تنوى مالطا في المستقبل بيع جنسيتها للأجانب الأثرياء من دول خارج الاتحاد الأوروبي. لكن مالطا ليست وحدها، ففي غيرها من دول الاتحاد الأوروبي تجلب الثروة لأصحابها ميزات للحصول على الجنسية وجواز سفر جديد.
ربما يكون المال فعلا مصدر جلب للسعادة، على سبيل المثال، يمكن للمرء من خلاله شراء جنسية إحدى دول الاتحاد الأوروبي. فالحصول على جواز سفر أوروبي أمر يرغب فيه الكثير خاصة أولئك الذين يأتون من المناطق المضطربة أو من يرغبون في العيش والعمل في الاتحاد الأوروبي، أو حتى أولئك الذين لا يريدون سوى السفر بحرية أكثر .
فجواز السفر الأوروبي يسقط الكثير من قيود التأشيرة، ويسهل على حامليه بشكل كبير القيام بأعمال تجارية في أوروبا .
مالطا هي أحدث مثال للدولة التي تمنح جنسيتها مقابل المال لمواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي.
وثمن الجواز المالطي هو 650 ألف يورو. ويريد رئيس الوزراء جوزيف مسكات بهذه الطريقة زيادة عائدات البلاد و جذب الأثرياء إلى جزيرة مالطا. ويتوقع أن يكون هناك كل عام ما بين 200 وحتى 300 طلب للحصول على الجنسية المالطية.
ويقدر مسكات أن تحصل الحكومة المالطية في السنة الأولى على حوالي 30 مليون يورو من خلال بيع حوالي 45 استمارة جنسية. لكن المعارضة في مالطا توجه انتقادات بأن المتقدمين للحصول على الجنسية، أي المليونيرات الروس تقريبا لن يتوجب عليهم العيش أو الاستثمار في جزيرة مالطا الصغيرة.
حقوق بدون واجبات
مالطا يقصدها كثير من النازحين لكن فرص معظمهم في الحصول على جنسيتها ضعيفة.
"أعتقد أن ذلك يمثل إشكالية أخلاقية"، يقول مندريس كندان، الباحث في سياسة الهجرة والحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة مونستر الألمانية. ويضيف "في الوقت الذي يوجد فيه من ناحية أشخاص أغنياء يمكنهم ببساطة شراء الجنسية، هناك عدد كبير من اللاجئين في مالطا، يحاولون عبثا دخول هذا البلد وظروفهم سيئة جدا." أما يان فيليب ألبرشت، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر، فيذكر أن هناك أناس بما فيه الكفاية، ويعشون داخل دول الاتحاد الأوروبي، وينتظرون الحصول على الجنسية، ويطالب ألبرشت بوجوب المساواة بين الجميع في مسألة منح الجنسية.
ويعتقد مندريس كندان أستاذ العلوم السياسية أن سكان مالطا سيتضررون من مسألة بيع جنسية بلدهم، ويقول "الجنسية ليست حقوقا فقط ولكن التزامات أيضا"، في إشارة إلى قوانين الضرائب، " لا أستطيع أن أتخيل أنها ستنطبق على الأجانب الذين يدفعون المال (للحصول على الجنسية)."
المواطنة للمستثمرين
يان فيليب ألبرشت : نحن بحاجة لقوانين تجنس تنطبق على الجميع.
في أبريل 2013 أعلن الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس عن رغبته في منح جنسية بلاده في المستقل للمستثمرين. ولكي يحصل على الجنسية يجب أن يستثمر الشخص 3 ملايين يورو. وبهذا حاول اناستاسيادس استرضاء رجال الأعمال الروس في اجتماعهم الاقتصادي السنوي في ليماسول بجنوب قبرص. وقال الرئيس بأنه يعرف الخسائر التي نتجت بسبب عمليات الإنقاذ التي قام بها الاتحاد الأوروبي.
شراء الجنسية القبرصية كان ممكنا حتى الآن، إذا قام الشخص الراغب فيها باستثمار ما لا يقل عن 15 مليون يورو على مدار 5 سنوات.
ويرى يان فيليب ألبرشت السياسي بحزب الخضر أن قواعد من هذا النوع "غير مناسبة"، ويتمنى أن تكون هناك سياسة هجرة مشتركة بين جميع دول الاتحاد الأوروبي، ويقول: "اعتقد أن قيام الدول الأوروبية خصوصا بمنح جنسيتها مبدئيا بطريقة متعسفة مسألة مريبة."
لوائح مختلفة لمنح الجنسية
في الواقع، ترسم بلدان أوروبا سياساتها المتعلقة بالهجرة بأشكال مختلفة جدا . ففي أيرلندا، كان من الممكن حتى عام 2001 الحصول على الجنسية من خلال الاستثمار بطريقة أسهل نسبيا. أما الآن فإن دفع نصف مليون يورو لمشروع من المشاريع العامة في مجالات التعليم أو الصحة أو الفنون أو الرياضة تضمن فقط الحصول على تصريح إقامة. أما في البرتغال فإن الهجرة مرتبطة بشراء أراض أو عقارات. والأمر في أسبانيا سيكون شبيها بذلك في المستقبل. ومخطط أن يكون الحد الأدنى لمن يشتري منزلا لا يقل عن 160 ألف يورو للحصول على تصريح إقامة. أما في المجر فشراء السندات الحكومية يمهد الطريق إلى الوطن الجديد، والمهتمون بالأمر ينحدرون من روسيا والصين و الهند .
أما النمسا فتبقى البلد الأوروبي الأكثر دعاية لجذب الزبائن الأثرياء، فالقانون يسمح لحكومتها بمنح الجنسية "للأجنبي بحسب الإنجازات غير العادية التي يأديها والتي ينتظر أن يؤديها في البلاد". وتفيد تقارير صحفية أنه بهذه الطريقة حصل على سبيل المثال مستثمر سعودي في مجال الفنادق وكذلك مغنية الأوبرا الروسية أنا نيتربكو على جواز السفر النمساوي.
"شراء الجنسية" هو الاستثناء
ويرى أيضا خبير سياسة الهجرة البروفيسور ديتريش ترينهارت الأستاذ الفخري في جامعة مونستر أن بيع جنسيات الدول تمثل إشكالية، لكنه يعتقد أن "ذلك لا يضر الاتحاد الأوروبي". وذكر ترينهارت أن عدد الأشخاص الذين يحصلون على الجنسية بهذه الطريقة قليل. ففي عام 2012 لم يحصل أي شخص على الجنسية النمساوية في مقابل الاستثمار في النمسا ، وفقا لمكتب إحصاءات النمسا . أما العام الذي سبقه فقد استفاد 23 شخصا من الفقرة 6 للمادة 10 من قانون الجنسية .
جواز السفر النمساوي: الأثرياء يحصلون عليه بسهولة أما المهاجر العادي فالعقبات بالنسبة له كثيرة.
وأضاف ترينهارت أن النمسا هي الدولة صاحبة العقبات الأكبر بالنسبة لأولئك الذين يتبعون الطريقة المعتادة للتجنيس.
فالرسوم في النمسا غالية جدا، و فترات الانتظار طويلة . وعند النظر إلى سياسة الهجرة في دول الاتحاد الأوروبي فسنجد عموما أن جميع البلدان تسهل الأمر على الأغنياء. والحال في ألمانيا كذلك لأنها تستهدف خصوصا الأشخاص المتعلمين تعليما جيدا . "وعندما يمنع في الوقت نفسه الفقراء، الذين ليس لهم جدوى اقتصادية، إذا جاز التعبير، من خارج دول الاتحاد الأوروبي، من دخول ألمانيا فإن المسألة طبعا يكون لها طابع مماثل لما هو موجود في قبرص . " حسب قول ترينهارت.
ربما لن تتغير أيضا سياسة التجنيس في الاتحاد الأوروبي بهذه السرعة. ويقول يان فيليب ألبرشت عضو البرلمان الأوروبي "إن مسألة منح الجنسية لن تتم مناقشتها على نطاق واسع في الوقت الراهن على مستوى الاتحاد الأوروبي ، وإنما سيكون النقاش متحفظا"، ويضيف "أعتقد أن هذا خطأ".
كثيرون من يبحثون عن وطن يعيشون فيه؟
وكثيرون غير راضون عن وطنهم؟
وكثيرون من باعوا الوطن بما فيه؟
ولكن....يبقى الوطن فينا..مسرى الدم بالعروق
"طارق العجمى"
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.