منذ أن ضربت المجاعة الصومال، بدأ آلاف النازحين بالوصول إلى مخيمات في مقديشيو هربا من هذه الكارثة. ويسعى هؤلاء للحصول على المساعدات في العاصمة بعد أن باتت منعدمة أو شحيحة في المناطق الجنوبية الأكثر تضررا من الجفاف.
طفل صومالي يعاني من سوء التغذية
"نزحت من منطقة دينسور في محافظة باي ووصلت الآن إلى هذا المخيم في مقديشيو"، هكذا بدأت خديجة نور حديثها مع دويتشه فيله. وأضافت نور قائلة: "نعاني من مشاكل كثيرة ويموت بعضنا بسبب الجوع". وخديجة الأم لسبعة أولاد تقلق كثيرا على حياة أطفالها بعد تسلل أمراض وبائية إلى داخل هذه المخيمات التي تفتقر إلى أدنى رعاية صحية. وروت خديجة البالغة من العمر 35عاما لدويتشه فيله معاناتها ومعاناة أطفالها بالقول: "ثلاثة من أطفالي مصابون بمرض الحصبة، ولم أستطع نقلهم إلى المستشفى، لأنني لا أقدر على دفع تكاليف العلاج".
انتشار الأوبئة في المخيمات
بعد انتشار الأمراض في صفوف النازحين، كان الأطفال هم الفئة الأكثر تعرضا للإصابة بها وخصوصا مرض الكوليرا الذي ينتشر هنا "كالنار في الهشيم". وتبدو قصة آمنة (30عاما) أكثر إيلاما وأشد عمقا إذ أوضحت لدويتشه فيله ويدها على خدها "توفي اثنان من أبنائي نتيجة الإصابة بوباء الكوليرا، وهما الوحيدان اللذان بقيا علي قيد الحياة". وفقدت آمنة قدرتها على الكلام وأجهشت بالبكاء لشدة معاناتها. وقصة آمنة تتكرر يوميا وهي تلازم حياة الكثيرين في مخيمات النازحين في مقديشو.
أم مع طفلها أمام كوخهما في أحد مخيمات مقديشو
ومن هؤلاء محيي الدين (60 عاما) الذي قابلناه في مدخل المخيم منتظرا هناك كل قادم لعله يأتي له بالدواء أو الغذاء لإنقاذ ابنته التي تعاني هي الأخرى من مرض الحصبة. ويقول محي الدين "نحن بحاجة ماسة إلى الدواء والغذاء، لأننا لا نملك شيئا". ومن ينظر إلى وجه محيي الدين يشعر بالحزن العميق لأنه يتألم من مآسي حياة محفوفة بالقسوة دون مسعف. ويستطرد محي الدين في كلامه وعيناه في الأرض "وحدي أواجه المشكلة ولم أر من يعينني"؛ فالظروف التي يعيشها النازحون تفوق الخيال كونهم يعيشون في أكواخ مصنوعة من أغصان الشجر لا تكاد تقيهم من الحر الشديد ولا البرد القارص إضافة إلى الأمراض الفتاكة المنتشرة في المخيمات".
تواصل المساعدات...ولكن...
مع استمرار المعاناة الإنسانية الناجمة عن المجاعة، تصل المساعدات الإنسانية إلى العاصمة مقديشو لتخفيف المعاناة عن هؤلاء المتضررين من الجفاف. ولكن هذه المساعدات لا يتم إيصالها في بعض الأحيان إلى مستحقيها مما يزيد الطين بلة. والأنكى من ذلك أن بعض هذه المعونات يتم ادخارها في المخازن، رغم وجود أعداد كبيرة من الجائعين الذين تأتي هذه المساعدات من أجلهم. كما لا يمر يوم دون أن تصل طائرات تحمل مساعدات غذائية إلى مطار مقديشو الدولي "نعم، تصل هذه المساعدات يوميا ويأتي بعض الناس ويدعون أنهم من وكالات الغوث"، هذا ما قاله أحد قادة شرطة المطار الذي رافضا ذكر اسمه. وأضاف هذا المسؤول أنهم "يقومون بشحنها في سيارات خاصة بهم، ربما يذهبون بها لبيعها في الأسواق".
أحد أكبر المخيمات في العاصمة الصومالية مقديشو
بعض المخيمات أصبحت منسية كمخيم كورسن القريب من المطار ولم يحصل أصحابها على قليل من المساعدات التي تتمكن المنظمات الإنسانية من توزيعها في المخيمات الأخرى. مديرة المخيم رحمة بلاك تقول "نحن قريبون جدا من المطار ونسمع أزيز الطائرات التي تحمل المساعدات ولكن لسوء الحظ لا نحصل على حصة منها".
أما صفية شيخ، إحدى اللاجئات في المخيم، فلم تتمالك نفسها إذ خاطبتنا بصوت عال "يتحدثون عن مساعدات وصلت، أين هذه المساعدات؟ نعيش في حياة صعبة، هل هذه إنسانية". نبرة الغضب بدت على وجه صفية وهي تشتكي من إهمال المنظمات الإنسانية مضيفة "لم نتلق أي مساعدات منذ وصولنا إلى هذا المخيم، نتمنى أن يصغوا إلى معاناتنا".
تزداد حالات المجاعة في الصومال يوما بعد يوم، فقد أعلنت الأمم المتحدة مؤخرا عن تأثر منطقة سادسة بالمجاعة مما يودي إلى زيادة عدد الفارين من ويلات الجفاف إلي العاصمة مقديشو. هؤلاء اللاجئون ينتظرون أن تمتد إليهم يد المحسنين للنجاة بأرواحهم المهددة بخطر الموت.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.