قصة إعدام سليمان الحلبي من بونابرت إلى الجيش.
"لقد دفعتني الأنباء الواردة من أوروبا أن أقرر الرحيل إلى فرنسا تاركا قيادة الجيش للجنرال كليبر.
يعز عليّ ترك الجنود مع ارتباطي بهم لكنه وضع مؤقت، واعلموا أن الجنرال الذي خلفته يحظى بثقة الحكومة وثقتي".
بهذا البيان الصادر بتارخ 22 أغسطس 1799، ترك نابليون بونابرت حملته العسكرية على مصر (1798-1801)
متنازلا عن حلم تأسيس إمبراطورية الشرق بعد عام واحد من هزائم عسكرية متتالية دفعته إلى الفرار سرا من مصر إلى فرنسا.
قويت آمال كليبر في تخليد ذكراه في وادي النيل لتأسيس مشروعات سياسية وعسكرية بعيدا عن بونابرت.
لكنها آمال تبددت في لحظة اعتداء بخنجر نفذها شاب سوري من حلب يدعى سليمان أنهت حياة القائد العام لجيش الشرق عصر يوم 14 يونيو 1800.
وأسهمت في تبدل مصير الحملة الفرنسية في مصر شاب سورى الاصل من بلده حلب يُدعى "سليمان محمد الامين " الشهير ب "سليمان الحلبى " يبلغ من العمر 24 عاماً.
قدم الى مصر مرتان، جاءت الاولى رغبهً فى الالتحاق و الدراسه بالأزهر الشريف.
وعاد بعدها مرة اخرى الى الشام وهناك تقابل مع احدى ضباط الجيش العثمانى عقب الهزيمة التى وقعت بهم من قبل الجيش الفرنسى.
وكان يدعى " أحمد أغا باشا" الذى بدوره ابدى رغبته فى تقديم يد العون و المساعدة لسليمان الحلبى بشرط ان يغادر للقاهرة مرة ثانية.
ولكن ليس بهدف طلب العلم كالمرة الاولى ولكن لقتل سارى عسكر الجنرال " كليبر" قائد الحملة الفرنسية على مصر انذاك.
وعلى الفور وافق سليمان الحلبى وذهب فى اول الامر الى غزة للحصول على دعم مالي من حاكمها بأمر من أحمد أغا باشا.
وهناك اشترى سليمان الحلبى الخنجر الذى استخدمه فى طعن الجنرال كليبر ثم تحرك بعدها الى مصر مع احدى القوافل التى كانت تحمل صابون ودخان.
وجاء للقاهرة ونزل ببيت احدى مُعلمى الخط العربي وكان اسمه مصطفى أفندي البروسلي لمدة يوم.
واتجه بعدها للجامع الأزهر وسكن هناك مع المجاورين قرابه الشهر ونشأت بينه وبين اربعه من طلاب الازهر صداقه.
تلك الصداقة جعلته يطلعهم على سره وماكان يخطط له وهو قتل سارى عسكر الا إنهم اعترضوا على ما ينوى فعله ونصحوه بالاقلاع عن هذا الامر ولكنه لم يلتفت لحديثهم ..
وفى يوم السبت الموافق 14 يونيو عام 1800 م إتجه سليمان الحلبى لحديقه سراى الالفى بيه بمنطقة الازبكية مقر القيادة للقائد العام للقوات الفرنسية.
وبمجرد رؤيته للجنرال كليبر الذى كان بصحبه مهندسه المعمارى " بروتان" إقترب الحلبى وهو متنكرًا فى زى احدى العمال.
وإتجه لسارى عسكر وطعنه طعنه نافذة بخنجره الحاد فحاول المهندس بروتان التصدى لسليمان الحلبى الا انه طُعن هو الاخر عدة طعنات أودت بحياته.
وعاد مرة اخرى سليمان الحلبى ليطعن كليبر ثلاثة طعنات أخرى لكن الطعنة الاولى كانت كافيه لتودى بحياته على الفور.
أسرع بعد ذلك الحلبى للهروب الا ان الجنود الفرنسيين تمكنوا من القبض عليه وعمت حاله من القلق و الحذر من قبل القوات الفرنسية.
فأحاطت القوات الفرنسية وحاصرت البلد بالكامل و عمروا المدافع والأسلحة المختلفة إعتقادا أن تلك الحادثه مؤشراً من الشعب المصرى على قيام ثورة أخرى بالقاهرة بعد الثورتين الأولى و الثانية.
هذا وبعد القبض على سليمان الحلبى تم التحقيق معه ولكنه أنكر فى بدايه الامر رغم ثبوت التهمه عليه.
إلى أن تم تعذيبه و ضربه بأساليب عنيفه مختلفة مثلما إتبعت وسائل التعذيب البشعة بمحاكم التفتيش الأسبانية مع المسلمين جعلته يعترف بإرتكابه للجريمة.
وتم القبض على زملائه الأربعة و عدد من القيادات الأزهريه وحُقق معهم ..
وعليه في يوم 16 يونيو بعد الحادثه بيومان أقيمت محكمة عسكرية بأمر من الجنرال جاك مينو برئاسة الجنرال رينيه.
وبعضوية 9 ضباط بالجيش الفرنسي وكان الحكم النهائي بإدانة سليمان الحلبي وزملاؤه الأربعه.
وحكمت المحكمة بإعدام الأربعة بقطع الرؤوس لعلمهم بإرتكابه للجريمة و تسترهم عليه.
أما سليمان الحلبي فحكمت عليه المحكمة أولا بقطع يده التي إغتالت ساري عسكر بعد إحراقها حية.
ثم الإعدام بإستخدام " الخازوق" وهى وسيلة إعدام عثمانية شهيرة.
حيث يُقيض المتهم من الايد و القدم ويُربط بإحكام ثم يتصاعد عموداً حديديا من الارض مخترقًا جسده من فتحة الشرج وصولا الى رقبته ليخرج بعدها من فمه.
و تطورت تلك الطريقة بعد ذلك لكى تصبح اكثر بشاعه وذلك بإخراج العمود من الكتف بدلا من الفم..
هذا ولو يقتصر الأمر على ترك جسد سليمان الحلبى مطروحا بعد ذلك ليدفن فى مصر او فى بلده بالشام.
بل تم قطع رقبته ورأسه واُرسلت الى متحف كلية الطب بالعاصمة الفرنسية باريس.
قبل ان تُرسل بعد ذلك إلى متحف الإنسان بباريس أيضاً برفقه الخنجر الذى قتل به الجنرال كليبر.
ليتم عرضهم تحت عنوان جمجمة مجرم وخنجره .
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.