في صباح 14 ديسمبر و قد مر ثلاثة أيام على خطف مورهاوس فى الساعة التاسعة صباحا و عند ناصية شارعي رمسيس و النهضة و هي نفس الناصية التي خطف منها مورهاوس وقف شاب صغير على الناصية السن عمرة حوالي 16 سنة يرتدي بنطلونا و قميصا بالرغم من شدة البرد و فى يده رغيف من الخبز يقضم منه قضمات صغيرة و هو ينظر إلى الشارع فى قلق
و فجأة أقبلت من شارع رمسيس سيارة صغيرة كانت تنطلق بسرعة و زجاجها مغلق و فى داخلها ثلاثة رجال احد هؤلاء الرجال الثلاثة كان الميجور جون وليامز ثعلب المخابرات البريطانية
كان وليامز يستعمل هذه السيارة المدنية الصغيرة فى تنقلاته السريعة و كان دائما يغلق زجاج النوافذ خوفا من قنبلة قد تلقى عليه
كان الشاب الذي يقف على الناصية هو السيد عسران و توترت أعصاب الشاب قليلا عندما لمح السيارة تقبل من أول الشارع و لكنة تمالك نفسه بعد ثوان و دس يده فى جيبه ثم أخرجها و فيها ورقة كتبت بها سطور كثيرة باللغة الانجليزية
لوح عسران بيده لسائق سيارة وليامز و لكن السائق قد تخطاه و لم يقف
و فجأة وقفت السيارة كان وليامز قد شاهد الشاب يلوح بورقة فيها كتابة باللغة الانجليزية فطلب من السائق الوقوف و الرجوع إلى الخلف
كأن القدر هو الذي تدخل و هو الذي يسيطر على الموقف الآن
فتح وليامز زجاج سيارته بحرص و نظر بعينيه الزرقاوات إلى الشاب الصغير الذي يقضم رغيفا من الخبز و قابل الشاب نظرة ثعلب المخابرات البريطانية بنظرة أخرى ثابتة بريئة
قال له وليامز بالعربية : عايز أية ؟
و لم يتكلم عسران مد يده بالورقة الى وليامز و نظر وليامز الى سكرتيرة الذي بجانبة و هو يبتسم كان يظن انه بسبيله الحصول على معلومات توصله إلى مورهاوس و إلى الذين خطفوه
و مد يده يأخذ الورقة و قبل أن تلمسها أصابعه تركها عسران تسقط من بين أصابعه داخل السيارة و سقطت الورقة فى المكان الذي حدده لسقوطها بالضبط فى دواسة السيارة و انحنى وليامز ليلتقط الورقة التي سقطت من يد الشاب
فى هذه اللحظة كان عسران قد شد قطعه من الخبز بأسنانه و لكنة لم يبتلعها قابض عليها بأسنانه و عيناه تلمعان بعنف و قبل أن يعتدل وليامز و فى يده الخطاب أحس بشيء آخر يسقط فى السيارة و فوجئ بمساعده الكابتن جرين يفتح السيارة بعنف و يحاول الخروج منها و لمح وليامز الرغيف الذي كان في يد الشاب تحت قدميه فى دواسة السيارة و كان عسران قد ذاب فى الشارع و أدرك وليامز الفخ , فتح باب السيارة محاولا الخروج بدورة و لكن الانفجار دوى و قصفه الأعلى هو الذي خرج فقط
و سقط وليامز على ارض الشارع و فى يده مسدسه و راح يطلقه بغير حساب فأصيب أربعة من اليونانيين كانوا يسيرون فى الشارع بينهم طفلان و لكن إصابتهم لم تكن قاتلة
و كان سائق سيارة وليامز قد جرح و أنكفأ على وجهه بداخل السيارة فوق عجلة القيادة و أما الكابتن جرين مساعد وليامز فقد أطلق ساقية للريح و هو يصرخ فى الشوارع مناديا الدوريات البريطانية
و ظل وليامز راقد فى مكانة يسبح فى بركة من الدماء و فى يده مسدسه و عيناه الزرقاوات تبحثان فى الشارع عن عسران
كان يعلم انه سيموت فهو مصاب بالسكر منذ سنوات و القنبلة مزقت نصفه الأسفل تماما
و أقبلت الدوريات البريطانية من كل صوب و حملوه إلى عربة الإسعاف الخاصة بهم و لكننا علمنا بعد ذلك انه مات فوق ظهر الباخرة المستشفى التي نقل إليها بسرعة
اما عسران فقد أسرع الى الحي العربي و لم يكن عسران ينفذ العملية وحدة , كان يحرسه من بعيد أفراد مجموعته الأبطال و هي نفس المجموعة التي خطفت مورهاوس و هاجمت مطار بورسعيد
و ابلغ كمال الصياد القيادة العليا للمجموعات أن وليامز قد قتل ثم ذهب يبحث عن عسران ووجده جالسا بجوار مبنى قسم العرب و كان يبكي
قال له : بتعيط ليه يا عسران في واحد بطل يعيط
رد عسران: يا أستاذ كمال الانجليز قتلوا اخويا فى أول المعركة و كنت فاكر أنى لما اقتل وليامز ناري حتبرد لكن بعد ما قتلته اكتشفت إن وليامز مش كفاية و نار أخويا أشد من الأول
احتضنه كمال الصياد فى صدره و هو يقول : الأيام لسه جايه يا عسران و في فرص كتير تاخد بثأر أخيك
المصدر :أخبار اليوم مقال التاريخ السري لمعركة بورسعيد بقلم : مصطفى شردي
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.