Free Web Submission http://addurl.nu FreeWebSubmission.com Software Directory www britain directory com education Visit Timeshares Earn free bitcoin http://www.visitorsdetails.com CAPTAIN TAREK DREAM: من مقالات الرائعة دينا توفيق

Tuesday, March 20, 2012

من مقالات الرائعة دينا توفيق

فبراير 2011
18
الشاعر الغنائى جمال بخيت: لا أتاجر بكلماتى
المصدر: الأهرام اليومى
بقلم:   دينا توفيق
من أشهر أغنياته تلك التى سأل فيها:
تعرف تتكلم بلدي؟
وتشم الورد البلدي؟
أنه «المصري» جمال بخيت. الشاعر الغنائى الكبير. الذى ولد فى أحضان حى مصر القديمة الذى يجسد بكل صدق وحدة المصريين منذ الفتح الإسلامى لمصر. ففيه يتجاور جامع عمرو بن العاص أول مسجد فى مصر وقارة أفريقيا، وأقدم كنائس مصر: مارى جرجس والكنيسة المعلقة والعديد غيرهما.
هذا الشاعر الذى أجمع كل متذوقى أشعاره على أنه صاحب الكلمة الصادقة والرأى الحر والفكر المستنير.
هو واحد ممن تربوا فى زمن الفن الجميل وكانوا امتدادا لشعراء القمة حتى صار خليفة لهم فتغنى بحب مصر والمصريين.
الذى قال: إننا يجب أن نعيش فى زمن حماية الفن الجميل. وقال: لا أتاجر بكلامي. لهذا يصدقنى الناس!
فى هذا الحوار انطلقنا مع ابن البلد «المصري» جمال بخيت فى سماء مصر بوحدتها الوطنية وسألناه عن رأيه فى الديمقراطية الآن. وعن «عبدالناصر». وعن الواقع الفني. فكانت هذه هذ الحصيلة:
- هناك كود بشرى لجمال بخيت مكتوب عليه «مواليد حى مصر القديمة 1954»!
أكيد. فمصر القديمة حى قاهرى وموطن لهجرة داخلية من قرية تسمى «الصوامعة شرق» تابعة لمحافظة سوهاج، فمنذ بداية القرن 19 وهناك هجرات صعيدية متتالية إليه فتكون به مجتمع صعيدى وأنا قد فزت بالحسنيين واعتبر أن هذا من أجمل الأشياء التى وقعت لى فى حياتى الانتماء الصعيدى والانتماء الشعبي. ومن خصوصياته الهامة جدا أنه الحى الذى بنيت فيه أول كنائس أو أقدم الكنائس فى العالم سواء الكنيسة المعلقة أو كنيسة مارى جرجس. فهو حى الكنائس باختصار. وفى نفس الوقت به أول جامع بنى فى أفريقيا. ولذلك فالمكان الذى نشأت به يعبر عن النسيج المصرى الواحد. لهذا فاننى لا أحب أن أقول عنصرى الأمة. لا أحب استخدام هذا التعبير. فهناك مصرى واحد فقط.
- هذا ما نريدك أن تتكلم عنه الآن محاولات ضرب العلاقة بين هذين الشقين وذلك من منطلق خبراتك الإنسانية وأنت الذى عملت فى مجلة «صباح الخير» بكل ما تحمله من قيمة وخصوصية حرصت عليها طوال عمرها
سيدتي. عندما كنا أطفالا نشأنا على أن أمهاتنا عندما يرغبن فى علاجنا من الأمراض يذهبن بنا إلى الدير، هكذا كانت حياتنا فى مصر، ومن هنا أنا أقول طبعا أن كل هذه الأحداث التى تمر بنا هى أمور مفتعلة ومصنوعة من خارج مصر. ولا يمكن أن يفوت علينا أنها ملفات مفتوحة منذ زمن وقرأناها فى أدبيات المخابرات العالمية منذ 40 سنة، ومنها ملف تفتيت المنطقة المطلوب تقسيمها إلى كيانات صغيرة أكبر جزء فيها أصغر من إسرائيل والسبيل إلى هذا هو العبث بالملف الطائفي، كما حدث فى لبنان بين الأرمن والسنة. وبينهما وبين الشيعة. وكما حدث فى العراق بين الأكراد والسنة والشيعة وكما يحدث فى السودان الآن.
- باعتبارك «مواطن مصري» ما هو فهمك وما هى اقتراحاتك لهذه المشكلة؟
المسألة فى الحقيقة لا تتجزأ فما يجعل المنطقة هشة هو غياب الديمقراطية.
- وما رأيك فى شكل الديمقراطية الحالية؟
الموجود الآن هو «حرية التعبير» كمظهر وحيد للديمقراطية المتوفرة فى مصر، الأمر الذى يجعلنا نشعر بأننا أحسن حالا من غيرنا فى العالم العربي، وبالفعل نحن فى هذا المجال أفضل بكثير جدا من كل الدول العربية، لكن الديمقراطية ليست هى حرية التعبير فحرية التعبير يترتب عليها أن تفرض الأغلبية رأيها. إذن فنحن نعبر فعلا عما نريد ونتكلم كما نشاء، ولكن ما نقوله لا يؤثر فى الواقع ولا يغير منه ومن هنا نجد أنها ديمقراطية منقوصة دون أن تكتمل لنجعل منها أسلوب حياة وأسلوبا سياسيا وأسلوبا اقتصاديا يدير شئون المجتمع بأكمله، الديمقراطية تعنى أن مواطنا أيا كان عمله أو وظيفته يكون مرشحا غدا لأن يكون رئيسا للجمهورية أو وزيرا، وعندما يصبح رئيسا وينهى مدته يمكنه ببساطة أن يعود مواطنا عاديا وبالتالى يحدث توازن للسلطات فى المجتمع سلطة الدستور والقانون والرقابة الشعبية وكذلك سلطة البرلمان وسلطة الصحافة والسلطة التنفيذية مما يشيع فى المجتمع نوعا من الاطمئنان والعدل، الأمر الذى يتيح فرص الترقى العلمى والاجتماعى والاقتصادى أمام جميع أبناء الشعب ولا تكون محصورة فى فئة دون أخري. وهنا عندما نعود إلى ما يسمى بالفتنة الطائفية نجد أنها تنتشر فى اجواء الفساد لكن إذا كان المجتمع متوازنا نفسيا سيتم كشف الفساد وألحاق الجزاء بالمفسد ويصبح المجتمع مستريحا ونكون جميعا أمام القانون مواطنين سواء لان كشف الفساد وعدم التعامل معه كما ينبغى هو السبب فيما يحدث من أزمات.
- ما هى المآخذ التى تأخذها على سلوك الناس وتعاملهم مع مطالبهم والتعبير عنها؟
إننا الآن نتحرك بشكل فئوى بمعنى أن الصحفيين يطالبون بإلغاء قضايا الحبس التى ترفع على الصحفيين والمحامين يريدون ان ينالوا الاحترام أمام القضاة فحسب وحتى القضاة يقفون وقفات احتجاجية فى مشكلاتهم، وعلماء مراكز البحث العلمى يقفون وقفات احتجاجية من أجل العلاوات والمفترض فيهم انهم علماء أى أن ما يحدث بالفعل حرية شكلية والأساس فئوى فيتحرك المسيحى فى المجتمع كمسيحى وليس كمواطن فتكون له مطالب مسيحية وليست مطالب وطنية، فهو يطالب ببناء كنيسة أو مطرانية، أو أن امرأة مسيحية خطفت فينظمون مظاهرة لتقوم الدولة باعادتها ومن هنا تظهر الفتنة.
أنه كلما كان المجتمع متماسكا كانت الدولة قوية ولا يمكن أن تكون الدولة قوية والشعب ضعيفا. دولة قوية تعنى شعبا قويا قادرا على ممارسة حقوقه ويستفيد من ممارستها هذا الذى يقوى الدولة وعندها لا يمكن أن تكون هناك فتنة وقد رأينا أن من تجارب المجتمعات الديمقراطية انها لا يمكن أن تقوم فيها فتن على أساس دينى بل يمكن أن تكون هناك مطالبات من أجل تحسين أوضاع يمكن مناقشتها على أرضية صلبة وعادلة.
- ثورة 23 يوليو ماذا تمثل لك؟
لقد تشكل وعينا على مباديء الثورة أنا وجيلى كله. ثم أن الثورة كان لها تأثير مباشر فى حياتنا وحياة أسرتى بالتحديد فنحن أسرة كبيرة العدد والوالد لا يعرف القراءة والكتابة والوالدة خرجت من المدرسة فى السنوات الأولى للدراسة بسب عدم القدرة على توفير المصروفات بالرغم من انها كانت مبالغ زهيدة فى ذاك الوقت إلا أن أسرتها لم تكن تستطيع دفعها وهذا هو حال العديد من الأسر فى هذا الزمان وكنا نحن اثنى عشر أخا وأختا ولولا الثورة ومجانية التعليم لم يكن ليتهيأ لنا أن نتعلم جميعا فالثورة لم تكن مجرد مجموعة من المباديء. بل طبقت هذه المباديء عليّ وعلى أسرتى وافادتنا بشكل مباشر.
- بعد هذه السنين الطويلة فى رأيك ماذا تبقى منها؟
أرى أن الناس تظلم الثورة فكل إنجازاتها حولها البعض إلى مساويء. فيقولون إلى أين وصل التعليم الآن؟. لكن الحقيقة أن مجانية التعليم قامت بدورها فى السنوات الأولى من الثورة. وعبدالناصر توفى سنة 1970 أى منذ 40 عاما لماذا لم يحدث تعديل لسياسة التعليم منذ توفي؟ والإجابة لأننا انقلبنا على الثورة فى السبعينيات أى تم إلغاء ما كان يحدث فى الأفكار والأداء فالتعليم كان مضمونا وبمستوى عال واليوم أصبح التعليم بمصروفات حتى التعليم الحكومى المفترض أنه مجانى لكن النقود التى يتم دفعها للدروس الخصوصية تنفى فكرة المجانية.
أننى أطالب المعنيين بهذا الشأن بأن يختاروا السياسة التى دافعوا عنها. ويطبقوها بالعدل على الجميع. هذا أولا.
- وثانيا؟
فكرة أن الأمن القومى المصرى يبدأ من خارج الحدود المصرية كانت مطبقة فى الخمسينيات ولا يجب أن يكون منحصرا فى الحدود السياسية لمصر لانها دولة كبرى فى المنطقة، وإن لم تكن ممثلة جيدا فى محيطها الاقليمى تصبح أضعف من أى دولة فى المنطقة وهذا ما حدث حتى أصبحوا ينازعوننا فى مياه النيل. تخيلى هذا النيل الذى يجرى على أرضنا منذ ملايين السنين دون أن ينازعنا فيه أحد. أصبحوا ينازعوننا فى شريان حياة مصر؟ أن دور مصر الكبير كان يقيها شرورا كثيرة ويجعل لها دورا فى محيطها الاقليمى. ولكن دورنا تراجع على كل الأصعدة فأصبحنا نتناطح مع دولة عربية من أجل «ماتش كورة» وليس من أجل أمر له أهمية.
- وماذا عن انتمائك للرئيس عبدالناصر وانت قد رأيت المشهد مكتملا؟
هل من الممكن أن أعدل من صيغة السؤال؟ فالانتماء ليس لشخص جمال عبدالناصر، فهو نفسه لم يأت بجديد، بل كان ينفذ أجندة الوطنية المصرية على مدى 100 سنة قبل الثورة، وهذه هى الحقيقة وسأثبت لك فعندما تحدث عبدالناصر عن القومية العربية فى منتصف الخمسينيات، ألم تكن جامعة الدول العربية قد تأسست من قبل فى عام 1945، وكان هو يردد صدى ما تم بناؤه بالفعل ولم يأت بجديد وعندما طالب بالاصلاح الزراعي، سنجد أنه مشروع سابق تقدم به النائب الشاب إبراهيم شكرى رحمه الله ـ الذى أصبح رئيس حزب العمل فيما بعد، حتى السد العالي، هو حلم المصريين منذ أيام الفراعنة بإقامة سد يحجز مياه النيل، فهو حلم قديم لم يخترعه جمال عبدالناصر. إذن هو نفذ الأجندة المصرية والجلاء أيضا فلمدة 70 سنة كان المصريون يطالبون بخروج الانجليز من مصر والثورة نفذت هذا المطلب الذى كان يحلم به المصريون. أيضا تأميم قناة السويس لم يكن من اختراع عبدالناصر ولكنه قرأ عنه الكثير من الكتب واستدعى مؤلفيها واستلهم أفكارهم قبل أن يأخذ هذا القرار وحتى مجانية التعليم كان د. طه حسين هو الذى نادى بها وعبدالناصر هو الذى نفذ.
إذن أنا لست منتميا لشخص جمال عبدالناصر، فالشخص يأتى ويذهب وله أخطاء مثل غيره وليس معصوما. ولكن أنتمى للوطنية المصرية إذن كان له تأثير ولكن ليس بشخصه وإنما بوزنه. لأنه لو كان بنفس مواصفاته وإمكاناته وظهر فى دولة غير مؤثرة ما شعر به أحد، فلقد كان عظيما لأنه كان يمثل مصر لأنه يوجد كيان عظيم أو حضارة عظيمة اسمها مصر، ولن ينصلح حالنا إذا واصلنا الادعاء بأن مصر كبيرة وعظيمة وأن لها الريادة والقيادة فهى الريادة ولكن ليس لها سيادة وبينهما فرق شاسع، فمصر التى كانت سلة غذاء الامبراطورية الرومانية، أصبحت أكبر مستورد للقمح فى العالم، وهى مصر هبة النيل، وفى الوقت نفسه الدول الصحراوية أصبحت تورد لنا القمح إن حالنا يدعو للبكاء والصين تغزونا بمنتجاتها، فالفانوس ولعب الأطفال والملابس صينى والأكل وارد روسيا وكوبا. سمنة هولندى واللحمة هندى وبرازيلي. ودهب بولاندى لجل الخطوبة. زيتون يونانى تكييف ياباني!
- حلاوة أشعار جمال بخيت تمس شغاف القلب لها أصول بالتأكيد فما هو المورد الثقافى الأول لها؟
لقد تتلمذت على جميع الشعراء العرب منذ امريء القيس ومن سبقه حتى الابنودى وسيد حجاب وأحمد فؤاد نجم، فأنا ابن هذا السلسال العظيم، والميزة التى أحمد الله عليها أننى لم أقصر ثقافتى على الشعر فقط، فقد قرأت فى التاريخ والجغرافيا والفلسفة وعلم النفس، بالإضافة إلى قراءاتى فى علوم غريبة جدا، فمكتبتى بها كتب حتى عن عالم الحشرات، فلم أترك مجالا لم اقرأ فيه واستفد منه فقرأت فى والدين والفقه. باختصار أريد أن أقول إنه يكاد لا يكون هناك مجال حيوى فى الفكر الانسانى لم اطلع ولو على قدر بسيط منه، بالإضافة إلى ما أشرت إليه طبعا وهم الناس. الشعب المصرى بنماذجه المختلفة بأفراده. بعظمائه. ببسطائه، إنه شعب معلم كما يؤمن الغرب أن مصر بطرفة عين تصنع المعجزات كما ذكر توفيق الحكيم على لسان أحد الاثاريين الفرنسيين فى عودة الروح، لأن هذا الشعب بداخله جينات لا تقهرها الظروف، بداخله جينات الحضارة، وهذا كلام علمى يؤكده فك شفرة الجينات ويمكن أن تسألى عن هذا العالم الدكتور محمد النشائى أنشأ حضارة عظيمة جدا جدا، والدليل على ذلك أن الطفل المصرى من أذكى أطفال العالم حتى سن السادسة لأن قبل هذه السن يكون تأثير الجينات هو المسيطر على المخ، وبعد ذلك يأتى تأثير التعليم المدرسى فتتعطل ملكات الطفل كلها. وعلم الاجتماع يقول إن من مميزات مصر أنها ملتقى القارات وحدث تزاوج بين هذا العقل وكل ما هو مميز فى الحضارات الأخري، فأدى هذا إلى تراكم حضارى ومعرفى عظيم. كذلك فمن أبرز سمات هذا العقل وتطوره أنه يتلقى العلم ويهضمه، ويضيف إليه، على سبيل المثال أكبر شعراء العامية المصرية بيرم التونسي، جده الخامس من تونس، وإنما لما جاء مصر وعاش جد بعد جد تشبع بالعقل المصرى وظهرت عبقريته، حتى العبقرى فؤاد حداد من أصول شامية، هؤلاء إذن لو استمروا فى بلادهم هل كانوا سيتمتعون بنفس العبقرية؟ الله أعلم. لكن هنا يظهر دور مصر والجينات المصرية والعقل المصرى المهيمن المسيطر الذى يستطيع أن يهضم ويفرز ما هضمه مرة أخري، فما كتبه فؤاد حداد وبيرم لا ينم عن أى تونسية أو شامية، بل يدل على انغراس عميق فى المصرية. وهذه هى قدرة العقل المصرى مما يؤكد كلامي. إن هذا الشعب يمتلك ذكاء فطريا من التراكم الحضارى جعله بهذا النضج. وولد لديه القدرة على استيعاب الآخر واحتوائه وافرازه أو إعادة اصداره مرة أخرى فى طبعة مصرية خالصة. وهذا هو سر النقلة الكبيرة التى حدثت لمصر أيام جمال عبدالناصر الذى حكم مصر 16 سنة فقط. أى فترة قصيرة فى عمر الشعوب، ولكن انظرى إلى حجم التحديات العظيمة التى خاضتها مصر ونجحت فيها خلال تلك الفترة. والتى امتد تأثيرها إلى حرب 1973 الخالدة، التى هى استمرار لحضور العقل المصرى والجندى المصرى والضابط المصرى والشخصية المصرية فالعبور معجزة بكل مقاييس المعجزات العسكرية.
- ما رأيك إذن فى الشباب الكاره للأجواء المصرية ورغبته فى الفرار من مصر بالهجرة حتى لو كانت غير شرعية؟
إن لدينا نحن أيضا خلطا فى النظر إلى الشباب نظرة مجملة وشاملة. لأنه كما أن هناك شبابا يهرب على المراكب ليفر عبر البحر المتوسط إلى أوروبا. وهو يعلم أنه من الممكن أن يغرق بنسبة 90% هناك أيضا الشباب الذين يواجهون الواقع ويريدون الأفضل لبلادهم، ولكن الأزمات تخلق أفكارا سيئة. لذلك أنا لا ألوم الشاب الذى يحقد على البلد لأن الانتماء ليس كلاما معلقا فى الهواء. ولكن الانتماء يعنى أننى انتمى لمكان يشعرنى بقيمتى لأننى لو لم أشعر بآدميتى فى مصر وشعرت بها فى فرنسا. فسأنتمى لفرنسا أكثر من مصر، 112 والأصل أننى من مواليد مصر فقط، ثم يقال للشاب هذه بلدك وخيرها عليك. وأين هذا الخير. هذا هوالسؤال؟
والحل هو الصراع من أجل البقاء، فإما نكون موجودين وإما سنتحول فى غضون سنوات قليلة الى هنود حمر، وانتبهى فهذا ليس غريبا على التاريخ الذى ينحى ويزيح الأمم الضعيفة ونحن معرضون لهذا ولن يتم ذلك بأيدى الغرب. ولكن حركة التاريخ تزيح دائما الأمم الضعيفة.
"شعراء الوطن"
- هناك حركة شعرية قوية ومرتبطة بالأفكار السياسية، فما رأيك فى هذا الكم من الشعراء؟
مبدئيا دعينى أتكلم بدون تحديد أسماء. أنا فكرت من 10 سنوات فى تقديم بعض شعراء العامية الشباب فى مجلة صباح الخير. فى باب «مشاعر شاعر». وكنت أتصور فى ذاك الوقت اننى سأكتب هذا الباب لمدة 3 شهور والعجيب انه استمر لمدة 7 سنوات. قدمت خلالها العديد من المواهب المصرية فى مجال شعر العامية من جميع أنحاء الجمهورية. بعضهم قابلته فى امسيات وندوات. والآخرون تعرفت عليهم مصادفة. عندما كنت أجد ديوان شعر عاميا عند بائع الصحف. فأشتريه وافاجأ بطاقة شعرية هائلة جدا. ولقد كتبت عن جميع الأجيال. منذ بيرم التونسى وفؤاد حداد والابنودى وأحمد فؤاد نجم. وحتى عمرو مصطفى الذى كان عمره 20 سنة عندما كتبت عنه أول مرة. ومن جيلى كتبت عن بهاء جاهين ومحمد عبدالقادر وأحمد كشيك وهشام السلاموني. وحتى الأجيال التالية كتبت عن ابراهيم عبدالفتاح ومحمد بهجت. والشباب أحمد الحضرى ومحمد عبيد. ولا يحضرنى كل الأسماء الآن لأن العدد كبير ولكنه مشروع أتمنى أن أصدره فى كتاب.
وحاليا أقوم بالاشراف على اصدار سلسلة اسمها «شعراء الوطن». وهى عن الشعراء الذين كتبوا الأغنية واثروا فى وجداننا لفترات طويلة ولا نعرف عنهم شيئا. على مدى 100 سنة صنعوا أحداثنا التاريخية.
- ما الفرق الحضارى بين المناخ الذى كان يعيش فيه شعراء جيل الستينات والجيل الذى يليه؟
الفرق الوحيد بينهما هو حماية الفن الجميل. لأنه لا يوجد ما يسمى بزمن الفن الجميل. ولكن يوجد زمن حماية الفن الجميل. فأعظم ما فى الخمسينات والستينات ليس وجود فن جميل وعدم وجود فن ردئ هذا غير صحيح. بل كان هناك فن جميل تقوم الدولة بحمايته من الفن الهابط. بمنع الصوت النشاز من الظهور فى الاذاعة. يعنى أحمد رامى وحسين السيد أعضاء لجنة النصوص فى الاذاعة والتليفزيون. كانوا السبب فى ظهور صلاح جاهين والابنودى وعبدالرحيم منصور. اذن الشاعر العظيم يظهر شاعرا عظيما أيضا. وليست المسألة «سداح مداح»، وكل الظواهر السلبية التى كانت موجودة فى الأدب والفن لم يكن يسمح لها بالوصول الى الناس. عكس مايحدث الآن حيث هناك خلط بين الجيد والردئ. وهذا ما يجعل الفن الجميل يغيب رغم انه موجود لكنه «مغيب» عن الساحة الآن.
ومصر ليست عقيمة وبطبيعتها مصدرة لكل مفردات الحضارة سواء فن أو شعر أو موسيقى أو أدب أو علوم. صحيح ان العلم يحتاج معامل وتجهيزات. فلابد من توافر هذه الامكانيات حتى يظهر علماء. فعلماؤنا يتفوقون عندما يذهبون للخارج حيث يجدون الامكانيات المطلوبة متوافرة. ولكن فى الفن والأدب فالمطلوب فقط ورقة وقلم. فيخرج من بيننا شعراء عظماء فى كل أجيال مصر. وهناك شعراء عظماء عندهم 20 سنة كما قلت وهذا رأيى بكل حيادية.
- الشاعر حتى يكون عظيما ماذا يحتاج؟
يحتاج حسا ورؤية انسانية وموقفا من الوجود والحياة ومن قضايا وطنه ويحتاج ثقافة.
- مايحدث الآن أن أصبح الكلام عن الحب ممجوجا ومكررا فى صورة كليبات. ولكن الناس يفضلون القديم. حيث الكلام عن الوطنية وعن مصر. ويبحثون عن الفرق الغنائية التى تستثير فيهم الحس الوطني. مثل فرقة وسط البلد. ولكنهم يريدون هذا الغناء بطريقة مختلفة. لا هى بنفس الاسلوب القديم. ولا بالطرق الجديدة. فكما يحبون الكلام فى السياسة بطريقتهم الخاصة يريدون ان يكون الغناء كذلك فما رأيك؟
القصيدة السياسية ضرورية ويسعى الناس اليها فى كل وقت. خصوصا اننا نعيش مناخ مجتمع لم تتحقق فيه الطموحات السياسية أو احلام المواطن. وطبيعى أن يكون لهذا حضور قوى فى المجتمع. وهناك أيضا الأغنية التى تقدم الحب الممجوج. ولكن ليس هذا ما أقصده أنا أتكلم عن الحب المحترم الذى يعبر فيها الشاعر عن مشاعره الانسانية بطريقة فيها رقى مثل شعر نزار قباني.
- اذن هناك فرق بين الشعر الغنائى والشعر المطبوع؟
نعم. أريد أن أميز بين الأغانى والقصيدة المكتوبة. أنا أفردت للقصيدة العاطفية مساحة كبيرة من شعري. وأكاد أكون شاعر العامية الوحيد الذى أفرد مساحة حقيقية للقصيدة العاطفية. ففى ديوانى الأول تجدين ان القصيدة العاطفية مكون أساسى رغم وجود القصيدة السياسية. ثم أصدرت المسحراتى الذى كان موجها للعرب لأنه فى الأساس سياسي. ولكن فى لحظة من اللحظات أصدرت ديوانا كله قصائد عاطفية. مثل ديوان «نبع العطش» ومن هنا أصبح فى تجربتى كشاعر مكان مميز للقصيدة العاطفية. وبذلك أصبحت لها مساحة فى شعر العامية، الذى يخلو بجميع أجياله من القصيدة العاطفية. والمدهش أنه حتى الاجيال التالية مازال بالنسبة لها القصيدة السياسية هى المسيطرة على انتاجهم، ماعدا استثناءات قليلة.
"لا أنافق. ولا أتاجر"
- هل تشعر بحب الناس لك، وانك تشبه الأجيال السابقة؟
أولا أنا واحد من الناس وهمومهم هى همومى الحقيقية وآلامهم هى آلامى «بجد». ثانيا لقد آليت على نفسى طوال عمرى الا تصدر عنى كلمة سواء مكتوبة أو مسموعة فيها نفاق. أنا لا أقول إلا ما أشعر به وإذا لم استطع ان أقوله فإننى ألتزم الصمت. ولا أتاجر بكلامي. ولكن عندما أتكلم يصدقنى الناس لأنهم تعودوا منى الصدق.
لكن من الممكن أن أكتب عن أى بلد عربى بكل مافيه من عظمة. لأن لدى القناعة اننا شعب عربى واحد نعيش فى بلدان مختلفة. والوحدة العربية هى طوق النجاة الوحيد. فالعالم كله يتجه الى الكيانات الكبري.
- أنت بانتمائك الفرعونى فهل تصر على القومية العربية؟
أنا لا أتكلم عن القومية العربية. بل الوحدة العربية وهناك فرق هام جدا. لأن فى الوطن العربى توجد قوميات كثيرة مثل الامازيغ فى المغرب. والاكراد فى العراق. وهكذا، وأنا أرى أن الوحدة العربية ضرورة حتمية. ودعينا لا نتكلم عن التاريخ المشترك والدين الواحد والجغرافيا وما الى ذلك. المهم هو المصلحة المشتركة. لا نجاة لهذه المنطقة الا بالوحدة على أرضية المصلحة.
- هل أنت متفائل؟
بالفعل أنا متفائل. لان بديل التفاؤل هو اليأس والانتحار وهذا التفاؤل مبنى على حقائق موجودة، حيث توجد فى المجتمع الآن ثورة ثقافية حقيقية وتطلعات الى الأفكار والمعانى الحقيقية. وهى تختلف عن التطلعات التى وجدت فى الخمسينات فى مصر. حيث كانت منحصرة فى الانجازات المادية. بمعنى ان المواطن كان يتطلع الى ان يكون لديه سيارة وهاتف وفيلا. لكن التطلعات الآن الى الديمقراطية التى تغزو الدنيا كلها. وليس من المعقول ان هذه المنطقة هى التى ستظل بمعزل عن العالم. كما أن التطلع الشعبى للديمقراطية لن يستطيع أحد أن يوقفه. ولهذا أنا متفائل.
  
سبتمر 2010
3
إمام مسجد أهدر دمه وآخر حرّم موسيقاه: عمار الشريعى: أنا خايف على مصـر!
المصدر: الأهرام اليومى
             3 سبتمبر 2010
بقلم:   دينا توفيق

 
كان ولايزال الموسيقار عمار الشريعى صوت الموسيقى الجميلة وعلامة الجودة المؤكدة بين الأسماء اللامعة منذ السبعينيات والثمانينيات، وبدون مبالغة صار الأقدر على إثارة الوجدان بموسيقاه اللافتة التى تغشى الجميع بحُسنها وجمالها. لا يخشى فى قول الحق لومة لائم ويشد من عزم أصحاب الأصوات الجميلة ويسجل تاريخا عبقريا بغوصه فى بحار النغم مانحا الجميع دروسا فى الفن الحقيقى الأمر الذى جعله جديرا بأن يكون صانع الأرابيسك ومنمنم النغمات والبريء من دعاوى الاستسهال وصاحب البساطة العميقة والبصمات التى تجاوزت الـ50 فيلما سينمائيا والـ 150 مسلسلا وعشرات الأعمال الإذاعية والمسرحيات. تيار إبداعه المتدفق جعله صاحب قاموس خاص من المترادفات الموسيقية التى لا يمتلكها سواه، وصوت قوى وحس متجاوز يردد كلمات جمال بخيت فى مسحراتى مصر البهية: اصحى وسبح رب البرية/ مشيت ارتّل وانشد وجود/ وصوتى يجرى بين النواصي/ هنا بنقّر. هنا با عوّد/ يامصر قومى وشوفى نيلك/ يامصر قومى وضمى سينا/ مصر البهية. بالعقل هية/ ف الفكر آية. ف العشق غية.
- عمار الشريعى الصعيدى المولود فى المنيا كيف تشكلت ثقافتك ؟ تلقيت تعليمى الابتدائى والثانوى مثل أى مكفوف ـ وافضل هذه التسمية ـ حيث اننا كنا اول مجموعة يسمح لها بالانخراط فى المجتمع خارج التعليم الدينى او الصناعات او حتى التعليم الموسيقى والتحقنا بالجامعة وكانت ثقافتى سمعية فى تلك الفترة وكان الفضل فيها للاذاعة المصرية واذاعة الـ BBC فكنت أسمع «بهاء طاهر» فى البرنامج الثانى فى برنامج مع النقاد و «عبد المنعم زكي» فى برنامج الفكر الاقتصادى وكنت وانا ابن تسع سنوات اجادل واناقش الآراء السياسية وادافع عن افكارى ثم بدأت مرحلة القراءة عندما وجدنا من يقرأ لنا وكنا نعانى من القراءات السيئة ولكننا تعودنا التصليح بيننا وبين انفسنا حتى لا نغضب من يقرأ ونضمن التزامه، ومع الزمن تحولت جلساتنا الى لقاءات ادبية ثقافية نختلف فيها ونتفق وهنا بدأ وجود الأبنودى وسيد حجاب وطاهر أبو فاشا فى حياتى وكذلك عبد الوهاب محمد الذى ادين له بالكثير مما قرأ لى.
- كيف دخلت ساحة الموسيقى؟ تعتقدين اننى دخلتها كمثقف ولكن الحقيقة اننى دخلتها كواحد من ابناء هذا البلد نفسه يعرف مزيكتها، وكانت معرفتى بالموسيقى قبل ذلك تقتصر على الكلاسيكيات، كما كنا ننقسم فى تلك الفترة الى «وهابيين» نسبة للموسيقار محمد عبد الوهاب و«سنباطيين» نسبة الى السنباطى و«موجيين» نسبة إلى محمد الموجى وكانت تثور بيننا المعارك والخلافات بسبب انتماءاتنا الغنائية.
- وكيف خضت غمار الوسط الفنى فى تلك المرحلة ؟ فى اليوم التالى على حصولى على ليسانس الآداب ألحقونى بالعمل فى محل يمتلكه «محمد عبد المطلب» لأنه كان صديق والدى فاكتشفت أننى ليس لدى أدنى فكرة عن الموسيقى الشعبية المصرية وهنا قررت نزول الأفراح وعزفت الأوكورديون وراء إحدى راقصات الأفراح ولجهلى فشلت فشلا مدويا، وبعدها قمت أنا وأصدقائى بتكوين فرقة من الجامعيين وكنا نتابع عملنا من قهوة التجارة بشارع محمد على وفى تلك المدرسة تعلمت بساطة الجملة الشعبية المصرية وانتبهت الى انه رغم ما يبدو احيانا من تعقيد وتركيب عبد الوهاب والسنباطى الا انهما كانا عظيمين فى بساطتهما وعمقهما واعتقد اننى كنت تلميذا فى مدرسة الموسيقى الشعبية وتخرجت منها لأعمل فى الفرق وبدأت التلحين وبناء شخصيتي. من كان له الفضل فى تكوينك الموسيقى ؟ لى آباء ثلاثة من العظماء إذا نحينا الموسيقار محمد عبد الوهاب جانبا حيث اعتبره أبا بالمعنى العقلى وصديقا بالمعنى العاطفي، إنما سيد مكاوى وكمال الطويل ومحمد الموجى كانوا آباء بكل المعانى فلا أنسى كيف أعاد كمال الطويل الفنانة الكبيرة شادية للاستوديو حين غضبت بشدة لتأخير العازفين فى أول بروفة لى فى حياتى وحضر معنا البروفة، أو ما فعله حين أخبره أحد الأصدقاء بأننى مصاب باكتئاب حاد عام 1982 عقب حفلات تحرير سيناء وعدم نجاح الأغانى التى قدمتها لعلى الحجار وعفاف راضى ولمجموعة الشباب فى حينها سوزان عطية وإيمان الطوخى ومحمد الحلو وتوفيق فريد وفى المقابل تفوق الموسيقار جمال سلامة على وكنت قد استغرقت شهرين من العمل الجاد المتواصل فأراد كمال الطويل أن يثنينى عن قرار الاعتزال فقال لى بالحرف الواحد: «هقولك كلمتين المزيكا ما بتدلعش حد، جواك حاجة مضايقاك طلعها، ولو فضيت روح افتح محل فول والمزيكا مش هتقولك ارجع، ده قرارك ولو انت صاحب رسالة هتكمل، كان «مابيطبطبش» واستفز مشاعرى كفنان حقيقي.
- ما الاسباب التى جعلتك تقبل المسحراتى هذا العام بلا خوف من المقارنة بينك وبين الموسيقار الكبير سيد مكاوى ؟ «يانهار أبيض ده أنا ارتعبت والمقارنة هنا بمن ؟ بحوت المزيكا» لكن بداية الحكاية كانت قبل رمضان بشهر واحد عندما أخبرنى صديقى الشاعر جمال بخيت بأن السيدة «عزة مصطفي» رئيس القناة الأولى وهى صديقة عزيزة تريدنى أن أقوم بعمل حلقات المسحراتي، والحديث كان يدور فى البداية حول أى من المطربين على الحجار او محمد الحلو، ولكنها صممت على جودي، وهنا خفت أن أجد من يقول إننى اعتديت على مسحراتى سيد مكاوى أو اننى أحاول تقليده وفشلت، وأردت الهروب لكن تصميم الجميع اجبرنى على القبول والاتفاق مع السيدة راوية بياض بعد لقاء بالمهندس اسامة الشيخ رئيس قطاع الانتاج، والحقيقة أننى مازلت مرعوبا من المسحراتى لأنى فى البداية اعتقدت انه سيكون صوتا فقط، ولكننى فوجئت بهم يخبروننى أنه صوت وتصوير وهنا كان يجب أن أتفق ولكن تمت ازالة كل المعوقات وقبلوا تصويرى وأنا جالس اتفقت مع الشاعر جمال بخيت على الخطوط العريضة للعمل وله ديوان باسم مسحراتى العرب وغنى منه من قبل المطرب الجميل «أحمد سعد» ولكننى أردت شيئا مختلفا فكان الخط الواضح هو مسحراتى يتحدث عن حال مصر البهية الآن ومضحكات ومبكيات شعبها، والتزم جمال بخيت بكل هذا فلم أطلب تغيير كلمة واحدة. 
- هل تطلب عادة تعديل كلمات للشعراء الذين يعملون معك ؟ عملت طوال حياتى مع شعراء كبار فمن الذى يصلح للأبنودى وصلاح فايز وسيد حجاب وعبد الوهاب محمد أو جمال بخيت، ولكننى أخذت ترخيصا من الجميع بالحركة المرنة، وليس بالتغيير الكلي، فى حالة كلمة لا تريحنى فأقترح التعديل.
- هل فارقك الخوف من مقارنتك بسيد مكاوى أم ظل التحدى شاخصا امامك ؟ نعم ظلت المشكلة «تكبر فى دماغي» ومقداره عندى واحترامى له رحمه الله خاصة لو قالوا إننى اعتديت على مسحراتى سيد مكاوى أو حاولت تقليده وفشلت، ولهذا قررت أن أكون مغايرا وقمت بعمل حساباتى فلو هناك مقارنة فى الصوت والغناء فالشيخ سيد «أسطي» غناء أما أنا فلا امتلك قدرته على الزخرفة والمناورة، وإن كانت المقارنة فى الإحساس فهو كان صاحب إحساس عالى وانا احساسى لا بأس به، وهنا وصلت للحل حيث يبقى اللعب على الصوت نفسه الأمر الذى لم يتطرق له الشيخ سيد مكاوى وبخاصة التقاطعات والهارمونيات واثراء الحالة بها. وما رأيك فى حال بهية يا مسحراتى ؟ للأسف مصر داخلة على مرحلة من أخطر فترات تاريخها وبعض الميتافيزيقيين يرددون أن مصر محمية بالأولياء لكنى لا أعرف هل الأولياء فى المرحلة المقبلة هيقدروا يحموها ولا لأ ؟ كما اننى قلق وغير قادر كمواطن ان اتصور خريطة او وضعا سياسيا أو حتى اتخيلها لعبة شطرنج احاول فك تعقيداتها، فالخيوط متشابكة والمصالح متضاربة وشكل الخريطة مفقودة تماما، انا خايف على مصر.. لانى شايف ان الكل بيمد إيده جواها فالشيعة موجودون الآن والسنة من البداية والتيار الأمريكى يلعب مع جانب احيانا ومع الآخر احيانا تبعا لمصالحه ونظريات التفتيت. 
- ما نقاط القوة عند مسحراتى مصر? مسحراتى مصر يتحدث عن أحوال اهلها، عن نيلهم ومأكلهم ومشربهم وسلوكياتهم، مسحراتى مصر، أعجبنى أنا شخصيا عندما غنى النيل يا ساقية وباحبك يا فول وفى العاشر من رمضان قال: عبد العاطى يا عاطي/ القوة والثبات/ الأر. بي. جيه. فى ايدك/ يصطاد دبابات، وغنى عن المربى لما يتعب يا ربي، وهناك حلقة تناولنا فيها الحرام والحلال وأخرى عن الفتاوى لغير أصحاب الفتوى ممن يظهرون على الفضائيات، والحقيقة اننى شخصيا تضررت من تلك الفتاوى وما تحدثه من فوضي.
- كيف ؟ هناك جامع فى المعادى الإمام طالب فى خطبة الجمعة بإهدار دمى لأننى فى «غواص فى بحر النغم» أذكر لفظ الجلالة فى مواضع الفجور، فأقول الله الله الله حينما أسمع أم كلثوم، وأقول لهؤلاء إن الله جميل يحب الجمال، فحين ترى او تسمع جمالا وتذكر الله هذا اقتراب من الخالق جل جلاله واعتراف بفضله، كما اننى سمعت كاسيت يقال فيه إن تغريد البلبل حلال وعزف عمار الشريعى حرام، وانا اقول اننى حينما قمت بعمل لحن «خشوع» وغنته ياسمين الخيام كنت أقرب لله منه، أنا مش فاهم من يحق له ان يكفرنى غير اللى خالقنى؟؟ هؤلاء يحاولون إلغاء عقولنا ووجودنا وكياننا وقدرتنا على الحب والتفكير والحياة ومشاركتنا فى الحضارة الانسانية. 
- هل شاهدت مسلسل الجماعة ؟ لم أشاهده بعد ولكن ان انتهى الأمر بتأثير سلبى وانقلب الشعب المصرى إلى محب لأفكار الاخوان فهذه كارثة.
- لماذا كل ما يقدمه عمار لابد أن يترك أثرا لدى الناس وأن يكون ناجحا ؟ السبب اننى شخص حقيقى وافعل اولا ما يرضينى عقليا وعاطفيا، فلابد ان اكون مستمعا لنفسى ومبتسما محققا الامتزاج السليم الذى لا يطغى فيه احد الجانبين على الآخر، فالفكر الموسيقى يظهر بجلاء وعلى نفس المستوى تظهر العاطفة قوية دافقة حتى لا يكون اللحن مجرد «دماغ» فقط فيفقد جاذبيته !
- مثل ماذا ؟ مثلا.. الموسيقى التصويرية لمسلسل «الرحايا» كسرت الدنيا العام الماضي، وخاف البعض على من الوقوع فى مأزق الخلط والتشابه بين شكل الفلكلور الصعيدى فى العملين العام الماضى وهذا العام ولكننى تعاملت مع الموضوع بخبرتى الموسيقية واستعدت كل ما استخدمته فى العمل السابق وبما ان تيتر «الرحايا» كان من مقام البياتى فقد قررت استخدام مقام الراست لشيخ العرب همام، وبما ان تيتر الرحايا كان بطيئا فقد جعلت شيخ العرب سريعا، وبما ان الرحايا كان مغادرا للفلكلور فقد جعلت شيخ العرب همام معجونا بالفلكلور وليس مأخوذا منه، اى فلكلور مهضوم او بمعنى أكثر وضوحا فولكلور عمار، بحيث ظهر التيتر الجديد مختلفا وكان شخصا آخر هو الذى لحنه.
- هل تقرأ الاعمال الدرامية التى تقوم بتأليف موسيقاها التصويرية ؟ لن اكذب عليك فقد كنت اقرأ فى الماضى ولكننى الآن ولضيق الوقت أعتمد على ما يكتبه لى المخرج والمعد الموسيقي، وان كان هناك نجوم كنت أصر على القراءة لهم لمزاجى الشخصى مثل الراحل أسامة أنور عكاشة ومن المؤلفين الشباب الكاتب «عبد الرحيم كمال» الذى أراه «ماسك الصعيد وبيطلع من قلبه على صوابعه» كتابة رائعة.
- كيف عرفت نفسك كملحن ؟ لك أن تعلمى أننى لم أذهب لأحد طوال عمرى بأغنية ليأخذها وحتى فى البداية مع الفنانة مها صبرى وكنا فى بيتها وسمعت اغنية «امسكوا الخشب» وهى التى طلبتها، كما ان الشاعر مصطفى الضمرانى هو الذى اعطى شادية اغنية «أقوى من الزمن». 
- لماذا تؤكد هذه النقطة ؟ لانى كنت فى تلك المرحلة أحب هؤلاء الفنانين وكنت لا أريد أن أغضب أحدهم أو ممكن نسميها عزة أحافظ عليها حتى الآن. 
- عندما تفكر فى الموسيقى هل تقوم بعمل حسابات للناس وارضاء أذواقهم؟ بمنتهى الأمانة لا أفكر مطلقا بأحد وكل ما يهمنى سعادتى لحظة التلحين والتوزيع واليوم الذى لن أشعر فيه بتلك السعادة سأغادر التلحين واقول للامر كله السلام عليكم، كما أننى أعمل الآن فى مجال الدراما وابتعد عن الاغنية عدا تجربة او اثنتين من وقت لآخر وبما اننى لن استطيع المشاركة فيما يحدث للاغنية الآن، فإن انغلق فى وجهى باب الدراما فسأنصرف تماما.
- لماذا؟ لأنه لا مكان للأغنية غير مزاجى وعندما يحدث ذلك أقوم بعملها بمواصفاتى وليس مواصفات هذا الزمن، وستندهشين إن قلت لك أننى أجيد صناعة اغنيات «اليومين دول» ويمكننى أن «أطرشق» عشر أغانى يوميا لو أردت لكننى لن اكون سعيدا لاننى جئت من أجل مهمة اخرى تماما.
- كيف تحكم على الغناء وكيف تقيم المغنين وهل لديك آراء خاصة فيهم؟ لابد أن نتفق من البداية على أننى لا أحكم على أحد بخلفية مصلحة، كما أننى ينقصنى شيئ اصبح مهما جدا الآن لمن يمتهنون الغناء هو عنصر الصورة، فحكمى على الصوت بينما حكم الناس يكون على منطق رؤيتهم اولا، اى انه لو هناك صوت «مش حلو برضه هتنجح الاغنية» فالعين تحكم والاذن تتراجع، وقد حدث أن هاجمت أحد المطربين وطلبتنى ابنة أختى زعلانة تؤنبنى وتمتدح ضحكته الجنان، ونفس الشخص قال مرة فى إحدى الصحف إننى لو حضرت حفلاته وشفت الجمهور فسأغير وجهة نظرى فيه! 


اغسطس 2010
22
مؤكدا أنه روائى لديه أفكار سياسية وليس سياسيا يكتب روايات علاء الأسوانى:     22 اغسطس 2010
المصدر: الأهرام اليومى
بقلم:   دينا توفيق
كانت رواية «عمارة يعقوبيان» تميمة نجاحه الكبير. فقد أقبل عليها القراء من كافة المشارب، وانشغلوا بشخوصها واحداثها، وتعقبوا خفاياها، فتعددت طبعاتها بشكل يفوق كل التوقعات، وترجمت الى لغات عالمية متعددة، ووزعت فى الغرب مئات الآلاف من النسخ، وحققت له شهرة تقارب نجوم السينما. وتحولت الى فيلم، ومسلسل، وبات يعرفها العامة مثل النخبة، ويحلو للبعض ان ينسب اليها الفضل فى اعادة الاعتبار للأدب وفعل القراءة وتوسيع لأقصى مدي. واثبتت روايته الثانية «شيكاغو» قدرته على تجاوز مأزق العمل التالى على نجاح كبير، وهو اختبار كبير للمبدعين الجادين، وحظها لم يكن اقل من سابقتها، وحققت فى مصر والدول العربية والخارج مبيعات اكبر من عمارة يعقوبيان. هو الآن امام مشكلة العمل الثالث الذى يجلو الموهبة ويدشن صاحبه مبدعا معتمدا لدى الخاصة والكافة؟! مستوى الروايتين يشير بوضوح الى ان قدرات «علاء الأسواني» باتت خارج المأزق، وبعيدا عن أفق الاختبار الضيق، حيث تحلق فى فضاءات الإبداع الرحبة. وازداد اهتمامه بالشأن العام، ومن المنادين بالديمقراطية والحريات والتغيير السلمي، وان كان لايحب ان يصفه البعض بالناشط السياسى لانه بالاساس روائى لديه رؤى ومواقف سياسية، وليس سياسيا يتعاطى الادب، لكنه بات من اعلام المجتمع المصرى بعد ماحازه من نجاح وشهرة يضعها فى خدمة بلده، ويحرص فى المنتديات الثقافية التى يدعى اليها فى الخارج ألا يتحدث فى السياسية، بل يقبل على الجميع بصفته اديبا. اجتمعت له خبرة الحياة، وطب الاسنان، والادب، والثقافة واختلطت بوجدانه فقدمت لنا مبدعا جادا، يتوفر على مشروعه بثقة ودأب ومهارة.
أنت تثير التساؤلات سياسيا وأديبا، فهل روايتك الجديدة مرشحة لإثارة الجدل مثل يعقوبيان وشيكاغو؟ الرواية تدور عن مصر فى الاربعينيات ، فى جزء منها تاريخية، وأناقش فيها كل القضايا التى تشغلنا حتى الآن كالطبقية والظلم الاجتماعى وعلاقتنا بالغرب وهل نحن نستحق العدل الذى أراه موازيا للديمقراطية ام لاب. وهل هذه القضايا مازالت موجودة وتستحق المناقشة؟ السؤال الانسانى موجود منذ وجد الانسان، ومنه السؤال المصرى الذى نطرحه حول العدل وعلاقة الفقراء بالأغنياء، وللأسف حين نعود الى القضايا المثارة منذ الأربعينيات نجد أنه لم يتم حلها للآن ومنها علاقة المصرى بالتراث والشريعة الاسلامية ونوع الدولة التى نريدها سواء دولة مدنية ام اسلامية؟؟ ما الدولة المدنية من وجهة نظرك؟ هى الدولة التى لايرتب فيها الدين حقوقا سياسية، فأنت مواطن لأنك تنتمى الى هذه الدولة بغض النظر عن ملتك ودينك ولك فيها كافة حقوق المواطنة امامها سواء كنت مسلما ام مسيحيا ام بهائيا، المؤسسات فيها لاتقوم على اساس ديني. أى دولة علمانية؟ العلمانية صارت لفظا سييء السمعة،لكنها فى واقع الامر ليست ضد الدين، فحتى وفاة الرئيس عبدالناصر كانت ممارسة للدين لا لها علاقة بالمشروع السياسي، ولنضرب مثالا بالوفد الذى يعد اكبر ظاهرة حزبية فى تاريخ مصر، والذى للأسف لم تتم دراسته بالشكل الكافى حتى من جانب المنتمين اليه والقائمين عليه الآن، فقد كان الوفد حزبا مدنيا ديمقراطيا يسعى لاقامة دولة مدنية وكان مصطفى النحاس باشا متدينا ويوقف اجتماعات الوفد لاقامة الصلاة وكان يؤدى كافة العبادات ولايفوت فرضا، وهناك واقعة شهيرة له عندما اراد احمد حسين اطلاعه على برنامج حزب مصر الفتاة ومن مجرد نظرة واحدة الى الورقة قام بطيها وأرجعها اليه قائلا بانه لن يقرأها لانه بدأ باسم الله وانه عندما يضع لفظ الجلالة فى برنامج سياسي.. «يبقى دجال». يتم النظر اليك كناشط سياسى من جانب الكثيرين، وما رأيك ؟ لا أحب لقب الناشط سياسى وترجمتها activist ، فى العالم الديمقراطى يعمل فى مناخ ديمقراطى وما أقوم به من عمل عام تجاه البلد الآن اعتبره واجبا وطنيا واذا تحققت الديمقراطية بمعناها الشامل سأفقد الاهتمام، فأنا اعمل لان هناك موقفا يدفعنى للاشتراك فى العمل. لكن هل يتم التعامل معك فى الغرب باعتبارك ناشطا سياسيا بجانب الاديب؟ لاطبعا.. أنا حريص جدا، ولا أدلى بأية احاديث سياسية فى الخارج اطلاقا لأسباب مهنية ولأنى عرفت ونجحت كروائى ؟ وسمعت مشورة أصحاب دور النشر الكبرى التى تنشر لى بألا أقدم نفسى بغير صورتى ، فأنا روائى بالأساس لديه افكار سياسية ولست سياسيا يكتب روايات، ولست ناشطا سياسيا ولا أسعى للرئاسة واى حوار معى يكون أدبيا او عن المجتمع المصري، ربما يكون فى الحوار سؤال او اثنان عن السياسة. تتحدث دوما عن دور المثقف ودفع عجلة الثقافة فمن هو المثقف من وجهة نظرك؟ الانسان لايتجزأ، فلا يمكن ان يكون فنانا او أديبا ويقف مكتوف اليدين فيما يخص قضايا شعبه ووطنه، وأنا شخصيا اشارك بالكلمة والفعل قدر الاستطاعة وأسعى الى طرح المفاهيم وعندى ندوة اسبوعية منذ عام 1996 قدمت من خلالها أدباء كثيرين أصبحوا نجوما المشكلة الرئيسية ان الثقافة المصرية قوية جدا لكننا لاندرك قيمة انفسنا . ما الثقافة بشكل محدد؟ ثقف تعنى فى اللغة شذب وهذب وهى تستخدم للغصن والسيف، والمثقف يملك رؤية تؤدى به الى موقف وهذا فى العالم كله، فهناك فرق بين المثقف وصاحب المعلومات حيث يوجد كتاب معروفون كثيرون غير مثقفون لانهم لديهم معلومات لم تتبلور فى مواقف من الحياة عشنا تحت وطأة هذا التعريف للمثقف زمنا طويلا فصار هناك مثقف فى بلادنا بدون موقف وهو لايساوى شيئا. هلا أعطيتنا أمثله تدل على صحة كلامك؟ الذين وقفوا ضد حرب الخليج هم أفضل المبدعين فى السينما والشعر والمسرح كمدافعين عن قيم العدل والحرية، وما فعله اهم روائى على قيد الحياة الآن وهو الكاتب الكولومبى الكبير «جارسيا ماركيز» من أجل القضية الفلسطينية يؤسفنى ان أقول إنه ربما أكثر فاعلية من مواقف كتاب عرب كثيرين وللأسف كان ذلك موجودا فى مصر قبل السبعينيات وقد دفع المثقفون المصريون الثمن من أجل آرائهم مثل حسن فؤاد وعبد الرحمن الشرقاوى ويوسف إدريس وغيرهم وحتى نجيب محفوظ كان قد كتب «ثرثرة فوق النيل» و«ميرامار» أيام عبدالناصر وكانتا أقوى من مائة مظاهرة ولابد ان نقر بأن مواقف المثقفين المصريين معروفة ومنها ما قاله الرئيس السادات بأن بيان دعم الحركة الطلابية الذى وقع عليه نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويشرفنى ان والدى الكاتب عباس الاسوانى كان معهم وغيرهم، هذا البيان كان من الأسباب الرئيسية التى عجلت بحرب اكتوبر فالمثقف غير صاحب الحرفة. فى الوسط الثقافى من لايفضلون أعمال علاء الاسوانى وينظرون إليها كأنها مجرد طرح رؤى اجتماعية تقوم فيها بمجرد كشف المستور والحرفة الأدبية فيها غير مكتملة كيف ترى هذه الانتقادات؟ الحمد لله أخذت مايكفينى لسنوات قادمة من كبار النقاد فى مصر منذ أعمالى الأولي، وان كنت أرى انه أولى بنا كمنادين بالديمقراطية ان نبدأ بأنفسنا، فكل إنسان له حريته ومايراه، ولقد أخذت من الحفاوة ما يجعلنى غير محتاج لشهادات نقدية إضافية. هناك عدم احتفاء بفكرة الاكثر مبيعا التى اشتهرت بها؟ أن يتحول الاقبال على أعمالى الى شيء سلبى فهذا شيء مدهش! وان كان صحيحا أن الاقبال على الأعمال لايعنى أنها الأفضل، إذن فالنفور منها لايعنى بالضرورة أنها أعمال أدبية سيئة فمثلا الشاعر الكبير محمود درويش أهم الشعراء العرب ووصل الى درجات من المبيعات لم يصلها شاعر فى الشعر العربى على الاطلاق وكذلك «صلاح جاهين» و«جارسيا ماركيز» الذى لم يكن فقط الأعلى مبيعا ولكنه غير أرقام البيع فى تاريخ الأدب فقبله كانت الرواية تبيع من 5 إلى 10 ملايين نسخة قفز هو بها الى 50 مليون نسخة فلو الرواية يقرؤها 3 افراد فقط صار هناك 150 ملايين قارئ لكاتب واحد يشكلون «جمهورية جارسيا ماركيز» وبالتالى فعلى من يطرحون تلك المفاهيم ان يراجعوها. ما دوافعهم لمهاجمتك؟ حتى أكون منصف نحن فى مجتمع محبط وأى مواطن مصرى يسير فى الشارع يعتقد يقينا انه يستحق اكثر مما هو فيه، وهناك فى علم النفس معادلة التعايش مع الاحباط، وفيها يرى الشخص انه موهوب وانه لم يأخذ حقه فيحيل ذلك الى البلد والمجتمع وأنهم السبب فى مشاكله الشخصية ولو نجح احدهم فى الخارج يمنح البعض المبرر بأنه فى الخارج ولكن فى المقابل لو نجح شخص من نفس البلد الذى بدأ معك وتترددون يوميا على نفس الامكنة والندوات فتحدث المشكلة فجزء من هؤلاء يكرهونك فعلا لانك تفسد عليهم تعايشهم مع الاحباط وتثبت لهم انهم كان من الممكن ان يحققوا نجاحا مثلك وتكشف لهم تقصيرهم وقلة قدرتهم. وهل اعتدت على هذا وتعايشت معه؟ كنت أنزعج ولكنى تعايشت .. ولى ناشر فرنسى قال لى بالحرف.. لم ار كاتبا يثير غيرة الآخرين من الكتاب المصريين والعرب مثلك !! واننى رغم كل شيء متفهم موقفهم وبواعث الغيرة الأدبية وإن كنت أرى أنهم يجب ان يغيروا مفاهيمهم لأن مهمتهم أصبحت صعبة بسبب الاعتراف الأدبى الدولى بى والرقم موثق حيث تمت ترجمت اعمالى الى 29 لغة في87 طبعة ووصلت المبيعات الى مليون نسخة فى غير اللغة العربية، ويجب ان نعترف بعدم وجود الادب المصرى على الخريطة العالمية عدا استثناءات قليلة مثل نجيب محفوظ وجمال الغيطانى وبهاء طاهر . لماذا يقل تواجدنا من وجهة نظرك؟ الفكرة ان الادب العالمى له معايير للمنافسة وكيفية كتابة الرواية العالمية ونصها شكل وطريقة صناعة وليس من حقنا ان لم نصل الى هذا المستوى ان نتهم الآخرين بالتآمر. لكن هل من لم تتم ترجمة اعمالهم ليسوا ادباء من وجهة نظرك؟. بالطبع لا.. فنحن عندنا مشكلاتنا فى تقديم أدبنا ونحن المسئولون فى الكثير من الاحيان عن التقصير فى تقديم الادب العربى فنجيب محفوظ كان يستحق نوبل منذ الخمسينيات وهناك عشرون اسما يستحقون نوبل لو كانت المعايير منضبطة، ولكن دعينى أقل إن الأدب الذى لايصلح للترجمة ليس أدبا فالأدب فن انسانى عابر لكل الفروق الثقافية، اى ان الأديب الحقيقى تقرأ اعماله فى العالم كله، فإذا كان مقصورا عن ان يقرأ بلغات اخرى فهذا الادب ضعيف إن لم يصلح للقراءة بعد عشر سنوات فى أماكن اخرى فأنت كأديب لديك مشكلة حقيقية وأنت مسئول عنها هل كان نجاح رواية يعقوبيان أكبر من شيكاجو؟؟ غير صحيح.. شيكاجو حققت 140ألف نسخة فى مصر وحققت تغطية وثناء نقديا هائلا. رددت أنك تحديت نفسك فى شيكاجو.. كيف؟ أنا أسميها معادلة شيكاجو فقد تعمدت بعد نجاح عمارة يعقوبيان ان أقدم عملا مختلفا لاثبت ان النجاح الذى حدث يخص الكاتب وليس الموضوع فكتبت عن أمريكا ونجحت فى أمريكا! هل كان فيلم عمارة يعقوبيان سببا فى زيادة مبيعات الرواية ؟ غير حقيقى فمن المعروف أن وجود فيلم للرواية لا يؤدى إلى زيادة المبيعات بالعكس وهذا يحدث فى العالم كله عدا بلد واحد هو فرنسا وأنا لا أكتب الرواية فحسب ولكننى أدرس الأدب العالمى ولى وكيل أدبى الآن هو «أندرو ويلي» فى نيويورك ويعد من أكبر الوكلاء الأدبيين فى العالم وهو وكيل الكاتب التركى «أورهان باموك» وغيره من أكبر ادباء فى العالم. هل كان الخروج الى العالمية وترجمة أعمالك مجهود شخصي؟ طبعا .. فلا يوجد كيان ثقافى مصرى فعال. 


اغسطس 2010
12
د. يوسف زيدان: مصر دمعتنا الأخيرة وأتمنى ألا نسكبها
المصدر: الأهرام اليومى   12 اغسطس 2010
بقلم:   دينا توفيق

 
 

باحث تراثي مجتهد، توافر علي المخطوطات العربية والإسلامية, فخطفه الفكر الإسلامي، وأدرك أهميته، كما أدرك أهمية تاريخ المنطقة، ومصر بالذات، قديما وحديثا.
وبعد رحيل والده، اتخذ التراث أبا، وانتمي لشخصياته فاختفت المسافات بينه وبين ابن النفيس، وبات يحس بأن ابن سينا قريبه، وحين يتجول في المناطق التاريخية يشعر بانتمائه إليها اكثر من الواقع المعيش. لكن معرفته بمفاسد عصور الانحطاط، والمجاعات تجعله متفائلا بمستقبل مصر التي عجزت كل الكوارث عن الإجهاز عليها، وكانت تخرج منها أقوي واقدر علي التجديد والعطاء الحضاري.
لكن كل هذا لم يجعله متعلقا بالخلاص علي أيدي أبطال الماضي، بل يؤمن ان المجتمعات لاتحرر إلا بحركة أفرادها وخلاص الناس بأيديهم.
ويعيب علي من يبتذلون أنفسهم لأجل أشياء رخيصة، ويساهمون بنفعيتهم في تفكيك منظومات القيم السائدة، واشاعة السلوكيات الفارغة محل الاحترام الالتزام الاخلاص.
وينعي القانون الذي بات المحتسبون يتلاعبون به كلما عنّ لهم ملاحقة أي مجتهد بزعم التطاول علي الدين، فقط لأنهم يخلطون بين المقدس والتاريخي بجهل كما حدث مع الدكتور «نصر حامد ابوزيد» ويحدث معه هوالآن بسبب تناوله المبدأ الفلسفي لدي الرازي العالم الإسلامي المعروف حول قضية «القدماء الخمسة» أي: «الله والنفس والإنسانية والزمان والمكان» وهم لايعرفون حقيقة الموضوع فكريا وإسلاميا.
لكن هذه الهجمات التي لا تغيب كثيرا، لم تمنعه من هزّ الثوابت، ومقاربتها، لإطلاق الشرارات والأسئلة لعل العقول تهتز بدورها وتتخلص من الأوهام.
لماذا أوليت التراث كل هذا الاهتمام منذ وقت مبكر من عمرك؟
غياب أبى عنى فى مرحلة مبكرة جعلنى أعطى التراث مكانه ومكانته فصرت أنتمى إليه تلقائيا فأنا ابن هذه الثقافة وامتداد لها ولا أشعر بأية غربة حيال الشخصيات التراثية القديمة وصلتى بهم كالحلقات المتداخلة فلا اشعر بمسافة تفصلنى عن ابن النفيس وابن سينا فهم قريبون منى جدا وحين أسير فى شوارع القاهرة القديمة وبالذات وسط المشاهد المملوكية الكبرى مثل مجموعة قلاوون وجامع الأقمر وبقية المبانى فى شارع المعز أسكن التاريخ ولا أعتقد أنه يمكن فهم واقعنا المعيش بعيدا عن التاريخ.
أىّ العصور القديمة يشبه حاضرنا الآن؟
حاضرنا ليس مشابها لأى مرحلة سابقة فهو أحسن حالا من مراحل كثيرة، فقد كانت المجاعات والفساد السياسى يفتكان بمصر فتكا شديدا، وبعض المتشائمين حاليا بسبب ما نراه ونعانيه يقفزون إلى نتيجة مؤداها أن لافائدة من شيء وأن البلد انتهى وتدهور وهذا غيرصحيح لأنهم لم ينظروا فى التاريخ فقد مرت مصر بما لاحصر له من فترات أشد وطأة وكانت ادعى للاختفاء من العالم بكثير لكنها لم تختف.
فما السبيل للتخفف من معاناتنا بتقديرك والوصول لحلول؟
أولا أن يتخلى الناس عن فكرة المخلص لأنها فيروس خطير يهدد سلامة العقول، ولا المعنى العقائدى عند اليهود والمسيحيين والمسلمين من السنة والشيعة، ولكن أقصد المعنى الاجتماعى العام حيث تم الترويج لفكرة عودة صلاح الدين لتحرير القدس، وان قطز بطل الأبطال، ولكن المجتمعات لاتتحرر إلا بحركة أفرادها فلو يخلص الناس أنفسهم مما هم فيه فلن يخلصهم أحد.
ما أسباب تراجعنا بنظرك؟
ابتذال كلمة العيب «عيب وخطر» وأغلب الناس اصبحوا لايهتمون بالفعل المعيب. فهناك من يبتذل نفسه من أجل المناصب، وكبار الموظفين يحتمون بالصور وهذا عيب، وابتذال المرأة لنفسها لتجد زوجا عيب، وافتقاد المصريين السلوكيات التى كانت تميزهم دائما عيب، وتصيد البرامج التليفزيونية يوميا للجرائم والفضائح وتكرار الكلام فيها ليل نهار عيب، فإذا نظرنا إلى مصر من خارجها عبر الفضائيات سيعتقد البعض أنها غارقة فى فوضى عارمة! وعدم احترام القانون عيب، فالقانون هوالإطار الذى يمسك المجتمع واللعب به يؤدى لتهديد السلام الاجتماعي.
كيف يتم التلاعب بالقانون من وجهة نظرك؟
مثلا الاستناد إلى القانون فى تطليق د. نصر حامد ابوزيد من زوجته، وإغراق الخصوم ممن يخالفونهم فى الرأى بعشرات الدعاوى القضائية، وحدث ذلك معى أيضا، فبعض الذين يناكفونى أمطرونى بسيل من دعاوى الحسبة وجمعت فى قضية واحدة الآن ومنظورة أمام المحاكم ولن أطيل فى الحديث عنها احتراما للقضاء وتتلخص فى اتهامى بالاعتداء على التراث الإسلامى (تم هذا الحوار قبل الحكم لصالح الدكتور زيدان وتبرئته من الاعتداء على التراث) ـ بعد كل الجهد الذى بذلته لأنى قلت فى أحد كتبى ان الرازى كان يعتقد بالمبدأ الفلسفى «القدماء الخمسة» الذى يقول إن هناك خمسة قدماء هم: «الله والنفس والإنسانية والزمان والمكان» فاعتبروا ذلك اعتداء وهذا غريب!!لأن الرازى له كتاب عن القدماء الخمسة لكنهم لا يعلمون أحد معاصريه وضع كتابا فى الرد عليه والكتابان منشوران فى الأربعينيات، ولأنهم لايعلمون يتصيدون أو يسخفون أو يتساخفون ويستغلون القانون. ومسألة الحسبة هذه خطيرة جدا، وكونها بيد النيابة لا الأفراد لم يغير شيئا فالشاكى أو المحتسب لماذا لا ينشر بالمقابل ردا عكسيا على الرأى الذى لا يعجبه؟ وايثار المجتمع للسلامة فى مواجهة المشكلات يشجع الناس على التطاول.
لكنهم من جهة نظرهم يرون أنك تهز الثوابت الدينية والاجتماعية، أليس معهم بعض الحق؟
دعينا ننظر بين قوسين إلى قصة الثوابت هذه فما يعتقد كثيرون أنه ثوابت أمر وهمى ولكن الترويج له أعطاه مشروعية، فلاتوجد فى المعرفة ثوابت فهى طريق مفتوحة لانهاية لها وتتغير وتتجدد الرؤى وتوالى الاكتشافات سواء فى المجالات الفكرية أو العلمية، ولو تساءلنا: ما الثابت؟ فسنجد خلطا بين العقائد الدينية وبين التاريخ، فهم يضفون القداسة على شخصيات تاريخية لأسباب نفعية فإذا نظرنا فى التاريخ ونقدناهم صدموا وينتج التطرف بناء على هذا الموقف حيث ينطلق أصحابه من فكرة الدفاع عن الثوابت ويدفع الناس الثمن أيضا.
متى يمكن أن يكون استخدام التاريخ فعلا سيئا بتقديرك؟
كما أسلفت مثل الترويج لفكرة عودة صلاح الدين لتحرير القدس وغرس الفكرة من خلال الإعلام والمقررات الدراسية، فصحيح أن صلاح الدين استخلص القدس من يد الصليبيين لكن أخوه أعادها إليهم وصحيح أنه اعادها للحكام المسلمين ولكنهم خربوها، مع أن حامل لواء تحرير القدس كان نور الدين محمود زنكى إلا أننا لانقرأ التاريخ ولانعرفه جيدا فنسينا نور الدين، وكذلك فى كل الوقائع التاريخية هناك دائما حالة صراع بين النظام السائد والمصالح الفردية ولم يكن قطز ولابيبرس من قام بالمهمة فى عين جالوت (وهناك جملة تناولات تاريخية غير دقيقة يسقط فيها البعض لعدم علمهم) فالإمام «العز ابن عبد السلام» كان هو الذى ألزم المماليك في تلك الحقبة بأن يباعوا فى مزاد علنى فاضطروا لافتداء أنفسهم لانهم فى الأصل تم شراؤهم بأموال الناس لتوفير أموال الحملة التى خرجت لقتال المغول فى عين جالوت. 
فى مقدمة كتابك «اللاهوت العربي» قلت أنا لايعنينى القارئ الكسول ولا من أدمنوا الإجابات الجاهزة عن الأسئلة المعتادة. فماذا قصدت بهذا؟
الاستنارة فعلا يلزمها جهد معرفى كبير، فأنا اكتفى بأن أطلق للناس الشرارات المعرفية ثم اتركهم ليستكملوا المسار وأعنى بالأسئلة أكثر مما أعنى بالاجابات، وبالإشارات الى مناطق الاشكاليات اكثر من الحلول الجاهزة التى شعبنا منها وثبت بالتجربة أنها غير نافعة مثل شعار الإسلام هو الحل، بدون بيان المشكلة التى الإسلام هو حلها، وهل معنى ذلك أن الإسلام هو الحل الوحيد؟ وماهو المقصود بالإسلام؟ هل هو الدين فى ذاته أو الشريعة أم الفكر القائم عليه والاجتهادات البشرية؟، أى أننى أسعى لتحرير العقول وهذا أحد السبل ولانتوهم أن تحرر عقولنا من الأوهام هو الذى سيخرجنا من الحالة التى نشكو منها. فلابد وأن نعمل، لأننا نعمل قليلا ونتكلم كثيرا.
وماذا عن إسكندرية الكوزموبوليتانية التى تعتبرها نموذجا تاريخيا؟
أطرح فكرة التنوع فيما أسميه «الكوزموبوليتانية السكندرية» باعتبارها النموذج الجيد الموجود فى التاريخ ولابد أن نضعه نصب أعيننا، فالعالم المنفتح الآن من خلال ثورة الاتصالات وتداخل المصالح الدولية وتضاربها والجيل الجديد، واعتبر صيغة التعدد الثقافى والتشكيلات الثقافية مناسبة جدا وحدث ذلك فى زمن سكندرى بديع لعدة قرون، حيث كانت ثقافات متنوعة تعيش معا ومنحت البشرية الكثير ولابد أن نعرفها بها ونأتنس بها فى تأسيس منظومة مصرية جديدة تتداخل فيها عناصرثقافية عربية وإسلامية ومسيحية والأطياف والجماعات العرقية كالنوبة والصعيد المظلوم والدلتا المنسية والمدن التى تشهد برامج التنمية الحكومية بتحيز شديد وثقافة المدينة المختلفة تماما عن ثقافة الريف، فكل هذه المكونات المختلفة لابد أن تأتلف وتتآلف وتقدم فى مزيج يحترم الإنسان وهنا تأتى أهمية القانون.
أوروبا توحدت مع اختلاف لغاتها وثقافاتها فمتى نفعل ذلك ومشتركاتنا عديدة؟
لكى نوضح الأمر علينا أن نتذكر تعريف اللغة فقد قال العالم اللغوى «ابن جني» إنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، إلا أننا كعرب صارت أغراضنا شتي، متخالفة ومتنازعة، وبالتالى فلاعبرة هنا بوحدة اللغة مع تعدد واشتباك واختلاف الأغراض، فى حين أن أوروبا ومافيها من لغات كثيرة لكنها تكلمت لغة واحدة عندما عقدت الاتفاقيات وأقامت اتحادها وكلمة «يورو» هى لفظ يعبر عن «غرض أوروبى واحد»، فالأغراض هنا صنعت الكلمات فى حين عندنا الكلمات لم تصنع الأغراض.
وهل صحيح أن تاريخ مصر مختلف عن العرب وهذا يخرجها من القومية العربية؟
كلام فارغ من المعنى والمضمون لأننا لانستطيع أن نكون كمصريين بعيدا عن اللغة العربية، وبالتالى فالدوائر الإسلامية والمسيحية والعربية والمصرية القديمة تداخلت فى تكوين الثقافة المصرية المعاصرة ولايمكن فصلها إلا على المستوى النظري.
ماطبيعة عملك فى متحف المخطوطات بمكتبة الإسكندرية؟. وهل تمتد أهميته لغيرالدراسين والباحثين؟
أسعى لإخراج المعرفة إلى النور، وأرى ان ترجمة المخطوطات وتقديمها عمل يتعلق بالمعرفة العامة لأن اكثر من 90% من تراثنا مخطوطات وبقاؤها غير منشورة يجعل هناك حالة جهالة كبري، وللأسف هناك البعض ممن يرون أن من مصلحتهم بقاء المصريين جهلاء (!) وعانيت كثيرا من هذه الألاعيب التى قام بها هؤلاء لتعويق مشروعات ترميمه ونشر المخطوطات لان مصالحهم مرتبطة بالتعتيم.
من هؤلاء الذين ترتبط مصالحهم بالتعتيم؟
إسالى د. زاهى حواس فهو يعلم، فقد أعربت عن استعدادى لترميم وحفظ مخطوطا المتحف القبطى فى مكانها وأوجدت التمويل اللازم من خلال مشروعات أخرى قمت بها لمجموعات مخطوطات بمكتبات خارج مصر فى مقتنيات دار الآثار بالكويت، وكان التمويل كافيا ورغم الموافقات فقد تم وضع العراقيل من صغار الموظفين والتى لاتندرج إلا تحت بند الآلاعيب.
كيف ترى المشهد الثقافى المصرى الآن؟
الناس يقرأون ومكتبة الأسرة ونجاحها دليل على الشغف المعرفي، بالرغم من وجود من يروجون أننا شعب لايقرأ، وبعض الكتب تمت إعادة طبعها مثل «عصر العلم» للدكتور أحمد زويل ففى سنوات محدودة تمت طباعته 12 مرة، وكتاب «ماذا حدث للمصريين» للدكتور «جلال أحمد أمين» وطبع عشر مرات، وغيرها مثل «تاكسى مشاوير الكلام» لأحمد الخميس وأعمال د.علاء الأسوانى وحتى كتب التراث مثل الكتاب الضخم «سير أعلام النبلاء» للأمام شمس الدين الذهبى المكون من 25 مجلدا تمت طباعته عشرين مرة (!) ورواية «عزازيل» تمت طباعتها 19 مرة فى أقل من عامين، الناس يريدون المعرفة، والقراءة.
مامدى رهانك على المثقفين؟
أراهن على الأجيال الجديدة،تلك التى أراها تقرأ وأتعامل معهم يوميا من خلال اللقاء الحى فى الندوات الكثيرة وبعضهم فى القرى وأنا متحمس لهم، الشباب متطورون أكثر من آبائهم وأكثر ذكاء وحبا للقراءة وأكثر اهتماما بالوطن.
هل تعانى مصر من قضية أقليات حقيقية؟
لا. هى أفكار يروج لها المنتفعون بها، فحين يقال «أقباط المهجر» يجب ان نوضح ذلك، فالأقباط جزء من التركيبة الثقافية المصرية، يتحدثون نفس اللغة ويعانون نفس المصاعب، ولكنهم يجأرون بالشكوى كل يوم مما يعانى منه المسلم والمسيحي، وإذا قلنا أقباط المهجر فماذا عن مسلمى المهجر، اننا نتعايش معا ونشترى ونبيع ونركب التاكسى نشترى من المحل ولانعرف صاحبه إن كان مسيحيا أم مسلما. أما مسألة التميز والمطالبة بالحقوق فهى نوع من اللعب السياسى الخطير.
وهل المرأة من الأقليات؟!
إذا كانت القاعدة أن تصبح المرأة اقلية فسكان الصعيد أقلية والفلاحون وبدو سيناء والنوبة والواحات وأهل الإسكندرية كذلك ولن ننتهي، فهذا سخف، والمقصود به البلبلة والحصول على المنافع الشخصية للمتاجرين بهذه القضايا.
وماذا عن المرأة فى كتابات د. يوسف زيدان؟!
أنا انتصر فى كتاباتى للإنسان، والجزء الأكثر إنسانية موجود فى المرأة، والأكثر عنفا فى الرجل، فالرجل هو الذى يشعل الحروب ويحصل على السبايا ولكن لايمكن فى إطار تطور الإنسان أن نفصل بينهما. وهذه واحدة من القضايا التى أعالجها فى روايتى «النبطي» التى تصدر قريبا.
ماموضوعها؟
طرح لكيفية تداخل مفهومى الذكورة والأنوثة على الصعيد الإنسانى ليصنعا معا الإنسان، ففكرة الإنسانية تتألق بامتزاج الرجل والمرأة فإذا انفصلا ضاع مفهوم الإنسانية.
وكيف ترى مصر الآن؟
هى دمعتنا الأخيرة فى المآقى وأتمنى ألا نسكبها.
والهوية المصرية؟
ـ فسيفساء بديع التركيب. متداخل، وأحيانا متناقض، وفى معظم الأحيان متوائم. 


خالد تليمة: الأغلبية الصامتة مع الثورة
المصدر: الأهرام العربى
بقلم:   دينا توفيق
 
تصوير ـ موسى محمود

ثورى. يسارى. تقدمى يرى أنها ليست ثورة الشباب، إنما ثورة الكُل. ويرفض كلمة ائتلافات لأنه يعتقد أن القوى القليلة الثورية الحقيقية والمنتمين للائتلاف الحقيقى معروفون وأنهم برغم كل المعوقات يجدون لغة مشتركة بينهم. ويرى أنه ليس مطلوبا منه ولا من غيره من الثوار الحقيقيين أن يجدوا مساحات من الاتفاق مع ائتلافات مصنوعة من قِبل فلول وبقايا النظام السابق لضرب الموقف وخلق ضبابية حول شباب الثورة. 
ولذلك فخالد تليمة العضو البارز فى «المكتب التنفيذى لائتلاف الثورة» وأمين عام اتحاد الشباب التقدمى يرى أن حيرة البعض وانتقاداتهم لوجود خمسين ائتلافاً أمر مثير للدهشة وكانت تلك إجابته عندما سألته «الأهرام العربى».
- أين الائتلافات الحقيقية وسط كل ذلك الكم من الائتلافات؟
هناك ائتلاف شباب ثورة التحرير وائتلافات شباب الفلول وبقايا النظام السابق لضرب الموقف وخلق ضبابية حول شباب الثورة. ومنذ البداية فالشباب الثورى ومنهم أسماء محفوظ ود. مصطفى النجار وغيرهما وإن لم يكونوا أعضاء فى «ائتلاف شباب الثورة»، إلا أنهم يحسبون على الائتلاف وتوجد علاقة كبيرة ومساحة من التفاهم بين جميع الثوريين المؤمنين بالثورة.
- لماذا يتفشى الآن إحساس بأن الناس أصبحوا ضد ميدان التحرير؟
فكرة تصديق الحكومة وإعلامها هى التى تؤثر على البعض سواء فى وقت مبارك أو فى وقت الثورة. وليس صحيحا أن الأغلبية الصامتة ضد الثورة، فالناس معنا ولا يشترط أن ينزلوا الميدان، وأى موجة قادمة ستكون معنا وليست ضدنا.
- ولماذا كانت هذه النتيجة التى حققتها فى الانتخابات؟
أنا لم «أسقط». يكفينى الـ32 ألف صوت الذين منحونى ثقتهم والإقبال علينا فى المحليات وما كان يُقدم لنا من عون بمنتهى الحب من ناس غلابة كتمويل بطباعة أوراق وغيره. وأنا لن أتوقف عن العمل لهؤلاء الناس أبدا.
فقد خضنا الانتخابات وتتكاتف ضدنا عدة عوامل كالصورة الذهنية عند أغلب المصريين ورؤيتهم لنائب البرلمان، ثانيا الطريقة التى تتم بها إدارة المعارك الانتخابية ضد الشباب فتم تشويهنا وقيل عنا «حشاشين وخمورجية» وأصبحت حياتنا الخاصة مشاعا واتهمونا بأننا نمول من الخارج على الرغم من أن ما تم صرفه فى حملاتنا الانتخابية لا يساوى واحدا على مائة مما صرفه واحد فقط من التيارات الإسلامية وتلك كانت الطريقة التى تمت بها إدارة الانتخابات ضدنا، بالإضافة إلى انتهازية القوى السياسية وعدم تفريغ دوائر للشباب.
- كيف تعاملت معكم القوى السياسية القديمة؟
قبل الانتخابات كانوا يناقشون القوائم ويضعوننا فى ذيل القائمة ويكفى للواحد منهم أن يقول إن معه أحد شباب الثورة فحسب! فأحد قيادات حزب التجمع رفض وجودى كمترشح حسب اقتراح أحد الحاضرين فى إحدى اجتماعات الكتلة المصرية لأكون على رأس إحدى قوائم الدائرة الثانية الكتلة المصرية وذلك لمجرد اختلافى معه سياسيا! 
- كيف رأيت فوز الإخوان بالأغلبية؟
هم حققوا أغلبية والناس تريدهم. فمن حقهم أن يصلوا إلى البرلمان ولكن من حقى أن أقول إنه ليس من المعقول أن اللجنة العليا للانتخابات لم تكتشف حالة مخالفة واحدة للقانون، وأن حزب النور وجماعة الإخوان لم يستخدموا الشعارات الدينية خلال الثلاث مراحل تُشطب لهم على أساسها قائمة أو مرشح وأنها لم تضبط ولو حالة واحدة لخرق الصمت الانتخابى! لقد فعلها العديد من القوائم وليس فقط النور والإخوان. إننى أرى أن عدم تطبيق القانون فى الانتخابات كان ضد شباب الثورة.
- هل كان يمكن أن تعطى أحدا من الإخوان صوتك باعتبار أنهم عانوا 80 سنة. وأنهم الأفضل وسوف يخدمون الناس؟ 
بالطبع لا. صعب جدا! بل وغير صحيح وهى معلومات مغلوطة فالإخوان عملوا مع الملك ومع عبد الناصر والسادات ومبارك. أما أنهم عانوا أيام عبدالناصر فكل القوى السياسية عانت أيضا. الشيوعيون عُذِبوا وماتوا. وإذا كان الإخوان قد خسروا سيد قطب فالشيوعيون فقدوا أيضا شهدى عطية وخميس والبقرى. فلم يكونوا وحدهم فهم دفعوا ثمن خلافهم مع عبدالناصر حول عدد من الوزراء فى الحكومة. أو خلافهم حول السلطة. 
- أنت كنت مع عدم الإقصاء، وكنت ترى من البداية أن الإخوان وجودهم ومشاركتهم أمر مهم؟
لكننى لست مع وجود جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة، فلا يصح لحزب أن يستخدم شعارات سياسية. وشعارهم هو «الإسلام هو الحل» لأنها ليست حزبا. وهذا تحايل على القانون. أنا ضد إقصائهم، أما وأن الثورة قامت وأصبح من حقك أن تشكل حزب فيجب الاختيار بين العمل بالسياسة أو العمل بالدعوة. أنا شخصيا أرى أن هذا جزء من تشويه للحياة السياسية التى تعيشها مصر. وهناك قانون ينص على عدم تأسيس حزب على أساس دينى. وأن حزب النور السلفى اسمه فى الأوراق حزب النور وفى الدعاية الانتخابية، ورغم أنه عمل سياسى وليس دينيا يضيف كلمة «السلفى».
- لماذا يصطدم تفكير الناس فى الميدان مع الكتل السياسية للأحزاب القديمة والجديدة؟
لدينا مشكلة أساسية فى النخبة السياسية فى مصر. فهى قبل الثورة كانت تلعب جيدا مع نظام مبارك. وبعد الثورة بدلا من أن تفكر النخبة فى تغيير خطابها السياسى، وتعيد هيكلة نفسها تنظيميا على أساس أن تكون داخلها أصوات شبابية لتستطيع أن تفكر بعقلية مختلفة تجاه ما يحدث وتعيد صياغة برامجها بما يواكب الثورة وأهدافها وخطابها. بدلا من ذلك فكرت كيف تلعب مع السلطة الجديدة! إذن فنحن لدينا مشكلة ليس مع الأحزاب كأحزاب ولكن مع نُخبها.
- ما الحل السياسى لتجنب حدوث صدام مع المجلس العسكرى؟
المسئول عن ذلك هو المجلس نفسه.
- هل ترى أن حدوث صدامات فى صالح مصر والثورة؟
لا. لأن تركيبتنا كمصريين لا تميل إطلاقا للصدام.
- هل تعتقد أن مبارك تم خلعه بالفعل؟
نعم. أنا مقتنع أن مبارك ترك السلطة وأن ما يحدث ليس مجاملة لمبارك. أو حتى محاولة لإعادته. صفحة مبارك أغلقت.
- وأخيرا. ماذا عن مصر والثورة والمجلس العسكرى وتركه سريعا للسلطة؟





لو ضربتينى بالقلم على وجهى فمن حقى كفرد أن أقول المسامح كريم. أو أن أرفض. أما إذا كانت حقوق وطن فله حق علينا، فيجب أن أفهم ما يحدث حتى أقرر كشعب. نحن خرجنا لثورة من أجل حقوق هذا الوطن. والشعب هو الخط الأحمر وليس أحدا آخر.  



يناير 2012
7
زيارة لبيت: علاء عبدالفتاح
المصدر: الأهرام العربى
بقلم:   دينا توفيق

«هنا سبوع خالد» والدعوة شخصية. شخصية جداً أى لا تصوير ولا مصورين محترفين. إنما الحب. الحب فقط. فى سبوع خالد انتقل ميدان التحرير إلى قطعة أرض صغيرة وبيت صغير بعد المريوطية. وهناك رأيت بعيناى وسمعت بأذناى ناس وصوت وإحساس الميدان واستمتعت بحلاوته فى بيت عائلة يعمل كل أفرادها بالسياسة. حتى إن الحفيد «خالد» وبالوراثة صار ثورياً. وبعد الإفراج عن الأب علاء عبدالفتاح كان لابد من الاحتفال بالابن خالد الذى أسماه علاء على اسم «خالد سعيد» كجزء من العرفان بفضله وحتى يجاوره الاسم العمر كله. 
ويمكننى بمنتهى البساطة الآن أن أقرر أن 31 ديسمبر كان يوماً مختلفاً جداً انتهت به سنة الثورة. على الأقل بالنسبة لى. كان يوماً ثورياً حيوياً طيباً حنوناً، حيث فاجأتنى صديقتى المحامية المعروفة الأستاذة آمال عبد الفتاح الصديقة المقربة من عائلتى "سيف" و"سويف" أننى مدعوة معها هى وزوجها د. عمرو الويجي لحضور "سبوع خالد". خالد ابن علاء عبد الفتاح الذى تم الإفراج عنه لتوه. وأن الاحتفال سيكون فى "البلاط"! "البلاط"؟ نعم البلاط فقد كان الأب والأم. د. ليلى ود. أحمد دوماً يرددان أمام الأبناء عندما اشتريا تلك الأرض منذ سنوات من عُمر ابنهما الأكبر علاء. "إحنا رايحيين الأرض" وفى عقل الصغار الأرض هى البلاط الذى يكسو الأرضيات، وهكذا صارت تسمية المكان وبيته الريفى البسيط. وعلى ناصية الشارع أو المدق الضيق الذى يقودنا إلى البلاط كان "البانر" أو اليافطة الصفراء المنيرة "هنا سبوع خالد".
إننى أنقل لكم الآن صورة فرحة المحامى أحمد سيف عبدالفتاح وزوجته د.ليلى سويف وهما يحتضنان خالد. وأنا أفكر مُرغمة ووسط كل "الهيصة" إنه المولود الأول لعلاء الابن السياسى المغامر وصاحب أشهر مدونة - فى تاريخ البلوجرز المصريين والعرب - مدونة "علاء منال". ولأننى فى سبوع ابن الثائر الخارج لتوه من السجن فمن المنطقى أن يكون الهتاف وسط رش الملح والسبع حبات والفرحة وحلقاتك برجالاتك هو "إحنا الشعب الخط الأحمر" فالكل يردده ويعيدون هتافات التحرير بحماس مع كل أغانى الفرحة "حلقة دهب فى وداناتك" بالمولود كما العادات المصرية التقليدية ودق الهون والهدهدة فى الغربال كما فعلت "أم نجلاء" التى تخدم العائلة و"دادة العجوز" التى رأيتها فى حضن علاء يقبل رأسها. 
كان ميدان التحرير والهتاف "إحنا الشعب الخط الأحمر" ممتزجاً مع "يا رب يا ربنا يكبر خالد ويبقى زينا" تغنيها بصوت فرِح الناشطة "منى سيف" عمة خالد وهى تدور فى المكان باحثة عن والدتها ليلى جدة خالد لتدق الهون وتضحك من "خضة" علاء ومنال من رجرجة خالد داخل المنخُل.
كانت فرحة الخال علاء سويف وشقيقته الكاتبة أهداف سويف وهما يستقبلان من يعرفانهما ومن لا يعرفانهما.
الاحتفال ممتلىء بزخم الحب وزخم أحاسيس ناس مصر الرائعين. أمينة جاهين ابنة الراحل عمنا صلاح جاهين وزوجها الشاعر أمين حداد ابن الرائع فؤاد حداد وابنهما الشاعر الشاب أحمد حداد. وكانت سامية جاهين قلب فرقة إسكندريلا مع زوجها وابنتها فاطمة الجميلة المنمنمة حفيدة عم صلاح. 
وكانت هناك أسماء كلها لها وقعها فى القلب من فرط ارتباطها بحق الإنسان المصرى فى التعبير عن رأيه بحرية. كانت هناك د. منى مينا الناشطة المعروفة بمنظمة أطباء بلا حدود والناشطة الحقوقية والأستاذة الجامعية د. غادة شهبندر"شايفنكوا". وغيرهم وغيرهم.
وإننى أتذكر الآن وأنا وسط كل هذا الاحتفال رسالة علاء من السجن لزوجته منال "رسالة لأم خالد" حيث إنه وكما كتب لم يكن يشغله سوى الخروج لحضور ولادة خالد، وكان الطبيب قد نصح بولادة قيصرية مبكرة حرصا على صحة منال، ومع كل تجديد للحبس كانت المخاطرة بتأجيل الولادة على أمل أن يحضرها ولقد تضامن الجنين خالد مع الأب فأضرب عن الخروج برغم مرور التسعة أشهر المقررة له، وانتظر الأمل الأخير للاستئناف أمام القاضى الطبيعى.
وأتذكر الآن وسط كل تلك الفرحة وأظنها أفكارا راودت أحباء علاء. تذكرت سطور علاء عندما رأى صورة خالد لاول مرة "خالد. حب من أول نظرة، وحب من أول صورة. تبدد السجن وأسواره وقططه، تبدد كل شىء إلا حبى لخالد وفرحتى بقدومه. ونمت مرتاح البال. وفى يومه الثالث زارنى خالد. كانت مفاجأة. توقعت ألا يسمح الطبيب بزيارة إلا بعد أسبوع على الأقل. زارنى خالد لمدة نصف ساعة. حملته فى يداى عشر دقائق. يا الله! إزاى جميل كده؟ حب من أول لمسة! فى نصف ساعة أعطانى فرحة تملأ السجن أسبوعا كاملا. فى نصف ساعة أعطيته محبة تمنيت أن تحيطه أسبوعا كاملا. فى نصف ساعة تغيرت وتغير الكون من حولى». 
وفى وسط الاحتفال وأناس لا أعرفهم شعرت بالدفء وسطهم تذكرت كلام علاء فى رسالته يوم الجمعة 9- 12 قبل خروجه مباشرة من السجن: مئات أرسلوا لى برقيات محبة لخالد من خارج الميدان، بعضهم كتب عن نفسه أنه من حزب الكنبة. ملايين حزنوا على الشهيد فى كل بيت فى مصر.
الكل أحب خالد لأنهم يحبون علاء لأنه نموذج لأخ أو ابن أو زوج ثائر ومحب للحياة. نموذج لشباب مصر الذين خرجوا يوم 25 يناير واستشهدوا فى 28 يناير وما بعدها.
ولكننى أنتظر وبعد أن هنأت علاء ومنال وعبرت عن فرحتى بخالد أن أدير حواراً مع علاء عبدالفتاح وأوجه له نقداً أرى أنه يجب أن يكون شديداً -وتلك حريتى - وأناقشه بعمق حول عبارته التى أذهلتنى: انتخبت الإخوان المسلمين برغم اختلافى معهم !
 


اللواء الرشيدى يكشف أسرار: «الطلقة الإكترونية التى أصابت الداخلية فى مقتل»   31 ديسمبر 2011
المصدر: الأهرام العربى
بقلم:   دينا توفيق
اللواء محمود الرشيدي

طلقات مدوية تم إطلاقها فى السماوات العربية. السماوات التى عاشت موسم الربيع العربى. تلك هى الطلقات الإلكترونية التى أصابت الأنظمة العربية المُطلقة السُلطة والتسلط فى مقتل. وعلى ذكر الطلقات. فالطلقة هنا ليست هذا الكتاب ولا حتى محتواه، ولكن حقيقة الأمر أن الأمر برمته هو صاحب الكتاب وحيثيته الوظيفية. إنه اللواء محمود الرشيدي، مساعد وزير الداخلية السابق ورئيس مباحث المصنفات ومسئول الرقابة على الإنترنت! والذى سيصدر له قريباً عن الدار المصرية اللبنانية، كتاب الإنترنت facebook (ثورة 25 يناير نموذجاً) 
وفي الكتاب يعترف اللواء الرشيدى بقدرات وإمكانات شباب الفيس بوك العقلية والسياسية وغضبهم الذى استطاعوا بحفزه وقوته خلق ثورة افتراضية كاملة المعالم وفق الكتاب، ووفق اعتراف المؤلف بأن الإنترنت والفيس بوك كانوا دوماً متهمين اجتماعياً بتعطيل الشباب وتضييع أوقاتهم بلا جدوى. وأنه أيضاً ومما تبدى لى بين سطور الكتاب أن كل ذلك الاحترام الذى أسبغه اللواء الرشيدى على ثورة النت يحمل أسفاً ومرارة ما، فهو قد عانى الأمريين (مرات التجاهل مرة ومرات التسخيف لما يتحسبه من قوة الشباب الفيسبوكيين). فالمؤلف عانى من هذا التجاهل الذى تعامل به رؤساؤه مع القضية. وصولاً إلى رد الفعل القمعى غير المنطقى بقطع خدمة الإنترنت والفيس بوك عن الدولة بأكملها كإجراء عاجز.
أى أنه وحسب المتوقع من أداء أى خبير أمنى أظن أن اللواء الرشيدى اعتقد أن تحذيراته ولأهميتها كان يجب الالتفات إليها والنظر إليها بعين الاعتبار والوعى والبدء فى الرصد وتحويل الملاحظات والمشاهدات إلى إجراء الدراسات أيضاً لمواجهة ما لاحظه هو شخصياً ونقله فى سرية للرؤساء ولكن لم يحدث ذلك الالتفات الواجب قبل الثورة، وكان سحب فيشة النت هو الإجراء السلبى الوحيد الذى تم أخذه رسمياً وكرد فعل فورى منطقى وعادى أنه بعد اندلاع الثورة (وبالطبع وطبقاً لأى أداء استخباراتى هو فوات الأوان) أصبح الاهتمام الأول لكل العاملين فى المجالات الأمنية سواء من جهات الداخلية أم من الجهات العسكرية استخدام الإنترنت لنشر البيانات وإجراء الاستفتاءات ورصد الإقبال عليهم عن طريقه. 
ووفق ملاحظاتى ومتابعتى لمهام المؤلف اللواء محمود الرشيدى، قبيل الثورة أن ما كان يحول بينه وبين أدائه لتلك المهمة أنه لم يكن من الممكن حجب أى مواقع إلكترونية لأكثر من 15 دقيقة فقط، حيث كان ولايزال من الممكن لصاحب أى موقع أن يعيده فور تغيير اسمه مباشرة. حتى وإن مواقع تنظيم الإخوان «المحظورة» سابقاً والشرعية بقوة الثورة والقانون حالياً كان ووفقاً لحوار صحفى قال فيه: فى أثناء الانتخابات التى سبقت الثورة مباشرة فى نوفمبر 2010: إن معظم مواقع الإخوان يتم بثها من الخارج، وأن الإدارة يمكنها غلق هذه المواقع إذا ما طلبت اللجنة العليا للانتخابات ذلك ولكن المحظورة يمكنها إعادتها مرة أخري! إذن لم يكن ذلك فحسب هو الاعتراف بعدم القدرة على السيطرة على مجريات الشارع الإلكترونى ولكن كان عدم اعتراف المسئولين الكبار فى النظام وفى الداخلية بمدى أهمية الإنترنت والفيس بوك فى الوصول إلى حالة الغليان التى فجرت الثورة وفاجأتهم وهى التى كانت من الأمور المستتفهة لديهم!
الكتاب والذى بعنوان بسيط للغاية الإنترنت facebook (ثورة 25 يناير نموذجاً) لمؤلفه اللواء محمود الرشيدى والذى لم يكتب موقعه الوظيفى السابق بل اكتفى بتوصيف الخبير الأمنى. 
والكتاب عبارة عن ثلاثة فصول تناقش القضية بشكلها العالمى والتقدير العام والنظرة العمومية لدور الإنترنت فى الثورة. الفصل الأول كما المتوقع هو دور الإنترنت فى نجاح ثورة 25 يناير. الفصل الثانى بعنوان الثورة وميدان التحرير. والفصل الثالث بعنوان إيجابيات وسلبيات استخدام شبكة الإنترنت عقب نجاح ثورة 25 يناير! ولقد تناول اللواء الرشيدى، تسريبات ويكيليكس التى سبقت الثورة كنموذج أحدث آثاراً جعلتها تُعد أول عاصفة إلكترونية جامحة. بل ووصف دور شبكة الإنترنت العالمية فى نجاح فاعليات ثورة الشعب المصرى بأنها كانت التسونامى الإلكترونى للشبكة فى 25 يناير. وأننا قد دخلنا بها عصر تكنولوجيا الثورات بتلك المفاجأة التى فجرها الشباب باستخدام طراز فريد من ترسانة التكنولوجيا الافتراضية بلا دمار أو تخريب وبلا دماء مُراقة (!) بل بإطلاق قذائفها الإلكترونية بعيدة المدى والمتخطية لكل الحواجز الأمنية والجغرافية من خلال الحاسبات الآلية بأنواعها وأجهزة المحمول والكاميرات الرقمية. وكل ذلك قد استهدف تطويع الشبكة بمواقعها الاجتماعية (ويقصد الفيس بوك والتويتر تحديداً) لتجهيز وإدارة ومتابعة ثورة 25 يناير!
إن هذا الكتاب بمحتواه هو صيغة اعترافية مستترة تجعل العدو الأول للثورة والمسئول عن جمع كل ما يدينها هى وفاعليها يصف الثوار الفيسبوكيين بأحفاد الفراعنة. وأن ما قاموا به كان ملحمة. والاعتراف بالطبع يجعله يصف ما عجز عن إقناع رؤسائه بأهميته وهو المكتشف الأول للإرهاصات الأولى للثورة والمقر الآن بعبقرية هؤلاء الشباب أن الشباب المصرى ومنذ 2006 قد استوعبوا تكنولوجيا العصر وأبدعوا فى استخدامها وتحويلها إلى أسلحة افتراضية من خلال إعداد تصور تخيلى كامل على شبكة الإنترنت لسيناريو ثورة شعبية حقيقية بجميع مراحلها (اعتراف خطير للخبير الأمنى) وتقدير حجم المشاركين فيها وتحديد مواقيت التحرك والمتابعة الفعلية على أرض الواقع. وأن التطبيق تم بالبريد الإلكترونى والشات أو غرف الدردشة بالترجمة التقليدية. وأن تداول الأخبار والوثائق كان له دور الحشد الهائل وباعتراف اللواء الرشيدى، أنه فى ساعة الصفر التى تم إعلانها وقعت الثورة التى لم يشهد العالم لها مثيلاً فى آليات التنفيذ ومراحل الإعداد والتجهيز والمتابعة. وهنا بالطبع غاب عنى ما كنت اتوقعه من سرد لتفاصيل ما كان يدور فى أروقة الداخلية وتجربة اللواء الرشيدى الشخصية عندما أراد أن يحارب تلك الثورة الإلكترونية وما كان يطرحه على رؤسائه وتفاصيل ردودهم وحيثياته فى رصد الأهمية وحيثياتهم فى رفضها! 
وأخيراً
إذن كل ما يهمنا هنا والمٌستخلص من هذا الكتاب التقريرى هو أن تلك الثورة كانت ثورة ناجحة أولاً وأن المسئول عن تقويضها وإجهاضها قد فشل فى إنجاز مهمته فى السيطرة على ثورة أعلنت عن نفسها باليوم والساعة والدقيقة واللحظة. ثانياً أن تلك الثورة قد مولها الغضب والتطور التكنولوجى والمعرفة. وذلك بالاعتراف الصريح المعلن والضمنى بأنها ثورة لم يتم تمويلها من جهات وأجندات خارجية. لأنها ثورة مولتها قوة الشباب الباحث عن مستقبله وسط عجائز الفرح والسلطة.
 

ديسمبر 2011
3
د. حسنين كشك رئيس الشيوعيين فى مصر: وزارة الجنزورى حزب وطنى
المصدر: الأهرام العربى
بقلم:   دينا توفيق
 

بادئ ذى بدء. قالوا ستكون ثورة الجياع وكانت ثورة الشباب. قالوا سيخرجون إليكم من العشوائيات ولن يبقوا أخضر أو يابس، فأفرزت تلك العشوائيات لجانا شعبية بشباب "زى الورد" حمى البيوت والغلابة. ولأننا أمة عظيمة رغم رغم. فقرروا معى أن الإنسان هو محور إنقاذ الوطن.
وأن أوجاعه هى الهم والحَزَن الأكبر الذى يمكن أن يعيق أى إصلاح محتمل يمكن أن يحدث فى مصر. وأن توفير الحالة الإنسانية (وأصر على كلمة إنسانية) من غذاء وتعليم وصحه تليق به كإنسان هى الفرصة الأخيرة أمام حكومة الإنقاذ الوطنى. وأن حكومة الإنقاذ أو الإسعاف أو المطافئ "مُطلعة وعارفة وفاهمة تماماً" إنه حسب إحصائية للحكومة السابقة أن 44% من المصريين يعيشون تحت خط الفقروالأدهى أنه وحسب إحصائية المجلس العسكري أن 70% تحت خط الفقر. ولكن أكررها، فرغم رغم الجوع والفقر سنظل أمة عظيمة، ومهمة الحكومة الجديدة أن تعيد للمصرى إنسانيته المنهوبة عن عمد على مدى سنوات طوال على أيدى حكومات كانت مهمتها كما مهمة الجاسوس السوفيتى. كانت مهمتها فقط تخريب الوطن بوضع الشخص غير المناسب فى وظائف الدولة وكان هدفها تركيع المصرى! وهنا كان يجب أن أسأل أهل العلم والبحث ولم أجد سوى الرجل الذى قام بإجراء أهم دراسة عن سياسة إفقار الفلاحين فى مصر، والرجل الذى يُطلق عليه أصدقاؤه، رئيس الشيوعيين فى مصر ويُرشحه كثيرون لنيل جائزة نوبل في الفقر من كثرة ما كتب عن الفقراء والإفقار المُتعمَد في هذا الوطن كما كتب عنه أحد الصحفيين فى شهادة حق. أما عجلة الإنتاج التى قيل إنها أسهمت فى الإفقار بشكل أكبر، فالنكتة كانت جديرة بأن نتحدث عنها بمنتهى العمق.
سألت د. حسنين كشك، الباحث بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية، وهو صاحب أشهر دراسة عن سياسة إفقار الفلاحين عن المطالب التى يمكن أن نضعها على طاولة حكومة الإنقاذ الوطنى؟ فأجابنى بتؤدة: أولاً يا سيدتى. هناك ضرورة للتمييز بين وزارة الإنقاذ الوطنى التى يتحدث عنها الميدان وحكومة الجنزورى، وهى ليست إنقاذاً وطنياً بالقطع فهى وزارة حزب وطنى وليست وزارة إنقاذ وطنى (!) وللعلم هو خرج من الحكومة بسبب خلافه مع مراكز صنع القرار فى العهد البائد وليس بسبب معارضة جدية وحقيقية. ثم يواصل: ومبدئياً يجب أن أوضح أن تلك الدراسات لخطوط الفقر تأخذ المنهج الكمى وهى غير كافية لتوضيح خط الفقر وعمقه، فسواء كانت بالحد الأدنى من تكاليف المعيشة للفرد فمن الانتقادات التى توجه لها أنها لا تخبرنا عن خريطة غير الفقراء فى مصر فهل من يحصل على 750 جنيهاً ليس فقيراً؟ أو سوء كان التقييم من خلال متوسط نصيبه من الدخل القومى فهو مؤشر حسابى مضلل ونوع من الكذب المنهجى والإخفاء الممنهج للثروة فى مصر، عندما نعلم أن عشرات الآلاف من المليارديرات ممن يحتكرون الثروة فى مصر، والتى تتجسد فى مصانع وبنوك وشركات كبرى للتجارة والمقاولات، ومن بينها تجارة العملات الأجنبية والسلاح والمخدرات وتهريب الأعضاء البشرية، وأيضاً كبار مُلاك الأراضى الزراعية، ففى آخر تعداد زراعى رسمى يتضح أن من يمتلكون 5 أفدنة فأكثر يمتلكون 10% من مجموع الحائزين الزراعيين، ويسيطرون على أكثر من 52% من الأراضى الزراعية!
قلت: وماذا عن المصادر الأخرى للدخول المتفوقة والتى تصل إلى حد يتجاوز المنطق والعقل؟ فيرد د. كشك: إنها تلك المصادر التى أسميها "ريع الوظيفة" ونراها بوضوح من خلال السلطة السياسية ومجالس المحليات والبرلمان، وما أطلقنا عليها حكومة رجال الأعمال فى النظام السابق وهو تجاوز وغياب القانون وسيطرة القوة غير المبررة من كبار رجال الشرطة والمؤسسة العسكرية ورواتب تتجاوز المليون جنيه شهرياً، والموظفين العامين ورواتب تشمل الأجر الأساسى ومكافآت على اللجان وغيرها وحصة الصناديق الخاصة، وهى مصادر الثروة فى قمة الجهاز البيروقراطى فى الدولة، وسبب تحول موظفيين إلى مليارديرات استناداً إلى مجرد الوظيفة حتى صار هناك ما يسمى بالإقطاع العسكرى والإقطاع البيروقراطى. والمشكلة هنا إذاً أن الوظيفة صارت مصدراً للملايين التى تؤخذ تحت الترابيزة وغير مثبتة. ولذلك أطالب بإلغاء الصناديق الخاصة. قلت: د. كشك. أريد أمثلة؟ فيجيبنى: لدى معلومات تؤكد أن الأراضى الجديدة الصحراوية يتم الحصول عليها عن طريق أوراق وتصريحات برشاوى كبرى. كما أنه يجب إلغاء جميع القوانين التى تعمل حتى الآن والتى أسهمت فى إفقار الشعب المصرى. مثل قانون 96 لسنة 1992، الذى ألغى عقود الإيجارات الجديدة لطرد مئات الألوف من الفقراء لرفع قيمة الإيجار، ولدى أمثلة للأراضى الزراعية التى كان إيجارها 200 جنيه للفدان قبل 1992 إلى 800 جنيه فى المرحلة الانتقالية من 92 إلى 97، وبعدها قفزت الإيجارات إلى 1500 مع نهاية سنة 97 وتصل الآن الإيجارات فى آلاف من القرى المصرية إلى 6 آلاف جنيه للفدان! 
هل هناك تشريعات أفقرت الشعب المصرى؟ أجابنى: من علامات ومؤشرات إفقار الشعب المصرى عدم ظهور قانون للضرائب التصاعدية على الدخل حتى الآن. وقبل كل شىء عدم صدور قوانين تحاسب على الإفساد السياسى والاقتصادى وهذا فى سياق البرهان على فساد المجالس البرلمانية والنيابية فى مصر قبل وبعد 25 يناير (لأننا حتى الآن لايوجد عندنا بعد 25 يناير!) سألت وبوضوح: ماذا نريد من وزارة الإنقاذ أيا كان رئيسها لإنقاذ المصرى وليقفز فوق خط الفقر؟ فأجابنى: لنصل إلى ذلك نريدها وزارة لها سلطة مطلقة وليس سكرتارية للمجلس العسكرى. وتحدد العلاقة بين الحد الأدنى والأقصى من الأجر الشامل إلى 20 بدلاً من 36 التى يتحدث عنها وزير المالية. على أن يرتفع الأجر باستمرار قدر ارتفاع نسبة التضخم السنوى، أى ربط الأجر بالأسعار. كما أننى أنصح وزارة الإنقاذ الوطنى بالرجوع إلى دراسات الباحث الاقتصادى الوطنى الديمقراطى المستقل د. أحمد السيد النجار حول الحد الأدنى للأجور، وكيف يمكن تمويله بضرائب تصاعدية. كما أننى أنصح وزارة الإنقاذ الوطنى بالسيطرة على أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعى وانتهاج السياسة التعاونية التى تتيح هذه المستلزمات للفلاحين الصغار والكبار بأقل هامش ربح. ونريد منها تخفيض إيجار الفدان الزراعى طبقاً لمقترحات الفلاحين بأن يكون 1500 جنيه ولا يتجاوز 3000 جنيه للفدان. ونريد منها تسويقاً تعاونياً لإنتاج الفلاحين الصغار لإلغاء احتكار التجار وسيطرتهم.
وسألت د. حسنين كشك بمنتهى الجدية: وماذا عن نكتة عجلة الإنتاج؟ فأجابنى بشكل أكثر جدية: نعم لقد أصبحت نكتة فجة نتندر بها ودعابة ممجوجة. وليدلنا أصحاب هذه الدعوة ويقولون لنا ماهى الصناعة التى توقف عن إنتاجها العمال، والتى كانت يتم إنتاجها أصلاً؟ والحقيقة أن من أوقفوا المصانع عن العمل هم رجال الأعمال الرأسمالى. ومن المعروف أن العمال أداروا بعض المصانع التى هرب أصحابها من تسديد ديونهم التى نهبوها من البنوك وتسديد ضرائبهم المتراكمة. كما أننا نعرف أن المنتجين المباشرين فى الصناعة والزراعة يذهبون إلى أعمالهم يومياً. ويهمنا هنا التوضيح بأن مسألة نضال العمال المصريين من أجل حقوقهم الاقتصادية والتى يسمونها متعمدين بالحركات الفئوية فى سلطة الدولة والدعاية التابعة لها والإعلام. وأننا مجتمع طبقى والعمال فى كل مكان فى العالم يناضلون من أجل تحسين أوضاعهم وأحوالهم المعيشية بالإضرابات والاعتصامات والمظاهرات. وفى حدود علمنا أن حركة الإضرابات بعد 25 يناير محدودة للغاية ولا ترتبط بوقف الإنتاج. فالوردية التى تضرب وتتظاهر فى مقابلها أخرى تتعمل. وأى اتهامات أخرى هى كذب هدفها تشويه الثورة. والحقيقة أننا نخسر بسبب عدم تطبيق الضرائب التصاعدية وعدم إلغاء الصناديق الخاصة وتهريب الثروة المصرية للخارج. وبسبب الخصخصة التى أدت إلى خروج نصف مليون موظف إلى المعاش المبكر والتسريح من العمل.
 

نوفمبر 2011
26
شهيد فى الزبالة وثورة مسالة بالدموع!
المصدر: الأهرام العربى  26 نوفمبر 2011
بقلم:   دينا توفيق
 

لقد قررت أن لا أضع بين أيديكم كلاماً قرأتموه أم شاهدتموه ما بين صحف وفضائيات مسبقاً. لقد قررت أن أنقل لكم روح ما حدث. ولماذا كنا فى الميدان منذ صباح السبت 19 نوفمبر؟. السؤال الذى ظل يلاحقنى من أقاربى الجالسين على كنباتهم وسواقي التاكسى المذعورين والمرأة التى تخدمنى فى منزلى: "أنتم ليه بتنزلوا ميدان التحرير. كفاية بقى إحنا عايزين أمان". ولن اصدمكم وأقول لكم أن السؤال سمعته من حاصلين على الدكتوراه. ومن يدعون أنهم مثقفون. إنه السؤال الذى تم حشره بإعلام ميت الضمير فى أذهان شعب مصر الطيب. وإقناعهم بكل السبل أن أمان نظام المخلوع الذى دُجن بالفساد كان حصناً لهم. وسأحكى لكم الحكاية من البداية التى كانت فى الصينية وحتى كان الضرب بلا رحمة ولا هوادة والقتل والسحل والتمثيل بالجثث فى شارع محمد محمود والشهداء الذين تم إلقاؤهم على أكوام الزبالة.
وفى بدء خرج ما بين 50 إلى 80 شخصاً ليعتصموا فى خيام بالعراء فى حديقة المُجمع بميدان التحرير ولابد أن اعتصامهم لمدة أسبوع كان وراؤه دافع أو مبرر سواء كان هذا السبب حقيقياً ومنطقياً وعادلاً أم خلاف ذلك، لكن الحقيقة والواقع أنه لم يعبأ أحد أو يلتفت أحد من حكومة شرف إلى هؤلاء المواطنين الغاضبين سلمياً والذين لم يقم أحدهم بفعل واحد، وبرغم غضبهم يمكن أن يخرج عن نطاق السلمية فى إبداء الاحتجاج. ولم يهتم أحد من حكومة شرف أو المجلس العسكرى بالاستفسار عن مطالبهم.
لم يهتم بشأنهم سواء وزير التضامن الاجتماعى أو الصحة. والأول هو د. عبدالخالق الرجل الذى صال وجال وغنى عن حقوق الفقراء والمهمشين فى مصر طوال أكثر من ربع قرن من خلال حزب التجمع الذى ينتمى إليه. ولا د. عمرو حلمى الذى كان يا ما كان ثورياً فى الميدان. وللأسف لم تكثرث الصحافة المصرية ولم يجد هؤلاء المعتصمون البؤساء أى مساحة بين الفاصل الإعلانى والفاصل الآخر فى نعيق برامج التووك شوز الفضائية والأرضية المستمرة على رأى أستاذنا هيكل من المساء حتى صياح الديك. 
والأكثر ألماً أن الثمانين المعتصمين لم يلتفت إليهم فرسان التيارات الدينية أو السياسية أو الحزبية أو الائتلافات الثورية الحقيقية أو المصطنعة. وفوقهم للأسف المرشحون المحتملون لرئاسة الجمهورية (تلك الموضة التى لم نرها إلا فى مصر). 
وكما نعرف جميعاً ففى الجمعة الماضية خرجت (جمعة قندهار. ومسلمو قندهار أبرياء منهم لأنهم على الأقل لا لديهم هدف وعدو يحاربونه) ومازال المعتصمون الأبرياء ينصبون خيامهم. وانفضت جمعة الإنقاذ الوطنى وانصرف أصحابها وأبطالها حسب اتفاق مع أنفسهم أو مع مجهولين بعدم الاعتصام بميدان التحرير، وفى الساعة الخامسة والنصف برغم أن الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل أعلن أنه سيعتصم هو وأسرته فى الميدان حتى تتحقق طلباته هو وفريقه ثم تراجع فجأة لأنه تذكر انتخابات مجلسى الشعب والشورى فجأة والتى تحول بينه وبين الاعتصام حسبما صرح هو ذاته بذلك على إحدى الفضائيات (وهى عادة الشيخ أبوإسماعيل ولن يشتريها، فهو قد تراجع فى جمعة سابقة عن الاعتصام فى أعقاب مكالمة تليفونية وألغى قرار الاعتصام) وتبقى الثمانون معتصماً بميدان التحرير لاستكمال اعتصامهم السلمى فى هدوء! ولكن الشرطة والمجلس العسكرى تذكروا فجأة وبضمير مستريح وبعد خروج جماعة تورا بورا أن عليهم الاعتناء بهؤلاء الـ80 المعتصمين، وأنهم لابد وأن يُخلوا الميدان وأن صينية الميدان لابد وأن تعود إلى كنف الشرطة وإلا انهارات هيبة المجلس العسكرى ومقومات الدولة، كما يراها الجنرال الفنجرى (الذى ثارت أقوال أخيراً بأنه قائد الملحمة الدائرة رحاها لأيام مضت فى الميدان).
ولقد كان المعتصمون الثمانون فى صباح السبت الماضى قد تزايدوا ليصبحوا 250 شخصاً هم مجموعة من المصابين وأسر شهداء الثورة والمتعاطفين معهم ويمكن للجميع ملاحظة أن عدداً منهم شباب فقدوا أعينهم فى سبيل حرية مصر. 
ولا شك أن القندهاريين لم يلتفتوا إلى مصابى الثورة لأن قطع اليد من اختصاصهم وليس فقأ العيون. 
ولكن الشرطة بمنتهى الجرأة والجسارة والشجاعة التى يحسدون عليها أعادوا الاعتداء على المعتصمين مرة أخرى بالسحل والضرب، وتم فض الاعتصام بقوة الهراوات الغلاظ وكأن حبيب العادلى من طرة يحكم لاظوغلى ومبارك من مستشفاه العسكرى يشرف بالفيديو كوول.
وهنا اكتشفت مصر ولن أقول اكتشفنا أو اكتشف الثوار، فالأمر صار عارياً من ورقة التوت التى ظللنا نستر بها جرائم معلنة فى مرحلة ما بعد الثورة، وأن شيئاً لم يتغير برغم دم الشهداء وعيون شبابها المفقوءة وأن الثورة تم تصميمها خصيصاً ليصرفها الإخوان والسلفيون والعسكر!
وهنا كان يجب أن يعود ليس فقط شباب مصر بل كل المصريين من جميع الفئات والأعمار ليكتبوا ويلحنوا ويغنوا ملحمة جديدة لإنقاذ حق 250 شخصاً من ضحايا ثورة 25 يناير فى الاعتصام. ولكن الأوراق قد رتبت وقرارات تم اتخاذها فى الغرف المغلقة من جانب المجلس السرى الذى يحكم مصر، وظن الجميع أنه تم تركيع مصر وشعبها وتبريد الثورة والالتفاف حول مطالبها فعادت أموال ومدخرات الشعب لشراء قنابل مطورة مثيرة للدموع والقئ وهراوات غليظة كانت جاهزة وطازجة ومُعدة للانتقام سلفاً فى سواعد الأمن المركزى والشرطة العسكرية. هؤلاء المتحفزون للثأر ممن دفعوا ضريبة الحرية فى 25 يناير وكانوا على أهبة الاستعداد لفقء عين د. أحمد حرارة اليمنى فى 19 نوفمبر بعد أن فقأوا عينه اليسرى فى 25 يناير وقالوا عنه بمنتهى الصفاقة بلطجى. لقد حولوا ميدان التحرير إلى مذبحة للشباب فأصبحت الساحة بالفعل هى ساحة حرب ضد ضمير مصر من شبابها الذين تحولوا إلى جثث تتراص فى أكوام بجوار صناديق الزبالة. وسجلت العدسات أن أجسادهم يتم ضربها ويتناوبون على ضربها بقسوة وهم أحياء وأموات. لقد رأيت ذلك بأم عينى وهى مشاهد لن تنسى ليس فى ذاكرة كاتبة هذه السطور بل فى الذاكرة الجمعية لمصر المُسالة بالدموع على الثورة والشهداء حتى يأتى أخذ الحق على يد قاض مستقل نزيه فى دولة مدنية وحتى لا تصبح أرواح البشر مجرد عدد فى سجلات ودفاتر طابور مجمع دواجن القوات المسلحة.!
ولن أتكلم عن القفز السياسى على ما حدث فى ميدان التحرير الآن فله صفحات العدد المقبل، فالثورة هذه المرة والتى لم يشارك أحد من الأحزاب فيها لأنها صارت الآن مطمعاً بعد أن سالت دماء الشهداء والمنتفعون وجدوها فرصة ليعودوا إلى الميدان ويدعوا بمنتهى البجاحة، وبرغم أنهم حذروا من الوجود فى الميدان وكانت عيونهم مشعلقة على الانتخابات وكما قال لى أحد الثوار أو أبطال الثورة الحقيقيين فى الميدان والذين طردوا الأستاذ العوا والبلتاجى وغيرهم: 
الدعوة السلفية وحزب النور والشيخ حازم أبوإسماعيل بيحشدوا الناس للمشاركة فى مليونية الثلاثاء 22 نوفمبر والإسلاميين جايين الميدان بمطالب مختلفة عن مطالب الثوار اللى بقالهم 3 أيام بيتدعكوا. الإسلاميين جايين يطالبوا بإجراء الانتخابات فى موعدها وتحديد موعد زمنى لتسليم السلطة. وبالمرة التحقيق فى الأحداث الأخيرة ومحاسبة المسئولين ورفض تشكيل حكومة إنقاذ لها صلاحيات. يعنى من الآخر جايين يا يبوظوها أو يغيروا مسارها لمصلحتهم. 
أيها السادة هذه روح ما حدث فى الميدان بمنتهى الأمانة. صدقونى أو لا تصدقونى. ولكن ومرحباً بالألم والدموع ثمناً للأمل والرجاء.
تحيا مصر وتحيا ثورة شبابها. ويحيا جيش مصر أكتوبر 73 التى حارب أبى فى معاركها، وعاشت مصر ولو متنا جميعاً فداءها.
 

نوفمبر 2011
19
«الشعب» الحيران!
المصدر: الأهرام العربى 19 نوفمبر 2011
بقلم:   دينا توفيق
 
دينا توفيق

شعبنا الجدير الخطير للأسف حيران. حيران بين الأحزاب (يا ولداه) اللى ما لها كلمة والائتلافات اللى ما أنزل الله بها من سلطان. وبين مرشحى الفلول والإخوان و(برشطة) السلفيين عليه ويُسأل فى ذلك من أخرجهم من السجون وأعادهم من أفغانستان وجعلهم نجوما للعاشرة مساء الشاذلى. 
متفائلة أنا بطبعى. ولا أحب البكاء على اللبن المسكوب. ولكننى أيضاً أرى الأمور على حقيقتها ولا أتعامى عن الواقع، ولذلك فما أراه جهاراً نهاراً مزعجاً مقرفاً منيلاً مهبباً، أن شعبنا للأسف حيران بين اللى قالوا ثورة واللى قالوا فورة وانتفاضة. بين الفلول والثوار والثورة المضادة. بين حزب الكنبة وميدان التحرير. الشعب الحيران واقع بين حجرى الرحى. بين صحف قومية موالية وصحف مستقلة صنعها النظام عمولة فأوقعته ولا نعرف لها هوية بعد أن اتكعبلت فى روحها وصارت هلامية عسكرية فلولية مفلفلة. الشعب حيران بين الفضائيات المصهللة فى مولد سيدنا الانتخابات ودعايتها للمرشحين والأحزاب شبه الدعاية بتاعت الحزب الوطنى فى انتخاباته تمام التمام وتليفزيون الدولة (خطأ فى التسمية فى الأصل وفى الدور وهو أصلاً لا داعى لوجوده ولا لتعيين وزير له). حيران يا ناس رغم ادعاء الأغلبية سواء داخل لعبة السياسة أم خارجها أنهم «فاهمين وميت فل وعشرة»!
شعبنا الجدير الخطير للأسف حيران. حيران بين الأحزاب (يا ولداه) اللى ما لها كلمة والائتلافات اللى ما أنزل الله بها من سلطان. وبين مرشحى الفلول والإخوان و(برشطة) السلفيين عليه ويُسأل فى ذلك من أخرجهم من السجون وأعادهم من أفغانستان وجعلهم نجوما للعاشرة مساء الشاذلى. وعمنا الماجد السلفى اللى راح برنامج د. هالة سرحان "ناس بوك" ليضع بينه وبينها حاجباً وستاراً فكلمها من وراء ستار (راح ليه أصلاً؟ أكيد وراء ده أغراض فى نفس الماجد وقومه وأكيد قبول د.هالة لذلك والتى أعرفها جيداً جيداً وراءه شىء فى نفس ابن طلال وروتانته وليس النجاح الذى تطلبه د. هالة سرحان ولو كان فيه هلاكاً) شعبنا الجدير حيران بين القوائم النسبية والفردية وأسماء المرشحين المستقلين (بصراحة الشعب الحيران واقع فى حيص بيص). مش عارف وثيقة السلمى دى تمام ولا مش تمام. رايح يوم الجمعة الميدان وهو مش عارف إيه اللى هيحصل بالضبط وإن كان خايف من اللخبطة فهو وبرغم القبول النسبى للإخوان المسلمين خايف منهم ومش واثق فيهم والرعب الكبير هو إخواننا السلفيين ولحاهم والحجاب والنقاب و(الرداء الإسلامى للمرأة). وهنا يجب أن أتوقف عن الشكوى باسم الشعب فليس عندى منه تفويض لأفرض عليكم آرائى وأجعلكم تتصعبون عليه (ففى ذلك حطاً من شأنه جل شأنه لا أقبله له). وهنا أتذكر ما جمعه القدماء وقالوه عنه فهو صاحب الأساطير والمخطوطات والخط الهيروغليفى والخط العربى البديع. شعبنا صاحب أضرحة الأولياء ومقابر القديسين وتوابيت المومياوات. وصناديق النذور فى سيدنا الحسين والسيدة نفيسة. والشموع اللى بيولعها عند أم النور والست دميانة شعبنا صاحب الآلهة والأولياء والشهداء والريشة والقلب والميزان للحساب من أجل الحياة الأبدية. شعبنا المؤمن بالصراط المستقيم وملكوت السماوات. الشعب الذى تغنى بالخروج إلى النهار "برت أم هِرو" الذى ترجموه "كتاب الموتى" ومتون الأهرام وترانيم العدرا ولفظ الجلالة على قناديل الجوامع الشعب الذى يتهلل بتكبيرات العيد ومردات الشمامسة والآذان والقداس. الشعب الذى قال آمين وقال آمون ونطق البسملة وردد الصلاة الربانية وشفع وأوتر. الشعب الذى كتب فلاحه الفصيح المظالم للفرعون وبعث برسائله للأولياء ولقاضي الشريعة الإمام الشافعي ا?مام والذى أوقد شمعة لمارمينا (مسلماً كان أو مسيحياً فالمسلمون يوقدون الشموع للعدرة). الشعب اللى بيكنس جامع السيدة ع الظالم والمفترى ويقرأ عدية ياسين وواظب على حضور مدارس الأحد. المُهم. اسمعونى يا أحباب. إننى أريد أن أطلعكم على خطاب. فلعل العود يخضر، ويطلع النجم بعد الأفول، أو يبسم الدهر بعد كشارة أنيابه. هذا الكلام الموجع كتبه الجبرتى زمان. وأنا بما أنى فى عشق الحكايا بدوب. ففى الحكايات القديمة قرأت حكاية رجل اسمه "جن على". عارفين مين هو "جن على" ؟ "جن على" ده هو. "على بيه الكبير". والحكاية قرأتها فى كتاب بعنوان "القومية المصرية: قراءة في وضوح البداهة" للدكتور السيد نصر الدين السيد وكتبت تقديم الطبعة الأولى له د. نعمات أحمد فؤاد وكان أنه فى زمان على بك الكبير بقى العثمانلية ثلاثة قرون إلا قليلاً وهم ينهبون من مصر ولم يبق شئ يمكن نهبه إلا وقد نهبوه. فها هو ذا شيخ مناسر (الحرامية يعنى) العثمانلية السلطان سليم الأول وقد "خرج من مصر وصحبته ألف جمل ما بين ذهب وفضة". وتمر تلك القرون الثلاثة إلا قليلا يتعاقب فيها على نيابة الديار المصرية ما يزيد على المائة والعشرين واليا من النهابين العظام. يقضون أيام نيابتهم المعدودة فى قلعة الجبل يقضونها فى نهش لحم الأمة بشراهة المفجوع. تنقضي القرون الثلاثة يا كرام ويتباطأ فيها إيقاع الزمن وتنزوى مصر فيها عن مسرح الأحداث. يخفت الصوت. تبهت الصورة. ولكن. ولكن تبقى روح الشخصية المصرية تحت السطح كامنة فوارة الحياة. وتظل الأيام حبلى فى انتظار لحظة ميلاد جديد.وتأتى سنة 1760 م بأولى آلام المخاض. ويظهر على مسرح الأحداث "جن على" أو "بلوط قبن" وكانت كلها ألقاب للمملوك المصرلى على بك الكبير الذى (لا يرضى لنفسه بدون السلطنة العظمى بديلا) والذى قال: "أنا لا أتقلد الإمارة إلا بسيفى". وقد كان له بالفعل ما قال فـ "خلص الأقاليم المصرية من ا?سكندرية إلى أسوان ونفذ إلى أغراضه بالبلاد الحجازية والشامية، ومنع ورود الولاة العثمانيين". ولقد كان جن على "يُطالع كتب الأخبار والتواريخ وسير الملوك المصرية " فحلت فيه روح الأمة النازعة دوما إلى الاستقلال، فسيَّر جيوشه ليُجسد حُلمها الجنين بقوة السلاح وانصرف ليؤكد لها شرعيته فى تتبُع المفسدين الذين يتداخلون فى القضايا والدعاوى- بأخذ الرشاوى والجعالات وعاقبهم بالضرب الشديد. ولكن آسفاً ينجهض الحلم بإثم الخيانة. خيانة مملوكه محمد بك أبوالدهب. ويقضى "جن على" نحبه مقهورا من خيانة الأقربين. وأسفاً ينهار الحلم الجنين. ويبقى الأمل حيا فى القلوب. حُلماً شاخصاً فى الأذهان وتتمناه المآقى وتُجسده كلمات الجبرتى وعودة لما قاله "ولعل العود يخضر، ويطلع النجم بعد الأفول، أو يبسم الدهر بعد كشارة أنيابه".
ملحوظة: ليس معنى ما كتبته أننا فى حاجة إلى مُخلص. ولكن المشكلة أن الشعب مؤمن باحتياجه إلى مُخلص وإن ما ظنناه ميزة فى ثورة 25 يناير وعدم وجود زعيم محدد لها صار وبالاً عليها بالمنطق الشعبوى. وربما أتذكر الآن المشهد السينمائى البديع فى فيلم "وآه إسلاماه" الذى حكى عن صعود المماليك بعد انهيار الدولة الأيوبية عندما سأل الرسول التترى: « أكلم مين لما أحب أكلم شعب مصر» 
نقطة نظام
صديق على الفيس بوك كتب: 
يعني إيه دولة إسلامية، يعني دولة أيديولوجية تريد تغيير ثقافة الناس وسلوكياتهم لتتماشى مع منهجها الفكري، يعني دولة بوليسية من الطراز الأول، فالبوليس سيراقب سلوكيات الناس وملابسهم في الأماكن العامة، إلى جانب جيش من المخبرين والبصاصين والمحتسبين في كل حارة ومؤسسة لمراقبة مدى تقبل الناس لأفكار الدولة ومدى التزامهم بتطبيقها، يعني دولة يتجسس مواطنوها على بعضهم وتنتشر فيها أخلاق الغيبة والنميمة والوشاية. والخوف والشك والجبن والازدواجية والنذالة، يعني دولة ينشغل فيها الناس ببعضهم فتنعدم فيها الحرية ويختفي منها الأمان والخلق والإبداع وتقل فيها معدلات الإنتاج والتنمية، يعني دولة يتربع النفاق على عرشها، فالكل سيتظاهر بالالتزام حقا أو خوفا، يعني دولة فاشية شريرة فاشلة كسائر الدول الأيديولوجية من شيوعية ونازية وسعودية وأفغانية وسودانية وصومالية.
 

نوفمبر 2011
5
د. إيمان بيبرس: الثورة تم خطفها عندما خطب القرضاوى فى ميدان التحرير
المصدر: الأهرام العربى
بقلم:   دينا توفيق

«بصراحة أعجبتنى». بداية غريبة لموضوع صحفى أليس كذلك؟! ولكننى أرى أننى لابد أن أعترف بذلك مقدماً. فهى امرأة مصرية جريئة وتتكلم بقوة امرأة اختبرت الحياة فى مصر من القاع برغم أنها خريجة الجامعة الأمريكية وحاصلة على شهادة الدكتوراة من إنجلترا وعملت فى الأمم المتحدة، ولكن كان لكلامها وقع مختلف. تلك هى د. إيمان ضياء الدين بيبرس مستشارة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وخبيرة التنمية الاجتماعية والتى تعترف أنها قد تم إدخالها فى 2004 الحزب الوطنى وبصدق استشعرته فى حماستها قالت بالنص: «لن نكذب ونقول إنه لما يكلمك مكتب جمال مبارك ويقولك أنتِ مع الحزب هتقول لأ (!). وبرغم ذلك فقد قاومت ورفضت الانضمام من 2001 ولكى أكون واضحة أننى حاولت التجريب حتى اكتشفت فى 2005 أنهم بيهرجوا». ثم أكدت لى بنفس القوة: لم أكن يومًا من «فلول» الوطني وقد استقلت من أمانة السياسات 2007 لأخوض الانتخابات بشكل مستقل ضد مُرشح الحزب الوطنى مجدى علام وفى تلك الأثناء تحدانى أحمد عز فى عز قوته وقال لى «هفعصك».
وبعد 25 يناير أعلنت د. إيمان بيبرس مشروعها أو حملتها ولنسمها كيفما نشاء «معا. التحالف الشعبى لنساء مصر» عبر جمعية نهوض وتنمية المرأة والذى جاءت فكرته لتجمع وتضم كل المهتمين بقضايا المرأة والذى نجح حتى الآن فى ضم أكثر من 5000 عضو له. والتحالف يهدف إلى رصد البرنامج الانتخابى للمرشحين لنسألهم عن وضع المرأة. وتنظيم لقاءات جماهيرية فى مراكز الشباب والنقابات والجمعيات الأهلية وذلك لعمل تعبئة للمجتمع ولننمى الوعى الشعبى والحفاظ على المكتسبات التى حققتها المرأة.
ولأننى لا أريد أن أترك فكرة الخوف من سيطرة التيارات الدينية على البرلمان المقبل فكما يظهر بوضوح أنه كان لإيمان بيبرس مبرراتها فى خوفها من سيطرة التيارات الدينية على البرلمان بمنتهى المنطقية والعاطفية والثورية معاً لأنها استشعرت ذلك فى أعقاب تنحى مبارك وقالت لى بمنتهى الصراحة:«الثورة تم خطفها عندما خطب القرضاوي فى ميدان التحرير».
كما أنها ترى عن كثب الدعاوى السلفية لعودة المرأة إلى البيت ومنعها من العمل. كما أنها ترى أن هؤلاء الإسلاميين يعتبرون كل شىء بدعة من عمل الشيطان. وكل همهم تنقيب النساء. وهنا نبهتنى بسؤالها:«هل من يريدون تنقيبهم هم فئات النساء الشعبيات اللواتى يخدمن فى البيوت ويعملن ليمنحن عرقهن لرجال من الأزواج العاطلين؟ ثم أجابت عن نفسها لا يا سيدتى هؤلاء يريدون تنقيبى أنا وأنت. ولا يريدون صوتى وصوتك. صوت المرأة المتعلمة المثقفة التى تشغل مناصب. صدقينى. مفيش دولة سيتم بناؤها إذا كان هناك تمييز ضد أى عنصر من عناصرها ومصر عمرها ما هتبقى زى أفغانستان. وأننى أحترم الإسلام وأرى أهمية توضيح كيفية نُصرة الإسلام للمرأة والذى يقول غير ذلك لا يعرف الإسلام.
ولذلك تؤكد لى: أن حملة صوتى ليس عورة هى مواجهة لكل من يردد فى الإعلام أن المرأة مفسدة وعورة وسلعة ولا تجب مشاركتها فى الحياة السياسية. وأن تلك الحملة قامت بها نساء مصريات شريفات لن يريضين أن يكن عورة. ورجال مصريون شرفاء لن يقبلوا أن تكون أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم عورات! وأن تلك الحملة لكل مصر بدءاً من بائع الخضار والنجار وعامل النظافة. إلخ وصولاً إلى الأكاديميين والجامعيين والتكنوقراط.
ثم قالت إن الهدم أسهل من البناء وأنا أريد أن أسأل الإخوان وغيرهم من الإسلاميين ممن يتحدثون ويريدون الحصول على المقاعد فى مجلس الشعب وهم يسعون لأكثر من ثلث مقاعده: «هل لديكم خطة وبرنامج شامل للتنمية فى مصر. والخطة التى أسأل عنها خطة زمنية واضحة المعالم. إننى أريد أن يقدموا برامجهم على المدى البعيد للاهتمام بالتعليم وتطويره وكذلك الإعلام وما يتناوله من قضايا المرأة. ثم قالتها لى بمنتهى الأسى وربما تكون السخرية المريرة مما نراه من تناقضات هى الدافع: «والله أنا مستعدة أن أنتقب لو قدم الإخوان والإسلاميون حلولا اقتصادية لمشاكل مصر».
وحدثتنى د. إيمان بيبرس عن نشاطها فى مجالات العمل الاجتماعى منذ سنوات، حيث اهتمت بقضايا فائقة الأهمية من قانون الجنسية. وأزمات المرأة المعيلة، وأشارت إلى أن المجلس القومى للمرأة كان يأخذ كل تلك الجهود «على جاهز»: «وكنا نعمل دون أن نهدر وقتنا فى الكلام وكنا نقدم طوال الوقت الشهادات الحية والأفلام التسجيلية، وبرغم أننى أقول إنهم كانوا يأخدون ما نقوم به لم يكن يهمنا ولم نكن نعترض لأن المهم أو هدفنا الرئيسى كان طوال الوقت هو وصول الرسالة. والقيام بالعمل فى الشارع وفى المناطق الشعبية والعشوائيات وكان هدفى الوصول إلى الناس فى السبتية. وعزبة أبوقرن. والمدابغ ومصر القديمة ومنشية ناصر وحلوان. ومناطق الناس ساكنين فيها بدون مياه وصرف صحى. وحتى هذه اللحظة إننى مصرة بشكل ملح على أن أعمل مع النساء الشعبيات غير المتعلمات وكم رأيت تلك المرأة «جدعة» وقوية.
ثم تحكى لى د. إيمان بيبرس عن تجربتها عندما ترشحت بشكل مستقل عام 2007 وموقف هؤلاء الناس أولاد البلد الجدعان: أنا نزلت ضد الحزب الوطنى فى المنيل فى عز قوته وأحمد عز تحدانى وقال لى «هفعصك» وكان النساء والرجال بجوارى وتم ضربهم وهنا أضافت وأكدت لى: أن النظام لم يقدم لهؤلاء المصريين فرصة لحياة أفضل، أما عن نشاطى فيما يخص التنمية الاجتماعية فنحن لا نمنح هؤلاء القروض اعتباطاً ولكن نحاسبهم عما فعلوه بها. وأنا لا أقدم لهم مجرد نصائح فحسب ولكن أتعامل معهم بشكل يومى وأصحح المفاهيم بشكل عملى لتلك الطبقة المطحونة والنساء المقهورات.
وأخيراً قالت لى د. إيمان بيبرس: إننى أقدم دعوة مفتوحة للجميع للتعرف على «التحالف الشعبي مع نساء مصر» في إطار حملة انتخابات «مصر أمانة» وأننى أبث رسالة عنوانها أيضاً «اعرف.تختار صح». 
وهكذا تكلمت امرأة مصرية بمائة رجل. ألم أقل أنها بصراحة أعجبتنى.وإننى أتمنى أن تتكرر نماذج مستنسخة منها ربما يعتدل المائل!
 

اكتوبر 2011
1
سلَطة بلدى (!)
المصدر: الأهرام العربى   1 اكتوبر 2011
بقلم:   دينا توفيق

علينا أن نأتى ببرلمان بعد ثورتنا المجيدة يصوغ طموحاتنا حتى لا ينطبق علينا المثل القائل "تمخض الجبل (الشعب وثورته) فولد فأراً (برلمان مسلوق ودستور معوق يربطنا به ليعيد الكرة الفاسدة!)
أفضل وسط البلد وأجده المكان الأنسب لشكل حياتى التى ما إن استقررت بها حتى شكلت هى حياتى من جديد. أحب مقاهى الشوارع البلدى وجلساتها وبصحبتى دوماً أصدقاء. أحب ناس البلد وأولادها ولقد عقدت تعارفات عِدة مع هذا النوع من ناس مصر البسطاء، ووجدتهم أكثر حيطة ممن يدعون العقل والرزانة، لأننى فى المقابل أرى أن الحكمة المدعاة مصيبة وكارثة قومية لابد من مقاطعتها، ووجدت أيضاً أن ناس بلدى قرروا فى أعقاب الثورة فى غالبيتهم أن ينفروا من تلك الادعاءات القميئة، فكنت أسعد بمن يسألنى عن معلومات قد أعرفها فأقولها وقد لا أعرفها، فنبحث عنها معاً أما أشد ما أمقته فهؤلاء الأنصاف الذين يطلق عليهم الكلمة المتداولة بالفرنسية «المديوكر» أو أنصاف المثقفين. هؤلاء المزعجون أمقتهم وهم سبب تراجعى أحياناً عن النزول من أصله من بيتى لقضاء أمسية أو حفل توقيع كتاب أو ما شابه من أحداث وسط البلد الجميلة، لأننى أعرف أن كثيرين منهم سيكونون بها. ولكن فى المقابل لدى صديق يهوى الدخول فى جدالات مع تلك الأشكال، بل يسعى إليهم سعياً حثيثاً ويعتبرهم كنزا و«لِقِية» لابد من الاستمتاع بالعبث بها ومعها حتى التخلص من شرورها وإجبارها على الصمت فى حضرته 
المهم وعود على بدء فإن وسط البلد هو الجوهر فى مشروعاتى الإنسانية والعملية ومحورها النابض بالحياة، ومما زاد اعتزازى بالمكان كون التحرير هو القلب النابض لمنطقتى الحبيبة التى هاجرت إليها من موطنى الأصلى بمصر الجديدة منذ سنوات، ولم أفارقها فى أغلب أحداث الثورة الجسام ولم أخف ولم أحزن وكنت من الصابرين.
سُلطة. أم سلَطة بلدى؟!
أهوى التحليل اللاحق بتأن ولذلك أقول لكم. كانت أحداث ليلة الجمعة 9 سبتمبر «تصحيح المسار» كافية لإيضاح حجم التوتر الذي يعكر ويشوه وجه ثورتنا عنوة ولكن يظل والأصل أن الثوار أبرياء مما ألصق بهم وكانت هناك أحداث كافية أكدت من جديد أن المصريين مصممون على إنجاز المهمة الجوهرية باستمرار الثورة وأنهم لم يهنوا ولم يتباطأوا ولم يتكاسلوا عن النزول لتأكيد رفضهم لأى خلل فى إيقاع الميدان ولكن الرسالة وكما أعتقد لم تصل المجلس الأعلى للقوات المسلحة وبدلاً من الاستجابة للناس يُصدر المجلس باسم الحكومة ما أدى الى تفاقم حالة التوتر وتلى ذلك إجراءات أراها تعسفية ضد الشعب باعلان الطوارئ ومهاجمة مقاهى وسط البلد موطن الثوار. وبدا الأمر وكأن لا أحد يعبأ بالمرحلة الانتقالية المتعثرة. فهل لا يهم المسئولون عن إدارة البلاد الانفجار الجماهيري التالى المرتقب والذى تؤكده الشبكة العنكبوتية الفيسبوكية وإرهاصات ما بعد الأحداث وظهور المستشار طارق البشرى وهو رافض لما يبطنه المجلس من نية استمرار فى حكم البلد برغم انتهاء مهلة الـ6 أشهُر التى حددوها بأنفسهم؟! 
ولأننى لا آخذ رأس القبة وأطير، فقد فهمت أنه بالرغم من أن المدة المسبق تحديدها أى الـ6 أشهر تلك لم تنقض وكان باقياً عليها أيام، فالمجلس العسكرى بالتالى يمكنه الدخول فى الإجراءات للإعداد للانتخابات بسرعة. ولكن لماذا كان فعل التأخير؟ ولماذا فعل العجلة؟
لا أجد إجابة منطقية وأحتاج إلى واحدة! 
آه منك يا سُلطة. نفسى فى سلَطة بلدى! 
أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ 
ولأننى أيضا أحب المراقبة عن بُعد فقد راقبت ما حدث طوال شهور التى أعقبت سقوط نظام مبارك حيث حدث انشغال فى الساحة السياسية بالانتخابات أولا أم الدستور، ويأتى الجزء الأكثر إثارة هنا فالعسكري لم يستجب فورياً للاعتراضات على قانون الانتخابات البرلمانية ولا على تقسيم الدوائر الانتخابية، حيث كانت تميزُ من الغيظ كل القوى وتجتمع على رفضها لحالة انعدام التوازن التى ندخل بها على الانتخابات، ونحن لا نعرف كيف ستكون آليات الانتخاب بدءا من بطاقة الرقم القومى، وصولاً إلى الدوائر والمراكز المطلسمة الهويات والتعدادات والجداول الانتخابية. وهنا لن أدخل فى التفاصيل، حيث إن الشيطان يكمن فى التفاصيل وأعرف أن الكلام لن يعجب أحد الأصدقاء والزملاء الذين أعتز بهم وهو يرى أن الحقيقة تكمن فى التفاصيل. وهنا أيضاً ومن باب إرضاء الضمير يجب أن أنتبه وأنبه إلى أن تحديد موعد فتح باب الترشيح والانتخابات يأتى فى توقيت غريب وفى «الزنقة وبكروتة وسربعة» والأكثر غرائبية الانصراف التام عن سيرة وموعد الانتخابات الرئاسية! والحقيقة الدامغة هنا أننا لسنا فى عجلة من أمر إخراج برلمان كما أرى ويرى غيرى أكم من المصريين وأننا لا يجب أن نخضع لإرضاء أصحاب الضغوط، لأن ذلك لا يليق بنا نحن الشعب الذى منذ ثورتنا فى يناير الماضى عشنا بلا أمن وبلا دستور وأثبتنا أننا متحضرون فلا يمكننا أن نغامر بتلك الانتخابات المرتقبة التى ليست كأى انتخابات، بل هى من ستولد لنا برلماناً ينبثق عنه دستور يُشكل مستقبل أمتنا وإعادة صياغة دستورنا. وعليه فلابد النظر بالتالى للأمر بعين خاصة وليس بشكل أقل إحكاماً من النظام السابق الذى كان يعد برلمانات محكمة فى فسادها وتدليسها وفى المقابل علينا أن نأتى ببرلمان بعد ثورتنا المجيدة يصوغ طموحاتنا حتى لا ينطبق علينا المثل القائل "تمخض الجبل (الشعب وثورته) فولد فأراً (برلمان مسلوق ودستور معوق يربطنا به ليعيد الكرة الفاسدة (!) وكما قال لى المستشار محمد الدمرداش متسائلاً (وهو قاضٍ يحترم الناس ويتواضع لهم) هل نحن جاهزون لإدارة العملية الانتخابية بصدق وشفافية حتى وإن تم إرساء قواعد للانتخابات؟
هل نحن جاهزون بلجان ونقل صناديق وإعلان نتائج فى وقت يعلم الجميع فيه أن أسهل شىء هو الحصول على سلاح زان إلى هذه اللحظة لا تزال الشرطة غير مستعدة؟ والأخطر كما أكد لى: لابد أنه ننتبه إلى انهيار قدسية المحاكم، حيث أصبح القضاة يلجأون الآن فى بعض الدوائر لعقد جلساتهم بغُرف المشورة طلباً للأمان الذى لا تستطيع الشرطة توفيره بقاعات المحاكم! ثم هب أن حدثت طعون على النتائج الناتجة عن تعقيداتهم اللوغاريتمية، ولا يسلم الأمر من صدور أحكام قضائية ببطلان دوائر نتيجة هذا الإسراع غير المبرر لإجراء الانتخابات، فأيها السادة وحسب المستشار الدمرداش هذا سيعود بنا إلى نقطة البداية، لأننا باليقين سننفذ تلك الأحكام وإلا سنعود إلى دولة مبارك إن لم ننفذها! وبناء على ما فهمته من أمور كارثية معقدة يمكن أن تداهمنا فى المرحلة المقبلة بأنه لا يوجد ما يمنع ترشُح الأعضاء السابقين للحزب الوطنى نتيجة عدم تطبيق نصوص قانون الغدر والعزل السياسى. فتطفوا على السطح مسالب الترشيح الفردى من رجال أعمال بسطوة الاسم والمال والأحزاب الجديدة لفلول الحزب الوطني. ولا ننفى هنا عيوب القوائم الأخرى التى جاء تنسيق ما ستكون عليه على عجل للمترشحين والناخبين معاً! وتبرز حقيقة مهمة وهى تقسيم الدوائر الانتخابية إلى دوائر جغرافية ضخمة كما أكد لى د. الدمرداش. ولا نعرف كيف يمكن إنقاذ الموقف وتقسيم الدوائر تقسيماً أصغر وأكثر إنصافا وعدالة وعدم تغيير إرادة الناخبين. ولذلك نجأر بها: لماذا الاستعجال ونحن لا يمكننا تعديل الاختلال فى نظام الانتخابات؟
نقطة نظام
- كيف نمنع الجبل أن يمخض ويلد فأراً إذا كان فى وجهنا نظر! 
- ولصديقتى أخت الشهيد «زياد بكير» ولروحه الطاهرة أقول: ورغم رغم يا «ميريت» الجميلة. كما الثورة كما الحب. وكما الورود كما الصباحات تتنفس الحرية. كما المعنى تماماً. وليكن صباحكم ورود اًبلون الثورة. حمراء قانية الدماء. طاهرة كما الشهداء.
 
سبتمر 2011
10
تحيا مصر
المصدر: الأهرام العربى 10 سبتمبر 2011
بقلم:   دينا توفيق
 
دينا توفيق

درس خصوصى لشرح ما جرى فى ثورة المحروسة.
أيها السيدات والسادة الكرام. إن توثيق ثورتنا لأمر مهمٌ وحيويٌ للغاية، ويحتاج إلى ألفاويات من التدوينات والشهادات التوثيقية لما يجرى وقد يصل إلى المليونيات (من باب الوصف المعاصر لكلماتنا ومصطلحاتنا الثورية) فكل منا عليه أن يُدون ما يرضى ضميره ويخفف عن كاهله أن امتلك ناصية العبارة، بل وعلى كل من لم يكتب أن يتكلم ويحكى والنت مليء بالمدونين والكَتَبة والكُتاب. والكُل عليه أن يحكى ويحكى ويحكى. فثورتنا تحتاج إلى محللين اقتصاديين وسياسيين واجتماعيين ونفسيين. وثورتنا (يا خلق) ليست (سبوبة) وليست سوق عكاظ وإن حاول البعض وسيحاولون مؤقتاً وستُعدل الثورة مسارها. ولن يصح إلا الصحيح فى النهاية أنا على يقين تام من ذلك. ومن بين التدوينات الماضية والحالية والمستقبلية والتدوينات التى ستتراكم سنجد جهابذة وعمالقة أفذاذا وسنجد أقزاماً ضعافا يمكن فرمهم تحت أحذية رجال كلمة آمنوا بالحرية والعدالة والفكر السليم. وسنجد من بين الشروح ما سيفسر لنا ما حدث وما يحدث من تباين ووجود شعب ينقسم بين ثوار وكنب وفلول!. ومن تلك الشروح ما يقول بأنه فى عهد مبارك لم يكن الفساد والإفساد قاصراً على الشعب بفئاته الفقيرة والمتوسطة بل كان يستغل فئات عُليا وللأسف كان ذاك النظام مهيمناً على السلطة بحيث تورطت تلك الفئات على قول صديق أجله وأحترمه للغاية، وهو كاتب ومحلل مخضرم وقد تعرفت عليه على الفيسبوك ويُدعى "الأستاذ أحمد عبدالعليم" ومناضل قديم وهو صديق كفاح الصبا والشباب والمد الثورى العظيم والمعتقلات فى خمسينيات وستينيات هذا الوطن. أحمد عبدالعليم الذى كان صديقاً لكل من الشاعر الكبير وقلب مصر المتألم الرائع فؤاد حداد وروح الكلمة المصرية المعجونة بالحلاوة عم صلاح جاهين. وحما ابنته سامية (صاحبة الآداء المُزلزل الهادر بفرقة إسكندريلا) الرجل الجليل والمفكر الذى أصنفه فيلسوفاً (وهو أعتقده من مؤرخى الثورة الذى سينظر المستقبل إلى ما كتبه بعين التقدير) قد كتب تحليلاً عبقرياً لما هو قائم واستوقفنى بمنتهى عمقه ومنطقيته، وياليت من يكتب للناس على صفحات جرائدنا ومجلاتنا يتبع ذاك المسلك الذى عاهدت نفسى أن أكون تلميذة له ويقول أستاذى أحمد عبدالعليم بأسلوبه ليس الرصين فحسب بل العميق بطلاوة، وليس السهل الممتنع وإلا سنجور عليه ولا نمنحه حقه (وكانت تلك ديباجة لابد منها وإلا كنت متجنية غير منصفة) وأعود لأكتب ما قاله عما حدث فى نظام مبارك وما تلاه: 
إن النظام قد شمل نخباً وفئات اجتماعية كان من الطبيعى أن تنتمى إلى "النظام" لولا تشبثه باحتكار السلطة وحصرها فى دائرة العائلة و"محاسيبها"، وهو ما جعل ذلك النظام السياسى أقرب ما يكون إلى
"حكم عصابة اللصوص" أو ما يسميه العلم السياسى "الكلفتوقراطية" (من كلمة كليفتى: حرامى)
والسؤال كما طُرِح فى الشرح المُدون: هل حاول أحدكم أن يتصور حجم المليارات التى نهبت من خلال قروض البنوك؟ والمليارات التى نهبت من خلال "بيع" أراضى الدولة؟ 
والمليارات التى نهبت من خلال عمليات الخصخصة و"بيع" أصول القطاع العام بتراب الفلوس؟ والمليارات التى سُلبت من خلال العمولات والإتاوات والابتزاز والرشاوى و"إسناد الأعمال بالأمر المباشر"؟. 
إن هذه "الكلفتوقراطية" وأسلوب البلطجة الفج الذى استخدمه النظام فى إدارة الدولة وفى إقصاء كل المنافسين بالتزوير والقمع والابتزاز وتلفيق التهم، كل تلك السمات البشعة كان لابد لها أن تؤدى إلى استثارة نفور وعداء وأحقاد نخب سياسية لا تختلف رؤيتها للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، فى خطوطها العامة، اختلافا كبيرا عن سياسات "النظام". أيها السيدات والسادة الكرام. وفى شرح ما جرى أقفز إلى ما ذكره الأستاذ أحمد عبدالعليم بقوة حُجة وبرهان، مشيراً إلى أن تيار "الإخوان المسلمين" كان كذلك داخل قوى "ثورة 25 يناير" ويندرج فى نهاية المطاف ضمن ما يسميه الكاتب بـ "القوى الوسطية". ولتلك التسمية شرحها أيضاً حيث يقول: إنك حين تلقى نظرة سريعة على تاريخهم ابتداءً من عام 1928وحتى الآن تدرك أنهم كانوا دائما قوة "محافظة"، بالمعنى السياسى والاجتماعى والاقتصادي، ولم يكونوا فى يوم من الأيام، سواء فى العهد الملكى أم فى عهود "عبدالناصر" أم "السادات" أم "مبارك"، قوة يمكن أن توصف بـ"الثورية" على أى نحو من الأنحاء. وكلنا يذكر ما حدث بالأمس القريب: فلم يكن "الإخوان المسلمون" بين القوى التى تدافعت إلى الميدان منذ اللحظة الأولى كى تشعل شرارة الثورة، بل كانت لهم حساباتهم ومحاولاتهم لمساومة "النظام" تحسبا لاحتمالات نجاحه فى قمع الثورة، ولم يجدوا غضاضة فى الذهاب للحوار مع "عمر سليمان" بينما كان الشباب فى الميدان يرفض هذا الحوار العبثي، والشهداء يجودون بأرواحهم، وإعصار الثورة يجتاح الوطن من أقصاه إلى أقصاه. 
ويضعنا الشرح الذى وضعه لنا الأستاذ والمفكر أحمد عبدالعليم على درج الخُلاصة التى يؤكد فيه أن ديكتاتورية النظام "الكلفتوقراطي" وسياساته الإقصائية كان من شأنها توسيع نطاق أعدائه وخصومه، مع تفاوت درجات اختلافهم معه أو رفضهم لسياساته، بحيث وجدنا الغالبية الساحقة من المصريين تتدافع فى النهاية إلى الشوارع والميادين مصممة على "إسقاط النظام". هذا الاتساع فى أطياف القوى المشاركة فى الثورة يستتبع بالضرورة إمكانية انسلاخ البعض عنها وتوقفه فى الطريق وينبهنا الكاتب الجليل برصانته قائلاً: أليس هذا ما حدث، بالمناسبة، فى كل ثوراتنا السابقة: فى الثورة العرابية، وفى ثورة 1919، وحتى في ثورة يوليو 1952 وإن كان ذلك بصورة أشد تعقيدا وأقل وضوحاً؟ وكأن أحمد عبدالعليم فى رصده يأخذنا من أيدينا ليرينا ما نتعامى عنه (قد يكون بحسن نية) راصداً ما يجرى من خطاب إعلامى مرتزقى يعلى صوت الفلول ليقول برصانة فيلسوف: إذا أضفنا إلى ذلك الأموال الطائلة التى يملكها محاسيب عائلة مبارك وقدرتهم على توظيف جيوش من البلطجية ومرتزقة الإعلاميين، والرعب الذى تثيره حركة الجماهير ومطالبها الاقتصادية في كبار رجال الأعمال وفى الطبقة الفاحشة الثراء عموما، وخوف  محاسيب نظام مبارك وزبانيته، الذين لم تسلط عليهم الأضواء بعد، من أن تمتد إليهم  يد الجماهير الساخطة، بل و حرص غالبيتهم على بقاء "الفساد" الذى يتيح لهم شراء كل مايريدون شراءه. ويا أيها السادة آن الأوان لنقف على الدرج الأخير على المحطة وننزل من القطار أو من الطائرة أو أى مركبة نستقلها ونحمل دفاتر التدوين التى حصلنا عليها من رجل يمكن أن نعتبره شاهداً على الثورة ومحللاً. والذى سأترك له الكلمة الأخيرة، حيث يقول المفكر أحمد عبدالعليم: تبقى بعد ذلك كله حقيقة جوهرية يعرفها كل دارس لتاريخ الثورات. وهى أن الذى يقوم عادة بالدور الحاسم فى أية ثورة هو القوى المتطلعة إلى التغيير الجذرى والأشد عداء للنظام القديم. والقوى التى يمكن أن ينسحب عليها هذا الوصف فى ثورة 25 يناير، لم تتمكن حتى الآن من توحيد صفوفها حول رؤية محددة للتغييرات السياسية والاقتصادية المطلوبة. 
وهذا هو الخطر الأكبر الذى يواجه ثورتنا الآن الوقت ليس فى صالح القوى الثورية! الجهاز القمعى الذى دحرناه يعاد بناؤه الآن!
يا ثوار مصر اتحدوا قبل فوات الأوان! لو هُزِمت هذه الثورة فسيكون الثمن الذى يدفعه الثوار، والشعب كله، فادحاً وربما أفدح من الثمن الباهظ الذى دفعوه فى انتصاراتها. فى صالة الوصول. وفى الميكروفون: الشعب يريد. بل الشعب أراد الحياة فسقط النظام. والشعب يريد ثورته فدافع عنها ليرفع رأسه للأبد. "تحيا مصر".
 

اغسطس 2011
20
صلاح عنانى فنان وسياسى استثنائى: وكم ذا بمصر من مضحكات
المصدر: الأهرام العربى
بقلم:   دينا توفيق
 
الصور اهداء من الفنان محمد عبدالعال

رجل سريع الطلقات مباغت جرىء وكلامه كزئير الأسد. هكذا رأيته بناء على ملاحظتى له لزمن. أراه وهو يتكلم فيهُيؤ لى أنه يصرخ. يتكلم ويتكلم حتى ينسال منه جنون الحكمة المبدعة. جنونه الذى هو عين العقل وعلى منصته فى قلب الميدان. الناس تسمعه وتراه ينجح فى أن يجعلهم ينفذون بعضاً مما يقول. يدفعهم دفعاً لإعمال عقولهم التى تعطلت بفعل فاعل. وفى البدء باغتنى الرجل الممزوج بحكمة الجنون بتساؤلاته التى ترسم الواقع بلا رتوش وكأنه يقول للجميع.
«اللى مايشوفش من الغربال يبقى أعمى» ثم يواصل:
هُما عايزين إيه بالضبط؟
هل هى الدولة المدنية فى مقابل الدولة الدينية؟
أم الدولة المدنية فى مواجهة الدولة العسكرية ؟
وبعدها يُباغتنى برأيه فيما يحدث «على بلاطة» آتياً ببيت أبو الطيب المتنبى الشهير: وكم ذا بمصر من مضحكات ولكنه ضحك كالبكاء.
الرجل هو الفنان التشكيلى الثورى د. صلاح عنانى أول من أسس قصر الغورى وترجم شخصيات نجيب محفوظ وقربها من حس الناس.
إنه صاحب الاختراعات الفكرية الثورية والذى يقولها بملء الفم "أنا الشعب".
وعندما سألته.
- شايف ثورتنا إزاى؟ 
أقسم لى أنه رأى ما رسمه لقطة لقطة فى الميدان.
فلم تكن تلك ثورة الشباب وحدهم
بل كانت ومازالت ثورة شعب.
إننى أرى أولاد البلد هم المحرك الرئيسى وروح الثورة الحقيقية. لأن ثورتنا لم تكتمل، وأنا واثق أن البداية كانت مجرد إرهاصات للثورة بخلع مبارك وإظهار الفساد وإقصاء رموزه لكن الثورة الحقيقية بدأت مع اعتصام التحرير فى 8 يوليو 2011 .
وهنا يجب أن أشير إلى أن هذا الرجل الفنان الثورى قد دون فى لوحته العبقرية التى توج بها حضوره البهى الفاعل فى الثورة تفاصيل ما رآه من بسطاء أو الشِعب بكسر الشين، كما يهوى أن ينطقها فهو يرى أن الثورة صارت عملاً شعبياً الآن وأن الشِعب هو الفاعل. وأن الشعب قرر أن الحكاية لا يمكن تستمر(كده!) ولبوا نداء الشباب وخرجوا إلى الميدان.
وقالها بصدق. بمنتهى الصدق: لست أظن أن حشداً ثورياً مثل الذى حدث فى 25 يناير قد سبقه حشد مماثل على امتداد التاريخ.
لقد كانت الصورة كما رسمتها هى ذلك الحشد الشعبى الثائر والرافض لشكل الحُكم وطبيعة الحياة المُعاشة، بعد أن أدرك المصريون مدى رداءة أدائهم المعيشى فى حياتهم اليومية، وكذلك صورتهم الخارجية. مع إدراك باطنى لمدى اهتزاز صورتهم فى أعين العالم المحيط بهم سواء الإقليمى أم العالمى وكما قال لى:
لعل ذلك السبب فى تقديرى الشخصى هو من أبرز الدوافع التى كانت وستظل تحرك العقل الجمعى فى مصر.
فقد كان دوماً المصريون وعبر فترات التاريخ الممتد العمق والثبات تحركهم الرغبة فى إدراك اللحظة المُعاشة والحرص على تصدُر المشهد الإنسانى كما كانوا فى الفترات التاريخية المهمة والنقلات الإنسانية الكبرى.
فى ظل الوضع القائم كما أخذ صلاح عنانى يصرخ فى وجهى بصوته الخشن القوى الاعتيادى المبدع:
إن ما نحن فيه الآن هو فرصة للكلام وكلما أتيحت الفُرص للمزيد من الكلام ستخرج الأفكار للوجود ولأرض الواقع. مع إتاحة فرصة أكبر لإرساء أفكار مثل الديمقراطية (وهى للعلم كلمات ومصطلحات مستوردة تناسبنا أكثر منها كلمة العدالة) والمواطنة بمعناهما الحقيقى الواقعى البعيد عن الصور النمطية.
لقد توقع الرجل الفنان من الشباب ما فعلوه بناء على تعاملاته المتصلة معهم كأستاذ جامعى قريب منهم. قادر على فهمهم، لقد كان الرجل متوقعاً لثورتهم بناء على مذاكرة للتاريخ والجغرافيا والسياسة وأدمغة الشباب.
اسمي عنانى لوحته "أنا الشعب" لأنه الباحث بدأب ونهم عن الشخصية المصرية مروراً من جمال حمدان إلى سيد عويس ومشاهداته وقراءاته العميقة السياسية.
فكانت التفاصيل التى لن تروها إلا فيما يرسمه هذا الرجل
ستشمون طين الأرض وورد الجناين وستشمون العرق ممتزجاً مع رائحة الفل بعد العصارى على كوبرى قصر النيل الذى عبره الثوار بدمائهم وصولاً إلى الميدان.
ولقد أعجبتنى لك عبارة قلت لى فيها صلاح عنانى وكأنه فيلسوف يلقى أكبر جملة فلسفية بمنتهى البساطة على تلميذة نجيبة من تلامذته: يا سيدتى إن المطروح على ساحة الثورة الآن وبعد مرور عدة شهور، هو نوع من خلل المعادلة القديمة الجديدة دائمة التكرار. الأمر الذى يجعل السؤال الجوهرى الجدير بالبحث عن إجابات له هو:
كيف ينزلق المصرى من المهارة والحذق ليتحول فى لحظات الحرص الشديد إلى سذاجة الدخول فى التفاصيل والانكفاء على الذات، مما لا يسمح له برؤية المكسب الكُلى والانخراط فى جدل الشكلانية وتصبح القضايا على درجة من الحِدة والتعارض وشدة الاستقطاب بما لا يتماشى وطبيعة ذلك الشعب.
وأخيراً.
وبمنتهى البساطة رفع كتفيه وزم شفتيه بطريقته المعهودة وقطب جبينه وأخذ يخلل أصابعه فى شعره ويقول لى:
أنا بقول كلمتى وبرسم لوحتى وبمشى. وسأظل لآخر نفس أفعل ذلك دون أن تشغلنى أى معادلات تخرجنى من صفوف ذلك الشعب.
وسأظل أصرخ: "أنا الشعب" وبمنتهى الفخر".
 


No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.