
أنا الأسير على سجّادِ المستبدين
صرخْتُ صرختِي الأولى، ربما كنتُ
حراً وقتَها دونَ اختياريَ أيضاً
لأنني أنا، ومَن أكونُ أنا لأختارَ؟
لو اخترتُ ما صرخْتُ صرخَةَ المرورِ
إلى الوجودِ اللاوجودِ
هكذا يمكنُ أن ألخصَ في كلماتٍ
قليلةٍ انحنائِيَ في الرقادِ وفي المسير
أبوانِ يتشاجرانِ دوماً على درهمٍ أو درهمَين
في حضرةِ طفلٍ صغير
مهزومةٌ هذهِ السيدةُ الحاضنةُ
مستسلمٌ هذا الراعي الأجير
كلاهُمَا لا يعرِفُ دائَهُ ولا يعرِفُ دوائَه
فكيفَ ليَ في صمتِيَ الطويلِ الملقى
على هامشِ الكلماتِ أن أصبحَ
سوى ذاك الصبيِّ، الشابِّ،
الرجلِ الأسير؟
في كرّاستِه المسطرةِ قصصٌ لحروبٍ
وانتصاراتٍ وانهزاماتٍ وأساطير
أساطيرٌ مقدسةٌ تنقلُ من زمنٍ إلى زمنٍ
ومن جيلٍ إلى جيلٍ تحكي أمجادَ السلاطينِ
وكيف التلذُّذُ في الخشوع للإله
من شاركَ الربَّ في سماه
حكمُ الرعيةِ ، كيفَ الخضوعُ وانحناءِ الجباه
فهل كانَ من الممكنِ أن أصبحَ غيرَ ما ذكرت
بل كنتُ أكثرَ من ذلكَ فقد كفرت
واغتلتُ نفسيَ والهداه
للشمسِ إلهٌ للقمرِ إلهٌ للرزقِ إلهٌ
يمنحه قليلاً، يسلبُه لو كان كثير.
للريحِ إله.
عجباً لأمريَ لا أستطيعُ كصقرٍ بين الأشجارِ
أداعبُ المطرَ وأنفضُ الغبارَ عن جناحَيَّ وأطير !!!
فالصقور حرةٌ ترفرفُ حيث شاءَتْ وحينَ تشاءُ
لكني أسيرُ حيث أسير
أرتجفُ إذا ما مررْتُ بكتيبةٍ من الجندِ أو مخفرٍ
أرتعدُ من صجِّ الحديدِ وقرعِ الطبولِ
أرى في المدى مِشنَقَتِي تهتزُ فأنكَمِشُ وأنكمش
في جلديَ أكثرَ فأكثرَ حتى أصيرَ
شيئاً ضئيلاً أو لا شيءٍ
بقايا من قلبٍ كسير
وإذا ما عدْتُ من رحلةِ الشرودِ والأوهامِ ذليل
أبحثُ عن ملاذٍ بين ثنايا الزمنِ فلا أجِدُ
سوى القدرِ ألقي عليه بخيباتي
أو الوطنِ فأقتُلُه بسيفِ الملامةِ والعويل
وهكذا تمضي السنونُ تِلوَ السنون
تتشابَهُ لديَّ
وفصلُ الخريفِ
حيثُ اللونُ الكئيبُ، انزواءُ الشمسِ،
السماءُ الخاليةُ من الطيور
الأوراقُ الذابلةُ على الغصون،
والشيخُ العجوزُ تدفعُهُ الرّيحُ
في اتجاهِ الحتفِ الأخير
يسير....
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.