Free Web Submission http://addurl.nu FreeWebSubmission.com Software Directory www britain directory com education Visit Timeshares Earn free bitcoin http://www.visitorsdetails.com CAPTAIN TAREK DREAM: حصريا ولأول مرة : الموسوعة الكاملة : هذا تاريخهم.. الملفات السرية للإخوان المسلمين (الجزء التاسع )

Wednesday, September 25, 2013

حصريا ولأول مرة : الموسوعة الكاملة : هذا تاريخهم.. الملفات السرية للإخوان المسلمين (الجزء التاسع )


مجلة الإخوان تحتفل بميلاد الملك فاروق وعاكف يتمني الجلوس مع مبارك
غسل الأدمغة! لعل أهم ما يهدف إليه تنظيم الإخوان على مدار تاريخه - منذ نشأته وحتى اليوم - هو «غسل الأدمغة»، خاصة بين تجمع الشباب، وهو ما أشار إليه على عشماوى - آخر قادة التنظيم الخاص - فى مذكراته قائلاً: «لا رابطة أقوى من العقيدة، ولا عقيدة أقوى من الإسلام»، هذه الصيحة كانت كلمة حق يراد بها باطلاً، فقد كانت النداء الذى سيطر به الإخوان على شباب هذه الأمة، ثم قاموا بغسل أدمغتهم والسيطرة عليهم يوجهونهم إلى أى اتجاه - ومن هذا النداء انبثقت وسائل السيطرة وهى البيعة والسمع والطاعة، ذلك أن الشباب حين يدخل الجامعة لابد أن تكون له بيعة، والبيعة على مجموعات النظام الخاص، وهو النظام الخاص للجماعة باستعمال المصحف والمسدس! لكن هناك تعليقاً فى مذكرات «عشماوى» على مقولة للأستاذ سيد قطب، التى أكد فيها «أن أى تنظيم يطبع أفراده بصفته، لو كان إجرامياً خرج الأفراد مجرمين، وإذا كان صهيونياً خرج الأفراد معجبين بالصهيونية». فى المعسكرات بلا حرب! يعلق «عشماوى» على مقولة قطب قائلاً:
«إن قيادة النظام الخاص كانت مخترقة من الأجهزة الغربية الاستعمارية وتعمل لحسابها، وإن جميع الأعمال الكبرى التى يتفاخر بها الإخوان فى تاريخهم قد تم تفريغها من نتائجها، فمثلاً حرب فلسطين التى يفخر بها الإخوان باستمرار، فإنهم دخلوا معارك قليلة جداً فيها، ثم صدرت لهم أوامر بعدم الدخول فى معارك بحجة أن هناك مؤامرة لتصفية المجاهدين، لكن هذا كان مبرره فى الأساس حماية اليهود من إحدى القوى الخطيرة إذا استعملت، وتم تنفيذ الأوامر، وظل الإخوان فى معسكرهم لا يحاربون إلى أن عادوا من فلسطين!». كان شباب الإخوان فى غاية التوتر والقلق لعدم اشتراكهم فى المعارك، لدرجة أنهم اجتمعوا، وقرروا أن الشيخ محمد فرغلى «قائد كتائب الإخوان فى حرب فلسطين، عضو مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين، ورئيس منطقة الإسماعيلية والقناة» قد خان وينبغى تصفيته، وفعلاً قرروا ذلك لولا أن الخبر قد وصل إلى الشيخ، فاجتمع بهم، وشرح لهم الأمر، وأطلعهم على الأوامر التى صدرت له من القاهرة وأسبابها. ومثلاً هناك واقعة حادث فندق الملك جورج بالإسماعيلية عام 1947، وقد كان هذا الفندق يعج بالإنجليز وبالجواسيس من جميع الأشكال، وقد أراد الإخوان ضرب هذا الفندق، لكن حين تم التنفيذ تم إفراغ العملية من أى تأثير ضار بالإنجليز، وكان من نتيجة ذلك أن قتل منفذ العملية دون أدنى ضرر بالإنجليز! ويضف «عشماوى» فى مذكراته: بدأت أراجع أعمال الإخوان، التى كانوا يعتبرونها أمجاداً لهم، وبعد معرفتى بعلاقات العمالة والتبعية من بعض قادة الإخوان، التى أكدها لى المرحوم سيد قطب، منهم عبدالرحمن السندى، أحد أبرز قيادى التنظيم الخاص، الذى نفذ عمليات نسف المحال اليهودية خلال حرب فلسطين، واغتيال الخازندار فى 22 فبراير 1948»، والدكتور محمد خميس حميدة الذى كان وكيلاً للجماعة، وكذلك أحد أصحاب المطابع الكبرى، وكان من كبار الإخوان وعميلاً للمخابرات البريطانية

جدل حول عمليات الإخوان ضد اليهود المصريين
تخريب المنشآت.. و«العقول»

فى أوائل إبريل من العام الماضى فجرت جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية «الحرية والعدالة» مفاجأة، عندما أعلنت عن سفر وفد من أعضائها إلى واشنطن للقاء مسؤولين أمريكيين فى البيت الأبيض. من بين عشرات التصريحات والتعليقات حول الزيارة.. قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن الوفد الذى يزور واشنطن، يهدف إلى محاولة «تحسين» صورة الجماعة أمام الإدارة الأمريكية وإبرازها على أنها حركة معتدلة ذات وعى اجتماعى. إلى ذلك تناولت معظم وسائل الإعلام مضمون «الرسالة التضمينية» التى حملها الوفد «الإخوانى»، والتى تلخصت فى الحفاظ على موقف مصر تجاه السياسة الخارجية الأمريكية.. وتماسك معاهدة السلام مع إسرائيل.. قدر الإمكان..! لقد عاد الإخوان مرة أخرى إلى المربع الأول فى الصراع مع اليهود..!

على مدى قرون طويلة عاش اليهود على أرض مصر، وأصبحوا جزءاً من نسيجها الوطنى، وشاركوا فى مختلف نواحى الحياة داخل مصر. وكانت غالبية التركيبة اليهودية فى مصر من اليهود الغربيين، الذين انضم إليهم اليهود الشرقيون «السفارديم» واتجهوا جميعاً إلى العمل بالتجارة.وفى نهاية القرن التاسع عشر توافد على مصر أعداد جديدة من اليهود الغربيين «الأشكناز»، وأصبحوا خلال سنوات قليلة يمثلون نخبة المجتمع المصرى. وسط هذه الأجواء تأسست جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، فى مجتمع من ثلاثة أضلاع مسلمين وأقباط ويهود. واتجهت الجماعة إلى الدعوة، واقتصرت أنشطتها على بناء المساجد والمعاهد التعليمية. وبقى هذا الوضع كما هو عليه خلال فترة الحرب العالمية الثانية، وحتى نهايتها عام 1945. إلا أن العلاقة مع اليهود بدأت تتوتر منذ بدء الحديث عن الاتجاه لإعلان دولة الكيان الإسرائيلى على أرض فلسطين عام 1948. تحذير من عمليات تخريب 
البنا وعلي يمينه الصاغ محمود لبيب وعن يساره الضابط صلاح شادي أحد أبرز قادة التنظيم الخاص
والوثيقة الأولى التى ننشرها لأول مرة اليوم صادرة عن حكمدارية بوليس مصر بتاريخ الأول من مايو عام 1948، وهى مخاطبة تمثل إخطاراً من البوليس السياسى إلى مدير عام إدارة عموم الأمن العام.. ونصها كالتالى: محافظة القاهرة بوليس مدينة القاهرة القلم السياسى «64 26 سرى- سياسى» حضرة صاحب العزة/ مدير عام إدارة عموم الأمن العام أتشرف بأن أخبر عزتكم بأننا علمنا بمناسبة ما ينشر فى الجرائد هذه الأيام عن الفظائع التى يرتكبها الصهيونيون فى فلسطين ضد العرب، أن جماعة الإخوان المسلمين والشبان المسلمين ومصر الفتاة يعدون العدة للاعتداء على اليهود المقيمين بالقطر المصرى، وعلى محلاتهم التجارية، وبصفة خاصة الأثرياء منهم وذلك انتقاما لما حدث للعرب بفلسطين. وقد أعطينا التعليمات اللازمة للفرق لاتخاذ الاحتياطات لملاحظة الحالة والمحافظة على أرواح اليهود ومحال أعمالهم. وهذا لعزتكم للإحاطة. وتفضلوا عزتكم بقبول فائق الاحترام...،،، تحريراً فى 1/5/1948 حكمدار بوليس مصر 
حكمدارية العاصمة تحذر من هجمات للإخوان علي محال اليهود

الإخطار الذى أرسله البوليس السياسى لإدارة عموم الأمن العام يذكر صراحة اسم «جماعة الإخوان المسلمين» باعتبارها إحدى الجماعات التى من المقرر أن تقوم بعمليات تخريبية ضد اليهود المصريين وممتلكاتهم. وهذا التحذير ليس تحذيراً روتينياً، فقد قامت عناصر من التنظيم الخاص للإخوان بعمليات هجوم موسعة ضد ممتلكات اليهود المصريين، بالرغم من أنه لم يثبت حتى هذا التوقيت مجرد تأييدهم للعصابات الإسرائيلية فى فلسطين. ففى الشهور الأولى من عام 1948 بدأ الإخوان المسلمون حملة دعائية كبرى لإعلان الجهاد ضد العصابات اليهودية، وهو ما يظهر بشكل واضح من خلال مجلتهم «الإخوان المسلمون» التى فتحت كل صفحاتها لأحداث فلسطين. وعلى غلاف العدد 186 من مجلة «الإخوان المسلمون» الصادر فى 14 فبراير 1948 تظهر آية من القرآن الكريم 
مجلة الإخوان تهنئ الملك  بإنتصار جنوده في فلسطين بعد أيام من بدء المعركة
بسم الله الرحمن الرحيم
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمْ الأَدْبَارَ . وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}
. «قرآن كريم»
 أيها الأخ: إن فلسطين تشتعل ناراً، وإن القدس الشريف مهدد بالزوال، وإن أمجاد الإسلام هناك تمتحن بالشدائد، وأنت على ثغرة من ثغور الإسلام فاعمل على ألا يؤتى من جانبك. أيها الأخ: إن لم يدفعك إيمانك لبذل النهج والأرواح فليدفعك على الأقل لبذل المال وبذله بسخاء..! الرسالة واضحة.. المال أو الأرواح!.. وهو ما يعنى أن تقوم شعب الإخوان بالدعوة إلى جمع المال للدفاع عن فلسطين.. وهو أضعف الإيمان. وحتى هذا التاريخ (فبراير 1948) لم تظهر هناك دعاوى «إخوانية» لقتال اليهود المصريين أو القيام بعمليات تستهدف أرواحهم أو ممتلكاتهم، إلا أنه مع إعلان دخول الجيش المصرى والقوات العربية إلى فلسطين. وفى 15 مايو اختلف الأمر تماماً. فعلى غلاف العدد رقم 200 من مجلة «الإخوان المسلمون» تعود الجماعة لتغازل رأس الحكم المتمثل فى «الملك فاروق»، وتنشر المجلة صورته على كامل الغلاف معلقة أسفلها بالقول «صاحب الجلالة الملك المعظم فاروق الأول بمناسبة انتصار جنوده المظفرة فى فلسطين»..

الطريف أن المجلة تحدثت عن «الانتصارات»، ولم يكن قد مضى على بداية الحرب سوى ستة أيام فقط! بين الأمس واليوم ويحتوى نفس العدد من المجلة على قضيتين لا تقل إحداهما أهمية عن الأخرى. الأولى الإعلان عن أول قائمة لتبرعات الإخوان المسلمين للحرب، ونشرت تحت عنوان «القائمة الأولى لتبرعات الإخوان المسلمين تبنى مجداً لفلسطين.. لتجهيز كتائب الإخوان المسلمين»، وضمت القائمة 39 متبرعاً بينهم 3 سيدات الأولى كريمة الشيخ عبدالرحمن صالح، والثانية الحاجة آمنه رزق، بينما الثالثة تبرعت بمبلغ عشرة قروش تحت اسم فاعلة خير. وبلغ إجمالى مبلغ التبرع من أعضاء الجماعة فى القائمة الأولى أربعاً وخمسين وسبعة وخمسين قرشاً، أى أن مبلغ القائمة الأولى كله لم يتعد المائة جنيه. أما القضية الثانية التى يضمها العدد، فهى رسالة مباشرة تم نشرها داخل إطار إعلانى تقول «أيها الأخ الكريم... أيها المصرى الأبى... تأكد بأن كل قرش تدفعه لمحل يهودى قد يتحول إلى رصاصة تستقر فى صدر أخيك»! هذه الرسالة الصريحة تدعو لمقاطعة كل محال ومتاجر اليهود فى مصر. والمقاطعة هنا لمجرد المقاطعة بهدف الإضرار الاقتصادى رغم عدم ثبوت إدانتهم بدعم العصابات الصهيونية فى فلسطين. هذه الرسالة أيضاً تعيد إلى الأذهان نفس لغة الخطاب التى كانت تحملها منشورات المقاطعة للمنتجات الأمريكية، والتى كانت توزع فى عام 2002 داخل النقابات المهنية والجامعات.

ومنها منشور «الكانتوك»، وهو عبارة عن رسالة ساخرة تحث المصريين على مقاطعة المنتجات الأمريكية والإسرائيلية.. المنشور دار حول الجريمة الوحشية التى تعرضت لها الطفلة إيمان حجو.. ويقول «صدور الأطفال المخلية الحارة والمقرمشة بالخلطة السرية» كل جنيه تدفعة للأمريكان يكون رصاصة تستقر فى صدر أخيك ألفلسطينى! تبرعات اليهود للجيش المصرى! 
القائمة الأولي للمتبرعين من يهود مصر لدعم الجيش في فلسطين

نشر وثيقة جديدة ربما تثير جدلاً واسعاً حول محتواها.. الوثيقة تكشف لأول مرة عن حجم تبرعات اليهود المصريين للجيش المصرى خلال حرب فلسطين! هذا ما تشير إليه الوثيقة النادرة بالفعل، والتى تقع فى قائمة طويلة (7 صفحات) تضم أسماء عشرات الوجهاء من اليهود المصريين. وحملت القائمة عنواناً رئيسياً هو «كشف بأسماء أعيان الطائفة الإسرائيلية بالقاهرة المتبرعين للترفيه عن جنود الجيش المصرى»، واللافت للنظر من عنوان القائمة استخدام كلمة «الطائفة الإسرائيلية» وليست اليهودية، وهو لقب كان مستعملاً حتى أربعينيات القرن الماضى، ولكن بشكل نسبى. كما يلفت النظر- أيضاً- كلمة «بالقاهرة»، مما يشير إلى احتمالات أن هناك تبرعات أخرى من يهود الإسكندرية، وهم لا يقلون ثراء عن يهود العاصمة . والمقصود بكلمة «الترفيه» هى المساهمة فى شراء المؤن والمأكولات للجيش المصرى. تتضمن القائمة 179 متبرعاً من اليهود المصريين يمثلون نخبة وجهاء ورجال أعمال الطائفة. ويتصدر القائمة داوود عدس وولده وتبرعا بمبلغ ألفى جنيه، يليه نحو 5 شركات وبنوك أخرى تبرعت بنفس المبلغ، وهى إميل نسيم عدس، وبنك زلخا، وبنزايون وأوبرا مينوليفى، وشركة التسليفات التجارية ومحال شيكوريل الكبرى. كما تضم القائمة أسماء أخرى لأثرياء اليهود المصريين مثل محال شملا الكبرى وجاتييو وعدد من الجمعيات الخيرية، منها الجمعية الخيرية لتوزيع الخبز على الفقراء والجمعية الخيرية الإسرائيلية «الاشكنازية». المثير أن القائمة تضم عدداً من المؤسسات والمحال التجارية التى اتهمت جماعة الإخوان بتفجير مقارها، وهى محلا شيكوريل وأركو، واللذين تم تفجيرهما فى 19 يوليو، إضافة إلى سلسلة أخرى من التفجيرات لمحال بنزايون وجاتينيو ومحطة ماركونى للتليغراف اللاسلكى.

ولكن الحوادث الأكثر مأساوية كانت فى إشعال النيران فى منازل حارة اليهود بالقاهرة، والتى وقعت فى 20 يونيو عام 1948. وتقدم جريدة «المقطم» اليومية فى عددها الصادر فى اليوم التالى- 21 يونيو- وصفاً لمأساوية الحادث تحت عنوان «حارة اليهود تظل محاصرة والنيابة تعاينها صباح اليوم». وتقول صحيفة «المقطم»: وقع أمس انفجار عنيف لم تشهده القاهرة ظن فى بادئ الأمر أنه بركان قد انفجر، فولولت النساء وهرع الرجال والأطفال من مرقدهم، وخرج الكل من ديارهم يسألون عن أسبابه وسرعان ما شوهد أن الانفجار عقبه آخر وسقوط أبنية. وتضيف «المقطم»: وأخذ الأستاذ ممدوح عثمان نجيب، وكيل نيابة مصر، فى استيفاء بعض نقاط فى الحادث، فسمع أقوال بعض الشهود من الذين شاهدوا الانفجار، فقرروا أنه ليس عندهم معلومات عن الحادث سوى علمهم بالانفجار وقت حدوثه.

وشوهد فى صباح اليوم أجزاء من جثث تحت الردم فدعى رجال المطافى لإخراجها. وقد استخرجت اليوم جثة لسيدة تدعى راشيل قيل إنها كانت أرمل وتتردد على الكنيس للسؤال، وأذن اليوم لرجال التنظيم بهدم المنازل المتداعية للسقوط نهائياً وفوجئ برجال التنظيم ثم أخذت فرق أخرى فى رفع الأنقاض من الشوارع. وإذن للسائقين بالدخول فى حارة اليهود لمدد السكان بالماء، ووجدت برج حمام فوق سطح قريب للانفجار كان به نحو30 زوجا فقد جانب منها وفر الحمام الباقى من البرج عقب الانفجار ولم يعد إلى قواعده! وستقيد النيابة الحادث ضد مجهول لعدم معرفة الفاعل أو الفاعلين، وذلك بعد شفاء المصابين الذين فى المستشفى. وعرف أمس أن هناك منزلا صغيراً فيه ثلاث غرف وهو من طابق واحد مملوءاً بالقنابل والمفرقعات وبعض أدوات من مخلفات الجيش، ونظرا لأن هذا المنزل الصغير وقع عليه المنزل المهدم رقم 47 لم يجرؤ أحد على رفع الأنقاض. سحر الحديث عن الجهاد! 

الجهاد كلمة السر التي غازل بها الإخوان حماس الشباب
لعل أبرز ما تحدث عنه على عشماوى- أحد قادة التنظيم الخاص- فى مذكراته حول «الجهاد والكفاح المسلح عند الإخوان» قوله: «لقد حذر الرسول، صلى الله عليه وسلم، من عدم الإخلاص فى الجهاد، وبين أن من قاتل لهدف غير الإسلام أو لجاه أو لمال..

كل ذلك مردود وغير مقبول عند الله. آن للإخوان أن يتحدثوا باستفاضة عن الجهاد عندهم، وهل يكون من داخل الحكومة المسلمة أم يكون عملاً فردياً؟!.. الإخوان سحروا الشباب بالحديث عن الجهاد، ولما طال الأمد ولم يجاهدوا بدأوا يمارسونه ممارسة خاطئة، أن يذهب نفر من المحسوبين على الإسلام فينسف مدناً آمنة هرباً من مواجهة الجيوش فى المعارك، فهذا عمل جبان خارج عن قواعد الدين. ويرى «عشماوى» أن الإخوان هم أصحاب الفضل فى تقديم أسلوب جديد لما سموه «الكفاح ضد الغزاة» وهو استخدام السيارات «المفخخة». ويقول فى مذكراته: «الأسلوب الآخر هو السيارات المفخخة والتى تستعمل حتى الآن لإرهاب الناس وقتلهم رجالاً ونساء وأطفالاً، هذه الطريقة وهذا الأسلوب يستعمل الآن فيما يسمى الكفاح ضد الغزاة..

وزعزعة الأرض تحت أقدام الحكام. لقد ابتكره أحد أقسام الإخوان وهو قسم الوحدات الذى يشرف عليه صلاح شادى، فقام بتفجير عربة محملة بالمتفجرات فى حارة اليهود بالقاهرة فى 5/6/1948، ثم أتبعها بتفجير عربة يد أخرى فى نفس المكان وهو حارة اليهود فى 19/7/1948، وقد كان هذا فى شهر رمضان، وقد قتل فى هذا الحادث مفجر العربة وعدد من المارة الذين لا حول لهم ولا قوة، إلا أنهم يمرون فى نفس الشارع المفروض أن يكون آمناً. والغريب أن أحمد عادل كمال، وهو من قيادات النظام الخاص فى هذا الوقت قال: «كان الرأى العام يدرك أن الإخوان هم أصحاب هذا النوع من العمليات، وكان كبير الثقة بالإخوان حتى إنه حين تقع حادثة ليست على المستوى كان يدرك أنها ليست من صنع الإخوان»، وهكذا كان مثل هذا العمل الآثم محل فخر من الإخوان. ويختتم «عشماوى» شهادته بقوله: «الحقيقة أننى حين قررت أن أكتب فى الجهاد من وجهة النظر الإسلامية، وجدتنى وكأننى أمشى على الشوك أتلمس خطاى ببطء، فطالما أجلت الحديث فى هذا الأمر لأننى سوف أغضب الكثيرين الذين تعلموا من الجهاد معاملة خاطئة من وجهة نظرى، فالجهاد هو البلورة التى يغازل بها الإخوان عيون الشباب المملوء بالحماس والاندفاع، وهو موضوع الساعة وكل ساعة، هو الذى أرغم الشباب على السمع والطاعة دون تفكير أو روية...!
حسن البنا ، مؤسس و مرجع حركة الإخوان المسلمين في حوار مع أحد الصحفيين الأجانب .

فى الوقت الذى كانت فيه جماعة الإخوان المسلمين «تهادن» رأس السلطة المتمثل فى الملك فاروق عام 1948، كان «النقراشى» ورجاله على الجانب الآخر يرصدون تحركات عناصر الإخوان فى محاولة لكشف أسرار التنظيم الخاص للجماعة، والذى كان يقوم بتنفيذ غالبية العمليات تحت مسمى «الكفاح المسلح»!
«المصرى اليوم» تنفرد اليوم بالكشف عن وثيقة نادرة تنشر لأول مرة، تثبت أن البوليس السياسى قد وضع المرشد العام للجماعة، الشيخ حسن البنا، «تحت المراقبة» أثناء حرب فلسطين! الوثيقة عبارة عن تقرير صادر من ضابط الاتصال بقسم البوليس السياسى بمحافظة الإسماعيلية ونصها كالتالى: «حضرة صاحب العزة/ المدير العام لإدارة عموم الأمن العام بناء على تكليفى من قبل سعادتكم بمراقبة الشيخ حسن البنا عند حضوره لمدينة الإسماعيلية يوم 20 الجارى وملاحظة اتصاله بضابط المخابرات ليز.. أتشرف بأن أبلغ عزتكم أن الميجر ليز قد نقل من القطر المصرى فى شهر أكتوبر سنة 1947، وعين بالسفارة البريطانية بباريس. وقد عين مكانه الميجر سمرز، وقد عينّا كونستابل لمراقبة مكتب هذا الضابط من صباح اليوم المذكور حتى الساعة السادسة مساء، فلم يحضر إليه أحد.
وقد راقبت هذا الميجر بنفسى هو وضابط المخابرات من الساعة السابعة مساء حتى الساعة الثانية عشرة منتصف الليل حيث دعوتهما إلى تناول العشاء معى بالنادى الفرنساوى بالإسماعيلية، وقد ساعدنى فى هذه المراقبة رئيس مكتب القسم السياسى بالإسماعيلية، حيث عين كونستابلين لمراقبة الأماكن والمنازل التى قد يتردد عليها الشيخ حسن البنا عند حضوره لمدينة الإسماعيلية يوم 20 الجارى من الصباح حتى الساعة الحادية عشرة مساء إلا أنه لم يحضر إطلاقا إلى الإسماعيلية، ولم يلاحظ على الميجر سمرز ما يدعو إلى الريبة. وبهذه المناسبة أتشرف بإبلاغ سعادتكم أننا لاحظنا أن منطقة الإسماعيلية أصبحت ذات أهمية خطيرة نظراً لتركز القوات البريطانية فيها، ووجود جاليات أجنبية كبيرة ووقوعها على الطريق الرئيسى من وإلى فلسطين. وأن القسم المخصوص المكلف بمراقبة النشاط السياسى والطائفى بهذه المنطقة أصبح مرهقاً بكثرة العمل وعدم توافر القوات اللازمة ووسائل المواصلات.
وأرى توفير الوسائل اللازمة له من وسائل الانتقال وتزويده بالعدد اللازم من الكونستابلات والعساكر حتى يتمكن من القيام بالمهمة الموكلة إليه على الوجه الأكمل. وتفضلوا عزتكم بقبول فائق الاحترام،،،،

البنا بين شباب الجوالة بأحد معسكراتهم فى حلوان
ضابط الاتصال (صاغ): شريف العبد الإسماعيلية 22 مايو 1948» لكن من هو الصاغ «شريف العبد» ضابط الاتصال؟ من الوثيقة يتضح أنه ضابط الاتصال المكلف بنقل المعلومات من مكتب القلم السياسى «البوليس السياسى» إلى إدارة عموم الأمن العام بوزارة الداخلية، وقد ظل يقوم بهذه المهمة لسنوات طويلة، حيث ورد اسمه بنفس الصفة بعد هذا التاريخ بنحو أربع سنوات، ولكن بعد أن تقلد رتبه بكباشى «مقدم»، وأصبح مسؤولاً عن مهمة الاتصال بوزير الداخلية فؤاد سراج الدين «باشا» أثناء حصار القوات البريطانية لقسم شرطة الإسماعيلية فى 25 يناير 1952.
ورغم أن الوثيقة لم تحمل اتهاماً مباشراً للشيخ «البنا» بعمالته للمخابرات البريطانية، فإنها أوردت الكثير من الشكوك والجدل، خاصة التوقيت الحساس لها وهو «20 مايو»، أى بعد تحرك القوات المصرية إلى فلسطين بنحو خمسة أيام!.. ولكنها تشير إلى أن «المرشد» كان فى دائرة الشك الأمنية أو «تحت المراقبة»، حيث يشير التكليف إلى مراقبة اتصاله بالضابط «ليز». ووفقاً للرد «فقد نقل الضابط الإنجليزى من القطر المصرى منذ عام 1947»، مما يعنى أن الشكوك كانت قائمة قبل هذا التاريخ بشهور.. وربما سنوات!
لكن تظل «الفقرة الأخيرة» من التقرير تحمل مزيداً من الغموض وتوسع دائرة الجدل، خاصة عندما أشار «العبد» إلى أن منطقة الإسماعيلية أصبحت خطيرة نظراً لتمركز القوات البريطانية بها، وأن القسم المخصوص «البوليس السياسى» أصبح «مرهقاً» بكثرة العمل وعدم توافر القوات اللازمة ووسائل المواصلات! عودة الانفجارات بعد أقل من شهرين من هذا التاريخ، واعتباراً من شهر يوليو عام 1948 عادت الانفجارات من جديد لتهز شوارع وميادين القاهرة، والطائفة المستهدفة- بالطبع- كانت اليهود.
فقد انفجرت شحنة من الديناميت فى محل شيكوريل بوسط القاهرة، تبعها انفجاران فى محلى بنزايون وحايتنو فى الشهر التالى. وأمام هذه الانفجارات التى أشارت أصابع الاتهام فيها إلى الإخوان، أعد عبدالرحمن عمار، وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأمن، مذكرة حول جماعة الإخوان المسلمين قال فيها «إن الجماعة ترمى إلى الوصول إلى الحكم بالقوة والإرهاب، وإنها اتخذت الإجرام وسيلة لتنفيذ أهدافها، فدربت شباباً من أعضائها أطلقت عليهم اسم «الجوالة»، وأنشأت لهم مراكز رياضية تقوم بتدريبات عسكرية وأخذت تجمع الأسلحة والقنابل والمفرقعات وتخزنها وساعدها على ذلك ظروف حرب فلسطين.
المذكرة استعرضت الحوادث التى قامت بها الجماعة بحيث أصبح وجودها يهدد الأمن العام والنظام تهديداً بالغ الخطر، وأنه بات من الضرورى اتخاذ التدابير الحاسمة لوقف نشاط هذه الجماعة التى تروع أمن البلاد.
البوليس السياسي رصد تحركات المرشد قبل اغتياله

الحل هو «الحل»! وأمام تصاعد حدة التوتر بين النقراشى وجماعة الإخوان أحس «البنا» أن النقراشى يتجه إلى إصدار قرار بحل الجماعة، فأسرع برفع رسالة إلى الملك فى يوم 4 ديسمبر 1948 يكيل فيها الاتهامات للنقراشى. قال «البنا» فى رسالته: يا صاحب الجلالة... لقد حرمنا ثمرات جهادنا فى فلسطين أو كدنا ليس لضعف فى جيشنا أو تخاذل فى شعبنا أو نقص فى عددنا أو جهل، ولكن لتحكم السياسة المترددة فى الحرب الصارمة وتدخل رئيس الحكومة فى شؤون القتال وتردده فى مواجهة المواقف بما تقتضية، إلى جانب العوامل الأخرى التى لابد لنا فيها ولكن كان فى وسع الحازم اللبق والقوى الفطن أن ينتفع بها ويستفيد منها. يا صاحب الجلالة.. إن الإخوان المسلمين باسم شعب وادى النيل كله يلوذون بعرشكم وهو خير ملاذ، ويعوذون بعطفكم وهو أفضل معاذ، ملتمسين أن تتفضلوا جلالتكم بتوجيه الحكومة إلى نهج الصواب أو بإعفائها من أعباء الحكم ليقوم بها من هو أقدر على حملها، ولجلالتكم الرأى الأعلى، والله نسأل أن يتم عليكم نعمة التأييد والتوفيق..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. المخلص حسن البنا «المرشد العام للإخوان المسلمين». ولم تشفع هذه الرسالة فى إرجاء قرار الحل، فقد سبق السيف العزل وصدر القرار بعد أيام وتحديداً فى 8 ديسمبر من العام نفسه. وبعد قرار الحل بنحو عشرين يوماً، وفى يوم 28 ديسمبر كان محمود فهمى النقراشى يتجه إلى المصعد الذى يوصله إلى مكتبه بوزارة الداخلية، عندما أطلق عليه طالب يرتدى ملابس ضباط البوليس ثلاث رصاصات فى ظهره. سقط النقراشى لافظاً أنفاسه الأخيرة، والمثير أن التحقيقات الأولية أشارت الى أن البوليس السياسى كان قد طلب اعتقال هذا الطالب «عبدالحميد أحمد حسين» ضمن من تقرر اعتقالهم من شباب الإخوان، إلا أن النقراشى باشا- نفسه- رفض، على حد شهادة عبدالرحمن الرافعى، لأن والد الطالب كان موظفاً بوزارة الداخلية، ومات فقيراً فقرر النقراشى تعليم ابنه بالمجان.. وفى النهاية كان هو القاتل

حسن البنا
عودة الوفد فى يناير عام 1950 عاد حزب الوفد مرة أخرى إلى الحكم، بعد سنوات من الإقصاء. ورغم العداء «التاريخى» بين الحزب والجماعة فإن النحاس باشا أصدر قراراً بإلغاء حل الجماعة. وعلى أثر ذلك اجتمع أعضاء جماعة الإخوان لاختيار خليفة للشيخ حسن البنا الذى اغتيل فى 12 فبراير عام 1949. وتقول جريدة اللواء الجديد «إن مزراحى باشا محامى الخاصة الملكية كان له دور فى تحسين العلاقات بين الملك والإخوان، وإن الصحف البريطانية أظهرت ترحيباً شديداً بتعيين المستشار حسن الهضيبى مرشداً عاماً للإخوان». وكان الملك يؤيد انتخاب الهضيبى مرشداً عاماً، فهو متزوج من شقيقة مراد حسن، ناظر الخاصة الملكية. كما أنه وطيد الصلة ببعض العائلات الكبيرة الثرية المقربة من الملك، إذ تربطه بها علاقات عائلية وشخصية.
وقد أرسل الملك إلى الهضيبى إحدى السيارات الملكية ليحضر فيها لمقابلته بصحبة بعض قادة الجماعة. وتكررت لقاءات المرشد العام مع الملك، حتى أنه صرح بعد أحدها بأنها «زيارات نبيلة لملك نبيل»! وعندما خرجت المظاهرات فى مصر كلها تهتف ضد الملك وحافظ عفيفى، عقب تعيينه رئيساً للديوان الملكى، شنت مجلة «الدعوة» التى كان يصدرها صالح عشماوى هجوماً حاداً على رئيس الديوان الجديد، فقام عبدالحكيم عابدين، سكرتير الجماعة، بإصدار بيان يقرر فيه «إن مجلة الدعوة لا تصدر عن المركز العام للإخوان المسلمين، ولا تنطق بلسانه، ولا تمثل سياسته، وإنها صحيفة شخصية تعبر عن آراء صاحبها..»! معركة القناة لم يحاول المرشد الجديد الاصطدام بالوفد كأكبر الأحزاب الموجودة فى مصر- آنذاك- ولكن الصدام الحقيقى ظهرت بوادره مع إلغاء مصطفى النحاس «باشا» معاهدة 1936 فى 8 أكتوبر 1951، واتجاه الوفد إلى إعلان «الكفاح المسلح» فى منطقة القناة. الغريب.. كانت تصريحات المرشد العام لجريدة «الجمهور المصرى» بعد أيام قليلة من إلغاء المعاهدة، وتحديداً فى 15 أكتوبر 1951 قائلاً لمحرر الجريدة بقوله: «أتظن أن أعمال العنف تخرج الإنجليز من البلاد، إن واجب الحكومة اليوم أن تفعل ما يفعله الإخوان، من تربية الشعب وإعداده وذلك هو الطريق لإخراج الإنجليز».
وبعد أيام قليلة من هذا الحديث خطب المرشد العام حسن الهضيبى فى شباب الإخوان قائلاً: «اذهبوا واعكفوا على تلاوة القرآن الكريم...» كلمات المرشد الجديد أثارت الكاتب خالد محمد خالد، فكتب فى روزاليوسف فى يوم 30 أكتوبر 1951 تحت عنوان «أبشر بطول سلامة يا جورج» قائلاً: «الإخوان المسلمون كانوا أملاً من آمالنا، لم يتحركوا، ولم يقذفوا فى سبيل الوطن بحجر ولا طوبة، وحين وقف مرشدهم الفاضل يخطب منذ أيام فى عشرة آلاف شاب قال لهم: اذهبوا واعكفوا على تلاوة القرآن الكريم.. وسمعت مصر المسكينة هذا التوجيه، فدقت صدرها بيدها وصاحت: آه يا كبدى». ويتساءل خالد محمد خالد «أفى مثل هذه الأيام يدعى الشباب للعكوف على تلاوة القرآن الكريم، ومرشد الإخوان يعلم أو لا يعلم أن رسول الله وخيار أصحابه معه تركوا صلاتى الظهر والعصر من أجل معركة، ويعلم- أو يجب أن يعلم- أن رسول الله نظر إلى أصحابه فى سفره فإذا بعضهم راقد وقد أعياه الصوم، وبعضهم مفطر قام ينصب الخيام فابتسم إليهم ابتسامة حانية راضية وقال: ذهب المفطرون اليوم بالأجر كله. فلقد وجد الوطن فى التاريخ قبل أن يوجد الدين وكل ولاء للدين لا يسبقه ولاء الوطن فهو ولاء زائف ليس من روح الله... والوطن وعاء الدين وسناده، ولن تجد ديننا عزيزاً مهيباً إلا إذا كان فى وطن عزيز مصيب، وإذا لم تبادروا إلى طرد الإنجليز فلن تجدوا المصاحف التى تتلون فيها كلام ربكم.. أتسألون لماذا؟ لأن الإنجليز سيجمعونها ويتمخطون فيها كما حدث فى ثورة فلسطين سنة 1937، وإذا حسبتمونى مبالغاً، فراجعوا الكتاب المصور الذى أصدره المركز العام عن تلك الثورات لتروا صورة الضباط الإنجليز وهم يدوسون المصاحف ويتمخطون فى أوراقها.. إن فى مصر قوى شعبية تستطيع رغم ظروفها أن تردم القناة بجثث الإنجليز، ولكن هذه القوى محتكرة، تحتكرها الهيئات والجماعات لصالح من؟ وإلى متى؟». وبعد أيام يدخل إحسان عبدالقدوس فى معركة «الكفاح المسلح» وموقف الإخوان منها، فيكتب فى روزاليوسف 27 نوفمبر 1951 تحت عنوان: «الإخوان... إلى أين ... وكيف؟» ينعى عدم مشاركتهم فى معركة القناة ويقول: «إن هذه أيام الامتحان الأول للإخوان عقب محنتهم فإما أن يكونوا أقوياء بإيمانهم وإما فقدتهم مصر». وفى نفس العدد تشير المجلة إلى مقابلة ملكية بين الهضيبى والملك وتقول إنها «كانت مفاجأة سارة كريمة، ويعتبر الهضيبى أول رجل من رجال الإخوان يتشرف بالمقابلة الملكية، وتعلق المجلة بأن المقابلة قد أثارت اهتمام كثير من الدوائر، والمعروف أن الهضيبى يعتبر أن العدو الأول دائماً هو الشيوعية»

بيان المستشار الهضيبى «المرشد الثاني»

الإسلام بديل الديمقراطية! فى نهاية أكتوبر من عام 1951، بدأت معركة الفدائيين تشتعل فى منطقة القناة، وقادت «كتائب التحرير»، التى شكلتها القوى الوطنية المصرية، أضخم حركة مقاومة ضد المحتل يتم فيها استخدام السلاح بدعم من حكومة «الوفد». وسط هذا الزخم خرج المرشد العام للإخوان المسلمين بأول حوار يدلى به إلى وكالة «أسوشيتد برس»، ونقلت مجلة آخر ساعة فى عددها الصادر فى 24 أكتوبر الحوار بالكامل الذى يتضمن نقاطاً ساخنة تستحق التوقف أمامها .. خاصة الحديث حول «الكفاح المسلح» و«الاسلام والديمقراطية». سألت الوكالة المرشد العام: ألغت مصر معاهدتها مع بريطانيا، ورفضت المقترحات التى تقدمت بها الدول الغربية. فماذا سيكون موقف الإخوان المسلمين من روسيا والشيوعية إذا نشبت الحرب بين معسكرى الغرب والشرق؟ فأجاب: الشرق شرقكم والغرب غربكم، فمالنا وهذا القتال الذى تسببه المنافسة على استعمارنا وانتهاب خيرات بلادنا. وروسيا كدولة ليس بيننا وبينها ما يستوجب حرباً، وإنما تأتى الحرب إلى بلادنا بسبب الاستعمار وبقاء الإنجليز فى مصر، فإذا غادرت إنجلترا مصر فلا نستطيع أن نفترض أن روسيا ستهاجمنا، وأما إذا بقيت إنجلترا فى مصر فإنها تكون عدونا الأول، وأما روسيا كفكرة شيوعية فإن الإسلام يغنينا عنها كما يغنينا عن الديكتاتورية والديمقراطية، فإنه يجمع أفضل ما فى الثلاث ولو أنكم اهتممتم بالإسلام ودرستموه لتبينتم ذلك وأدركتم أنه يعالج النظام الاجتماعى والاقتصادى والسياسى. س- قالت بعض الصحف أن الإخوان المسلمين يقومون الآن بتنظيم كتائب من المتطوعين الذى حاربوا فى فلسطين، فهل هذا صحيح؟ وما مدى هذه التنظيمات؟ ج- نحن لم نعلن شيئاً من ذلك، فلا محل للإجابة عن باقى السؤال.
رغم تأكيد «المرشد» على أن الإسلام يغنى عن «الديمقراطية»، وهو قول يحتاج إلى مزيد من التفسير، فإن مجمل الحوار يشير إلى أن الإخوان لم تكن لهم «كتائب» حتى هذا التاريخ فى منطقة القناة.
ومع حلول شهر نوفمبر من عام 1951 بدأت «كتائب التحرير» تنظم صفوفها، ولم يكن بينها أى من عناصر «الإخوان»، وأفردت مجلة «آخر ساعة» صفحاتها لموضوعات خاصة عن الفدائيين فى منطقة القناة، ومن هذه الموضوعات زيارة الفريق عزيز المصرى «باشا» إلى مقر تدريب الكتائب الذى لم تحدد موقعه بالضبط. خنجر يصنع المعجزات وتحت عنوان «عزيز المصرى يقول لكتائب التحرير: سلاحكم ظلام الليل وبريق الخناجر!» كتبت المجلة تقول : «فى مكان ما وسط الأشجار جلس البكباشى جلال ندا- البطل المتقاعد من أبطال حرب فلسطين- والمشرف على إدارة معسكر الكتائب يستقبل وفود المتطوعين من الشباب. وترصد «آخر ساعة» نصائح الفريق عزيز المصرى لشباب «كتائب التحرير» بقوله: «أنا لا أريد الأيادى التى تضرب فى الهواء، والرؤوس التى تنظر إلى السماء..
ولكنى أريد منكم أن تستخدموا العقل والمنطق.. حرب العصابات، حرب التفكير وسرعة البديهة!! والجيوش الإنجليزية والفرنسية جيوش منظمة مدربة تجيد السير على نغمات الموسيقى (وهنا أخذ الفريق عزيز باشا يقلد مشيتهم) ولكن هذه الجيوش تفشل أمام خطط العقل... وتستخدم قوتها ضد الشعوب العزلاء.. فتطلق الرصاص على الآمنين».
والتفت الفريق عزيز المصرى إلى البكباشى جلال ندا قائلاً: «أريد منك أن تعلمهم الاعتماد على ضربة الخنجر. فالفدائى الذى يطلق رصاصة على معسكر يوقظ ألف جندى، ولهذا يجب عليه أن يستخدم خنجره فى جوف الظلام الصامت، فيذبح الحارس ويسلبه سلاحه ثم يزحف إلى داخل المعسكر. ليضع حمولته من المتفجرات، لتقذف بالمعسكر فى الهواء.. إنه لم يطلق رصاصة واحدة، ولكن خنجره صنع المعجزات». مجلس القيادة تحت هذا العنوان أشارت «آخر ساعة» إلى مجلس قيادة الكتائب.
ولكن من هم أعضاء قيادة «كتائب التحرير»؟ الإجابة يقدمها الدكتور فطين فريد فى دراسته «إلغاء المعاهدة .. والكفاح المسلح» قائلاً: كان مجلس قيادة الكتائب برئاسة عزيز المصرى ويتكون من: وجيه أباظة، وحسن عزت قائد الأسراب، وعبدالحميد صادق، وعطية صابر محمد، وعبدالرحمن أباظة المحامين، وتوفيق الملط المدرس، وجمال عزام العمدة ومدحت عاصم الموسيقى، وأحمد أبوالفتح الصحفى الوفدى، وإحسان عبدالقدوس الصحفى، وأصدرت الكتائب بياناً جمعت على أساسه تبرعات بلغت نحو 32 ألف جنيه فى أيام قليلة. كثير من التساؤلات دار حول عدم وجود «الإخوان» فى «كتائب التحرير» رغم إعلانهم عن «الكفاح المسلح» ضد الإنجليز.
هذه التساؤلات طرحتها مجلة «آخر ساعة» فى عددها الصادر فى 18 يناير 1952 عندما وجهت هذه التساؤلات للشيخ أحمد حسن الباقورى، الذى كان حتى هذا التاريخ أحد أبرز قادة الجماعة. سألته المجلة: أعلن الإخوان المسلمون عدم اشتراكهم فى حركة كتائب التحرير، ما لم تؤمن الحكومة موقفهم من هذه الحركة.. ثم عرف بعد ذلك أن شباباً من الإخوان المسلمين قد استشهدوا فى معركة التحرير.. فهل عدل الإخوان عن رأيهم؟.. على أى أسس جديدة؟! فأجاب: الناس فى مثل هذا الموقف فريقان.. فريق يصدر عن الواجب المحتوم الذى لا مناص من أدائه، وفريق يصدر عن العاطفة المشبوبة التى لا انفكاك من سلطانها.. وكلا الفريقين فى مقاييس الإسلام مقدور مشكور.
ومبلغ علمى أن الإخوان حين أعلنوا عدم اشتراكهم فى حركة (كتائب التحرير) إلا فى الحدود التى رسمها الأستاذ المرشد كانوا ينظرون إلى الأمر من جهة أنه واجب وطنى له من الناحية الجماعية أسبابه ونتائجه. وهم حينما اشترك منهم من اشترك، واستشهد من شهدائهم الأبرار من استشهد، إنما ينظرون إلى الأمر من ناحية العاطفة الغالية والإحساس العميق بالحاجة إلى راحة الضمير وثواب الله فى قتال هؤلاء الإنجليز المقعدين. وفى النهاية- وللأمانة التاريخية- لا يمكن القول بأن الإخوان قد غابوا نهائياً عن « الكفاح المسلح» فى منطقة القناة، ولكن هناك عملية واحدة رئيسية قام بها الإخوان وهى نسف القطار المحمل بالجنود البريطانيين وأسلحتهم وذخائرهم يوم 12 يناير عام 1952، وهى العملية التى نفذها عبدالرحمن البنان، أحد أعضاء الجماعة

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.