الإنتقال الآنى بكل بساطة هو نقل مادة من مكان لأخر دون وسيلة مواصلات فى لحظات من الوقت... فهو فكرة مثيرة مدهشة تختصر الزمان والمكان إلى أقصى حد ممكن , وككل فكرة مثلها , نجحت في إثارة اهتمام وخيال العلماء الذي يتعاملون مع كل أمر باعتباره ممكن الحدوث ... والمفاجأة أنهم قد نجحوا في هذا بالفعل ...بالطبع الى حد ما فقد نجحوا في تحقيق ذلك " الانتقال الآني " في العمل ولكن هذا لم ينشر على نطاق واسع !!!!
فالانتقال الآني teleportation هو حلّ سحريّ يدمج بين تقنيّات الاتصالات telecommunications والمواصلات transportation. ...فإذا كنت من المواظبين على مشاهدة أفلام ومسلسلات الخيال العلمي، فلاشك أن لديك فكرة عن الموضوع، ففي مسلسل "ستارتريك" مثلا كان أبطال المسلسل يسافرون دائما باستخدام هذه التقنية، حيث يدخل المسافر إلى غرفة معينة ويخرج من غرفة أخرى في مكان آخر.. مما يعد نوع من انواع "الانتقال المكاني" عبر مفهوم "التعرف الدقيق على التركيب الذرى لمادة ما ثم إعادة تخليقها فى مكان أخر مع تدمير الأصل"...
ففي عام 1993 خرج الانتقال الآني من عالم قصص الخيال العلمي إلى عالم الفرضيات العلمية النظرية على يد الفيزيائي "تشارليز بينيت" وعدد آخر من الباحثين في شركة آي بي إم. ومنذ ذلك التاريخ دخل الانتقال الآني إلى عالم التجارب الفعلية بعد إثبات أنه مُمكن على المستوى النظري..!!!!
وبالعودة الى عام 1998 قام فريق من الباحثين في مؤسسة كاليفورنيا للتكنولوجيا بتنفيذ الفكرة فعليا... حيث قاموا بنقل فوتون واحد لمسافة متر واحد (الفوتون هو جسيم ينقل الضوء)... والفكرة هي أن تقوم بالتعرف الدقيق على التركيب الذري لمادة ما لتعيد تخليقها في مكان آخر، أي أن ما يحدث فعليا هو إعادة تخليق المادة في مكان آخر مع تدمير الأصل وليس نقل الجسم ذاته...
استطاع الفريق الالتفاف حول مبدأ عدم اليقين لـ"هايزنبيرج"، والذي ينص على أنه "لا يمكنك أن تعرف بطريقة متزامنة كلا من مكان وسرعة جسيم ما"... فإذا لم يكن بمقدورك أن تعرف مكان الجسيم فكيف ستنقله آنيا؟؟؟؟
ولحل هذه المعضلة فإن الباحثين في واقع الأمر قد استخدموا ثلاثة فوتونات: الفوتون الأصلي الذي من المفروض أن ينتقل، وفوتون آخر في مرحلة الانتقال، وفوتون ثالثا هو الفوتون الذي تم تخليقه في المكان المراد الوصول إليه، وقد انتقلت معلومات استنساخ الفوتون الأصلي إلى الفوتون الثاني فالثالث، وهكذا كان الفوتون الثالث نسخة طبق الأصل من الأول...
يبدو الكلام صعبا، لكن بمعنى أبسط فإن ما يحدث فعليا هو عملية استنساخ.... الحصول على التركيب الدقيق للجسم على مستوى الذرات ونقل هذه المعلومات إلى مكان آخر.... وفي المكان الآخر تحدث عملية إعادة بناء للجسم بواسطة المعلومات المستقبَلة بينما يتم تدمير الجسم الأصلي في المكان الأول، وبهذا يحدث انتقال للجسم دون المرور في الحيز المكاني ودون أن يكون للمكان أو المسافة أي دور في الأمر... وهو شيء يشبه إرسال الفاكس أكثر من كونها عملية نقل...
واستمرارا للتجارب في هذا المجال، تمكن الباحثون عام 2002 من نقل شعاع من الليزر نقلا آنيا... أما آخر تجربة ناجحة أجريت فكانت في 4 أكتوبر 2006 في مؤسسة "نيلز بوهر" في كوبنهاجن بالدانمارك، حيث قام الفريق البحثي بنقل معلومات مخزنة على شعاع من الليزر إلى سحابة من الذرات عبر مسافة نصف متر.... وتكمن أهمية هذه التجربة بالذات في أنها المرة الأولى التي يتم فيها النقل بين الضوء والمادة....
ربما مازال أمامنا عشرات أو مئات من السنين ليصبح لدينا غرفة نقل آني كتلك الموجودة في السفينة "إنتربرايز" في مسلسل "ستارتريك"... فلكي تنقل إنسانا بهذه الطريقة –بفرض أنه سيظل حيا- يجب أن تكون لديك آلة تستطيع أن ترصد بدقة كل ذرات الإنسان والبالغ عددها (واحد وأمامه 28 صفرا) ذرة، وأن ترسل هذه الكمية الهائلة من البيانات إلى المكان الآخر الذي سيتم إليه الانتقال ليتم بناء الجسم ثانية مع تدمير الجسم الأصلي، ويجب أن تكون الماكينة الموجودة في المكان الآخر على درجة خارقة من الدقة، لأن أية إزاحة ولو ضئيلة جدا لأماكن الذرات قد تؤدي إلى ظهور إنسان معاق ذهنيا أو عصبيا. من المفترض أن عملية الاستنساخ الذري هذه ستنسخ معها ذكريات الشخص وأفكاره وعواطفه وأحلامه أيضا... وبالطبع الكثير جدا من التساؤلات تبرز هنا: فإذا أمكن نسخ الجسد بهذه الطريقة فماذا عن الروح؟ هل يمكن نسخها أيضا؟ وماذا عن الجسد الأول الذي يتم تدميره؟ ألا تعتبر هذه عملية قتل؟ وألا يعتبر الجسد الجديد الذي تم تجميعه شخصا مختلفا؟؟؟؟
كما ان خلال السنوات السابقة اجريت تجارب متعددة ناجحة للنقل المادي بأسرع من سرعة الضوء حتى ان ناسا اعلنت مؤخرا انتاجها لهذه المركبات التي لا تزال في حيز التجربة .
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.