«كشف اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، عن إعادته إدارات مكافحة التطرف ورصد النشاط السياسي والنشاط الديني التي تم إلغاؤها بعد ثورة 25 يناير».
آه وربنا.. قال لك مراقبة النشاط السياسي والديني.
«خطأ» حدث بعد 25 يناير ويصححوه.. لكن هل نذكر كم مواطنا تهشمت جمجمته وكم ثائرا تلقى رصاصة في صدره أمام مقار أمن الدولة في مارس 2011 ليتحقق هذا «الخطأ».
هل نذكر.. يجب أن نفعل.. كى لا نرى غدا ثانية ما لا نريد مجرد تذكره اليوم.
(2)
الحرب على الإرهاب رائعة.. لأولئك الذين لم يجربوها بعد.. وما تصمت عنه اليوم لأنه في صالحك سيستخدم ضدك غدا.
سقط مرسي لأنه اعتبر أن أهله وعشيرته ومؤيديه هم فقط من واجبه حمايتهم.. فلماذا نكرر الخطأ؟
في الشارع مؤيدون ومعارضون.. دور الدولة أن تحمى الطرفين، وتتعامل مع أي مسلح سواء مؤيدا للسلطة أو معارضا.. وتفصل بين أي اشتباكات بين الطرفين.
من يحمل السلاح سواء ليقتل أفراد الجيش في سيناء أو ليقتل الأهالي من اعتصام النهضة أو ليقتل الإخوان في المنصورة وكفر الزيات فواجب الدولة مواجهته بالقوة.
هذا صميم دور الدولة في احتكار استخدام القوة.. الأمر واضح فلماذا نصر على استخدام مفاهيم ملتبسة؟
(3)
يقال إن كل من يريدون أن يذهبوا إلى الحرب لم يكونوا هناك من قبل.
الحياة أقصر من أن تتابع مسلسلا تركيا أو أن تخوض حربا عبثية لن تنتهي أبدا مع شيء تسميه الإرهاب.
الحرب على الإرهاب مصطلح مطاط وسيئ السمعة، ومصر خاضت حربا على الإرهاب في التسعينيات فرض خلالها الطوارئ واعتقل مئات الآلاف من الطلبة وأبناء الطبقة الوسطى، وامتلأت طرقات مدينتنا بمطاردات على أساس الزي والانتماء السياسي.
لم يخدم ذلك مدنية دولة ولم يؤد للتخلص من أحد، بل انتهى الأمر بزيادة شعبية الإسلاميين واكتساحهم جميع انتخابات النقابات والاتحادات الطلابية قبل الثورة، ثم فوزهم في البرلمان والرئاسة عقب الثورة.
وفي سيناء تم اعتقال ما يزيد على 3 آلاف خلال حرب الدولة على الإرهاب، فلم يخلف الأمر سوى ثأر بين أهالي المعتقلين والدولة المصرية، واستمرت التفجيرات سواء في عهد مبارك أو المجلس العسكري أو مرسي أو العهد الحالي.
والجزائر خاضت حربا على الإرهاب استمرت عشرة أعوام كاملة عقب إطاحة الجيش بالإسلاميين وإلغائه نتيجة الانتخابات انتهت بقانون المصالحة الوطنية، وتم العفو بموجبه عن عدد كبير من الأشخاص، الذين تورطوا في أعمال عنف!
فلماذا كانت الحرب إذن.. لإنتاج قتلة يتم العفو عنهم لإنهاء الاقتتال؟
حتى إقصاء الإسلاميين لم يحدث في الجزائر فقد شاركت فصائل إسلامية أخرى في البرلمان، وبعضها يتواجد بشكل شبه دائم في الحكومة.
ولكن ذلك لا يعنى أن الحرب على الإرهاب هناك لم تكن بلا نتيجة.. فقد قتل 150 ألف مواطن.
حلوة الحرب على الإرهاب؟
(4)
وزير الداخلية يقول إن الشرطة لم تطلق الرصاص يوما على مواطنيها.. ومن ينكر أنه سبق أن قتلنا بالأمس يمهد ليعاود قتلنا غدا.
اليوم الإخوان في مدى رصاص الشرطة، وغدا نحن سنكون كذلك.
تريدون خوض حرب.. فلتخوضوا حربا لمنع الحرب، والقاعدة هي أنك إما أن تشهد نهاية الاقتتال الأهلي أو يشهد الاقتتال الأهلي نهايتك.
الحرب على الإرهاب لن تقرر أن الإخوان المسلمين على خطأ، فذلك تقرر بالفعل في 30 يونيو.. ولكنها فقط ستقرر من من فقراء الإخوان المسلمين وفقراء الأمن المركزى سيبقى على قيد الحياة.
(5)
مصر أم الدنيا.. فلنبق لأهلها مكانا أحياء في الدنيا.
بالأمس.. ترك الإخوان «الداخلية» دون تطهير وردد رئيسهم أكاذيب كعادته عن أن الشرطة كانوا في قلب ثورة 25 يناير ليتفرغوا لكتابة رزمة ورق اسمها الدستور.. فلماذا نكرر ما يدفعون هم ثمنه غاليا الآن؟
للعلم.. تجربة الإخوان لم تنجح لنعيدها بكل هذا الحماس.
فاليوم.. منظمة هيومان رايتس وتش رصدت إصابة الكثير من المتظاهرين أمام المنصة بالرصاص في الرأس أو الصدر، وأكد مديرها التنفيذى في شمال أفريقيا، نديم حوري، أنه من شبه المستحيل أن تتخيل إمكانية وقوع هذا العدد من الضحايا دون وجود ما سماه «نية للقتل»، أو على الأقل وجود استهتار وصفه بـ«الإجرامي» بأرواح الناس.
دعك من الجدال حول التعاطف أو عدم القدرة على التعاطف.. فقصص الحب يمكن أن نتحدث عنها في حديقة الأورمان.. ما يعنينا الآن أنه إذا استمر عنف الدولة بهذه الوتيرة فنحن نصنع العنف ولا نواجهه.
واليوم.. المستشار الإعلامى للرئيس أعلن أننا بدأنا الحرب على الإرهاب، بينما الإعلام يتحول تدريجيا إلى بث موحد لإذاعة صوت العرب.
وكما ينبهنا بلال فضل.. فمن يحرضون اليوم سيخرجون علينا غدا ويقولون إن مواجهة الإرهاب يجب أن تكون لها حلول سياسية ويؤكدون لنا أن القضية ليست مواجهة أمنية فقط.. سيذكروننا بتجارب المصالحة الوطنية في أيرلندا وكولومبيا، ثم ينهون حديثهم بعبارات سمجة مثل كلنا أبناء وطن واحد.
(6)
عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.
هذه هى مطالب الثورة.. هدفنا كان ولا يزال هيكلة «الداخلية» ومدنية الدولة وإصلاح تعليم فاسد وعلاج أزمات مرور ونظافة مزمنة وليس اختزال أزمات الوطن في فض اعتصام أو مواجهة مظاهرات تتجه لمنشآت حيوية يعلم الجميع أنها ستستمر لأشهر طويلة.
الحرب على الإرهاب ستستمر.. فماذا ستفعل دولة الحرب على الإرهاب مع مظاهرة «فئوية» تطالب بزيادة الأجور أو مع اعتصام طلابي يطالب بتعديل لائحة طلابية؟
يتصور من وصل إلى الحكم أن الناس ستصبر بحجة أنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.. واصبروا حتى تنتهى الحرب على الإرهاب، لكننا جربنا هذه اللعبة لسنوات في مصر في التسعينيات وما أدراك ما التسعينيات.
عزيزي من في السلطة.. فكر في مشاكل الناس الحقيقية.. لن نصبر على حربكم على الإرهاب الهلامية.. لأن أحدا لم يصبر على مشروعهم الإسلامى الهلامي.
اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.