ذاكرة التاريخ : من مذكرات التابعى : وزراء الوفد يقبلون اليد الكريمة

الملك فاروق الاول

أصدر فاروق أمره بتعيين على ماهر باشا رئيسا لديوانه كخطوة في سياسة التحدي للوفد ورئيس الوفد وحكومته وأغلبيته في البرلمان.. مما يعني استهانة القصر واستخفافه بالحكم النيابى وسلطات الشعب.

كان ذلك عام ١٩٣٧.. ويتذكر محمد التابعي أن أحمد حسنين قال له ذات يوم "إني أخشى ما أخشاه أن يسير فاروق في نفس الطريق الذي سار فيه أبوه من قبل.. ولقد صحبتنا (أي التابعى) خمسة أشهر وعرفت الملك ودرست أخلاقه عن قرب ولعلك لاحظت أنه عنيد وإذا داس أحد طرفه ضرب المعتدي بشدة وعنف، ولهذا أرجوك أن تقنع الوفدين أن فؤاد قد مات وأن فاروق لا ماضي له معهم وعليهم أن يراعوا أن الملك شاب ليست له خبرة إذا هو أظهر ضعفا أمام الوفدين".

يقول التابعي عند وصولنا إلى شاطئ الإسكندرية فوجئت بالملك فاروق يتكئ على كتفي.. ثم قال: إنه لا يعرف شيئا عن أحوال البلد ولم يدرس سياستها ولذلك لن يتدخل في شئون الحكم إلا بأقل قدر ممكن وفي البلد أغلبيته تحكم وسوف يتركها تحكم.

لكن ما إن وصل الملك إلى الإسكندرية حتى صعد الشيوخ والمسنون والوزراء لتقبيل يد الملك..

وهذه اللحظة كانت نقطة تحول في أخلاق فاروق وفي نظرته إلى البلد، فقد كانت أول مرة ينحني فيها الشيوخ لتقبيل يده على الرغم من أنه سحب يده.. وبعد يومين تحدث النحاس باشا عن حبه لحكم الملك المحبوب.

عارضت حكومة الأغلبية تعيين على ماهر رئيسا للديوان وبدأ سياسة المرمطة المقصودة، فكل طلب تتقدم به حكومة الوفد مرفوض وغمز ولمز على حكومة الوفدين في الصحف خاصة في جريدة البلاغ التي كانت لسان حال القصر وعلي ماهر، وكانت تتضمن مقالات نقد مرير لمصطفى النحاس وحكومته حتى أنها اتهمته بالإصابة بلوثة عقلية، وإنه قليل الأدب في حق سيد البلاد لأنه يخلع طربوشه ويمسح عرقه أمام فاروق.