معركة الدلتا على جدران معبد مدينة هابو
عام ١١٧٨ قبل الميلاد.
الجيش المصرى ليس فقط من اعرق وأقدم الجيوش، بل إن تاريخه مشرف لكل مصرى … لن نتحدث عن أكتوبر ولا عن الاستنزاف ولا العدوان الثلاثى والفدائيين، ولا حتى عن دور مصر التاريخى فى درء أخطار الغزو التتارى أو الحملات الصليبية …
بل سأعود لأعمق من ذلك، سأعود إلى جدران معبد مدينة هابو بالأقصر التى سجلت على جدرانها ملحمة وطنية للجيش المصرى وأسطوله البحرى فى عصر رمسيــــس الثالــــث حين نجح فى القضاء على الزحف الإستعمارى لـ “شعــــوب البحـــــر” من شرق أوروبا التى اجتاحت الشرق الأدنى القديم فى أعقاب انفجار بركانى دمر الحياة على ظهر القارة الأوروبية وتسبب فى مجاعات، فما كان من تلك الشعوب إلا أن قررت غزو الشرق صاحبين معهم نساءهم وأولادهم وسفنهم وعجلاتهم الحربية التى تجرها الثيران، وكانوا مقاتلين عظام تم تصويرهم على الجدران وهم يرتدون الخوذات ذات القرنين، وكانت لهم خبرات واسعة فى القتال البرى والبحرى، فنجحت تلك الشعوب فى تدمير ممالك بحر إيجه وقبرص وكريت والمملكة الحيثية بتركيا والحضارة البابلية بالعراق والميتانية بسوريا والكنعانية والفينيقية بالشام التى كانت كلها خاضعة لسلطة الإمبراطورية المصرية فى عصرها الذهبى، فما استطاع أن يوقف زحفهم إلا جيش الفراعنة من خلال ثلاث حملات طاحنة استمرت على مدار ما يقرب من 4-5 سنوات، وكانت آخرهم معركة برية-بحرية مزدوجة تعرف بـ "معركـــة الدلتـــا"
سجل رمسيس الثالث هذه العبارة على إحدى صروح معبد مدينة هابو قائلاً:
“… هؤلاء الذين فكروا فى غزو حدودنا قد انقطعت بذرتهم .. قلوبهم وأرواحهم قد أبيدت إلى الأبد، وهؤلاء الذين ناصروهم بالبحر (فى إشارة إلى المرتزقة من الحيثيين الأتراك الذين انضموا إليهم) كان نصيب أسطولهم اللهيب المشتعل عند مداخل موانىء الدلتا، وحاصرتهم الجدران المعدنية المقامة على الشواطىء، فتم سحلهم وقتلهم شر قتلة، وتناثرت أشلاء سفنهم على حواف النهر، وملاءت تلال من جثثهم وأعضائهم سفننا من مقدمة (السفن) إلى مؤخرتها.”
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.