لأول مرة تتنازل جماعة بروتستانتية في طرابلس اللبنانية عن تقليد يعود إلى الماضي البعيد، حيث تم تعيين امرأة للقيام بمهمات القسيس، بعد قيام مجموعة من رجال الكنيسة بدعم طلبها.
تقود السيدة رولا سليمان سيارتها عبر شوارع طرابلس. ويبدو أن الهدوء يسود المدينة. إلا أن التواجد الملحوظ للجنود في كل مكان لازال يذكر بأحداث العنف التي شهدتها المدينة قبل أيام قليلة. "لم ننجح يوم الأحد الماضي في الوصول إلى الكنيسة للقيام بالصلاة هناك، فمتظاهرون رموا زجاجات حارقة من سقف الكنيسة باتجاه وحدات من الجنود"، كما تقول القسيسة رولا.
رولا تُعتبر القسيسة الوحيدة التي تم تعيينها لهذا المنصب رسميا في لبنان وفي كل منطقة الشرق الأوسط، كما تقول. وهي المسؤولة منذ عام 2005 عن شؤون الكنيسة البروتستانتية في طرابلس التي تشكل جزءا من المجموعة البروتستانتية في سوريا ولبنان. ويجوز للقسيسة رولا أن تتولى تقريبا كل المهام المناطة بمنصب القسيس البروتستانتي، عدا مهمات باقيام بطقوس السر الكنيسي المقدس والتعميد والعشاء الرباني.
ممهدة الطريق
رولا سليمان - أول امرأة في لبنان لمنصب القسيس
رغم أن القسيسة رولا تعلم أنها بهذا المنصب تمهد الطريق لنساء أخريات، فإنها تؤكد أنها عن وعى تام بأن تعيينها هذا جاء عن طريق الصدفة، فالقسيس المسؤول في كنيستها ذهب إلى أمريكا. "درستُ علم اللاهوت مثله". وقررت أخذ مكانه كقسيسة بشكل انتقالي"، كما تقول رولا. وتضيف: "بمرور الوقت كسبتُ ثقة أعضاء الجماعة الكنيسية. ثم إنهم اقترحوا علي أن أُصبح قسيستهم الرسمية".
"أثار طرح هذا الاقتراح على المسؤولين في المجمع البروتستانتي نوعا من الدهشة. غير أن معظمهم افتخروا بأن تكون هناك مرأة تطلب القيام بمهمة القسيسة"، كما تستطرد رولا.
ويشار إلى أن أغلب أفراد أسرتها لم يرحبوا برغبة رولا في القيام بهذه المهمة. كما تجدر الإشارة إلى أن مؤيديها في تولي هذا المنصب كانوا من الرجال.
كنيسة وسط فوضى الحرب
القسيسة رولا توجد اليوم في مقدمة جماعة كنيسية تنتمي إليها 33 أسرة، معظمهم من المهاجرين. ومنذ بداية الحرب الأهلية في سوريا يعاني سكان طرابلس اللبنانية أيضا من ارتفاع وتيرة استخدام العنف، حيث لقي مئات الأشخاص مصرعهم وكانوا ضحايا الاشتباكات بين معارضي نظام الأسد ومؤيديه.
داخل الكنيسة البروتستانتية في طرابلس أثناء الصلاة
كما أدت الحرب القائمة في المنطقة إلى زيادة صعوبة الحياة للجماعة البروتستانتية الصغيرة. وتؤكد رولا، أن أعضاء جماعتها يعملون على اتخاذ موقف حيادي، غير أنهم خائفون. وفي ظل هذا الوضع تفكر القسيسة البروتستانتية التخطيط لخطبة في القداس حول موضوع المصالحة.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.