Free Web Submission http://addurl.nu FreeWebSubmission.com Software Directory www britain directory com education Visit Timeshares Earn free bitcoin http://www.visitorsdetails.com CAPTAIN TAREK DREAM: حصريا ولأول مرة : الموسوعة الكاملة : هذا تاريخهم.. الملفات السرية للإخوان المسلمين (الجزء السابع )

Wednesday, September 25, 2013

حصريا ولأول مرة : الموسوعة الكاملة : هذا تاريخهم.. الملفات السرية للإخوان المسلمين (الجزء السابع )

تفجير الملك جورج ومراوغة البنا:

وتمضي المذكرة لتذكر حادثاً آخر ولكن هذه المرة مع اختلاف الزمان والمكان، ففي عام 1947 حاول الإخوان المسلمون تفجير فندق "الملك جورج" بالإسماعيلية، تقول مذكرة حل الجماعة "وثبت في تحقيق الجناية رقم 4726 لسنة 1947 أن أحد أفراد جماعة الإخوان قد ألقى قنبلة بفندق الملك جورج بتلك المدينة فانفجرت وأصيب من شظاياها عدة أشخاص كما أصيب ملقيها نفسه بإصابات بالغة". ويرد البنا في ثقة "الجناية رقم 4726 لسنة 1947. ثبت أن الذي اتهم فيها غير مسئول عن عمله، وسقط الاتهام ضده، وما زال في المستشفى إلى الآن. فما وجه الاستشهاد بها في مذكرة رسمية؟ وهل تكون هيئة الإخوان مسئولة عن عمل شخص يتبين أنه هو نفسه غير مسئول عن عمله؟!" محمود عبد الحليم – مصدر سابق صـ 54

وهذه المرة نلجأ لرجل آخر من تلاميذ البنا هو "صلاح شادي" رئيس جهاز الوحدات الذي يذكر في كتابه "حصاد العمر" ص89، "والتقى أمرنا داخل قسم الوحدات على القيام بعملية إرهاب داخل فندق الملك جورج، وكلفنا الأخ رفعت النجار من سلاح الطيران بالقيام بهذه العملية بأن يحمل دوسيهاً له مادة ناسفة يشعلها ثم يتركها في ردهة الفندق إلى جوار الحائط خلف ستارة مدلاة على حائط الردهة ثم ينهض بعد ذلك ويمضي خارج الفندق." ويضيف شادي "جرى التنفيذ على أحسن وجه، ولكن ظهر للأخ رفعت عند مغادرته المكان أحد رجال المخابرات من الحراس الإنجليز، الذي أثار شكوكه هذا الدوسيه المتروك، فتوجه الحارس ليمسك به، في حين أصر الأخ رفعت على إنجاز التفجير، فعاد إلى الدوسيه وأمسكه بيديه، ومنع اقتراب أي شخص منه حتى يتم التفجير في أثناء إمساكه به وليكن ما يكون" صلاح شادى –مصدر سابق- ص 90. "وشاءت الأقدار أن يصاب المنفذ في الحادث ويقبض عليه"، ولما كانت التهمة ثابتة عليه فإن صلاح شادي يعترف صراحة "وأحضرنا له بعض الإخوة المحامين الذين دفعوا بأن قدراته النفسية والعقلية لا تضعانه في مستوى المسئولية الجنائية". وهو ما ذكره البنا في المذكرة بالحرف، في الوقت الذي يعلم فيه أسرار القصة كاملة.

حادث الجبل:

هكذا عرف به في أدبيات الإخوان، حيث اعتادت كوادر النظام الخاص على التدريب على استخدام الأسلحة في منطقة جبل المقطم، وتذكر مذكرة حل الجماعة أنه "في 19 يناير سنة 1948 ضبط خمسة عشر شخصاً من جماعة الإخوان المسلمين بمنطقة جبل المقطم يتدربون على استخدام الأسلحة النارية والمفرقعات والقنابل وكانوا يحرزون كميات كبيرة من هذه الأنواع وغيرها من أدوات التدمير والقتل". ويرد البنا: "هؤلاء الخمسة عشر الذين ضبطوا بعضهم من الإخوان ومعظمهم لا صلة له بالإخوان أصلاً. ولقد برروا عملهم بأنهم يستعدون للتطوع لإنقاذ فلسطين حينما أبطأت الحكومة في إعداد المتطوعين وحشد الجماهير، وقد قبلت الحكومة منهم هذا التبرير وأفرجت عنهم النيابة في الحال. فما وجه إدانة الإخوان في عمل هؤلاء الأفراد خصوصاً وقد لوحظ أنه نص في قرار النيابة بأن الحفظ لنبل المقصد وشرف الغاية" محمود عبد الحليم –مصدر سابق صـ 54.

ويأتي عام 1987 وينكشف المستور ففي كتابه "النقط فوق الحروف" يشرح "أحمد عادل كمال" أحد أقطاب النظام الخاص في جماعة الإخوان المسلمين قصة حادث الجبل بالتفصيل يقول: "كلفنا بالبحث عن مكان مناسب بجبل المقطم يصلح للتدريب على استخدام الأسلحة والمفرقعات. فكان جبل المقطم فهو لا يحتاج إلى إجازات أو سفر، والمطلوب أن يكون المكان موغلاً في الجبل ميسور الوصول إليه بالسيارة، وأن يكون صالحاً كميدان ضرب نار، وأن يكون مستوراً عن العين، وأن يكون به ما يصلح أبراج مراقبة للحراسة. وبدأ التدريب في ذلك الموقع بمعدل مجموعتين في اليوم الواحد، مجموعة تذهب مع الفجر حتى العصر وأخرى تذهب مع العصر وتعود مع الفجر، وكان الذهاب والعودة يتم بسيارة ستيشن واجن، وكان الترتيب ألا ترى مجموعة الأخرى، وأن يكون هناك بصفة دائمة في مكان مرتفع من يرقب المجال حول الموقع بمنظار مكبر، هذا الحارس كان في استطاعته أن يرى أي سيارة قادمة بسرعة قبل أن تصل بثلث ساعة على الأقل. وكانت هناك حفر معدة ليوضع بها كل السلاح والذخيرة ويردم عليها لدى أول إشارة وبذلك تبقى المجموعة في حالة معسكر وليس معها ممنوعات قانونية". ويضيف كمال "واستمر ذهاب المجموعات وعودتها بمعدل مرتين كل يوم ولمدة طويلة حتى صنعت السيارة مدقاً واضحاً مميزاً في الجبل.. وحتى لفتت نظر الحجارة في محاجر الجبل بأول الطريق. وبلغ الخبر إلى البوليس ونحن لا نشعر. وكان مسئول التدريب يدرب مجموعة هناك، ومن تكرار التدريب في أمن وسلام فقد تغاضى عن حذره فتجاوز عن وضع الحارس مكانه ولم يشعر والمجموعة معه إلا بقمم الجبل حوله قد ظهرت من فوقها قوات البوليس شاهرة سلاحها وتطالبهم بالتسليم وهم منهمكون في تدريبهم، كان ذلك يوم 19/1/1948 ونشرت الصحف الخبر". ونأتي إلى النقطة الهامة في شهادة كمال حيث يؤكد "وحتى هذه الحالة كان هناك إعداد لمواجهتها. أجاب إخواننا المقبوض عليهم بأنهم متطوعون لقضية فلسطين، وهى إجابة كان متفقاً عليها، وفى نفس الوقت كانت هناك استمارات بأسمائهم تحرر في مركز التطوع لقضية فلسطين، كم تم اتصال بالحاج محمد أمين الحسيني مفتي فلسطين ورئيس الهيئة العربية العليا وشرحنا له الوضع على حقيقته، وكان متجاوباً معنا تماماً، فأقر بأن المقبوض عليهم متطوعون من أجل فلسطين وأن السلاح سلاح الهيئة. وبذلك أفرج عن الإخوان وسلم السلاح إلى الهيئة العربية العليا". هكذا تشارك إخوان مصر بقيادة البنا وإخوان فلسطين بقيادة مفتي القدس أمين الحسيني، في خداع السلطات المصرية التي أفرجت عن الشباب لنبل المقصد وشرف الغاية، ولم يكتف البنا بذلك ولكنه راح يسجلها نقطة لصالح جماعته ببجاحة يحسد عليها، كما يفعل الآن أحفاده.

وينهي عادل كمال شهادته بالقول: "ومع ذلك فقد كان للحادث أثر بعيد. ذلك أنه عثر مع المسئول عن المجموعة -رحمه الله- على كشف اشتهر فيما بعد بأنه "كشف الجبل" يحوي مائة اسم من أسماء إخوان النظام الخاص وأرقامهم السرية مرتبين في مجموعات، هي المجموعات التي كان مزمعاً تدريبها تباعا من منطقة جنوب القاهرة. ولم يعلم أحد من المسئولين عن النظام في حينها شيئاً عن "كشف الجبل"، ولم يذكره المسئول، ولكن ذلك الكشف ظهر بعد ذلك في القضايا وكان من قرائن الاتهام القوية، فضلاً عن أنه كَشَفَ الأسماء التي احتواها (أحمد عادل كمال – النقط فوق الحروف – طبعة الزهراء للإعلام العربي – الطبعة الأولى – 1987).

نسف محكمة الاستئناف:

في هذه العملية قام عدد من كوادر الجهاز الخاص بمحاولة لنسف محكمة استئناف القاهرة والتي كان يحفظ فيها أوراق ما عرف بقضية "السيارة الجيب" التي كان على رأس المتهمين فيها "مصطفى مشهور" (أحد قادة النظام الخاص، ومرشد الجماعة الخامس فيما بين عام 1996 وعام 2002). وحكاية السيارة الجيب معروفة، حيث تم ضبط سيارة محملة بأسلحة وقنابل كان النظام الخاص يستخدمها في التدريبات، بالإضافة إلى بعض الأوراق التي تحتوي على خطط وإستراتيجيات الجماعة، وقد أنكر البنا-في بيان وزع على الصحفيين آنذاك- أن يقوم أحد الإخوان بهذه الفعلة الشنيعة. ولكن السنوات تأتي بما لم يكن يشتهي البنا، يقول محمود الصباغ حول هذا الحادث فى كتابه (حقيقة التنظيم الخاص)"وبعد نجاح السرية في هذا العمل الفدائي، نظر السيد فايز في كل ما تنسبه الحكومة إلى الإخوان من جرائم باطلة، مدعية أنها تستند في كل ما تدعيه إلى حقائق صارخة في المستندات والوثائق المضبوطة في السيارة الجيب، وكان يعلم يقيناً بكذب هذه الافتراءات، ودليل ذلك ما ذكره عبد المجيد أحمد حسن بعد أن قرر الاعتراف على زملائه، واستندت إليه المحكمة في براءة النظام الخاص مما وجه إليه من اتهامات – ولم يساوره شك في أن الحكومة قد زورت وثائق وقدمتها للنيابة لتدين الإخوان بما ليس فيهم من جرائم واتهامات باطلة، فقرر حرق هذه الأوراق وكون سرية لهذا الغرض بقيادة الأخ شفيق أنس، وقد رسمت الخطة على النحو الذي ظهر في تحقيقات القضية المسماة زوراً وبهتاناً قضية محاولة نسف المحكمة، وحقيقتها أنها كانت محاولة حرق أوراق قضية السيارة الجيب. وتمكن شفيق أنس من أن يضع حقيبة مملوءة بالمواد الحارقة معدة للانفجار الزمني بجوار دولاب حفظ أوراق قضية السيارة الجيب، إلا أن قدر الله قد مكن أحد المخبرين من ملاحظة شفيق، وهو يترك الحقيبة ثم ينصرف نازلاً على درج المحكمة، فجرى مسرعاً وحمل الحقيبة وجرى بها خلف شفيق، الذي أسرع في الجري حتى لا تنفجر الحقيبة على سلم المحكمة أو وسط حشود الداخلين في بهوها، ولما خرج إلى الميدان حذر المخبر من الحقيبة، فتركها فانفجرت في ساحة الميدان دون إحداث خسائر تذكر، وقبض على شفيق" محمود الصباغ – مصدر سابق – صـ451.


أحمد ماهر باشا - محمود فهمي النقراشي

*الإخوان المسلمون والإرهاب*

ومن أعمالكم سلط عليكم

*عبد الرحمن السندى يقتل سيد فايز غدرا كما فعل الأخير مع النقراشي

*الجماعة استعانت بالعيسوى لأغتيال أحمد ماهر للتمويه على علاقتها بالعملية

*الجماعة حاولت اغتيال رئيس الوزراء ولكنها اصابت رئيس مجلس النواب

*رغم خروج الأنجليز فى 1954 ,قامت الجماعة بإحياء النظام الخاص
*الإخوان لم يعترفوا بحادث المنشية رغم اعتراف كل المشاركين فى العملية بانتمائهم للجماعة

اغتيال أحمد ماهر:

في 24 فبراير 1945 كان أحمد ماهر باشا متوجها لمجلس النواب لإلقاء بيان من هناك وأثناء مروره بالبهو الفرعوني قام شاب يدعى محمود العيسوي بإطلاق الرصاص عليه وقتله في الحال.

بعد الحادث ألقي القبض على حسن البنا وأحمد السكري وعبد الحكيم عابدين وآخرين من جماعة الإخوان والتي كان العيسوي عضواً فيها, ولكن بعدها بأيام تم الإفراج عنهم بسبب اعتراف العيسوي بانتمائه للحزب الوطني.

وبعد الإفراج عن قيادات الجماعة لم يذكر أي أحد منهم علاقته بالعيسوي ولكن في سنوات لاحقة ثبتت علاقة الجماعة بالعيسوي , ونعرض هنا لشهادة الشيخ أحمد حسن الباقورى التى خطها بيده فى كتابه (بقايا ذكريات) –  الطبعة الأولى - الناشر: مركز الأهرام للترجمة والنشر- ص 49 والتى قال فيها" وأما النظام الخاص فلم يكن المنتسبون إليه معروفين إلا فى دائرة ضيقة ولآحاد معروفين، وقد كان لهؤلاء اجتماعاتهم الخاصة بهم، وربما كانوا يعملون فى جهات مختلفة يجهل بعضها بعضا جهلا شديدا. ومن سوء حظ الدعوة أن هذا النظام الخاص رأى أن ينتقم لاسقاط المرشد فى الانتخابات بدائرة الاسماعيلية. وكان من أشد المتحمسين لفكرة الانتقام هذه محام شاب يتمرن على المحاماة فى مكتب الأستاذ عبدالمقصود متولى، الذى كان علما من أعلام الحزب الوطنى وهو المحامى الشاب محمود العيسوى. فما أعلنت حكومة الدكتور أحمد ماهر باشا الحرب على دول المحور لكى تتمكن مصر – بهذا الاعلان – من أن تمثل فى مؤتمر الصلح إذا انتصرت الديمقراطية على النازية والفاشية. رأى النظام الخاص أن هذه فرصة سنحت للانتقام من رئيس الحكومة، ووجه محمود العيسوى إلى الاعتداء على المرحوم أحمد ماهر باشا، فاعتدى عليه فى البرلمان بطلقات سلبته حياته التى وهبها لمصر منذ عرف الوطنية رحمه الله رحمة واسعة".

ويأتي بعد ذلك الصباغ والذي كان واحداً من رجال التنظيم الخاص ليذكر أن أحمد ماهر خائناً ولا يختلف على ذلك اثنان-على حد تعبيره-ولكن الإخوان لم يجيزوا قتله!!!!, ولم يمنعهم هذا من دراسة وتحضير خطة لاغتياله حتى يقوموا بها إذا تطورت الأمور، وذكر الصباغ أنه هو شخصياً كان القائم بهذه الدراسةمحمود الصباغ-حقيقة التنظيم الخاص- الطبعة الأولى- ص 271.

العنف منهج الجماعة:

فى سنوات لاحقة ل1945 قامت الجماعة بأعمل عنف كثيرة انتهت بقرار حل الجماعة , وأعقب هذه القرار اغتيال النقراشى باشا كما ذكرنا فى حلقات سابقة , ولم يتوقف الإخوان بعد اغتيال النقراشي ورأوا أن إبراهيم باشا عبد الهادي امتداداً للنقراشي ومن ثم قرر الإخوان الفدائيون!- هكذا يصفهم الصباغ –اغتيال إبراهيم باشا، وبالفعل كمنوا له في يوم 5 مايو 1949 في الطريق إلى رئاسة مجلس الوزراء وأطلقوا عليه وابلاً من الطلقات أصابت بعض المارة وكذلك الموكب الذي اعتقدوا أنه خاص بإبراهيم باشا، ولكنه كان موكب حامد جودة رئيس مجلس النواب الذي لم يصب بأي أذى, وبعد القبض على منفذي العملية بدأت محاكمتهم التي استمرت حتى قيام ثورة يوليو، واعتبر بعدها المتهمون أبطال تحرير وصدر عنهم جميعا عفو شامل" محمود الصباغ-مصدر سابق ص 314.

مقتل السيد فايز:

جرت هذه الحادثة العجيبة وفق منطق "النار تأكل نفسها إذا لم تجد ما تأكله" فعندما قام البنا بتعيين سيد فايز مسئولاً عن الجهاز الخاص بدلاً من عبد الرحمن السندي قرر الأخير اغتيال أخيه في الدعوة الذي جاء ليزيحه عن مكانه، فأرسل إليه بعلبة من الحلوى في ذكرى المولد النبوي الشريف، وعندما حاول سيد فايز فتحها انفجرت في وجهه ومعه شقيقه فأردته قتيلاً في الحال، وأسقطت جدار الشقة .

 والسيد فايز كان مهندسا للكثير من عمليات العنف التى قامت بها الجماعة من قبل مثل محاولة نسف محكمة الأستئناف واغتيال النقراشى باشا وغيرها , وعندما علم البنا بمقتل سيد فايز أنكر في تصريحات حادة للصحافة أن يكون مرتكب الحادث من الإخوان المسلمين، واتهم أعداء الجماعة – كالعادة – بتدبير هذا الحادث. ومرة أخرى يأتي الزمان بما لا يشتهي البنا ولا جماعته.

وهذه المرة على لسان محمود عبد الحليم أحد قادة الجماعة ومؤرخها ورفيق درب البنا، يقول عبد الحليم: "كان السندي يعلم أن المهندس سيد فايز – وهو من كبار المسئولين في النظام الخاص – من أشد الناقمين على تصرفاته، وأنه وضع نفسه تحت إمرة المرشد العام لتحرير هذا النظام في القاهرة على الأقل من سلطته، وأنه قطع في ذلك شوطاً بعيداً باتصاله بأعضاء النظام بالقاهرة وإقناعهم بذلك.. وإذن فالخطوة الأولى في إعلان الحرب .. وكذلك سولت له نفسه .. أن يتخلص من سيد فايز .. فكيف تخلص منه؟".

ونواصل مع كلام عبد الحليم "تخلص منه بأسلوب فقد فيه دينه وإنسانيته ورجولته وعقله.. انتهز فرصة حلول ذكرى المولد النبوي الشريف، وأرسل إليه في منزله هدية، علبة مغلقة عن طريق أحد عملائه، ولم يكن الأخ سيد في ذلك الوقت موجوداً بالمنزل، فلما حضر وفتح العلبة انفجرت فيه وقتلته وقتلت معه شقيقاً له، وجرحت بقية الأسرة وهدمت جانباً من جدار الحجرة.        وقد ثبت ثبوتاً قاطعاً أن هذه الجريمة الأثيمة الغادرة، كانت بتدبير هذا الرئيس.. وقد قامت مجموعة من كبار المسئولين في هذا النظام بتقصي الأمور في شأن هذه الجريمة وأخذوا في تضييق الخناق حول هذا الرئيس حتى صدر منه اعتراف ضمني".

أرأيتم ماذا تفعل التربية الإخوانية للإخوانيين أنفسهم، حتى لتنطبق عليهم قولة الرسول الكريم "أخشى أن تعودوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" وهذا ما فعله الإخوان بالضبط.

الثورة والإخوان والعنف:

(1) المثير للدهشة، وبينما كان يردد الإخوان أن جهازهم الخاص أنشئ من أجل محاربة الصهيونية ومواجهة الإنجليز، وبعد خروج الإنجليز من مصر وقيام حكومة تحارب الصهيونية (1954)، كان الجهاز السري يعزز وجوده بل ويلقي بظلاله على الجماعة كلها، فقد "كون المرشد قبيل سفره إلى الأقطار العربية في أوائل يوليو 1954 لجنة قيادية مهمتها مواجهة موقف الحكومة من الإخوان بما يلزم مما تهيئه قدراتهم على ضوء الأحداث" وهذا طبيعي، لكن المثير للدهشة هو تكوين اللجنة، فاللجنة مكونة من يوسف طلعت (قائد الجهاز السري)، صلاح شادي (المشرف على الجهاز السري وقائد قسم الوحدات وهو جهاز سري أيضاً)، والشيخ فرغلي (صاحب مخزن السلاح الشهير بالإسماعيلية)، ومحمود عبده (وكان من المنغمسين في شئون الجهاز السري القديم)." محمود الصباغ-مصدر سابق ص 314.

ماذا كان يريد المرشد العام الثاني إذن، وإلى ماذا كان يخطط، خاصة أن الجهاز السري الذي زعم حسن البنا -وما زال الإخوان يزعمون – أنه أسس لمحاربة الاستعمار، قد تغيب تماماً عن معارك الكفاح المسلح في القنال (1954)، وقد تنصل المرشد العام المستشار الهضيبي من أية مشاركة فيه، وقال: "كثر تساؤل الناس عن موقف الإخوان المسلمين في الظروف الحاضرة، كأن شباب مصر كله قد نفر إلى محاربة الإنجليز في القنال، ولم يتخلف إلا الإخوان... ولم يجد هؤلاء للإخوان عذراً واحداً يجيز لهم الاستبطاء بعض الشيء... إن الإخوان لا يريدون أن يقولوا ما قال واحد منهم – ليس له حق التعبير عنهم – إنهم قد أدوا واجبهم في معركة القنال فإن ذلك غلو لا جدوى منه ولا خير فيه، ولا يزال بين ما فرضه الله علينا من الكفاح وبين الواقع أمد بعيد والأمور إلى أوقاتها" د. رفعت السعيد: الإرهاب المتأسلم – لماذا ومتى وإلى أين؟ الجزء الأول ص 155، مارس 2004، الأمل للطباعة .


المنشية عام 1954:

كان الإخوان قد وصلوا مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى طريق مسدود، وكانوا قد أعادوا تنظيم النظام الخاص كما سبق أن أشرنا، وفي اللحظة الحاسمة قرروا التخلص من عبد الناصر. ففي يوم 26/2/1954 وبمناسبة توقيع اتفاقية الجلاء وقف الرئيس عبد الناصر يلقي خطاباً بميدان المنشية بالإسكندرية، وبينما هو في منتصف خطابه أطلق محمود عبد اللطيف أحد كواد النظار الخاص لجماعة الإخوان ثماني طلقات نارية من مسدس بعيد المدى باتجاه الرئيس ليصاب شخصين وينجو عبد الناصر. وحتى هذه اللحظة يصر الإخوان على أن هذا الحادث لا يخرج عن كونه تمثيلية قام بها رجال الثورة للتخلص من الجماعة،
ولكن المتهمين في المحكمة العلنية "محكمة الشعب" والتي كانت تذاع وقائعها على الهواء مباشرة عبر الإذاعة المصرية قدموا اعترافات تفصيلية حول دور كل منهم ومسئولية الجماعة عن العملية (تم جمع هذه المحاكمات ونشرها بعد ذلك في جزأين بعنوان محكمة الشعب) وقد شكك الإخوان كثيراً في حيادية هذه المحكمة، لكنهم لم يعلقوا على ما ورد على لسان أبطال الحادث في برنامج الجريمة السياسية الذي أذاعته فضائية الجزيرة عبر حلقتين في الثاني والعشرين والتاسع والعشرين من ديسمبر عام 2006،والذي تفاخروا – من خلاله- بالمسئولية عن الحادث، وأنه تم بتخطيط شامل وإشراف دقيق لقيادات الجماعة. وسوف نعرض بإذن الله فى حلقات لاحقة لإعترافات يوسف طلعت فى القضية رقم 1 لسنة 1954 .

قضية سيد قطب:

في 30 أكتوبر 1965 أخطرت نيابة أمن الدولة العليا أن جماعة الإخوان المسلمين المنحلة قامت بإعادة تنظيم نفسها تنظيماً مسلحاً بغرض القيام بعمليات اغتيال للمسئولين تعقبها عمليات نسف وتدمير للمنشآت الحيوية بالبلاد، هادفة من وراء ذلك الاستيلاء على الحكم بالقوة، وأن التنظيم يشمل جميع مناطق الجمهورية ويتزعمه سيد قطب.

كان قطب قد تم الإفراج عنه-وقتها- بعد وساطة قام بها الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم أثناء زيارته للقاهرة عام 1965، إلا أنه كان قد وصل إلى قناعة بأن الحكومة التي تقوم بمثل هذه الأعمال من التعذيب في سجونها، لا بد أن تكون كافرة. ومن هذا المنطلق خطط قطب لمواجهة معها تشمل رؤوس الحكم، تمهيدا لخلخلة النظام والثورة عليه.

وقد تم كشف القضية بالصدفة عبر إبلاغ الشرطة العسكرية والمباحث الجنائية العسكرية أنها ألقت القبض على مجند وهو يتفاوض لشراء أسلحة من أحد زملائه بالإسكندرية، وعلى الفور تم القبض عليهما واعترفا بأن هذه الأسلحة لصالح عدد من قادة جماعة الإخوان، ثم توالت الاعترافات، وقدم المتهمون إلى المحاكمة التي قضت بإعدام سيد قطب وستة من زملائه، وسجن ستة وثلاثون آخرون بينهم المرشد العام الثامن للجماعة الدكتور محمد بديع ونائبه الدكتور محمود عزت، اللذان يقومان الآن بالترويج لأفكار قطب، في محاولة لبعث "القطبية" من جديد، بعدما تبرأ منها الإخوان، عبر كتاب مرشدهم الثاني المستشار حسن الهضيبي، "دعاة لا قضاة" أوراق القضية رقم 12 لسنه 1965 (المعروفة بقضية سيد قطب).

شهر حوادث الاغتيال في تاريخ مصر

تُعد حوادث الاغتيالات السياسية واحدة من المشكلات الشائكة التي عانى منها المجتمع المصري على مر تاريخه العريق، فقد حفلت مصر خلال القرن العشرين بالعديد من حوادث الاغتيال التي ارتُكبت ضد شخصيات سياسية رفيعة المستوى؛ إما بدافع الوطنية وإما بتحريض من جماعات وتشكيلات لها أهداف سياسية. وقد لعبت هذه الحوادث دورًا كبيرًا في تغيير مجريات الأمور وتحريك المياه الراكدة وفتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول أسباب ومغزى ونتيجة هذه الاغتيالات. فما أكثر الشخصيات التي راحت ضحية مثل هذه الحوادث!

حادث اغتيال بطرس باشا غالي

بطرس غالي

يمثل حادث اغتيال رئيس الوزراء بطرس غالي في 20 فبراير 1910 البداية الحقيقية للاغتيالات السياسية في مصر، وقد حدث الاعتداء على بطرس باشا غالي أثناء نظر الجمعية العمومية لمشروع امتياز قناة السويس حيث اضطرت وزارة بطرس باشا غالي إلى دعوة الجمعية العمومية للانعقاد لإحالة مشروع مد امتياز قناة السويس عليها، وفي أثناء نظر الجمعية العمومية للمشروع حدث هذا الحادث الذي أثار دهشة الناس كافة إذ لم يسبق أن تقدمه اعتداء مثله أو يشبهه ولم يكن الناس قد عرفوا في مصر حوادث القتل السياسي منذ عهد بعيد. وقد اعترف الجاني بجرمه وادعي أن الدافع وراء ارتكابه هذا الحادث هو اتهام بطرس باشا غالي بالخيانة نتيجة توقيعه اتفاقية السودان في 19 يناير عام 1899، ورئاسته للمحكمة المخصوصة في حادثة دنشواي وإعادة قانون المطبوعات ثم سعيه إلى مشروع مد امتياز قناة السويس.

كان الجاني ويُدعى إبراهيم ناصف الورداني ينتمي إلى الحزب الوطني، انتظم فيه منذ تكوينه كما كتب عدة مقالات في صحيفته الرسمية “اللواء” التي أصدرها مصطفى كامل عام 1900 وكان يوقعها باسمه الحقيقي، كما كتب في صحف أخرى كالمؤيد باسم مستعار.

أما عن تفاصيل الحادث فقد خرج بطرس غالي باشا من غرفته في ديوان الخارجية بصحبة حسين باشا رشدي ناظر الحقانية، وفتحي باشا زغلول، وعبد الخالق ثروت النائب العمومي وقد سار هؤلاء الثلاثة معه إلى سلم النظارة الخارجي الموصل إلى الحديقة حيث كانت تنتظره سيارته الخاصة وودعه رفاقه وكان حسين باشا رشدي يسير في مقدمتهم ويليه عبد الخالق باشا ثروت، ثم فتحي باشا زغلول، وعندما وصلوا إلى باب نظارة الحقانية سمعوا صوت إطلاق الرصاص فالتفتوا لاستطلاع الخبر فإذا بصوت يقول (الباشا) ثم رأوا سيارة رئيس النظار لم تتحرك من مكانها وأسرعوا تجاه الحادث ووجدوا بطرس باشا غالي مُلقى على ظهره وإحدى رجليه على درجة السيارة والسائق يحاول إنهاضه، ومقبوض على الجاني (إبراهيم ناصف الورداني) الذي انقض على بطرس باشا غالي بمسدس وأطلق عليه ست رصاصات أصابه اثنان منهم في رقبته وواحدة في كتفه الأيسر وأخرى في جنبه الأيمن فسقط على الأرض والدم ينزف منه، وفي الحال تم استدعاء رجال الإسعاف ونقلوه إلى مستشفى الدكتور ملتون، وفور وصول بطرس غالي إلى المستشفى اجتمع حوله 15 طبيبًا من كبار الأطباء في مصر لإجراء عملية له، لكنه توفي في 21 فبراير عام 1910. وكانت آخر كلماته قبل رحيله: “يعلم الله أني ما أتيت أمرًا يضر ببلادي”.


أحمد ماهر

انفصل أحمد ماهر مع محمود فهمي النقراشي عن الهيئة الوفدية (حزب الوفد) عقب قيام مصطفى النحاس باشا بتوقيع معاهدة 1936 مع انجلترا وقاما بالاشتراك مع عدد من الوفديين بتأسيس حزب الهيئة السعدية. وكان أحمد ماهر قد تعرض لقسوة الاحتلال فقد اعُتقل بتهمة تورطه في اغتيال السير لي ستاك سردار الجيش المصري وحاكم عام السودان في 19 نوفمبر 1924، وحُكم عليه بالإعدام مع محمود فهمي النقراشي، لكن انتهى الأمر بإصدار المحكمة حكمها النهائي ببرائتهما.

جنازة أحمد ماهر باشا

تولى أحمد ماهر باشا رئاسة الوزراء عام 1944 خلفًا لمصطفى باشا النحاس وفي تلك الأثناء كانت الحرب العالمية الثانية مشتعلة، وكانت انتصارات ألمانيا في المرحلة الأولى من الحرب في أوروبا دافعًا للملك فاروق لكي يعلن تشجيعه لقوات المحور، لاسيما وأنه كان محاطًا بعدد من الإيطاليين. أما أحمد ماهر باشا فقد أعلن انحيازه وانحياز مصر لصالح بريطانيا، وكان هذا في رأيه لتقوية الجيش المصري وتدريب رجاله واكتسابه الخبرة والمرونة، فإذا انتصرت إنجلترا شكّل الجيش المصري عنصرًا خطيرًا ضدها، وللضغط عليها لكي تعطي مصر الاستقلال وإذا انتصرت قوات المحور وقف الجيش المصري ليجعل من الصعوبة عليها احتلال البلاد، حيث يكبدها خسائر في الصحراء الحارة لا يمكنها تحملها ولأنه كان من المعارضين للأيديولوجية النازية والفاشية.


وقف أحمد ماهر باشا في موقف حرج بعد إعلانه دخول مصر الحرب ضد المحور حيث ووجه بانتقادات شديدة وعنيفة من قبل الملك وحزب الوفد، وأُشيع عنه أنه تابع للإنجليز. وربما ما زاد موقفه ضعفًا أمام خصومه عدم لجوئه للشعب لمصارحته بموقفه. في 24 فبراير 1945 اجتمع نواب البرلمان لبحث مسألة إعلان مصر الحرب على ألمانيا واليابان تمهيدًا لاشتراكها في مؤتمر سان فرانسيسكو وانضمامها للأمم المتحدة، وكانت وزارة أحمد ماهر قد أعدت بيانًا وافقت فيه على إعلان الحرب، وبعد أن ألقى أحمد ماهر باشا البيان في مجلس النواب، انتقل إلى مجلس الشيوخ لكي يدلي بالبيان فيه، وفي أثناء اجتيازه للبهو الفرعوني الذي يفصل المجلسين، أطلق عليه محامي شاب اسمه محمود العيسوي الرصاص فأصابه إصابة أودت بحياته.

جلسة تجمع النحاس باشا وأمين عثمان وزير المالية

أمين عثمان

في 5 يناير 1946 وبالتحديد الساعة الثامنة والنصف مساءاً دوت عدة طلقات من الرصاص في مدخل إحدى عمارات شارع عدلي، وخرج من أطلق النار يجري في الشارع متوجهًا نحو ميدان الأوبرا. جرى الناس خلفه لكنه ألقى عليهم قنبلة يدوية انفجرت فاختفى في الزحام، وتبين بعد ساعات أن أمين عثمان باشا وزير المالية قتله مجهول.

في اليوم التالي نشرت الصحف أخبار الحادث، وأعلنت على لسان وزارة الداخلية عن مكافأة مالية قدرها خمسة آلاف جنيه لمن يرشد إلى الفاعل أو يدلي بأية معلومات أو بيانات تؤدي للقبض على الجاني. بعد أيام قليلة تقدم شاب يعمل بوزارة الحربية، وقال أن لديه معلومات فقد كان يوم الحادث واقفًا أمام مبنى التليفون العمومي بشارع عدلي ورأى حسين ابن توفيق بك أحمد وكيل وزارة الحربية يجري في الشارع وخلفه المارة يصيحون، وأضاف أنه يعتقد أنه الجاني لأنه كان قادمًا من مكان الحادث وأخذ يجري بسرعة في الشارع وألقى قنبلة على مطارديه، سُئل الشاهد وما هي علاقتك بهذا الشاب وكيف عرفته؟، وكانت إجابته أنه موظف بوزارة الحربية وكثيرًا ما كان يرى هذا الشاب يتردد على مكتب والده وكيل الوزارة. قام رجال البوليس بتفتيش منزل توفيق أحمد في مصر الجديدة وتم العثور على أسلحة وعلى سطح الفيلا أثار ضرب نار.

قُبض على الابن حسين توفيق ووجهت إليه عدة أسئلة مثل:

أين كنت يوم الحادث؟ وكيف قضيت الليل؟ وما هي أسباب وجود هذه الأسلحة؟ وما هي علاقتك بأمين عثمان؟

أجاب حسين توفيق بهدوء إجابات تبعده عن أن يكون الفاعل لكن البوليس أصبح لديه اعتقاد جازم بأنه الفاعل، الأمر الذي لجأ البوليس معه إلى حيلة خبيثة وهي أنهم واجهوا حسين توفيق بأنه القاتل لأمين عثمان واخترعوا له سببًا كاذبًا وهو أن الوزير (أمين عثمان) على علاقة بوالدته، وأراد حسين توفيق أن ينتقم لشرفه فقتله. وكانت هذه الحيلة مجرد أداة للضغط عليه والاعتراف. نجحت الحيلة وانفعل حسين توفيق وأفاض في اعترافات مفصلة ومطولة كيف أنه وطني يحب مصر ويكره الإنجليز وأنه قتل أمين عثمان بيديه جزاءً له على دعوته لحب الإنجليز وأضاف أنه سبق أن قتل في حي المعادي بعض الجنود البريطانيين. لم يكتفِ حسين توفيق بالاعتراف على نفسه بل تحدث عن بقية أعضاء الجمعية وكانوا جميعًا وقتها من الشبان الصغار وما زالوا في مرحلة التعليم باستثناء اليوزباشي أنور السادات، وقبض البوليس على الجميع، وبدأت محاكمتهم وحضر مع المتهمين كبار المحامين في مصر.

كان المحقق الأول في قضية اغتيال أمين عثمان كامل القاويش الذي كان يعتبر كفاءة قانونية يعمل لها المحامون ألف حساب. انعقدت هيئة المحكمة في جلسة سرية واقتصر الحضور على المحامين الذين يترافعون في القضية فقط، وبدأت أسئلة المحامين وإجابة القاويش عنها وفي أثناء الجلسة أخرج أحد المحامين ويُدعى حسن الجداوي خلسة الكاميرا التي كانت لا تفارقه والتقط صورة للقاويش وهو يشهد لكن هذه الصورة لم تحظ بالنشر لمخالفة ذلك لقرار المحكمة بأن الجلسة سرية. ظن البعض أن الأمر اقتصر على ما تم وأن هدف المحامين كان فعلاً هو معرفة شهادة القاويش ومعلوماته لإلقاء مزيد من الضوء على القضية، لكن الأمر كان أبعد من ذلك فقد كان بمثابة كمينًا له فبعدما أتم شهادته طالب المحامون باستبعاد القاويش من كرسي الاتهام في القضية بعد أن أصبح له شهادة فيها. ونجحت خطة الدفاع في استبعاد كامل القاويش عن المنصة، وخلفه كممثل للاتهام أنور حبيب، وفي أول جلسة انعقدت بعد ذلك وقف ممثل الاتهام الجديد ليقول كلمته فهاجم الإنجليز، وفي اليوم التالي مباشرةً لم تبدأ الجلسة في موعدها المقرر بل غابت رغم وجود هيئة المحكمة بكاملها في غرفة المداولة، وعندما بدأت وقائع الجلسة قام النائب العام والوكيل بالاعتذار عما صدر من الأخير في حق الإنجليز، وعندما بدأ النائب العمومي في إطلاق كلمات الاعتذار وأكد بأنها كانت نتيجة لارتجال ممثل النيابة.

ما أن حدث ذلك حتى وقف أنور السادات من خلف القضبان وصاح: “أنا أُشنق ولا أقول هذا الكلام يا سعادة النائب العام”. وبين صفوف المتهمين وكلهم كانوا يمثلون معاني الوطنية ومعاداة الإنجليز حدثت ضجة وصياح اضطرت معه المحكمة إلى رفع الجلسة للاستراحة، ثم عادت للانعقاد بدون النائب العام وسارت بعد ذلك الأمور بهدوء إلى أن ظهرت عدة مفاجآت فقد تبين أن حسين توفيق كلما حضر إحدى الجلسات وفي طريق عودته إلى السجن كان يذهب عدة مرات إلى منزله لتناول طعام الغذاء، وفي أحد الأيام غافل حارسه اليوزباشي عرفة واختفى وظل مختفيًا عن الأنظار إلى أن حُكم عليه غيابيًا بالسجن عشر سنوات، وتبين أنه هرب إلى سوريا حيث كانت له قضية أخرى بعد فترة قصيرة من إقامته هي محاولة الاعتداء على أديب الشيشكلي رئيس جمهورية سوريا، إذ انتظر موكبه في منحنى وأطلق عليه الرصاص، واتهم ممثل الاتهام السوري مصر بأنها أرسلت حسين توفيق ليقتل رئيس الدولة.

أثارت قضية اغتيال أمين عثمان جدلاً واسعًا حولها، وترددت أقوال تفيد بأن السراي باركت هذا الحادث والدليل على ذلك أنها أنعمت على والد حسين توفيق برتبة الباشوية، كما قامت السراي بتوكيل زهير جرانة للدفاع عن السادات والذي دفع له أتعابه الدكتور يوسف رشاد طبيب الملك الخاص، بالإضافة إلى ذلك فقد كان هروب حسين توفيق ورائه السراي.

 

محمود فهمي النقراشي باشا، مع ابنته صفية

محمود فهمي النقراشي

أثناء رئاسة إسماعيل باشا صدقي للوزارة في إبريل 1946 قام صدقي بالتفاوض مع الإنجليز بشأن مسألة استقلال مصر إلى أن تم بالفعل التوصل مع بيفن إلى مشروع معاهدة بين مصر وبريطانيا، كان من أهم نصوصها أن تقوم إنجلترا بالجلاء عن مصر في خريف عام 1949، وبقاء معاهدة 1899 الخاصة ببقاء السودان تحت الحكم المشترك لبريطانيا ومصر.

سقطت وزارة إسماعيل باشا صدقي نتيجة لرفض الشعب المصري مشروع معاهدة 1899، وخلفه محمود فهمي النقراشي باشا، الذي استمر في مفاوضة الإنجليز، ولما تباطأ الإنجليز تم عرض المشكلة على مجلس الأمن (التابع للأمم المتحدة التي أُنشئت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لتحل محل عصبة الأمم) في أغسطس عام 1947 ولما كانت الدول الرأسمالية الكبرى المنتصرة في الحرب هي التي تسيطر على هذا المجلس، فلم يتمكن النقراشي من استصدار بيان يعطي لمصر استقلالها.

اندلعت المظاهرات في أرجاء مصر ضد قوات الاحتلال، فقامت الحكومة البريطانية بسحب قواتها العسكرية إلى حدود منطقة قناة السويس، وفي 19 نوفمبر 1947 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها بتقسيم فلسطين إلى دولتين: عربية وإسرائيلية. كان على المصريين أن يحاربوا تنفيذ هذا القرار، لكن النقراشي باشا كان يعتقد أنه لو دُفع بالجيش المصري إلى سيناء ومنها إلى فلسطين فسوف تقوم القوات البريطانية في منطقة القناة بحصار الجيش المصري وقطع خطوط إمداده بالكامل من الخلف، وفي هذا تدمير للجيش. أراد النقراشي أن يطرح الأمر في جلسة خاصة يعقدها البرلمان للمناقشة، لكن الملك فاروق أصدر أوامره للجيش المصري بالتحرك تجاه فلسطين، وكان يرأس الجيش وقتئذ محمد حيدر باشا. لم يتردد النقراشي باشا في تقديم طلب إلى مجلس النواب بالموافقة على إعلان الحرب على إسرائيل ودفعه إلى ذلك – بعد أن كان يرفضه – عدم استقرار الوضع الداخلي، ومسايرته للرأي العام في مصر والوطن العربي، وقبل ذلك التغطية على ما أقدم عليه الملك.

كشفت حرب 1948 عن حالة الفوضى والمستوى المتدني الذي كانت قد وصلته الحياة السياسية في مصر. وفي 28 ديسمبر 1948 قام الشاب عبد المجيد أحمد حسن بإطلاق الرصاص على النقراشي باشا رئيس الوزراء فور وصوله إلى مبنى وزارة الداخلية، وألقي القبض على الجاني وحكمت عليه المحكمة بالإعدام ونُفذ فيه الحكم.

يعلق محمد حسين هيكل باشا على حادثة مقتل النقراشي بالقول:

“يرجح كثيرون أن الشاب الذي قتله – أي قتل النقراشي- وهو من الإخوان المسلمين، قد تأثر بما بين النقراشي باشا وجماعة الإخوان المسلمين من خصومه. فقد كان النقراشي باشا مقتنعًا بأن حوادث القنابل والمتفجرات يرتكبها شبان من المنتمين للإخوان. وقد بلغ اقتناعه ذاك حد اليقين فاستصدر قرارًا بحل الجماعة ومصادرة أموالها، فكان ذلك إعلانًا للحرب بينه وبينها، وهذا هو السبب في ترجيح بعضهم هذا الدافع لقتله”.

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.