Free Web Submission http://addurl.nu FreeWebSubmission.com Software Directory www britain directory com education Visit Timeshares Earn free bitcoin http://www.visitorsdetails.com CAPTAIN TAREK DREAM: حصريا ولأول مرة : الموسوعة الكاملة : هذا تاريخهم.. الملفات السرية للإخوان المسلمين (الجزء الخامس )

Wednesday, September 25, 2013

حصريا ولأول مرة : الموسوعة الكاملة : هذا تاريخهم.. الملفات السرية للإخوان المسلمين (الجزء الخامس )



أمين عثمان باشا - أحمد ماهر باشا
*التنظيم أعد دراسات حول حوادث اغتيال أمين عثمان وأحمد ماهر واللورد موين للإستفادة منها

*من يناوئ الدعوة مهدرٌ دمه , وقاتله مثاب على فعله

*التنظيم كان يراقب كل الأحزاب والتجمعات المصرية

*يجب على فرد الجماعة "التذؤب مع الذئاب"

كما وجدت في السيارة أيضاً أوراق كثيرة أخرى منها ما يتضمن تعليمات عن كيفية تعقب الاشخاص وما يتعين توافره في الشخص المتعقّب من سرعة الملاحظة والاستنتاج والتنكر والظهور بمظهر لا يلفت النظر.

ومنها ما يحوى بيانات مفصلة عن منشآت الجيش المصري وبعض المنشآت الاجنبية من سفارات وقنصليات وغيرها وعن المنشآت الحكومية من وزارات ومحافظات ومديريات وأقسام ومراكز ونقط البوليس والسجون والمصالح ومكاتب التلغراف والتليفون والبريد وغيرها وعن المواصلات من سكك حديدية وترام وطرق زراعية وخطوط الاتوبيس وغيرها.

ومنها ما يشير إلى ان القتل الذي يعتبر جريمة في الاحوال العادية يفقد صفته هذه ويصبح فرضا واجبا على الانسان اذا استعمل كوسيلة لتأمين الدعوة.

ومنها ما يتضمن الحض على أعمال الفدائيين وحرب العصابات وطريقة استعمال زجاجة مولوتوف وتخريب المواصلات والسكك الحديدية واستعمال المفرقعات والالغام والاسلحة النارية واساليب الخنق وأحدث وسائله.

ومنها صور توضح طريقة استخدام البندقية والمسدس والقاء القنابل اليدوية ومنها ما يشرح كيفية القتل بواسطة الخنجر وكيفية تعطيل السيارات بخلط البنزين بالماء أو السكر أو بوسائل أخرى.

ومنها أوراق اختبار تتضمن أسئلة واجوبة عن حادث قتل امين عثمان باشا ونواحي الضعف التي أدت إلى ضبط القاتل – وعن تعليل الصلة بمن يوجد مع المقبوض عليه وسبب اجتماعه به.

ومنها رسوم وأوراق تتضمن دراسة لحوادث الاغتيال السابقة كحادثي قتل المغفور له دولة أحمد ماهر باشا واللورد موين.

ومنها مذكرات عديدة في القانون الجنائي وبالاخص سلطات المحقق والقواعد الخاصة بالتفتيش والتلبس وكيفية الاجابة في حالة الضبط والا يذكر المستجوب أنه من جماعة الاخوان المسلمين ويذكر أنه تركها في تاريخ سابق وألا يذكر أسماء من يعرفهم من زملائه وان يجيب بأنه لا يعرفهم أو انه لا يتذكرهم.

ومنها مذكرات عن كيفية التراسل بالكتابة الرمزية "الشفرة".

وضبطت في هذه السيارة ايضا أوراق مكتوبة على الالة الكاتبة وخاصة بالبرامج والمخابرات وتنسيقها مع الاقسام الأخرى ورفع مستوى القيادة واطلاع القواد على نشاط الحركات السرية والبحث عن المعلومات الدقيقة وتحريها وان بهذه الأمور يكونون قد قطعوا شوطا يفرضه الله عليهم وان الاعداد يتناول الشخصية من الاخوان العاملين وما يجب توافره فيهم من الصحة الجيدة والمهارة والتنظيم الذاتي والمكر – وان يحققوا الحكمة "التذؤب مع الذئاب"

ثم بيان ما يتناوله الاعداد الرياضي والفني ومعلومات عن الكهرباء واللاسلكي والتصوير الفوتوغرافي والاختزال والتدريب على التمثيل وعمل المكياج وتغيير الزي والهيئة وقيادة الدراجة والسيارة والموتوسيكل وكذلك قيادة العبارة عند اتصال الحركة بالخارج وأنه عند الاتصال اللاسلكي بالخارج في الاوقات العصيبة يمكن توصيل الاشياء والاخبار بواسطة طيارين وان تشتري طائرات خاصة حتى يتم انشاء شركة للطيران – وغير ذلك مما وصف بأنه خطوط رئيسية يشملها بناء جماعة المخابرات التي تقدم تقارير عن القائمين بالاعمال في أقسام البوليس وقواتها والمحال الصناعية اليهودية والاجنبية والمصرية. وان من مهام المخابرات ايضاً وجود جماعة المخابرات للاحزاب المصرية "الوفد والسعديين والسعديين الاحرار والاحرار الدستوريين والكتلة الوفدية والحزب الوطني ومصر الفتاه وحزب العمال وحزب الفلاح الاشتراكي" وغير ذلك من النقابات والجمعيات المختلفة والحركات الشيوعية وكذا اعمال المخابرات لكل وزارة من الوزارات والجامعة والازهر والمدارس.

وضبطت في السيارة الجيب ايضا أوراق فيها حديث عن الاجانب يهوداً كانوا أو نصارى والتحذير من خدعة أنهم ذميون وان اعلان حرب نظامية ليس في مقدور اعضاء الجماعة الآن وان عليهم ألا يترددوا في اغتيال اعداء رسول الله وان من التنطع تقديس دماء المرأة بلا قيد ولا شرط وان من ساستنا من يجب استئصاله وتطهير البلاد منه فان لم توجد سلطة شرعية تصدمهم فليتول ذلك من وضعوا أنفسهم جنودا للحق وان الاسلام يتجاوز عن احتمال قتل المسلمين اذا كان في ذلك مصلحة – ويلى ذلك عبارات عن وجوب مناصرة هذه الجماعة وان من يناوئها او يناهضها او يقف في سبيلها او يحاول اخفات صوتها مهدر دمه وان قاتله مثاب على فعله.

رموز للأسلحة والمتفجرات:

ضبطت في السيارة أيضاً مفكرة تحوي رموزاً وأرقاما ومرفق بها ورقتان بالاولى رموز للاسلحة والمفجرات ومن بينها كلمتا "مصحف وصابون" واشارة الى تسمية الاشخاص بأرقام معينة وبالثانية تقرير عن اجتماع أثبت فيه ارقام الحاضرين وما تناولوه من دراسة لانواع المفجرات والمشاعل والفتيل والسعات وتكملة الدراسة السابقة وقراءة اللائحة العامة وقواعد تتذكرها اذا اعتقلت وتحضير الجزء الأول من القانون وفقه السنة حتى اول الوضوء للاجتماع القادم وحفظ الربع الأول من سورة الانسان.

1-   ضبطت في قضية الجناية العسكرية رقم 227 سنة 1948 الوايلي حافظة جلدية بها أوراق عبارة عن برامج وأصول مسائل مقسمة تقسيما منظما وموضوعة في اغلفة من الورق الابيض وتتضمن نظاما شاملا لكل مسألة من المسائل التي اعد لها ملف وعنوان على حده ومنها ورقة بعنوان "الهيئة القانونية" تشمل تشكيل لجنة قانونية واخرى قضائية، وورقة بعنوان "القسم القانوني والقضائي" فيها بيان لاغراض هذا القسم وتنظيمه وانشاء لجان مصالحات ومحاكم كلية ومكتب تحقيق ومحكمة عليا ولجنة صلح ولجنة الابحاث ولجنة اللوائح ووضع لائحة للجرائم المعاقب عليها والجزاءات المقررة لها وتفصيل اختصاص كل لجنة من هذه اللجان، ومنها أوراق خاصة بالدعاية الخارجية والداخلية ومن وسائلها تسيير مواكب ومظاهرات في الدول الخارجية لمناصرة الجماعة في موقفها بقصد الضغط على الحكومة المعادية وأشير فيها إلى أن الأمر قد يتطلب اغتيال شخصية معادية كبيرة في خارج القطر للفت انظار العالم واستخدام المندوبين في الضغط والتوجيه في السياسة الداخلية كارسال مقال ذي مغزى او الابراق إلى الصحف المصرية بخبر معين لابد ان تنشره كما حدث عند اذاعة مقتل الامام يحيى خطأ قبل وقوعه في المرة الأولى اذ أن هذه الانباء تحدث توترا خاصا يمكن استخدامه في صالح الحركة، كما ورد فيها ان الدعاية تستلزم انشاء محطات ارسال للاذاعة يومين في الاسبوع كل يوم ثلاث اذاعات في الصباح وبعد الظهر وفي المساء وان برنامج الاذاعة يكون بسرد اخبار وتعليقات واشاعات وخطابات بالعامية مثيرة لعواطف ومشاعر الجماهير على الطريقة الالمانية وباصدار منشورات عن الحوادث التي يرتكبها افراد الحركة بصورة مبالغ فيها تارة والنقد والتجريح للايهام تارة اخرى والقاء خطب سياسية والقيام بحملات في الصحف وعرض بعض الأفلام عن حركات التحرير وان هذه الدعاية تستلزم وجود مطبعة وجستتنر ومعمل زنكوغرافي، ومن هذه الاوراق ايضا ثلاث ورقات عن "الاعانات والتعويضات والتهريب" فيها بيان عن وسائل التهريب بطرق المواصلات من طائرات وسفن وسيارات وقوافل وعن البضائع المهربة والعملة الصعبة وانه يتعين تهيئة اشخاص للعمل في بعض الأماكن والشركات والاشتراك في اسهم الشركات أو تأسيسها للعمل في مناطق المواني – ومن هذه الاوراق اربع ورقات عن قسم التربية والاعداد فيها بيان عن اغراض هذا القسم وتنظيمه وعن القيادة والوكيل والسكرتاريه ومجلس الادارة وعن تشكيل مجلس ادارة للقاهرة واخر للاقاليم من مدير ورؤساء مناطق وفيها بيان عن اعداد الاشخاص في مرحلة الاختبار وثلاث مراحل اخرى تدرس فيها المسائل العسكرية وحرب العصابات والحرب في المدن والالغام والمدافع الرشاشة والرحلات التدريبية والرياضية العنيفة وقيادة السيارات والسباحة والقفز والجري واتقان احدى اللغات الأجنبية.

السيارة الجيب والجاسوسية:

ومن هذه الاوراق ايضا ورقتان عن الجاسوسية وتعريفها واغراضها وتنظيمها وتشكيلها من رئيس ووكيل ووحدات وافراد واختصاص كل منهم وان يكون افرادها مجموعات خماسية يوزعون على الهيئات الاتي بيانها – الدراسة والتعقب – الشيوعية – مصر الفتاه – الوفد – السعديين – الاحرار – جبهة مصر – الكتلة – الشبان المسلمين – الشبان المسيحيين – حزب العمال – نقابات العمال – البوليس السياسي – السكرتارية ورئاسة العمليات.

وقد تبين من تقرير خبراء الخطوط ان هذه الاوراق المضبوطة بالحافظة محررة بخط السيد فايز عبدالمطلب المتهم في قضية الجناية رقم 227 سنة 1948 عسكرية الوايلي.

ووجد ايضاً بين اوراق الحافظة عدد كبير من التقارير والرسوم والبيانات الدقيقة عن السفارات البريطانية والامريكية والفرنسية والمحال التجارية والفنادق والمنازل والاشخاص بمدينة القاهرة وضواحيها والاسكندرية وبورسعيد والسويس وغيرها من بلاد المملكة المصرية وهي تدل على مراقبة هذه الامكنة وهؤلاء الاشخاص مراقبة دقيقة وتضمنت كثير منها طريقة نسفها والزمان والموضع المناسبين لتنفيذ ذلك وكيفية الهرب بعد ارتكاب الحادث.

2-   ضبط السيد فايز عبدالمطلب المتهم في قضية الجناية العسكرية رقم 227 سنة 1948 الوايلي في يوم 19 يناير سنة 1948 مع آخرين وهم يتدربون على استعمال الاسلحة والمفرقعات بجهة جبل المقطم ووجدت في حافظة نقوده ورقة ثبت من تقرير خبراء الخطوط انها بخطه وهي عبارة عن جدول يبدو من طريقة تحريره انه جدول خلايا وقد رمز للكثرة من اصحاب الاسماء الواردة فيه بارقام معينة ومن بينها اسماء المتهمين الثالث والرابع والخامس عاطف عطيه حلمى وكمال سيد سيد القزاز وعبدالعزيز احمد البقلى وقد رمز لهم بارقام 122 و 252 و 253 على التوالي وقد تبين من التقارير التي وجدت بالحافظة الجلدية المضبوطة في قضية الجناية العسكرية رقم 227 سنة 1948 الوايلي سالفة الذكر كما رمز لمحرريه بأرقام معينة ورد بعضها في جدول الخلايا المذكور وثبت من تقرير الخبراء ومن اعتراف بعض المتهمين الذين رمز لهم في الجدول بارقام معينة انهم حرروا التقارير المضبوطة في تلك الحافظة والتي رمز لمحرريها بهذه الأرقام. واعترف احد هؤلاء وهو عبدالفتاح ثروت المتهم في قضية الجناية العسكرية رقم 41 سنة 1949 مصر القديمة انه حرر ثلاثة تقارير عن ثلاثة محال تجارية ووصف فيها هذه المحال وكيفية نسفها وطريقة الهرب بعد ارتكاب الحادث وقرر انه حرر هذه التقارير بناء على تكليف المتهم الثالث عاطف عطيه الذي كان يرأس خليته وانه اقسم بمنزل عاطف هذا على الطاعة والاخلاص والكتمان."

تحريراً في 11 يوليو سنة 1949 – توقيع النائب العام- ( محمود منصور )

الحكم في القضية :

وأخيرا جاءت الأحكام في القضية على النحو التالي :

1- عبدالمجيد احمد حسن
اعدام         
فاعل أصلي مرتكب الحادث.

2- محمد مالك يوسف
أشغال شاقة مؤبده:
هو الذي وقع أختياره على عبدالمجيد أحمد حسن.

3- عاطف عطيه حلمي
أشغال شاقة مؤبدة:
اصطحب المتهم للترزي لتفصيل البدلة العسكرية.

4- شفيق أنس

5- محمود كامل
أشغال شاقة مؤبدة:
شركاء بالاتفاق والمساعدة حيث تواجدا يوم الحادث الاول بملابس كونستابل والثاني بملابس عسكري بوليس لمعاونة المتهم على أرتكاب الحادث والهرب.

6- كمال القزاز
براءة:
استدعى الترزي بمحله لمقابلة المتهم وعاطف للأتفاق على تفصيل البدلة.

7- عبدالعزيز البقلي
براءة :
الترزي الذي فصل البدلة للمتهم.

8- محمد صلاح الدين عبدالمعطي
براءة:
حصل بمنزله احدى الاجتماعات

9- السيد سابق
براءة :
واعظ وأفتى بشرعية القتل

10- السيد فايز
براءة:
رئيس مجموعات القاهرة وحضر بعض الاجتماعات لتدبير الحادث.

11- عبدالحليم محمد أحمد
براءة:
كان يتردد على منزل شبرا ويحضر الاجتماعات

12- محمود حلمى فرغل
براءة:
كان يتردد على منزل شبرا ويحضر الاجتماعات

13- محمد احمد على
براءة:
كان يتردد على منزل شبرا ويحضر الاجتماعات

14- جلال يسين
براءة:
كان قد وقع عليه الاختيار ليعاون القاتل عند أرتكاب الحادث بأن يرتدي ملابس كونستابل وكلنه احتج بمرضه وحل محله محمود كامل.

15- محمد نايل
براءة:
مستأجر منزل شبرا الذي كان يبدل به المتهمون ملابسهم العادية بالملابس العسكرية في المرات التي صمموا فيها على ارتكاب الحادث.


محمود فهمي النقراشي -أحمد عادل كمال

*اغتيال النقراشى بأقلام الإخوان

*أحمد عادل كمال يشرح:

*كيف تم اتخاذ القرار

*الأسباب وراء الإغتيال

*كيف تمت عملية التنفيذ

ظل قادة الإخوان، ردحا من الزمن، وبالتحديد ما يقارب الأربعين عاما يكذبون علينا علنا يشأن ما قاموا به من محاولات اغتيال توجت باغتيال النقراشي باشا رئيس وزراء مصر الأسيق، حتى قرر بعض مجرميهم أن يتحدثوا، فانكشف المستور، كل المستور، وظهرت الجماعة عارية تماما أمام المجتمع، الغريب أنه وبعد كل ما حدث، ما زال هناك من يمتلك الجرأة ويخرج علينا ليقول بالفم المليان، الإخوان لم يكونوا أبدا دعاة عنف، ولكن ماذا نقول، فقط نردد المثل المصري العبقري :

( اللي اختشوا ماتوا) .     

يقول أحمد عادل كمال، أحد قادة النظام الخاص في كتابه المعنون: النقط فوق الحروف - الإخوان المسلمون والنظام الخاص- الطبعة الاولى – الزهراء للأعلام العربى- الفصل العاشر-ص 223.

كان سقوط السيارة الجيب فى 15/11/1948. وتراءى للنقراشى بها أنه قد استمكن من الإخوان. كان النقراشى رئيسا للوزارة وحاكما عسكريا عام ورئيسا للحزب السعدى، أكثر الاحزاب المصرية هزالا وضعفا حينذاك، كما كان فى نفس الوقت وزيرا للداخلية ووزيرا للمالية فى وزارته. وفى 8/12/1948 أصدر النقراشى أمره العسكرى بحل جماعة الإخوان المسلمين ولم تنقض ثلاثة أسابيع حتى سقط النقراشى قتيلا فى عرينه بوزارة الداخلية برصاص الإخوان. وكان لذلك الاغتيال أسباب ثلاثة هى كما افصح عنها عبدالمجيد أحمد حسن الذى اغتاله، تهاونه فى شأن قضية وحدة مصر والسودان، وخيانته لقضية فلسطين واعتداؤه على الإسلام بحل الإخوان المسلمين كبرى الحركات الإسلامية فى عصرها.

الحادث :

ويمضي أحمد عادل كمال فيقول في ذات المصدر ص224: منذ وقع النقراشى قرار حل الجماعة وهو يدرك أنه ارتكب حماقة وتهورا يعرضه لما اصابه، فأعد لنفسه حراسة مشددة وبروجا مشيدة. وكان يذهب أياما إلى رئاسة مجلس الوزراء وأحيانا إلى وزارة الداخلية وأحيانا أخرى إلى وزارة المالية. وقد استدعى الأمر قيام الإخوان بعملية رصد متوال لمعرفة جدوله فى توزيع أيامه على وزاراته. كذلك كان يغير طريقه من منزله بمصر الجديدة إلى أى من تلك الوزارات بوسط المدينة ولذلك استبعدت فكرة اصطياده فى الطريق.

وفى صباح يوم الثلاثاء 28/12/1948 ، والكلام ما زال لأحمد عادل كمال، ذهبت قوة الحراسة المكونة من الصاغ عبدالحميد خيرت والضابط حباطى على حباطى والكونستابل أحمد عبدالله شكرى إل منزل النقراشى لاصطحابه، وانتظروا الباشا حتى نزل إليهم قبل العاشرة صباحا بعشرين دقيقة، وركب الأول معه فى سيارته بينما استقل الآخران سيارة أخرى تتبع السيارة الأولى، ووصل الركب وزارة الداخلية نحو الساعة العاشرة. ونزل الباشا من سيارته أمام الباب الداخلي لسراى الوزارة واتجه إلى المصعد مجتازا بهو السارى وإلى يساره الصاغ عبدالحميد خيرت وخلفه الحارسان الآخران، هذا بالإضافة إلى حراسة أخرى تنتظر بالبهو مكونة من كونستابل وصول وأونباشى بوليس.

ويواصل أحمد عادل كمال في ذات المصدر ص225 : وكان هناك أمام وزارة الداخلية "مقهى الأعلام" تم اختياره مسبقا ليجلس به عبدالمجيد أحمد حسن – 21 سنة  - وقد تسمى باسم حسنى فى انتظار مكالمة تليفونية لتلقى إشارة بأن الموكب قد غادر بيت الرئيس فى طريقه إلى الوزارة. وتمت تلك التجربة مرات قبلها. وفى يوم الحادث تلقى "الضابط حسنى" إشارة تليفونية بأن الموكب قد تحرك، فغادر المقهى إلى البهو الداخلى لوزارة الداخلية، وهناك كانوا يخلون البهو من الغرباء فى انتظار وصول الرئيس ولكن عبدالمجيد وقد تزيا بزى ضابط بوليس لم يطلب إليه أحد الانصراف فهو من "أهل البيت" إذا.

وحين غادر عبدالمجيد مقهى الأعلام كانت هناك عيون على مقهى آخر ترقبه .. شفيق أنس فى زي كونستابل ومحمود كامل السيد فى زى سائق سيارة بوليس، فتبعاه إلى داخل الوزارة.

اجتاز عبدالمجيد الباب الخارجى ثم الداخلي وانتظر فى البهو، وجاء النقراشى بين حرسه متجها نحو المصعد حتى إذا صار على وشك ولوجه فاجأه عبدالمجيد بإطلاق ثلاث رصاصات من مسدس برتا إيطالى الصنع كان معه، وقد تم ذلك بسرعة خاطفة وأصابت الرصاصات الهدف فسقط النقراشى على الارض جسدا له شخير وخوار. كانت الساعة العاشرة وخمس دقائق صباحا. وأخذ رجال الحرس بما حدث فلم يستطع أحد منهم عمل شيء قبل إطلاق المقذوفات الثلاثة.

القبض صدفة على الجاني:

ويتابع عادل كمال قائلا : والتفت الصاغ عبدالمجيد خيرت إلى الخلف فاصطدم – بالصدفة على ما يبدو – بعبدالمجيد فوقعا على الأرض وهجم الحراس على عبدالمجيد وفى تماسكهم به انطلقت رصاصة رابعة ومات النقراشى بعد قليل. وقد ذكر بعض الشهود أنه انطلق نحوهم عيار آخر أصاب الحائط، مما أوحى بوجود شركاء آخرين، ولكننا نسبتعد ذلك، فتلك شهادة لم تذكر أمام النيابة فى التحقيق وإنما ذكرت أمام المحكمة بعد أن عرف أن شفيق ومحمود كامل كانا هناك. وهى رواية ابتدعها البوليس للتأثير على عبدالمجيد بإيهامه أن الإخوان أرادوا قتله بعد الحادث. كما ظن البعض من هذه الحكاية أنه كان هناك تدبير لتهريب عبدالمجيد. ولكن الذى نعلمه أنه لم يكن هناك أى تخطيط للفرار بعبدالمجيد وإنما كان الهدف من وجود شفيق ومحمود هو اغتيال ابراهيم عبدالهادي وعبدالرحمن عمار حين يحضران على أثر مصرع النقراشى. غير أنه صدرت الاوامر بإغلاق كافة الأبواب وتفتيش المكان فبادر محمود بالانصراف متخطيا سور الوزارة كما خرج شفيق من الباب وكان عليه حرس من عساكر البوليس فقال له أحدهم إن الأوامر تمنع خروج أى إنسان فأجابه على الفور "نعم .. لا تسمح لاى إنسان كان بالخروج" وخرج!

وأبلغ صابر طنطاوى مدير الأمن العام الحادث تليفونيا إلى النائب العام محمود منصور باشا فانتقل إلى مكان الحادث وباشر التحقيق.

تقرير الطبيب الشرعي :

ويواصل عادل كمال في ذات المصدر ص226 و227: قد جاء بتقرير الطبيب الشرعى أن جثمان المجنى عليه به ثلاث إصابات نشأت عن مقذوفات نارية، الأولى أصاب الجهة اليسرى من الظهر مقابل المسافة الضلعية التاسعة وقد نفذ العيار للتجويف الصدرى ثم لتجويف البطن فى اتجاه من الخلف واليسار للأمام واليمين بميل قليل لأسفل، وقد وجد المقذوف مستقرا بجدار البطن الأمامي واستخرجه الطبيب من تحت الجلد. أما الثانى فقد أصاب أعلى البطن الأيسر أسفل الضلع الأخير نشأ عنه جرح نافذ حيوى إلى تجويف البطن من الخلف واليسار للأمام واليمين، وقد استقر المقذوف أيضا بجدار البطن الأمامى واستخرجه الطبيب الشرعى. وقد اصاب الثالث مقدم الكتف اليسرى وطية الإبط

وامتد على جدار الصدر الأمامى وانتهى بجرح هو فتحة الخروج. واستنتج الطبيب الشرعى أن "الجانى" كان خلف "المجنى عليه" وإلى يساره وعلى مسافة تزيد على النصف متر وكان مصوبا سلاحه بميل قليل إلى أسفل وأن الوفاة قد نشأت عن عيارى الظهر وما أحدثاه من إصابات بالرئة اليسرى والكبد والأوعية الدموية والأمعاء، وما ترتب على ذلك من نزف دموى وصدمة عصبية، أما عيار الكتف اليسرى فلا دخل له فى الوفاة.

الرأى العام فى انجلترا وفى مصر :

ولا ينسى عادل كمال أن يأتي بعدد من تعليقات الصحف – آنذاك- حول الجريمة إذ يقول في ذات المصدر ص : علقت جريدة "المانشستر جارديان" البريطانية على الحادث فقالت:

"إن مقتل النقراشى باشا رئيس الوزراء المصرى لهو عمل سوء . وقد حدث بعد سلسلة من الاعتداءات كانت ايدى جماعة الاخوان المسلمين واضحة فيها، فمنذ ثلاثة أسابيع قتل حكمدار بوليس القاهرة فى أحد الشوارع (تقصد سليم زكي) وفى 21 نوفمبر دمرت الدار التى تحوى مكاتب اكبر جريدتين فرنسية وانجليزية فى مصر (تقصد شركة الاعلانات المصرية) وفى الشهر نفسه وقع حادث الاعتداء الرابع فى مدى عامين على النحاس باشا (كان من تدبير السراى ولا شأن للإخوان به).

( أنظر كيف يعترف الرجل بشكل غير مباشر بإرتكاب الإخوان لحوادث مقتل حكمدار القاهرة والهجوم على شركة الإعلانات المصرية بإنكاره قيام الجماعة بحادث الإعتداء على النحاس باشا ) . ويواصل عادل كمال نقله لما جاء في التايمز فيقول : وفى أول العام قتل أحد القضاة ممن حكموا على أفراد تلك الجماعة (تقصد الخازندار). ولقد لقى النقراشى باشا حتفه عقب قراره الذى تأخر كثيرا بحل جماعة الإخوان على أساس أن وجودها يهدد الأمن والنظام .. وكان ذلك هو جواب الإخوان عليه.

وقالت الديلى تلجراف:

وهذه الجريمة لن تحقق غرضا وستقابل بالسخط والاستنكار فى جميع أنحاء العالم، وقد محت من سجل الوجود رجلا برهن خلال حياته السياسية الطويلة على أنه أقوى رجل سياسي فى مصر!.

ويعلق عادل كمال في ص 228 قائلا : ذلك كان رأى صحافة الإنجليز فى الباشا النقراشى وفى حادث مصرعه .. أما فى مصر فقد عمت الفرحة الناس بقتل النقراشى ورقص بعضهم فاعتقل . وتقلد مقاليد السلطة من بعده إبراهيم عبدالهادى باشا. وإذا كان النقراشى قد بدأ فتح المعتقلات فقد قرر إبراهيم عبدالهادي أن يملأها، وإذا كان النقراشى قد بدأ سياسة البطش والتنكيل فقد فاقه إبراهيم عبدالهادي فى ذلك. كما كان تكليف عبدالهادى بتأليف الوزارة من بعد النقراشى يعنى – على الأقل – موافقة الملك على تلك السياسة.

عود إلى القضية :

ونواصل مع عادل كمال في ذات المصدر حيث يقول في ص 229:

فى 22/3/1949  توصل التحقيق إلى من وصفه رئيس المحكمة بأنه "مهندس الجريمة" وهو ضابط البوليس أحمد فؤاد عبدالوهاب وكان قد نقل أثناء التحقيق إلى مدينة بنها، وذهب البوليس بصحبة النيابة للقبض عليه وتفتيش منزله، وتذكر التحقيقات أنه تمكن من التغرير باحد زملائه الضباط وركب سيارة البوليس وانطلق هاربا وتبعته قوات البوليس لمطاردته فى حقل على مقربة من الطريق الزراعى إلى القاهرة، وحاول أحمد فؤاد الهرب عندما شاهد رجال البوليس يقتربون من مكانه فى الحقل وعبر بملابسه إحدى الترع فأطلق عليه البوليس النار فاستشهد على الأثر.

كذلك تناول عبدالمجيد بأقواله فى 22 مارس 1949 محمد مالك، فانتظره البوليس الملكى فى مسكن اثنتين من أقربائه، وحضر مالك إلى المسكن فظنه رجل البوليس زميل له – كذلك كان مستوى الذكاء – وسأله عن اسمه فتسمى مالك باسم عبدالمنعم إبراهيم، وأخبره رجل البوليس بأنه مكلف بأن يحضر إلى قسم البوليس أى شخص يجئ إلى المسكن، فغافله مالك وعاجله بضربة بكرسى على رأسه وبادر بالفرار، ولم يتمكن رجل البوليس المضروب على رأسه من اللحاق به.

وظل محمد مالك مختفيا رغم المجهودات المكثفة التى بذلها البوليس للقبض عليه والإعلانات المتكررة التى ملأت الصحف والجدران وكل مكان تحل صورته ووعدا بمكافأة قدرها ألف جنيه لمن يرشد عنه. وأرشد كثيرون عن أشخاص تبين أن ليس منهم محمد مالك، ولكن تشابه فى الصورة، حتى قبض عليه بالاسكندرية فى 14 مايو 1949، ونشأت عن ذلك قضية أخرى عرفت باسم قضية "إخفاء مالك اتهم فيها محمود يونس الشربينى محام تحت التمرين وملازم أول طبيب جراح السيد بهجت الجيار والسيد محمد شامة وسعد محمد جبر وأحد البساطى وآخرون. وقبض على مالك بعد تبادل إطلاق النار ولم تكن جدوى من المقاومة فقد كان البيت محاصرا ونفذت ذخيرته.

الإخوان وطريقة تقييمهم لرجال القضاء:

ونمضي مع عادل كمال حيث يورد تقييم الإخوان للنائب العام آنذاك المسنشار محمد منصور فيقول في ص230 : "تولى تحقيق قضية اغتيال النقراشى النائب العام محمود منصور باشا بنفسه، وهو الذى كان رئيسا للمحكمة العسكرية التى حاكمت محمود عيسوى، رحمه الله، الذى قتل أحمد ماهر فى فبراير 1945 وحكمت عليه بالإعدام. ومحمد منصور هذا هو الذى أراد ضم قضية السيارة الجيب وقضية مقتل النقراشى فى قضية واحدة.

ولقد حقق معى هذا الرجل عدة مرات فكان يعتمد اعتمادا أساسيا على جهاز البوليس السياسى بضغطه على المتهمين واصطناع الشهود وشرائهم.

ويضيف : كانت حيثيات الحكم فى قضية اغتيال النقراشى على النقيض من حيثيات الحكم فى قضية السيارة الجيب. فى قضية النقراشى كان رئيس المحكمة محمد مختار عبدالله متحاملا على المتهمين وعلى جماعة الإخوان المسلمين بشكل ظاهر، فى حين كان رئيس المحكمة فى قضية السيارة الجيب أحمد كامل بك متفهما للدعوة وأهداف الجماعة متجاوبا ومقتنعا بمواقفنا وأكثر من ذلك كان معجبا بنا، فوصفنا الأول بأننا جماعة إجرامية وإرهابية ووصفنا الثانى بأننا شباب وطنى يهدف إلى تحرير بلاده.

الحكم :

ويورد عادل كمال في ذات المصدر ص231 الحكم في القضية قائلا : فى يوم الخميس 13/10/1949 صدر الحكم فى القضية كالآتي:

أولا: معاقبة عبدالمجيد أحمد حسن بالإعدام.

ثانيا: معاقبة كل من محمد مالك والدكتور عاطف عطية وشفيق إبراهيم أنس ومحمود كامل السيد بالأشغال الشاقة المؤبدة.

ثالثا: براءة كل من كمال سيد القزاز وعبدالعزيز البقلى والشيخ السيد سابق والسيد فايز عبدالمطلب ومحمد صلاح الدين عبدالمعطي وعبدالحليم محمد احمد ومحمود حلمى فرغل ومحمد أحمد على وجلال الدين يس ومحمد نايل إبراهيم مما أسند إليهم.

وكان المستشار محمد مختار عبدالله وهو ينطق بالحكم يملؤه الغيظ والتشفى ومما قال "ومما يؤسف له أن مهندس الجريمة – يقصد الأخ احمد فؤاد عبدالوهاب رحمه الله – ليس حاضرا، وأنه فضل رصاصات البوليس على حكم الإعدام الذى كان مؤكدا أن هذه المحكمة ستصدره عليه"! وكان يتهدد أصحاب البراءة بأن موعده معهم سيكون فى قضية السيارة الجيب، ذلك أنه كان من المقرر، حتى حينذاك أن ينظر قضية السيارة الجيب ايضا، ولكن مختار عبدالله قدّر فَقُتِل كيف قدر، وقدر الله وما شاء فعل.

وتم تنفيذ حكم الإعدام فى عبدالمجيد أحمد حسن رحمه الله يوم 25 أبريل 1950 فى عهد وزارة الوفد بعد أن رفض التماس أسرته بالعفو عنه.


محمود فهمي النقراشي- الشيخ حسن البنا- محمود الصباغ

*الصباغ يعترف بأن سيد فايز هو صاحب قرار اغتيال النقراشي ويضيف اعترافات أخرى حول مسئولية الجماعة عن اغتيال سليم ذكي
*البنا يرسل رسالة للملك يشبهه فيها بالله سبحانه وتعالى ويقول له "نلوذ بعرشك الكريم"

*البنا يصف النقراشي في رسالته للملك بالحمق في إدارة أمور الدولة ويبكي بعد يومين في حضرة وكيله واصفا إياه بالحكمة وسعة الأفق

لأول مرة في جريدة مصرية:

*خطاب البنا للملك فؤاد ومذكرة وكيل الداخلية حول لقائه بالبنا

*رواية الصباغ لأسباب قتل النقراشي باشا :

وحتى نكون منصفين فإننا لن نعتمد على صوت واحد من داخل النظام الخاص (الجناح العسكري للإخوان) في تأكيد قيام الإخوان بعملية الاغتيال، على الرغم من إنكار البنا وعدد من قادة الإخوان نسبة عملية الاغتيال للجماعة حتى الآن، فسوف نورد ما قاله أحد الأقطاب الكبار للنظام الخاص وبطل قضية السيارة الجيب المعروفة، محمود الصباغ، الذي يروي تفاصيل عملية الإغتيال كاملة في متابه الذي قدم له مصطفى مشهور عام 1986 " حقيقة التنظيم الخاص ودوره فى دعوة الأخوان المسلمين – الطبعة الأولى – دار الأعتصام-ص 312

قتل النقراشى باشا:

فتحت هذا العنوان يقول الصباغ في ص 450: لا يمكن أن نعتبر أن قتل النقراشى باشا من حوادث الاغتيالات السياسية فهو عمل فدائى صرف قام به أبطال الاخوان المسلمين ( إذا لماذا أصر البنا –آنذاك- أن الإخوان بريئون من دم النقراشي براءة الذئب من دم بن يعقوب وما زال يعض قياداتهم يصر على ذلك حتى الآن ) لما ظهرت خيانة النقراشى باشا صارخة فى فلسطين بأن أسهم فى تسليمها لليهود ثم أعلن الحرب على الطائفة المسلمة الوحيدة التى تنزل ضربات موجعة لليهود، كما شهد بذلك ضباط القوات المسلحة المصرية سابقا، وكما سنرويه تفصيليا فى الفصل القادم ان شاء الله، فحل جماعتهم واعتقل قادتهم وصادر ممتلكاتهم وحرم أن تقوم دعوة فى مصر تدعو الى هذه المبادئ الفاضلة الى الأبد، فكانت خيانة صارخة لا تستتر وراء اى عذر او مبرر، مما يوجب قتل هذا الخائن شرعا، ويكون قتله فرض عين على كل مسلم ومسلمة (أنظروا كيف يقرر الإخوان من هو الخائن ومن هو الوطني ثم يصدرون الحكم عليه ثم ينفذوه دون أدنى محاكمة) .

سرية الشهيد الضابط أحمد فؤاد لقتل النقراشى باشا:

وتحت هذا العنوان يورد الصباغ ما نصه: كان الشهيد السيد فايز هو مسئول التنظيم الخاص عن مدينة القاهرة بعد اعتقال كل من يعلوه فى القيادة سواء من رجال الدعوة العامة او من رجال النظام الخاص، فقد اعتقل جميع اعضاء الهيئة التأسيسية وحيل بين المرشد العام وبين جميع الاخوان، فأصبح سيد فايز هو المسئول عن حماية الدعوة فى هذه الظروف الشاذة وله حق الاجتهاد .

وقد نظر السيد فايز فى قرار حل الاخوان المسلمين وفى الظروف التى تحيط بهذا القرار سواء فى الميدان او فى داخل مصر، فشعر أنه محكوم بحكومة محاربة للإسلام والمسلمين وقرر الدخول معها فى حرب عصابات فوق أرض مصر.

 (الغريب أن سيد فايز هذا تم قتله فيما بعد بمعرفة نفس التنظيم الذي كان يقوده بواسطة علبة حلوى مفخخة وهكذا أذاقه الله طعم ما ذوقه للآخرين وصدق الله العظيم "يمهل ولا يهمل")

ونكمل مع الصباغ حيث يورد: لم يكن للسيد فايز من بد فى أن يتحمل هذه المسئولية، فكل اخوان الدعوة العامة معتقلون والمرشد العام محجوب عن اللقاء بالاخوان بوضعه تحت العدسة المكبرة لرجال الأمن طوال ساعات النهار والليل فليس هناك مجال للأتصال به أو أخذ التعليمات منه،  وبدأ السيد فايز معاركه برأس الخيانة- محمود فهمى النقراشى.

كون سرية من محمد مالك وشفيق أنس وعاطف عطية حلمى والضابط أحمد فؤاد وعبد المجيد أحمد حسن ومحمود كامل، لقتل النقراشى باشا غيلة ولتتحطم رأس الاستبداد وقد أسند قيادة هذه السرية الى الشهيد الضابط أحمد فؤاد.

وقد رسموا الخطة على النحو الذى ظهر فى تحقيقات هذه القضية( قد أشرنا إليه في الحلقات السابقة)  ونجح عبد المجيد أحمد حسن فى قتل النقراشى باشا، فى مركز سلطانه وسط ضباطه وجنوده وهو يدخل مصعد وزارة الداخلية.

البنا وعملية قتل النقراشي:

أشارت أغلب كتابات قادة الإخوان في موضوع مقتل النفراشي باشا على يد العصابة الإخوانية المسماة، زورا وبهتانا، بالمسلمين، من طرف خفي الى عدم علم البنا بقرار اغتيال النقراشي، مع الأخذ في الإعتبار أن سيد فايز المخطط الرئيسي للحادث هو التلميذ النجيب للبنا، الذي أتى به للقضاء، على ما أسماه (البنا) فوضى النظام الخاص في عهد عبد الرحمن السندي، وعلى الرغم من أن مجمل كتابات الإخوان أنفسهم قد أكدت على ان سيد فايز لم يكن له –أبدا – أن يتخذ قرارا دون علم البنا، فما بالك والقرار هو اغتيال رئيس وزراء مصر. نقول على الرغم من كل ذلك فإنه ما زال من قادة الإخوان من يذهب الى عدم علم البنا بقرار الجماعة قتل النقراشي باشا، وهنا يجب الإشارة الى وثيقتين أساسيتين، ربما يلقوا نظرة مختلفة لما إذا كان البنا هو الذي أتخذ القرار أم غيره.

الأولى هي نص خطاب البنا الى الملك الذي راح يحرض فيه السراي على النقراشي باشا في السادس من ديسمبر عام 1948 ، والذي حوله الملك الى إبراهيم عبد الهادي باشا رئيس الديوان، الذي حوله بدوره الى النقراشي باشا . ونصه:

الخطاب الذى رفعه حسن البنا الى الملك يستعديه على النقراشى

ديوان جلالة الملك-سري رقم 1666

حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق الأول ملك وادى النيل حفظه الله،

أحمد اليكم الله الذى لا إله إلا هو واصلى وأسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين وأمام المتقين وأحيي سدة جلالتكم المجيدة بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته متبوعة بأصدق آيات الاخلاص وأخلص معانى الولاء.

يا صاحب الجلالة

لقد حرمنا جهادنا فى فلسطين أو كدنا لا لضعف فى جيشنا أو تخاذل فى شعبنا أو نقص فى عددنا أو جهل بواجبنا ولكن لتحكم السياسة المترددة فى الحرب الصارمة وتدخل رئيس الحكومة (في إشارة الى النقراشي باشا) فى شئون القتال وتردده فى مواجهة المواقف بما تقتضيه إلى جانب العوامل الأخرى التى لا يد لنا فيها ولكن كان فى وسع الحازم اللبق والقوى الفن أن ينتفع بها ويستفيد منها.

ولقد انفرد الحاكم العام بالعمل فى السودان ينفذ فيه سياسة بريطانيا المرسومة وخططها الانفصالية المعلومة وأخذ يوجّه إلى مصر اللطمة بعد اللطمة وينفّذ من برنامجه الخطوة تلو الخطوة والحكومة المصرية تمد له فى ذلك وتشجعه على المضي فيه بسياستها السلبية وهو ممعن فى عدوانه حتى بلغ به الأمر أخيراً إلى أن يمنع بعثة المحامين من أداء واجبها ويعلن على لسان رجاله أن مصر شيء والسودان شيء آخر وكل هذا يحدث والحكومة المصرية لم تفعل شيئاً بعد.

والعالم كله الآن يا صاحب الجلالة تغلي مراجله بالأحداث الجسام والخطوب العظام ويبدو فى آفاقه كل يوم شأن جديد لا يقوى أبداً دولة النقراشى باشا على أن يضطلع بأعباء التصرف فيه بما يحفظ كرامة مصر ويصون حقوق الوادي المجيد العظيم، والنزاهة وطهارة اليد (اعتراف جلي من البنا بنزاهة وطهارة يد النقراشي باشا تلك التي لم تشفع له عند الجماعة بحال) لا تكفى وحدها لمواجهة هذه الغمرات المتلاحقة من أحداث الزمن ومضلات الفتن.

وفى وسط هذه اللجّة من الحوادث الجسيمة التى تتصل بحاضر الوطن ومستقبله وكيانه فى الصميم يُعلن دولة النقراشى باشا الحرب السافرة الجائرة على الاخوان المسلمين. فيحل بالامر العسكرى بعض شعبهم. ويعتقل بهذه السلطة نفسها بدون اتهام أو تحقيق سكرتيرهم العام وبعض أعضاء هيئتهم ويأمر الوزارات والمصالح المختلفة بتشريد الموظفين الذين يتصلون بالهيئة ولو بالاشتراك فى أقسام البر والخدمة الاجتماعية تلفونيا أو تلغرافيا إلى الأماكن النائية والمهاوى السحيقة وماعليهم أن ينقلوا فذلك شأن الموظف المفروض فيه ولكن صدور هذه التنقلات فى هذه الصور القاسية التى تحمل معنى الانتقام والاتهام تجرح الصدور وتثير النفوس وتسيء إليهم فى نظر رؤسائهم ومرؤوسيهم على السواء.

ويصدر الرقيب العام أمره بتعطيل جريدتهم اليومية إلى أجل غير مسمى بحجة لا قيمة لها ولا دليل عليها بل أنه لو صحت الأوضاع لكان للجريدة أن تؤاخذ الرقباء أشد المواخذة بمواقفهم منها وتعنتهم معها وعدم اصغائهم الى شكاياتها المتلاحقة.

ويتردد على الأفواه والشفاه قرار حل الهيئة ووعيد الحكومة لكل من اتصل بها بالويل والثبور وعظائم الأمور.

وأخيرا يحاول دولة رئيس الحكومة أن يلصق بالاخوان تهمة الحوادث الأخيرة التى لم تكن الا صدى لهذا العدوان من الحاكم فى السودان ولجهاد اخواننا السودانيين فى جنوب الوادي ويلقي عليهم تبعة هذا الحادث الأسيف حادث مصرع حكمدار العاصمة الذى كان المركز العام للاخوان المسلمين أول من اسف له وتألم منه اذ كان رحمه الله معروفا بعطفه على حركتهم ودفاعه عن هيئتهم ومواقفه الطيبة فى ساعات المحن إلى جانبهم مع حكمة فى العمل واحسان فى التصرف (لاحظ كلام البنا عن الرجل وما اعترف به الصباغ آنفا من مسئولية للإخوان عن الحادث وحسبنا الله ونعم الوكيل).

ويحاول دولته أن يتذرع لهذه الحرب الشعواء بتحقيقات لم ينته أمرها بعد ولم يعرف فيها المتهم من البرئ إلى الآن وان كانت وزارة الداخلية فى بلاغاتها الرسمية قد خالفت أمر النيابة وسبقت كلمة القضاء وأعلنت على رؤوس الأشهاد أتهام الأبرياء.

يا صاحب الجلالة

اسمح لي أن أجرأ فى هذا المقام الكريم فأقول أن هذه المجموعة من الاخوان المسلمين فى وادي النيل هى أطهر مجموعة على ظهر الأرض (لاحظ الوصف) نقاء سريرة وحسن سيرة واخلاصا لله وللوطن وللجالس على العرش (لاحظ التملق) فى كل كفاحهم فى سبيل دعوة لا تخرج أبدا عما رسم الإسلام الحنيف قيد شعرة وأنهم بحكم ايمانهم ومنهاجهم ونظامهم وانتشار دعوتهم بكل مكان فى الداخل والخارج أفضل قوة يعتمد عليها من يريد بهذا الوطن الخير ويتمنى له التقدم والنهوض وأكتب ورقة فى يد كل عامل لخير البلاد والعباد وان تحطيم دعوتهم والقضاء عليهم وهو ما تستطيعه الحكومة إذا أرادته وصممت عليه ولو فى ظاهر الأمر إلى حين بما فى يدها من سلطات عسكرية وما تملكه من قوة رسمية ليس من المصلحة فى شيء بل هو قضاء على نهضة هذا الوطن الحقيقية وقتل للبقية الباقية من روح الأخلاص والجد والاستقامة والطهر فيه على ان نتائج هذا الموقف فى مثل هذه الظروف غير مضمونة ولا معروفة ولا أدري لحساب من يقوم دولة رئيس الحكومة بهذه المهمة ويحمل هذه التبعة الضخمة أمام الله وأمام الناس وفي التاريخ الذى لا ينسى ولا يرحم.

يا صاحب الجلالة

ان الأخوان المسلمين باسم شعب وادي النيل كله يلوذون بعرشكم (لاحظ اللغة) وهو خير ملاذ ويعوذون بعطفكم وهو أفضل معاذ ملتمسين أن تتفضلوا جلالتكم بتوجيه الحكومة إلى نهج الصواب أو باعفائها من أعباء الحكم ليقوم بها من هو أقدر على حملها ولجلالتكم الرأى الأعلى والله أسأل أن يتم عليكم نعمة التأييد والتوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
                                                                                         المخلص                                                                                                    حسن البنا
المرشد العام للإخوان المسلمين

ولن نعلق كثيرا على هذه الوثيقة التي أوردتها كاملة الأستاذة الدكتورة هدى شامل أباظة ، في كتابه الرائع حول النقراشي باشا – الطبعة الأولى – دار الشروق. فالوثيقة تشرح نفسها ينفشها وتدل على مدى حمق البنا على النقراشس وسعيه الى تنحيته عن الحكم بأي وسيلة .

مذكرة عبدالرحمن بك عمار:

ونأتي للوثيقة الثانية وننقلها من نفس كتاب الدكتورة هدى شامل أباظة (على الرغم من إمتلاكنا لصورة من الوثيقتين ) وهي مذكرة عبد الرحمن بك عمار وكيل وزارة الداخلية إلى النقراشى باشا، والتي تتضمن تقريراً عن لقائه بحسن البنا في الثامن من ديسمبر 1948 أي عقب رسالته للملك بيومين (وأقرأ بها العجب العجاب لترى مدى دهاء الرجل وخداعه البعيدين أبدا عن أخلاق الإسلام).

"حضر الليلة الشيخ حسن البنا إلى ديوان وزارة الداخلية وطلب مقابلتنا بحجة الافضاء الينا بأمور هامة يرغب فى ابلاغها فورا إلى حضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء، فلما قابلناه حدثنا بأنه قد علم أن الحكومة أصدرت قرارا بحل جماعة الاخوان المسلمين أو هى في سبيل اصدار هذا القرار وأنه يريد أن ينهى إلى دولة رئيس الوزراء بأنه قد عوّل نهائياً على ترك الاشتغال بالشئون السياسية وقصر نشاط الجماعة على الشئون الدينية كما كان الحال في بداية قيام جماعة الإخوان المسلمين وأنه يود من كل قلبه التعاون مع دولة الرئيس تعاونا وثيقا مؤيدا للحكومة في كل الأمور وأنه كفيل بتوجيه رجاله فى كافة الجهات بالسير على مقتضى هذا الاتجاه، كما أعرب عن أسفه لما وقع من جرائم ارتكبها اشخاص يرى أنهم اندسوا على الإخوان المسلمين، وراح يترحم على سليم زكي باشا قائلاً أنه كان صديقا حميما له وكان بينهما تعاون وثيق وتفاهم تام – ثم أكمل مادحا دولة النقراشى باشا قائلا انه على يقين من نزاهته وحرصه على خدمة وطنه وعدالته فى كل الأمور. وأنه لو تمكن من مقابلة دولته بعد أن مضت سنتان لم يلتقيا فيها بسبب جفوة أثارها الوشاة (هو لم يعتبر نفسه من الوشاة حيث لم تكن رسالته للملك قد جف حبرها بعد) لأقنع دولته بأنه من صالح الحكومة والأمة معا أن يبقى الصرح الضخم الذى جاهد الاخوان المسلمون سنوات طويلة فى اقامته كما قال أنه يعز عليه بل ويزعجه ويؤلمه أن ينهار هذا الصرح على يد دولة النقراشى باشا الحريص على خدمة بلاده.

ثم قال أنه اذا قدر أن تمضى الحكومة فى ما اعتزمته من حل الجماعة فانه يؤكد أنه ورجاله سوف لا تبدر منهم بادرة تعكر صفو الأمن اذ لا يقدم على مثل هذا العمل الا مجنون كما أكد أن الحكومة لو تعاونت معه لضمن للبلاد أمناً شاملاً (أنظر كيف يقدم البنا خدماته لوزير الداخلية النقراشي باشا).

وختم حديثه بقوله أنه على استعداد للعودة بجماعة الاخوان المسلمين الى قواعدها بعيدا عن السياسة والاحزاب متوفرا على خدمة الدين ونشر تعاليمه بل انه يتمنى لو استطاع أن يعتكف في بيته ويقرأ ويؤلف مؤثرا حياة العزة ثم جعل يبكى بكاء شديدا ويقول انه سيعود الى مقره فى انتظار تعليمات دولة رئيس الوزراء داعيا له بالخير والتوفيق.
                                                                             وكيل الداخلية
8 ديسمبر سنة 1948 

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.