Free Web Submission http://addurl.nu FreeWebSubmission.com Software Directory www britain directory com education Visit Timeshares Earn free bitcoin http://www.visitorsdetails.com CAPTAIN TAREK DREAM: من مقالات الرائعة دينا توفيق - الجزء الثانى

Tuesday, March 20, 2012

من مقالات الرائعة دينا توفيق - الجزء الثانى

30 يوليو 2011

محمد الدماطى وكيل نقابة المحامين ورئيس لجنة الحريات: قانون الغدر لايزال معمولا به
المصدر: الأهرام العربى 
بقلم:   دينا توفيق

 
من أعظم ما ثار حوله الحديث مؤخرا بحسب وجهة نظرى المتواضعة هو إمكانية تطبيق نص قانون الغدر الذى نشأ بالمرسوم رقم 344 لسنة 1952 ويقضى بتشكيل محكمة غدر توقع العقوبات على رموز النظام السابق الفاسدين. وبرغم استهانة البعض بالعقوبات فيه والتى قد تكتفى بالحرمان من العمل السياسى، إلا أننى أعتقد أن الالتفات إلى القانون «المنسى».
أو «المُتناسى» عمدا أرحم من «عبثية اللاشئ» التى تحدث عنها شاعرنا العظيم محمود درويش فى قصيدته الشهيرة «عن اللاشئ».
ولقد أوضح لى المحامى محمد الدماطى، وكيل نقابة المحامين، ورئيس لجنة الحريات الكثير من التفاصيل التى تقف عثرة معوقة فى طريق تطهير الثوب الأبيض الناصع لقضائنا المصرى من بقاعه السوداء التى لطخته.
كما أكد لى الأستاذ محمد الدماطى، وكيل نقابة المحامين ورئيس لجنة الحرياتبالنقابة يمكن تطبيق ذلك القانون لأنه سارى العمل به حتى اليوم بتشكيل محكمة «غدر» مدنية لمحاكمة الفاسدين، فالقانون موجود بالفعل ويتضمن كل المواد التى من شأنها إراحة الشعب المصرى ومحاكمة رموز النظام السابق فى قضايا الفساد السياسى، فالمادة الأولى من القانون تنص على تطبيق أحكامه على كل من كان موظفاً عاماً أو له صفة نيابة عامة وارتكب عملاً من شأنه إفساد الحكم والحياة السياسية بطريق الإضرار بمصلحة البلاد أو التهاون فيها أو مخالفة القوانين، واستغلال النفوذ ولو بطريق الإيهام للحصول على فائدة أو ميزة ذاتية لنفسه أو لغيره من أى سلطة عامة أو أى هيئة أو شركة أو مؤسسة، أو استغلال النفوذ للحصول لنفسه أو لغيره على وظيفة فى الدولة أو منصب فى الهيئات العامة. ففى كثيرٍ من القضايا لا نجد ما يثبت إدانتهم، وهو ما يكشف عن الفساد السياسى الذى أدى إلى القوانين القائمة التى لا تدين أعضاء النظام السابق، لذا لابد من تطبيق قانون الغدر. ويؤكد لى أنه تقدم للنائب العام منذ أيام ببلاغ هو ود. عبدالحليم قنديل ود. عبدالجليل مصطفى، منسق الجمعية الوطنية للتغيير، ود. إبراهيم زهران، خبير البترول والقيادى فى الحملة الشعبية لوقف تصدير الغاز لإسرائيل، ضد كل من عمرو موسى وعمر سليمان وعاطف عبيد، يتهمونهم بارتكاب جريمة الإفساد السياسى، وهى جريمة مؤثمة فى قانون الغدر وموجودة فى العقوبات وهى جريمة تنطبق عليهم، لأنهم سهلوا وساعدوا وحرضوا وزير البترول حمدى البمبى بالنسبة لعمرو موسى. ثم سامح فهمى بالنسبة لكل من عمر سليمان وعاطف عبيد فيما يخص تصدير الغاز بموجب الوثائق الموقع عليها منهم. 
ولقد كان الأستاذ محمد الدماطى، وكيل نقابة المحامين ورئيس لجنة الحريات بالنقابة من أوائل المحامين الذين نعوا القضاء المصري، وأكد أنه لابد أن يبدأ الإصلاح من القضاء المصرى وتطهيره حتي يكتمل البنيان جيدا، فالعدل لا يقام إلا بشفافية ونزاهة القضاء لأنه أساس الحكم.
وكان قد حذر مُسبقاً من إخلاء سبيل عدد من رموز الفساد وعلي رأسهم سوزان ثابت وزكريا عزمي وفتحي سرور. بل وكان قد ناشد المجلس العسكري وسلطات التحقيق والنيابة العامة والكسب غير المشروع بضرورة عودة الأمور لمسارها الطبيعي دون محاباة لأحد من رموز الفساد في النظام البائد ووضع الخطط والأفكار الجيدة لوقف الفوضي وأعمال الشغب، ولابد من بسط الأمن وسيادة القانون في الشارع وعدم التعامل مع المواطنين بعنف ومحاكمتهم أمام القضاء العسكري، فهذا لن يحل الأزمة في الفترة المقبلة.
ولقد أعجبنى الكثير مما قرأته على لسان الرجل وبخاصة دوره فى لجنة الحريات فيما قبل ثورة 25 يناير فقررت مقابلته بعد أن فوجئت وأنا فى طور الإعداد لما أكتبه عن إصلاح وتطهير القضاء بمنع تحدث القضاة للإعلام . ولقد أشار الدماطى إلى أن القضاء المصرى هو الحصن الحصين للأمة، وأن شأنه شأن أى منظمة، إذا كان الحكم فيها ديكتاتورياً فاسداً فيمتد الفساد إلى كل مؤسساتها. ولكن كان القضاء وكما يؤكد وللحق أقل المؤسسات تضرراً، وهو كالثوب الأبيض الذى تلطخ ببعض البقع السوداء وأن القضاء نوعان، القضاء العادى ومجلس الدولة الذى كان وقبل ثورة يناير قد قضى بوقف تصدير الغاز لإسرائيل وقضى ببطلان عقد مدينتى وبطرد الحرس والشرطة من الجامعات وبعد الثورة كان هو الذى قضى بحل الحزب الوطنى وبحل المجالس الشعبية المحلية وكانا رمزين جليين للفساد.
وهنا يوضح الأستاذ محمد الدماطى ما يخص القضاء العادى، حيث يقول: القضاء العادى يتكون من النيابة العامة والمحاكم. هم رغم تقديرى له إلا أننى وصفت التحقيقات التى تجريها النيابة العامة والكسب غير المشروع بأنها تباطأت ثم تواطأت. ويوضح هنا "لماذا؟" فيقول:
لأننا كلجنة حريات فى النقابة كنا أول من تقدم ضد مبارك وعائلته فى 7-2-2011 قبل التنحى ببلاغ للنائب العام بخصوص ثروته. ولقد سُئلت بعد تقديم البلاغ بيومين عن أسباب البلاغ. لكنه لم يُسأل إلا بعد شهرين من هذا البلاغ!
وكنا قد عقدنا كلجنة حريات بميدان التحرير محكمتين شعبيتين رأسهما المستشار محمود الخضيرى وكنت أُمثل فيهما الادعاء. وطلبنا من جماهير المتظاهرين وكان عددهم نصف مليون الذهاب إلى شرم الشيخ وإحضار مبارك. وبعدها بيومين تم القبض على مبارك وعائلته وزكريا عزمى وصفوت الشريف وفتحى سرور. والأمر الآخر أن النيابة العامة وجهاز الكسب غير المشروع أو قضاة التحقيق الذين تندُبهم النيابة العامة. هؤلاء يعتمدون فى استنباط الدليل على الأجهزة التى تعاونهم مثل مباحث الأموال العامة والمباحث الجنائية ومباحث جهاز الكشف والرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات. وكل هذه الأجهزة المعاونة وسلطات التحقيق هى أولاً بعضها متورط فى قضايا أساساً وسوف تكشف الأيام هذا التورط، والبعض الآخر على علاقات حميمة وأصدقاء لهم من ضباط وصداقات متينة بزملائهم، وبالتالى أعلنت وصرحت أن معظم الأدلة المقدم بها سواء قتلة المتظاهرين أو الفاسدين مالياً هؤلاء قدموا بأدلة لا ترجح إدانة المتهمين والدليل على ذلك 4 براءات ظهرت فى يوم واحد فى قضية أراضى أخبار اليوم التى بيعت لـ"بالم هيلز"!.
ويضيف الدماطى بعد أن فتح النار بصراحته ومسئوليته عن كل كلمة يقولها: الأمر الآخر عند لجنة الحريات هو تقدمنا إلى مجلس القضاء الأعلى وطلبنا بضرورة إلغاء قرار الحظر الصادر بمنع ونقل وتصوير وبث المحاكمات منذ أكثر من شهر. وأخيراً صدر قرار مجلس القضاء ببث هذه المحاكمات وتثبيت شاشات عرض لكى يعلمها الجمهور. ويظل السؤال: لماذا لم يتم الاستماع إلى مطلبنا منذ أكثر من شهر؟
ثم يضيف الأستاذ الدماطى قائلاً: عندما طلبنا تنحى القاضى عادل جمعة، رئيس الدائرة 4 جنايات التى يحاكم أمامها حبيب العدلى، وكتب حول الموضوع العديد من الكُتاب أمثال د. حسن نافعة وأ. فهمى هويدى، بل وبعض رجالات القضاء أمثال المستشار أحمد مكى والمستشار محمود الخُضيرى بما يمثلونه من ثِقل قضائى طالبنا وصراحة بتنحيه إلا أنه صمم وتمسك بهذه المحاكمة إلى أن تم رده والرد منظور أمام محكمة استئناف القاهرة.
وأخيراً وكما قال لى وأكد محمد الدماطى وكيل نقابة المحامين فتلك هى النقاط التى تلوث الثوب الأبيض الناصع للقضاء المصرى، وكان مُتعيناً لمجلس القضاء ورئيس محكمة الاستئناف ووزير العدل أن ينتبهوا لهذه المسائل كلٌ فى تخصصه.
وأخيراً وليس آخراً فالعدل هو أساس المُلك وليس لدى ما أقوله من مزيد!. 


30 ابريل 2011

الشعب «عايز يفهم فيه فلوس وللا مافيش»؟! 
المصدر: الأهرام العربى 
بقلم:   دينا توفيق
 
اسمعونى. وإدونى عقلكم وأنا هجننكم. قال السيد وزير المالية د. سمير رضوان إنه يطلب عشرة مليارات دولار من بنوك دولية ومجموعة السبع للدول الكبرى لمساعدة مصر في مواجهة الضغوط المالية المتزايدة ولقد قالها بالحرف الواحد «سأطلب منهم المساعدة وشاغلي الأول هو تخفيف الضغوط المالية».
ضغوط مالية ؟ طب بالعقل كده طوال الوقت ونحن نسمع عن أرقام مذهلة 100 مليار هى ممتلكات وأموال يمكن مصادرتها من نزلاء سجن طرة والهاربين خارج البلاد إدونى عقلكم.
لقد قرأت التقارير التى بالمستندات والتى تؤكد أنه قد وصل إجمالى الأموال المسروقة من دم الشعب إلى 2 تريليون و201 مليار و 812 مليون جنيه مسروقين من أموال مصر وإليكم قائمة كاملة: عائلة مبارك 420 مليار جنيه ومجدي راسخ 46 مليار جنيه وشهاب مظهر 8 مليارات جنيه وأحمد عز 200 مليار جنيه وأحمد المغربى 800 مليار جنيه وحاتم الجبلى مليار و190 مليون جنيه وهشام طلعت مصطفى 600 مليار جنيه ومحمد
أبوالعينين 100 مليار جنيه وأحمد عبدالسلام قورة 13 مليار و160 مليون جنيه وياسين منصور 9 مليارات جنيه وسليمان عامر 6 مليارات جنيه.
ولكننى عُدت تساءلت. هل من المعقول أن أصدق كل هذه الأرقام التى تعنى أننا من أغنى بلاد العالم؟ وكان النفى هو الإجابة والتشكيك أيضاً هو المعقول الوحيد. ولكن حتى لو لم تصدُق جميعها فعلى الأقل رُبعها يمكن أن يكون حقيقياً، فهذا يعنى أيضاً أننا من أغنى دول العالم. وبناء على ذلك هل من المعقول أننا نشحت 10 مليارات؟
شىء بالطبع استفزازى ومثير للتساؤل والدهشة والعجب العجاب و«اللخفنة».
وما زاد عليه أننى ومن جهة أخرى استمعت إلى ما قالته وزيرة التخطيط والتعاون الدولي فايزة أبو النجا، وهو أن مصر طلبت من الولايات المتحدة إعفاءها من 3.6 مليار دولار من الديون الثنائية لمساعدة الحكومة الجديدة للبلاد على استعادة الثقة وخلق فرص عمل للشباب !!
يا سادة حاجة تجن العاقل هو إحنا مش عندنا فعلاً فلوس ومال عام منهوب وتحت إيدينا بالفعل لدرجة يا سادة أن ملفات تُزكم الانوف ولاتُحصى ولا تُعد والأسماء الخفية الظاهرة فيها مذهلة والأرقام كثيرة ومرعبة، مثل آلاف الأفدنة ومساحات الأراضى والعقارات والممتلكات المنهوبة من مليارات الأمتار إلى مليارات الدولارات.
والحق الحق أقول لكم. إننى فى البداية ظننت أننى قادرة على فنون الجمع والطرح وبالتدريج شعرت أننى خائبة فى مادة الحساب بالعقل وإنى فعلاً محتاجة إلى مساعدة الورقة والقلم للإحصاء. ولكن أصارحكم أنه قد داهمنى الإحساس بالقرف والغثيان وأصابنى الصداع والدوار من كثافة الوقائع والمهازل والكوارث والفضائح والمصائب الخطيرة والمدهشة المتصلة والتى لا نهاية لها ولا عدد.
وكان بالطبع وبناء على غثيانى وقرفى وازدرائى للجرائم والنهب والسرقات المكشوفة واللى على عينك يا تاجر، علىَ أن أسأل ومن حقى أن أستمع إلى إجابات وإليكم ما أريد أن أقوله بالتفاصيل السياسية الاقتصادية الإنسانية يا سادة.
ولذلك تساءلت وعليكم أن تتساءلوا معى وتسألوا عن مُجيب وهو د. عصام شرف نفسه والذى يجب أن يطرح تلك التساؤلات على جهاز الرقابة الإدارية والنائب العام معاً ومواجهتهما ببعضهما البعض :
هل تم اختراع واستحداث وظيفة النائب العام وتعيينه فى مصر يوم 11 فبراير الماضى على وجه التحديد؟ وهل كان النائب العام ونوابه ووكلاؤه فى إجازة أو إضراب مفتوح طوال الثلاثين عاما المنصرمة؟ وهل كان يعلم أن من سلطاته تفعيل المصطلحات الشائعة فى هذه الأيام من نوعية تجميد أرصدة. منع سفر. تحفظ على أموال. الكشف عن ممتلكات. ضبط وإحضار .القبض على. تحقيق مع. فى جريمة قتل متظاهرين. وفى جرائم الإهدار والاستيلاء والتلاعب والإضرار العمدى بالمال العام والاعتداء على ممتلكات الدولة والاحتيال والنصب وخيانة الأمانة والتربح والتعذيب.؟ وهل لم يدرك من البداية أن جهاز الكسب غير المشروع جهة تابعة له ؟وهل أخبرته ثورة 25 يناير وانتفاضة شباب مصر - التى انحنى لها العالم اعتزازاً وإجلالاً وتقديراً وإعلاناً عن حضارة وشرف وكرامة وطن - أن من سلطاته نيابة عن الشعب تحريك الدعاوى الجنائية وتوجيه الاتهام للفاسدين منفرداً دون إبلاغ أو إخطار أو انتظار تعليمات من أى جهة رقابية أوسيادية أو رئاسية ؟ وهل فوجئ النائب العام أن الوزير والحاكم المتهم يمكن حبسه 15 يوماً على ذمة القضية أو قل قضايا. وترحيله إلى طرة طرة طرة سواء كانت بورتو أم مزرعة أم لاند، (!)حتى ولو كان رئيس الجمهورية تمهيدا إلى تحويله لمحكمة الجنايات؟ وهل عرف النائب العام طريق مخاطبة الإنتربول لضبط لصوص المال العام الهاربين؟ وهل يعى النائب العام اليوم أنه يمارس سلطاته المستمدة من ميدان التحرير حيث كان الشباب والشعب بكل فئاته تقف تصرخ ويسقط منها الشهداء من أجل الحرية وسقوط أزهى عصور الفساد؟ 
وتانى تانى هاقولها. 
اقرأوا معى وركزوا أرجوكم فى الأخبار الطازجة. تأكد تهريب حسين سالم لمبلغ 500 مليون دولار أموالاً سائلة أثناء الثورة. وهناك الجديد فى المعلومات عن أملاك عائلة مبارك فى ألمانيا تديرها شركة عقارات فرنسية، منها مبنى مؤجر لوزارة الخارجية الألمانية وآخر فى مدينة بريمن، والبقية تأتى. وتوجد تقارير من هيئة النزاهة المالية الدولية أن حجم الأموال التي تم تهريبها من مصر منذ عام2000 وحتي2007 تجاوز57 مليار دولار، وأن إجمالى ما تم تهريبه من أموال خلال الربع قرن الماضى يتجاوز ثلاثة تريليونات جنيه مصرى أى حوالى 650 مليار دولار، واستعادتها ممكن قانونيا. 
القانون مافيهوش جاكوزى
نقطة جديدة أود أن أطرحها هنا من باب فتح الملفات وأننا لدينا فلوس ومال عام منهوب ومليارديرات من رجال أعمال يتم التحدث إليهم الآن لرد فلوس .د فلوس قال 
ولقد تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم«لعن الله الراشى والمرتشى والرائش» (والرائش هو الوسيط) وتعجبت لأن القانون المصرى يُجرِم الراشى والمرتشى .
فكان علىَّ أن أسأل المستشار محمد عبدالعزيز الجندى وزير العدل عن تعريفه من هو رجل الأعمال الفاسد فى ظنه؟ فقد عرفت أنه يعكف مع الحكومة حسب ما تم نشره أخيرا على إعداد مشروع «قانون التصالح» والذى يتيح لرجال الأعمال «الشرفاء» أن يقوموا «برد» الأموال التى حصلوا عليها من الدولة إذا ثبت أنهم استفادوا فقط من أجواء الفساد دون أن يشاركوا فيها؟ 
وحسب ما قاله الجندى، فإن الحكومة تقف بشدة وراء دعم رجال الأعمال الشرفاء لكنها ستتعقب من استفادوا من الفساد بقصد وتعمد، وقال إن التشريع الجديد يسمح فقط لمن استفاد من الفساد دون مشاركة فيه أن يعيد ما حصل عليه من أموال الشعب، وذلك لرفع الحرج عن النائب العام ورجال النيابة فى قبول مثل هذه الطلبات وأكد أن القانون المزعوم لن ينسحب على أى مسئول قام بتسهيل الحصول على تلك المكاسب وشددعلى على أنه ستصدُر بحق هؤلاء الفاسدين أحكام رادعة، وأن التصالح سيكون بشرط أن تكون الحالات لا تتضمن فساد مُتعمد. والحقيقة أن ما قاله الوزير يضعنا فى حالة حيرة من أمرنا وارتباك شديد حول ملامح رجل الأعمال الشريف وما مواصفات رجل الأعمال الفاسد الشرير فى العُرف والدين وفى نسق تفكير المجتمع المصرى؟! فهل يقصد وزير العدل مثلا أن رشوة المسئول الحكومى بملايين الدولارات أو بنسبة من أرباح المشروع أو من ثمن الصفقة أو تشريع قانون يخدم مصالح شخص أو إعفاء ضريبى غير مستحق أو منح أشخاص بعينهم احتكارات معينة أو أمر مباشر أو عمولات شراء غاز وأسلحة أو أفدنة شاسعة أو قروضا من المال العام بلاحدود لتشجيع استهبال وجشع اللصوص الأخيار ضد اللصوص «النورمال» العاديين، فلا يدخلون ضمن إطار التجريم أو أن مبلغ الرشوة لمسئول وأن الرشوة التى تتجاوز مليار جنيه مصرى فيما فوق تُشكل معيار توصيف وتعريف رجال الأعمال الشرفاء الذين اضطروا للتضحية بجزء من أرباحهم حتى يخدموا الوطن بدلا من الهجرة للخارج؟
ومن هنا وفى إطار حملتى لاستقصاء أموالنا المنهوبة داخلياً وخارجياً فإن من حقى التساؤل عن بُغية سيادة الوزير هنا. وهل إن من يرشى موظفاً حكومياً بعشرة جنيهات يصبح مواطناً غير شريف ويُنزع منه لقب رجل أعمال شريف، ويصبح خاضعا للعقوبة القانون الذى لايفرق بين الملياردير وصفوت الشريف وعمر الشريف وشارع شريف. هل هذا اسمه كلام بالذمة!
ولذلك فإن الرئيس المخلوع الذى تمتلك أسرته 420 مليار جنيه ويخضع للإقامة الجبرية والحبس فى مستشفى شرم الشيخ ذات المعمار الهرمى فى جناح 7 نجوم يضم جاكوزى وحمام سباحة وصالونا فاخرا وغرفة اجتماعات ربما، لأنه من رجال الأعمال الشرفاء طبقا للقانون الجديد، وبغض النظر عن أن الرئيس كان مسئولا على تدهور حالة مصر ومستشفى السجن طوال ثلاثين عاما بالتبعية فإن ما ستُفسر عنه المعاينة الأولية لمستشفى مزرعة طرة وما سينتهى إليه مبعوث النائب العام هو عدم صلاحية المستشفى لاستقبال الرئيس السابق نظرا لأهمية وضرورة معاملة الرئيس المخلوع برفق ولين ورحمة وإحقاق العدالة حتى يتحقق الاستقرار باعتبار أن فساده كان غير متعمد وأن علاجه يتطلب جاكوزى.
ومن هنا وبناء على كل ما سبق من سيرة رغبتنا فى الفهم وبحثنا عن أموالنا المنهوبة واستنكارى لمنطق «الشحاتة»، فإن الرفاهية التى يعيش فيها أركان حكم النظام السابق فى سجن المزرعة توحى بأحداث وخيمة وأن مصر تنزلق إلى هاوية نفق مظلم، فإذا تم الالتفاف على العدالة فلن يتحقق الاستقرار المنشود ما لم يتم إنزال أحكام رادعة على فريق بورتو طرة، ولذلك أقترح على المجلس العسكرى تعيين المستشار هشام بسطاويسى، أو غيره من الشرفاء فى منصب النائب العام ليس لا سمح الله طعناً فى الرجل ولكن حتى نرفع الحرج عن كاهل المستشار عبدالمجيد محمود «ولا إيه يادكتور عصام» ؟! وقد صدق الكاتب الكبير فهمى هويدى حينما أشار إلى أهمية تطهير القضاء قبل المحاكمات الفعلية حتى لا نقع فى المحظور.
وأخيرا فلا منطق ولا عقل ولا ضمير يقبل أن نعرف أن ثروة مصر التى توجد فى ذمة مساجين النظام السابق فى «طُرة» وفى الخارج تصل إلى 3 تريليونات جنيه مصرى، ونحن نبحث مع د. سمير رضوان عن 10 مليارات دولار، إنه بلاغ عاجل جدا إلى حكومة د. عصام شرف، فهل من إجابة؟ 


مين الراجل اللى واقف وراء «توشكى»؟! 
المصدر: الأهرام العربى 7 مايو 2011
بقلم:   دينا توفيق
 
الكفراوى

لا تستطيع أن تصدق بعد ثورة 25 يناير أن المجلس العسكرى وحكومة عصام شرف والسلطات الرقابية وعلى رأسها النائب العام يتغاضون عن جريمة إهدار 14 مليار جنيه من المال العام فى مشروع توشكى، باعتبار أن فشل المشروع كان وراءه فقط إزاحة الدكتور كمال الجنزورى عن مقعد كرسى رئاسة الوزارة. خصوصاً أن المشروع قد ولد مبتسراً ميتا بناء على دراسات الجدوى التى أجريت عليه كمشروع مطروح للمناقشة منذ عصر جمال عبدالناصر وحتى عصر مبارك.
تلك الفترة التى امتدت من بينها دراسات جدوى من جانب البنك الدولى ووزارة الزراعة الإيطالية، وأثبتت بل وأكدت فشل المشروع اقتصادياً. إلا أن مبارك والجنزورى أصرا على تنفيذ المشروع والترويج له "بزفة بلدى" كمشروع عملاق ضخم، وأنه مستقبل مصر وأنه الخطوة التى ستضع مبارك على قائمة حُكام مصرالذين يشهد لهم التاريخ بإنجاز حقيقى يفوق تأميم قناة السويس وحرب 73 وبناء الأهرامات. 
ثم كانت تلك الدعاية الضخمة التى صاحبت مشروع توشكى حول الخروج من وادى الدلتا الضيق إلى جنوب الوادى، واستصلاح 600 ألف فدان وزراعة الصحراء، والاكتفاء الذاتى من الحاصلات الزراعية، وتوفير فرص عمل للشباب. وبعد أن كان مشروع توشكى أحد أعظم صروح التنمية الإستراتيجية المرتقبة، أصبح بعد إعلان الوزير حسب الله الكفراوى عن تقييمه للمشروع هو أحد رموز صروح الفشل الذريع، الأمر الذى أزعج النظام وجعل السيد عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية السابق يبلغ المسئولين السابقين بالتوقف عن الحديث حول فشل مشروع توشكى!
أما الشىء الذى يجعلك تصاب بالجنون وأستميحكم العذر من قولى إنه أصابنى بالعته أن الدكتور الجنزورى عاد إلى كل الشاشات والميكروفونات والصحف مشتاقاً للفرصة، متطوعاً ليعرض خدماته ولمدة سنتين فقط لإنقاذ مشروع توشكى حتى لو كلفه ذلك الترشح لرئاسة الجمهورية!
بالله عليكم. هل يُلدغ المسلم من جُحر واحد مليار مرة؟! فالرجل يبدو أنه يحاول ترويج نفسه مرة أخرى بخديعة جديدة لقناع قديم، أويحاول الهروب من محاكمته من جريمة إهدار المال العام هو ومن تلوه فى رئاسة الوزارة فى عصر أروع وأنزه عصور الفساد، خصوصاً أنه وفى سوق الكلام يُعد متمرساً قديماً وقد ادخره بعد صمته الطويل الطيب وعودته وقد عاد لصبغ شعره ليقدم ويفرد عضلاته فى التخطيط ربما لاستمرار الكارثة كرُبان سفينة الخلاص الصحراوية، دون أن يدلنا على تفاصيل خارطة الطريق الجهنمية لإنقاذ 14مليار جنيه دفنوا فى صحراء توشكى من أجل مشاريع وهمية للاستثمار فى جلسة فضائية مع الأمير الوليد بن طلال أثناء الاستمتاع بقناة روتانا. ولكن هل نستطيع أن "نغمض عيننا" عن هذا المشروع العبقرى أوالمزيف؟! ولمصلحة من فشل؟ وفى مصلحة من أقيم؟! وهل هناك جهة ما محايدة فنية وقانونية واستشارية تستطيع أن تحقق وتجيب عن لغز توشكى فتُكرم الأنبياء فى أوطانهم أوتعاقب الجهلاء والسفهاء منا، وتدفع بالمشروع أوتدفنه إلى الجحيم وتقدم المسئولين عنه لمحاكمة عادلة قبل أن يعود الجنزورى العبقرى المظلوم ويصبح رئيس جمهورية مدافن توشكى والثورة ومصر؟! والآن هل نكتفى عن التخبط وسوء الإدارة والتخطيط أم علينا أن نتحمل مزيداً من الأكاذيب من ذات الوجوه التى شاركت فى مذبحة مصر طوال ثلاثة عقود؟ بعد أن رأينا بالأمس القريب، رئيس مجلس الشعب "السابق الدائم" د. فتحى سرور يخرج عن صمته فى حديث صحفى قبل سجنه ليتبرأ من النظام الذى استخدمه كأعظم ترزى للقوانين فى العالم. وصولا إلى اليوم الذى رأيناه يخرج وهو رئيس مجلس الشعب لمدة عشرين عاما من سرايا النيابة إلى محبسه متدثراً و"مغطى بالملاية"!؟ مثله مثلما يخرج الجنزورى الصامت من بيته إلى العاشرة مساء ويسير النائم ليتكلم فى 90 دقيقة، وينطق الأصم فى مصر اليوم ولو لديه مزيد من الوقت "هيفوت" على الحياة اليوم أوعلى الأقل سيكون موجودا بتصريح مجانى أوتعليق تليفزيونى من هاتفه الجوال ليتسلى ويُسلى بحكايات وبطولات وآراء قبل أن ينام لعله يعود إلى مهام منصبه فى الصباح بناء على رغبات المشاهدين فى نهاية السهرة؟ 
أما قصة توشكى ووزير الإسكان والتعمير الأسبق، حسب الله الكفراوى فهى أنه بعد تركه للوزارة وهو عضو فى لجنة دراسة المشروعات الكبرى، وجد مشروع توشكى للمرة الرابعة فرفض فكرة تنفيذ هذا المشروع لعدم جدواه اقتصادياً فقال له الجنزورى "مشى حالك" فاستقال من اللجنة وأرسل خطاباً لمبارك عن طريق مستشاره د. أسامة الباز يؤكد فيه فشل المشروع. وكان أساس اعتراض الكفراوى أن كمية المياه التى يحتاجها الفدان فى توشكى تكفى لزراعة أربعة أفدنة فى الوادي، كما أن التكلفة الزراعية فى توشكى مرتفعة للغاية وتمثل إهداراً للجهد والمال. ولكنه فوجئ بالرئيس السابق يعقد مؤتمراً صحفياً يمتدح المشروع ويشيد به باعتباره مشروع المستقبل(!)
ويصف الوزير الكفراوى الوزير الجنزورى بأنه مكابر وليس صاحب فكرة توشكى، ويحكى بأنه قد اتصل به هاتفياً وطلب منه ألا يهاجم المشروع، لأن رئيس الوزراء السابق متورط فيه. وأن عمر سليمان دخل على الخط وحدث الكفراوى هاتفيا أيضا قبل 25 يناير مباشرة وكان له نفس طلب الجنزورى وهو الصمت والكف عن مهاجمته لمشروع توشكى. ولم يوضح الكفراوى من هو اللاعب الخفى الذى كان وراء مشروع توشكى وهل اعتبر مكالمة عمر سليمان تهديداً مستتراً وملوحاً بفتح ملفات ضده أوباستخدام عمليات نوعية حياله من رئيس المخابرات المصرية أم مجرد رجاء شخصى من صديق فى إطار مكالمة ودية؟
حتى جاء الجهاز المركزى للمحاسبات فى تقريره يصف قضية توشكى بأنها خطيرة. فالمشروع أُنفِقت عليه 10 مليارات دون دراسة جدوى. ويقول أنها أعدت فى مايو 1998 أى بعد بدء تنفيذ المشروع بنحو 17 شهراً.
وأخيرا فالسؤال المفتوح الآن للسيد النائب العام فى عصر ثورة 25 يناير ألا يقلقك أويضايقك أويستفز سيادتكم جرائم إهدار المال العام فى مشروع توشكى؟ وهل من سلطاتكم فتح ملفات التحقيق حوله أم أن د. كمال الجنزورى فوق المساءلة أم أن هناك "راجل غامض" يقف وراء المشروع؟
- وإلى الأسبوع المقبل نفتح ملف توشكى لنحاول أن نعرف هل هو أفشل أم أعظم مشروع عرفته مصر منذ عصر محمد على حتى عصر المخلوع والجنزورى وحوار صريح مع د. محمود أبوزيد وزير الرى الأسبق. 


23 ابريل 2011

لم يعد هناك مسكوت عنه الآن لن نصمت. فـ«باتمان» يتكلم! 
المصدر: الأهرام العربى 
بقلم:   دينا توفيق
 
كلنا تساءلنا ونحن فى محنة الضمير الصحفى.
هل جميعنا نحن معشر الصحفيين فى فترة من عُمر هذا الوطن، قد فقدنا شرف وأمانة الكلمة وتفرغنا كأداة تزييف لوعى المواطن، وكنا بوقاً يلتف حوله منافقو السلطة لغناء نشيد إنشاد الرياء والخيانة الفكرية والمهنية والأخلاقية؟ وهل كانت الصحف القومية تُعبر عن الوطن أم كانت آلة جبارة تم تكريسها لتأليه عبقرية الرئيس محمد حسنى مبارك وحرمه وابنه وشرح وتبرير وإحلال للباطل وتزكيته فى رداء الحق وإضفاء الشرعية على ممارسات نظام ديكتاتورى إرهابى فاسد وحماية وضمان وتسويق فكر لصوص التشكيل العصابى الذى حكم مصر واحتلها ثلاثة عقود متتالية.
أيها السادة الأعزاء. لن أخفى على فطنتكم لعلكم تصدقوننى أننا جميعاً كنا فى مأزق ضمير فى كل موقع ووزارة و مؤسسة وهيئة ومصنع فى مصر، فقد كان هناك على ما يبدو اتفاق على تواطؤ جماعى على استمراء وتبرير ومحبة الفساد مع الفقه السائد المصاحب من المبررات الداعية له والمُكملة لحصنه الحصين من قاموس مصطلحات الاستقرار والخوف من الإرهاب والفوضى والدولة الدينية والعنتريات الناصرية. السيدات والسادة. إن وسط ما كان شائعاً ورائجا علينا الآن أن نتساءل. هل كان كل صحفى فى الصحف القومية منتفعاً وكاذباً و خائناً للكلمة ومن المرتزقة ومنافقاً وعميلاً للمباحث والنظام؟
دعونى فى المقام الأول أعتذر للقارئ ولأولادى وأسرتى وجيرانى ولمصر تلك البهية بأكملها. ليس لأننى كنت من هذا الفريق ولكن لكونى كنت مقصرة فى نقل الحقائق وإعلام الجماهير ولهذا أرجو أن ألتمس منكم «البراءة» فلا أحد كان يستطيع فى صحفنا القومية أن يكتب ضد منظومة رأس حية الفساد المبارك الأعظم وفرقة أركان حكمه وحزبه من طبال وراقص ومنحرف ومصور أفلام مشينة علاوة إلى أذرع أمنه ومنتخب مصاصى دماء الشعب الذين يطوفون من حوله. وعذرى سادتى أننى ربما الآن فى لحظة صدق مع النفس والذات أتصالح مع نفسى ومعكم، فأرفع رأسى وأقول إننا لم نشارك أنا والعديد من الزملاء الشرفاء فى الصحف القومية بكلمة أو حرف واحد فى مظاهرات وموالد الطبل والزمر فى ركاب المخلوع وحرمه ولا فى زينات مهرجان الوريث المقدس. 
ولم أكن يوماً شيطاناً أخرس فلم أسكت عن قول حق يفضح ويعرى الآخرين من أبناء مهنتى من الخدام والراقصين على سلالم التفكير، كما يصفهم صديق مقرب ويقول عنهم المؤلفة قلوبهم فأستعير الوصف. كل ذلك يفعلونه على نغمة أى سلطان أو عسكرى أو غفير ليس فقط فى الصحف القومية و لكن الحزبية والمستقلة.
أعزائى. مبكراً أدركت وكنت أؤمن أن الشبكة العنكبوتية المسماه الإنترنت قد أهدت لنا طاقة نور سماوية جديدة قد نستطيع بها أن نواجه هذا التوحش للفساد، وهذا الوحش والطاغية الذى يديره فأسست مع صديقى القديم جداً وزميلى خالد طاهر جلالة، الصحفى السابق بمجلة روزاليوسف - بيتى الصحفى الأول الذى أعتز به - مدونة «باتمان» أو الرجل الوطواط منذ عام 2003، لقد كنا نصدق ونؤمن بألا سبيل للتغيير فى مصر إلا عبر النُخبة لذلك أردنا المساهمة فى خلق وعى آخر لدى جيل جديد فتوجهنا للشباب المتعاملين والمستخدمين للإنترنت بتحقيقات ومقالات ومعلومات كنا لا نستطيع أن نكتبها إلا بأسماء مستعارة، ووصلتنا عشرات من رسائل التهديد بالقتل والسحل على بريدنا الإلكترونى بل وفى التعليقات المصاحبة للموضوعات ذاتها فأصابنا الذعر والخوف، ولكننا لم نتوقف فقد كانت مئات أخرى من الرسائل ذاتها تصلنا لتدعمنا بل و تقدم لنا عديداً من الحقائق وتشاركنا بالإمداد بالمعلومات. وفى تلك الأثناء تعرض موقع مدوناتنا على موقع «ياهو» للتفجير الإلكترونى من الهاكرز مرتين متتاليتين، وقام فجأة المسئولون على الشبكة العربية لحقوق الإنسان بإلغاء جميع الموضوعات التى كنا ننشرها - كمخزن فى حالة إعادة تفجير موقوعنا على الياهو فجعلونا نفقد موضوعاتنا المنشورة على منتداها الإلكترونى لأسباب يدركونها ولا نعرفها نحن! وبرغم حرصنا على السرية وكتمان أسمائنا الحقيقية واعتمادى على زميلى وصديقى فى الإجراءات التأمينية التى اتخذناها لعدم متابعة وملاحقة أجهزة الكمبيوتر الخاصة بنا والتعرف علي هويتنا أمنيا، إلا أننا شعرنا بأننا تحت المراقبة وقد انكشف أمرنا فتوقفنا عن نشاطنا فى المدونة!
لقد كان جهاداً إلكترونياً أبلغنا به جميع الصحف الحكومية والحزبية والمستقلة وأغلب كُتابها - ومنهم عبدالحليم قنديل منسق حركة كفاية الذى كان يتهكم على المدونين بأنهم مناضلو الفيسبوك والكيبورد - ولم يهتموا بما يدونه الشباب لأنهم كانوا مثل النظام لم يدركوا قيمة الوسيلة الجديدة كأداة فاعلة للتواصل. ابتكرها العلم الحديث وأقبل عليها الشباب، ليمارسوا فيها وبها الحرية والديمقراطية الافتراضية وليصنعوا منها أداة التغيير التى غيرت خارطة الوطن العربى الغارق فى عصر الحاكم الإله والحاشية الفاسدة والشعوب المستعبدة بكتائب البطش والبلطجة النظامية والعقاب الأمنى. 
سادتى الأعزاء. لقد تسلح الشباب بلغة ومفهوم عصره واستوعب أدواته واستشرف بها حلولا لواقعه حتى يتحرك إلى حقه وينال ويعيش ويملك مستقبله فى كل من تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا، بينما كانت حكوماتهم تشيخ نائمة فى شخير متصل من تخمة الجشع وطول أمد الاستيلاء على المال والسلطة فى ساحة مستنقع كامل متكامل من الفساد السياسى والاقتصادى والتبعية للغرب وزع وتوزيع الفقر والتشبث باستمرار بقاء الباطل وبناء هياكل زائفة من حرية الصراخ.ولقد كتبنا مع غيرنا ممن كتبوا من الشرفاء في يوم 27 مايو 2008 الساعة: 01:16 ص فى مدونة باتمان العرب عن «أحمد ماهر» مؤسس حركة 6 إبريل وهو واحد من الشباب الذين تعرضوا للتعذيب على يد مباحث أمن الدولة لا لشىء سوى أنه أحب وطنه ويشاء الله السميع العليم أن يكون هو وغيره أحد قادة ثورة ميدان التحرير فى 25 يناير. ولأننى أؤمن إيماناً قاطعاً بحق هذا الجيل بوطنيته وفدائيته، يجب أن يتم تجهيزه وإعداده وتوظيفه وترك الفرصة له ليكتسب مزيداً من الخبرة والقدرة فى مواقع المسئولية وأن يعبر عن رؤيته وذاته دون وصاية.
ولأننى أؤمن بأن الشباب هو الأحق لقيادة هذا الوطن فقد حان الوقت أن يتم الدفع بدمائه ليشارك فى إدارة مصر لا لإقصائه فى مقعد صفوف المعارضة. وهو الجيل الذى بإرادته أزاح المستحيل وصنع الثورة. ولأهمية ما دوناه فى مدونة باتمان نعيد نشر مقالنا عن أحمد ماهر، لأنه مازال ينتج آثاره بما احتواه عن من صمتوا عندما تكلمنا والآن يركبون بكل صفاقة قطار الثورة! 


23 ابريل 2011

الكلمة الآن لكم أنتم. الكلمة الآن للشارع 
المصدر: الأهرام العربى 
بقلم:   دينا توفيق

الكلمة الآن لكم أنتم. الكلمة الآن للشارع. كما صار الشارع لكم. ولا صوت يعلو فوق أصواتكم. ولهذا كانت صفحاتنا منبرا لكم. وقد بدأنا منذ الأسبوع التالى للثورة بصفحات «الكلمة الآن للثوار» وانتقلت العدوى بمعناها الإيجابى فوجدنا على صفحات الجرائد أبواباً لآراء الثوار ومقالات يكتبها عاديون لم يعملوا من قبل بمهنة القلم. لهذا ندعوكم للتواصل معنا. فصفحاتنا لكم. 


16 ابريل 2011

وكأنها تعرى نفسها! 
المصدر: الأهرام العربى 
بقلم:   دينا توفيق
 
دينا توفيق

أعتقد أن الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل هو المسئول الوحيد عن الترويج لفكرة الثورة المضادة، فقد كان أول من استخدم هذا المصطلح فى أحاديثه «رغم قدمه» مما أدى إلى شيوعه على نطاق واسع لتوصيف الطبقة المستفيدة من حاشية ورجال نظام الرئيس السابق محمد حسنى مبارك الذين حاولوا ومازالوا يحاولون إجهاض ثورة الشعب فى الخامس والعشرين من يناير، فيما يمكن وصفهم بحزب الثورة المضادة؟ والمشكلة الحقيقة فى مصر الآن هو أن هذا المصطلح أصبح يستخدم عن قصد بشكل فضفاض لتجهيل وإخفاء رموز وأشخاص بعينهم يقودون ويحركون بحرية هذه الثورة المضادة على أرض الواقع، فإذا كان الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء لا يستطيع تحقيق مطالب حقيقية للسيطرة على المظاهرات الفئوية التى اندلعت على مدى الست سنوات الماضية وزادت مع الثورة لمطالبة موظفين وعمال بحقوقهم وعدم ربط أو أدنى اهتمام من النظام السابق بحد أدنى من تقليص الفجوة بين الأجور وارتفاع الأسعار والتضخم، فإن رئيس الوزراء يلجأ ويتفرغ بدلا من ذلك إلى سن مرسوم قوانين ضد الحريات العامة لمنع وإسكات المظاهرات والاعتصامات الفئوية واتهامها بكل سهولة وظنياً بأنها من أفعال القوى، الثورة المضادة بدلا من النزول إليهم والاستماع لهم وتهدئة العمال والموظفين والتشاور معهم لجدولة مطالبهم ووضع خطة تطوير الإدارة وحثهم على العمل وزيادة الإنتاج وتغيير القيادات الفاسدة فى مؤسساتهم الذين عانوا من ظلمهم وجبروتهم وانفرادهم بالتمتع برواتب خرافية، إضافة إلى مزايا وحوافز ومكافآت وإغراقهم بالمال السايب على أنفسهم وعلى حاشيتهم الخاصة دون رقيب أو حسيب فإذا كانت الثورة المضادة بالفعل وراء المظاهرات الفئوية فلماذا لا يسلط رئيس الوزراء الأجهزة الأمنية والرقابية على رؤوس الفتنة وأقطابها لاستئصالهم بدلا من القبض على عامل وموظف فقير ومحتاج لا حول له ولاقوة ويستحق الرثاء على حاله بل وفرض عقوبات صارمة عليه تصل إلى الحبس سنة وغرامة نصف مليون جنيه؟
لقد كانت ترسانة القوانين المقيدة للحريات موجودة ومفعلة مع غيرها من القوانين الاستثنائية ولم تمنع الشعب من أن يثور فى 25 يناير، فلماذا لا يستغل رئيس الوزراء شرعية الثورة لسن مرسوم قوانين لمصادرة ثروة الفاسدين بدلا من تصالح النائب العام معهم لسداد تهربهم الضرائبى أو لاسترداد قطعة أرض هنا أو هناك لعجز القوانين العادية عن ملاحقة ما اغترفوه واغتصبوه واكتنزوه من نهب منظم ومخطط.
إن الفساد المؤسسى الاستثنائى الذى عاشته مصر فى نظام دولة مبارك لا يمكن أن يواجه إلا بقوانين استثنائية ضد الفاسدين وليس فى اتجاه معاكس ضد الفقراء. فالأموال التى سلبها من الشعب أباطرة لصوص رجال الأعمال لابد أن تعود للشعب بدلا من استغلالها فى بقاء منظومة الفساد وعودة الحزب الوطنى ومحاولة إعادة ميت إكلينكيا للحياة السياسية فى لجنة الحوار الوطنى عبر نغمة رفض الإقصاء والاستبداد تحت مسمى زعم التصالح الذى تزعمه يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء والتطهر دون تطهير وعزل وتجميد بقايا أداة حزبية ظلت تأكل وتشرب وترتاع وتسبح وتصفق وتشجع وتنافق وتقول نعم للفساد بحب وبحرارة وشوق طوال 30 عاما ولم تتورع بأن تجمع كل قواها وتراهن وتبشر وتستمرئ وتدشن مشروعها القومى فى تمرير امتداد الفساد من الأب وتوريثه للابن الذى أثبت كفاءة ولياقة وجاهزية واستعدادا فى أن يبتكر ويتقاسم ويتشارك مع كل منهج ومنحى فاسد ومفسد فى مصر. إن الشعب الذى خرج فى يوم الجمعة ليعلن استمرار الثورة ويعلن رفضه التصالح مع الفاسدين حتى يسقط ويقصى بقايا نظام مبارك من أمثال صفوت الشريف وفتحى سرور وزكريا عزمى وغيرهم من المتسللين أقطاب الثورة المضادة، أعلن بوضوح أنه لن يرضى أن يسقط القناع ويبقى الجسد من عصابة الحزب الوطنى وباقى اللاعبين فى الكواليس من الخلايا النائمة فى النظام حتى يشعر المواطن بأن هناك تغييرا ما ملموساً فى الفكر والعقيدة والأساليب على أرض الواقع حققته ثورته وشهداؤه لوطن يريد أن يتنفس الحرية. وسيموت ولن يتنفس أو يشارك بالصمت أو الغفلة وكل قوى الثورة المضادة طليقة تعمل وتحوك مؤامرات للالتفاف على ثورة الشعب من نوعية تهديد الاستقرار بالفتنة الطائفية أو بشغب فوضى الملاعب والحرمان من ممارسة النشاط الرياضى أو بزعزعة الثقة عبر اختبارات تطوعية لكشف العذرية للإيقاع بين الشعب والجيش. وتارة أخرى تسن قوانين مسلوقة لفلول مذعورة تجرم الاعتصام والتجمهر والمظاهرات أثناء العمل لتستخدمها وفق أغراضها للقمع والقهر وضد حقوق الإنسان وتنسى فى زحام الفوضى ولوثها العقلى أن تجرم الإضراب عن العمل وكأنها تعرى نفسها بنفسها وتفضح أغراضها المعلنة المشبوهة. إن الشعب اليوم يعلم ويعى من هم أعداؤه من زعماء الثورة المضادة وأعوانهم الذين يهددون استقرار الأمة حتى يعودوا إلى مواقعهم للاستمرار فى النهب المنظم. وهم من أصروا على مكافأة وتعيين نادية حليم وعبداللطيف المناوى وانتصار شلبى مستشارين لرئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون وأبقوا على هالة حشيش رئيسة قطاع القنوات المتخصصة تكريما لهم جميعا لدورهم فى العداء للثورة.
فهل يعلم القائمون فى السلطة والحكومة والنيابة العامة الذين يمثلون الشعب ما يعلمه ويريده الشعب وثورته بدلا من سياسة التقطير فى مساء كل يوم خميس لتهدئة مفقودة لصباح كل جمعة؟!
وأخيراً. لا تنسوا ففى كل أسبوع يوم جمعة. 

9 ابريل 2011

القوات المسلحة والمجلس العسكري ليسوا من الثوار 
المصدر: الأهرام العربى 
بقلم:   دينا توفيق
 
«عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال : القضاة ثلاثة، قاضيان في النار وقاض في الجنة، قاض قضى بالهوى، فهو في النار، وقاض قضى بغير علم، فهو في النار، وقاض قضى بالحق، فهو في الجنة». وعلىَ أن أقول بأمانة يفرضها الضمير إن القضاء والعدالة فى رداء ثوبهما الأبيض الناصع لم ينجوا من الوقوع فى براثن الفساد الذى ضرب بجذوره بجميع مؤسسات الدولة فى عصر مبارك. فكان أن وكلاء للنائب العام وقضاة باعوا ضمائرهم وشرفهم ودنسوا قسم العدالة العمياء من أجل المنصب والمال والجاه والتقرب من السلطة وعطاياها، فكانوا يدًا طيعةً، بعد أن خرِبت ذممهم وارتضوا أن يُبدلوا مواقعهم كظل الله فى الأرض إلى انتظار التعليمات من مكاتب مباحث أمن الدولة لتنسيق تزوير إرادة الأمة وإهدار كرامتها باسم الحفاظ على نظام مبارك وتمرير وريثه على عرش مصر لاستكمال مسيرته فى مملكة الفساد. فى عام 2005 لبس قضاة مصر وشاح العدالة وخرجوا من نادى القضاة فى مسيرتهم نحو دار القضاء العالى، ليعلنوا مطالبهم باستقلال القضاء ليثبتوا أنهم لم ولن يرضخوا لصلاة الفساد والإخصاء، وأنه مازال هناك شرفاء فى مصر لم تُلوِثهم المعاشرة الآثمة للمال مع السُلطة. ولقد كانت انتفاضة القضاة مشهداً مهيباً إلهاماً للحركة الوطنية المصرية الرافضة لنظام مبارك، ونمت بذور الأمل فى المستقبل الأفضل، وكانت مؤشراً لإرهاصات أن مصر ترفض الباطل وأنها حُبلى بالثورة. وكان المستشار هشام البسطاويسى نائب رئيس محكمة النقض واحداً من هؤلاء القضاة الشرفاء.
ومن هنا برز معدن من قالوا «لا» فى وجه من قالوا «نعم».
لمع وسطع اسم البسطاويسى كأحد قيادات القضاة المطالبين باستقلال القضاء. ومع انتخابات مجلس الشعب عام 2005 خرج الرجل مع بعض من زملائه عن صمتهم وأعلنوا على الملأ تزوير الانتخابات فى إحدى الدوائر بتواطؤ أحد القضاة لصالح مرشح الحزب الوطنى. وللأسف كاد الرجل أن يفقد حياته ثمناً لضميره اليقظ ولأنه قدر واجبه وشرفه.
ويكفى أن الرجل فقط أعاد للأذهان نزاهة وحيادية وهيبة جهاز القضاء فى الدولة واحترام رجاله، ممن أثبتوا أن منصة القضاء ليست جزءا من الأفدنة التى يسهل التصرف بها وأنه لا يمكن شراؤه أو بيعه بأى ثمن. وهو على ما يبدو ما دفع الناس ليُعلنوا تأييدهم وثقتهم فى تخلى المستشار هشام البسطاويسى عن كرسى منصة القضاء والترشُحِ لينال كرسياً آخر فى سباق انتخابات رئاسة الجمهورية التى تعقِدُ جماهير شعبنا العظيم آمالها عليها لإحداث التغيير المرتقب بعد ثورة 25 يناير. وهنا وجدناه قد وضع الملامح العامة لبرنامجه الانتخابى الذى استحضر فيه الإرادة الثورية للشعب المصرى من مخزونِ خِبراته ووعيهِ السياسي الناضج، وحدد أهدافه بتلقائية في ثلاث عبارات واضحة هى «تغيير- حرية - عدالة اجتماعية» كدليلٍ للعمل. ذلك الشعار الذى عبرت عنه الجماهير بشعار صار نشيدا للحرية والتغيير في ربوع الوطن العربي الكبير «الشعب يريد إسقاط النظام» فلم يكتف الشعب بمجرد إسقاط الرئيس أو بإصلاحات جُزئية لنظامٍ فاسدِ مهترئ أو بمحاكمة بعض رموز الفساد، بل كان واعياً وعيا بأن النظام سيُعيد إنتاج الفساد والتسلط والقهر بأوجه جديدة ما لم يتم إسقاط النظام ذاته بكل مؤسساته الفاسدة وآليات قمعه وقهره.
وفى بيته العادى فى مدينة نصر والذى يبدو كباقى بيوت ملايين المصريين كانت لى معه تلك الكلمات والآراء وربما الطلقات برغم كل الهدوء والتهذيب اللذين يتسم بهما. 
ما الدافع الأول الذى جعل القاضى المستشار هشام البسطاويسى يقول بثقة «إننى سأترشح» وبصراحة؟
ابتسم وقال بهدوء أيضاً. أولا أنا لا أعرف أن أتكلم إلا بصراحة. والحكاية بدأت فى أعقاب أزمة القضاة حيث طالبنى بالترشح كثير من الناس خصوصا من القوى السياسية والأحزاب. 
وبالطبع وقتها كانت الأبواب مغلقة ورأيت أن التفكير فى ذلك بدون أن يكون الناس متقبلين التغيير ويطالبون به سيكون خطوة ليس لها معنى، ولكن بعد الثورة عاودت بعض القوى السياسية خصوصا الشباب الاتصال بى وطلبوا نفس الطلب.
ومن جهة أخرى عندما رأيت الأشخاص الذين طرحوا أنفسهم ورأيت أحاديثهم وبرامجهم تخلوا من البعد الاجتماعى والبعد القومى وتُركِز على التغيير والديمقراطية وحقوق الإنسان فقط، فكرت فى اتخاذ هذه الخطوة كى أتبنى التغيير والديمقراطية. وحتى لا تكون الديمقراطية من أجل الديمقراطية فحسب. 
إذن. ما مفهومك لفكرة وجود مناخ ديمقراطى؟
ليست مجرد نصوص قانون أو آليات توضع فى النصوص. كما أننى أرى أن الديمقراطية سلوك ديمقراطى، بمعنى أن المُطالب بالديمقراطية يجب أن يكون سلوكه ديمقراطيا، وهذا ما لا نراه فى كثير ممن يمارسون العمل العام. حيث هم أنفسهم لا يقبلون الرأى الآخر أو الحوار أو أن ينهزم رأيهم أو أنهم قد يصبحون أقلية. فلا يُطابق هذا السلوك ما يقولونه. 
وهنا عاجلته: على أرض الواقع. هل بعد ثورة 25 يناير ترى أن التعريف الذى طرحته الآن بدأ فى الوجود ؟
فأجابنى بتؤدة: ليس بالشكل المطلوب «علشان كده لما فكرت» فى خوض هذه التجربة كان يجب أن أسلُك سلوكا يقدم نموذجاً للممارسة الديمقراطية فالبرنامج الانتخابى سيقوم الناس بوضعه. فكان أن بدأت بالزيارات الميدانية. ثم يقوم بعد ذلك المتخصصون فى صياغة آرائهم فى برنامج نابع من مشاركة الناس.
وماذا رأيت فى القرى والنجوع أثناء جولاتك؟
رأيت «وعياً سياسياً عالياً» حتى لدى الذين لم يُصبهم حظ من التعليم.
والمدهش أنه فى القرى الأشد فقرا لا تجد أحداً يتكلم عن المعاناة الشخصية اليومية، لكنهم يتكلمون عن المخاطر التى تتعرض لها البلد والثورة وكيف نحمى الثورة وكيف ننهض بالبلد.
ويضيف بصوت مُستبشر: الحقيقة مستوى من الوعى غير موجود حتى فى المدينة.
وسألته وأنا أعرف الإجابة: وبالنسبة للتعديلات الدستورية الأخيرة هل كنت مؤيدا أم معارضا؟
فأجابنى مندهشاً : طبعاً قُلت «لا».
سألتك لأن الطرح الذى تطرحه الآن يعنى أن الناس لديهم وعى ويناقض هذا الكلام وجود المظاهرات الفئوية (التى أراها بالطبع مفيدة ولكن بعضها ليس كذلك). أما «نعم» فقد أرجعتها أنا إلى الجهل السياسى. وأريد رأيك؟
«نعم» كان لها أسباب كثيرة وفى الحقيقة اختيار الناس يكون دائما أصوب. ويمكن لا يعرفون أن يبرروا رأيهم. ولكن نحن فقط لا نفهم مبرراتهم.
كما أن الصوت العالى الذى كان يربط بين «نعم» والشعارات الدينية التى لا محل لها فى هذا الاستفتاء أوحى بأن الشعب قال «نعم» لهذا السبب وهذا غير صحيح. فـ «نعم» كانت لأسباب مختلفة منها أن «نعم» تؤدى إلى الإسراع بالاستقرار.
أما الإضرابات والمظاهرات الفئوية، فهذا حق الناس فى أن يطالبوا بحقوقهم واستغلال هذا الحق من بعض القوى المناهضة للثورة كان محاولة لإجهاض الثورة. فلم تكن كل الاعتصامات الفئوية سيئة النية، والناس أصحاب المطالب الحقيقية كانوا يطلبون بشكل منظم إما يوم الجمعة وإما فى غير أوقات العمل. 
ففى مصنع المحلة كانت الوردية التى لا تعمل تقوم بالإضراب والوردية الأخرى فى المصنع تؤدى عملها ويتبادلون المواقع. وهذا هو وعى الشعب والعمال وهناك من يظلمهم ويتهمهم بالجهل. 
بين قوسين أريد أن أتكلم عن الثورة. وأسألك: هل فعلاً سقط النظام برحيل الرئيس أم لاتزال له رءوس فاسدة باقية ولم يتم التحقيق معها؟ وماذا عن الثورة المضادة؟
اى ثورة لا تُنجز مهامها فى يوم واحد ونجاحها فى جميع المجالات عمل إنسانى يستغرق وقتا طويلا قد يمتد لعدة سنوات.
ومتى يمكن أن نقول إن الثورة قد نجحت؟ 
عندما تتمكن من إزالة النظام السابق واقامة نظام بديل على أساس جديد وفقاً لتوجهات الثورة وهذا لم يحدث حتى الآن وهذا طبيعى لكننا نسير فى الاتجاه الصحيح. ولكن هذا لايحدث فجأة وإنما بالتدريج، ويرجع ذلك الى أن الثورة لا تتولى الحكم بل الذى يتولى الحُكم هو المجلس العسكرى فى ظروف استدعتها الحاجة لحماية البلاد والشعب والثورة من الدماء ومزيدٍ من الضحايا. 
ويستطرد المستشار البسطاويسى: وهو موقفٌ طيب للقوات المسلحة. ولكن يجب أن نعلم أن القوات المسلحة ليست من الثوار، والمجلس العسكرى ليس من الثوار وبالتالى فإن الثورة ستستغرق بعض الوقت لتحقيق أهدافها، لكن الثورة تسير فى الاتجاه الصحيح والمجلس العسكرى يستجيب والضمانة الوحيدة أن يظل الثوريون يحرسون ثورتهم ويراقبون المجلس العسكرى.
إن القوات المسلحة محل ثقة الناس ولكن كما قلت من اليوم الأول إن هذه الثقة يجب ألا تُفهم على أنها شيك على بياض. فالشعب يُراقب وإذا وجد أن هناك تباطؤا أو تراجعا سيتصدى وسيطالب باستمرار الثورة وهذا ما يحدث كل جمعة.
والأسبوع قبل الماضى كانت هناك مظاهرة لحث جهات التحقيق والمسئولين عن الحكم على أن يسرعوا الخطى تجاه تأمين الثورة.
ما رأيك فى قانون تجريم الاعتصام؟
لايجوز تجريم الاعتصام أو التظاهر أو الإضراب، لأنها من حقوق الإنسان. 
ولكن سيصدر قانون بذلك فما رأيك؟
القانون لا قيمة له إلا بقدر احترام الناس له. 
والناس ستُمارس حقها. والمجلس العسكرى ووزير العدل أوضحا أن هذا القانون لا يمس الثوار أو الإضراب. والاعتصام المشروع ولكن القانون شرّع لمواجهة البلطجية والقوى المضادة للثورة. وفى حدود هذا التفسير يكون القانون مقبولاً.
المهم هو التطبيق فى الفترة السابقة، كانت هناك أخطاء فى التطبيق فبعض المشاركين فى الثورة كان يتم اعتقالهم.
قلت بحماسة زائدة: سيادة المستشار. عند إقرار قانون ما وتمريره مع تعهدات شخصية بعدم استخدامه بطريقة معينة. هل من وجهة نظرك كقاضٍ هل ترى أن هذا شىء سليم؟ 
فأجابنى على مهل: لا. وهذا لو تم فى الأوضاع العادية سيكون قانونا غير دستورى ولكن لأننا فى حالة ثورة وأحكام عرفية ومجلس عسكرى يحكم بدستور مؤقت. ويريد تأمين البلاد والثورة. ومن الطبيعى أن تكون هناك إجراءات استثنائية لتأمين الثورة. فإن الشعب يتقبل هذه الإجراءات. 
أما إذا كانت تلك القوانين بحجة تأمين الثورة ولكنها تطال الثوار وتسهم فى إجهاض الثورة لن يقبل الشعب وسيثور عليها.
والضمان ؟
الناس. دائما الضامن هو الشعب.
منذ متى ؟
منذ قيام الثورة والتفاف الناس حول الثورة وتمسكهم بإنجاز مهام الثورة. 
فى بداية الثورة لم يكن هناك قائد يتم الرجوع إليه فى شئونها. وقلنا إن هذا لصالح الثورة. ولكن الآن مارأيك فى هذا؟
أحد أسباب حماية الثورة واستمرارها أنه لم يكن لها قيادة واحدة. ثم إن الثورة لم يكن من الشباب فقط وإنما من الشعب كله. الشباب كانوا الطليعة التى حددت الموعد وأخذت المبادرة، لكن انضم الشعب للثورة وهو الذى قام بالثورة. ولولا انضمام الشعب لكانت مظاهرة عادية، كما أنه ليست هناك ثورة تصنعها فئة واحدة، بل لابد أن يشارك فيها الشعب كله. 
والثورة الآن تُفرز قياداتها وهذا هو التطور الديمقراطى الطبيعى. 
نحن نتحاور بعد حادثتين مهمتين الدستور المؤقت وبداية الحوار الوطنى. رأيك فى الموقف؟
أما بالنسبة للدستور المؤقت فهو شئ طيب جدا لأنه تضمن سقوط دستور 1971 م وكان هذا محل شك فى الفترة السابقة، وحتى بعد الاستفتاء السابق الذى كان يجرى على تعديلات دستور 1971 م هذا أولا.
ثانيا المواد التى تم الاستفتاء عليها وتضمنها الإعلان الدستورى كان لى اعتراضات عليها ولكن بعد الموافقة عليها فى الاستفتاء أصبح لا محل للاعتراض، وعلينا أن نعترف بها وباقى المواد طيبة أيضاً. هذا بالنسبة للإعلان الدستورى.
أما بالنسبة للحوار الوطنى فهو حتى لحظة حوارنا هذا لم يبدأ بعد وعندما ذهبت هذا الأسبوع تبينت أنها جلسات سابقة على الحوار الوطنى ويحضرها خبراء لتحديد كيفية إجراء الحوار الوطنى.
وهنا نبهنى مستطرداً: وقد طلبت الأسبوع الماضى من المجلس العسكرى أن يصدر قانونا يسمح بإنشاء النقابات المستقلة للعمال على أساس ديمقراطى حتى تعبر عنهم تعبيرا صحيحا ونفس الشىء بالنسبة للفلاحين، وبذلك تكون هناك مشاركة حقيقية فى الحوار الوطنى للممثلين عن العمال والفلاحين.
وأيضا كنت أتمنى أن يتضمن الحوار الوطنى وضع القوات المسلحة الذى يجب تأمينه ضد أى تأثيرات تترتب على تداول السلطة ولا يكون قرار الحرب والسلام والتدخل فى عمليات عسكرية قرارا ينفرد به رئيس الجمهورية، لأن من يدفع ثمن هذه القرارات هو الشعب كله، ويجب أن تكون هناك آلية دستورية لاتخاذ هذه القرارات من خلال المجلس العسكرى ومجلس الشعب ويتخذ رئيس الجمهورية القرار بعد ذلك. 
نحن سعداء أنك تقول إننى أستمع للناس ثم أضع برنامجا ومعجبون أيضاً بتصريح سابق قلت فيه إنه لا يوجد رئيس جمهورية يستطيع أن يجيب عن كل الأسئلة ولكن يضع مبادئ عامة. ذلك قول حق يجب أن نقوله؟
فقال لى: ليس فقط إنه لا يستطيع ولكن ليس لديه الصلاحية، لذلك لأن المفروض أن رئيس الجمهورية له صلاحيات ينص عليها الدستور. أما البرامج والسياسيات التنفيذية فلن تكون من اختصاص رئيس الجمهورية بل تختص بها الحكومة التى يُشكلها حزب الأغلبية، كما أن أغلبية الشعب أصبحت ترغب فى النظام البرلمانى. 
وبالتالى فالبرنامج المقدم من المرشح للرئاسة يجب أن يكون فى حدود الصلاحيات أما لو تجاوز هذه الحدود، فإنه يكون بيضحك على الناس أو ينوى أن يكون ديكتاتورا ويعتدى على سلطة البرلمان والحكومة. 
هناك ملفات يجب أن نأخذ رأيك فيها ودعنا نبدأ بالعدالة الاجتماعية فى مصر وعدالة توزيع الثروة. فمصر دولة غنية وشعبها فقير وقد قلت إنك تريد أن تستكمل ثورة يوليو؟ 
فأجاب بحماسة: هذه الثورة تصحح مسار ثورة يوليو حتى يتحقق المبدأ السادس الذى لم يتحقق وهو إقامة حياة ديمقراطية سليمة عن طريق ثورة 25 يناير. وأيضاً العدالة الاجتماعية التى بدأتها ثورة يوليو توقفت بسبب أخطاء فى الممارسة، ثورة 25 يناير يجب أن تصحح ذلك لأنه لا يصح أن نقول إننا نبدأ ثورة جديدة، لأن هذا يكون قطعا لتاريخ مصر وهذا غير صحيح لأن نضال الشعب المصرى ممتد منذ ثورة 1919 م، وحتى اليوم لايمكن أن يكون هناك انفصال بين ثورات 19 أو يوليو أو يناير كلها حلقات متصلة ولا يمكن أن نقول إننا سنعود إلى النظام الملكى مثلاً. فاستعادة الشعب للعدالة الاجتماعية ضمن أهداف برنامجى الانتخابى حيث ربطت بين التنمية الاقتصادية التى تقوم على الاقتصاد الحُر وبين التنمية الاجتماعية التى تقوم على العدالة الاجتماعية فيكون هناك حد أدنى للأجور وحد أعلى أيضا. 
وماذا عن إعانة البطالة؟
إعانة بطالة مرتبطة بأن من توفر له الدولة فرصة عمل ولا يقبلها تخفض إعانته. 
وهنا يقول بصراحته التى اعتادها: إن إعادة تأهيل القوى العاملة فى مصر أمر مهم، فهناك فئات فى المجتمع معطلة ومستهلكة فقط ويجب أن تصبح منتجة، والموضوعات التى يتضمنها البرنامج الانتخابى كلها تقوم على فكرة المشاركة الشعبية والانتخاب فى كل المناصب، وأيضا التوزيع العادل للدخل القومى على كل فئات الشعب. 
ويجب أن يستتبع ذلك الثقة الاجتماعية المتبادلة وأكثر مايحزن الشعب هو الواسطة والمحسوبية والرشوة وما يستتبع ذلك من فساد اجتماعى وطبقى. 
الممارسة الديمقراطية هى التى تُصحح كل هذا. وكل هذه أمراض أصلاً تنشأ فى ظل النظام الديكتاتورى، حيث لا توجد رقابة من الإعلام أو من الشعب، أما النظام الديمقراطى فتكون هناك شفافية فى المعاملات وحرية فى الحصول على المعلومات مع تفعيل للمؤسسات الشعبية والرقابية. 
أى أنك تريد إعادة القيمة للطبقة الوسطى؟
الأهم إعادة القيمة للمواطن المصرى أيا كانت طبقته، لأن المواطن المصرى كانت كرامته مهدرة فى الداخل والخارج. 
ودائما ما كان يبدو هذا الذى نقوله الآن كما لوكان نوعاً من اليوتوبيا أما بعد الثورة فهو قابل للتطبيق.
بالفعل. 
برنامجك الذى تعرضه مرتبط بالتعليم وقد قرأت لك كلاما عن المجانية وكيفية تصوراتك لها، وهذا هو الأمن القومى الحقيقى لمصر 
رأيى واضح جدا فى مسألة التعليم كل طالب يتمتع بالإعفاء من المصروفات الدراسية فى كل سنوات الدراسة ماعدا من تجاوز المرحلة الإعدادية ويرسب يدفع مصاريف إعادة العام الدراسى فالشعب لا يتحمل ذلك. 
إذن مانُقِل عنك فى الصحف فى هذا الشأن تم فهمه بشكل خاطئ؟
أنا قلت إنه ليس هناك تعليم مجانى التعليم له تكلفة يتحملها الشعب من الضرائب، ولا يصح أن ندفع لمشروع خاسر والراسب عليه أن يتحمل مصروفات دراسته. وكذلك الطالب الذى يختار نوع دراسة لا يحتاجه سوق العمل أو الشعب فعليه أن يتحمل مصروفات دراسته، إذن حتى الإعدادية جميع الطلبة يتمتعون بالمجانية وبعدها الطالب إما متفوق فيستمر فى الإعفاء من المصروفات أو يدرس الدراسة التى يحتاجها سوق العمل. 
وهنا كان يجب أن ندخل إلى أهم المناطق المزعجة فى ملف التغيير. وتساءلت: ما وجهة نظرك فى القطاع العام والخصخصة ؟ 
وأجابنى: الخصخصة لا نستطيع أن نرجع فيها لأن كل شىء تمت خصخصته ولايمكن التأميم أيضا. 
قلت: ولكن هل يمكن للشرعية الثورية أن تطرح مفاهيم تخص التأميم؟
الشرعية الثورية يجب أن تكون فى إطار مطالب الثورة، والثورة ليست اشتراكية ولا تطالب بالتأميم، الثورة تطالب بحريات وعدالة اجتماعية. ولكن يمكن فى إطار مطالب الثورة معالجة آثار الخصخصة السلبية، ويمكن أن تختار الدولة بعد ذلك بعض المشاريع لتقوم بإدارتها كما فى المشروعات الإستراتيجية الكبرى أما النشاط الاقتصادى العادى فيجب أن يكون ما يتاح للقطاع الخاص وفق ضوابط تلزمه بأداء حقوق العمال والفلاحين. 
أمامنا الآن وواقعياً ملفات الوحدة الوطنية والتطرف الدينى والصعود المتنامى للقوى الدينية، فهل أنت مع الأحزاب الدينية؟
أرفض قيام الأحزاب على أساس دينى والشعب كله يرفضها، إما أن تكون هناك أحزاب لها مرجعية دينية فهو أمر جائز وكل إنسان له مرجع وغالبية المصريين لهم خلفية دينية. 
فى الماضى كان هناك الحزب الوطنى وباقى الأحزاب المعارضة الوفد والناصرى والتجمع والإخوان وباقى التيارات الدينية تم إقصاؤها فى السجون. وبعد الثورة عاد التيار السلفى بقوة. ما رأيك؟ 
أنا ضد التصنيفات يسار ويمين وسلفى وإخوان ما يعنينى هو الدستور وحكم القانون والذى يلتزم بهما على عينى وراسى، ومن حقه أن يمارس الحياة السياسية فى إطار الدستور والقانون. والذى يخرج عن إطارهما يحظر عليه العمل السياسى ولا يستطيع أحد يدعى أنه مع الديمقراطية ويسعى إليها ويطالب فى نفس الوقت بالإقصاء لأى قوى سياسية.
والمنع يكون وفق ضوابط ينص عليها الدستور والقانون ووفق إرادة غالبية الشعب التى توافقت على:النظام الديمقراطى، تداول السلطة، حق الجميع فى إقامة أحزاب، حظر الأحزاب على أساس دينى ولكن يمكن إنشاء أحزاب لها مرجعية دينية مثل العدالة والتنمية فى تركيا ومثل الحزب المسيحى الألمانى. 
قلت: ولكن تظل هناك مشكلة المسيحيين والوحدة الوطنية لأنه كارت استخدمه النظام السابق. أو ليس هناك تصور عام لعمل مواءمة بين المسيحيين والغالبية من الشعب؟
ليست لدينا مشكلة فى التفرقة بين المسلم والمسيحى، ولا يوجد نص يفرق بينهما ومبادئ الشريعة الإسلامية تؤكد المساواة بينهما أيضاً. وهى كذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فى المدينة المنورة ووصية الرسول للعرب قبل دخولهم مصر فلا يوجد تمييز إلا من جانب سلوك الافراد وفهم الأفراد الخاطئ.
وعلاجه التوعية وتصحيح المفاهيم ونصوص الدستور القادم يجب أن تكفل المساواة الكاملة لكل المواطنين فلهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات والمنصب الوحيد الذى يحظر على غير المسلم هو شيخ الأزهر. 
بناء على هذا الكلام هل توجد مشكلة قبطية؟
هناك مشكلة للمسيحيين ليست ناتجة عن النصوص ولكن عن فهم خاطئ لبعض الأفراد بدعم من نظام الحكم السابق حتى يشغل الناس فى مشاكل فرعية لا أساس لها واليوم انتهى كل هذا، وبقى بعض الآثار التى ستنتهى مع الممارسة الديمقراطية ومع قيام المثقفين بواجبهم ودورهم للتوعية والشرح الصحيح لنصوص الدستور وحقوق المواطنة وستنتهى المشكلة. 
هل إذا قضت مشيئة الله أن تصل إلى منصب الرئيس أن تختار نائبا قبطياً ؟
أنا صرحت بأننى سأتنازل عن حقى فى هذا الاختيار للشعب لأنه لا يجوز إطلاقا أن يختار الرئيس نائبا ثم يفرضه على الشعب وعندما يموت يترك نائبه يتحكم فى رقاب العباد الواجب أن يختار الشعب نائب الرئيس. 
هل أنت معجب بالنموذج التركى؟
اخترت النموذج التركى فى جانب محدد وهو دور القوات المسلحة، حيث يتم تجنيبها الصراع السياسى، أو أن تصبح عُرضة للتأثر بتداول السلطة وأن تكون مستقلة ويكون من ضمن مهامها حماية الدستور من الانقلاب عليه ولكن مصر لها خصائصها المميزة التى يجب أن يعبر عنها النظام السياسى والدستور ويجب ألا نستورد لها نظام تركى أو فرنسى. 
الإخوان أصبحوا أمراً واقعاً. فما موقعهم لديك وكيف تنظر لهم؟ 
الإخوان المسلمين فى نظرى شأنهم شأن أى فصيل سياسى آخر لا يشكك أحد فى وطنيته أو انتمائه والفيصل بين الفصائل المختلفة فى أدائها هو القانون، والشعب هو الحكم على الأداء والبرامج. 
مؤخراً حدث توافق بينك وبين حمدين صباحى مرشح الرئاسة. ما سر هذا التقارب؟ وما نقاط الاتفاق بينكما؟
أرى أن «أ. حمدين» أقرب المرشحين للمنافسة على المنصب لأنه أكثرهم تواصلاً مع الطبقات الشعبية وبرنامجه قريب من برنامجى، وهو صديقى. 
هناك توافق بين البرادعى وموسى وبين الفريق حتاتة واللواء محمد على بلال وكل منهم من الوارد أو قد يتصور البعض أن أياً منهم يمكن أن يتنازل للآخر بناءً على الأرضية المشتركة. فهل هذا وارد بينك أنت وحمدين؟
غير وارد أن يحدث اتفاق بين مرشح وآخر والكلام الذى ذكرته لم أسمع به من قبل. 
هل هناك تقارب بينكما ؟
هناك تقارب بين المرشحين بشكل أو بآخر. 
جميع المرشحين كان لهم دور فى العمل الوطنى كل حسب قدرته وحسب ظروفه وغير مطلوب أن يؤدى أحد أكبر من دوره. 
ولكن لا أرى هناك مجالا لأى اتفاق أو ألا يتنازل أحد لآخر، وهناك احتمال أن يرى أحدهم أن فرصته صارت أقل ويجنب نفسه الانتخابات، أما الاتفاقات فهى سلوك لا أحبه، لأنه كما لو كان تواطؤا على الشعب. 
أريد رأيك بوضوح فى الأداء السياسى لكل من البرادعى وموسى؟
لن أقول رأيى لأن الشعب هو الذى سيقول رأيه. 
أصررت وقلت: بصفتك مواطنا ؟
فأصر وأجابنى: 
لايجوز وأنا مرشح أن أقول رأيى. لأن من آداب الانتخابات ألا يتعرض مرشح لآخر. 
هل أنت مستعد للمناظرة معهم؟
بالطبع أنا مستعد للمناظرة مع أى أحد. 
أشاد بك جدا د. سعد الدين إبراهيم، وقرر أن يعطيك صوته. فما رأيك فى علاقاته بالغرب ؟ وتأييده لك هل طمأنة لك وللغرب؟
أنا يهمنى صوت كل مواطن مصرى مهما كان انتماؤه أو طريقة تفكيره، ود. سعد الدين وكل مصرى هو إنسان وطنى مخلص مالم يثبت غير ذلك بشكل يقينى وقد أسعدنى تصريح د. سعد. 
ألم تكن لديك أى ملا حظات على ما حدث طوال الفترة السابقة معه ؟
أنا صلتى بكل القوى السياسية بالدولة طيبة. أتفق وأختلف فى مسائل معينة طبقا لقواعد الاختلاف التى لا تعنى الكراهية أو الدم أو التخوين أو التكفير، وهذه هى صلتى بالجميع بما فيهم الذين كانوا ينتمون للحزب الوطنى إلا من ارتكب منهم جرائم فلابد أن يحاكم ويحاسب وأن يرد حق الشعب إلى الشعب. 
هناك الكثير من المثقفين الذين يرون أنه يجب أن تكون هناك صيغة للاتفاق بينك وبين أحد المرشحين مثل حمدين صباحى مثلا؟
هذا الكلام سمعته كثيرا ويجب أن يفهم قائلوه إنه ليس له إلا معنى واحد هو أن يتنازل مرشح لآخر وأنا لا أقبل هذا الكلام لا لنفسى ولا لحمدين، كما أنه يُخل بحق الشعب فى الاختيار. ويصدر عن أشخاص لا يتمتعون بالوعى السياسى الكافى. 
وللأسف هذا الرأى يصدر عن النخبة؟ 
النُخب للأسف لأنها حرمت من الممارسة الديمقراطية فى الماضى مع وجود أوضاع ملتبسة كثيرة فى مصر إلى جانب خوفهم على الثورة من القوى المضادة كل هذا يجعل تفكيرهم مشوش.
أما إذا نظموا صفوفهم ووثقوا فى أنفسهم وفى الشعب فسيختفى هذا الالتباس. 
ما موقف الحزب الوطنى فى المشهد السياسى؟ وهل من وجهة نظرك ترى أن يتم حل هذا الحزب الذى تربت كوادره فى لجنة السياسات. وفى بداية الثورة وجه بعضهم البلطجية لمهاجمة الثوار. يُنتظر أن يتغير فى يوم وليلة تفكيرهم؟ 
هناك دعوى مرفوعة لحل الحزب الوطنى ويجب أن ننتظر الحكم. وحل الحزب لن يمنع أن تنشئ كوادره حزباً جديداً باسمٍ جديد.
إذن العِبرة ليست فى حل الحزب وإنما فى حظر العمل السياسى على رموزه. وكل من ارتكب جرائم مثل الاعتداء على الحريات أو تزوير الانتخابات، يجب أن يقدموا للمحاكمة وكل من يدان له عقوبة تكميلية بحرمانه من ممارسة النشاط السياسى لفترة من الزمن نص عليها القانون. 
أما من لم يرتكب جريمة وهم غالبية أعضاء الحزب أرى أن يتم تجميد نشاطهم حتى تنتهى الثورة من إنجاز مهمتها حتى يأتى برلمان جديد يخلو من أعضاء الحزب الوطنى، ويوضع دستور جديد وبعد ذلك يرفع عنهم التجميد ولأنه ليس من المنتظر أن تصدر المحكمة حكما بذلك فقد طلبت من أعضاء الحزب أن يبادروا هم بتجميد نشاطهم وبعد انتهاء هذه الفترة يمكن أن يعودوا بشرط الاعتذار العلنى الصريح للشعب وتتم المصالحة. 
مارأيك فى الدعوة لتُمثل النموذج الجنوب إفريقى فى المصالحة والدعوة المتصاعدة إلى التصالح مع الفاسدين لو ردوا الأموال ؟
يجب تحديد معانى الألفاظ. الفاسد هو الذى ارتكب جريمة أدت إلى التربح من خلال هذه الجريمة هذا لا يجوز التصالح معه. 
حتى لو أعاد الأموال؟
يعيد الأموال ثم يُحبس. 
إذن لا يصح أن أحمد عز يصرح بأنه سيدفع ملياراً ثم يتصالح! 
من استفاد من الفساد الموجود كشركة مقاولات لاتستطيع أن تدخل فى مناقصة إلا إذا دفعت رشوة وإلا فلن تعمل فإنه بنص القانون يعفى من العقاب بشرط أن يرد المبالغ التى استفادها. 
فى ظل مايمكن أن نسميه تباطؤ أو تواطؤ النائب العام مع هؤلاء الفاسدين والتقصير فى محاكمتهم واستعادة أموال الشعب منهم وهناك ملحوظة شخصية ألا يؤدى فتح 40 ملفا مرة واحدة إلى عدم وجود أحكام قضائية سليمة؟
أنت أجبت بنفسك عن السؤال فمادامت الملفات المفتوحة أكبر من طاقة القائم بالعمل لابد أن يكون هناك تباطؤ، فى الواقع أن عدد الملفات كبير والإجراءات لابد أن تكون شرعية حتى تصدر الأحكام بناء على هذه الأسس. وحتى تكون عادلة لابد أن يأخذ هذا وقتاً كبيراً فقضايا الأموال تحتاج بالفعل إلى وقت كبير. 
هل يمكن أن يصدر حكم قضائى على الرئيس المخلوع؟
حتى أقرر ذلك لابد أن أطلع على أوراق القضايا حتى أستطيع أن أقرر، كما أنه لايصح لأحد أن يبدى رأيا فى قضية منظورة أمام القضاء، أما بالنسبة للنائب العام الحالى تصادف أنه على كفاءة عالية فى هذا المكان وهذا لم يكن مقصد النظام السابق لأنه دائما ما كانت اختياراته تكون غير مناسبة ومن محاسن الصدف أن الثورة لم تقم فى ظل النائب العام السابق. 
أريد أن أعود إلى أزمتك وأسأل كيف تعاملت معها علماً بأنه محظور على القضاة الكلام فى السياسة؟
أثناء الأزمة لم نكن نتكلم فى السياسة وإنما عن استقلال القضاء ونزاهة الانتخابات كأحد مهام القضاة فى ذلك الوقت وعن كيف يكون القاضى مستقلاً. ثم أن القاضى ليس ممنوعاً من الكلام فى السياسة. ولكن يُحظر عليه الانضمام للأحزاب السياسية أو أن تشتمل أحكامه القضائية على أفكارٍ سياسية. 
عام 1969 وقعت مذبحة القضاة هل نعانى منها حتى الآن؟
نعم فالسلطة التنفيذية كانت تتعمد تعيين أشخاص غير مؤهلين وغير صالحين للعمل فى القضاء، وهذا أمر ظللنا نعانى منه ونكافحه سنوات وسنوات حتى اضطررنا فى النهاية أن نخرج للشعب ونصارحه بها. 
هل تعرف كمال الهلباوى المتحدث السابق باسم الإخوان المسلمين فى الغرب؟
ليست هناك معرفة شخصية. 
صرح الهلباوى بأن «سامى عنان» هو المرشح الأقرب والأنسب للرئاسة وأضاف أنه رجل غير قابل للفساد. كما أنه قد أشاد بك أيضا. فماذا ترى فى هذه الإشادات؟
الهلباوى لا يمثل الإخوان المسلمين ولايعبر إلا عن رأيه الشخصى فقط. أما موقف الإخوان فسيعلنون رأيهم متى شاءوا.
وأنا لايعنينى رأى هذا أو ذاك.
أنا أطرح نفسى وأقدم برنامجى ومن شاء أن يؤيد هذا البرنامج أشكره. ومن يؤيد برنامج آخر، فله ذلك وهذه هى الديمقراطية. 
وهذا رأى د. الهلباوى وقد ساق مبرراته لهذا الاختيار ومن اقتنع بهذه المبررات فسيوافق عليها والعكس صحيح.
كما أنى لا أعتقد أن الإخوان يسيرون خلف رأى قاله شخص ما. 
هل يمكن أن تحدث صفقة بين الإخوان والمجلس العسكرى؟
لا أعرف ولا أحب أن أتكلم فى مثل هذه الأمور وليس هناك مجال للصفقات، وهذا ما دفعنى لأن أبدأ المؤتمرات الانتخابية من بلد لا صلة لى بها حتى لا يكون المعيار للعصبية وإنما لما يطرحه المرشحون من برامج. 
بالنسبة للحملة الانتخابية لقد صرحت بأنه سيكون هناك كشوف بالمصروفات ورقابة على الأمور المالية؟
هذا هو الطبيعى وهناك أجهزة رقابية فى الدولة لابد أن تقدم لها هذه الحسابات.
هل لك مستشارون؟
بالطبع وكثيرون ويصلون إلى الآلاف ومن تيارات مختلفة.
ماذا عن الأسماء؟ 
لن أذكر أسماء وليس من حقى أن أذكر أسماؤهم من يريد أن يذكر اسمه فليفعل. 
هل ترى أن النموذج الأمريكى فى الدعاية أفضل؟ 
أعتقد أن العمال والفلاحين عندما يرون إعلان مرشح الرئاسة فى التليفزيون مثل الإعلان عن رابسو وعلبة سمنة.
وأخيراً.
كانت تلك نهاية حوارى مع المرشح للرئاسة سيادة المستشار هشام البسطاويسى بكل ما يحمله من تاريخ مشرف وبرنامج متميز ينحاز للعدال الاجتماعية والبعد القومى العميق. 


2 ابريل 2011

نعم للبرادعى. والدرع الحامى! 
المصدر: الأهرام العربى 
بقلم:   دينا توفيق
 
د. عبدالمنعم ابو الفتوح

يبدو أن المسكوت عنه فى دهاليز الدولة المصرية متفق عليه وما يطفو على السطح من غليان ليس إلا مظاهر تخفى ما يجرى داخل «الصندوق الأسود» لمصر فرحيل مبارك لم يكن سقوطا كاملا فنظامه مستمر بشكل أو بآخر. فتداعيات نهاية أى نظام سياسى ليس بالسهولة التى يتصورها البعض فالرجل خلق تشكيلاً عصابياً من نسيج النظام نفسه ولا أحد يستطيع أن يحدد على وجه الدقة مدى قوة تشكيلات الأنظمة السرية التى كونها فى أجهزة الدولة، ولا إحصاء يمكن التنبؤ به لعدد خلايا وقواعد مليشيات العمليات الأمنية السرية والفرق الدموية بداخله، خصوصا التى مازال لديها تصريح بالقتل والبطش، كما أن المخلوع يملك أموالاً لا تحصى، أسس بها نظاماً شمولياً ديكتاتورياً بوليسياً قمعياً بمساعدات أمريكية وتأييدا إسرائيليا معلنا فلا يُعقل أن يجلس رجلان بحجم وبوزن كمال الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق وحسب الله الكفرواى وزير الإسكان الاسبق، أمام شاشات التليفزيونات الخاصة وقد صمتا كثيرا كثيرا بعد خروجهما من منصبهما وقد كان كلاهما ملء السمع والبصر. فيكفى الأول بأن يشيد بمشروعه الغامض توشكى، والثانى يؤكد أنه مشروع فاشل من قبل الإقدام عليه وعندما يُسألان عن شىء جوهرى يتهربان من الإجابة بدون مبرر وملامح وجهيهما فى حالة فزع ورعب ليست من فراغ وينظران إلى ساعتهما من وقت إلى آخر طالبين الرحيل، معتذرين بتأخر الوقت بعد أن اكتفوا بإطلاق صواريخ الاحتفال فى مهرجان رحيل مبارك؟
ودعونى أصارحكم أيها السادة بأن ملفات داخلية كثيرة يبدو أنها يجب أن تستمر مغلقة منها ملف القوة السرية التى كونها حبيب العادلى من 22 ضباطاً تابعة مباشرة لرئاسة الجمهورية والتى قيل إنها هى التى فجرت كنيسة الشهداء فى الإسكندرية وكذلك هوية القناصة يوم الأربعاء الأسود والانسحاب الشُرطى المتعمد وخطة إخلاء السجون وحرق وثائق وملفات أمن الدولة والتستر على ممارسات. بالإضافة إلى أذرع خريطة رجال النظام فى المؤسسات القضائية والإعلامية والتنفيذية والتشريعية والاقتصادية وجدول عمليات التعذيب والتخريب والسحل و القتل والتنكيل سواء بالمعارضين أم الأبرياء وجميع الكرنفالات الوحشية والأعمال الإجرامية. وما لا يدرك كله. يترك كله. وما خفى كان أعظم.
ناهيكم عن ملفات العلاقات الخارجية مع الولايات المتحدة وإسرائيل واتفاقية السلام مع الأخيرة وبنودها السرية واهتمام أمريكا المُبالغ والتصريحات المتتالية للرئيس الأمريكى والمتحدث الرسمى باسم البيت الابيض وهيلارى كلينتون وزيرة الخارجية وجون كيرى والمبعوث الأمريكى لمبارك واتصالات لسفيرة أمريكا فى مصر مع كل القوى الوطنية، وكأن أمريكا فى حالة حرب. إضافة إلى تحرُك أسطولها فى البحر المتوسط لتخفيف الهلع الإسرائيلى المصاحب أثناء ثورة 25 يناير. الأمر المدهش الذى يجعل الجميع يقول بأن مصر تكاد تكون إحدى الولايات الأمريكية الواقعة تحت سيادة الرئيس الأمريكى وإن كانت تتمتع بقدر من الحكم الذاتى أو أنها مثل بورتوريكو التابعة للسيادة الأمريكانية.
إن مصر باتت بحراً من الطلاسم والألغاز وبيت جحا وكلمات متقاطعة لا تبدو أنها تؤدى إلى حل على المدى القريب وفوضى وانفجار فى كل مكان فبدلاً من وضع آليات لحلول منطقية تسيطر وتكبح من جماح وحجم المظاهرات الفئوية التى لها مبررات حقيقية وضرورية، بدأت واستمرت قبل وبعد الثورة. فإن الحكومة تلجأ لحلول وهمية وإصدار مراسيم بقوانين تمنع المظاهرات والاعتصامات وتتهمها بأنها من فعل قوى الثورة المضادة مع أنها كانت المؤشر الذى حسم موقف الجيش لصالح الثورة مع اندلاع وانتشار تلك المظاهرات الفئوية نفسها فى كل ربوع مصر منذرة بعصيان مدنى شامل مع انحصار المظاهرات العامة فى ميدان التحرير وساحة جامع القائد إبراهيم بالإسكندرية وعديد من التجمعات فى أماكن متفرقة بمحافظات مصر!
وقد هالنى أن وسائل الإعلام الحكومية والخاصة لم تقم بواجبها فى شرح مزايا وعيوب التعديلات الدستورية بشكل واف فوسط حالة من ضباب الرؤية سألنى عديد من الشباب والمواطنين تجمعوا فى ميدان التحرير: هل نصوت بلا أم نعم على التعديلات الدستورية؟ ومع شرح مفسر لهم لم أنفِ رفضى للتعديلات بل لم أستطيع أن أنكر تأييدى لترشيح الدكتور محمد البراداعى، فالرجل قام بتفعيل الحِراك السياسيى وقال منذ البداية إنه جاء ليكون أداة لتغيير الواقع المظلم لنظام مبارك. فنزل إلى الشارع والتحم بالجماهير فى القرى والمحافظات وراهن على الشباب وقدم خريطة للتغيير وكان يؤمن بأفكاره إيماناً مطلقاً وطرح بقوة فكرة التعديلات الدستورية و تبنى مواقف مؤيدة للعدالة الاجتماعية والمساواة وإطلاق الحريات السياسية والاجتماعية والعامة وحق الإخوان المسلمين فى إنشاء حزب يمثلهم و تجمع حوله أكثر من 300 ألف شاب كانوا النواة التى أطلقت الدعوة لمظاهرات 25 يناير.
وكذلك تعرض البرادعى لمدافع ونيران المخلوع وابنه فى أكبر حملة جوبلزية (من جوبلز وزير دعاية هتلر) منظمة فى التاريخ جندت الصحافة فى مُجملها من قومية وحزبية ومستقلة وقنوات حكومية، وخاصة طالت أسرة الرجل وجردت زوجته من مصريتها وجعلت ابنته متزوجة من مسيحى ونشرت صوراً لها عبر قراصنة على موقعها على الفيسبوك وهى ترتدى ملابس البحر فى بيت خالها ووصل الافتراء إلى أن جريدة قومية مثل «المساء» وصفت قدومه للإسكندرية لتعزية أسرة خالد سعيد بصحبته «مزز» بملابس «محذقة» وعلقت محررة الخبر الذى ينضح بالحقد والنفاق «علشان مايقلولناش تحرش بعد كده» وأضافت أن زوجة البرادعى رفضت دخول الجامع لصلاة الجمعة ووصفتها بأنها تصبغ شعرها باللون الأصفر وكأن زوجة المخلوع ترتدى يشمك وزوجة ابنه الوريث المخلوع لا تنزل البحر إلا بالمايوه الشرعى؟
ومع ذلك فإن الرياح لا تأتى عادة بما تشتهيه السفن فقد جاءت نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية مُخيبة لكل القوى الثورية من ليبراليين ويساريين وأحزاب المعارضة وصبت فى صالح التيارات الدينية التى صوتت بنعم ومدلول النتيجة لا يجب بأى حال من الأحوال أن ينفصل على دلالات المشهد السياسى فى مصر بأن 14.192 مليون مواطن تقريبا قالوا نعم مقابل 4.174 ملايين تقريبا من أصل 45 مليونا لهم حق التصويت، وهى نتيجة لابد وأن أعترف بأنها جاءت لتؤكد فى المقام الأول ثقة الشارع فى التوجهات السياسية والقرارات التى يدير بها المجلس العسكرى الأعلى زمام الأمورفى الدولة والتى أكسبته شرعية حقيقية فلم يعد وصياً على الثورة بغض النظر عن مخالفاتها لآراء وطموح أغلب المثقفين والسياسيين والثوريين .
بل إن قراءة معطيات الواقع من أجل تحليل نتائج الاستفتاء لن يأتى فى كفة ميزان القوى التى قالت «لا» على الإطلاق أوالمرشحين المطروحين من قِبلِهم على الساحة فقد برز للأسف غياب الوعى السياسيى التكتيكى سواء لدى الدكتور محمد البرادعى أو السيد عمرو موسى اللذين سارعا فى إعلان رفضهما للتعديلات دون النظر لاستطلاع تواجهات وآراء الرأى العام وقوى الشارع.
لقد اعتمد كل من البرادعى وموسى على الهالة الإعلامية التى تحيط بهما، بل إنهما قاما بالتورط وحرق أنفسهما بذاتهما وبأيديهما فى إعلانات صريحة عن ذلك الموقف فى قناتى نجيب ساويرسO.TV و ON TV جنباً إلى جنب مع ساويرس ذاته مما ربطهما مع الأقباط فى سلة واحدة الرافضين للتعديلات أمام التيارات الدينية بقيادة الإخوان.
لقد روج الإخوان لنعم على أساس أنها مرتبطة ارتباطا وثيقا ببقاء المادة الثانية من الدستور التى تنص على أن الإسلام مصدر رئيسى للتشريع، والتى لم تكن لها ناقة أوجمل فى هذا الاستفتاء على الإطلاق برغم الاستقطاب الدينى حولها وأسفرت النتائج عن حشد أربعة ملايين فقط وراء البرادعى وموسى وغيرهم من الأقطاب الرافضة مما يعيد صياغة السؤال حول مستقبل السياسى لكلٍ من المرشحين المستقلين فى ضوء نتائج الاستفتاء وحقيقة شعبيتهما كأسماء رنانة ومشهورة ليس لها كوادر حقيقية وعناصر تابعة فى المحافظات، تقوم بالحشد والترويج لأفكارهم فى المحافظات مثلما تقوم بقايا القوى التقليدية للحزب الوطنى و جيوش الموظفين بالدولة إضافة إلى الإخوان المسلمين !
أيها السادة إنه مع استبعاد الأمنيات والأحلام الرومانسية والنظر بدقة لمؤشرات فرضيات الأمر الواقع فإن العمل السياسى يحتم أولا على كل من البرادعى وموسى أن يتفاهما ويتفقا معا أن يتنازل أحدهما للآخر عن الترشيح والعمل كفريق واحد إن كانا يريدان أن يكون لهما دور فى الحياة السياسية فى مصر وأظن أن السيد عمر موسى هوالأقرب من حيث العدالة أن يتخلى عن الترشيح لأنه تباطأ فى التقدم نحو السباق الرئاسى إلى ما بعد الثورة وتنحية المخلوع عن السلطة وارتضى بتنازلات مبارك و خرج إلى الميدان بناء على طلب عمر سليمان نائب المخلوع لاستغلال شعبيته لتهدئة الجماهير الثائرة سعيا لفض اعتصامهم وإقناعهم بالحوار مع نائب المخلوع بل إن البعض يرى أن ترشيح موسى جاء لتفتيت أصوات البرادعى وإضعاف موقفه، خصوصا أنه ليس هناك فروق جوهرية بين رؤى كليهما نحو المستقبل.
إن التقديرات تشير إلى أن الإخوان المسلمين كانوا لهم على الأقل من ثمانية إلى عشر ملايين مصوت من أفراد الجماعة أومتعاطف معها من أصل14مليونا مصوت قالوا نعم فى الاستفتاء الأخير، علاوة على اثنين إلى ثلاثة ملايين مصوت لبقايا الحزب الوطنى وباقى المصوتين لأفراد مستقلين وسلفيين وهو ما يعنى أن الإخوان المسلمين هم القوة السياسية الأساسية على الساحة وأكبر حزب فى مصر القادر على تعبئة الجماهير، والقوى التى إذا استطاع البرادعى أوموسى التحالف معها لكان رئيس مصر فى عصر ما بعد المخلوع، خصوصا أن الإخوان وحتى الآن يعلنون أنهم لن يرشحوا أحدا من أفراد الجماعة لرئاسة الجمهورية وهو موقف غريب ومريب لقوة حقيقية تستطيع أن تقطف ثمرة كرسى الرئاسة بالفعل دون تحالف مع أحد على الإطلاق!! كما أن فرصة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح القيادى الإخوانى المستنير للفوز برئاسة الجمهورية دون موافقة مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع تكاد تكون شبه منعدمة، فنظام صناعة القرار فى الإخوان أقرب إلى نظام القطيع لدى الحزب الوطنى ولايكفى شعار «مشاركة لا مغالبة» فى تفسير تخلي الإخوان عن الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية وهو ما يدفع التكهنات صوب أن صفقة ما تمت بالخلف فى كواليس المطبخ السياسى بين المجلس العسكرى والإخوان والحزب الوطنى، كان ربما من ضمن تداعياتها ظهور ودفع اللواء محمد بلال فجأة مرشحا للرئاسة وهو بلاشك رجل وطنى من الطراز الأول أثبت كفاءة ومهارة عسكرية ولمع أسمه فى الحرب العراقية ـ الإيرانية وفى حرب تحرير الكويت وتم استبعاده منذ فترة طويلة ربما لبزوغ اسمه كقائد إستراتيحى عسكرى وميدانى محنك فى عصر المخلوع، فعجل بنهايته و لكن يعاب عليه أنه ومنذ إحالته للمعاش لم يكن له أى دور سياسى. فلم ينضم إلى أى حزب سياسى وآثر السلامة والبقاء كعضو فى نادى الشمس.
ولعلى لا أسبق الأحداث والحوادث فى سياق قراءة صورة الواقع وطبيعة موازين القوى المسيطرة فيه وأجد أن البديل المناسب وليس الأفضل من الناحية العملية هو المشير محمد حسين طنطاوى الذى عليه أن يتخلى عن بذلته العسكرية وصمته ويكمل دوره و يقوم بزمام المباردة كمرشح لرئاسة الجمهورية فى الفترة المقبلة كرجل توفيقى له شرعيته بين قوى متصارعة و منقسمة قامت بثورة ولا تمسك بزمام السلطة فيها وتبدو أنها لن تجنى ثمارها.
فربما شاءت الأقدار لهذا لرجل أن يكون هو القادر على الخروج بمصر إلى مرحلة آمنة وأكثر استقرارا بعيدا عن الفوضى والأشباح التى تحركها فى فترة انتقالية تجهز مصر إلى ديمقراطية حقيقية قام بتجريف مقوماتها النظام البائد وبين قوى سياسية متكافئة لها قواعدها، وشكلت أركان كوادرها التى تحمل مشاعل نور المستقبل. لا مناخ تتلاطم فيه أمواج عاتية وظروف عصيبة يحيطها ظلال من الشك والخوف من المجهول وضباب من الرؤية وغياب اتضاح وفضح حقائق ومفاهيم ملفات أمنية سرية داخلية وخارجية لا أعرف أسباب الاصرار على سريتها حتى الآن وإن كنت أرى وقائعها معلنة. إضافة إلى تربص قوى الثورة المضادة وما جنته واكتسبته من أموال تستطيع أن تقيم به دولة بديلة من فلول الأمن ومراكز قوى خفية فى السلطة التنفيذية والقضائية.
ويبقى على المواطن محمد حسين طنطاوى أن يقدم للشعب كشفا بذمته المالية يعرض على لجنة قضائية مستقلة تنتخب من المجلس الأعلى للقضاء لتثبت أولا: أن ليس كل مسئول فى مصر كان فسادا فى عصر المخلوع وثانيا: لتعطى وتعيد الثقة فى مؤسسات الدولة، ثالثا: حتى يطمئن قلب الشعب وثورته من خلو ذمة ساحة المشير«وغيره» ونزاهته من أى اتهام قد يعلق به الظن ويلاحقه ضمن العفن المواكب لبراثين النظام السابق، خصوصا وأنه كان اليد التى بترت صولجان السلطة من يد مبارك وفارقت بينه و بين كرسى الرئاسة وإزاحته هو ووريثه عن عرش مصر استجابة إلى شرعية الشعب وثورته وشهدائه فاستعاد جيش مصر دوره كشرف للأمة وعزتها ودرعها الحامى من قوى الداخل والخارج على السواء فى واقع عربى جديد يتشكل تصون فيه الشعوب كرامتها وتفرض كلمتها وإرادتها صوب العدالة الاجتماعية والحرية. 


26 مارس 2011

فى مصداقية منصب النائب العام واستقلاله 
المصدر: الأهرام العربى 
بقلم:   دينا توفيق
 
سليمان

إن أى منصب فى السلك القضائى هو عنوان للنزاهة والشرف والاحترام والتقدير، لكون القاضى ظل الله على الأرض ولا مُعقب على قراره سوى واجبه فى تحقيق العدالة وضميره. وعلى ذلك فطوال السنين اكتسب القاضى المصرى فى كل مكان أو محفل يذهب إليه قداسة ومهابة واحتراماً بالغاً وتقديراً بمجرد معرفة أى فرد بكون وظيفة الشخص الذى أمامه قاضياً أو فى هيئة قضائية، وذلك نظراً لاحترام وإجلال ورهبة المواطنين لرجال القضاء لمكانتهم الرفيعة بحكم مناصبهم التى يجلها أى إنسان لأنها ترتدى الثوب الأبيض عنوان الطهارة والعدالة والصدق والحقيقة المجردة من الهوى أو السلطان التى تجلس أسفل تمثال سيدة العدالة وهى معصوبة العينين لتزن الحق بميزانه الذى لايفرق بين المواطنين بسبب سلطان أو مال أو جاه أو قرابة أو محسوبية أولون أو دين أو جنس.
وبينما أتحدث الآن عن القضاء المصرى المستقل فدعونا نتذكر معا القاضى المستشار مدحت شاكر رئيس محكمة أمن الدولة، وواقعة قيامه باستغلال رُخصة قانونية أوكلها له القانون عندما وجد أن النيابة العامة لم تقم باستيفاء كل جوانب التحقيق مع المتهمين فلم يُطالب سيادته النيابة العامة فى حينها بإعادة فتح ملف التحقيق واستكمال بعض النقاط التى رأى أنها لم تتم تغطيتها عند عرض القضية عليه أو لظروف لمس أن النيابة لم تقم بكامل واجبها فى التصدى وفحص وقائع القضية واستجواب المتهمين على الوجه الأكمل الذى يحقق العدالة قبل إحالة القضية للمحكمة الجنايات وإضافة اتهامات جديدة للمتهمين أثناء نظر الدعوى أمام محكمة لم تقُم بالتحقيق فيها من قبل فقام المستشار مدحت شاكر بانتداب عضو اليمين للمحكمة المستشار محسن صبحى كقاضى تحقيق فى قضية مهمة أتمنى أن تتذكرونها. قضية نواب القروض لينهى حالة التهاون والانفلات والعبث والاستخفاف بالقانون والاستكبار على نصوصه فى قضية نواب القروض الذين وصل بهم عدم الاكتراث أنهم كانوا يذهبون إلى قاعة المحكمة وكأنهم فى نزهة أو لقاء فى مقهى أو زيارة نادى، وقد تعاقبت على قضيتهم عدة دوائر حتى نظر المستشار مدحت شاكر القضية، فأمر فجأة بإيداعهم قفص الاتهام، بل وقرر فى نهاية الجلسة ألا يغادروا قاعة المحكمة إلا فى عربة الترحيلات إلى أحد السجون وحبسهم احتياطيا على ذمة القضية 45 يوما وعند انتهائه من استجواب المتهمين كسلطة ادعاء قرر اعتلاء منصة المحكمة وإعلانه تنحيه عن نظر القضية لأنه لا يمكن أن يقوم بدور ممثل النيابة كسلطة اتهام وقاضي وحكم فى ذات الوقت فى نفس القضية فى واقعة نادرة وربما تكون غير مسبوقة من قبل فى تاريخ القضاء المصرى العظيم.
وأدان المستشار أحمد عزت العشماوى، رحمه الله جميع المتهمين بالقضية ووصلت الأحكام إلى 15 سنة أشغالا شاقة، وكتب فى حيثيات حُكمه أنه كان يتمنى إعدام المتهمين، لولا أن القانون لايسمح له بذلك، وهذه القضية صاحبها أيضا الإذن الغامض للمتهمة علية العيوطى بالسفر للخارج، الذى منحه المستشار رجاء العربى، النائب العام السابق بدعاوى العلاج من مرض غير خطير وهى ذات الشكوك التى أحاطت بقرار النائب السابق ماهر عبد الواحد بمنع سفر ممدوح إسماعيل بطل قضية عبارة السلام بعد مرور أكثر من شهر من غرق العبارة، وبعد هروبه الفعلى إلى لندن بعد رفع الحصانة عنه من مجلس الشورى، وتزامن ذلك مع تقديمه للمحاكمة بجنحة القتل الخطأ فقط، والذى أدى إلى حصوله على حكم صك البراءة فى محاكمته الأولى، مما صدم الرأى العام واقترن ذلك مع صعود وترقية المستشار ماهر عبد الواحد إلى منصب رئيس المحكمة الدستورية.
ومن هنا فإن الشك ينتاب النخبة والصفوة المثقفة والشباب الواعى والذى عبر عنه العديد من الفئات فى الصحف وعديد من صفحات المدونات وموقع الفيس بوك على الإنترنت والقنوات الخاصة وعلى رأسها بعض المحامين الذين طلبوا صراحة بإقالة النائب العام، بل البعض رفع من سقف مطالبه، نظرا لأنه كان من الصعب أن يصدق أو يظن أحد أن النائب العام لم تصله قبل 25 يناير وقائع من ملفات الفساد من الجهات الرقابية المختلفة علاوة على البلاغات المقدمة من أفراد وشخصيات عامة وحزبية ونيابية وجمعيات حقوق الإنسان فيما يحقق فيه الآن النائب العام، كما أن أحدا لايستطيع غض النظر عن تحويل كل هذا العدد من الوزراء ورجال الأعمال للتحقيق معهم ومنعهم من السفر وتجميد أموالهم فى غصون شهر واحد فقط ودفعة واحدة فجأة ورغم الإنذارات المتراكمة سابقا. والتى ظهرت كلها مع اندلاع ثورة الحرية وعقب تخلى الرئيس المخلوع وحتى هذه اللحظة بل تزايدت الشكوك وتكاثرت حول جدية التحقيقات رغم مظاهرها وبرغم أنها طالت الرئيس المخلوع وأسرته، فإن بعض رجال نظام مبارك علاوة على بعض رجال الأعمال كانوا عن قرب من العهد البائد يصل إلى حد الالتصاق لم يصبهم وتشملهم لائحة الاتهام بيد العدالة العمياء، برغم أنهم ليسوا فوق مستوى الشبهات التى تبدو أنها واضحة ومؤكدة ومدعمة بوثائق معلنة ومتداولة فى سوق الفساد.
وسواء كان المستشار عبد المجيد محمود النائب العام يعلم حجم الفساد وما بلغ إليه من توحش زواج السلطة والمال والأمن من خلال ملفات الفساد المتربة والمتراكمة فى مكتبه أم من بلاغات الرأى العام فى الصحف ولم يتحرك بناء على قرارات واعتبارات سياسية أو فنية «أكدت أهمية استقلال القضاء وضرورة تعيين النائب العام بالانتخاب عبر جهات قضائية كالمجلس الأعلى للقضاء أو كان لا يعلم فالكارثة أكبر، فإنه ينبغى عليه أن يستمع إلى الحجُج التى يطرحها من يطالبونه بالاستقالة من منصبه حفاظا على هيبة وشرف القضاء المصرى العظيم، وعلى مصداقية منصب النائب العام التى فى ضوء كل ما يقولونه أصبحت على المحك ومحلا لشكوك وريبة تتداول وتلوكها ألسنة العامة والنخبة سواء عن باطل أم عن حق مما أدى فعليا إلى تآكل جزء كبير من رصيد الثقة فى استقلاليته وحياديته.
وفى ضوء ذلك أيضاً من حق هؤلاء الثوار الأحرار أن يطرحوا اقتراحهم بأن تشمل رياح التغيير المنصب العظيم للنائب العام حفاظا على بقاء رداء ثوب القضاء الأبيض النظيف العادل بعيدا عن أى لغط أو نقد أو شبهات تدور حول دوره ومنصبه الرفيع كنائب عام عن حقوق وكرامة وممتلكات وأرواح الشعب ضد القتلة والمأجورين والسفاحين والزبانية والطغاة والفاسدين والمنحرفين والنصابين رغم أنه كان مشاركا بالمصادفة وعن كثب فى اندلاع ثورة 25 يناير دون أن يشعر عبر أدائه محل التساؤلات فى قضية خالد سعيد الذى تسبب فى فتح وإنشاء صفحة كلنا خالد سعيد على موقع الفيس بوك التى وحدت شبابا غير مُسيس من الأساس، فانضم لها شباب مُسيس من الجمعية الوطنية للتغيير وحركة كفاية و6 إبريل وغيرهم من قوى الشباب وطوائفه السياسية فى شبه ائتلاف وطنى للدعوة إلى احتجاجات 25 يناير التى أشعلت ثورة شعب ضد الطغيان والقهر والكبت والفساد والانتهاك المنظم لحقوق الإنسان. 


26 مارس 2011

نطمئنكم. التشكيل لايزال عصابياً! 
المصدر: الأهرام العربى 
بقلم:   دينا توفيق
 
دينا توفيق

النتيحة لا تعبر عن الثورة، فقد سقط مبارك وعدد من الأضحيات فى فصول قد تبدو للبعض تمثيلية هزلية، فقد أصبحت أعمدة نظامه فى حالة فوضى، فأحد أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة طمأن الجماهير هاتفياً لمنى الشاذلى فى بوتيكات التوك شو أنه لا توجد ثورة مضادة، بينما رئيس الوزراء الجديد د. عصام شرف أعلن صراحة أن فلول النظام والحزب الوطنى يقودون ثورة حقيقية مضادة والأخ الفريق طيار شفيق «بونبونى بلوفر» رئيس الوزراء السابق قد سبق أن أعلن أن اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية موجود وينتظر أن يتولى منصبا مهما، فخرج علينا عضو آخر فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة هاتفياً فى توك شو فضائى قائلا إنه لا صحة لما ردده هيكل بأن المخلوع مازال يجرى اتصالاته بالقاهرة ويقود بؤرة للثورة المضادة من شرم الشيخ وأن زكريا عزمى مازال يقوم بوظيفته فى رئاسة الجمهورية، بينما عمر سليمان بلا عمل وجالس فى بيته وإن كان لم يوضح هل قدم استقالته من منصبه؟ أم تمت إقالته أم أنهم نسوا أن يقيلوه؟ أم هو فى البيت زعلان أم أن إقامته تم تحديدها؟ خصوصا أنه قد ثبُت أن زكريا عزمى مازال يفتح رئاسة الجمهورية وشغال عادى! والمدهش أن خبر سفر المخلوع لتبوك قد تم الرد عليه من جانب أحد أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأنه لا صحة لرفض المركز الطبى العالمى للقوات المسلحة استقبال المخلوع، وأنه ليس فى تبوك، لكنه لم يوضح أين هو على وجه الدقة؟ حتى خرج المتحدث باسم النائب العام ليؤكد (ولكن بشكل غير قاطع) أن المخلوع موجود فى شرم لمجرد أنه قد بلغ لعلم النائب العام أن موظفا فى الشهر العقارى لشرم الشيخ قد زاره فى محل إقامته بناء على طلبه ليوقع له المخلوع توكيلا للمحامى، ولم ينس هذا الموظف الذى أصبح أسطورة إعلامية أن يؤكد أنه قد شاهد المخلوع بنفسه فيعطينا إمارة أن ذقنه طويلة وشعره قد اشتعل فيه الشيب، ويبدو أن هذا الموظف هو الشاهد الوحيد فى مصر والعالم القادر على تأكيد بقاء المخلوع فى شرم إن صدق. والأغرب الحرص الشديد والولع بالإجراءات «اللوجستية» الشكلية القانونية التى توحى بأن البلد فيها قانون، فتمرر أن المخلوع عاد لصفوف الجماهير يؤدى واجبه كأى مواطن عادي بثروة تتراوح الأقاويل حول تقديراتها ما بين أربعين إلى سبعين مليار دولار، وجيش حقيقى من المنتفعين وكوماندوز أمنى من المناصرين، وأن تشير ضمنيا بأن النائب العام قادر فعليا لا شكليا على منعه من السفر هو وأسرته، وتجميد أرصدته برغم تسرب أنباء متواترة عن تهريب أمواله للخارج وإخفائها وأن ما تبقى منها فى مصر يعتبر «الفكة أوالبقشيش». وبعد أن ترك على بابا المغارة لا أحد يصدق أن القانون العادى يستطيع أن يلاحق الأربعين «تلاف» حرامى من أتباعه من فئة السبعة نجوم المتحصنين بثرواتهم وخبرتهم ونفوذهم وجيوش من القانونيين والقوانين التى شرعت من أجلهم. فالفساد المنظم الذى أداره نظام المخلوع فى كل مؤسسات الدولة أنشأ تشكيلا عصابياً لمافيا نظامية ضخمة تتشابك فى المصالح والمنافع والنفوذ والقرابة والمصاهرة وفقه الفكر التآمرى تسيطر على البلد اقتصاديا وتمول مليشيات أمنية وقانونية وسياسية لا يمكن أن تواجهها القوانين العادية، فإذا كان الثوار معتقلين وتتم محاكمتهم ويتم سجنهم بقوانين عسكرية بتهمة حظر التجول فإنه أولى ولابد من تشكيل محكمة للثورة بقوانين استثنائية تصادر ثروات لصوص الشعوب فلا يتصور أحد أن أحمد عز الذى قيل إن ثروته 60 مليار جنيه مصرى، يعرض صفقة على النائب العام يدفع من خلالها مليار جنيه فقط مقابل إسقاط جميع التهم التى تلاحقه، فالفساد اليوم يقامر ويلعب بأوراق البوكر على مائدة القانون ويتم استنفاد قدراتنا وطاقتنا ويتم إهدار وقتنا فى تفاصيل جانبية وفرعية تُرهق وتُزهق روح الثورة مثل نوعية الألفى جنيه التى حققت فيها النيابة مع أنس الفقى! وعلى صعيد آخر يُحقق النائب العام عن المسئول عن موقعة الجمل وهى قضية فضفاضة يستطيع أن يفر منها المجرم الأصلى والشريك الفاعل والصامت والمتواطىء والمُحرض، تاركا مسئوليتها للكومبارس حتى يعلو ضجيجها بتشويش متعمد عن مدى مسئولية اللواء محمود وجدى وزير الداخلية السابق والفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق واللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية وصفوت الشريف وفتحى سرور وزكريا عزمى وإبراهيم كامل، إضافة إلى المخلوع وحرمه وابنهما، وفى قضية أخرى ليس فيها جرحى ومصابون وإنما بعيون مفقوءة وشهداء لقاتل حقيقى أمر أن يطلق عليهم رصاص القناصة لإرهاب جموع المتظاهرين ظناً منه أنه الحل العبقرى لإخلاء ميدان التحرير فى مساء يوم الأربعاء الأسود.
أيها السيدات والسادة. إن إدارة الأزمة السياسية فى مصر تعنى مواجهة الفاسدين وأتباعهم بأدوات ردع جديدة تستعيد زمام المبادرة بضمير قادر على الحسم والبطش بالغول والديناصور وخِلهم الوافى. وليس التستُر عليهم بتصنع إعلامى بغيض يخلق مناخا وهمياً مزيفاً لمواجهتهم فى سيناريو ركيك لايخلو من بعض المشاهد التى توحى بذلك. فالخوف أن تصل بنا الحال إلى ما قاله فنان الشعب سيد درويش: «أهو ده اللى صار. وآدى إلا كان.مالكش حق تلوم علىَ. تلوم علىَ ليه ياسيدنا. وخير وثورة بلدنا مش فى إيدنا». 


5 مارس 2011

عندما صرخ الثوار: السيستم تعبان والملك عريان 
المصدر: الأهرام العربى 
بقلم:   دينا توفيق
 
دينا توفيق

وفى البدء كانت الكلمة. ولذلك سألعب اسقاط سياسى وأنا فى عصر منتهى الحرية، وأمامكم كاريكاتير منشور بتاريخ 25 فبراير 2010 فى جريدة شارستون دايلى ميل ، ومنشور أيضا على الإنترنت بنفس التاريخ. ولا يخص أى شخصية سياسية معروفة.
ومثلما قالها عمنا صلاح العظيم فالكلمة نجمة كهربية فى الضباب. 
كنت كل يوم ألعن القهر الذى يكتم كلماتنا وكنت دائماً أفكر أد إيه الظلم والاصفرار ممكن يبهدل الناس ويخليهم بدل ما يتقدموا يرجعوا القهقهرة للخلف. وكنت أعرف وأعى تماماً تلك الإحباطات التى تُمارس كل يوم علينا كشعب وككُتاب ولم أكن أعترف بأن أى حد ممكن يكمم فمى ويقطع لسانى وكنت لذلك أكتب وأتكلم وأقول بأننا نشبه من هم على وشك دخول معركة وكلما تقدموا للأمام يجدون أُناساً من قبلهم يظهرون ويعطلونهم!!
وكنت طوال الوقت أسأل نفسى : يا عالم الناس دى بتعمل كده ليه ؟ هما مش مننا. مش من دمنا؟
مش من البلد دى؟ ماشربوش من نيلها؟ (ليس للأغانى وماشربتش من نيلها والكلام ده طبعاً أى دخل). والله ولا لكم عليا حلفان. كنت ليلى نهارى بضرب كفا بكف. وأفغر فمى كالبلهاء والمجانين وأنا أرى ناسا المفروض أنهم مننا والمفروض أنهم يشتغلون لمصلحة البلد بيهدموا وبيكسروا مجاديف اللى بيشتغلوا بجد. وأسأل نفسى تانى: هى الناس دى مزقوقة علينا ؟!
وافتكرت الفيلم العبقرى الـ 300 وإزاى البطل الأسطورى «ليونيدس» ملك الإسبرطيين (وهو رمز من وجهة نظرى ومثال يحتذى به أولادى الثوار المصريون شباب 25 يناير ) وقرر أنه يخرج للحرب رغم اعتراض حكماء ووزراء إسبرطا واللى لهم الكلمة واللى كانوا خونة ومرتشين ورغم كده كلمتهم مسموعة ومقنعة للشعب وحتى اللى مش مقتنع يضرب راسه فى الحيط - لكن الملك الشجاع خرج هو و 300 بس من أفضل رجاله ومن أصل جنود إسبرطا الأقوياء ( ففى إسبرطا كان الطفل حين يولد يتم الكشف عليه، واللى يبقى فيه أى علامة من علامات الضعف أو أى عيب خلقى ولو هزيل شوية أو حتى ضعيف حبتين يتم التخلص منه برميُه من على الجبل). ومش حطول عليكم الملك والـ 300 حاربوا بضراوة جيوشا جبارة تسد عين الشمس. 
تقولولى إزاى؟. أقول لكم يا أولادى يا ثوار. إن هذا النظام يعنى الانضباط والدماغ النضيفة مش النظام إياه اللى أسقطه الثوار الشرفاء اللى زى الورد والكلمة الواحدة اللى تجمعهم. وكمان يعنى بعدم الإقدام على أى تصرف خارج السيستم بتاع المجموعة اللى تم الاتفاق المسبق عليه بالدم. وطالما كل واحد موجود فى مكانه الصح خلاص عكس نموذج الجاسوس الروسى اللى كان ماشى فى النظام الساقط، وهو الرجل المسئول الذى يضع دائماً الشخص غير المناسب فى الأمكنة الحساسة أما فى حالة الشخص المناسب فى مكانه فهو يتصرف لأنه تصرفه حيكون نابعاً من قلب السيستم. يعنى مافيش حاجة اسمها ديمقراطية جهجهونى والديمقراطية تكون من الأول يعنى من بداية الاختيار للرئيس والمرؤوس، ثم تتحول الحكاية لديكتاتورية فى التنفيذ. وعلشان الحكاية لا تتحول إلى روتين وبيروقراطية يبقى السيستم لازم نتفق عليه وتتم مناقشته وتعديله كل مدة محددة.
وإلى الجميع نقطة نظام . وحتى لا يصدق أى حاكم أنه ليس عرياناً أو توهمه بطانته وحاشيته أنه يلبس أفخم الملابس وهو فى الأصل عارى. عارى. عارى وهنا سؤال اعتراضى هل رأيتم بدلة مبارك المخططة بحروف اسمه؟ - ابقوا شوفوها على الفيس بوك.
وهنا سأحكى لكم حكاية الملك وسيستمه ورجاله وحاشيته العرايا والجبناء
ونبتدى منين الحكاية.؟
نبتديها من هناك من فوق الجبل اللى بيطل على الوادى لما وصل اتنين (خياطين محترفين) ونزلوا البلد اللى عرفوا إن ملكها بيموت فى اللبس والقماش والأزياء بتاع مناظر يعنى وبيعمل كرنفالات استعراض لملابسه كل كام شهر. المهم النصابون أقنعوه بحرفنة الفهلوى أن الخيط اللى بيستخدموه فى صنع الأثواب الرائعة لا يراه سوى الأذكياء، أما الأغبياء والمخابيل وضعاف العقول فلا يرونه. وهنا قرر الملك تحت الإغراء خوض التجربة فاستدعى وزيره ليحضر لهؤلاء الخياطين المهرة مكانا يليق بأثوابه المنتظرة. وبسرعة خرج النصابان ليأتيا بأحمالهما المدعاة فيحملا الخيوط والأنوال ويفتحا الأبواب والوزير فاغر فاه، حيث لا يرى شيئاً ولكن كيف يقول ذلك فيتهمه الملك بالغباء والبلاهة.
ويأتى اليوم الموعود يوم الكرنفال ويأخذ النصابان فى فرش الأثواب بحجرة الملك والملك لا يرى شيئاً ولكن كيف ينبس بكلمة؟ فهل هو أبله؟ويخرج الملك للعرض والناس كاتمون لأصواتهم من وقع المفاجأة ولكنهم جميعا وكما تم الإعلان. فالأثواب لا يراها البلهاء والمخابيل. ويسير الموكب العظيم حيث الملك محمولاً عرشه على الأكتاف ويقف مزهواً بعظمة ردائه. ولكن فجأة ومن وسط الجموع يظهر طفل (أولادى الثوار) حمله والده (الشعب) على كتفيه ليصرخ بأعلى الصوت مقهقهاً بمنتهى البراءة والجرأة أو براءة الجرأة.
هههههههه الملك عريان!
وبعد لحظات من صمت ثقيل ثقيل أخذ الملك يحاول تغطية نفسه عن العيون. ولكن تسري همهمات سرعان ما تعلو.
الملك عريان. الملك عريان. الملك عريان. الملك عريان.
الملك عريان والسيستم عريان قالها شباب الثوار ليلة 25 يناير وما تلاها. ولا أكذب عليكم إن قلت إننى لم أكن أصدق أن ذلك من الممكن أن يحدث. 
وأخيراً. نقطة نظام من أجل أولادى 
ابن عربى بيقول. شرف الإنسان فى معرفته لنفسه. 
ولأنه حاول أن يعرف نفسه داعبه الكشف وأصبح قلبه قابلاً لكل الصور. وكما قال الشيخ الأكبر أصبحت روحه مثل الإناء للأشياء كلها بل وقد شبهها بأنها صارت ببراحها «مرعى لغزلان وديرا لرهبان». 
إننى أبحث عن لحظة تنوير. آسفة لحظات تنوير.
وإننى أريد أن أقتنص من أسرار الحياة الكثير .
وأن نتصل معا، لنصل لأول طريق الوعى والإدراك .
ابحثوا معى لعلنا نقابل أنفسنا.
ونصل إلى الحق. 

5 فبراير 2011

يا حلاوة الولاد يا حلاوة 
المصدر: الأهرام العربى 
بقلم:   دينا توفيق
 
تصوير - موسى محمود

يا حلاوة الورد اللى فتح فى جناينك يا مصر.
فخورة أنا ورافعة الرأس، فرحانة بأولادى وأولاد الجيران وأولاد الحتة وعودة الجدعنة، وعودة المصرى الشهم الواعى إلى قواعده سالماً ويارب غانماً.
فرحانة فرحة يا ناس، برغم كل الغضب والتوتر والاحتقان الذى يتم تصريفه الآن فأجندة شبابنا أصبحت ممتلئة برغم أننى ظللت لزمن أشك فى تلك الأجندة واتهم الشباب بأنهم «ملخبطين».
لأ مش ملخبطين خلاص.
إن أجندة شباب الربيع المنورين ليس من ضمنها التخريب مطلقاً لا مادياً ولا معنوياً، فهؤلاء الشباب ليسوا أحزاباً وليسوا جماعة الإخوان وليسوا أفراداً يركبون الموجة وعلى حد التعبير الإعلامى الذى صار متداولاً أخيراً.
إن هؤلاء الشباب الجدعان قالوا كلمتهم يوم 25 يناير، وواصلوها فى جمعة الغضب، ولايزالون مستمرين، وإننى كأم مصرية لم أستطع أن أنفى حق ابنى الشاب فى المشاركة وأقولها بحق «لم أجرؤ» ولم أمنح نفسى حق أولى الأمر فى المنع والمنح، وإننى أيضاً لم أمنحه الحرية فالحرية لا يتم منحها.
هؤلاء الشباب يعرفون من هو حبيبهم ومن هو عدوهم، ومطالبهم عادلة ومشروعة تماماً، وهم لم ينخدعوا ولن ينخدعوا حتى فى تلك الشخصية البارزة التى فتحت لهم الباب، ولن يسمحوا سوى بتحقق الديمقراطية بتمامها وكمالها.
إننى أتحدث بلسان ابنى وأولاد مصر كلهم ومنحت نفسى هذا الحق لأتحدث (وأعود شابة) لأتحدث بروح الأدمغة الخضراء اليانعة التى كاد أن يحترق قلبى حينما اقترب المشهد التخريبى من ذاكرة مصر «المتحف المصرى» فصرخت: «لأ لأ يا ولاد لازم تثبتوا أنكم مش أنتم اللى تعملوا كده» ولم تكن وسائل الاتصال متوافرة تحت ضغط انقطاع الموبايل والإنترنت وعدم وجود شبكات التواصل الاجتماعى التى كانت متهماً فى التحريض على ثورة الربيع وشبابها، وجاء تصرفهم طازجاً بندى الصدق، وكأن هناك Telepathy أو تخاطر عن بُعد بين دماغى وبين المرابطين هناك فى ميدان التحرير فبسرعة جمعوا أنفسهم وصاروا درعاً بشرياً يحمى ذاكرة مصر مانعين تكرار المشهد العراقى الموصوم، ولكن تكرر المشهد المغاير والمناقض بكل فخر يا سادة يا كرام فى كل عمارة وشارع فى مصر، صاروا أسوداً يحمون الأهل والحتة، صاروا أسوداً، يحمون مصر.
أنا فرحانة يا ناس، يا ناس يا مسئولين. يا مصر اقرئى أجندة الشباب بتؤدة وتعقل شديدين أرجوكم اقرأوها بلا عنجهية أو اتهامات هوجاء، وإننى بدأت القراءة وأناشد الجميع بالقراءة والفرحة بحلاوة الولاد، الولاد اللى عارفين أن مصر حتفضل مصر، وأنها مش بس حدود جغرافية ولا ناس ولا تراب ولا أهرامات ولا آثار ولا كلام أغانى ساذج، الولاد عارفين أن مصر هى أنهم ما يغمضوش وأنها كل اللى فات والأهم منه أنها الوطن المعنى، وأن الوطن هو كشف الفساد وتعريته «عينى عينك».
يا حلاوة ولادك يا مصر، الشباب الحقيقى والجيل الحقيقى اللى عارف يفرق كويس ما بين ما يفعلونه ويعلنونه من مطالب مشروعة وعادلة، وبين ما يحدث من تخريب لأجندتهم «الناصعة» بفعل فاعل يعرفونه وليس قلة مندسة مجهولة الهوية.
الشباب الأخضرانى ليس قليل العقل والخبرة وليس حماساً أهوج، وتلك هى الرسالة، مفيش «صهينة» يعنى مش هنغمض.
يا حلاوة ولادك يا مصر ورسالتهم إليك تلك الرسالة الربيعية الهوى المشرئبة الرأس بالحب ولن يُزايد أحد عليهم.
ولن أسمح لا أنا ولا أنت ولا أحد من الآباء والأمهات المصريين بأن يتهم أحد ولادنا بأنهم متهورون ولن نسمح لأحد بأن يحبطهم بأقوال من عينة: «وهو أنتم بتحبوا مصر أكثر مننا»؟.
يا حلاوة الولاد، يا حلاوة شجر الورد اللى طرح وفتح فى جناينك يا مصر. 




5 فبراير 2011

المسكوت عنه. مصريون تحت خط الفقر 
المصدر: الأهرام العربى 
بقلم:   دينا توفيق
 
 
برغم ما يتردد طوال الوقت حول الوعود الاقتصادية والتكييف الهيكلى والأهداف المشكوك فى أمر تحققها وسياسة الإصلاح التى سمعنا عنها منذ ما يقرب من الـ25 عاماً. 
وبرغم ما يتردد طوال الوقت حول تحرير التجارة الخارجية وتحفيز الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص عمل للشباب، فإننا لا يمكن أن ننكر أن عبور حكومات صدقى وعبيد ونظيف فوق أجساد المصريين، زاد من معدل البطالة فى مصر واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، ومع الأزمة العالمية الأخيرة انخفض معدل نمو الناتج القومى إلى 4% فى مصر.
تلك هى الحقيقة التى لا يمكننا أن نفر منها وعلينا أن نطرح أسئلة مسكوت عنها من ع ينة. لماذا المعاناة؟ وإلى متى؟ وما الحل؟ 
بالرغم من أنه لا توجد حتى الآن إجابات منطقية وسط كل ما يحدث فإننى رأيت أهمية تقديم مجرد صورة لأسباب الفقر فى مصر فحسب.
إن كانت التجربة التونسية قد سبقت التجربة المصرية فى ثورتها كما كتب أخيراً منذ أسبوعين تقريباً د. جلال أمين فى إحدى مقالاته التى أعجبتنى وهى تحت عنوان (كيف نفسر الثورة التونسية؟) فهناك أسباب لخصها الرجل العالِم فى كلمات قليلة وواضحة. والأسباب أولها البطالة، وثانيها الفجوة بين الفقراء والأغنياء والأهم درجة من وجهة نظره هو الفساد. وعلى حد قول د. جلال أمين وأنقل ما كتبه نصياً (لأننى أراها شهادة لابد من توثيقها): الفقر إذا تجاوز حداً معيناً يُولِد شعوراً لدى الفقير بأنه ليس لديه ما يفقده وأنه مهما كانت خطورة الاحتجاج وعقوبة التمرد فلن تكون أسوأ كثيراً مما هو فيه. وهنا لدى المصريين أسباب أقوى للسُخط مما لدى التونسيين. فمستوى الدخل فى مصر أقل من نصف مستواه فى تونس ونسبة الواقعين تحت خط الفقر فى مصر (أقل من دولارين فى اليوم) تبلغ 7 أضعاف حجمها فى تونس (44.6%) من السكان فى مصر مقابل (6.6%) فى تونس. 
وهنا استدعيت واستحضرت اسم د. حسنين كشك، الخبير بالمركز القومى بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية وما قرأته حول تحليلاته ودراسته الشهيرة عن الفلاح المصرى وما أقرأه حول تحليلاته حول أن انتشار الفقر فى مصر والذى يرى أنه يرجع إلى عدم وجود عدالة فى توزيع عوائد النمو فى مصر، فوفقاً للبيانات الحكومية فقد بلغ معدل النمو فى مصر فى عام 2007ـ 2008 على سبيل المثال إلى ما يقرب من 7.2% وهو معدل نمو كبير، وكان من المفروض أن ينعكس ذلك على تحسين مستوى معيشة المواطنين، ولكن ما حدث هو العكس حيث تدهورت أحوال المواطنين ومحدودى الدخل والذين يمثلون معظم الشعب المصرى وأصبحت حياتهم كدراً وسلسلة متتالية من المعاناة اليومية بدءاً من رغيف العيش والمواصلات والتعليم إلى الرعاية الصحية والسكن المناسب. بينما فى المقابل يزداد الأغنياء ثراءً وذلك كله بسبب السياسات الحكومية.
سألت د. حسنين كشك: 
قلت يوماً إن البيانات الحكومية عن انخفاض معدلات الفقر فى مصر كاذبة. فما دليلك أو ما الأبحاث والتحليلات التى توضح من خلالها صدق تكذيبك؟
فأجابنى: لو صدقنا الأكاذيب التى تملأ الصحف فلن تكون هناك بطالة أو أراض زراعية مهجورة. يا سيدتى أن 40% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر وهذا بالحسابات الرحيمة وغير الموضوعية، ولكن النسب الحقيقية أكثر من 80% طبقاً لظروف المعيشة والكادحون ليسوا فقط الفلاحين والعمال بل هم حتى الموظفين الصغار والشرائح الأعلى منهم ممن يعانون بلا حدود.
ثم واصل قائلاً: علينا إذن أن نشخص الوضع الصحيح أولاً. وأن نعترف ونقر بأن هناك أزمة اقتصادية ساحقة وأن المُنتِج المُباشر من فلاحين وعُمال، وهم بالملايين من أغلبية الشعب ويواجهون ظروفاً بالغة الصعوبة. وقد أعلنت الحكومة فى فترة سابقة أنها تستهدف خفض معدلات الفقر إلى 10% ثم أعلنت أنها تستهدف خفض المُعدل إلى 12% مع حلول عام 2015، وهذا يوضح عدم الصدق. ثم يجىء الدور على طرح مبلغ 167 جنيهاً كمعيار وقياس لخط الفقر وتصورى أن رب عائلة يعول أسرته بهذا المبلغ! أما ما أراه فإن هناك معياراً موضوعياً يمكن طرحه يرتبط بالأجور السائدة ومعدل الإعالة فى مصر، فإذا كان مثلاً عدد السكان وحسب الإحصاءات الرسمية قد بلغ 75 مليون فى 2007، فإن عدد العمال قد بلغ ما يقرب من 20 مليون عامل، مما يعنى أن مُعدل الإعالة فى مصر قد بلغ 3.73 شخص أى أن العامل الذى يعمل يعول 2.73 شخص إضافة إلى شخصه. وأما عدد العاملين بالزراعة والصيد قد بلغوا 30.1% من قوة العمل فى مصر أى ما يوازى 6.3 مليون عامل، يعمل جزء منهم كإجراء والجزء الآخر يعمل فى أراض ذات مساحات ما بين صغيرة ومتناهية الصغر. وأنه عندما كان أجر الفلاح أو يوميته 25 جنيهاً أى 750 جنيهاً شهرياً إذا ما افترضنا أنه يعمل طوال أيام الشهر بأكمله. وطبقاً لذلك وحسب معدل الإعالة (3.7 شخص) فإن نصيب الفرد ومن يعولهم هو 36.6 دولار فى الشهر بما يعادل 1.2 دولار يومياً. أى أن الفلاحين أو العمال الزراعيين يعيشون تحت خط الفقر المدقع. بينما يعيش العمال الزراعيون ممن يعملون فى ملكياتهم الصغيرة (القراريط) يعيشون على ما بين دولار فأقل يومياً وبين دولارين فأقل يومياً. ويمكننا أيضاً اعتبار صغار المُلاك الزراعيين ممن يملكون فداناً واحداً فأقل من ضمن الفقراء فقر مدقع وفقاً لمُعدل الإعالة فى مصر.
سياسة الإفقار
سألته: تتحدث دوماً عن سياسة إفقار الفلاحين والتى يوضحها البنك الدولى ببيانات تشير إلى أن 66% من الفقراء فى مصر يعيشون فى الريف؟ ما السبب؟
فأجابنى قائلاً: لقد تحول الفلاحون من مزارعين إلى عُمال بالأجر وهكذا صاروا فقراء بعد أن فقدوا مصدر الرزق الذى يعتمدون عليه، فالسياسات الحكومية أدت إلى إفقار الفلاحين حيث إنه منذ 1971، وحتى الآن اتخذت الحكومة العديد من الإجراءات وأصدرت القوانين والتشريعات التى أدت إلى معاناة الفلاحين من تعويضات للإقطاعيين الذين تم تأميم ممتلكاتهم مما يُعتبر أول انقلاب على قوانين الإصلاح الزراعى التى أعادت للفلاحين الحياة وملكتهم الأرض، وقد تبع ذلك العديد من القوانين كرفع قيمة إيجارات الأراضى الزراعية عام 1978، وما تلاها من قوانين وتشريعات استهدفت تحرير قطاع الزراعة فى مصر وبالتالى انسحبت الدولة من الزراعة وتركت الفلاحين وحدهم فى مواجهة الإقطاعيين الجُدُد وشركات الأسمدة والمبيدات. كما أصدرت الحكومة قانون المالك والمُستأجر فى الأراضى الزراعية رقم 96 لسنة 1992، والذى تضمن رفع القيمة الإيجارية للأراضى المُستأجرة والذى أحدث قفزة فى إيجار الفدان من 200 جنيه إلى 4500 جنيه أو يزيد.
سألته: أين اختفت الطبقة الوسطى؟
فأجابنى: الطبقى الوسطى لم تختف. ويجب أولاً تعريفها بأنها الفئات الطبقية التى توجد بين الطبقات الكادحة والرأسمالية الكبيرة. وهى ليست كتلة واحدة، فشرائحها الدُنيا كثيرة وأعدادها كبيرة وتشكل المهنيين وكبار الموظفين وفئاتها العُليا من الممكن أن يكونوا من أصحاب المهن الحُرة وأصحاب المشروعات الحُرة. ولأوضح لك الأمر فهى نفسها هرم قاعدته صغار المهنيين وأصحاب المشروعات الصغيرة إلى أصحاب المشروعات المتوسطة (النص نص) ومن يهبطون إلى الطبقات الدُنيا التى انضمت لصفوف الكادحين. وهذا غير التعريف القديم الذى يضع الطبقة الوسطى ما بين الإقطاع والشعب والتعريف هذا أصبح غير صالح حيث جدت علينا تلك الفئات الأخرى. 

15 يناير 2011

د. يوسف زيدان: الأنثى كائن مقدس 
المصدر: الأهرام العربى 
بقلم:   دينا توفيق

إنه حفيد التراث الذى ضفر الأدب بالتاريخ وصاحب اللغة البهية الرائقة الشفيفة والحس الدافق وصاحب التعبيرات الوافرة البيان والبلاغة والرهافة، وما تلك الأوصاف، التى أطلقها الكاتب على لغة الراهب «هيبا» فى روايته الشهيرة، سوى ترجمة حقيقية لأسلوبه هو نفسه فهو الروائى المقتنص اللحظة ليحيط بأسرار الكتابة واللغة والإحساس، وإنه السابر آغوار التراث، والمُنقِب بشغفٍ عمَا خَفى من أصول تلك الرائحة العتيقة فى قبو الإنسانية العتيد، إنه الراوى تحولات صورة الأنثى فى ثقافتنا والذى أعاد اكتشاف صورة المرأة فى روايته البديعة «ظل الأفعى»، والذى منحها الاعتراف ببقائها عصية فى مواجهة أى محاولات لكسرها. إنه صاحب «النبطى» النبى المنتظر الذى عشقته مارية وجعلته بطل أفكارها، إنه يوسف زيدان الذى قال لى «إن الانثى كانت كائنا مقدسا فى الحضارة العربية القديمة».
هو بحر من حليب أبيض. على شاطئه الحبيبُ، أبيض. يغرف لى بكفيه، فأشرب. وبشفتى أمسُ راحتيه، الأطيب. أذوب فأشرب. وأقترب فأغرق. خَلُصَ الهواءُ إلى الهواء. ذلك المقطع فى الصفحات الأخيرة من روايته النبطى. تلتها وفى السطر الأخير من الرواية عبارة فى قمة العمق ومارية تفارق النبطى شقيق زوجها ورمز المعرفة والحب لديها حيث قالت: «هل أغافلهم وهم أصلاً غافلون. فأعود إليه. لأبقى معه ومعاً نموت؟، ثم نولد من جديد. هُدهُينِ». هل لى أن أقول إن زخم كل تلك الكتابة الشاعرية التى رأيتها فى روايتيك النبطى ومن قبلها ظل الأفعى تحديداً منبعها المرحلة الصوفية وما تركته فى روحك من فيض نور؟ هنا أخذت ابتسامة محببة تعلو وجهه الذى أشرق وكأننى فتحت له باب الجنة وبدأ يتكلم: التصوف ليس قراءة أو كتابة بل معايشة فعلية لأحوال معينة ورؤية خاصة للكون، ومرحلة الصوفية اعتبرها أكثر مناطق عمرى هناءً وفيها كنت فى أفضل حالاتى، وقد تلتها مرحلة العكوف على التراث العربى ولقد كان زمناً طيباً، وقد استمرت تلك المرحلة معى لسنوات طويلة قدمت فيها 15 كتاباً ما بين دراسات وتحقيقات لنصوص شعرية صوفية.
- أنت الكاتب الرهيف المُحب الودود المتفهم للأنثى. فى ظل الأفعى قدمت رؤية للأنوثة والأنثى فى ذاتها. ماذا كنت تبغى وهل رأيت تلقياً جيداً لأفكارك عن الأُنثى؟
لقد قدمت فعلاً رؤية للأنوثة والأنثى فى ذاتها فالرواية بها قسمان، قسم مستقبلى عن الابنة الزوجة المشتهاة من زوجها والتى تأبى مبادلة الزوج أحاسيسه وكذلك العلاقة الحسية، أما القسم الثانى فهو الصادم للغاية وبه رسائل الأم والتى تصور البعض أنها نصوص موجودة بالكُتُب ولم ينتبهوا إلى أنها قد تمت إعادة صياغتها من جديد. وأتذكر أن صديقى الناقد الراحل سامى خشبة حين قرأها للمرة الأولى تعجب أننى وضعت فيها تصورات حول نظرية للتحليل فى أربع صفحات فقط من الرواية، وهى نظرية فى الإنثروبولوجى كان من شأنها أن تبرز بشكل كبير إن حدث وقدمتها فى كتاب، وكان يعتب علىَ أننى أهدرت، فى عملٍ روائى، فكرة ونظرية وجدها حسب رؤيته مهمة. ولكننى أرى أن العمل الروائى لابد وأن يستوعب معارف كثيرة فعلى سبيل المثال فظل الأفعى الرواية المستقبلية التى تقع أحداثها عام 2020 ميلادياً لايمكن فهم أزمة الزوج فيها إلا من خلال ما يقدمه القسم الثانى، ويُعد ذلك ملمحاً أساسياً فى نظام تفكيرى الشخصى، حيث أرى أنه لا يمكن أن نتفهم الحاضر إلا تأسيساً على الماضى .
وأعود للأنثى، ففى ظل الأفعى كنت أوجه الأنظار إلى فكرة «قداسة الأنثى» بمعنى أن الأنثى من حيث هى أنثى فهى كائن مقدس بحسب التصورات الأولى للحضارات المبكرة التى صاغت تاريخ الإنسانية التى كانت تدور حول محور الأنثى الأم المعبودة مثل إيزيس وعشتار وأثينا والأم الفعلية الموجودة فى المجتمع والتى يتحلق حولها الجماعة، وكنت معنياً بالكشف عن أنوثة الثقافة العربية، فمن قبل الإسلام وهى ثقافة أنثوية حتى إنها إذا أرادت أن تُكرِم رجُلاً أعطته صفةً أنثوية كعالم وعلامة، فاهم وفهامة، كما أن مصادر العربية تأتى على صيغة المؤنث كالوطنية والحسية والعقلانية.
وقبل مجىء الإسلام فيما كان يُسمى بالمجتمع الجاهلى كانت الأنثى تُعبَد فكانت الآلهة مناه واللات والعُزة وقد ورد ذكرهم بالقرآن. وأول إمبراطورية إسلامية هى دولة بنى أُمية. ولنقيس على ذلك كثيراً من القبائل العربية الكُبرى، وكيف كان المجتمع القُرشى يحتفى بالنساء الجليلات، وبالتالى فنحن المعاصرون نتوهم أشياءً تدعوا إلى تشويش صورة الذات فى أذهاننا.
- قلت: مناصرة الأنثى فعل ذكورى راق ومختلف؟
انتبه د. يوسف لثنائى ومديحى الذى أعتبره بلا معنى وحدجنى بنظرة مؤنبة لم ألمحها منه قبلاً - كانت فعلاً تتقطر صدقاً لأننى أعرفه مقدراً للمرأة غيوراً على مكانتها - وقال: مُناصرة الأنثى فعل إنسانى، لأن الإنسانية مفهوم جامع بين الأنوثة والذكورة، وأى تصورات تحتقر الأنثى أو تُقلل من مكانتها هى بالضرورة تُحقر من الإنسانية، وكذلك محاولة الاستعلاء بالذات حتى وإن جاءت من جانب المرأة، كما تفعل الناشطات النسويات عندما لم ينتبهن إلى أن القضية لا تتعلق بالحقوق، وإنما القضية الأساسية هى المكانة، لأنه قد تم تشويه صورة المرأة فى الأذهان من بعد الكتابات اليهودية المبكرة وإلصاق تُهمة النجاسة بها دائماً لأنها تحيض، فى حين كان الدم، ذلك ما دنسوها به هو عين ما تقدست به فى الأزمنة القديمة، لأنه السائل المقدس ودليل الخصوبة ومؤشر الاستدارة والميلاد، ومن حيث جعلوا منها مجرد وعاء، جاء الإسلام وحاول تحسين تلك الصورة القديمة بحكم ما كان سائداً فى وقته ، ففى التراثين اليهودى والمسيحى كانت هناك إهانة بالغة للمرأة، حيث ربطت اليهودية بينها وبين الشيطان وجاءت المسيحية لترِث الموروث اليهودى وتضعه على مستوى الثقافة المجتمعية وليس العقائد فحسب، فلما جاء الإسلام سعى أن يتخذ موقفاً تقويمياً وتوضيحياً بأن المرأة هى الشق الآخر من الإنسانية مع الانتقال بالتراث من النص إلى الخطاب فتحولت النظرة فى الإسلام إلى قاعدة رفقاً بالقوارير والنساء شقائق الرجال كأداء فعلى وانتقال من الكتاب إلى الوعى به وتطبيقه.
- ألا ترى أن المجتمع العربى قد أساء للأنثى مطلقاً ولو حتى بوأدها؟
مسألة وأد البنات والتخلص من الأنثى كانت فعلاً محدواً مرتبطاً بمجتمعات بدوية شديدة الفقر.
- وفى النبطى ماذا كنت تريد أن تقدم ؟ وهل شخصية مارية هى الراوية للتاريخ من وجهة نظر أنثى؟
الرواية استغرقتنى بالكامل لسنة ونصف وكتبت معظم مشاهدها فى أمكنتها الأصلية، أى أنى سرت رحلة مارية من مصر إلى سيناء إلى وادى عربة وعبور جبل السكاكين المُسمى الآن جبل السكاكينى ثم نزولها إلى منطقة البيضا التى تقع خلف البترا أو على مقربة من تلك المنطقة المعروفة بالبترا فى جنوب الأردن، ولقد قطعتها مثل القوافل القديمة وعبرت الجبل الموحش وأقمت فترة، حيث أقامت البطلة. وقد كتبت الفصل الذى عنوانه عزيف الجن فى ذات الحجرة الصخرية التى عاشت بها مارية فى الرواية. 
- ماذا يمكن لنا أن نطلق على ما قمت به من معايشة؟
هو جزء من الجدية فى الكتابة.
- إن سألتك عن الفارق فى بنية الكتابة فى رواياتك الثلاث. ماذا ستقول؟ 
أنا حريص على تجديد بنية الحكى الروائى، ولو قارنتِ بين الأعمال الثلاثة ستجدين اختلافاً بين البنية الصادمة فى ظل الأفعى عند المنتصف، والدائرية فى عزازيل بمعنى ما حدث سابقاً وتأثيره. ثم بنية السيرة عبر حيوات مستقلة كما فى النبطى التى عايشت من خلالها مرحلة زمنية منسية، هى العشرون سنة السابقة على فتح مصر، وأحب هنا أن أؤكد أن العمل الروائى مختلفً عن الكتابة لتصحيح التاريخ. فالرواية هى لغة، وإنسان، وبنية سردية، وخطاب وغير ذلك من أصول التأليف. 
- ومن حيث اللغة؟ أين هى منك وأنت منها؟
أنا لغتى كما قالها محمود درويش من قبل وإننى أسعى دوماً إلى كتابة لغة شفافة ناصعة، فأنا لغتى كما قالها محمود درويش، واللغة هى البطل الأول لكل أعمالى الأدبية لأننى أشعر بالقلق العميق على اللغة العربية، وبالتالى على المجتمع العربى لأنه إذا بهتت وانطمرت فقدنا أهم مقوم من مقومات ثقافتنا المعاصرة. وكلنا نستطيع أن نرصد ما يجرى على ساحة اللغة من اغتراب وتفسُخ، ولذلك أحاول تقديم اللغة العربية فى تجليها الناصع الشفاف فتجدين فى النبطى مقاطع شعرية داخل النص النثرى تظهر فى الحيوة الأولى ومقاطع أخريات فى الحيوة الثانية والثالثة وهى مكتوبة بشكل مُعين لا يُحدِث فصلاً بين السرد وبين النص ذو الطبيعة الشعرية، كل ذلك من منطلق القلق لأن اللغة بحاجة إلى أن نزيل عنها الغبار، ويُعد هذا هو دور الأدب عموماً، والذى فعله الشعر القديم والمعاصر أيضاً هو إعادة الحيوية إلى اللغة.
- هل هناك لغة حداثية عربية؟
نحن عندما نتحدث العربية نأتى بشواهد من القرآن والشعر ونحن لا نقيس على لغة الشارع وإنما نقيس على قوادم اللغة والعلامات الكُبرى وشئنا أم أبينا فاللغة العربية هى القرآن. 
وهو المهتم باللغة ينبهنى بمنتهى الاهتمام والحرص بأن علينا أن نتذكر تعريف اللغة ويقول: ما عرفها العالم اللغوى ابن جنى هى أصوات يُعبر بها كل قوم عن أغراضهم. إلا أننا العرب صارت أغراضنا شتى متخالفة ومتنازعة، وبالتالى فلا عبرة هنا بوحدة اللغة مع تعدد واشتباك واختلاف الأغراض. فى حين أن أوروبا وبرغم ما فيها من لغات كثيرة، إلا أنها تكلمت لغة واحدة عندما عقدت الاتفاقيات وأقامت اتحادها، فكلمة اليورو هى اللفظ الذى عبَر بمنتهى البلاغة عن غرضٍ أوروبى واحد. فالأغراض هنا صنعت الكلمات فى حين الكلمات عندنا لم تصنع الأغراض.
- من هو المثقف من وجهة نظرك؟
ابتسم د. يوسف. ثم أجابنى وهو يضحك وقد استشف ما ألمحت إليه من مقصدى خلف رداء السؤال. وقال: السؤال غير متوقع بالطبع. ولكن نظرتى دائماً للمفاهيم، تبدأ بالنظر إلى المفردات وتتبع دلالاتها عبر تاريخ طويل وصولاً إلى ما نقصده بها الآن، أما فى اللغة فأصلها ثقف، ومنه العود المُثقف وهو المدبب من آخره كالسهم، ولذلك نجد عفيف الدين التلمسانى يشير إلى المحبوبة بأن هواه من مثقف قده أى القد المتقن الرشيق، والمثقف من صفات الرماح.
- ما رأيك فى حال المثقف المصرى وحال الثقافة فى بلدنا؟ 
فى هذه الحالة نحن نتحدث عن الكُتاب، سواء كانو كُتاباً صحفيين لأعمدة أو أدباء، وهنا وفيما أرى أنه على تلك الجماعة أو الشريحة الاجتماعية، القليلة بحُكم طبيعتها، أن تقوم بالدورالذى يُعرف اصطلاحاً بزرقاء اليمامة، فالمثقف يستخدم حسه المرهف ويستخدم معارفه للاشارة للمشكلات، أنه دور كبير جداً. ولكن.
- ما رسالة د. يوسف زيدان وهدفه من الكتابة باختصار شديد؟
أنا أسعى جاهداً إلى تحرير العقول والكتابة طبعاً أحد السبل ولكن علينا ألا نتوهم أن تحرُرعقولنا من الأوهام هو الذى سيُخرجنا من الحالة التى نشكو منها. فلابد وأن نعمل لأننا نعمل قليلاً ونتكلم كثيراً.
- ما رأيك فى أحوالنا العامة بناء على ما تقوله الآن؟
إننى أرى أننا أمة أصابها الخبل نعيش حالة من الخبل العام (!) ومن مؤشراته أن نرى على إحدى الفضائيات ممثلة معتزلة تبدى رأيا سياسيا وأن نرى شوارعنا سركا كبيرا ومسرحا لكل المتناقضات.
وأخيراً. وبعد أن استمتعت بحوارى مع د. يوسف والمناطق التى خضتها معه من صورة أنثى وصورة لغة مسكوت عنهما فى العقل العربى. لابد وأن أقول إن هذا الرجل بموقعة الأدبى بمكتبة الإسكندرية أعتبره هو المتناول الشرعى للكوزموبوليتانية السكندرية والتى قال لى إنه يعتبرها النموذج الجيد الموجود فى التاريخ والذى لابد وأن نضعه نصب أعيننا، والذى علينا أن نعترف بوجوب العودة إلى صيغته التعددية الثقافات والتى برزت فى زمن سكندرى بديع لعدة قرون، حيث كانت ثقافات متنوعة تعيش معاً ومنحت البشرية الكثير ولابد وأن نحيط بها ونأتنس فى تأسيس منظومة مصرية جديدة تتداخل فيها عناصر ثقافية عربية وإسلامية ومسيحية والأطياف والجماعات العرقية كالنوبة والصعيد المظلوم والدلتا المنسية والمدن التى تشهد برامج التنمية الحكومية بالتحيز الشديد لها، وثقافة المدينة المختلفة تماماً عن ثقافة الريف. فكل تلك المكونات المختلفة لابد وأن تأتلف وتتآلف وأن تقدم فى مزيج يقبل كل هذا ويحترم الإنسان رجلاً وامرأة. 



No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.