لم تكن المذابح على مدار التاريخ من نصيب الشعوب وحدها؛ بل إن بعض حوادث القتل طالت الحكام أيضاً.
ومنهم من مُثّل بجثته بعد مقتله ومن طال القتل أفراد عائلته. إليكم 10 نماذج على حوادث قتْل كان ضحيتها الحكام.
1 – معمر القذافي – ليبيا
فجر 20 أكتوبر 2011 وفي مكان ميلاده نفسه ومعقله الأخير مدينة سرت، شن الناتو عدة غارات على المدينة أجبرت القذافي على الخروج منها في محاولة أخيرة للفرار، ولكن أفراداً من جيش التحرير الوطني التابع لحكومة المعارضة تمكنوا من أسره في أثناء اختبائه داخل أنبوب لتصريف الأمطار مع وزير دفاعه وحراس شخصيين، وفي اليوم ذاته تناقل العالم صور معمر القذافي ملطَّخاً بالدماء في قبضة ثوار ليبيا الذين أعلنوا عن تصفيته ضرباً بالرصاص عقب القبض عليه، لتنتهي بذلك 42 عاماً وصل فيها القذافي إلى الحكم في ليبيا بوصفه قائداً لثورة جماهيرية عظمى لتطيح به ثورة جماهيرية أخرى عن عمر 69 عاماً.
2- رينيه معوض – لبنان
الرئيس التاسع للجمهورية اللبنانية وصاحب أقصر مدة حكم في تاريخ لبنان، قُتل عقب أن انتخب رئيساً للبنان بـ17 يوماً فقط.
جاء معوض إلى رئاسة الجمهورية اللبنانية كأول رئيس بعد اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاماً، وأودت بحياة ما يزيد على 150 ألف شخص وتشريد 40 ألف مهجَّر، بالإضافة إلى 17 ألف مفقود ومخفىً قسراً.
في 5 نوفمبر 1989 وعقب عودة النواب اللبنانيين من الطائف، انتُخب رينيه معوض رئيساً للجمهورية، ولكنه اصطدم برفض ميشال عون رئيس الحكومة العسكرية المكلف آنذاك والذي رفض اتفاق الطائف أيضاً؛ لرفضه الانتشار السوري على الأراضي اللبنانية.
وفي يوم 22 نوفمبر 1989 وفي أثناء توجه موكب معوض الى السراي الحكومي المؤقت للاحتفال بذكرى الاستقلال اللبناني عن فرنسا، كان بانتظار الموكب ما قدر بـ250 كيلوغراماً من المتفجرات المزروعة في طريقه، ليؤدي الانفجار إلى مصرعه، مع 23 من مرافقيه، وتحوّل سيارته المرسيدس المصفحة إلى كومة من المعدن المتفحم، بالإضافة إلى حفرة عمقها متران وصل قطرها إلى 10 أمتار.
3- إبراهيم محمد الحمدي - اليمن الشمالي
قبيل اتحاد شقيها الشمالي والجنوبي في 22 مايو 1990، عانت اليمن الشمالية الانقلابات العسكرية المتتالية التي انتهت في أغلبها بمقتل منفذها.
ففي 13 يونيو 1974، قاد المقدم إبراهيم محمد الحمدي انقلاباً عسكرياً على الرئيس عبد الرحمن الأرياني الذي جاء هو الآخر بانقلاب عسكري، لكن الأرياني عمد إلى تغليب الطابع المدني على حكمه، وقدم النظام البرلماني على الطابع العسكري، وتراجع في عهده دور الجيش في الحياة السياسية بشكل نسبي، فنظم ضده المقدم إبراهيم الحمدي انقلاباً أبيض سماه "حركة 13 يونيو التصحيحية" اعتراضاً على ما وُصف بالقيادة غير الفعالة للأرياني.
وصل إبراهيم الحمدي للحكم كرئيس مجلس عسكري لقيادة البلاد وعمل على توسيع الدور الذي يلعبه الجيش في النظام السياسي والحياة العامة.
سعى الحمدي إلى التقارب مع النظام الاشتراكي في اليمن الجنوبي وفي خطوات السير نحو الوحدة، ورتب لزيارة كانت ستكون الأولى من نوعها إلى عاصمة الجنوب عدن، لكنه وقبل الزيارة المرتقبة بيومين -تحديداً ليلة 11 أكتوبر 1977- قُتل هو وأخوه عبد الله في ظروف غامضة لم يبتَّ فيها حتى اليوم.
4- أحمد حسين الغشمي – اليمن الشمالي
المقدم أحمد حسين الغشمي جاء خلفاً للمقدم إبراهيم محمد الحمدي لرئاسة اليمن الشمالي وكان شريكاً له في انقلاب 13 يونيو 1974 ضد عبد الرحمن الأرياني، وتولى عقبه منصب رئيس الأركان ثم نائباً لرئيس الدولة.
في 24 يونيو 1978 وبعد أقل من عام من وصوله للسلطة، استقبل في مكتبه مبعوثاً رئاسياً من سلطات الحكم في الجنوب يدعى مهدي أحمد صالح والذي حمل إليه حقيبة ملغومة انفجرت في مكتبه بقلب مبنى القيادة العامة للجيش، ما أدى إلى وفاته على الفور.
وُجّهت أصابع الاتهام لأكثر من طرف في قيادة الحزب الاشتراكي بالجنوب، وكان للاغتيال رد فعل عربي واسع، حيث عقدت جامعة الدول العربية اجتماعاً طارئاً على مستوى وزراء الخارجية العرب بهدف اتخاذ موقف عربي ضد نظام الحكم في جنوب اليمن لضلوعه في عملية الاغتيال، نتج عنها إعلان 15 دولة عربية قطْع علاقاتها الدبلوماسية مع حكومة الجنوب.
5-الملك فيصل الثاني بن غازي الهاشمي – العراق
ثالث وآخر ملوك العراق من الأسرة الهاشمية قبل إعلان الجمهورية، تولى الحكم عام 1939 وهو ذو 4 سنوات فقط وكان الوصي على عرشه خاله الأمير عبد الإله بن علي الهاشمي، تُوّج ملكاً في 2 مايو 1953 حينما بلغ 18 عاماً.
استمر حكمه 5 سنوات فقط، كان الأمر الفعلي فيها لخاله الأمير عبد الإله ولرئيس الوزراء الأقوى في تاريخ المملكة العراقية نوري باشا السعيد، وذلك لصغر سنه وقلة خبرته بأمور الدولة.
في صباح يوم 14 يوليو 1958، استيقظ الملك الشاب على أصوات طلقات نارية في قصر الرحاب الملكي ببغداد بعد حصاره بقوات الجيش فيما عُرف لاحقاً بثورة 14 يوليو 1958 التي ألغت الملكية الهاشمية وأعلنت الجمهورية العراقية. طلبت القوات من العائلة الملكية التسليم، وهو ما وافق عليه فيصل، فخرجت العائلة لتتجمّع في بهو حديقة القصر، وفور تجمّعهم قام ملازم في قوة الجيش المحاصِر للقصر، يدعى عبد الستار العبوسي، بفتح النار على العائلة، ليصيب فيصل برصاصتين في الرأس والرقبة، ما أدى إلى مقتله على الفور ويصيب الأمير عبد الاله في ظهره، والملكة نفيسة جدة الملك والأميرة عابدية خالته ويقتلهما.
نُقلت جثة الملك مع باقي الجثث إلى مستشفى الرشيد العسكري ودفنت في حفرة جوارها، لتُنقل لاحقاً إلى المقبرة الملكية في منطقة الأعظمية ببغداد، ما عدا جثة الأمير عبد الإله التي مُثّل بها وتم تعليقها على بوابة وزارة الدفاع العراقية قبل رميها في نهر دجلة.
6-الشيخ مجيب الرحمن – بنجلاديش
هو المؤسس الحقيقي لدولة بنغلاديش والمخطط لانفصالها عن باكستان سنة 1971 وكان يلقب بـ"أبو الأمة".
وفي يناير 1975، تولى رئاسة بنغلاديش وعمل شيخ مجيب على تركيز جميع السلطات في يديه فأعلن حالة الطوارئ، وحل جميع الأحزاب السياسية، وقاد البلاد عبر نظام الحزب الواحد، وضيّق على المعارضة السياسية أوقف العمل بالدستور، وفرض الرقابة على الصحافة.
ولكن وخلال 7 أشهر فقط وفي 15 أغسطس، قام الجيش بانقلاب عسكري وحاصرته وحدات عسكرية في منزله، حيث قُتل الشيخ مجيب الرحمن هو وأفراد عائلته باستثناء ابنتيه؛ بسبب وجودهما في ألمانيا، وأصبحت إحداهما -الشيخة حسينة- رئيسة وزراء بنغلاديش فيما بعد.
7- نيكولاى تشاوتشيسكو - رومانيا
أحد أشهر وأسرع الإعدامات التي نُفذت بحق رئيس دولة، كان أعدام نيكولا تشاوتشيسكو في 25 ديسمبر 1989.
تولى تشاوتشيسكو الرئاسة عام 1974 وعاشت رومانيا في عهده حكماً دموياً نكّل فيه تشاوشيسكو بالمعارضة وقمع الحريات.
وفي نهاية الثمانينات، انتفض الشعب الروماني على حكمه وحاز دعم الجيش، فهرب تشاوشيسكو مع زوجته، إلا أن فرقة من الشرطة العسكرية ألقت القبض عليهما وحاكمتهما على الفور وأصدرت في اللحظة نفسها الحكم بإعدامهما رمياً بالرصاص. ونُفذ الحكم في اليوم التالي أمام عدسات التلفزيون القومي ليشاهده الشعب الروماني والعالم أجمع.
8- الإمبراطور نيكولا الثاني - روسيا
من أطول التحقيقات التي جرت في التاريخ، كان التحقيق في المقتل الجماعي لأفراد أسرة رومانوف الحاكمة في روسيا، حيث استمر ما يقرب من الـ100 عام ولم تنته حتى اليوم. فعندما أطاحت الثورة البلشفية بالحكم القيصري في روسيا عام 1917 وُضع القيصر نيكولا الثاني وأفراد عائلة رومانوف الحاكمة رهن الاعتقال بأحد القصور. لاحقاً، نُفيت الأسرة إلى سيبيريا المنفى الروسي البارد، ثم بعد عام إلى جبال الأورال.
احتدم الجدل بين قادة النظام الجديد لينين وتروتسكي حول مصير القيصر، ثم كان القرار الأخير هو إعدامه مع من بقي من العائلة، خاصة مع اقتراب قوات موالية لهم من مكان احتجازهم، ما دفع النظام الروسي الجديد لاتخاذ القرار بإعدامهم سريعاً.
وفي مساء 16 من شهر يوليو 1918، أمر الحراس الإمبراطور نيكولا وزوجته ألكسندرا مع 5 من أبنائهم و6 من الخدم بارتداء ملابسهم الرسمية والنزول إلى قبو المنزل، حيث أخبروهم بوجود شائعة عن هروبهم ولا بد من التقاط صورة ضوئية تنفي هذه الشائعة. فور نزولهم، أُمروا بالاصطفاف في صفين متتاليين، حيث وقف الإمبراطور وزوجته وبناته في الأمام والخدم في الخلف، وعقب اصطفافهم اقتحمت القبو فرقة مكونة من 12 عسكرياً مسلحين بالبنادق، وقاموا بإطلاق النار على الجميع، ثم قاموا بطعن الجثث بالسونكي للتأكد من وفاتهم جميعاً.
9- نادر شاه أفشار - إيران
شاه إيران من 1736 إلى 1747 ومؤسس الأسرة الأفشارية التي حكمت إيران، يوصف بأنه نابليون بلاد الفرس، حيث كان من أهم الغزاة في تاريخ إيران الحديث، فاتسع ملكه ليضم أفغانستان وبعض الأجزاء من وسط آسيا وصولا إلى مدينة دلهي بالهند.
حاول نادر شاه أن يتبنى مذهباً للدولة يوفق بين الشيعة والسنّة، ما أثار النعرات الطائفية بين قادته فما كان منهم إلا أن دبروا لقتله، فقُتل سنة 1747 على يد أحد قواده.
10 - سيف الدين قطز - الدولة المملوكية بمصر
بالعودة إالى التاريخ، سنجد القتل السياسي يطل برأسه في مختلف حقباته، فبعد معركة عين جالوت التي هزم فيها المسلمون التتار بـ50 يوماً فقط، قُتل سيف الدين قطز -القائد المملوكي الذي حكم مصر- وهو في طريق عودته من دمشق إلى القاهرة، حيث كان المماليك الحربية بقيادة بيبرس يتحينون الفرصة لقتل قطز؛ لأخذ الثأر لمقتل أميرهم فارس الدين أقطاي، الذي قتله قطز في عهد السلطان عز الدين أيبك، فلما غادر قطز دمشق لم ينتظر المماليك دخوله مصر حيث سيستحيل قتله، فعاجلوه في منطقة تسمى الصالحية بفلسطين وقتَله القائد المملوكي ركن الدين بيبرس.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.