجارة التي يتاجران فيها، ومن لبنان إلى روما، ثم استبدلا جوازي سفرهما المصريين بجوازي سفر إسرائيليين باسم (موسى عمر) و(دينا عمر)، ثم على طائرات العال الإسرائيلية انطلقا إلى إسرائيل.
وتم استقبالهما في مطار اللد بحفاوة بالغة، وتم تسكينهم في فيلا فخمة للغاية لمدة 8 أيام وتم إخضاعهم للتدريب على إتقان مهارات جديدة في التجسس، وطلبت (انشراح) عمل مخصصات مالية خاصة بها وحدها، لأنها تبذل الكثير من الجهد شأنها شأن (إبراهيم) وبالفعل تم مراعاة ذلك، كما تم منحهما رتباً شرفية في الجيش الإسرائيلي، فمُنح (إبراهيم) رتبة عقيد، وتم منح (انشراح) رتبة ملازم أول.
وحينما عادا إلى القاهرة كانا يحملان معهما كاميرا صغيرة التقطا بها عشرات الصور لمواقع ومنشآت عسكرية ساعدت إسرائيل على ضرب مناطق حيوية في العمق، مثل مصنع أبو زعبل ومدرسة بحر البقر.
ebrahem 1 العائلة المسمومة .. عائلة كاملة تعمل في مجال التجسس
أعجب ما تم في تلك الفترة هو ملاحظة ابنهما الأكبر (نبيل) نشاطهما المريب وهما يكتبان بعض الرسائل بالحبر السري، وأعلن عن رغبته صراحة في أخذ نصيبه من الكعكة ..
وبدلاً من أن يفزع الأب بمشهده كجاسوس أمام ابنه، قام على الفور بتجنيده، وأخبره أنه لا نقود بلا عمل، ويجب أن يكون العمل جيداً يصلح للإرسال، ثم أبرق على الفور لإسرائيل بانضمام ابنه إلى الشبكة حتى يزيد حصيلة النقود التي يحصل عليها شهرياً، ثم بعدها بأقل من عام انضم الابنان الصغيران إلى الشبكة، ليكتمل أعجب شكل لعائلة في التاريخ تعمل بكاملها في التجسس.
حرب 73 وبداية السقوط
وعلى الرغم من مهارة (إبراهيم) لم يستطع ملاحظة الاستعدادات لحرب أكتوبر، وفوجيء العالم أجمع بالحرب المفاجأة، وكانت (انشراح) وقتها في روما وفوجئت بـ (أبي يعقوب) يسألها عن أنباء الحرب، ففوجيء هو الآخر بأنها لا تعلم شيئاً عن الحرب .. وعلى أثر هذه التطورات قاما باستدعاء (إبراهيم) لسؤاله عما حدث قبيل الحرب، وتدريبه على إرسال الرسائل عن طريق جهاز جديد يرسل الرسالة على الفور.
كانت المخابرات المصرية في ذلك الوقت تتابع (إبراهيم) و(انشراح) وتراقبهم في جميع أنحاء العالم، ثم قامت بإعداد كمين لهم فور علمهم بحصول (إبراهيم) على الجهاز المتفوق، وقبضت عليه يوم 5 أغسطس 1974 وقضت في منزل (إبراهيم) ثلاثة أسابيع ترسل الرسائل باسمه إلى المخابرات الإسرائيلية، وتنتظر (انشراح) حتى تعود من روما، ثم قبضت عليها .. وقامت بختام القصة ختام لطيف برسالة ساخرة بالجهاز المتطور إلى المخابرات الإسرائيلية تشكرهم فيه على الجهاز وتخبرهم بالقبض على رجلهم في القاهرة.
تم الحكم على (إبراهيم) و(انشراح) بالإعدام، والحكم على الابن الأكبر (نبيل) بالأشغال الشاقة المؤبدة، وتم إيداع الصغيرين بالأحداث .. ونفذ حكم الإعدام في (إبراهيم) شنقاً وتم العفو عن (انشراح) بعد سجنها بـ 17 شهر في عملية لتبادل الأسرى وسافرت هو وأولادها إلى إسرائيل.
وقد قام الفنان (سمير صبري) بعمل لقاء تليفزيوني معها، وهذا هو اللقاء النادر مع الجاسوسة إنشراح موسى في برنامج خاص عام 1977:-
الجزء الأول
الجزء الثاني
وعلى الرغم مما قالته في هذا اللقاء، فقد سافرت بعدها إلى إسرائيل، واعتنقت اليهودية، وتم تغيير اسمها إلى (دينا دافيد) وإعطاء أسماء عبرانية لأبناءها فقد حصل (نبيل) على اسم (حاييم) وعاشوا بقية حياتهم في إسرائيل.
وقد قالت في لفاء صحفي لها عام 1989 أنها غير نادمة على تجسسها لحساب مصر، وأنها تتمنى لو استطاعت تقديم هذه الخدمة لإسرائيل مرة أخرى .. أما إسرائيل فقط أكرمتها آخر كرم، حيث وفرت لها أفخر وظيفة تليق بخائنة لبلدها .. عاملة نظافة في دورة مياه.
أما ابنها الأكبر فقد عمل كحارس أمن ليلي في مكان ما .. وهذه هي حياتهم في إسرائيل .. تلك الحياة الكريمة التي وعدتها بها إسرائيل مقابل خيانة بلدها .. وياله من ثمن بخس للخيانة.

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.