سواء كانت قصة وجوه بيلمز المرعبة ملفقة أو حقيقية فقد شغلت الرأي العام في أسبانيا والعالم وجعلت من بيلمز محجا لملايين السياح حول العالم لأكثر من 35 سنة
اشتهرت وجوه بيلمز بهذا الاسم لانها ظهرت في احد بيوت مدينة بيلمز ( Bélmez) الاسبانية في عام 1971, وتقول القصة ان امرأة تدعى ماريا بيريرا والتي تعيش مع زوجها خوان وولدها في بيت اثري قديم انها لاحظت تكون صورة لوجه على الارضية الاسمنتية لمطبخها وهو ما اثار فضول ورعب سكان المدينة في نفس الوقت , وقد كانت هذة الصورة وما تلاها من صور اهم الدلائل التي ارتكز على اصحاب نظريات علم الباراسيكولوجي وهو علم ما وراء النفس في اثبات وجود تأثيرات تحدثها النفس البشرية على البيئة والكائنات المحيطة بها .
يعد منزل عائلة بيريرا عريقا ويعود بناؤه الى ثلاثينيات القرن التاسع عشر, حيث انشيء على انقاض كنسية ومن قبل ذلك كانت ارض الكنيسة تعود للمسلمين الذي هجروا من الاندلس في فترات سابقة , وقد شكلت تلك المعلومة مصدر خوف للعائلة فقد ذهب تفكيرهم الى ان هناك مجموعة من الارواح تسكن منزل العائلة وهو ما دعاهم الى ازالة الارضية الاسمنتية والحفر حتى عمق ثلاثة امتار , وبالفعل وجدو جثتين بلا رأس فقاموا بنقلهما تحت اشراف مجلس المدينة الى منطقة اخرى لكن ذلك لم يحل مشكلتهم .
الصورة التي رأتها ماريا
كانت الصورة التي رأتها ماريا تعود لطفل صغير اطلق عليه اسم بافا , ولكن بعد ازالة الارضية الاسمنتية عاد بافا للظهور وهذة المرة ظهرت معه عدة وجوه اخرى منها ما هو لأشخاص بالغين ومنها ما هو لأطفال وقد تعددت احجام الوجوه حتى اصبحت ارضية المطبخ وجدرانه مليئة بالوجوه وهو ما جعل الامر مخيفا اكثر مما بدا عليه في البداية , وقد بدت معظم الوجوه حزينة وغاضبة وكأنها تعاني ظلم وقع عليها.
ومنذ الظهور الاول لبافا لاقت هذة الظاهرة اهتمام اهل البلدة والمدن المجاورة وما لبثت ان وصلت الى عدد كبير من العلماء الذين عمدوا الى دراستها بعمق وقد وضعت عدة فرضيات لتفسير هذة الظاهرة كالعادة
فرضيات لتفسير ظاهرة وجوه بيلمز المرعبة
1- الخداع : توقع بعض المشككين ان تكون هناك مؤامرة ما بين سكان المنزل واشخاص اخرين لإظهار القصة على انها امر خارق للطبيعة , والتي لا تعدو كونها بعض الرسومات التي يقوم احد الاشخاص برسمها ثم الادعاء بإنها ظهرت وحدها ولكن اتباع هذة النظرية لم يجدوا ادلة واضحة على وجود تضليل في قصة منزل بيريرا فكل القصص والدراسات اثبتت وجود امر ما خارق للطبيعة في هذا المكان .
2- وجود الارواح : يعتقد بعض الباحثين وخاصة الروحانين ان هناك امكانية لعودة بعض الارواح التي يقتل اصحابها ظلما للاتصال مع اشخاص قريبين من المكان الذي دفنوا فيه وذلك لإجبار الناس على معرفة المجرم الحقيقي او الظروف التي قتلوا فيها , ووجود تلك الجثث مفطوعة الرأس كانت اكبر قرينة لهؤلاء الاشخاص لجعل الناس يصدقون نظريتهم حول الارواح المظلومة.
3- الباراسيكولوجي : هو علم ظهر في اواخر القرن التاسع عشر ويدعي ان هناك امكانية عند النفس البشرية للتأثير على ما يحيط بها من كانئات وظواهر طبيعية , وان انعكاسات معينة قد تظهر على شكل رسومات او اصوات تبين الحالة النفسية للشخص , فقد وجد اتباع هذة الفرضية ان معظم الوجوه تعبر عن الحالة النفسية لماريا , وفي بعض الدراسات حاول البعض تسجيل الاصوات التي تصدر في المكان عن طريق مكبرات صوت متطورة ففوجئوا بعدة اصوات تحاول الاستغاثة , حيث إستطاعوا تسجيل عدة جمل منها ” اكمل الدفن" و "انا اريد ان اخرج” وكذلك ” من هنا تذهب الجحيم ” كما ورد ذكر اسم ماريا دون غيرها عدة مرات.
وقد شكك بعض العلماء بهذة التسجيلات واعتبروها مجرد مؤامرة بين العائلة والباحثين الذين قاموا بالتسجيل, فيما يرى علماء ماوراء النفس ان هذة الظاهرة هي تعبير جلي عما يدور في نفس ماريا من احداث وافكار وانها تحاول التعبير عن الافكار بالرسم دون الحاجة لإستخدام يديها بل بالتأثير في جدران وارضية المنزل التي تتأثر بها وتظهر ما تفكر به.
4- استعمال مواد كيميائية حساسة للضوء: إذ رأى بعض العلماء انه تم تغطية الارضية بطلاء معين يحتوي على مواد حساسة للضوء مثل النترات او بعض مركبات الكبريت وهذة المواد تظهر وتختفي وفقا للضوء الساقط عليها , ولكن هذة الفرضية لم تقدم تفسيرا لكيفية اعادة تشكيل هذة المواد في حالة اغلاق المطبخ بشكل كامل , وقد اثبتت الفحوصات المخبرية لبعض العينات التي اخذت من صور الوجوه المحفوظة الى وجود بعض العناصر التي كانت تستخدم لصناعة بعض انواع الطلاء سواء كان عادي او حساس للضوء ومن هذة العناصر الرصاص والخارصين والكروم اذ ان بعض مركباتها كانت تستخدم بكثرة في صناعة الدهانات , مما يدفع اصحابها الى العودة الى المربع وهو نسف القصة من اساسها واعتبار كل ما يحيط بها ملفقاً.
وكما كان يعتقد كثير من العلماء ان هذة الوجوه مرتبطة بصورة وثيقة بماريا, توقفت الوجوه عن الظهور او التغير بعد وفاتها في عام 2004 مع العلم ان هناك وجها جديدا ظهر لزوجها خوان عند وفاته في فترة سابقة لوفاتها وهو ما اكد للباحثين ان هذة الوجوه هي انعكاس للحالة النفسية لماريا , فيما رأى المشككين ان ماريا وحدها التي كانت تعرف كيف تخدع الناس بهذة الصورة وان السر دفن معها ولم يعد بالامكان اثبات التزوير من خلال الامساك بها متلبسة بعملية تزوير وهو ما يرفضه كثير ممن عاينوا صور الوجوه الذين يؤكدون انه لا مجال لوجود تدخل بشري باليد في تشكيل هذة الصور وانها تكونت نتيجة تأثير خارق للطبيعة .
وضع المنزل وما يحتويه من وجوه تحت رقابة المحكمة وذلك لإثبات عدم وجود تزوير في الوجوه والروايات التي انتشرت عنها وقد لوحظت تغييرات بسيطة في بعض الوجوه , ولكن لم تكن تلك التغييرات لتؤثر في الشكل العام للوجوه .
كانت قصة ماريا ملهمة لكثير من الكتاب ومنتجي الافلام فقد ظهرت عدة روايات عن اشخاص يتصلون بعالم الارواح بحيث يساهم هذا الاتصال بكشف بعض الجرائم فيما ذهبت روايات اخرى لتصوير تأثير النفس البشرية على ما حولها , وقد لاقت بعض الافلام التي حاكن هذة القصة وصنفت في الغالب كأفلام رعب رواجا كبيرا حيث جمعت بين التشويق والمناظر المرعبة للارواح التي تخرج للتواصل مع شخص معين تختاره .
وسواء كانت قصة الوجوه ملفقة او حقيقية فقد شغلت الرأي العام في اسبانيا والعالم وجعلت من بيلمز محجا لملايين السياح حول العالم لأكثر من 35 سنة وهو ما يجعل هذة الوجوه اكبر خدعة مربحة ان ثبت انها مزورة, ويبقى الجدل بين المصدقين بعلم ما وراء النفس والعلماء المعتمدين على الدليل العلمي القاطع قائما في ظل غياب ادلة علمية وعدم القدرة على اثبات التزييف الذي حصل او اثبات وجهة النظر المغايرة.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.