من التاريخ: حين أحتل الطيارون المصريون سماء نيجيريا

التاريخ: أغسطس 1967 ، أي بعد شهرين فقط من النكسة .

الواقعة: رسالة إستغاثة عاجلة تصل إلى الرئيس عبد الناصر من الرئيس النيجيرى "يعقوب جوون" يخبره فيها أن المتمردين الإنفصاليين من أقليم "بيافرا" قد بدأوا هجوما كبيرا نحو العاصمة النيجيرية لاجوس ، بعد أن عبروا نهر النيجر ،، مضيفاً في رسالته أنه يعلم صعوبة الظرف الذى تمر به مصر الآن ، إلا أنه لا يجد من يساعده في الحفاظ على وحدة بلده غير عبد الناصر .

وبعد أن أطلّع ناصر على تقارير المخابرات التي أفادت أن اسرائيل وبعض الدوائر الاستعمارية هى التي تقف وراء الحركة الانفصالية ، فكّر فى طريقة لمساعدة نيجيريا دون الإخلال بالمهمة الرئيسية للقوات المسلحة التي كانت قد بدأت حرب الاستنزاف ضد العدو الاسرائيلى ، وهنا قرر إرسال مجموعة من الطيارين المصريين المتقاعدين الذين انتهت خدمتهم بالقوات الجوية إلى العاصمة النيجيرية لاجوس ليقودوا طائرات ميج 19 التى اتفق مع روسيا سراً على إرسالها إلى هناك ..وحرص نـاصر على أن تتم العملية في سرية كاملة تحت إشراف المخابرات العامة المصرية والوزير محمد فائق

وبالفعل تمت العملية بنجاح لتتبدل الأوضاع تماماً على الأرض بعد أن قام الطيارون المصريون بالمشاركة فى الحرب ، مما ساعد على تغيير سير المعارك ودحر وهزيمة القوات الإنفصالية ، وقد دفع عبد الناصر فى مرحلة لاحقة ببعض الطيارين العاملين بالخدمة لحسم المعركة ولإكساب هؤلاء الطيارين خبرات قتالية حقيقية ..وفى نهاية 1969 تنتهى الحرب بانتصار نيجريا وبقائها موحدة ..ويحضر الرئيس يعقوب جوون ليقابل ناصر ويقدم له الشكر والعرفان لما قدمته مصر لبلاده .

تذكرت تلك الواقعة وأنا اتابع التسريبات الصحفية عن الدور المصري الخفي في الحرب الأهلية التى دارت خلال الثلاثة أشهر الأخيرة فى جنوب السودان ، والذى ساهم فى تغيير كفة الحرب لصالح قوات الحكومة الاتحادية بقيادة سيلفا كير ضد الانفصاليين الذبن تدعمهم اسرائيل، وهو ما يفسر سبب إرسال رئيس جنوب السودان أول أمس برسالة إلى للرئيس عدلي منصور يؤكد له فيها على دعم دولة جنوب السودان لــ مصر ووقوفها بجانبها في عودة عضويتها المعلقة في الإتحاد الإفريقي 

**حقا ماأشبه الليلة بالبارحة ، إن كلا الواقعتين تظهران كيف أن مصر تكون عظيمة حتى فى وقت المحن حين يحكمها رجال يعرفون قدرها ودورها ويدركون مقتضيات الأمن القومي المصري**