قصة إمرأة عربية صدر ضدها حكمًا بالإعدام «رميًا من الطائرة»
وبعد إختفت جثتها جاء فلاح ليكشف السر
إشتهرت زوليخة عدي بذكاءها وتحفظها الشديد
فشل الجميع في كشف طبيعة مهامها رغم متابعتها لسنوات
أعدم زوجها وابنها بقطع رؤسهما وفصلهما عن أجسادهما بالمقصلة
لامس الهواء البارد وجه المرأة الجزائرية وهي تقف على حافة باب طائرة هيلكوبتر تحمل علم فرنسا، تطايرت خصال شعرها وهي تنظر إلى الأسفل، تبدو الأرض بعيدة تنتظر هبوطها لمرة أخيرة، عقارب الساعة تمر ونهاية العمر تقترب، يخفق قلبها بشدة ويبقى وجهها متماسكًا، هي التي فقدت كل شيء إلا حب الوطن، سبقتها عائلتها إلى المصير المحتوم واليوم تلحق بهم، ويأمل الفرنسيون أن يكون جميعهم عبرة لمن يعتبر، لكنهم لم يدركوا حينها أنها قد ترحل عن الدنيا بجسدها لكنها ستبقى مدى الدهر رمزًا لوطن رفض أن يركع تحت إمرة محتل غاصب لشعب جزائرى حر.
إسمها زوليخة عدي، أو هكذا عرفت واشتهرت، رغم أن اسمها الحقيقي يمينة الشايب ولدت عام 1911 وفتحت أعينها على مدينة شرشال الساحلية غرب الجزائر، وسط عائلة إشتهرت بالنضال ضد الاحتلال، ذلك الذي أذاقهم الذل والفقر والظلم، لتنشأ في مناخ قادها إلى العمل الثوري وثبت عقيدة قلبها على النضال ضد المستعمر، لتقود في شبابها خلايا الدعم اللوجيستي لجيش التحرير الوطني الجزائري، ومنها جمع الأموال وتوفير الأدوية والأطعمة، لتلتفت لها أعين الفرنسيين (نريد رأسها ولا شيء سواها).
لسنوات تابعتها أعين الاستعمار أملًا في الإيقاع بها، لكنها كانت شديدة البراعة، عرف عنها ذكاءها، وتحفظها الشديد، لتستطيع أن تفلت دائمًا من تحت أيديهم ولا يمكنهم هم أن يكشفوا مهامها التي قامت بها، إلا أنها وقعت في قبضة العدو أخيرًا بعد عناء عقب خلافتها لأبو القاسم العليوي، قائد الجيش الجزائري في شرشال، مسقط رأسها، بعد إستشهاده، وعقب عملية تمشيط واسعة للفرنسيين في الجبال المحيطة.
عند إعتقالها، قامو بتصوير المناضلة الجزائرية جالسة على الأرض مقيدة بالحديد في سيارة تابعة للجيش الفرنسي، قبل أن يتم سحلها بهذا الوضع في شوارع الجزائر كي تكون عبرة لكل من يقرر مقاومة الاحتلال.
ولم يرحمها الفرنسيون بعد ذلك بل قرروا أن يعدموها بطريقة بشعة، بأن يلقوا بها من السماء من طائرة هيلكوبتر، ما حدث في 25 أكتوبر 1957، فقط بعد أيام من إعدام زوجها وإبنها بقطع رؤوسهم وفصلها عن أجسادهم بالمقصلة.
وإختفت جثة المناضلة الجزائرية لمدة طويلة بعد إعدامها، وبقى الأمر لغزًا يبحث عن حل طوال قرابة 27 عامًا، حتى حل اللغز رجلًا مسنًا في عام 1984، كان مجرد فلاح حين أعدمت «زوليخة»، وأفصح أنه في أحد أيام عام 1957 كان مارًا على الطريق ووجد امرأة مهشمة فحملها ودفنها، قبل أن يدل الناس على مكانها، ليقوموا بالحفر ويجدوا بقايا عظام امرأة بالفعل، بل ووجدوا بقايا للفستان الذي كانت ترتديه وقت إعدامها ليتم أخيرًا فك لغز اختفاء الجثة.
ويبقى إسم زوليخة عدي أو يمينة الشايب رمزًا لنساء جزائريات شجيعات حرائر وقفن في وجه الإحتلال وساهمن بشكل كبير في زواله فكان موتهن شرارة التحرير ...للأرض والوطن.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.