قصة الأمير الذي تنازل عن عرش مصر من أجل الحب و قال لمحبوبته الفرنسية ( أيتها الحلم ما أتعسني بعيدا عنك . القصر الذي أعيش فيه أشد وحشة من كوخ صغير . المجد الذي حولي هو ذل و هوان بدونك . إنني أكره كل شئ حولي لأنني لا أحب سواك . إن والدي عرض علي اليوم أن أكون ولي عهده . أي سخافة تلك . إن معني ذلك أن أفتقدك و لا أستطيع أن ألقاك كما أشاء و أين أشاء . و حين قلت له .. لا .. ذهل و لم يفهم لأنه لا أحد في الدنيا يمكنه أن يتخيل أن حبك عندي هو حلمي الوحيد في الحياة . حتي إنني بين ذراعيك أنسي أنني أمير و أشعر أنني عبد . أريد أن تنتهي الأزمة بيني و بين أبي لأحضر إليك خصيصا لأعانقك )
إنه الأمير : كمال الدين حسين ابن السلطان حسين كامل
* ولد عام : 1874
* توفي عام : 1932
تفاصيل القصة : اندلعت الحرب العالمية الأولي في الثامن و العشرين من شهر يوليو من العام 1914 و أعلن الإنجليز الحماية البريطانية علي مصر و تم عزل الخديوي عباس حلمي الثاني و تنصيب حسين كامل سلطانا علي مصر ( سلطان مصر من 1914 حتي 1917 ) .
و عندما عرض السلطان حسين كامل ولاية العهد و وراثة العرش علي إبنه الأمير كمال الدين حسين كان هذا رده ( قد تفضلتم عظمتكم فأعربتم لي عن رغبتكم في أن تكون وراثة عرش السلطنة المصرية منحصرة في الأكبر من الأبناء ثم من بعده لأكبر أبنائه و هكذا علي الترتيب . و إني لأذكر لعظمتكم هذه المنة الكبري لما في هذه الرغبة من التشريف لي .علي أني مع إخلاصي التام لشخصكم الكريم و حكمكم الجليل مقتنع كل الاقتناع بأن بقائي علي حالتي الآن يمكنني من خدمة بلادي بأكثر مما يمكن أن أخدمها به في حالة أخري . لذلك أرجو من حسن تعطفاتكم أن تأذنو لي بالتنازل عن كل حق أو صفة أو دعوي من الممكن أن أتمسك به في إرث عرش السلطنة المصرية بصفتي ابنكم الوحيد . و إني بهذه الصفة أقرر الآن تنازلي عن كل ذلك )
نعمة الله صغري بنات الخديوي توفيق
و مضت السنون بالأمير الزاهد في حكم مصر إلي أن دخل مستشفي ( الأنجلو أمريكان ) بالقاهرة و كان في حالة صحية متدهورة و أصر الأطباء علي بتر إحدي قدميه حيث كان مصابا بجلطة خطيرة في قدمه و لكن الأمير طلب تأجيل العملية إلي حين يكتب وصيته التي أوصي فيها بقصره - بالقرب من ميدان التحرير - لزوجته ( نعمة الله " صغري بنات الخديوي توفيق و التي توفيت عام 1955 " )
و بعد إجراء العملية و قبل أن يتماثل للشفاء أصر علي السفر إلي فرنسا رغم رفض الأطباء و سافر ضاربا بكل النصائح الطبية عرض الحائط و توفي في تولوز بفرنسا في 6 أغسطس 1932 بعد حوالي 4 شهور من إجراء العملية عن عمر يناهز 58 عاما .
المدفن الذى دفن به الامير كمال الدين حسين بتكية البكتاشية بالمقطم قبل نقله الى مدافن مقابر العائلة المالكة بالبساتين
و بعد وفاته بدأ يتكشف سر تنازله عن العرش حين أرسلت السيدة الفرنسية ( فيال ديمينيه ) تلغرافا إلي الملك فؤاد الأول تخبره أنها زوجة كمال الدين حسين و أنها أنجبت منه ابناً و تبحث عن ميراثها هي و ابنها .
و كان الملك فؤاد الأول قد ورث مليون جنيه عن الأمير كمال الدين حسين حيث أن الأمير كمال الدين حسين لم ينجب من زوجته الأولي ( نعمة الله ) . كما جاء المحامي الفرنسي موكلا عن الزوجة الفرنسية مدام ( فيال ديمنييه ) ، وطلب مقابلة الملك فؤاد الأول و أخبره بزواج الأمير كمال الدين حسين من حبيبته الفرنسية مدام ( فيال ديمنييه ) في 5 مايو 1924 و أنها تعتبر الوريثة الوحيدة له بعد أن أنجبت منه ابنا .
و رفض الملك فؤاد الأول الاعتراف بالزواج و أخبر المحامي الفرنسي أنه لا يعترف إلا بالزواج الذي يقره مجلس البلاط الملكي و أي زواج سري لا قيمة له .
و لكن المحامي الفرنسي لم يستسلم لما قاله الملك فؤاد الأول و قرر اللجوء للمحاكم المختلطة بالإسكندرية ليطالب بميراث زوجة كمال الدين حسين التي تزوجها في فرنسا و كانت المفاجأة حين تقدم المحامي بالخطابات الغرامية التي أرسلها الأمير المصري إلي حبيبته الفرنسية و التي يؤكد فيها أنه تنازل عن العرش من أجلها .
و كان الخطاب الأول في 3 أبريل عام 1915 و كتب يقول ( أيتها الحلم ما أتعسني بعيدا عنك . القصر الذي أعيش فيه أشد وحشة من كوخ صغير . المجد الذي حولي هو ذل و هوان بدونك . إنني أكره كل شئ حولي لأنني لا أحب سواك . إن والدي السلطان حسين كامل عرض علي اليوم أن أكون ولي عهده . أي سخافة تلك . إن معني ذلك أن افتقدك و لا أستطيع أن ألقاك كما أشاء و أين أشاء . و حين قلت له لا ذهل و لم يفهم لأنه لا أحد في الدنيا يمكنه أن يتخيل أن حبك عندي هو حلمي الوحيد في الحياة . حتي إنني بين ذراعيك أنسي أنني أمير و أشعر أنني عبد . أريد أن تنتهي الأزمة بيني و بين أبي لأحضر إليك خصيصا لأعانقك ) .
و توالي نشر الخطابات الغرامية التي أوضحت أن أسباب تنازل الأمير كمال الدين حسين عن عرش مصر كانت رومانسية بحتة . فقد نسج الحب خيوطه بين الأمير و محبوبته الفرنسية و فسرت الخطابات أيضا سر تهديده لوالده بالانتحار و إطلاق الرصاص علي نفسه و سر سفره المفاجئ إلي فرنسا عقب انتهاء الحرب العالمية الأولي .
و في النهاية لا أعرف علي وجه اليقين الحكم الذي توصلت له المحاكم المختلطة في ذلك الوقت فيما يتعلق بميراث ( مدام فيال ديمنييه ) الزوجة الفرنسية للأمير العاشق كمال الدين حسين و لم تتوافر أي معلومات عن ابنه الذي ربما يكون مازال حيا يرزق في فرنسا .
الجدير بالذكر أن حالة الزهد التي انتابت الأمير كمال الدين حسين يبدو أنها انتقلت لزوجته الأولي الأميرة نعمة الله التي عاشت حياة زهد و تقشف اثناء اقامتها في القصر الذي أوصي لها به الأمير الزاهد و يرجع ذلك لاهتماماتها الصوفية و حياة التأمل و الزهد حتي أنها قررت الانتقال لمبنى صغير مجاور للقصر و أهدت قصرها إلى وزارة الخارجية المصرية في العام 1930 ليكون مقراً رسمياً جديداً للوزارة بدلا من المقر القديم حيث انتقلت من مبناها القديم ( قصر البستان بوسط القاهرة )
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.