إبراهيم عيسى يكتب: تبًّا لك أيها الوغد

بهذا الشكل ننتقل من الخطأ إلى الجريمة.

هى جريمة كاملة ومع سبق الإصرار والترصد إذا قررت جبهة الإنقاذ الاستمرار فى مسخرة المشاركة فى الانتخابات البرلمانية بهذه الحكومة المتآمرة والمأمورة من خيرت الشاطر، وهذا القصر الرئاسى الذى لا يفعل أى شىء إلا طبقًا لمصلحة وأهداف وأجندة مكتب الإرشاد، وبهذا القانون الموضوع بالوضاعة السياسية، حيث يخدم كل حرف من مواد هذا القانون هيمنة التيار المتمسح بالدين على البرلمان القادم تزويرًا على سُنة الإخوان ومرشدهم.

مشاركة جبهة الإنقاذ فى الانتخابات بهذا القانون وبهذه الحكومة لا تعنى إلا أنها تنتحر سياسيًّا، بل وأخلاقيًّا.

فى كل مرة ترتكب القوى السياسية الوطنية خطأ أصيلا ثم تدّعى أنها كانت على صواب حين اتخذته، كأنها لا تتعلم، ثم إنها لا تفهم أخطاءها كذلك ثم تكررها كأنها ممسوسة أو مهووسة بالفشل.

لقد شارك البعض فى جمعية الدستور، وكان خطأ سافرا وكارثة حقيقية حين تصور هؤلاء قدرتهم على ترويض المتطرفين وإجراء حوار عاقل مع متعصبين، وكانوا فى قمة الغفلة السياسية، حين اعتقدوا أن الإخوان يسعون للتوافق والتوحُّد، وضحك عليهم الإخوان بلا شك حتى أدرك هؤلاء فى النهاية الحقيقة فانسحبوا بعدما منحوا الإخوان وجمعيتهم شرعية المشاركة أصلا.

لقد دفعت القوى الوطنية، بل مصر كلها، ثمن اعتزاز عمرو موسى بقدراته التفاوضية، واغترار أيمن نور بحيله السياسية، وانجرار «الوفد» وراء أى صفقة مع أى سلطة.

ماذا كانت النتيجة؟

دستور يتباهى ياسر برهامى بأنهم قرطسوا فيه القوى الليبرالية والأزهر والكنيسة.

ثم جاء الاستفتاء رغم مشاعر المصريين العارمة برفض الدستور ورغبتهم فى الإدلاء بأصواتهم ضده، التى دفعت القوى السياسية للتحمس فى آخر ساعات قبل الاستفتاء ودعوة المواطنين للمشاركة بدلا من المقاطعة، فكان هذا قرارا حماسيا مخلصا، لكنه لم يكن حكيما ولا مستقبليا، فكنا نعرف جميعا أنه استفتاء مزوَّر وبلا إشراف قضائى، بل بعبث قضائى مذهل تجاوز أسوأ ما جرى فى العهد السابق، وكنا نعرف أن مرسى وجماعته لم يكونا على استعداد للسماح بنزاهة تصويت ترميهم بحجارة من سجيل.

وحتى مع الدعوة للتصويت على دستور باطل وشائه ومغتصَب، فإن الإقبال لم يتجاوز -رغم التزوير الفاضح- ثلث من لهم حق التصويت، وقد انتهى الأمر بدستور باطل مولود سفاحًا فى استفتاء مزوَّر يسعى مرسى فى كوميديا سياسية سوداوية غير مسبوقة إلى تعديل مواده بعد الموافقة عليه بشهرين! فماذا لو كانت الجبهة قد عارضت المشاركة فى الاستفتاء وقاطعته؟ كنا قد وصلنا إلى تعرية كاملة للدستور دون أن نمنح جماعة المزوِّرين شرف وشرعية دعوتنا للمشاركة فيه.

الآن لدينا قانون انتخابات مهين وشائن ومتفصّل على مقاس مرسى وجماعته.

ولدينا حكومة مهيأة ومعدَّة ومجهَّزة بعدلها وداخليتها وتموينها ومحليتها وثُومها وفولها وعدسها وبصلها للتزوير.

إذن، أىّ مشاركة فى الانتخابات البرلمانية طبقا لهذا القانون وتحت إدارة مثل هذه الحكومة هى جريمة فى حق البلد.

دَعُوهم يجرون انتخابات تأتى ببرلمان ٢٠١٠ مرة أخرى، دَعُوهم يشكّلون مجلسًا للإخوان وتوابعهم وأتباعهم مع عشرة عشرين عضوا من أى حزب وغْد.

دَعُوهم فبعد برلمان ٢٠١٠ كان ميدان ٢٠١١.