"صفائح الأردن" تكشف أسرار من حياة المسيح..
ومحاولات اغتيالٍ واتهامات بالتزييف لطمس حقيقتها
تلقي صفائح الأردن الرصاصية، التي ثبتت صحتها مؤخراً، الضوء على جانب من حياة المسيح لم يكن معروفاً سابقاً في التأريخ الكنسي لسيرته، والفترة التي انفصلت فيها الديانة المسيحية عن اليهودية.
تذكر هذه الصفائح العديد من التفاصيل التي تكشف جوانب من حياته وصلاته وحتى شكله، وتسميه بالاسم إلى جانب أتباعه ورسله، إلى جانب ما كان ينادي إليه.
ورغم أن العديد من المراجع الدينية المسيحية والخبراء زعموا أنها مزيفة عندما أعلن عن اكتشافها العام 2011، إلا أن بحوثاً علمية أكدت صحتها وبأنها عمرها نحو ألفي سنة، لتعتبر أول توثيق لمسيرة المسيح في بداية نشره الرسالة.
وطوال السنوات الفائتة تم العمل على ترجمة مكنوناتها، التي كانت مخفية بعناية للحفاظ عليها خوفاً من السرقة أو التدمير. وهي عبارة عن كتب أو رقاقات مصنوعة من الرصاص وبأحجام صغيرة، تم ربط صفحاتها بإحكام عبر دوائر على طريقة الدفاتر التي نستخدمها في عصرنا الحالي، ولكن من الجهات الأربع كي لا يتم اكتشاف الكنوز التي بداخلها.
تغطي إحداها نجمة مكونة من ثمانية أطراف، والتي كانت تحمل دلالة التبشير بقدوم المسيح وفق الديانة اليهودية، وتذكر في طياتها اسم المسيح صراحة وأتباعه بطرس ويوحنا وسمعان.
وتعد الصفائح الوثائق المسيحية الأولى باللغة العبرية في العالم.
ماذا تحتوي؟
بعد الإطلاع على الكتاب الذي كتبه مكتشفاها، دايفيد وجنيفر إلكينغتون، وبعض التقارير الإعلامية التي كشفت عن بعض ما تمت ترجمته حتى الآن.
وربما من أهم ما تم الإعلان عنه هو أن المسيح لم يكن يدعو لدين جديد بل إلى إعادة إحياء تعاليم داوود التي دعا إليها قبل نحو ألف عام.
كما تكشف تفاصيل حول الممارسات الأولى للكنيسة من الطقوس والشعائر وتحديداً صلاة الشكر أو الإفخارستية. ولعل كتابتها بلغة باليو-العبرية أكبر دليل على أنها مميزة وأصلية وكتبت حتى قبل الأناجيل.
تتألف الرقائق من 70 كتاباً صغيراً تحمل أسرار بداية الدين المسيحي، وربما حقيقة الصلب والقيامة. وتحمل إحدى الكتب عنوان "مخلص إسرائيل" وعبارة "سأمشي على الصراط المستقيم".
وتوضح إحدى الصفائح خريطة القدس المسيحية، وتظهر مكان الصلبان التي كان استخدمها الروم لصلب أعدائهم خارج جدران المدينة المقدسة.
يتراوح حجم كل كتاب بين 5 7X سم إلى 10X12 سم، ويضم كل منها نحو 9 صفحات على كل منها رسومات ورموز أكثر من نصوص. أما الكلمات التي كتبت فعلاً فكانت باللغة الفينيقية والعبرية.
وتعتبر هذه الفترة مهمة جداً بالنسبة للمؤرخين لأنها قد تفسر الأسباب السياسية والاجتماعية والدينية التي أدت للانفصال بين اليهود والمسيحيين الجدد.
من كتبها إذاً؟
بدورها تقول مارغريت بايكر، الرئيسة السابقة لجمعية دراسة العهد القديم، إن وجود رسم للمسيح أكبر دليل أنها ليست يهودية، إذ يحظر الدين اليهودي رسم صور تجسد البشر خوفاً من عبادتها.
ويرجح العلماء أن الصفائح كتبت من قبل طائفة مسيحية يهودية مقربة من الكنيسة وثقت بالصفائح المعدنية معتقدات الحركة الدينية الجديدة آنذاك وأخفتها في كتب مقفلة لحمايتها من الزوال.
أما الصورة التي يعتقد أنها الصورة الأولى للمسيح، فمن البديهي أنها تمت على حرفية عالية من قبل فنان أو نحات قبل أن تتم طباعتها بشكل محترف ومكلف لتبقى شاهداً تاريخياً.
سباق مع الوقت والموت
وكان المؤلفان دايفيد وجنيفر إلكينغتون، تبنيا حملة منذ عام 2009 يطالبان فيها بالاعتراف بهذه الأسفار وحمايتها. وفي لقاء سابق مع صحيفة تلغراف البريطانية، قال الزوجان إنهما تعرضا لاضطهادات كثيرة في رحلة إعادة هذه الصفائح للسلطات الأردنية.
وكشفا أنهما تعرضا لتهديدات بالقتل من قبل مهربين كانوا ينوون وضع يدهم عليها لبيعها بعشرات الملايين في السوق السوداء.
وقال إلكينغتون أنه كان في سباق مع الزمن لحماية المجموعة، وكشف أنه تعرض لإطلاق نار أثناء تواجده في الأردن كتحذير بأنهم اقتربوا كثيراً من مقتنيات يطمع بالحصول عليها كثيرون، وتم تهديدهما بقطع رأسيهما إن لم يتراجعا عن جهودهما. كما تم إحراق سيارتهما.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف تورط الزوجان في القضية أصلاً؟
يوضح دايفيد إنه تلقى رسالة إلكترونية من صديق بها صور من الصفائح فظن أنها نسخ مزيفة على مستوى محترف، ولكن عندما بحث على "الكتب المختومة" في كتاب الوحي، الكتاب الأخير من العهد الجديد، شعر بحاجة لعرضها على خبراء.
تواصل إلكينغتون مع العربي الإسرائيلي حسن سعدة، الذي زعم أنه ورثها عن جده، عندها بدأ يتعرض لضغوطات من أجل بيعها مع العلم أن السلطات الأردنية كانت تريد إستعادتها بعدما عثر عليها بدوي أردني.
وقال إنه أثناء زيارته الكهف الذي وجدت به، تعرض وزوجته لإطلاق رصاص من قبل مجهولين.
أخفى الزوجان حقيقة الاكتشاف حتى تأكدا من صحته، وتعرضها لحملة تشويه سمعة منظمة. وفي هذه الأثناء حارب العديد من رجال الدين الصفائح معتبرينها مزيفة، ما دعى بالزوجين إلى بدء حملة توعية وجمع تبرعات من أجل إجراء الاختبارات العلمية اللازمة للتأكد من صحتها، وهو ما تمكنا منه قبل عدة أيام ليعلنا للعالم اعتراف المجتمع الديني والعلمي بأصليتها وعمرها الذي يعود للسنوات الأخيرة من حياة المسيح أو بعد فترة قصيرة من صلبه.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.