بقلم: صفية عامر
بعد كل ما حدث، وبعد مرور أكثر من عام على قيام – معذرة – ما أسميناه "ثورة"، وفي ذكرى تعديلات دستورية مشئومة، لم تفلح فى تهدئة الأجواء، ولم تأت بالسمن والعسل كما توقع كل من نادى بـ"نعم"، أجدني مدينة لك باعتذار. نعتذر لك لأنك كنت تعرف كيف "تلعبها" بذكاء في حين أن خلفك لا يأبهون كثيرا من انكشاف مدى غبائهم وانحطاطهم وخنوعهم وانبطاحهم.
انظر إلى حال هؤلاء الذين توسموا فينا خيرا، ولم نأت لهم سوى بالإحباط، ولم يشعروا بأي تغيير في معيشتهم أو تحسن أحوالهم أو حتى ظهور بارقة أمل فى المستقبل البعيد ناهيك عن القريب. لم يأت الصباح بجديد بل الواقع كان أشد وطأة عليهم في أيامهم هذه مقارنة بأيامك أنت. نعم نعتذر على تهور واندفاع كنا نحسبه حفرا لمجرى نهر من الخير لكنه لم يكن سوى إزاحة لغطاء شبكة مجاري طالما عشنا متآلفين معها وما يكتشف منها يوميا فوق طاقة التحمل لشعب لم ولن يشغله في ظروفه تلك سوى تأمين لقمة العيش، وما يكتشفه يزيده تقوقعا وسخطا وبؤسا لينعم بها الفاسدون.
نعم نعتذر ونأسف، لكن لغيابنا عن الشارع ومع الناس فيه. تأخرنا وما زلنا في الاحتكاك بهم والإنصات إليهم. نعتذر عن رفضنا للأساليب القديمة والتراكيب البالية فقد أردناها ثورة شعب لكن الشعب كان يتطلع إلى قائد ملهم إلى فرعون جديد. نعتذر أننا أردنا تحريره، لكنه مازال يجد أمانه في القيد. نعتذر أننا لم نفهم طبيعة شعب كلما تكشفت أمامه فضيحة فساد جديدة، أنت ورجالك أبطالها، كلما لعنوا الثورة والثوار أكثر.
نعتذر لأننا كما الشعب بحاجة إلى الوعي مثلهم، بحاجة أن نفهم سيكولوجية مواطن لا ينفعل لسحل وتعرية فتاة مصرية، والأنكى من هذا أن يدينها هي بل وصل الفـُجر (بضم الفاء) ببعضهم للخوض فى عرضها وفى شرفها. نحن بحاجة أن نفهم عقلية بلد عربى شرقى بمسلميه ومسيحييه تشكل فيه عذرية الفتاة وشرفها محكا صلبا، ومع ذلك لا يثور ولا يتحرك لانتهاك عرض فتيات فيما عرف بكشف العذرية.
نعتذر عن تشتتنا وانقسامنا وتخويننا لبعضنا البعض. نعتذر على فشلنا الساحق فى العمل بروح الفريق وافتقارنا للتنظيم، فأصبحنا لقمة سائغة في فم مجلس عسكرى متواطئ، واعلام يسبح بحمد من في السلطة وشعب منهك. نحن مدينون باعتذار لهذا الشعب نيابة عن النخبة التى تكشف لنا مدى هشاشة البعض منها واشتياق البعض الآخر للمناصب، وتحولات البعض ضد الثورة والثوار، وما تبقى منهم مجاهدون خلف لوحة مفاتيح الكمبيوتر أو على صفحات الجرائد.
نعتذر نيابة عن الأزهر الشريف لغيابه عن لعب دوره التنويري لنشر الإسلام الحق السمح بدلا من ترك الشعب نهبا لفتاوى يكشف أصحابها عن مدى ضحالة وفقر معلوماتهم الدينية وغيابهم عن الوطن الذى يعيشون فيه.
نعتذر نيابة عن الكنيسة التى تخلت عن شهدائها، وتمترست داخل أسوارها دون اندماج حقيقى مع الشعب لسنوات طوال.
نعم نعتذر فقد أخطأنا الطريق وأخطأنا الأسلوب بعد غيابك عن الصورة شكلا وحضورك الفعلي موضوعا، ولو عاد بنا الزمن لفعلناها في نفس اليوم وبنفس الشكل ولرددنا نفس الهتافات ولقلنا مثل ما قلنا وأكثر، لكن مع فارق بسيط أننا لم نكن لنترك الميدان لمن توسمنا فيهم الشرف، ولم نكن لنتركه قبل أن تعلق أنت ورجالك شنقا على صواري أعمدة النور فى ميدان التحرير.
نعم. إحنا آسفين يا ريـس.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.