كشف مصدر إخواني مطلع أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، القادم من خلفية إسلامية، لعب دورًا مهمًا في ترتيب التفاهمات الإخوانية الأمريكية لإزالة شكوك واشنطن من وصول جماعة الإخوان المسلمون إلى الحكم بمصر.
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه،أن أردوغان بعد ثورة "25 يناير"، قام بالاتصال بالإدارة الأمريكية لنقل رسائل طمأنة من الإخوان بشأن وضع المنطقة في حالة فوز الجماعة المسلمين في الانتخابات البرلمانية وتشكيلها حكومة في مصر.
ولفت إلى أن أردوغان طلب من "الإخوان المسلمون"، إيفاد مسئول إخواني إلى واشنطن للتفاهم بشأن القضايا العالقة، مع الإدارة الأمريكية، مشيرًا إلى أن المهندس خيرت الشاطر الرجل الحديدي للجماعة سافر بصحبة الدكتور عصام الحداد الذي كان يشغل خلال هذه الفترة منصب مسئول ملف الاتصال الخارجي للجماعة، إلى جانب عنصر من التنظيم الدولي لم يتسن لنا معرفة اسمه إلى واشنطن عبر السودان في يوليو 2011.
وأضاف أنه تم التفاهم خلال الزيارة على أن تبقي مصر على جميع الاتفاقيات الدولية كما هي دون تغيير خاصة "كامب ديفيد"، وكذلك الاتفاقيات الاستراتيجية بين البنتاجون والجيش المصري والمخابرات العامة.
ويشير المصدر إلى أنه رغم ما أبداه الشاطر والحداد من تنازلات عن مواقف سياسية معلنة للإخوان، إلا أن الإدارة الأمريكية كان لديها تحفظات على هيمنة وسيطرة الجماعة على جميع مفاتيح اللعبة السياسية بمصر، حيث اشترطت الإدارة الأمريكية للتعاون أن تظل الكلمة الأخيرة في شغل الحقائب الوزارية السيادية لاسيما الخارجية والدفاع من اختصاص المجلس العسكري وضرورة توافق الجماعة مع القوى السياسية على مرشح رئاسي توافقي.
وفي 16 نوفمبر 2011، عقد الفريق سامي عنان اجتماعًا بالمهندس خيرت الشاطر وكان اجتماعًا عاصفًا على خلفية رفض التيار الإسلامي لوثيقة السلمي والتي كانت تعطي المجلس العسكري امتيازات كبيرة، وهدد الفريق عنان الشاطر بأن المجلس العسكري لم يعد يتحمل هجوم التيار الإسلامي على "العسكري".
إلا أن الشاطر قلب الطاولة متهمًا الفريق عنان بأن المجلس العسكري يريد رئيس "طرطور"، وأن الإخوان لن يقبلوا بهذا الوضع للرئيس القادم، مُلوحا بدفع الجماعة بمرشح للانتخابات الرئاسية.
وفي 15 مارس 2012، أجرى الشاطر زيارة إلى منزل المشير طنطاوي بصحبة المرشد العام للجماعة الدكتور محمد بديع والدكتور محمد مرسي الذي كان يشغل منصب رئيس حزب الحرية والعدالة والدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب خلال هذه الفترة لمطالبة العسكري بإقالة حكومة الدكتور كمال الجنزوري وتشكيل حكومة جديدة من الأحزاب والقوى السياسية التي تشكل قوام مجلس الشعب الذي حل فيما بعد.
إلا أن طلب الجماعة قوبل بالرفض وتوتر العلاقة بين الإخوان والعسكري، وكثف كل من الشاطر والحداد وأيمن علي من تحركاتهم لإقناع الأوروبيين والأمريكيين بموقف الجماعة العازم على الدفع بمرشح للانتخابات الرئاسية.
ويؤكد المصدر أن الشاطر كان يتوقع رفض العسكري طلب الجماعة بتشكيل حكومة لذلك استبق الزيارة لمنزل المشير طنطاوي بسلسلة من الاتصالات سواء بالجانب التركي أو القطري لإقناعهما بالتواصل مع الإدارة الأمريكية لشرح موقف الإخوان العازم على الدفع بمرشح لانتخابات رئاسة الجمهورية ولاسيما أن العسكري حسب تعبير الشاطر لا يريد التخلي عن السلطة ويسعى لإقصاء الإسلاميين من المشهد السياسي.
وعاد أردوغان لينقل رسائل الطمأنة من الإخوان إلى الإدارة الأمريكية ونصح هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة بالاعتماد على الشاطر كحليف للولايات المتحدة بمصر، وهو نفس الدور الذي قام به رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم، مؤكدين أن وصول الإخوان لسدة الحكم في القاهرة سيحيل دون سقوط مصر في يد تيار إسلامي أكثر تطرفًا.
وبحسب المصدر أكد كل من أردوغان وبن جاسم للإدارة الأمريكية أن وصول شخص إخواني إلى منصب رئيس الجمهورية بمصر من شأنه دفع الاقتصاد المصري إلى الأمام ومن شأنه تشكيل حلف قوي في الشرق الأوسط يساعد الإدارة الأمريكية في حل أزمة طهران النووية والوصول إلى صيغة لاتفاقية سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين خاصة أن حماس قادمة من خلفية إخوانية.
وعن سبب الموقف الألماني المؤيد بشدة لموقف الإخوان، قال مصدر إخواني آخر قريب من المهندس الشاطر إن ألمانيا لعبت دورا في الوساطة بين الولايات المتحدة وجماعة "الإخوان المسلمون"، مشيًرا إلى أن برلين لها تجربة متميزة عن باقي الدول الأوروبية في التعامل مع الإسلاميين.
ويوضح المصدر أن وجود الدكتور أيمن علي القيادي الإخواني البارز وعضو التنظيم الدولي، وهيمنته على المنظمات الإسلامية في أوروبا وخاصة في ألمانيا مكنته من تصدير صورة جيدة عن الإخوان وإقامة علاقات جيدة مع الحزب الحاكم في ألمانيا ومراكز صناعة القرار.
ويشير المصدر إلى أن برلين نظرت لتجربة الإخوان في مصر على أنها تشبه تجربة أردوغان في تركيا وأن وجود الإسلاميين المعتدلين على سدة الحكم تحول دون وصول تيار إسلامي متشدد قد يؤثر سلبًا على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
ولفت إلى أن ذلك دفع برلين نتيجة قناعتها بأن الإخوان سيصلوا إلى الحكم في نهاية المطاف إلى الوساطة بين الجماعة وبين واشنطن لإقناعها بأنه لا ضرر من حكم الإخوان لمصر، متكئين على ما قدمته المنظمات الإسلامية التي يسيطر عليها الإخوان في ألمانيا من محاربة لأفكار القاعدة والأفكار الجهادية المتشددة.
وينوه المصدر إلى أن من بين العوامل التي تؤثر على الموقف الألماني وجود ما يزيد عن 4 ملايين تركي على الأراضي الألمانية وسعيها لتفادي أي محاولة من هؤلاء لزعزعة الاستقرار، مشيًرا إلى أن حجم الدماء الذي أسيل نتيجة للصدام بين قوات الشرطة والإخوان أفزع الجانب الحكومة الألمانية.
وبشأن دور ألمانيا في الوساطة بين الإخوان والولايات المتحدة، كشف المصدر أنه عندما قررت الجماعة الدفع بمرشح رئاسي لعبت ألمانيا بالتعاون مع تركيا في ترتيب لقاء موسع بين الجماعة ضم 30 قياديًا إخوانيًا بالداخل والخارج والجانب الأمريكي تم التوافق خلاله على ترتيب الأوضاع في المنطقة بشكل عام.
وحول أبرز ما تم التوافق عليه خلال هذا الاجتماع، نوه المصدر إلى أن هذا الاجتماع كان في نهاية مارس 2012 وتم الاتفاق عليه أن تقود الإخوان المنطقة لتسوية للصراع العربي الإسرائيلي وذلك بعد نجاح الثورة السورية في الإطاحة بنظام بشار الأسد، خاصة أن الإخوان هم الفصيل الأكثر تنظيمًا في سوريا والقادر على قيادة الوضع هناك.
وأقر المصدر أن الشاطر اتفق بالفعل حول إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة وجزء من الضفة الغربية وجزء من مدينة القدس الشرقية التي تضم الأماكن المقدسة وجزء من سيناء.
واختتمت المصادر بالتأكيد على أن هذه الاتفاقات كان قيادات الجماعة تنفيها دائما عند تسرب أي معلومات عنها، موضحا أن الشاطر كان يعتمد على عنصر الوقت لتمرير أي اتفاقيات لصالح المشروع الإسلامي...
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.