بين الجدران المتهشمة، والحطام المتراكم ييمنا ويسارا، والأوراق المتناثرة، منها ما "سري للغاية"، وغيرها تحمل خططا للتطوير، داخل مكتب مدير أمن بالدقهلية الذي حلّ به الدمار جراء الانفجار، تتوسط المشهد علامة الأصابع الأربعة الإخوانية، وخطّ تحتها "رابعة رمز الصمود"، وجوارها ما تبقى من أوسمة وأنواط اللواء الراقد بمستشفى الرمد عقب إصابته بالحاث الدامي أمس الأول.
العلامة التي أطلقها رئيس الوزراء التركي، للتضامن مع اعتصام أنصار المعزول المتهم بالتخابر محمد مرسي، وما وصفه بعنف قوات الأمن ضدهم خلال فض الاعتصام، لم تثر انتباه المتواجدين داخل المديرية لإزالة الحطام، حتى عثر عليها أحد أفراد الأمن ومزقها بغضب، رغم أن الدولة وأهالي المنصورة أول ما أشاروا بالاتهام كان لأصحاب تلك العلامة، وسواء كان وجودها في إطار الحادث، أو داخل أحد الملفات القديمة الملحقة بالمكتب، فإنها أصبحت جزء من المشهد العبثي الذي يسيطر على المكتب، كما يسيطر على الوضع السياسي الحالي للبلاد، والتي باتت تلك العلامة شعارًا لأحد شقي صراعه.
"مديرية أمن الدقهلية".. بلونها الأزرق وخطها الذهبي، مازالت اللافتة تحافظ على هيئتها، ولكنها لا تستطيع إخفاء التدمير الواقع خلفها داخل مكتب مدير الأمن، وأمامها من الجهة الأخرى خارج المبنى طاف العشرات من أهالي المنصورة الغاضبين من أصحاب "العلامة"، ويرددون الهتافات بإعدام قيادات أربابها، الذين باتوا متهمين بالحادث الدامي، بعد أن أعلنتهم الحكومة منظمة إرهابية.
لم تكن العلامة وحدها التي تلفت الانتباه داخل المكتب المحطم، فهناك بقايا دماء بين الأتربة، وخريطة لمحافظة الدقهلية وأراضيها المترامية، وملفات بعضها لا يزال يحافظ على هيئته، وآخر مُزق بفعل التفجير، وظلت "العلامة" باقية داخل المكتب، رغم أن بعض أصحابها من المحافظة تخلوا عنها خوفا من غضب الأهالي، الذين يحطمون ويحرقون كل ما ينتمي لتلك العلامة، وكان آخر الخائفين صاحب الشركة الإخوانية التي تحطمت أمس، والذي استبدل العلامة بصورة للفريق أول عبد الفتاح السيسي، ولافتة تؤيد الدستور، وعلم مصر، معلقًا إياهم على واجهة شركته السياحية، التي حطمها الأهالي وأحرقوا سياراتها أمس، إثر الحادث الدامي.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.