الحمل غير المرغوب فيه، التعرض لفايروس نقص المناعة، الألم الجسدي، الأزمات النفسية، خطر العزلة الاجتماعية، انخفاض احتمالية الزواج، ولعل الأسوأ من ذلك كله هو الزواج القسري من مرتكبي الاعتداء.
وحدثت حالات اغتصاب متعلقة بالنزاع لا تعد ولا تحصى جنوب السودان خلال العام الماضي وحده في أماكن نشب فيها القتال.
إن العواقب المحتملة للاغتصاب وأشكال العنف الجنسي الأخرى في جنوب السودان مفجعة وطويلة الأمد للأغلبية من الضحايا الإناث (ويعاني الرجال من هجمات مماثلة أيضًا).
ولا تتوفر الحماية للشباب ولا كبار السن من هذه الهجمات، بل وحتى أن الضحية التي التقت بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر كانت بعمر الأربع سنوات فقط.
عندما تحدث هجمات الاغتصاب، يقطع الضحايا مسافات طويلة لإخفاء الاعتداء، إذ سارت ضحية الاغتصاب التي ساعدتها اللجنة الدولية ليومين من معسكر اللاجئين في غامبيلا بأثيوبيا إلى عيادة صحية في أعالي النيل.
وقد فقدت الضحية زوجها أثناء النزاع، وكان عليها قبل أن تخوض رحلة صعبة على الأقدام كهذه أن تجد شخصًا ما يعتني بأطفالها الأربعة.
وشعرت بأن عليها فعل ذلك من دون إخبار أي أحد بأنها كانت قد تعرضت للاغتصاب بسبب وصمة العار التي ستعانيها.
وقالت اورور بروسالت مسؤولة الصحة النفسية والمساعدة النفسية والاجتماعية في بعثة اللجنة الدولية في جنوب السودان: "يدمر العنف الجنسي المجتمعات ويمزق الروابط الأسرية من خلال إثارة الإحساس بالعار الشديد لدى الضحية إضافة إلى العذاب النفسي المدمر." وأضافت بروسالت: "كيف يمكن للأم والطفل أن يحافظان على العلاقة نفسها بينهما إذا كان الطفل قد أجبر على أن يشهد اغتصاب أمه؟ إنه أمر لا يمكن تخيله!"
حتى وإن كانت المساعدة القريبة متوفرة – لأن مساحات شاسعة من جنوب السودان تخلو من منشآت طبية عاملة – إلا أن وصمة العار الاجتماعي قاسية جدًا لذا فإن الكثيرات يحجمن عن طلب المساعدة.
لا يعلم الكثير من النساء أن المساعدة الطبية يمكن أن تمنع الإصابة بالمرض والحمل غير المرغوب فيه. وتخشى الضحايا ألا يتم علاج حالاتهن بسرية، وثمة سوء فهم عام لدى الضحايا والسلطات عما إذا كانت ضحايا العنف الجنسي بحاجة لأن يبلغن الشرطة أولًا قبل تلقي المساعدة الطبية.
تعد التوعية أمرًا مهمًا لتجنب وصمة العار، لذا نظمت اللجنة الدولية السنة الماضية محاضرات عن بناء الوعي بالعنف الجنسي مع مئات الأفراد من جنوب السودان تضمنوا كوادر صحية وقابلات وقادة محليون وضباط شرطة وأعضاء من المجموعات المسلحة ومتطوعين من جمعية الصليب الأحمر في جنوب السودان.
وتسعى اللجنة الدولية هذا العام للتصدي وصمة العار التي تحول دون الحصول على العناية وستشدد على ضرورة طلب المساعدة في أسرع وقت ممكن. ويتناسب الدعم الذي تقدمه اللجنة الدولية واحتياجات الضحايا، فإذا أبلغت امرأة عن حادث اعتداء خلال ثلاثة أيام، سنتمكن من تقديم علاج طبي لها لمنع مرض نقص المناعة والحمل والأمراض المنقولة جنسيًا.
أما إذا مضت الثلاثة أيام فيمكننا فقط علاج الأمراض المنقولة جنسيًا. وبالنسبة للمساعدة النفسية فهي متوفرة في أي مرحلة.
إن حظر الاغتصاب هو أحد أقدم قواعد الحرب وأهمها، إذ حظرته اتفاقيات جنيف بوضوح في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية على حدٍ سواء. وتعمل اللجنة الدولية في جنوب السودان مع المجموعات المسلحة في أنحاء البلاد على تذكيرها بالتزاماتها بتجنيب السكان المدنيين الأذى.
ويجب ألا يكون العنف الجنسي أسلوبًا يمارس في النزاع.
ونسعى نحن لمحو هذا العار الذي يصم بالضحايا ويمنع العديد من النساء والفتيات والرجال والأطفال تلقي المساعدة الطبية والنفسية التي يعد التعافي منها صعبًا للغالية.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.